احصائيات

الردود
2

المشاهدات
2252
 
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


رشيد الميموني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
597

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Dec 2010

الاقامة
تطوان / شمال المغرب

رقم العضوية
9563
08-01-2011, 05:11 PM
المشاركة 1
08-01-2011, 05:11 PM
المشاركة 1
افتراضي المعرض
المعرض

[justify]كلت رجلاي و أنا أتنقل بين أجنحة المعرض المترامي الأطراف . لكني لا أجرؤ على إبداء رغبتي في الأوبة إلى المنزل وأنا أرى ابنتي يتجدد شغفها بركن الألعاب كلما دنونا منه أو حاذيناه ... و للمرة الثالثة أضطر تحت ضغط يدها الصغيرة إلــــى الوقوف قبالة كشك الكراكيز وهو يعرض حكاية شهرزاد مع شهريار. و أجدني مرغما تحت إلحاحها الذي لا يقـــاوم على تتبع التمثيلية حتى نهايتها ، لا ينفعني في ذلك التثاؤب ولا ابتسامة السخرية ولا النظر المتوالي إلى ساعتـــي اليدوية.. فالتمثيلية محكمة وخيوطها محبوكة بإتقان يجعل اللا مبالي يبالي ، والمستهتر يهتم . – كم هي جميلة شهرزاد يا أبي .
- طبعا.. كل شهرزاد جميلة ومحبوبة مثلك ومثل أمك وجدتك وأختك ."
ابنتي منفعلة مع كل فصل من فصول التمثيلية رغم الهرج الذي يملأ المكان ، ودوي المفرقعات الذي يصم الآذان . وحين يشتد الضجيج أقصد ركنا منزويا في المقهى لنروي عطشنا في هذا الجو القائظ المغبر. و تجلس قربنا أسرة خيم الوجوم علـى سحنتها . يقطع الصمت أحد أفرادها قائلا :
- ماذا نفعل الآن ؟ هل نعود ؟
فينطلق الجميع معا في جدال لا أميز منه كلمة ... فهذا يفضل البقاء لبعض الوقت لأمر في نفسه ، وهذه تحتج على عـدم ابتياع ما كانت تروم ابتياعه ، وتلك ساخطة منذ البداية على المجيء إلى هذا المكان ... ويثور الواحد تلو الآخر ، فيقف أحدهم يرغي ويزبد ملوحا بقبضته ، ثم يرون السكون فلا تسمع إلا همسا .
- لماذا يتحدثون هكذا يا أبي ؟
من جديد ، أحار أمام سؤالها وأنا أتمثل نفسي طرفا فيه ، فهل أستقبح هذه العادة أمامها وأنا أعلم مسبقا أنها ستحدجني بنظرة استغراب ؟ ... لكم حاولت جاهدا نبذ هذه العادة ولم أفلح . وقد قال لي أحد رواد المعرض بلهجة طبيب نفساني :" في هذا المعرض لا يمكن تغيير الطبع بين عشية وضحاها. فرواده ممن تسري في عروقهم الدماء الساخنة ."... لكن ، رغم الغبار ورغم الضجيج ، كل شيء يبدو جميلا في هذه البطحاء الفسيفسائية... كل يرفل في حلته... منهم من يباهي ، ومنهم من يضاهي فيتفنن في إبداء سوأته إرواء للعيون الجاحظة وإشفاء لغليل النفوس الهائجة الظامئة .
تنبهني ابنتي إلى أحد رواد المعرض وهو يهز رأسه مقهقها ، ثم عابسا و ملوحا . يمشي خطوات و يتوقف . يحك رأسه و يمشط شعر رأسه من الخلف :" هل هو أحمق؟... إنه يحدق فينا ."... وبعد أن أشرح لها الأمر بكل بساطة ، مضمنا نصيحة بألا تشغل فكرها بكل ما يفعله الآخرون ، ألمح لها بالعودة فألقى منها استجابة .
- هل أعجبتك التمثيلية ؟
- نعم... لكن شهريار كان قبيحا جدا .
و أعلم علم اليقين أنها لن تقف عند هذا الحد ، وأن أسئلة جمة ستنصب على مسامعي فور وصولنا ، وعلي حينئذ أن أجيب دون تردد كما أجبت في المرات السابقة عن استفسارات لو جمعت في كتاب لحوت صفحات عدة : .. لماذا بطن أمي منتفخة ؟ وكيف دخلت أختي ؟ ومن أخرجها ؟ وأين هو الله ؟ ولماذا لا نراه ؟ ولماذا غادرتنا أمي ؟ ولماذا تطبخ لنا جارتنا الطعام وشعرها منسدل على كتفيها ؟
و الأدهى من ذلك أن بعض الإجابات الارتجالية قد تنسى ، فأجد نفسي محرجا أمام ذاكرتها القوية .
- لماذا يريد شهريار قتل شهرزاد المسكينة ؟
وأحاول أن أفهمها أن هذه تمثيلية فقط ، وأن شهرزاد لم تكن دائما ضعيفة ، بل هناك شهرزاد ضعيفة وأخرى قوية ، كما أنها قد تكون طيبة وأخرى شرسة ، عفيفة وفاسقة ، جائرة ومظلومة .
- وشهريار يا أبي ؟"... فأعيد لها نفس الخطاب مع ما تتطلبه أفعاله و أسماؤه من تحويل ... فأنا ممن شهد لهم معلموهم بالتفوق في النحو والصرف و التحويل . " ولماذا... ؟ "
لم أتركها تكمل . فأنا أعلم جيدا ما تنوي قوله ، ولذا بادرتها متحمسا كعادتي عند كل نقاش :
- اسمعي يا ابنتي الحبيبة... شهرزاد إنسان ، وشهريار إنسان . قد يجور الواحد منهما على الآخر ، وقد يراد لهما أن يظلما بعضهما البعض ، وربما استبدت شهرزاد ضد أخرى ، وقد يطغى شهريار على أخر مادام أهل الأرض أرادوا ذالك .
- كما فعلت جارتنا بخادمتها ؟
- ها ... لقد فهمت... وكما فعل صاحب الدار بأبيك .
- ماذا فعل ؟
- هذه حكاية طويلة... المهم ألا تشغلي بالك بغير دراستك .
- و هل نعود غدا إلى المعرض ؟
- لتتابعي حكاية شهرزاد وشهريار ؟
- أوه ... كلا . إنها لا تنتهي .
ولن تنتهي ما دام قد أريد لها ذلك ... و تتثاءب ابنتي فأهدهدها حتى تستسلم للكرى ، فأضعها على سريرها وأظل أنظر إليها متفحصا وجهها البـريء ، متتبعا أنفاسها المنتظمة ، فلا أملك إلا أن أنحني وأقبل خدها المتورد متمتما:
- أصلحك الله و درأ عنك المصائب .
ثم أطفئ النور و أخرج من الحجرة ليلفني هواء بارد أ فأنتبه إلى النافذة المشرعة .. لكني بحاجة إلى نسمات تنعش بدني المتعب ، وإلى لحظات سكون يريح ذهني المتأججة أفكاره المتضاربة آراؤه . و أنظر ناحية المعرض ، فألمح توهجه رغـــــم هذا الوقت المتأخر من الليل ، كأنه فوهة بركان .[/justify]


قديم 08-12-2011, 10:11 AM
المشاركة 2
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم رشيد الميموني المحترم

كلمات قد لاتكون مطولة ولكنها حوت قصة وأحداثاً وتاريخ عائلة . .
لقد نثرت لنا جمالاً أخاذاً كالظل في يوم شديدة شمسه . .
واستعملت أسلوباً للسرد يصل القلب ويغلفه بالفخر . .
قصة جميلة استمتعت بها جداً جداً . .
بارك الله فيك . .
تقبل تحيتي وتقديري . .

** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 08-14-2011, 02:31 PM
المشاركة 3
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم رشيد الميموني المحترم

كلمات قد لاتكون مطولة ولكنها حوت قصة وأحداثاً وتاريخ عائلة . .
لقد نثرت لنا جمالاً أخاذاً كالظل في يوم شديدة شمسه . .
واستعملت أسلوباً للسرد يصل القلب ويغلفه بالفخر . .
قصة جميلة استمتعت بها جداً جداً . .
بارك الله فيك . .
تقبل تحيتي وتقديري . .

** أحمد فؤاد صوفي **
الغالي الكريم أحمد ..
متعتي بهذا التعليق لا تقل عن تلك التي شعرت بها و أنت تقرأ نصي المتواضع .
سأحتفظ به شهادة متميزة في حقي وفي حق قصتي .
وسأنتظردوما تشجيعك و تجاوبك الرائع .
دمت بكل المحبة اللائقة بشخصك الكريم .


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: المعرض
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأمير خالد الفيصل بفتتح المعرض الفوتوغرافي بالطائف (ورد وضوء) علي بن حسن الزهراني منبر مختارات من الشتات. 1 03-30-2011 07:45 PM
الزامل افتتح المعرض التشكيلي العربي الخيري الأول سعيد العلاوي منبر الفنون. 2 08-30-2010 03:05 AM

الساعة الآن 10:26 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.