احصائيات

الردود
10

المشاهدات
7026
 
عادل صالح الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


عادل صالح الزبيدي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
301

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Mar 2009

الاقامة

رقم العضوية
6570
04-01-2011, 09:02 AM
المشاركة 1
04-01-2011, 09:02 AM
المشاركة 1
افتراضي أدريان ريتش - الغوص نحو الحطام
أدريان ريتش - الغوص نحو الحطام


ترجمة: د.عادل صالح الزبيدي



[IMG]file:///C:/Users/Adil/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG]



شاعرة وكاتبة مقالات وناشطة سياسية ونسوية أميركية من مواليد بولتيمور بولاية ميريلاند لعام 1929 تعد الشخصية النسوية الأبرز والأكثر تأثيراً في أميركا خلال النصف الثاني من القرن العشرين. تلقت تعليمها في جامعة هارفرد حيث أصدرت خلال السنة الأخيرة من دراستها أول مجموعة شعرية بعنوان ((تغيير عالم)) عام 1951 رشحها الشاعر و. هـ. أودن لجائزة جامعة ييل للشعراء الشباب وكتب مقدمة لها بعد فوزها بالجائزة. ثم تلتها مجموعات عديدة منها: ((قاطعو الماس))1955 ، ((ضروريات الحياة))1966 ، ((ارادة التغيير))1971 ، ((الغوص نحو الحطام))1973 ، ((احدى وعشرون قصيدة حب))1976 ، ((سلطة الزمن)) 1989 ، ((انقاذ منتصف الليل: قصائد 1995-1998)) و ((الليلة لا شعر سينفع: قصائد 2007-2010)) وغيرها. فضلاً عن نشرها العديد من الكتب والمقالات في السياسة وأحداث العالم المهمة وحقوق المرأة.

حازت ريتش العديد من المنح والزمالات الجامعية والشهادات الفخرية وفازت بالعديد من الجوائز والأوسمة منها جائزة الكتاب الوطني للشعر عن المجموعة التي نترجم قصيدة عنوانها هنا.




الغوص نحو الحطام


بعد أن قرأتُ أولاً كتابَ الأساطير
وعبأت آلةَ التصوير بشريط الصور
وفحصتُ نصل السكين
ارتديت
درع الجسم من المطاط الأسود
الزعانف المضحكة
القناع الجدّي الأخرق
عليّ أن أفعل هذا
ليس مثل كوستو
وفريقه المجتهد
على متن مركب شراعي تغمره أشعة الشمس
ولكن هنا ولوحدي

ثمة سلّم
السلّم موجود دائماً
متدلياً ببراءة
قريباً من جانب المركب
نعلَم الغرضَ منه
نحن الذين استعملناه
بعكس ذلك
فانه قطعة من الزغب البحري
معدات ما مختلفة

أنزلُ
درجة بعد درجة ولا زال
الأوكسجين يغمرني
الضوء الأزرق
الذرات النقية
لهوائنا البشري
أنزل
زعانفي تعيقني
أزحف مثل حشرة نحو أسفل السلّم
وليس ثمة أحد
ليخبرني متى سيبدأ
المحيط

أولاً الهواء أزرق ثم
أكثر زرقة ثم أخضر ثم أسود
أفقدُ الوعي إلا أن
قناعي قوي
يضخ دمي بقوة
البحر قصة أخرى
البحر ليس مسألة قوة
عليّ أن أتعلم لوحدي
أن أدير جسمي دونما إكراه
في العنصر العميق

والآن: من السهل أن أنسى
ما أتيت من أجله
بين العديدين الذين طالما
عاشوا هنا
وهم يهزون زعانفهم المثقّبة
بين صخور البحر
فضلا عن
أن المرء يتنفس بشكل مختلف في الأسفل هنا

أتيتُ لأستكشف الحطام
الكلماتُ غايات
الكلمات خرائط
أتيت لأرى الضرر الذي أُحدث
والكنوز التي تنتشر
أوجّه ضوء مصباحي
ببطء على امتداد جانب
شيء أكثر ديمومة من
السمك أو الأحراش

الشيء الذي أتيت من أجله:
الحطام وليس خبر الحطام
الشيء ذاته وليس الأسطورة
الوجه الغريق دائم التحديق
نحو الشمس
دليلُ الضرر
أتلفهُ الملحُ وعميقاً في داخل هذا الجمال الرث
أضلعُ الكارثة
تقوّسُ عزمَها
بين الأشباح المؤقتة التي تنتاب المكان

هذا هو المكان
وأنا هنا، حورية البحر التي يتموج شعرها
الداكن أسود، غرانق البحر بجسمه المدرع
ندور بصمت
حول الحطام
نغوص نحو العنبر
أنا هي: أنا هو

الذي ينامُ وجهُهُ الغريق بعينين مفتوحتين
الذي لا يزال صدرُه يتحمل الضغط
الذي تقبع حمولتُه الفضية، النحاسية، المذهبة
مبهمةً داخل براميل
حُشرت إلى النصف وتركت لتتعفن
نحن الأدوات النصف محطمة
التي تمسكت يوماً بمسار
لوح الخشب الذي تآكل بفعل الماء
البوصلة المعطلة
نحن، أنا، أنت
بجبن أو بشجاعة
هو الذي يجدُ طريقَ
عودتنا إلى هذا المشهد
حاملاً سكيناً، آلةَ تصوير
كتابَ أساطير
أسماؤنا
لا تظهرُ فيه.




قديم 04-02-2011, 08:31 PM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



سلام الله على الأديب الفاضل
د. عادل صالح الزبيدي


اختيار موفق ومجهود مبارك في الترجمة
التي تثري بها الذائقة الأدبية
واسمح لي بهذه الإضافة
شاكرة من القلب تواجدك الدائم
تحيتي وتثبيتي
تقديري وود لا ينتهي




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 04-02-2011, 08:37 PM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي






أدريان ريتش

الشخصية الأندروجينية المسكونة بهاجس التغيير



إني لأفضّل أن أتذوق دماً منك أو مني، متدفقاً من طعنة مباغتة، على أن أمضي نهاري أتبع بمقص بليد الخطوط المنقطة كما أشارت المعلمة". هذه كلمات لشاعرة راديكالية، ذات رؤى محرّضة وصادقة، ولا ينتابها الحب بسهولة لا تجاه نفسها ولا الآخر؛ إنها لا تبني حياتها على الأوهام، وقد سبق أن قالت: "إنّ فناً مفرط العاطفة لهو نصف فن"، ولعلها لهذا استحقت مديح الشاعر أودن، لقدرتها على الإنفصال عن الذات ولواعجها.



وتقول الناقدة الأميركية "أليشيا أوسترايكر" في مقالة نُشرت في مجلة "نقد الشعر الأميركي" عدد تموز/ آب 1979: "أدريان ريتش هي شاعرة أفكار. شعرها يعتمد على فرضية أن عقل الكاتب موجود ليجسّد معنى الثقافة في مكان ما في زمن ما. هذا العقل وهو في أوج ذكائه يعمد إلى استقطاب القارئ إليه. قصائدها تنمّ عن حالة وعي كامل وشعورمتيقظ، وتفترض أن وعي الكاتب الفعلي الحاضر ووعي القارئ المستتر هما في الحقيقة متطابقان" وتضيف الناقدة: "ويتمان يسألنا أن نفكر بأننا أبرياء وعظماء. بودلير يسألنا أن نفكر بأننا مذنبون ومتقزّزون إلى درجة السأم. ريتش تسألنا أن نفكر بأننا بحاجة إلى أن نلد أنفسنا مجدداً".





نبذة عن حياتها وأعمالها


أدريان ريتش من مواليد عام 1929/ بالتيمور، ومن عائلة يهودية. أبوها كان عالماً فيزيائياً وأمها مؤلفة موسيقية. في عام 1953 تزوجت من عالم إقتصادي وأنجبت منه ثلاثة أولاد، وعاشت معه حتى مماته في عام 1970. وفي عام 1976 انحرفت جنسياً لتغدو سحاقية حيث بدأت علاقتها الشاذّة بالكاتبة والمحررة الصحافية "ميشال كليف".

هي خريجة جامعة "رادكليف" عام 1951، وعضوة في العديد من الجمعيات والأكاديميات والرابطات الأدبية والثقافية، نذكر منها:


اتحاد الكتاب الوطنيين، الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم، جمعية الشعر الأميركي وغيرها. عملت كمحاضرة وأستاذة جامعية في أكثر من جامعة أميركية، ونالت العديد من الجوائز الشعرية، وكان أولها جائزة "يال" عن مجموعتها الأولى "تغيير للعالم" عام 1951 والتي كان الشاعر أودن قد رشحها للفوز. ثم توالت الجوائز خلال مسيرتها الإبداعية لتربو على الأربعين جائزة، نذكر منها:


- الجائزة الوطنية للكتاب لعام 1974 عن مجموعة "الغوص في الحطام"

- جائزة من جامعة هارفرد عام 1990

- الميدالية الفضية لجائزة روبرت فروست عن أعمالها الشعرية الكاملة لعام 1992

- جائزة والاس ستيفنز لعام 1997 وغيرها.


في الشعر لها ما يفوق العشرين إصداراً أهمها:

- "تغيير للعالم" 1951
- "قاطعو الماس" 1955
- "لقطات فوتوغرافية لكنّة" 1963
- "ضروريات الحياة" 1966
- "وريقات" 1969
- "إرادة التغيير" 1971
- "الغوص في الحطام" 1973
- "عشرون قصيدة حب" 1977
- "الحلم بلغة مشتركة" 1978
- "صبر جامح جاوز بي الحدّ" 1981
- "أصول" 1983
- "موطنك الأصلي، حياتك" 1986
- "نفوذ الزمن" 1988
- "أطلس للعالم الصعب" 1991
- "عملية إنقاذ عند منتصف الليل" 1999
- "ثعلب" 2001


في النثر لها ثمانية مؤلفات تتركز في معظمها على قضايا المرأة وهمومها وبالأخص المرأة السحاقية، وعلى علاقة الشعر بالسياسة. ولها أيضاً عملان مسرحيان، إضافة إلى بعض الترجمات الشعرية.






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 04-02-2011, 08:47 PM
المشاركة 4
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي






تجربتها الشعرية في سياق تطورها



تفتحت تجربة ريتش في تربة الحداثة، ولم يكن الشأن النسوي ليطغى على نتاجها في بداياتها، حيث استهلت مسيرتها الإبداعية كشاعرة تقليدية متأثرة بكل من ييتس وويتمان وفروست وأودن، ومن الأخيرين ورثت الشكلانية الحرفية، والعلاج التحليلي لا العاطفي للمادة، وشعوراً إستسلامياً تجاه الحياة في كونها شيئاً زائلاً. وفي هذه المرحلة يطالعنا شعر محافظ، مهذّب وغارق في تقليديته، حيث المرأة زوجة مخلصة، قانعة، خاضعة، في عالم محكوم بالرجال.

إنّه شعر يُظهر عوارض معينة دون أن يكون قادراً على سبرأسبابها. شعر خالٍ من أية محاولة لتفنيد أفكار السلف أو مناقشتها. ولكن في ما بعد شهدت أعمالها وحياتها تطوراً ملفتاً راديكالياً أثّر في طبيعة شخصيتها، حيث تحولت من أرملة شابة وشاعرة غير مأخوذة بالبلاغة والشكل، إلى كائن روحاني يمتثل للشفاء ويحتفي باللغة والأسلوب، ومن ثم إلى زعيمة ناشطة في الحركة النسوية، وإلى عميدة لفئة جديدة من الأدب النسوي.

لقد تحولت إلى شاعرة ذات رؤى مليئة بالغضب وغير قابلة لأن تشعر بالإنتماء إلى عالم تقول فيه بأنه: "لا يمنحنا الفسحة كي نكون فيه ما حلمنا بأن نكونه".


وكان الشاعر الأميركي أودن قد كتب مقدمة لمجموعتها الأولى "تغيير للعالم" ومما قاله فيها: "قصائد ريتش هي قصائد مشغولة بإتقان وبساطة متناهية، تتكلم بهدوء ولكن من دون أن تغمغم، وتجلّ الشعراء الكبار ولكن من دون أن تهابهم، وهي لاتنطق بالأكاذيب". وهذا ما يؤكد على أن ريتش في بداياتها لم تكن سوى شاعرة وديعة مسالمة، لا علاقة لها بالقضايا النسوية أو السياسية التي وسمت أشعارها في ما بعد. وفي حين أن أودن لم يفطن في حينه إلى الدور الريادي الذي ستضطلع به ريتش لاحقاً في إعادة قولبة مفاهيم الحداثة الشعرية، إلا أن مسألتين كان أثارهما في تلك المقدمة ظلتا تشكلان هاجساً أساسياً لدى النقاد على مدى تجربة ريتش الشعرية:


- الأولى: تتجسد في مدى نجاح ريتش في الإنفصال عن ذاتيتها وعاطفيتها اللتين من دونهما يبدو الإبداع مستحيلاً.


- والثانية: هي مكانة ريتش في العالم الشعري خصوصاً في ضوء تحولها اللافت من مُساهمة متواضعة، معتدلة، في ميدان الحداثة إلى ناقدة راديكالية، خصوصاً لصفتيْ الأنانية والجنسانية اللتين تحفل بهما نتاجات الحداثة.



والمعروف أن التحول الجذري الذي طرأ على كتاباتها جاء مع صدور مجموعتها الشعرية الثالثة "لقطات فوتوغرافية لكنّة" 1963 حيث بدأت تتخذ تجربتها ملامحها الخاصة وتعنى بقضايا المرأة والمساواة مع الرجل. كذلك فإن هذا التحول قد طاول شكل القصيدة لديها ولغتها وأسلوبها لتخرج عن كونها مقاطع شعرية متساوية الطول إلى مقاطع حرة خارجة عن أي نسق ولا تعتمد القافية بالضرورة، ثم أن لغتها باتت أكثر قوة واندفاعاً، وأسلوبها أكثر مباشرة.



وبغية مواكبة مسيرة ريتش الإبداعية والإحاطة بالتغيرات التي طرأت على نتاجها في سياق تطورها ونضجها الفني والإنساني، نلقي هنا نظرة بانورامية على الملامح الرئيسية التيميّزت مجموعاتها الشعرية كلاً على حدة ووفق تسلسلها الزمني:



تغيير للعالم - 1951


باكورة ريتش الشعرية الأولى، وقد قامت على موضوعتين رئيسيتين ستظلان شغلها الشاغل على مدى حياتها الإبداعية:


- الأولى: الإنتصارات الباهظة الثمن التي حققها الإنسان في معركته مع الزمن.

- والثانية: ورطتها في أن تكون امرأة.

العديد من قصائد هذه المجموعة تصف القدرة على الصبر والتكيف والتفاني التي على المرأة التحلي بها كيما تستقيم علاقتها بالرجل؛ هذا الكائن الميّال بطبيعته الأصلية نحو البعد والإنفصال.





قاطعو الماس وقصائد أخرى- 1955



في هذا الديوان تعاود ريتش مجدداً اجترار فكرة كيف أن الصبر والإستسلام والإنعزال هم قدر المرأة. وتكتب في إحدى القصائد "وجب علينا تقبل العالم كما مُنح لنا" لأننا كما تقول في قصيدة أخرى "نحيا في بيوت أناس آخرين".





لقطات فوتوغرافية لكنّة – 1963



هي المجموعة التي اخترقت بها ريتش مألوف عالمها الشعري السابق لغةً ومضموناً. ونقع فيها على معالجة لقضية المرأة بصورة أسطورية، تاريخية وأدبية. وتصرّ ريتش على أن الدور التقليدي الذي تضطلع به الزوجة الصالحة وربّة المنزل هو أشبه بمهام التحضير إلى جنازة، وتؤكد على أن اعتماد المرأة على الرجل في معيشتها، وانعزالها عن النساء الأخريات يقودانها إلى نوع من كراهية الذات، ما يضعها أمام أحد خيارين إما الإصابة بالإكتئاب أو الإنتحار.


وفي هذه المجموعة تتجرأ ريتش على تحدي لغة الماضي معتبرة أن ثقافة الماضي هي بمثابة الوحش الذي يفترس المرأة، فهي ما إن تتشربها حتى تضحي عدوة نفسها. بعد هذه المجموعة ما من شيء سيكبح جماح ريتش وعنفوانها. الشعور بأن ثمة خطأ يصعب تفسيره سيتحول إلى صرخات هادرة تعلن أن البيت يحترق وأن ذهن الشاعرة من لهب.




ضروريات الحياة – 1966


هذه المجموعة تتمحور حول بعض التجارب الإيروتيكية التي تبحث الشاعرة من خلالها عن علاقة منسجمة ومريحة بين جسدها وجسد امرأة أخرى تمنحها شعوراً بالأمان الضائع. إضافة إلى أنها تعالج مسألة ضرورة انسحاب الذات وانعزالها من أجل إعادة ترميمها وتأهليها وتكتب ريتش: "لقد استغليت نفسي، ولم أسمح لشيء باستغلالي".




(الوريقات – 1969) و(إرادة التغيير- 1971)



في هاتين المجموعتين توسع ريتش أرض معاركها، ويتزايد إحساسها زخماً تجاه مشاكل مجتمعها الكبرى، ونجدها لا تكتفي بمهاجمة الحرب الفيتنامية وحسب، بل العصبيات المتمثلة بالطبقة والعرق والجنس، متحمسة لمبدأ التفعيل إزاء التنظير، والتجديد إزاء التقليد. كأنما هي غير قادرة على تقبل حياة خاصة أو عامة غير مسكونة بهاجس تغيير الذات والآخر والعالم.

وتقول الشاعرة: "الملاحظات على القصيدة هي وحدها القصيدة" أيضاً "لحظة التغيير هي القصيدة الوحيدة". ولكن يبدو لريتش أن لا شيء يمكن تغييره دون اللجوء إلى العنف، ومن هنا نرى إلى سبب تصاعد وتيرة حماسها لقضايا عديدة في مجتمعها، على رأسها قضية المرأة التي قادتها حدّ التطرف في مواقفها من الرجل. ونلاحظ أن نصوص مجموعة "وريقات" حافلة بالرفض حيث يظهر فيها غضبها السياسي على أشده ونجدها تنادي بأخوية المرأة للمرأة وبضرورة خلق سياسة ولغة جديدتين.


وتتعاطى ريتش في مجموعة "إرادة التغيير" مع مشكلة التصدي لقهر الرجل بلغته ذاتها. وتقول إنه من الضروري العودة إلى المشاعر في سياق ربط الشعر بالجنس بالسياسة. وتسأل في إحدى قصائدها "متى سنستلقي صافيات الأذهان في أجسادنا مجدداً، حيث أن كل شعور يخترق الجسد هو سياسي" وتعلّق في موضعٍ آخر "لقد وصلنا إلى مرحلة من التاريخ بات معها الرجال يشكلون خطراً على الأطفال والكائنات الحية الأخرى بما فيها أنفسهم". وعليه فإن ريتش منحت نفسها كلية إلى نوع من المعركة الجنسية - السياسية مع الرجل.






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 04-02-2011, 08:56 PM
المشاركة 5
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي






الغوص في الحطام – 1973



مجموعة تشفّ عن بغض وكراهية عنيفة للرجل. لقد أضحت ريتش شخصية فاعلة في تيار ثقافي متمثل بالحركة النسوية، ولعل هذه المجموعة جاءت لتتماهى مع ما وصلت إليه تجربتها الإنسانية بحيث تجلت فيها أفكارها بشكل حاسم وواضح. تقول له: "أكرهك.../ الحب الوحيد الحقيقي الذي انتابني/ كان نحو الأطفال ونساء أخريات"من قصيدة "فينومينولوجيا الغضب".


قصائدها هنا صارخة بالغضب وبالمفاهيم النسوية المناوئة للطاقة الذكورية الكابحة، القامعة، التي يقود بها الرجل عالميْ الحرب والجريمة، والتي لا مناص للمرأة للنجاة منها إلا بالجنون أو الإنتحار أو الموت. في قصيدة "الغريبة" نجد أن الشاعرة التي هي أسيرة اللغة تغدو لكأنها خلاصة مزيج الجنسين الذكري والأنثوي وتعلن: "أنا الأندروجين/ أنا الفكر الحي الذي عجزت عن وصفه/ في لغتكَ الميتة/ ومثل حورية ماء وغُرنق ماء، نلتف بصمت حول حطام السفينة/ ونغوص داخل الهيكل". لقد انتُقدت أشعار هذه المجموعة بشدة لما تضمنته من توصيفات قاسية للرجال دون استثناء. فهم جميعاً في نظر ريتش طفيليون، ومُهَدَدون عاطفياً من قبل المرأة، لا بل متوحشون ولا فرق فيهم ما بين شرطي ومغتصب، فالجميع لا يستحقون الشفقة.


وفي قصيدة بعنوان "إغتصاب" نرى ريتش تنسب إلى كل الرجال صفة المغتصب السادي، متخليةً في خطابها معه عن إمكانية التحاور الذكي العقلاني لمصلحة اللغة التصادمية العدوانية والدعائية. وثمة من قال أن ريتش في لجوئها إلى أسلوب تشويه صورة الرجل، إنما تورط نفسها في المأزق ذاته الذي تشكو منه، لا بل أن العديد من النقاد وجدوا في هذا التطرف ما يجعل النظرة إلى مستقبل المرأة قاتمة، إذ أنها لا تخرج من متاهة إلاّ لتدخل في أخرى، الغضب فيها هو السيد، ولا عجب إذن من الإعتقاد بوجوب إحراق المدينة من أجل إنقاذها!


لا شك في أن ريتش هي شاعرة راديكالية، ذات رؤى محرضة وصادقة، ولكن ما يُؤخذ عليها هو اعتماد أشعارها الدائم على فكرة وجود عدو، واحتكامها لإنفعالها العاطفي في مسألة مواجهتها للرجل، ما يجعل مواقفها المتحيزة وليدة العصبية والغضب. من ناحية أخرى، وعلى رغم كل الجدل الذي أثارته هذه المجموعة، فإن ريتش حازت عنها (إلى جانب الشاعرتين أودري لورد وآليس واكر) الجائزة الوطنية للكتاب لعام 1974، إلا أنها رفضت قبولها بوصفها جائزة شخصية، وأعلنت عن قبولها بإسم كل النساء اللواتي كُتمتْ أصواتهن، وقامت بالتبرع بقيمتها المادية إلى إحدى الجمعيات النسائية الخيرية.


وكان من النقاد من أثنى على ريتش لقدرتها على مزج السياسي بالشعري من دون أن تنحدر بقصيدتها إلى مستوى الخطاب الواقعي المباشر. ومما قالته أيضاً الناقدة "أريكا جونغ" بخصوص هذه المجموعة: "من الواضح أنه في الشخصية الأندروجينية التي ترسمها ريتش، ثمة محاولة لخلق أساطير وتعريفات جديدة للمجتمع الإنساني لا تعمد إلى تعميق فجوة الخلاف، بل إلى معالجتها وردمها".




الحلم بلغة مشتركة – 1978


هي مجموعة تطالعنا فيها ريتش كشاعرة رؤيا، وتشير إلى أن اللغة ليست كلمات وشعر فحسب، إنما هي تتضمن أيضاً كل أشكال التواصل بما فيها الملامسة الجسدية والصمت، إنها تتضمن القابلية على الإنتماء إلى العالم عبر الرموز.

تستكشف ريتش في هذه المجموعة كل تجليات علاقة المرأة بالمرأة، حيث طاقة الحب التي كانت مهملة في كتبها الأولى، نجدها هنا تقودها إلى التصميم على الثقة بالآخر، وإلى الإنتقال من موقع الضحية إلى موقع الخيار والمسؤولية.





موطنك الأصلي، حياتك – 1986


مجموعة يتسم فيها صوت ريتش بنبرة سياسية واثقة وجذابة، حيث تقوم بتوظيف مقدراتها الخطابية كشاعرة في تحريض جمهور المستمعين وحثهم على مناوءة الظلم الذي يقع على الأقليات من فئات المجتمع الأميركي، بدءاً بالهنود الأميركيين الأصليين، مروراً بالسود الأميركيين واليهود، وانتهاء بفئتيْ اللواطيين والسحاقيات. قصائد هذه المجموعة تزخر بمشاهدات من حياتها الشخصية الحميمة، وهي كامرأة يهودية تطرح فيها بعض الأسئلة المصيرية حول هويتها وحقيقة انتمائها وخياراتها المتاحة وانكساراتها. وكانت ريتش في عملٍ صدر لها سابقاً عام 1983 بعنوان "أصول" قد واجهت للمرة الأولى إرثها اليهودي، وما خلفته الهولوكوست من تأثيرات على حياتها ونتاجها.




نفوذ الزمن - 1988



تستعيد ريتش في هذه المجموعة ذكريات طفولتها المليئة بمزيج من الوحشة والغبطة، القساوة والحنين وتستنج أن: "كل ما نقرأه هو الحياة/ الموت لا مرئي/ ...وحدهم الأحياء يقرورن ما لون الموت "من قصيدة "الذاكرة الحيّة". وتشعر ريتش بأنها ليست إلا زائرة في أرض غريبة عنها، في كون غريب، وتكتب "إذاً لماذا أنا هنا / أحاول قراءة إسمك في هواءٍ غامض؟/ ...حرف ساكن ممحي عن حجر/ عزلة بلا غياب/ مواجهة محظورة/.../ أحاول تعليق هذه الأطياف من المقاطع اللفظية/ نَفَساً بلا صدى، لماذا؟". وتستحضر ريتش أيضاً صدى جروح علاقة ما بين أم وابنتها، وأيضاً حساسيتها تجاه ما يتعرض له السحاقيات كضحيات كراهية واحتقار من قبل مجتمع ذي ثقافة طهورية وقصاصية.





أطلس للعالم الصعب – 1991



مجموعة تطالعنا فيها ريتش حاملة مشاكل العالم على كتفيها. العديد من قصائدها تتجاوز حدود المشاكل النسوية لتنخرط في أمور أعمق منها على سبيل المثال كيفية تضافرعوامل التاريخ والثقافة والأفراد في خلق وفرض أفعال مؤذية وذميمة ضد الأبرياء والفئات الإجتماعية المحرومة من الحقوق والإمتيازات. تتسع خارطة موضوعاتها لتشمل ضحايا المعتقلات، الفقر، حرب الخليج، نساء مضطهدات من قبل أزواجهن.. وتبدو فئة اللواطيين والسحاقيات كأنها رمز لتلك الأقليات التي يتملكها الرعب في جو مليء بالظلم والإحتقار.


وتقول ريتش: "أميركا هي مقبرة الفقراء الذين يموتون من أجل الديمقراطية". ومما قاله الناقد "ديك آلن" في مجموعتها هذه: "إنها حقاً لأطلس صغير، ولكنها تنطوي على شعر ناضج لشاعرة تدرك مواطن قدرتها وتكتب بشغف مازجة ما هو شخصي بما هو كوني على غرار المبدعين الأصيلين. لسوف يُقرأ نتاجها ويخضع للدرس لقرون عديدة قادمة".







هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 04-02-2011, 09:07 PM
المشاركة 6
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





عملية إنقاذ عند منتصف الليل – 1999


في هذه المجموعة نجد أن تيار الغضب الذي طغى على أعمال ريتش السابقة قد انحسرهنا إلى نوع من التأمل الوجداني، حيث تغدو السعادة مطلباً أساسياً لها، ولكن كيف السبيل إليها في مجتمع لا يرتد فيه الأقوياء عن استغلال الضعفاء، وفي عالم يؤدي فيه احتقار حقوق الإنسان إلى كوابيس. ويبدو أن الزمن لم يكن ليقلل من حماسة ريتش تجاه قضايا مجتمعها. ففي عام 1997 أي وهي على مشارف السبعين من عمرها قامت ريتش برفض جائزة الميدالية الوطنية للفنون تعبيراً عن غضبها من الإجحاف اللاحق بالفنون نتيجة التقصير في التمويل الحكومي.





ثعلب – 2001



مجموعتها الأخيرة هذه انتقدت لصغر حجمها ولإفتقار قصائدها إلى ومضة الذكاء المعهودة في كتابات ريتش السابقة، غير أن ثمة من رأى أنّ في البناء المعقد لقصائدها ما يشفع لصغرها. مواضيعها لم تختلف في الجوهر عما شغل ريتش طيلة حياتها.




كتابات نثرية



أما بخصوص نثر ريتش فهو ليس بأقل انفعالية وحماسة لقضايا المرأة، وإستفزازية وعدوانية لمفاهيم الرجل من شعرها. في إحدى أشهر مقالاتها المعنونة "متى نحن الموتى نستيقظ" تؤكد ريتش على ضرورة إعادة النظر في مسألة تعريف المرأة لذاتها. وتجدر الإشارة إلى أنه في الفترة ذاتها التي كتبت فيها هذه المقالة من عام 1976، كانت ريتش قد أعلنت للملأ عن كونها سحاقية. وفي مؤلفها "دّم، خبز وشعر" 1986، تتابع ريتش معالجة القضايا ذاتها المتعلقة بالمرأة السحاقية والهوية الأثنية والتمييز العنصري، إضافة إلى قضايا الشعر.


وتعرف ريتش الفن في هذا الكتاب بأنه: "حديث مُسهب مع المتقدمين في السن ومع المستقبل" أي أنه لغة مع الزمن تمتد من الماضي إلى المستقبل، أو محاولة لخلق لغة مشتركة قادرة على محاكاة طموح الإنسان وإيجاد بدائل لظروف عيشه في ثقافة عدوانية. ومن الأفكار الأخرى الواردة فيه على سبيل المثال، قولها "أنها منذ عام 1956 بدأت تؤرخ قصائدها بالسنة فقط، إشارةً منها إلى التخلص من فكرة أن القصيدة هي حدث فردي مُغلق أو عمل إبداعي منجز ونهائي في ذاته" وتضيف " كنت أعرف أن حياتي تتغير وكذلك كتاباتي، وأردت أن ألمّح للقارئ بأن انخراطي بالتجربة طويل ومتواصل، ولعل هذه الإشارة هي أيضاً وليدة موقف سياسي، رافض للمفهوم النقدي المسيطرالذي يعتبر أن القصيدة هي نص يجب أن يُقرأ بمنأى عن حياة الشاعر اليومية في العالم. إنها تصريح مني بضرورة جعل القصيدة في حالة تواصل دائم مع التاريخ، لا فوقه ولاخارجه".


أما كتابها النثري الأخير "فنون الإحتمال" 2001 فينطوي على تأملات في القضايا السياسية الراهنة وقضايا الشعر والشعراء، حيث تؤكد ريتش على عمق إيمانها بأن الشعر لا محالة هو ذو بُعد سياسي، وأنه باستطاعته تشريع الحجرات المغلقة للإحتمال وتجديد المشاعر وإحياء الرغبة.





قراءة عامة في تجربتها وموقف النقد منها


على مدى خمسين عاماً من الإختبار والتجربة في معترك الذات والحياة والمجتمع، تؤرخ ريتش رحلتها شعراً ونثراً وتقول: "لقد بدأت كأميركية متفائلة، وإن يكن ميالة للنقد، مدركة لأبعاد ميراثنا العنصري، ومعايشة للحرب الفيتنامية، ثم تحولت مع الوقت إلى أميركية مشككة، ليس في غمار بحثي الطويل عن الكرامة والعدالة اللتين هما جزءاً من كل التاريخ الإنساني، بل في ضوء الدور الرائد لأمتي في تشويش وإرباك هذا البحث هنا في داخل الوطن وحول العالم. ولعل شغفاً بالنزوع إلى الشك كهذا، مجرداً من أي خلفية كلبية أو نّهلستية هو السبيل الوحيد للإستمرارية".



منذ البداية تميزت ريتش بطاقاتها التخيلية الخارقة التي ترواحت مجالاتها ما بين الفلك والتكنولوجيا الحديثة والتاريخ الطبيعي والسينما.. أشعارها تختزن طاقات حُلمية وتصورات فانتازية، ومحورها الأساسي هو معركتها مع الثقافة الذكورية التي تتغافل عن هويتها ومقدراتها اللغوية. طوال المرحلة التي تلت مجموعة "لقطات فوتوغرافية لكنّة" نلاحظ أن ريتش ظلت تتساءل عن مدى فعالية اللغة وقيمة الشعر في إظهار إشكالية المرأة المثقفة التي لا تملك من الأدوات غير الكلمات، والتي حتى الآن وفي كل محاولاتها للبحث عن الحقيقة واستقراء الواقع، لم تفلح في نيل الإعتراف بها.


تلجأ ريتش لحل هذه المشكلة على ثلاثة مستويات:

- العمل على إعادة بناء الذات
- والإنخراط أكثر في العمل السياسي
- والإلتزام بالقضايا النسوية.


في مجموعتيْ "الوريقات" و"إرادة التغيير" تقتحم ريتش عالمها الشعري برغبة شديدة في اللجوء إلى اللغة كوسيلة علاج ولكنها لا تني تنهزم. تقول في إحدى قصائدها: "هذه لغة المضطهد/ ومع ذلك أحتاجها لأخاطبك/...لا أستطيع لمسك وهذه لغة المضطهد" هكذا تستنتج يائسة، ثم تعود لتقول في مجموعة "الغوص في الحطام" بأنها تقرأ ولكن لا حاجة بها إلى "كتاب الأساطير" حيث "أسماؤنا لا تظهر فيه"، "إنها تبحث عن الشيء نفسه لا عن الأسطورة".

ونلاحظ هنا كم رؤيوية هي لغتها ومحملة بالرمز، فإذا كان مصدر لغة المضطهد هي مجموعة تصورات خاطئة للواقع، فمن الضروري إذن البدء مجدداً دون الإلتفات إلى الماضي. القصيدة تقترح مكاناً ومشهداً حيث الفروقات بين الأنا والـ هو، والهو والـ هي، والمُدْرَك والمُدْرِك، والذاتي والموضوعي كلها تزول.



كتابة ريتش خالية من أية بهجة. إنها وليدة قلق وهواجس حيث لا شيء يستحق الإحتفاء به. ثمة معاناة لديها تقودها إلى معاناة أكبر في عدم تخيل القدرة على دفع البلاء، لكأنما القيمة تكمن في المعاناة نفسها. وعلى القارئ معرفة أنه ما من إمكانية لتخيل عالم من دون ضحايا، عالم لا تكون فيه الذات مرؤوسة ومُستَغلة، وإنه ليتوقف على الشعراء في أن يتوهموا بأن الأمل "هناك" تماماً مثلما هو اليأس.



تجربة ريتش أكثر ما تأثرت بتجربة الشاعرة "إميلي ديكنسون". وفي هذا الصدد تقول ريتش: "أن تجربة ديكنسون الذاتية والسيكولوجية الكثيفة، لا يمكن فصلها عن ما هو كوني". وقد تقاطعت تجربة الشاعرتين في مواقف وسمات عديدة منها: نظرتهما إلى مفاهيم الذكر في كونها متعدية على إمكانيات الأنثى، وأيضاً تجييرهما الولاء للطبع الشاعري الأنثوي، حيث أن الطبيعة لا تخضع للمنطق، والنبوغ أكان في مجال الفن أوغيره لا يمكن تصوره على أنه طاقة ذكورية وحسب، وكذلك إحتفاؤهما بمنطق التبادل لدى الأنثى لا بمنطق التراتبية لدى الذكر.


ولعل السبب الأساسي في ولع ريتش بديكنسون هو وعي هذه الأخيرة لضرورة استنطاق التجربة، ومقاومة الصمت، ووعيها لما في اللغة والشعر من طاقات تساعد الإنسان على البقاء والصمود بعيدأ عن تبني الحلول الإنهزامية أو سلوكيات تدمير الذات كما في حالة الشاعرتين "سيلفيا بلاث" و "آن سيكستون" على سبيل المثال. من ذاك الموقع الهامشي الذي أُجبرتْ فيه ديكنسون على التقوقع في مجتمع أبوي بإمتياز لتحيا بين عالمين؛ عالم خارجي لا يبان له سوى المقبول من سمات شخصيتها، وعالم داخلي تشرع فيه الذات المبدعة والخلاقة كل رؤاها، وفي غرفة صغيرة منعزلة، كانت ديكنسون قادرة على تحدي الذات والآخر تاركة خلفها ما لا يقل عن 1700 قصيدة. ولعل هذا ما جعل من ديكنسون مثالاً يُحتذى لدى الناشطات في الحركة النسوية وعلى رأسهن أدريان ريتش.





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 04-02-2011, 09:12 PM
المشاركة 7
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



إن الموقع الفني الذي احتلته أشعار ريتش إن لجهة حدّة مواقفها ونبرتها أو لجهة رفضها للتقليد الشعري السائد، شغل النقاد خلال كل مراحل تجربتها منذ بداياتها التقليدية، مروراً بكتاباتها النسوية في السبعينات، وحتى مرحلة ما بعد الحداثة في الثمانيات وكتاباتها النقدية التي طاولت موضوعات عديدة منها إرثها الشخصي، والإرث التاريخي والحضاري لبعض الأماكن، وأيديولوجيات الزمن والتقدم في السن. سبعة كتب نقدية صدرت باللغة الإنكليزية في خلال العشرين سنة الماضية، كلها تناولت كتابات ريتش، وكلها تعارضت في وجهات النظر، وفي كيفية قراءة أعمالها، وهذا إن دلّ على شيء، فإنما على التحديات التي تفرضها أشعارها على مستوى النقد الأكاديمي.


ففي حين أن الناقد "روبرت بويرز" يعمد إلى مهاجمتها بعنف معتبراً أن أشعارها مشحونة بالدعائية المغثية لراديكاليْ الثقافة التقدميين، حاثاً إياها إلى التخلي عن فكرة بأن تكون كاتبة معاصرة، مرتقية إلى مستوى جمالي أعلى (وتجدر الإشارة إلى أن كلمة "معاصرة" قد تنطوي لفئة من النقاد التقليدين على افتقار في الحس الجمالي تجاه الجاذبية الحقة لفن الشعر، ما يحدو بهم أحياناً إلى استخدامها كنعت سلبي) نجد أن الناقدة "ويندي مارتن" تثني على أشعارها، لقدرتها على تشكيل عنقود صعب معقد من المفاهيم التي تجسد واقع المرأة المعاصرة.


ومن أحدث الدراسات المطولة لأعمال ريتش هو كتاب "كريغ ورنر" " أدريان ريتش: الشاعرة ونقادها" الذي صدرعام 1988 ومما ورد فيه: "بمنحى ذاتي شديد وسياسي أشد، فإن ريتش لا تني تتحدى بأشعارها مضامين الخطاب البطريركي أينما أطلق لها العنان، أكانت طي النقد الأكاديمي أو الخطاب السياسي أو حتى لغة الذات.



إن الأهمية التي توليها ريتش في كتاباتها لمدى قدرة الشعر على التواصل تجعلها تسير في ركب شعراء أميركا المعاصرين، ولكن ضد تيار النقد الأميركي التقليدي. تقول الناقدة "هيلن فندلر": "إن ريتش لا تختلف عن معظم شعراء أميركا المعاصرين، أتباع البساطة في الأسلوب، والمناوئين لفكرة النهوض بمستوى الجمالية في الكتابة بحيث تجاري الذائقة النخبوية على حساب إمكانيات القارئ العادي".


وتطالب ريتش بأن يجري تقييم أعمالها والحكم عليها على أساس فعاليتها لا جماليتها، ودون اللجوء إلى المفاهيم العُرفية عن الجمال.


وعلى هذا الأساس فإنه ثمة تقويض للأسس التي تقوم عليها سلطة القصيدة وهيبتها. ويصبح معيار قيمة القصيدة ليس في مدى شاعريتها، بل في مدى مساهمتها في خلق بُعد شاعري، وقد تضحي قصيدة ما بمعيارالفاعلية هذا، عنواناً لمطلب اجتماعي أو شعاراً سياسياً دونما أن تكون بالضرورة جيدة. إلا أن النقاد الملمين بالثقافة النسوية والمنحازين إلى أفكارها، يركزون على مدى أهمية دور القارئ في المساهمة في كتابات ريتش في سبيل تحقيق التأثير البرغماتي لأشعارها وذلك في سياق تحويل القارئ من متلق سلبي إلى مشارك فعّال.



وبينما تواصل ريتش بحثها كما تقول" عن قارئ يستحيل في نظره أن أكون مخطئة" فإن النقاد بدورهم لن يتمنعوا عن أن يكونوا هذا القارئ، فقط في ما لو كانت نصوصها أقل استفزازية وخصوبة في إثارة الأسئلة والجدل، وأقل جرأة في رفض التابوات، وأكثر انسجاماً مع المعايير الجمالية والنقدية السائدة، ما كان سيجعل من انسحابها من أرض المعركة، الطريق الأسهل والأضمن لكسب المعركة، ولكن هيهات.






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 04-02-2011, 09:20 PM
المشاركة 8
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



مختارات من أشعارها





كلمة لم تُلفظ




مًنْ تملكُ القدرة على مُناداة رَجُلِها هي

من ذاك الاستغراق القصي
حيث فكره يطوفُ وحده
ومع ذلك، تحافظُ على طمأنينتها
تاركةً إياه طليقاً
وحينما ترتّدُ أفكارُه إليها
تقفُ حيث تركها، ما برحتْ مُلْكه

تدركُ أنّ هذا هو الأمر الأصعب تعلّمه




***





إنعكاسات ريفية




هذا هو العشب الذي فيه انغرست قدماكَ

أنتَ تلوّنه برتقالياً أو تغنيه أخضرَ
ولكنك أبداً لم تحظَ

بسبيلٍ لجعل العشب يعني ما تعنيه

في وسع غيمة أن تكون ما تنويه:

طاووساً، برجاً مائلاً أوعيناً محدّقة
ولكنكَ أبداً لم تحظَ

بغيمة كافية لتجسّد السماء

أُخرجْ إلى هناك بخبرتكَ الباهرة

"رايموند" الذي يجتاز المرج لا يفعل أقلّ
الطبيعة الإنسانية تقول:

الصبر الإنساني هو النجاح الحقيقي

نفاد الصبر الإنساني يُعثّركَ إذ تركض

قفْ ساكناً ولا بدّ تثبت
إنّه العشب ما يقضي على الجزّازة

إنّها الغيمة ما يبتلعُ السماء




***




حوار




تجلسُ ويدُ تعتمد على رأسها

والأخرى مصوبة خاتماً قديماً ناحية الضوء
لساعاتٍ وكلامنا ملجوم
مثل مطرٍ على الحواجز
إحساسٌ بآب وبرق الحرّ
أقفُ، أذهبُ لأحضّر شاياً، أعودُ
ننظرُ إلى بعضنا بعضاً
ثم تقولُو(هذا ما أحيا في غماره

مراراً وتكراراً)

تقول: لا أعرف

ما إذا كان الجنس وهماً
لا أعرف
مًنْ كنتُ حين قمتُ بتلك الأفعال
أو مَنْ قلتُ أني كنتُه
وما إذا رغبتُ في أن أشعر
بما كنتُ قرأتُ عنه
أو مَنْ في الحقيقة كان هناك معي
أو ما إذا كنتُ أعرفُ، حتى في حينه

أنه كان ثمة شك حول هذه الأشياء



***





حياتنا برمّتها




حياتنا برمّتها هي ترجمة

للأكاذيب المُباحة
والآن عقدة من الأكاذيب
تقضمُ نفسها كيما تُحَلّ
كلمات متآكلة في كلمات
معانٍ مشتعلة كطلاءٍ
في موقدِ اللّحام
كل هذه الحروف الميّتة
تُصيّرُ إلى لغة الظالم
مُحاولاً أن تُطلع الطبيب على موضع الألم
مثل الجزائري
الذي خرج مشتعلاً من قريته
جسده كله غيمة ألم
وما من كلمات لهذا

سواه



***





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 04-02-2011, 09:26 PM
المشاركة 9
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
منظر طبيعي مثالي




وجب علينا تقبّل العالم كما مُنح لنا:

المربية الجالسة هامدةً في المنتزه
في ما ندر كان ليبادرها
أميرٌ عادلٌ عن رأيه بالكلام
الصباحات حلّت متشابهة ومُقفرة
في غرف الذات حيث نستيقظُ ونستلقي

متأملين يومنا الحاضر وهو ينفضّ مثل الأمس

أصدقاؤنا ما كانوا خارقي الجمال

وما تكلموا بألسنة من ذهب
عشاقنا ارتبكوا أحياناً
حينما كنا في أشد سعينا إلى الكمال
أو أنهم اختبأوا في الخزائن
حينما السماوات ارتعدت
الوردة الإنسانية لتلازمنا في كل مكان

عارية،متصدّعة، ومتطلبة لما هو فوق احتمالنا

ودائماً كان الزمن يندفع بسرعة مثر تُرام

خلل شوارع مدينة غريبة، شوارع شهدناها
تتشرّع إلى ساحات رائعة، مُشمسة
لم نكن لنجدها مجدداً
ولا من خارطة تستطيع تبيانها
مستحيلاً أن تُقذفَ تلك الشلالات
في ذاك الضوء نفسه
تلك الأشجار المزخرفة

تلك التماثيل الخضر والبيض



***





إلى شاعرٍ روسي




1



حُلُم الشتاء




في كل مكان، الثلج يتساقط


قدمكَ المُضمدة

تنسحب خلل حصى هائلة
أجراس تدقّ في ساحات نائية
كل ما عارضناه، كانت له الغَلَبة
والآن نحن جميعاً جزء منه
الحياة هي الشيء الأساسي؛ أسمعكَ تقول
ولكنّ ضباباً ينتشر ما بين هذه الأرض الشاسعة
وتلك التي صوتكَ رسم لي خارطتها منذ عهد بعيد
كل ما هو مرئي هو جدران، صفر- رمادية بلا نهاية
حيث مخاطر جمّة ووجهت
السماوات الممزّقة ببطء تكسو كلاً من قارتيْنا
بالعدل الوحيد المُتبقي
دافنةً آثار أقدامٍ، أجراساً وأصواتاً

بكل سرعة مدروسة



***




أحلم بأني موت أورفيوس



أغذُّ السير خلل أثلامٍ من ضوءٍ وعتمة

مُلقاة تحت رواقٍ مُنقطر
أنا إمرأة في مُقتبل العمر، بقدرات ما
وتيك القدرات ملجومة بقسوة
من قبل حكّامٍ، وجوههم نادراً ما أراها
أنا إمرأة في مُقتبل العمر
قائدةً شاعرها الميّت في رولز- رويس سوداء
عبر طبيعة ريفية من شفقٍ وأشواك
إمرأة بمَهَمَة ما
إذا ما امتثلتْ لها بحرفيّتها
فلسوف تتركها بسلام
إمرأة بجسارة نمر
إمرأة ذات صلات بمن هم بين ملائكة الجحيم
إمرأة تشعر بتفوّق قدراتها في اللحظة الحاسمة
حينما يتعيّن عليها عدم استخدامها
إمرأة أقسمتْ على التبصّر
هي مَنْ ترى من خلال التشويه، الحرائق الداخنة
لهذه الشوارع السريّة
شاعرُها الميّت يتعلّم السير إلى الخلف
عكس الريح

على الجانب الخاطئ من المرآة



***




منصّة الوثب




مثل الغطّاسين

نحن بأنفسنا علينا القيام بالوثبة التي
تجعل المنصّة المُحكمة ترتدّ تحت القدم
بارعة مثل حدّ فأسٍ يُشقّ به أصل جذع
ولكن بعدئذ، ما يجعل الجسد ينطلق
نحو قوسه التام والذي لا يقاوم
هو قوة تفوق كل الطاقات الجسدية
وهكذا، فإنّ فعلاً يستدعي سرعةً
مع خفّة في الحركة وحيوية

لهو موثوقٌ به أكثر من أي من إراداتنا






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 04-06-2011, 02:32 AM
المشاركة 10
عادل صالح الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديبة الرائعة رقية صالح
أجد مساهمتي المتواضعة عن الشاعرة الكبيرة ريتش تقف مبهورة ومرتبكة
أمام ما تعرضينه من معلومات تفصيلية مهمة وجوهرية عن مسيرة الشاعرة الإبداعية
وما تقدمينه من ترجمات رائعة ودقيقة لأشعارها بلغة شفيفة وأنيقة وبالغة الجمال والدقة.
أحيي يراعك المبدع وأشكر لك إضاءتك لزوايا كثيرة لم تستطع مساهمتي من إضاءتها
كل الود والتقدير والامتنان...


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أدريان ريتش - الغوص نحو الحطام
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بين الحطام لمحتها حكمت خولي منبر شعر التفعيلة 0 08-17-2015 08:41 PM
الحطام سعاد الأمين منبر القصص والروايات والمسرح . 4 09-03-2014 06:01 AM
أدريان ريتش - الزمن الشمال-أميركي عادل صالح الزبيدي منبر الآداب العالمية. 1 05-13-2012 03:16 PM
أدريان ريتش - الغوص نحو الحطام عادل صالح الزبيدي منبر الآداب العالمية. 0 04-01-2011 09:22 AM
>> بول العنز << مقال ساخر جابر الناصر منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 14 09-01-2010 09:37 PM

الساعة الآن 06:37 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.