احصائيات

الردود
4

المشاهدات
10
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
1,862

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
يوم أمس, 11:59 PM
المشاركة 1
يوم أمس, 11:59 PM
المشاركة 1
افتراضي *عندما شــــــــــــــاء القدر* قصة قصيرة - فيلم عربي
أعزائي ،،
هذه قصة قصيرة (طويلة قليلاً) كتبتها مثل فيلم عربي، وهي على خمسة فصول، أرجو أن تنال إعجابكم ،،
تحياتي للجميع ،،
-------------------


*عندما شــــــــــــــاء القدر*

*الفصل الأول*
*عندما يغير الظلم مصير الإنسان*

انتهت حرب حزيران( 1967) بنكسـة كبيرة للعرب، نكسـة مســـت تاريخهم بشرخ لا يلتئم، وخـرج وليد من هذه الحرب حزينـاً مكسـور الإرادة، يحـــس بالضعـف وقلة الحيلة،
فقد استشهد والده وهو يدافع عن أرضـه المقـدسة، وتركــه وأخـوتـه لا معين لهم ولا مكـفـكف لعبراتهـم، وعانى مـع أخـوتــه الثمانية الأمرين وشظف العيش، ولم يستطيعوا إلا بالكاد أن يجابهوا تيار المتطلبات الحياتية المختلفة من مأكل ومشرب، حتى نســـوا السعادة أو تناسـوها، فلا وقت لديهم إلا للعمل والاجتهاد.
وحدها صباح، جارتهم الجميلة، كانت البلسم الشافي، نظرة منها تحيي الفؤاد،
بســـمة منها تصنع البهجة، وتعني استمرار الحياة، وبأن الأمــل في الغــد لا يمــوت.
كــــان وليد ثالث أخوته الذكور، في أوائل العشرين من عمره، عندما نبض قلبه بحب جارته الجميلة، كانت أغلى ما عنده، ولم يكن باستطاعته أن يراها إلا بالصدفة، فتقاليد قريته لا تسمح بذلك، أما أن يكلمها، فتلك معضلة أخرى لا حل لها أبداً، وقد سنحت له فرص قليلة ليقابلها ويتكلم معها عندما تكون في زيارة لوالدته، أو لإحدى أخواته، كلمات مقتضبة، ونظرات تتفاهم معها القلوب على قرارات المستقبل.
كان مطمئناً بأنها له، ولا قوة يمكن أن تأخذها بعيدة عنه أو تكون لغيره،
وفجأة. . ! ! في يوم تجلل بتعاسة نادرة، انقلب كل شيء في حياة وليد، فقد اتهمه جاره علي، الشقيق الأكبر لمحبوبتــه، بأنه كان معها في البيت المهجور، الذي يقع في طرف القرية، مساء اليوم الفائت، وحدها صباح قدرت ما حصل، فمنذ عدة أشهر، جاء إلى القرية عنتر البائع المتجول، وكان لديه فستان جميل أعجبها فاشترته، واشترت مثله صديقتها غيداء، وهي الوحيدة التي تطلع على أسرار صديقتها بأن لها صاحباً ينوي أن يخطبها عندما تتيسر أموره المادية.
فلا شك أن أخاها قد رأى صاحبتها تخرج مع صديقها من البيت المهجور، وهي تلبس نفس الفستان، فظن أنها هي، وقد غابا في الظلام، ولم يتمكن من الإمساك بهما،
وتأكد ظن صباح في اليوم التالي مباشرة، فقد جاءت غيداء ترتعش مرعوبة، ونمت نظراتها أنها هي المتهمة الحقيقية، ولكن ذلك لن يغير شيئاً، فما فعلته صاحبتها بالذهاب إلى البيت المهجور، يعتبر في القرية جريمة قد يكون القتل جزاؤها، وتزلزل كيـان وليد، ولم يدر ماذا يفعل، فهو وحبيبتـه بريئان من هذه التهمة، وقد كان مســاء البارحة في البيـت لم يغادرها، وترجـى والدتـه أن تستطلع له الأمـر، والتي قبـلت تحت إلحاحــه أن تقــوم بالمهمة، وأسرعت إلى جارتها، ولكنها عادت بعد دقائق قليلة دامعة العين، مقطبة الجبين، تهمهم وتردد،
"هذا ظلم . . والله ظلم. . لا يريد أخوها أن يصدق أن أخته كانت البارحة في البيت . . وسوف يقوم بتزويجها خلال الأسبوع القادم . ."
وانسلت الأم إلى غرفتها، حتى لا تواجه نظرات ابنها وانكساره أمام هذا الموقف الدامي، وهي تعلم تماماً ماذا تعني صباح بالنسبة له.
كانت الصدمة شديدة، سمع وليد الخبر وغادر على عجل، هائماً على وجهه، لا يشعر بنفــسه، شارداً معتل الفؤاد، ويمم وجهه صوب البساتين البعيدة على أطراف القرية، هنالك وجد وحدته، ووجد ذاته، لكنه لم يستطع تجاوز الأزمة، فقد كانت الضربة قاصمة، وقد كان حبه لجارته حباً وفيا جارفاً، وحال بينهما ظلم كبير لا دخل للنصيب فيه.
ومر النهار بطوله، وآذنت الشمس للمغيب، ووليد جالس بمكانه دون طعام أو شراب، ساهم يتفكر بما آلت إليه حياته، يمر شريطها أمام ناظريه وينتهي إلى ما بدأ منه، ثم يتوالى من جديد.
وعندما مالت الشمس للمغيب . .

** يتبع **



قديم اليوم, 12:00 AM
المشاركة 2
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: *عندما شــــــــــــــاء القدر* قصة قصيرة - فيلم عربي

* الفصل الثاني *
* الهجرة إلى العاصمة *

وعندما مالت الشمس للمغيب، كان القرار قد نضج ودخل مرحلة التنفيذ، وكان قراراً بسيطاً حاسماً . .
البلد التي ظلمني أهلها لا أبقى فيها أبداً، وكيف أبقى وحبيبتي ستصير لغيري ؟ . .
*ســــأبقى في العاصمة . .
أخبر أمه التي بكت وقبلت، ولم تعترض، دعت له بالتوفيق وبأنها راضية عنه، وضمته وطيبت خاطره.
في الصباح الباكر، على رصيف محطة الحافلات، راكب وحيد مع حقيبة واحدة، يتجه وليد إلى العاصمة، في جيبه مبلغ بسيط من المال، كان يجهزه لزواجه، يغوص في مقعده، ويغيب مع ذكرياته، ولا يتمكن بأي شكل من الأشكال أن ينسى الظلم الذي أحاط به، فقد صار متهماً على ذنب لم يقترفه، ومست التهمة اسم حبيبته فاتهمت معه، كيف ينسى ؟ . . وصل العاصمـة الكبيرة، وعملت مسؤولياتــه الجديدة رويداً رويداً، على إزاحــــــــــة كتــل الهـم والتعاسة عن كاهله، وجد عملاً وانتظم فيه، واستأجر شقة صغيرة وقام بفرشها، وبعد فترة بسيطة عافت نفسه أكل المطاعم فصار يجهز طعامه ليلاً، ويضعه في الثلاجة فيكفيه ليومين أو أكثر، حياة روتينية رتيبة، ولكنها أخرجته من أزمته، فبدأ يعود لحاله الطبيعية،
أما أن يزور قريته، فلم يتمكن أن يتقبل الفكرة أبداً، فما أن يمر هذا الخاطر أمام ناظريه، حتى ينتفض بدنه، ويزداد وجيب قلبه، ويحس بسيف الظلم ينتهكه ويجدد آلامه، فيهرب من ذكرياته إلى واقعه، ينشد فيه أمان نفسه، عسى أن يتمكن يوماً من السيطرة على عواطفه المستباحة.
وعلى الرغم من اشتياقه الشديد لأمه وأخوته، فلم يستطع الخروج من دائرة الظلم التي أحاطت به، كما كان من الصعوبة على أمه المريضة أن تزور العاصمة، فكان يرسل لها كل شهر رسالة مقتضبة واحدة.
ومضى الزمن سريعاً، وتحسس وليد طريقة الحياة في المدينة الكبيرة، فأتقنها، وتحسن وضعه الاجتماعي، صار له شلة من الأصدقاء، غير شقته إلى شقة أوسع، فرشها بشكل لافت وملأها بالتحف والكماليات، وأضاف إليها إنارة مخفية تعطي شعوراً بالانسجام والراحة، وفيما عدا ذلك، فقد كان لكل من أصدقائه، زوجة أو صديقة، وهو الوحيد بينهم الذي كان معتزلاً النساء، دون أن يدري أحد سبباً لذلك، لقد كان الظلم في قلبه جارحاً، كلما تذكره ينزف دماً. سمر، تلك الفتاة رائعة الجمال، زميلته في العمل، وصديقة مقربة لأحد أصدقائه، بدأت تنظر إليه بنظرات فتاكة، غير بريئة، لم يعرها في البداية اهتماماً جاداً، ولكنها لاقت في قلبه شغفاً وصدى، فتجاوب معها بابتسامة، ثم بدعوة لرشف فنجان قهوة، ثم بدعوة إلى عشاء راقص، ولم تمانع من زيارته في بيته، وكانت سعيدة لما زارها وتعرف على أهلها، ووجد منهم ترحيباً ومودة، لم يسألوه عن ماضيه، ولم يحرجوه بشيء، بل فتحوا له بيتهم وقلبهم، وهو بدوره لم يسأل عن شيء، جمال الفتاة وبريقها الأخاذ جعل على عينيه غشاوة، فلم يكلف نفسه عناء البحث و التدقيق عمن ستكون شريكة حياته، بل جرت الأحداث مسرعة، وتمت الخطبة بحفل صاخب، أغدق فيه وليد الهدايا على خطيبته، كي لا يقال بأنه دون المستوى.
ومرت الأيام، وبدأت الغشاوة بالانقشاع شيئاً فشيئاً فجميع الهدايا والحفلات والمعاملة الطيبة، لم تلقَ صدىً طيباً لدى الخطيبة الجميلة، لا شيء يرضيها، كأن شيئاً ما يأسرها وتخاف أن تفضحه، وكان من الواضح تماماً أنها لا تأخذ خطبتها من وليد مأخذ الجد، أما هو فقد غالب عواطفه، وأوهم نفسه، بأن سمر الجميلة، سليلة العز والنسب، قد أصبحت ملكه.
ولكن، مهلاً أيها المســكين، أين لمن ألـف التعاســة ان تأتيـــه الســـعادة بهذه السهولـــة، وأين لإنسان بسيطٍ من قرية صغيرة، أن يصاهر عائلــة ثريــة من العاصمــة.
بدأت سمر بالتأفف، وبدأت بالتهرب من مواعيده، وصارت تتحجج بكل الحجج الممكنة كي لا تراه، وإذا ذهب إليها ولم يجدها، يأتيـــه من أهلها جواب واحـد، إنها مع الشلـة، ويتساءل وليد، وهل هنالك بعد الخطبة شلة . .؟! ولو كان ذلك صحيحاً فكيف تذهب وحدها بدونه . . ! !
ومضى وقت قصير، قبل أن يتبرع أحد الأصدقاء المقربين بإفشاء السر.

** يتبع **

قديم اليوم, 12:00 AM
المشاركة 3
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: *عندما شــــــــــــــاء القدر* قصة قصيرة - فيلم عربي

* الفصل الثالث *
* بدايـــــــة جديدة *

ومضى وقت قصير، قبل أن يتبرع أحد الأصدقاء المقربين بإفشاء السر، وما أفشاه إلا حسداً وشماتة، لقد فاحت رائحة خطيبتك مع صديقنا ســـامي، وهي لم تخطبك أصلاً إلا لإثارة غيرته، لقد وعدها بالزواج، وهي لا تبارح شقته طيلة النهار . . ! !
زالت الغشاوة وفسخت الخطبة ولاحقت وليد نظرات الاستهزاء والشماتة، مع قليل من الشفقة . .
*أنت مكانك تحت . . لن تصعد إلى الأعلى . . أنت تحت . . وستبقى تحت*.

تضاعفت أحزان وليد، وكبرت همومه، وألجأه اليأس من حاضره إلى البحث عن تغيير جذري بحياته، فذهب إلى مكتب توظيف وطلب عملاً خارج البلاد، فلا سبيل لهروبه إلا بذلك.
وسنحت الفرصة له بعد وقت قصير، فلملم أحزانه، ومعها أغراضه ومقتنياته البسيطة، وتوجه إلى المطار، مغادراً إلى بلد الهجرة العربي الذي اختاره، لا يعرف أحداً ولا يعرفه أحد، رمى خلفه كل ذكرياته ليبدأ من جديد.
وقد ساعدته خبرته في العمل وشكله الحسن وأدبه الجم في التعامل مع الآخرين، أن يحصل على وظيفة جيدة، وأخلص لوظيفته وأفنى نفسه فيها، ولم يتذمر أو يتأفف، فصار مضرب المثل، تحسن مركزه وزاد دخله، وحددت له مكافأة مجزية يستلمها كل عام.
وأعجب به أحد كبار الموظفين، وهو واحد من أعضاء مجلس الإدارة، فقربه إليه، وجعله مكمن سره، ثم بدأ يدعوه إلى بيته للعشاء أو لشرب الشاي، ثم وبعد مدة ليست بالطويلة، صارحه برغبته أن يزوجه بأخته الصغرى، التي تقاربه في السن، والمسؤولة في نفس الشركة عن التسويق والعلاقات العامة. وكان في ذلك مفاجأة سعيدة لوليد، لقد آن الاوان أن ننسى الهموم، ونترك وراءنا الأحزان،
وننزع عن جوارحنا ما آلمنا من ذكريات.
أبدى وليد موافقته، وتم كل شيء حسب طلب العروس، ولم تمض غير بضعة أشهر، حتى كان وليد ينعـم مع عروســه بحيــاة هانئـــة، حسبهـــا ستـدوم إلى الأبـــد، وكملت سعادته بولدين جميلين ملآ حياته وحياة زوجته بالبهجة والاستقرار النفسي، أو إنه قد تخيل ذلك.
ولأن التعيس في الغالب يبقى تعيساً، وقد لا تعرف السعادة عنده مستقراً، فقد كانت زوجة وليد دائمة التذمر من تاريخ زوجها ومستواه الوضيع، فهي الأميرة وهو الأجير، وقد اضطرت للزواج منه حتى لا تبقى عانســـاً، ولم تشفع له معاملته الحسنة أو وجود أولادهما أن تغير زوجته من تأففها ولا من جبروتها، فهو وبعد كل ما قدمه، لا يساوي لديها أكثر من خادم عديم القيمة.
وقد حاول مراراً ألا تخرج خلافاتهما عن دائرة البيت.

** يتبع **

قديم اليوم, 12:01 AM
المشاركة 4
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: *عندما شــــــــــــــاء القدر* قصة قصيرة - فيلم عربي


* الفصل الرابع *
* العودة إلى الوطن *

وقد حاول مراراً ألا تخرج خلافاتهما عن دائرة البيت، ولكن زوجته كانت لا يهمها الفضيحة، بل إنها تحمّل من حولها مسؤولية تزويجها تلك الزيجة الوضيعة، وتعودت كل حين أن تأخذ أولادها وخادمتها وتمكث في بيت أهلها لشهر أو لشهرين، لتريح أعصابها من زوجها ومستواه المتدني، ثم وتحت ضغط الوضع الراهـن، تحـس نفسـهـا مضطرة للعودة.
وهكـذا تتوالى الأيــام والسنـــون على نفــــس المنوال، حتى جاء يوم قررت فيه أن تتطلق، وتبعد عن زوجها وأولادها، فهم يذكرونها به، وهي لا تتحمل ذلك أبداً، وقد ظن وليد في البداية أن ذلك ما هو إلا نغم جديد سرعان ما يتلاشى، ولكن زوجته ذهبت في إصرارها هذه المرة إلى النهاية، ولم ينفع تدخل شقيقها ولا أهلها في ثنيها عن موقفها، وتمت إجراءات الطلاق بسرعة، ولكن وليد قرر أن يترك البلد ولا يبقى فيها أبداً.
خمسة وعشرون عاماً مرت منذ أن غادر قريته، أولاده ما زالوا صغاراً، حنين جارف يشده إلى مسقط رأسه، إلى قريته التي لم يدخلها خلال ربع قرن ولو مرة واحدة، فقد كان الظلم الذي تعرض له وقتذاك، كفيلاً بمنعه من ذلك كلما فكر بالعودة.
حمل وليد مقتنياته وولديه، ويمم وجهه شطر قريته، وأحس وهو يدخلها بخفقان قلبه، وبالعرق يغمر جبينه ويخرج من مسامه، وبارتفاع حرارته، ولكن تخوفاته تلاشت فور أن دخل البيت وتلاقى مع والدته وأهله، وأحس بفرحهم الغامر ومحبتهم له، وسعادتهم بعودته.
هاهوذا بيت الطفولة، وهاهي ذي المكامن القديمة، تغيرت القرية التي يعرفها تغيراً كبيراً، ولكن البساتين والينابيع والشجرات التي ألفها وأحبها لم تتغير فهي شامخة في مكانها، لله ما أجملها.
في اليوم الثالث مباشرة، جاء جيران وليد لزيارته، وكأنهم يكفرون بهذه الزيارة عن خطأ قاتل ارتكبوه معه وهو منه براء.
إذن فقد ظهرت الحقيقة خلال غيابه ولم يعد متهماً في قريته، لقد أصبح بريـئاً، ومع أن القصـــة قد مضى عليهــا زمن طويــل، فقد أفرحــــه ذلك كثيراً.
حلت السكينة على قلب وليد، وشعر للمرة الأولى باستقراره الداخلي وهدوء نفسه،
وبأنه يسيطر على مجريات الأمور التي تحيط به.
*إن سـعادة النفــس تنعكــس على صفحــة القلــب، فتظهــر على المحيــا، وتكتنــف البــدن*.
شيء غامض كان ينغص هذه السعادة الوليدة، يراه في أعين أهله، وخصوصاً والدته، ولا يعرف كنهه،
*أمي ! !ماذا هناك . . ! ماذا تخبئين عني . . ! هل لذلك علاقة بصباح . . !
وهطلت دموع الأم، ونظرت إليه نظرة يملؤها الحزن والشفقة،
*هذه الفتاة المسكينة، ماذا فعلت ليحل عليها كل ذلك الظلم، لقد تزوجت وكأنها مجرمة، لا احتفال ولا مهر، ولم يقصر زوجها بظلمها، بل لقد منعها من مغادرة البيت فترة طويلة، ثم تزوج عليها وأهملها مع أولادها، وأذاقهم صنوف الذل والفاقة، لديها خمسة أولاد، اكبرهم في العشرين، ترك الدراسة بعد الثانوية، وقد توفي زوجها في العام الماضي، وتركهم فريسة للفقر والفاقة.
أحس وليد بعالمه ينهار . .

** يتبع **

قديم اليوم, 12:02 AM
المشاركة 5
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: *عندما شــــــــــــــاء القدر* قصة قصيرة - فيلم عربي

*الفصل الخامس والأخير*
*لقاء الأحبة*

أحس وليد بعالمه ينهار، واحتمل شعوراً في داخله أنه مسؤول عن تعاسة حبيبته وما حل بها، لم ينم ليله، وذهب في باكر اليوم التالي وحيداً إلى البساتين البعيدة، ملاذه حين الأزمات، يريد أن يتخذ قراراً مصيرياً، ولا يريد أن يخطئ، ولكن نفسه تدفعه دفعاً لاتخاذ القرار بسرعة ورغبة، وبدون أي تأجيل، رغبة الظمآن الذي تتوق نفسه إلى الماء، والغريق الذي يتطلع إلى يد منقذ.
*أمي . . سأخطب صباح . . !
بكت الأم وزغردت، فهذا أسعد خبر تسمعه منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً.
*هنالك مشوار عليّ أن أقوم به، قالها وليد في نفسه، وأسرع قاصداً السوق.
رفع علي شقيق صباح رأسه فوجد وليد أمامه، فبهت ولم ينبس ببنت شفة . . !
*كيف قدرت أن تظلمنا بكل تلك البساطة، لقد تحولت حياتنا بسببك إلى جحيـم دائم، أنسيت أننا كنا أصدقاء، ولنا ذكريات مشتركة، ماذا فعلت . ! هـل تشــعر الآن بالرضى !. كان جواب عليّ قصيراً مقتضباً . .
*صديقي وليد، لقد أخطأت بحقك وظلمتك، وكان الشيطان شريكي، أتمنى من كل قلبي أن تسامحني . .
في نفس اليوم، جمع وليد ولديه مع أمه ووالدة محبوبته، وذهبوا جميعهم إلى بيت صباح، دون أن يعلموها بقدومهم، طرق هو الباب، فتحت الابنة الصغرى سعاد ذات الثلاثة عشر ربيعاً، وتفرست في الوجوه الغريبة، حتى استقر بصرها على وجه جدتها التي ضحكت لها وقبلتها . .
*قولي لأمك أنني ووليد وأمه وأولاده لدى الباب.
تجمدت صباح من هول الموقف، ولم تتمكن من السيطرة على عواطفها، ولكن وجود والدتها مع الضيوف سهل الوضع قليلاً، وتقاطر الأولاد يباشرون الحدث الكبير،
ويتعرفون على الضيوف، الفضول يملؤهم، لم يستطيعوا معرفة سبب الزيارة ولا تخمينه.
وحدها صباح عرفت وتيقنت، فحبيبهـا لم يتركها، عمر مضى، ولكنـه لم يتركها، ها هو ذا قد عـاد، ومعه عـاد الأمـل.
أطلت صباح على الضيوف، وعلى حبيب القلب الذي فصلت خمسة وعشرون عاماً بينها وبينه، نفس الجمال ونفس الهدوء، ابتسامة آسرة وحنان دافق، وقفت هنيهة تتأمل الوجوه السعيدة، لم تستطع تحمل الموقف، هطلت دموعها وهمت مدراراً، وانزوت تحتمي بظل والدتها، واعترت خديها حمرة الخجل، ممزوجـة بالرغبـة والفرح، ورنـت إلى الأرض.
سكن الجمع، واشتعل وجيب القلوب يستطلع الخبر، ما الحكاية . . ! ماذا يحصل . . !
قطع المشهد المؤثر والدة وليد، قامت إلى صباح، ربتت على كتفها، ومسحت على رأسها، ثم جلست قربها.
لم تستطع صـباح الكلام، ولم تستطـع الإتيان بأي تصرف مهمـا كـان، ســحبتهـا والدة وليد برفق * تعالي معي* واختفتا في الداخل.
ووجدها وليد فرصة طيبة أن يتعرف بالأولاد بوجود جدتهم، فهذا فادي الابن الأكبر في العشرين من العمر، يشتغل بالتجارة لمساعدة الأســرة، وعمله غير ثابت، وهذا عمر في الثامنة عشرة، حصل أيضاً على الثانوية، ويعمل في ورشة نجارة بمدخول بسيط، وهذه ماجدة في الخامسة عشرة، ومصطفى في الرابعة عشرة، وسعاد في الثالثة عشرة، ما زالوا في المدرسة، يكملون تعليمهم، تعرف وليد عليهم، وأحبهم وبادلوه حباً بحب، فالحب إذا خرج من القلب، لا يجد مكاناً له إلا القلب، والحب الصافي الخالي من الغرض، لا يقابل إلا بالصدق والمحبة.
استأذن وليد بالانصراف، وترك والدته في بيت محبوبته، وعاد مع ولديه إلى البيت، وما أن حلّ المساء حتى عادت والدته تبشره بموافقة صباح على الزواج منه.
في الصباح التالي، أخبر وليد صديقه علياً بموضوع الخطبة، وقرب زواجه من شقيقته، لم يصدق عليّ الخبر، انفرجت أساريره، وبارك لصديقه ما يخطط له، وأصر على تحمل كافة المصاريف.
*الحمد لله الذي جمعنا بعد تفرق، الحمد لله أنك سامحتني، ألف مبروك يا أنبل صهر.
ذهب وليد في نفس اليوم مع والدته وحماته مرة ثانية إلى بيت محبوبته، تملؤه ا، ويعمه الفرح، كان الجميع مترقباً، على وجوههم بهجة وحبور، قلوبهم يملؤها الحب، عالم من العواطف الجياشة كان بانتظار وليد، لقد ضحكت لنا الدنيا أخيراً.

*صباح يا غالية، أولادك هم أولادي، ولن أجد لولديّ أمّاً أحن ولا أجمل منك، سيكمل أولادنا تعليمهم، وأدعو الله أن نرى أولادهم وأولاد أولادهم، سننسى ما حـــــاق بنا كاملاً، ونعيش سعداء، يرفرف فوقنا طير الحب، وسوف نبدأ من جديد.

-----------------انتهت------------------



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: *عندما شــــــــــــــاء القدر* قصة قصيرة - فيلم عربي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يد القدر (قصة قصيرة) محمد فتحي المقداد منبر القصص والروايات والمسرح . 2 04-06-2020 05:31 PM
فيلم The Others عرض و قراءة ريم بدر الدين منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 4 08-25-2013 08:04 PM
لا ربيع عربي بدون عصر نهضة عربي نبيل عودة منبر الحوارات الثقافية العامة 0 05-13-2013 08:46 PM
عندما يولد الحب ... قصه قصيرة حسام سيف منبر القصص والروايات والمسرح . 2 02-09-2011 12:21 PM
قراءة في فيلم عبدالحكيم ياسين منبر الحوارات الثقافية العامة 0 12-11-2010 02:47 PM

الساعة الآن 01:48 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.