احصائيات

الردود
16

المشاهدات
8414
 
عمر مصلح
فنان تشكيلي وأديب عـراقـي

عمر مصلح is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
346

+التقييم
0.09

تاريخ التسجيل
Aug 2013

الاقامة

رقم العضوية
12309
09-14-2013, 12:47 AM
المشاركة 1
09-14-2013, 12:47 AM
المشاركة 1
افتراضي ألغجر.. في مآل العَرْض
ألغجر.. في مآل العرض

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ عمر مصلح
قبل أن ألج موضوعي، عن الغَجَر وانحدارهم التأريخي.. وددت أن أمهد للأسباب التي دعتني إلى التعمق في علم الغجريات.
وأسأل الله أن أوفَّق، وأكون أداة توصيل، لامشرعنٍ لسوء.
حكاية ظريفة:

تبقى الذاكرة ناشطة أحياناً، وتختزن أحداثاً موغلة بالقِدَم.. حيث أتذكر ماحصل لي وأنا لم أبلغ السادسة من عمري..
وهذه الذكرى كانت محفزتي للبحث والتنقيب والدرس لسنين طويلة.
في يوم قائظ، ألبستني أمي (شورت وقميص)، مازلت أذكر لونه الكاكي وتفاصيل تطريزة الصدر.
فاستغليت قيلولتها، وتسللت إلى الشارع الذي قادني إلى (نجارخانة)* والدي التي لاتبتعد كثيراً عن بيتنا.. واخترقت باعة الخضار الذين افترشوا الأرصفة، وضجيج إعلاناتهم الذي يصم الآذان.. عن بضاعتهم.
فإذا بسيدة، لاتختلف عن باقي النسوة إلا بضخامتها، و - خصوصاً رأسها - ، وتهدّل كتفيها.. تلفني بعباءتها، وتركبني باصاً خشبياً.. فتفاجأت بحشد من نسوة، يقارب العشرين، وثلاثة رجال.
أجلستني هذه السيدة تحت ركبتيها وغطتني بعباءتها، فمكثت بين أكداس هائلة من (الرقِّي)**، إلى أن اختفت أصوات الباعة.. فرفعتني وأجلستني على حجرها، وصارت تمسد بيدها على رأسي، وتعدني بتبنيها لي، وبأنها ستوشمني بوشم على صدغي، ولم تنسَ أن توصي جارتها التي خلفها بأن تركَّب لي سناً ذهبياً.
ألغريب بالأمر أن الرجال الثلاثة لم يعيروا أمر اختطافي أي أنتباه، بل كانوا يتصدرون الباص، وقد شغلتهم لفافات التبغ التي كانوا يصنعونها يدوياً بعد أن يخروجوا من أكياس حمر تبغاً ويلفونه بأوراق صغيرة.
إلا أن أحدهم نادى إحداهن باسم (رهاب).. هكذا كان اسمها أو قريب من هذا الوزن.
وطلب منها بلغة لم أفهمها.. لكني عرفت، عند تلبيتها طلبه، ومن خلال إشارات يديه.. أنه يريد سماع غناء.. يبدد وحشة الطريق بصوتها.. فلم تتردد لحظة، وصدحت بصوت هو أقرب إلى السوبرانو - طبعا ميزت نوع الصوت بعد زمن- وصارت تشدو بغناء عربي وبلهجة بدوية.. أمتعني صوتها جداً، لكنه كان غريباً على مسامعي.. لأني لم أعتد سماع هذا النوع من الغناء في بيتنا، الذي كان عبارة عن مكتبة للقراءات القرانية، وأحياناً نستمع إلى ناظم الغزالي والقبانجي***، من خلال جهاز الـ (كراندك تيب).
صوت رهاب أذهلني، ونبهني إلى العطور النفاثة التي كان يعج بها المكان، وكذلك ألوان ثياب النساء، وطريقة زواقتهن، واكتناز صدورهن المنبئات عن ترف جمالي صحراوي مذهل.
حقيقة أحببت هذا الجو كثيراً، وصرت أتمنى أن لا أفارق هذه المجموعة.
فهنا.. صخب، وغناء، وسفور، وعَبَث.. وهناك.. هدوء، وقرآن، وتحجب، والتزام.
شتان مابين البيئتين.. هنا دلع، وهناك محافظة.
إذاً صار عليَّ أن أختار.. فاخترت المتعة.
ولكن متعتي لم تستمر طويلاً.. حيث أصاب الرعبُ الرجالَ وصاروا يتقازون من الشبابيك كالأرانب.. ولم يبق في الباص إلا أنا وحشد النسوة الفاتنات.. فاندسست بين أكداس الرقِّي، وتدثرت بكيس (شوال) كان مرمياً على مقربة مني.. بغية الأمان، بعدما علت اًصوات ميزت صوت والدي من بينها، فخرجت من مكمني وركضت صوبه باكياً.
لا أريد الدخول بتفاصيل ماجرى لراكبات وراكبي هذا الباص بعد هذا، لكني أود أن أعترف بأن فرحتي كانت كبيرة بوصول والدي وصديقه المرحوم ن. ر. العاني، والرجال الذين كانوا معهم، وعرفت فيما بعد أن صديق والدي قد لمحني وأنا أختطف من قبل الغجر.. لكني بنفس الوقت كنت تواقاً للبقاء مع جمع النسوة هذا، ومازال صوت رهاب يرن بأذني، وقد عرفت لاحقاً – أيضاً - بأن غناءها كان يسمى الـ (سويحلي).
منذ ذلك الحين وأنا أتابع أخبار الغجر وأتقصى أثر المعلومات التي تخصهم، فكتبت في عام 1982 بحثاً بسيطاً عنهم، ونشرته في مجلة الدستور.. وها أنا الآن أكتب عرضاً عنهم.. وأتمنى على الأخوات والأخوة هنا.. أن يثروا هذا الموضوع بما يعرفونه عن الغجر من عادات وتقاليد وطقوس.
بعد أن انشر عرضاً بسيطاً عن تأريخهم.
ألعرض:

هناك من ظن أنهم قدموا من بلاد النهرين والآخر افترض أنهم من مصر او شمال أفريقيا وأثيوبيا. إلا أن علم تأريخ وسلالة الشعوب استطاع في القرن الماضي أن يجزم بشكل قاطع على أن الموطن الأصلي للغجر هو الهند.
أما الشاعر الفارسي ( الفردوسي) قد أشار في "الشاهنامة" إلى كيفية انقسام الغجر . فقد ذكر أن الملك الفارسي (بهرام كور) في القرن الخامس الميلادي التمس من ملك الهند (شانكور) أن يبعث إليه بخمسة آلاف مهرج مع آلاتهم الموسيقية من أجل الترفيه عن رعاياه. فأرسل له قبيلة بائسة فقيرة تدعى (لوري)، وما تزال مقاطعة (لورستان) قائمة في إيران.
أما الشاعر (حمزة الأصفهاني) فقد أكدَّ ذلك وأشار إلى انتماء ( ألأسطورة اللورنسية) إلى الغجر.
وما يجعلنا متأكدين من أنهم من أصل هندي بشكل قاطع هي تلك السحنة، والملامح التي يتحلى بها الغجري، وهذا ما أكدته دراسة جينية حديثة حيث توصلت إلى أن الغجر الذين يعيشون حاليا في القارة الأوربية، هم على الأرجح من أحفاد المنبوذين، الذين هم أدنى مجموعة ضمن النظام الطبقي الهندي، وقد وصل هؤلاء إلى أوربا قادمين من الهند قبل حوالي ألف سنة. ففي لغتهم تظهر بعض الكلمات المأخوذة من السنسكريتية، كما يظهر أقاربهم القدامي في الصور التأريخية وهم يرتدون ملابس تعتبر تقليدية بالنسبة لمواطني آسيا الجنوبية، لكن لم تظهر أية دلائل علمية لتدعيم مزاعمهم إلا حالياً. فالدراسة التي أجراها علماء في الهند وأستونيا أكدت ألأصول الهندية للغجر وكشفت أيضاً البيئة الاجتماعية التي ينبعون منها، وقد رحب "مجلس البريطانيين الغجر"، بنتائج البحث وأفاد الناطق باسم المجلس (جوزيف جونس) لصحيفة الديللي تليغراف البريطانية، بأن الدراسة ستساهم في نشر التفاهم حيال الغجر في كل أرجاء أوربا.
وكان العلماء الذين نشروا نتائج دراستهم في مجلة "بلاس وان" قد فحصوا الحامض النووي للرجال في المجتمع الغجري، وقارنوه بجينات آلاف من ممثلي الشعب الهندي، وأجرى هؤلاء بحثاً على أكثر من 10000 عيِّنة من 214مجموعة هندية مختلفة، فعثروا على أكبر تطابق مع مواطني شمال غرب الهند. وعندما عُرضت النتائج في الخارطة الجينية للهند، تبين أن أكثر المواطنين الذين يتطابق حامضهم النووي يعيشون حالياً في الأماكن التي يقطنها غالباً طبقة المنبوذين، أو "داليتا" باللغة السنسكريتية، وحسب التقديرات الحالية، فأن حوالي 160 مليون هندي ينتمون لهذه الطبقة، ومعظمهم من الهنود المسلمين. وتقول الديللي تلغراف أنه حسب التقاليد والمفاهيم الهندية، فإن الناس يولدون منبوذين كعقاب لهم على الذنوب التي ارتكبوها خلال حياتهم السابقة.
وعلى الرغم من ان الطبقات ممنوعة وفق دستور الهند منذ عام 1950، فان تقسيم الناس بين «أفضل» و«أسوأ» لا يزال قائماً في هذا البلد، ولذلك فان أفراد هذه الطبقة يضطرون لمواجهة حالات متكررة من الاضطهاد، حتى انه يتم طردهم من المعابد أو يمنعون من دخول منازل الذين ينتمون لطبقات أعلى، وفي غالب الأحيان فانهم يعملون في الوظائف الرديئة.
ويعتبر جوزف جونس ان تأكيد الأصل الهندي للغجر في هذه الدراسة هو أمر جيد، واليوم يجب على بريطانيا- حسب رأيه- ان تبدأ بقبول الجاليات الغجرية الجديدة التي تعيش فوق أراضيها، «نحن لسنا منبوذين أبداً، لا أكترث لأن الدراسة تربطنا بهؤلاء المنبوذين - فأنا أعيش في مجتمع لا توجد فيه الطبقات، كنتُ أشعر دائماً بالتعاطف مع الهنود».
انتشر الغجر في كل أصقاع الأرض على شكل جماعات صغيرة، فمنهم من اتجه نحو الغرب، ومنهم من انحدر جنوباً.. فبلغوا وادي الرافدين ومصر واليونان، وتركيا، وانكلترا وفرنسا ودول البلقان.
وفي القرن الرابع عشر التقوا في مملكة (دوزان) القيصرية ووقفوا في عهد ازدهار الامبراطورية الصربية أمام الغزو (التركي).
ثم وطأوا الأراضي الألمانية واسبانيا وروسيا.
وجاءت تسمية (جيبسي) خطاً حين أسموهم الفرنسيون بالمصريين، والإسبان بـ (جيتانو) .
وفي فرنسا يسمونهم أيضاً بـ (البوهيميين)، نسبة إلى التوصية التي كتبها بهم ملك بوهيميا.
وليس هنالك ثمة شعب تعددت أسماؤه كالغجر، وسنذكر بعضها:
الرومن: أوربا الشرقية
الفلاكس: البوسنا والهرسك والبرازيل
أوكرانيا وصربيا وبلغاريا وتركيا ومقدونيا وإيران ورومانيا وأفغانستان والجزائر
الدومر: مصر ايران الاردن فلسطين
الهَلَب: مصر وليبيا
ألزط: العراق
البراكي: في سوريا والأردن
المزنوق: في أزبكستان وإيران
هم يقولون نحن (روم)، وكلمة (روم) تعني إلى حد ما إشارة إلى (الإنسان) وهي إشارة متفق عليها كل الغجر في العالم، ويطلق على الغجر الألمان اسم (زينته) وهي شبيهه بكلمة (زند) التي تطلق على أحد الأقاليم في غرب الباكستان.
في أوربا سدت في وجوههم جميع الأبواب ومورس ضدهم التمييز العنصري، ودارت الشكوك حولهم واتهموا بالسحر والشعوذة والقتل وسرقة الأطفال وجلب الدمار والوباء للبلد الذي يحلون فيه وأشير إليهم كطريدي العدالة.
وأصدر الأقطاعيون وأمراء البلدان أمراً بشنقهم أو حرقهم وهم احياء أينما وجدوا وبذلك بلغ عدد ضحاياهم مايقارب مئة ألف إنسان.
وشهدت هذه الفترة أعنف موجة دموية في تاريخهم. وكانت أوربا هي المسؤولة عن هذه المجزرة.
وشيئاً فشيئاً فقدوا عاداتهم وتقاليدهم وسعوا على الدوام إلى إخفاء جنسهم وهويتهم.
أن ماريت تيريزا ملكة بوهيميما والمجر قد وفرت لهم الملجأ ولو تحت شروط معينة. فمثلاً كان يجب عليهم المشاركة في بناء وتعمير البلد والدخول إلى المدارس وأداء الخدمة العسكرية وأن يتخلوا عن استعمال لغتهم الأم، وأن لايمارسوا بعد الآن أعمال التسلية والتهريج في أنحاء البلاد.
كذلك سمح لهم بشكل مستمر مزاولة الأعمال الحرفية التي تتفق وطراز حياتهم.
وعملوا في سباكة القصدير والنحاس وتجارة الخيول.
في بعض البلدان الأوربية انتخب الغجر مقاطعات حكمهم الذاتي، وحتى ملوكهم أيضاً. وفي المجر لهم تجمعاتهم الخاصة التي تدعى (بالماليجه) وتعتبر هي المسؤولة عن مقاطعات الحكم الذاتي في يوغسلافيا. وفي الآونة الأخيرة حققت استقلالها. ومن المألوف حتى يومنا هذا أن نلاحظ أن (الفوري داي) وهي القبيلة الأم لها الكلمة المسموعة.
يعيش الغجر في العراق حاليا في عدة اطراف بعيدة من عدة محافظات منها الموصل والحلة ,الديوانية والبصرة.
الغجر يمتهنون المهن الوضيعة فهم اما باعة للجنس والكحول او متسولون وعند طرقهم للأبواب لا يطلبون سوى الطعام ويوصفون في كل المجتمعات باسوأ الأوصاف في كل اللغات، و في لغتنا العربية هم الغجر، النور، الكاولية ونجد شبيها لذلك في كل اللغات، وفي العراق فان المهنة الاولى للغجر اليوم هي التسول وتوفير لقمة العيش فحسب.
والغجر يؤمنون بالسحر والشعوذة أيمانا راسخا فنساؤهم ورجالهم يبذلون الكثير من المال من اجل هذه السفاسف.
المحلل التاريخي رزاق كريم يقول:
عانوا ما عانوه في سبعينات القرن المنصرم ولكنهم استقروا بعد أن اخذوا الجنسية العراقية في الثمانينات وكانت هذه الفترة من الفترات الذهبية للغجر في العراق , كما تم صرف الرواتب لهم وبناء المجمعات السكنية سعيا لمشاركتهم في بناء المجتمع.
يبلغ عدد الغجر في العراق أكثر من مئة وعشرين ألف نسمة موزعين في أرجاء العراق وفي مجمعات سكنية، وبعدما اكتسبوا الجنسية العراقية عام 1979 اندمجوا في المجتمع العراقي وفي مؤسساته العسكرية مؤدين الخدمة الإلزامية (الخدمة العسكرية) وكثيرون منهم أكملوا دراساتهم في المدارس والجامعات العراقية ونالوا شهادات علمية في كثير من الاختصاصات ورغم ذلك لم يظهر اسم كاتب أو طبيب أو مهندس من الغجر.
أما لماذا سموا بالكاولية فهناك إجماع واحد والذي توصل إليه الباحث (د.حميد الهاشمي )وهو انتسابهم إلى اسم ملكهم (كاول ) والذين انتسبوا إليه بالأسم تعظيما وأجلالهم له . ويطلق العراقيون على أقوام الغجر التي تسكن العراق تسمية الكاولية وهذه الكلمة ترتبط في ذهن وسلوك العراقي بالرقص والغناء والبغاء وأود أن اوضح نقطة مهمة أن هناك خمس مهن توارثوها الغجر أبا عن جد ولا تعتبر معيبة لهم نهائيا بفعل المعايشة مع هذه المهن وهي الرقص والغناء, التسول, الحدادة وأخرها البغاء, وعرف عن الغجر عدم أهتمامهم بنظافة المكان وطهارة الجسد لأنهم يعتبرون أن الشكل الخارجي هو نوع من النفايات والقذارة يجب عدم الاعتناء بها ولكنهم عندما يختلون الى انفسهم وخصوصا في الجلسات الليلية العائلية بعد ان يغادرهم طلاب اللهو والطرب والجنس فانهم يعتنون بمكانهم وملابسهم وجلساتهم بشكل مذهل.. خصوصا ان كانت الزوجة شغالة في ميدان الرقص أو البغاء فانها تلقى اهتماماً من قبل زوجها عن باقي الزوجات.
ألمصادر:

"الغَجَر - المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، القاهرة
صحيفة المواطن سناء البديري
عادات الشعوب وتقاليدها - أديب أبي ضاهر
ألشاهنامة للفردوسي
برانكو راديسنفنج مقدمة أغاني الغجر، ترجمة نامق كامل
كتاب (تكيف الغجر) للمؤلف د. حميد الهاشمي وهو دراسة انثروبولوجية إجتماعية

* نجار خانة: معمل نجارة
** ألرقِّي: ألبطيخ
*** ألغزالي والقبانجي: من أشهر قراء المقام العراقي


قديم 09-16-2013, 10:50 AM
المشاركة 2
هايل القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأخ عمر مصلح
المقال يصلح مقدمة لموضوع هام ، وشيق بنفس الوقت ، المعلومات التي تتداولها العامة عن الغجر المعروفين في سورية ب ( النور) أكثر من البراكي ، هي مشوشة وغير دقيقة . المؤكد كما ذكرت أنهم: (الغجر يمتهنون المهن الوضيعة فهم اما باعة للجنس والكحول او متسولون وعند طرقهم للأبواب لا يطلبون سوى الطعام ويوصفون في كل المجتمعات باسوأ الأوصاف في كل اللغات) لكن منهم مشاهير كالموسيقار المعروف محمد عبد الكريم ، أمير البزق. والأجمل في مقالك هو ما ذكرت :(ولكنهم عندما يختلون الى انفسهم وخصوصا في الجلسات الليلية العائلية بعد ان يغادرهم طلاب اللهو والطرب والجنس فانهم يعتنون بمكانهم وملابسهم وجلساتهم بشكل مذهل.. خصوصا ان كانت الزوجة شغالة في ميدان الرقص أو البغاء فانها تلقى اهتماماً من قبل زوجها عن باقي الزوجات).
على كل سأعود إلى هذا الموضوع لاحقا لأفصل فيه أكثر.
مع خالص التحية

قديم 09-16-2013, 09:46 PM
المشاركة 3
عمر مصلح
فنان تشكيلي وأديب عـراقـي
  • غير موجود
افتراضي
الأخ عمر مصلح
المقال يصلح مقدمة لموضوع هام ، وشيق بنفس الوقت ، المعلومات التي تتداولها العامة عن الغجر المعروفين في سورية ب ( النور) أكثر من البراكي ، هي مشوشة وغير دقيقة . المؤكد كما ذكرت أنهم: (الغجر يمتهنون المهن الوضيعة فهم اما باعة للجنس والكحول او متسولون وعند طرقهم للأبواب لا يطلبون سوى الطعام ويوصفون في كل المجتمعات باسوأ الأوصاف في كل اللغات) لكن منهم مشاهير كالموسيقار المعروف محمد عبد الكريم ، أمير البزق. والأجمل في مقالك هو ما ذكرت :(ولكنهم عندما يختلون الى انفسهم وخصوصا في الجلسات الليلية العائلية بعد ان يغادرهم طلاب اللهو والطرب والجنس فانهم يعتنون بمكانهم وملابسهم وجلساتهم بشكل مذهل.. خصوصا ان كانت الزوجة شغالة في ميدان الرقص أو البغاء فانها تلقى اهتماماً من قبل زوجها عن باقي الزوجات).
على كل سأعود إلى هذا الموضوع لاحقا لأفصل فيه أكثر.
مع خالص التحية
ألأستاذ القنطار.. محبة وتقدير
من دواعي سروري إغناء هذا المبحث بمعلوماتكم، بغية الوصول إلى حقيقة هذه الفرقة، وتوثيق تأريخهم وطقوسهم وعاداتهم.
لذا سأكون بانتظار مدلاخلاتكم وتعليقاتكم
وياليت لو تفضلتم علينا بذكر أسماء من ابدع منهم في مجالات الفن والأدب والعلوم والسياسة.. إلخ.. .

مع وافر التقدير.

قديم 09-17-2013, 11:42 AM
المشاركة 4
هايل القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ عمر مصلح
تحية طيبة، رغم البحوث القليلة التي كتبت عن هذه المجموعة ، فإن الموثق منها يشير إلى أن اصل هذه الجماعة من الهند ( السند والبنجاب بخاصة). ويعزز هذا الاعتقاد شكل علم الغجر الذي يقترب من العلم الهندي في هيئته. أما أبرز من أشتهر منهم في مجال الموسيقى فهو _ أمير البزق محمد عبد الكريم _ وقد منح لقب الأمير من قبل الملك فيصل الأول . وهو مبدع مقام المريوما .ومنهم – الشاعر اليوغسلافي- سلوبودان بربرسكي- الذي أنتخب كأول رئيس للمؤتمر العالمي للغجر الذي أنعقد في لندن عام1971 ومن السياسيين سايقاً - ريون سيووابا- وهو عضو مراقب في هيئة الأمم المتحدة ممثلا لاتحاد الغجر العالمي0 وكان عضوا سابقا في البرلمان الروماني. وهناك المغني الغجري المعروف عالميا جانكو رينار، و فرقة ملك الغجرالعالمية .وعرف الأديب الغجري البوسني – علي كراسنيشي- بأنه قام بجمع قصص الغجر في البوسنة . وهناك الشاعرة الغجرية اليوغسلافية الشهيرة في القرن التاسع عشر – غانا رانتشيتش- و المخرج الغجري الكبير – أمير كوستاريكا- الذي أخرج فيلم(وقت الغجر). وهناك سيد فـن تدريب الدببة العالمي– جوفان – وغيرهم الكثير .
أما ما لفت نظري في مقالتكم اللطيفة فأمران : البغاء والطهارة عند الغجر . سأداخل فيهما لاحقا.
مع فائق التحية والتقدير


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 09-17-2013, 03:24 PM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الاستاذ عمر مصلح

تقول " تبقى الذاكرة ناشطة أحياناً، وتختزن أحداثاً موغلة بالقِدَم.. حيث أتذكر ماحصل لي وأنا لم أبلغ السادسة من عمري.. وهذه الذكرى كانت محفزتي للبحث والتنقيب والدرس لسنين طويلة.
في يوم قائظ، ألبستني أمي (شورت وقميص)، مازلت أذكر لونه الكاكي وتفاصيل تطريزة الصدر.
فاستغليت قيلولتها، وتسللت إلى الشارع الذي قادني إلى (نجارخانة)* والدي التي لاتبتعد كثيراً عن بيتنا.. واخترقت باعة الخضار الذين افترشوا الأرصفة، وضجيج إعلاناتهم الذي يصم الآذان.. عن بضاعتهم. فإذا بسيدة، لاتختلف عن باقي النسوة إلا بضخامتها، و - خصوصاً رأسها - ، وتهدّل كتفيها.. تلفني بعباءتها، وتركبني باصاً خشبياً.. فتفاجأت بحشد من نسوة، يقارب العشرين، وثلاثة رجال. أجلستني هذه السيدة تحت ركبتيها وغطتني بعباءتها، فمكثت بين أكداس هائلة من (الرقِّي)**، إلى أن اختفت أ صوات الباعة.. فرفعتني وأجلستني على حجرها، وصارت تمسد بيدها على رأسي، وتعدني بتبنيها لي، وبأنها ستوشمني بوشم على صدغي، ولم تنسَ أن توصي جارتها التي خلفها بأن تركَّب لي سناً ذهبياً.
ألغريب بالأمر أن الرجال الثلاثة لم يعيروا أمر اختطافي أي أنتباه، بل كانوا يتصدرون الباص، وقد شغلتهم لفافات التبغ التي كانوا يصنعونها يدوياً بعد أن يخروجوا من أكياس حمر تبغاً ويلفونه بأوراق صغيرة.

==

انت تشترك في هذه الحادثة مع انيس منصور فقد سبق ان كتب عن حادثه ممثالة حصلت له وقال انه ايضا تعرض للاختطاف ولكنه امضى وقت اطول مع مختطفته واتصور هذه الحادثة لوحدها تمثل صدمة ذهنية هائلة صنعت منك فنانا مرهفا كما صنعت من انيس منصور كاتبا غزيرا.

==

وهذه قصة انيس منصور مع الغجر "

نحن أولاد الغجر
تربطني بجماعات الغجر صلة وثيقة منذ الطفولة، عندما هربت إلى الغجر هربا من أسرتي، فقد كانت أمي رحمها الله تضربني كثيرا، ومعها حق، وهي قصة طويلة، ولي كتاب اسمه «نحن أولاد الغجر»، فقد وجدت شبها قويا بيني وبين الغجر، بين المشتغلين بالفلسفة والرهبان والعلماء، فنحن جميعا نعيش في عزلة اخترناها، في صوامعنا ومعاملنا وغرفنا الصغيرة، نحن الذين فرضنا العزلة والانطواء والغربة والاغتراب على أنفسنا. والغجر مثلنا، لولا أنهم لم يختاروا الغربة، وإنما هو المجتمع الذي نبذهم ونفاهم جميعا ووضعهم على الحافة بين القانون والخروج عليه.
فهناك نوعان من التشرد، أن يجد الإنسان نفسه مشردا بلا مأوى ولا سكن ولا أهل ولا احترام من أحد أو لأحد، ومن يختار أن يعيش مشردا حرا، فالمشردون أكثر حرية، فلا بيت ولا سكن ولا أهل ولا جدران ولا سقف، وعددهم في الدنيا مائة مليون، ولو أضفنا إليهم الذين يعيشون كأنهم مشردون لصار عددهم ألف مليون!
وقد عرف العرب الشعراء الصعاليك المشردين الذين يعيشون في الصحاري على ما ينهبون ويسرقون. وعدد من الصعاليك أصحاب مواهب شعرية فذة، ولكنهم اختاروا أن يكونوا أعداء للمجتمع حتى لو لم يكن المجتمع معاديا لهم.
والأديب الفرنسي جان جينيه: صعلوك مشرد لص، وعندما اعتقله البوليس ثم سجنه، قامت مظاهرة يتقدمها الفلاسفة والشعراء والفيلسوف الوجودي سارتر، يطلبون له الرحمة لأنه لا خوف منه ولا ضرر، وإنما هو روح متمردة ثائرة ساخطة وصاحب موهبة عظيمة، إنه متشرد باختياره، وهو لقيط باعترافه، وغجري بإرادته.
عندما ذهبت إلى بلاد التشيك بعد انفصالها عن تشيكوسلوفاكيا سألت عن هؤلاء، قالوا: الغجر، وأسعدني ما رأيت وكأنني وجدت ضالتي بين الناس، هؤلاء غجر بالضرورة وليسوا غجرا بالاختيار، ودون أن أفكر تسللت بينهم وطلبت من يصورني معهم، فملامحهم شرقية مصرية آسيوية هندية. ويقال إن الغجر من مصر ويقال من الهند، ويقال إنهم مجموعة ضالة من الناس، قرروا ألا يندمجوا وأن يبقوا على فقرهم ونفورهم وأن يتنقلوا بين القارات، وعددهم في أوروبا خمسة ملايين، يرفضون أن تكون لهم جنسية، وإنما يظلون هكذا فارين هاربين ملعونين من كل الناس، والتقطوا لي صورة أسعدتني. وعندما عدت إلى الفندق وجدتهم قد سرقوا حافظتي وجواز السفر، ولم أضحك، فهي عقوبة استحقها.
ولما سئل الغجر لماذا يسرقون؟ فكان جوابهم ـ هكذا تقول موروثاتهم الشعبية: إننا كنا عند صلب المسيح فسرق جدنا الأكبر أحد المسامير التي كان يجب أن تدق في جسد المسيح، فخففنا عنه الألم، فقال لنا: افعلوا في دنياكم ما شئتم فقد عفوت عنكم، ومن يومها ونحن نسرق، فلا عقوبة لنا يوم القيامة!ويقال إن الشاعر المصري السليط اللسان المتشرد الصعلوك الغجري عبد الحميد الديب سئل يوما: وماذا تعمل الآن؟ وكان قد التحق بالعمل في دار الكتب، فقال: بالأمس كنت مشردا أهليا واليوم صرت مشردا رسميا!



==
وهذه عن قصة انيس منصور مع الغجر : نحن أولاد الغجر":
by أنيس منصور

عبر مجموعة من المقالات الساخرة والمتنوعة يستعرض الكاتب العديد من الأحداث والمواقف التى أصابت أبطالها لعنة الغجر، فمعظم المشتغلين بالفلسفة والفن، والرهبان يمارسون هذه الوحدة والعزلة الروحية، واعتزال الناس من أجل فهم الناس، فليس الغجر هم الذين زرعوا الوحدة وبذروا العزلة فى عقولنا؛ ولكنهم هم الذين كشفوا عن هذه الرغبة الدفينة. إنهم لا يمتلكون إلا أنفسهم؛ لأنهم ليسوا من الأغلبي عبر مجموعة من المقالات الساخرة والمتنوعة يستعرض الكاتب العديد من الأحداث والمواقف التى أصابت أبطالها لعنة الغجر، فمعظم المشتغلين بالفلسفة والفن، والرهبان يمارسون هذه الوحدة والعزلة الروحية، واعتزال الناس من أجل فهم الناس، فليس الغجر هم الذين زرعوا الوحدة وبذروا العزلة فى عقولنا؛ ولكنهم هم الذين كشفوا عن هذه الرغبة الدفينة. إنهم لا يمتلكون إلا أنفسهم؛ لأنهم ليسوا من الأغلبية لأنهم على الهامش لا يريدون، ولا يرفضون. وليست حياتنا الفلسفية إلا حقدًا على الغجر ومجاراة لهم، والمثل يقول: اهرش أى فنان أو مفكر أو عالم أو صوفى يظهر لك الغجرى

قديم 09-17-2013, 03:36 PM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
وهذا المقال ثري بالمعلومات حول الموضوع وهو منشور في الحوار المتمدن:

نحن أولاد الغجر
انتصار عبد المنعم
الحوار المتمدن-العدد: 2857 - 2009 / 12 / 13 - 08:21
المحور: الادب والفن

اهتم الأدب والفن بفئات وطوائف من البشر همشتهم ظروف عديدة، منها ماهو متعلق بالتوزيع الجغرافي مابين جنوب وشمال أو مدن وقرى، ومنها ماهو متعلق بالأعراق والأجناس والطبقات. وغيرها من عوامل عديدة منعتهم من المشاركة الفعالة والتواجد الطبيعي في الحياة كغيرهم. بل إن الأمر -وفي كثيرمن الأحيان- تعدى حد الاهتمام ليتحول إلى اعجاب وافتتان بعوالم هؤلاء المهمشين كنوع من الإنصاف أو حتى التناول المحايد الذي يصورويبرز قضاياهم دون أخذ موقف محدد، ليجد القارئ أو المشاهد نفسه في موقف المشارك في العمل، لأن عليه هو نفسه تبني وجهة نظر خاصة به وحده دون تدخل الكاتب أو المخرج .من بين تلك الفئات، عالم الغجر الساحر المليء بالقصص والحكايات والأخيلة نتيجة جهلنا بخبايا عوالمهم ونشأتهم. فهم يعيشون دوما حياتهم الخاصة الغامضة على هوامش المدن في كل أنحاء الأرض كأبناء للتشرد وأولاد للرياح . وطنهم لا يتعدى خيمة ينصبونها في مكان ما لفترة يرتحلون بعدها إلى مكان آخر. يقاومون الحزن والفناء بالرقص والغناء كخبز يومي على موائد تخصهم وحدهم، فلا نصيب لهم على موائدنا، ولا يطمعون في موائد مَنٍ وسلوى سماوية تتنزل عليهم ، فسماؤهم مروج خضراء ممتدة، وجنتهم لا تتجاوز نعيم يوم ينقضي بلا جوع أو ملاحقة. الغجر أو النـَوَر هم أبناء الطبيعة والترحال الذين وعلى الرغم من النظرة السلبية التي ينتظرها الجميع إليهم ، فقد كانوا على الدوام مصدرا للإلهام والابداع للأدباء والفنانين الذين رأوا فيهم حبا للحرية والتوحد مع الطبيعة البكر بعيدا عن الجدران والقلاع متخلصين من سيطرة القوانين الأرضية والسماوية التى تفرض صور التعامل والعيش وشكل الزى على الجميع. فالغجر هم أنبياء أنفسهم وأرباب عوالمهم. ونحن نعترف لهم بهذا كله حينما نسلم أكفنا لضاربة ودع، عساها تخبرنا شيئا عن مستقبلنا المجهول. رأى الأدباء في حياة الغجر تحررا وحرية اختيار لا يملكونها، فإن جذبتهم حياة الغجر ليستمتعوا بها يوما أو يومين، فمن منهم لديه قوة الاختيار ليتخلى عن مجد الصالونات والبيوت المزخرفة ليعيش حياته بعيدا عن زخارف المدن الموشاة بالقوانين وافعل ولا تفعل، البس ولا تلبس، حرام وحلال، يجوز ولا يجوز، يمين ويسار، جنة ونار؟ . فالغجر هم أحفاد الانسان الأول الذي كان يجوب الأرض بفطرته السابقة للأديان والقوانين، والذى كان يعبر بجسده عن كل شئ عن السعادة والحزن، عن النصر والهزيمة. هكذا الغجرية ترقص إن فرحت وإن حزنت، ترقص إن أحبت أو إن أرادت انتقاما، ترقص لتخرج من حدود المكان والزمان تحتفى بالحياة، تعبر بجسدها وحده بلا خجل، فجسدها هو ريشتها وقلمها ، والرقص هو اللغة الوحيدة التى تجيدها. ومن هذا ارتبط تسمية أشهر فنون الرقص في أسبانيا بالغجر، وهو الفلامنكو الذى يحتوى على الغناء والرقص والعزف على الجيتار بالإضافة الى التصفيق الجماعي أو الفردى. وسواء كان الغجر هم من يرفضون الاندماج أو أن مجتمعاتهم ترفضهم وتلفظهم خارجها وتنظر لهم على أنهم مشردون ولصوص وخارجون عن القانون، فقد ولع الأدباء بعوالمهم، واقتربوا منهم تجذبهم الغجرية التي رأوا فيها عالما سحريا ذا نكهة ايروتيكية بجسدها الذى لم تروضه عادات وتقاليد الحضارة. وتبقى «كارمن» الغجرية خالدة فى رواية الروائي الفرنسي بروسبير ميرميه، ويبقى صوتها مغردا: أنا حبى كولد غجرى/ إن لم تحبنى فسوف أحبك/ وإن أحببتني فاحترس، بعد ان تحولت على يد الموسيقار الفرنسي جورج بيزيه إلى واحدة من أشهر الأوبرات العالمية. أما عشق الشاعر الإسباني فديريكو غارثيا لوركا للغجر فهو الأعظم ، فلم يسبق لشاعر عالمي أن أحبَّ الغجر وشغف بهم كلوركا .الذى عشقهم وأدمن أغانيهم و استوحى من إيقاع رقصهم ، إيقاعا داخليا للكثير من قصائده حتى ظنه بعض دارسيه أنه غجرى!. وبالنسبة لكتابنا العرب يجيء الكاتب أنيس منصور في مقدمة المهتمين بعالم الغجر بمقولته الشهيرة «لو لم أكن غجريا لوددت أن أكون غجريا». ويكتب «نحن أولاد الغجر»، ويحكى مرارا قصة فراره صغيرا من عقاب أمه ليعيش بين الغجر، ويحكى قصة حضوره جنازة ملكة الغجر الرومانية الأصل فى ايطاليا.ويكتب الراحل عبد الرحمن درويش ،الأديب السكندري عن الغجر في روايته «الإبحار فوق نهر جاف» ويذكر:(بنات الغجر لسن جميلات كما يشاع عنهن وإنما هن شهيات يتفجرن أنوثة رغم الشراسة التي تكسو ملامحهن». ومن الشعراء يجىء الشاعر الأردنى مصطفى وهبى التل المعروف بعرارالذى أغرم بالراقصة الغجرية سلمى، ولذلك كان من أشهر مَن وصف حياة الغجر .وفى السينما لا يبقى في الذاكرة غير «تمر حنة» الغجرية، الغزية الراقصة نعيمة عاكف عام «1957» بصورتها الحلوة الخفيفة لتعدل قليلا من صورة الغجر المحصورة في الحواة والقراداتية والسارقين وضاربات الودع والتي تناولتها أفلام تالية ظهر الغجري فيها دائما موضع شبهات وموضع اتهام إلى أن يثبت أحدهم العكس ، وهذا ما تعرضت له الغجرية ازميرالدا عندما اتهمت بممارسة السحر وكادت أن تشنق لولا الأحدب كازيمودو في «أحدب نوتردام»، وأيضا لا ننسى أبدا «ألان ديلون» فى فيلم «الغجرى» وهو يتعرض للمطاردات والملاحقات. ولكن ليس كل الغجر تمرحنة أوكارمن، وليس كل الأدباء لوركا. ويبقى الغجر فى عوالمهم، وتبقى الغجرية مثل حلم، مرتحلة فى البرارى وعلى الهامش، تكمل الجزء المفقود فى مخيلة الأدباء بما تثيره من دهشة متجددة لا تخضع للترويض

مجلة اكتوبر العدد1722

قديم 09-17-2013, 05:06 PM
المشاركة 7
راما فهد
رشة عطر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مــــــــن هــــــــم النــــــور وما علاقتهم بالزير ســالم

كثيراً ما يصادفنا النور في الشوارع وفي بعض الأحياء وهم يتجولون بحثا عن لقمة العيش أو شيئا قد يكون مفيداً في أكوام القمامة! وفي أغلب الأحيان يتسولون، ترى ماهي حكايتهم !
بعض الروايات القديمة تقول انه بعد ثأر الزير سالم لأخيه وانتصاره على قوم جساس قام بمنعهم من ايقاد النار والسكن في بيوت "الشعر" وفرض عليهم الترحال، ولاعتماد علي نسائهم ومنذ ذلك التاريخ ابتدأ الترحال الأبدي للنور !!
ورغم تطور الحياة والدخول إلى عصر العلم والتكنولوجيا، لا يزال النور يعيشون على هامش المجتمع بإصرار عجيب.
في محاولة لفهم الدوافع الحقيقية التي تقف وراء ممارستهم لهذه الطقوس البدائية في الحياة وفي التشرد كان لنا حوار مع اثنين من المعروفين لديهم.
مسعود ابو ذيب الذي يبلغ الخامسة والأربعين من عمره يقول حول الجذور التاريخية لأصول "النور":
- إن اصولنا تنحدر من عهد الزير سالم، وحياتنا كانت عبارة عن رحيل دائم بين الوديان والجبال، وبين المدن المغلقة الأبواب، لقد فقدنا حياة الأستقرار وفقدنا الرعاية الصحية لذلك كثرت الأمراض بين أطفالنا الذين يعانون من الإعاقة او من امراض مزمنة اخرى، وبشعور ممزوج بالألم، وبالوجع الخقي من هذا الإهمال المتواصل لطائفة كبيرة من اتباعه الذين فقدو كل رعاية انسانية يقول نحن محرومون من ابسط مستلزمات العيش الكريم ومن الرعاية الصحية والتعليم.

* الملاحظ انكم تستخدمون الحمير والبغال في التنقل والترحال فهل يعني هذا انكم لا تحسنون ركوب الخيل ؟

- اطلاقا، فتاريخنا يؤكد أن الزير سالم كان فارساً حقيقياً، ونحن عرب نعشق الخيل ولكن لقلة امكانياتنا المادية، وظفنا الحمير لخدمة مصالحنا في التنقل والترحال من مكان إلى مكان آخر.
إننا نعيش اليأس والمرارة في مجتمعنا ووطننا وبالرغم من اننا مواطنون نحمل جوازات سفر وشهادات ميلاد فإننا لم نحصل على ابسط حقوقنا، اذ ليس من حقنا العمل أو التعليم او الحصول على سكن لائق، وحتى لا يحق لنا اداء فريضة العمرة او حج بيت الله، كما لا يحق لنا فتح محلات للعمل !

منقوووول
تحياتي للجميع
وتحية معطرة لك استاذ عمر

بالأردن نطلق عليهم (النور)

قديم 09-17-2013, 05:14 PM
المشاركة 8
عمر مصلح
فنان تشكيلي وأديب عـراقـي
  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ عمر مصلح
تحية طيبة، رغم البحوث القليلة التي كتبت عن هذه المجموعة ، فإن الموثق منها يشير إلى أن اصل هذه الجماعة من الهند ( السند والبنجاب بخاصة). ويعزز هذا الاعتقاد شكل علم الغجر الذي يقترب من العلم الهندي في هيئته. أما أبرز من أشتهر منهم في مجال الموسيقى فهو _ أمير البزق محمد عبد الكريم _ وقد منح لقب الأمير من قبل الملك فيصل الأول . وهو مبدع مقام المريوما .ومنهم – الشاعر اليوغسلافي- سلوبودان بربرسكي- الذي أنتخب كأول رئيس للمؤتمر العالمي للغجر الذي أنعقد في لندن عام1971 ومن السياسيين سايقاً - ريون سيووابا- وهو عضو مراقب في هيئة الأمم المتحدة ممثلا لاتحاد الغجر العالمي0 وكان عضوا سابقا في البرلمان الروماني. وهناك المغني الغجري المعروف عالميا جانكو رينار، و فرقة ملك الغجرالعالمية .وعرف الأديب الغجري البوسني – علي كراسنيشي- بأنه قام بجمع قصص الغجر في البوسنة . وهناك الشاعرة الغجرية اليوغسلافية الشهيرة في القرن التاسع عشر – غانا رانتشيتش- و المخرج الغجري الكبير – أمير كوستاريكا- الذي أخرج فيلم(وقت الغجر). وهناك سيد فـن تدريب الدببة العالمي– جوفان – وغيرهم الكثير .
أما ما لفت نظري في مقالتكم اللطيفة فأمران : البغاء والطهارة عند الغجر . سأداخل فيهما لاحقا.
مع فائق التحية والتقدير


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
حقيقة أسعدتني هذه المداخلة الرائعة، التي زودتني بما لم أزوَّد
وتواصلك أخي المكرم.. سيثري الدراسة، ويجعل لها أهمية كبيرة.
ممتن لك أيها الانيق.

قديم 09-17-2013, 05:53 PM
المشاركة 9
عمر مصلح
فنان تشكيلي وأديب عـراقـي
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ عمر مصلح

تقول " تبقى الذاكرة ناشطة أحياناً، وتختزن أحداثاً موغلة بالقِدَم.. حيث أتذكر ماحصل لي وأنا لم أبلغ السادسة من عمري.. وهذه الذكرى كانت محفزتي للبحث والتنقيب والدرس لسنين طويلة.
في يوم قائظ، ألبستني أمي (شورت وقميص)، مازلت أذكر لونه الكاكي وتفاصيل تطريزة الصدر.
فاستغليت قيلولتها، وتسللت إلى الشارع الذي قادني إلى (نجارخانة)* والدي التي لاتبتعد كثيراً عن بيتنا.. واخترقت باعة الخضار الذين افترشوا الأرصفة، وضجيج إعلاناتهم الذي يصم الآذان.. عن بضاعتهم. فإذا بسيدة، لاتختلف عن باقي النسوة إلا بضخامتها، و - خصوصاً رأسها - ، وتهدّل كتفيها.. تلفني بعباءتها، وتركبني باصاً خشبياً.. فتفاجأت بحشد من نسوة، يقارب العشرين، وثلاثة رجال. أجلستني هذه السيدة تحت ركبتيها وغطتني بعباءتها، فمكثت بين أكداس هائلة من (الرقِّي)**، إلى أن اختفت أ صوات الباعة.. فرفعتني وأجلستني على حجرها، وصارت تمسد بيدها على رأسي، وتعدني بتبنيها لي، وبأنها ستوشمني بوشم على صدغي، ولم تنسَ أن توصي جارتها التي خلفها بأن تركَّب لي سناً ذهبياً.
ألغريب بالأمر أن الرجال الثلاثة لم يعيروا أمر اختطافي أي أنتباه، بل كانوا يتصدرون الباص، وقد شغلتهم لفافات التبغ التي كانوا يصنعونها يدوياً بعد أن يخروجوا من أكياس حمر تبغاً ويلفونه بأوراق صغيرة.

==

انت تشترك في هذه الحادثة مع انيس منصور فقد سبق ان كتب عن حادثه ممثالة حصلت له وقال انه ايضا تعرض للاختطاف ولكنه امضى وقت اطول مع مختطفته واتصور هذه الحادثة لوحدها تمثل صدمة ذهنية هائلة صنعت منك فنانا مرهفا كما صنعت من انيس منصور كاتبا غزيرا.

==

وهذه قصة انيس منصور مع الغجر "

نحن أولاد الغجر
تربطني بجماعات الغجر صلة وثيقة منذ الطفولة، عندما هربت إلى الغجر هربا من أسرتي، فقد كانت أمي رحمها الله تضربني كثيرا، ومعها حق، وهي قصة طويلة، ولي كتاب اسمه «نحن أولاد الغجر»، فقد وجدت شبها قويا بيني وبين الغجر، بين المشتغلين بالفلسفة والرهبان والعلماء، فنحن جميعا نعيش في عزلة اخترناها، في صوامعنا ومعاملنا وغرفنا الصغيرة، نحن الذين فرضنا العزلة والانطواء والغربة والاغتراب على أنفسنا. والغجر مثلنا، لولا أنهم لم يختاروا الغربة، وإنما هو المجتمع الذي نبذهم ونفاهم جميعا ووضعهم على الحافة بين القانون والخروج عليه.
فهناك نوعان من التشرد، أن يجد الإنسان نفسه مشردا بلا مأوى ولا سكن ولا أهل ولا احترام من أحد أو لأحد، ومن يختار أن يعيش مشردا حرا، فالمشردون أكثر حرية، فلا بيت ولا سكن ولا أهل ولا جدران ولا سقف، وعددهم في الدنيا مائة مليون، ولو أضفنا إليهم الذين يعيشون كأنهم مشردون لصار عددهم ألف مليون!
وقد عرف العرب الشعراء الصعاليك المشردين الذين يعيشون في الصحاري على ما ينهبون ويسرقون. وعدد من الصعاليك أصحاب مواهب شعرية فذة، ولكنهم اختاروا أن يكونوا أعداء للمجتمع حتى لو لم يكن المجتمع معاديا لهم.
والأديب الفرنسي جان جينيه: صعلوك مشرد لص، وعندما اعتقله البوليس ثم سجنه، قامت مظاهرة يتقدمها الفلاسفة والشعراء والفيلسوف الوجودي سارتر، يطلبون له الرحمة لأنه لا خوف منه ولا ضرر، وإنما هو روح متمردة ثائرة ساخطة وصاحب موهبة عظيمة، إنه متشرد باختياره، وهو لقيط باعترافه، وغجري بإرادته.
عندما ذهبت إلى بلاد التشيك بعد انفصالها عن تشيكوسلوفاكيا سألت عن هؤلاء، قالوا: الغجر، وأسعدني ما رأيت وكأنني وجدت ضالتي بين الناس، هؤلاء غجر بالضرورة وليسوا غجرا بالاختيار، ودون أن أفكر تسللت بينهم وطلبت من يصورني معهم، فملامحهم شرقية مصرية آسيوية هندية. ويقال إن الغجر من مصر ويقال من الهند، ويقال إنهم مجموعة ضالة من الناس، قرروا ألا يندمجوا وأن يبقوا على فقرهم ونفورهم وأن يتنقلوا بين القارات، وعددهم في أوروبا خمسة ملايين، يرفضون أن تكون لهم جنسية، وإنما يظلون هكذا فارين هاربين ملعونين من كل الناس، والتقطوا لي صورة أسعدتني. وعندما عدت إلى الفندق وجدتهم قد سرقوا حافظتي وجواز السفر، ولم أضحك، فهي عقوبة استحقها.
ولما سئل الغجر لماذا يسرقون؟ فكان جوابهم ـ هكذا تقول موروثاتهم الشعبية: إننا كنا عند صلب المسيح فسرق جدنا الأكبر أحد المسامير التي كان يجب أن تدق في جسد المسيح، فخففنا عنه الألم، فقال لنا: افعلوا في دنياكم ما شئتم فقد عفوت عنكم، ومن يومها ونحن نسرق، فلا عقوبة لنا يوم القيامة!ويقال إن الشاعر المصري السليط اللسان المتشرد الصعلوك الغجري عبد الحميد الديب سئل يوما: وماذا تعمل الآن؟ وكان قد التحق بالعمل في دار الكتب، فقال: بالأمس كنت مشردا أهليا واليوم صرت مشردا رسميا!



==
وهذه عن قصة انيس منصور مع الغجر : نحن أولاد الغجر":
By أنيس منصور

عبر مجموعة من المقالات الساخرة والمتنوعة يستعرض الكاتب العديد من الأحداث والمواقف التى أصابت أبطالها لعنة الغجر، فمعظم المشتغلين بالفلسفة والفن، والرهبان يمارسون هذه الوحدة والعزلة الروحية، واعتزال الناس من أجل فهم الناس، فليس الغجر هم الذين زرعوا الوحدة وبذروا العزلة فى عقولنا؛ ولكنهم هم الذين كشفوا عن هذه الرغبة الدفينة. إنهم لا يمتلكون إلا أنفسهم؛ لأنهم ليسوا من الأغلبي عبر مجموعة من المقالات الساخرة والمتنوعة يستعرض الكاتب العديد من الأحداث والمواقف التى أصابت أبطالها لعنة الغجر، فمعظم المشتغلين بالفلسفة والفن، والرهبان يمارسون هذه الوحدة والعزلة الروحية، واعتزال الناس من أجل فهم الناس، فليس الغجر هم الذين زرعوا الوحدة وبذروا العزلة فى عقولنا؛ ولكنهم هم الذين كشفوا عن هذه الرغبة الدفينة. إنهم لا يمتلكون إلا أنفسهم؛ لأنهم ليسوا من الأغلبية لأنهم على الهامش لا يريدون، ولا يرفضون. وليست حياتنا الفلسفية إلا حقدًا على الغجر ومجاراة لهم، والمثل يقول: اهرش أى فنان أو مفكر أو عالم أو صوفى يظهر لك الغجرى

أستاذنا الموقر.. تحايا واحترام
من دواعي سروري متابعتكم لمواضيعي، وهذا ماأعتز به كثيراً.
أما حكاية استاذنا الكبير أنيس منصور، القريبة جداً من حكايتي.. لم أطلع عليها قبل الآن، لكن هذا لايعني أنها لم تحدث لغيرنا.. فأنا على يقين بأنها تكررت كثيراً، كون الاختطاف ديدن الغجر على مر الأزمنة.
وقد أغفلها البعض، خجلاً أو خشية.
ومقارنة جنابكم الإبداعية مع العملاق أنيس منصور، تجعلني أشعر بالرعشة، وأن أكون أكثر حرصاً على رصانة العمل الذي أبغي نشره.
ومن طريف القول.. معروف عن ذاكرتي أنها مثقوبة، نسياني مرعب.. لكن أحتفظ بذاكرتي جل الأحداث والمواقف الكبيرة، منذ طفولتي وإلى الآن..
فأتذكر مثلاً.. كنت تلميذاً في الإبتدائية، حين أخذني والدي "رحمة الله عليه" لزيارة الإمام موسى الكاظم في بغداد، خشية الحسد.
بعد مدة ليست قليلة..
عتعتني والدي من ياقة قميصي، وصوته المتهدج يصرخ بي.. لماذا تركتني أبحث عنك منذ أكثر ساعة في هذا الزحام؟.
فأومأت له برأسي مشيراً إلى ذلك الرسام الإيراني الذي كان يتخذ محلاً صغيراً كمشغل له.. عندها ابتسم وأوصاني بعدم التخلف عنه في الأماكن المزدحمة.
إذاً هي حالة فطرية، تولد مع الإنسان.. لذا نشأت مع الرسم والكتابة.
أما عن العزلة التي تحدث عنها أستاذنا الكبير منصور، فهي وجهة نظر.. لأني أرى أن العزلة الصوفية، رغم شطحاتها.. هي بمثابة رياضة روحية للتأمل الفلسفي والإبداع.

قديم 09-17-2013, 06:07 PM
المشاركة 10
عمر مصلح
فنان تشكيلي وأديب عـراقـي
  • غير موجود
افتراضي
وهذا المقال ثري بالمعلومات حول الموضوع وهو منشور في الحوار المتمدن:

نحن أولاد الغجر
انتصار عبد المنعم
الحوار المتمدن-العدد: 2857 - 2009 / 12 / 13 - 08:21
المحور: الادب والفن

اهتم الأدب والفن بفئات وطوائف من البشر همشتهم ظروف عديدة، منها ماهو متعلق بالتوزيع الجغرافي مابين جنوب وشمال أو مدن وقرى، ومنها ماهو متعلق بالأعراق والأجناس والطبقات. وغيرها من عوامل عديدة منعتهم من المشاركة الفعالة والتواجد الطبيعي في الحياة كغيرهم. بل إن الأمر -وفي كثيرمن الأحيان- تعدى حد الاهتمام ليتحول إلى اعجاب وافتتان بعوالم هؤلاء المهمشين كنوع من الإنصاف أو حتى التناول المحايد الذي يصورويبرز قضاياهم دون أخذ موقف محدد، ليجد القارئ أو المشاهد نفسه في موقف المشارك في العمل، لأن عليه هو نفسه تبني وجهة نظر خاصة به وحده دون تدخل الكاتب أو المخرج .من بين تلك الفئات، عالم الغجر الساحر المليء بالقصص والحكايات والأخيلة نتيجة جهلنا بخبايا عوالمهم ونشأتهم. فهم يعيشون دوما حياتهم الخاصة الغامضة على هوامش المدن في كل أنحاء الأرض كأبناء للتشرد وأولاد للرياح . وطنهم لا يتعدى خيمة ينصبونها في مكان ما لفترة يرتحلون بعدها إلى مكان آخر. يقاومون الحزن والفناء بالرقص والغناء كخبز يومي على موائد تخصهم وحدهم، فلا نصيب لهم على موائدنا، ولا يطمعون في موائد مَنٍ وسلوى سماوية تتنزل عليهم ، فسماؤهم مروج خضراء ممتدة، وجنتهم لا تتجاوز نعيم يوم ينقضي بلا جوع أو ملاحقة. الغجر أو النـَوَر هم أبناء الطبيعة والترحال الذين وعلى الرغم من النظرة السلبية التي ينتظرها الجميع إليهم ، فقد كانوا على الدوام مصدرا للإلهام والابداع للأدباء والفنانين الذين رأوا فيهم حبا للحرية والتوحد مع الطبيعة البكر بعيدا عن الجدران والقلاع متخلصين من سيطرة القوانين الأرضية والسماوية التى تفرض صور التعامل والعيش وشكل الزى على الجميع. فالغجر هم أنبياء أنفسهم وأرباب عوالمهم. ونحن نعترف لهم بهذا كله حينما نسلم أكفنا لضاربة ودع، عساها تخبرنا شيئا عن مستقبلنا المجهول. رأى الأدباء في حياة الغجر تحررا وحرية اختيار لا يملكونها، فإن جذبتهم حياة الغجر ليستمتعوا بها يوما أو يومين، فمن منهم لديه قوة الاختيار ليتخلى عن مجد الصالونات والبيوت المزخرفة ليعيش حياته بعيدا عن زخارف المدن الموشاة بالقوانين وافعل ولا تفعل، البس ولا تلبس، حرام وحلال، يجوز ولا يجوز، يمين ويسار، جنة ونار؟ . فالغجر هم أحفاد الانسان الأول الذي كان يجوب الأرض بفطرته السابقة للأديان والقوانين، والذى كان يعبر بجسده عن كل شئ عن السعادة والحزن، عن النصر والهزيمة. هكذا الغجرية ترقص إن فرحت وإن حزنت، ترقص إن أحبت أو إن أرادت انتقاما، ترقص لتخرج من حدود المكان والزمان تحتفى بالحياة، تعبر بجسدها وحده بلا خجل، فجسدها هو ريشتها وقلمها ، والرقص هو اللغة الوحيدة التى تجيدها. ومن هذا ارتبط تسمية أشهر فنون الرقص في أسبانيا بالغجر، وهو الفلامنكو الذى يحتوى على الغناء والرقص والعزف على الجيتار بالإضافة الى التصفيق الجماعي أو الفردى. وسواء كان الغجر هم من يرفضون الاندماج أو أن مجتمعاتهم ترفضهم وتلفظهم خارجها وتنظر لهم على أنهم مشردون ولصوص وخارجون عن القانون، فقد ولع الأدباء بعوالمهم، واقتربوا منهم تجذبهم الغجرية التي رأوا فيها عالما سحريا ذا نكهة ايروتيكية بجسدها الذى لم تروضه عادات وتقاليد الحضارة. وتبقى «كارمن» الغجرية خالدة فى رواية الروائي الفرنسي بروسبير ميرميه، ويبقى صوتها مغردا: أنا حبى كولد غجرى/ إن لم تحبنى فسوف أحبك/ وإن أحببتني فاحترس، بعد ان تحولت على يد الموسيقار الفرنسي جورج بيزيه إلى واحدة من أشهر الأوبرات العالمية. أما عشق الشاعر الإسباني فديريكو غارثيا لوركا للغجر فهو الأعظم ، فلم يسبق لشاعر عالمي أن أحبَّ الغجر وشغف بهم كلوركا .الذى عشقهم وأدمن أغانيهم و استوحى من إيقاع رقصهم ، إيقاعا داخليا للكثير من قصائده حتى ظنه بعض دارسيه أنه غجرى!. وبالنسبة لكتابنا العرب يجيء الكاتب أنيس منصور في مقدمة المهتمين بعالم الغجر بمقولته الشهيرة «لو لم أكن غجريا لوددت أن أكون غجريا». ويكتب «نحن أولاد الغجر»، ويحكى مرارا قصة فراره صغيرا من عقاب أمه ليعيش بين الغجر، ويحكى قصة حضوره جنازة ملكة الغجر الرومانية الأصل فى ايطاليا.ويكتب الراحل عبد الرحمن درويش ،الأديب السكندري عن الغجر في روايته «الإبحار فوق نهر جاف» ويذكر:(بنات الغجر لسن جميلات كما يشاع عنهن وإنما هن شهيات يتفجرن أنوثة رغم الشراسة التي تكسو ملامحهن». ومن الشعراء يجىء الشاعر الأردنى مصطفى وهبى التل المعروف بعرارالذى أغرم بالراقصة الغجرية سلمى، ولذلك كان من أشهر مَن وصف حياة الغجر .وفى السينما لا يبقى في الذاكرة غير «تمر حنة» الغجرية، الغزية الراقصة نعيمة عاكف عام «1957» بصورتها الحلوة الخفيفة لتعدل قليلا من صورة الغجر المحصورة في الحواة والقراداتية والسارقين وضاربات الودع والتي تناولتها أفلام تالية ظهر الغجري فيها دائما موضع شبهات وموضع اتهام إلى أن يثبت أحدهم العكس ، وهذا ما تعرضت له الغجرية ازميرالدا عندما اتهمت بممارسة السحر وكادت أن تشنق لولا الأحدب كازيمودو في «أحدب نوتردام»، وأيضا لا ننسى أبدا «ألان ديلون» فى فيلم «الغجرى» وهو يتعرض للمطاردات والملاحقات. ولكن ليس كل الغجر تمرحنة أوكارمن، وليس كل الأدباء لوركا. ويبقى الغجر فى عوالمهم، وتبقى الغجرية مثل حلم، مرتحلة فى البرارى وعلى الهامش، تكمل الجزء المفقود فى مخيلة الأدباء بما تثيره من دهشة متجددة لا تخضع للترويض

مجلة اكتوبر العدد1722

هذه القراءة الأنيقة، التي لاتخلو من التعاطف مع الغجر.. اضعها في خانة الانطباع.
وهي موئل عذب لاستنباط محاور أخرى، بغية الدراسة والبحث.
حيث أهديتني أيها الفاضل فكرة الاشتغال على أغاني الغجر عالمياً وعربياً، كبدايات وأسس وملامح.
حقيقة نورتني هذه المداخلات، بافكار سأنشرها هنا إن شاء المولى، ولكم الفضل.
محبتي وعظيم تقديري.
مع شكر وتعظيم للأستاذة انتصار عبدالمنعم كاتبة الموضوع
همسة: لم أفهم سبب تلوين هذه الجملة "الرجال الثلاثة لم يعيروا أمر اختطافي أي أنتباه"
ألغريب بالأمر أن الرجال الثلاثة لم يعيروا أمر اختطافي أي أنتباه، بل كانوا يتصدرون الباص، وقد شغلتهم لفافات التبغ التي كانوا يصنعونها يدوياً بعد أن يخروجوا من أكياس حمر تبغاً ويلفونه بأوراق صغيرة.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:47 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.