[ كمالُ المعرفة
شعر عمر ابو غريبة
كلُّ المعارفِ عند الموتِ تكتملُ
وعَلّمَ الموتُ أمّيينَ كم جهلوا
وما الحياةُ سوى نومٍ بلا نَبَهٍ
وأيقظَ المرءَ من ذا النومِ مرتحَلُ
إذا انقضى حلُمٌ للعيشِ منصرماً
تقشّعتْ سحُبٌ واستبصر الرجلُ
وما انتهى عمُرُ الإنسانِ في أجَلٍ
فالعمرُ مستأنَفٌ إذْ ينتهي الأجلُ
يا أيها الناسُ ليست دارُكم سكناً
تلك القبورُ بلا ريبٍ هي النُّزُلُ
إذا نزلتَ بها أبصرتَ من عَمَهٍ
وأنبَه القلبَ أمرٌ نابَهُ جَلَلُ
وبِتَّ في جّدّثٍ فازددتَ معرفةً
بأن ما شِدتَه من زخرفٍ طللُ
هنالك العيشُ حقاً فارتقبْ ملَكاً
يقود روحَك حيث العيشُ مقتبِلُ
ما انبَتَّ حبلٌ بموتٍ كنتَ ترهبُه
فانظرْ بعينكَ إنّ الحبلَ متصِلُ
قد كنتَ في غفوةٍ طالت بصاحبِها
وأنت للصحوِ منها الآنَ تنتقلُ
لا تفزعنّ من الكفِّ التي مسحتْ
عليك موقظةً فالأمرُ محتمَلُ
وافتحْ لها من ثقيلِ الجفنِ منسدِلاً
وقَرَّ عيناً فلا حزنٌ ولا وجَلُ
يكفيك من عتمةِ الدنيا ووحشتِها
وانظرْ إلى الضوءِ في الأنحاءِ يشتعلُ
وانفضْ تراباً علا ماضيْك من أمدٍ
وقُمْ تكاد إلى مستقبلٍ تصلُ
وألْقِ ثِقْلَ لِحافٍ عنك مبتهجاً
فالصدرُ منشرِحٌ ما هدَّه ثقَلُ
فإنْ كرهتَ الردى هَبْهُ كعيشِك ذا
أنت الغريقُ فهل يُستكرَه البللُ