احصائيات

الردود
4

المشاهدات
4126
 
عبدالأمير البكاء
من آل منابر ثقافية

عبدالأمير البكاء is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
342

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة
العراق / النجف الأشرف

رقم العضوية
8844
08-28-2010, 01:25 PM
المشاركة 1
08-28-2010, 01:25 PM
المشاركة 1
افتراضي قصة من الواقع العربي / ضحكة في وسط الحريق
كانت تعرف أنها جميلة جدا ، فلم يكن إطراء جاراتها في ذلك اليوم ، قد أضاف لها عُجبا أو اعتدادا

بنفسها ، بل أشاحت بوجهها عنهن لتنطلق مخيلتها بعيدا ، تستعرض محطات متتابعة في حياتها ، ماتت بها بذور

أمانيها وآمالها قبل أن تـُزرع ... عادت إلى بيتها بخطى وئيدة وهي تزمُّ شفتيها متمتمة بتهكم : جميلة ..وما نفع

الجمال الباهر من دون زوج يرعاه ؟! أغمضت عينيها عند الباب متنهدة ،فتقاطرت فوق خديها الفضيين دمعات

لؤلؤية حرى ، صارت تخفي كثيرا من مثيلاتها ندما على زملاء لها في كلية الآداب ، طلبوا يدها جاهدين ،

فرفضتهم ، لأنها كانت تكره البداية من الصفر مع قرين يأخذ ( المصروف ) من أبيه .. فاجأها صغيرها عند

الباب صارخا بوجهها : إذا أنتِ صائمة ، فما ذنبي أن أبقى جائعا منذ البارحة ؟! أمسكت بيده الغضة الناعمة

تضغطها بشدة ، فيعلو صراخه ألما وجزعا ، بينما هي تمعن بالضغط عليها بما تستطيع ! كسكّير مفلس شرب

كأسه الأخيرة التي لا يملك ثمنها ، فأفرغ غضبه بالكأس الفارغة ! ... إنتبهت لسوء فعلتها ، فأرسلت يد الصغير

الباكي ، لتقبع باكية في زاوية من غرفتها الفارغة إلا من مصادر الأدب والنحو وكراريس طلابها المبعثرة ...

دخل عليها صغيرها ، ووقف بجانبها بهدوء ، وقد أنهكه الجوع والنشيج ، يداعب خصلات من شعرها الذهبي

معتذرا لها : ماما أعدك ألا أطلب منك أكلا مرة أخرى ، حتى وإن متُّ جوعا ! رفعت رأسها الملقى على ركبتيها

لتعانقه وتمطره بقبلات سريعة متتابعة ، سال من خلالها كثير من الدمع والعرق المالح ... صمتت برهة ثم

سحبت صغيرها من يده إلى صنبور الماء ، وغسلت وجهيهما وخرجت مسرعة بخطىً لا تناسب خطى صغيرها

السريعة المتقاربة .. سألها لاهثا : إلى أين نحن ذاهبان ياماما ؟! كانت تتوقع هذا السؤال منه وهي في البيت ،

لكنها لم تدرِ ما الكلمات المناسبة التي ستختارها لإفهامه ، لأنه لن يفهم جُلها ، فاعتمدت أسلوب مخاطبة النفس

للنفس لإدانة نفسها في استرجاع ماض ٍ خاطئ الإختيار والتصرف : نحن ذاهبان إلى فِيلا أبيك الثري الذي

هجرنا منذ ولادتك ، ليتقترن بامرأة أمية جاهلة مثله يفهم قولها حين تخاطبه ، أما أنا فكان البون شاسعا بيننا في

الثقافة والمعرفة ، فصارحديث الطرشان مثلا منطقيا ينطبق على جلِّ الأحاديث فيما بيننا ، وإذا سألتني عن سبب

اقتراني به مادام الفرق معروفا منذ البداية ، اجيبك : لأن كلانا كان يريد إكمال نقصه في الآخر من دون حب ،


أو عاطفة أنا أعاني من عضة الفقر التي آلمتني وأنا بين أبويَّ وإخوتي ، فقررت حذف هذه الفقرة من حياتي الى

الأبد ،أما هو فكان يعاني من وطأة جهله وأمّيته التي لاتتناسب ومركزه المالي بين كبار التجار والمسؤولين ،

فصار ينشد التعويض في امرأة متعلمة ،واعية ، تحمل شهادة علمية متميزة تسد ثـُغرة في حياته أقضّت مضجعه !
لكن الحال لم تدم كثيرا ، إذ بدت الغيرة تعتلج في ذاته بعد أن تبوأتُ مكانة اجتماعية متميزة بين أقراني من الأساتذة والأدباء

، وصار الناس يحيطونني بهالة من الإعجاب والتقدير، خلال محاضراتي وندواتي الأدبية في وسائل الإعلام

الكثيرة والمتنوعة ، فصار زوجي يحد من حركتي وانتشاري بحجة إهمالي واجباتي البيتية والزوجية التي خُلقتُ

من أجلها كامرأة ، ولما لم تفده هذه الأعذار بعد الإذعان لكل ما يطلب ويريد ، صار يسهب في شتمي وإهانتي

وتهديدي بالضرب أمام المعارف والأصدقاء ، كوسيلة لإذلالي وتحجيم قدراتي التي خبروها منذ حين ،

وحين أصابه اليأس من تحقيق مأربه ، عمد إلى التخيير بين الشهادة والكتب التي كان يسميها ( ضرته )

والندوات والمهرجانات ، وبين وجوده معي كزوج يوفر لي كل متطلبات الحياة تحت سقف واحد ، لم أدرك مدى

جديته في الخيارين ، كما لم أكن أفكر يوما بترك الحال التي وصلتُ اليها في مجتمعي الذي أحاطني بحب

افتقدته منذ اقتراني به ، ففضلتُ حينها الخيار الأول على الثاني ، رغم حاجتي الماسة لرجل يغطي نفقاتي

ونفقات طفلي الرضيع الذي بات راتبي المتواضع لا يفي بربعها . قطعتْ حديثها ثم انحنتْ لترى مدى استيعاب

صغيرها لما قالت ، فوجدته قد وصل الى المئة في عدِّ السيارات المارة في الشارع ! ضغطت على زر جرس

فيلا أبيه ، ممتلئة بشحنة من الغضب تهز كفها الضاغط ، فخرجت لها ضرتها منفوشة شعر الرأس ، ترتدي ثوبا

فضفاضا أبدع النقاش في اختيار كل الألوان الفسفورية المشعة فيه مع احتذاء نعال لم يطق حجم قدميها ، فسمح

للأصابع بالدخول إليه فقط ! ... قالت لها بتعال ٍ منفعل : قولي لزوجك الذي يدعي الإيمان والتقوى ، هل من

العدل أن ينثر الأموال والهبات على الفقراء رئاء الناس ، بينما فلذة كبده يتضور جوعا ، سأشتكيه الى المحاكم

لأتقاضى منه حقي وحق ولده الذي لا يعرفه إذا ما رأه ..ذهبت الضرة مسرعة خائفة لتخبر زوجها بما قيل لها ،

فنادت وراءها مردفة القول : وقولي له أني ومنذ شهرين صار عندي الماجستير في العلوم العربية وآدابها ،

فليمُتْ غيظا وكمدا ،عادت الضرة مضطربة لتقول لها : يقول زوجي إذهبي الى أية محكمة تشاءين ، فإن المحاكم

كلها في قبضة يدي ، أما الماجستير، فلن أصرف عليك درهما واحدا لعلاجك منه ما دمتِ مصرة على موقفك

وعنادك معي !!! ثم أردفت وهي تضع منديلا على أنفها : بالله عليك ، هذا الماجستير الذي عندك معد ٍ أم غير

معد ٍ؟!!! ضحكت وهي تجر صغيرها ضحكة سمعها من في الشارع من المارة فضحكوا معها من دون معرفة

الأسباب !!!


قديم 08-28-2010, 02:58 PM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
أخي الكريم
سلام الله عليك

حقيقة قصة من الواقع .. وهناك في واقعنا ما هو أكثر من هذا

سلمت يداك .. الصياغة جيدة


تحية ... ناريمان

قديم 08-28-2010, 03:36 PM
المشاركة 3
عبدالأمير البكاء
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
وعليك السلام يا أختنا الكريمة ناريمان
شرفني مرور أخت غالية من أمثالك
أرجو لك طيب المنى

قديم 09-28-2010, 08:28 AM
المشاركة 4
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
صباح الورد
هي حقيقة ...قضية متفشية كثيرا في مجتمعاتنا العربية التي تسودها الامية و عدم تقدير قيمة العلم و التحصيل رغم أننا أمة اقرأ
السرد هنا كان جميلا و جذب اهتمام القارىء و كانت الصورة واضحة لكن كانت الأم تخاطب ابنها الصغير بمنطق لا يناسب استيعابه و مستوى نضج شخصيته و كان يمكن أن نتجاوز هذه المشكلة بجعل الحوار يدور كحوار داخلي في ذات البطلة
جميلة هذه المفارقة في رسم شخصية الضرة و مدة جهلها المستفحل
عموما هو نص جميل و هادف
أ. عبد الأمير البكاء
تحيتي لك

قديم 09-28-2010, 01:30 PM
المشاركة 5
عبدالأمير البكاء
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
مساء الخير على ريمنا المتألقة

أرجو ملاحظة المقطع ( كانت تتوقع هذا السؤال منه وهي في البيت ......... في استرجاع ماض خاطئ الإختيار والتصرف ) سوف تجدين أنها لم تكن تخاطب صغيرها بل هو خطاب النفس للنفس ، والذي نسميه عندنا في العراق (يدَرْدِمْ وي نفسه).


سرٌ أذيعه لأول مرة ، هو أنني أجد متعة خاصة تتخلل نفسي حين أرى ردود الرائعة ريم بدر الدين على متصفحي !! شكرا لك يا ابنتي ودمتِ متألقة ً رائعة


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قصة من الواقع العربي / ضحكة في وسط الحريق
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اذا ضحكت الدنيا فكن حذر هند طاهر المقهى 1 09-03-2010 09:46 PM
ضحكة من الاعماق ياسين محمد محي الدين منبر الفنون. 5 08-31-2010 10:13 AM

الساعة الآن 08:52 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.