عزل قاعدة البرج
تاريخيا، كان للجهود المبذولة لإنقاذ البرج آثار جانبية غير مقصودة. مثلا في عام 1935 فكر بعضهم بأن المياه الزائدة تحت البرج تضعف الأساس. لذا حاول العمال عزل قاعدة البرج لمنع تسرب المياه إليها من الأسفل. فتضمنت الخطة الثقب المتكرر في الأساس بشكل مائل ومن ثم ملء هذه الثقوب بمونة من خلطة أسمنتية. ويمكن رؤية النتيجة في الرسم البياني في اليسار: في عام 1935 قفز معدل الميلان إلى أكثر من ست مرات من معدل الميلان في العام الذي سبقه.
المرحلة الثالثة: 1360 – 1370
خلال الفترة من عام 1360 إلى عام 1370 بُني الطابق الثامن، وهو حجرة الجرس، التي كانت الإضافة الأخيرة للبرج. حاول المعماريون فيها مرة أخرى ـ لتصحيح الميلان باتجاه الجنوب ـ إمالة حجرة الجرس بزاوية تتجه نحو الشمال. ويمكن رؤية التعديلات المختلفة للمصممين الأوائل بشكل أفضل في مصوَّر يبين مقطعا طوليا للبرج (يظهر في أقصى اليمين). وحالت تلك الجهود المبذولة، إضافة إلى بطء عملية البناء زمنيا (التي أعطت للتربة أسفل أساس المنشأة الوقت الكافي للانضغاط وبالتالي لاكتساب المقاومة لتأثير الانحراف) دون تحطم البرج حتى الآن.
ثمانية قرون من الميلان
في البداية كان البرج يميل باتجاه الشمال، ولكن خلال معظم تاريخه انحنى المبنى باتجاه الجنوب. وبلغ معدل الميلان أقصاه في بداية القرن الرابع عشر. وتحركت قمة البرج، ما بين عامي 1911 ـ الذي ابتدأت فيه المراقبة الدقيقة ـ وعام 1990، بمعدل يقارب 1.2 مليمتر في السنة. وفي عام 1993 بدأت الجهود التي بُذِلت للتخفيف من معدل الميلان تؤتي ثمارها.
الأساسات
إن طبقات التربة تحت البرج المؤلفة من الطين والرمل قد ارتصّت (دمكت) بشكل غير متساو، مما أدى إلى ميلان البرج. فالأمتار السبعة العلوية تحت المنشأة مؤلفة من مزيج من الطمي mud والطين وتربة رملية. وتحت هذه الطبقة وحتى عمق 20 مترا، يوجد شريط من تربة تسمى محليا بطين پانكون Pancone clay، مشهور بلونه الرمادي الضارب إلى الزرقة. ويمتد الحد الرملي الفاصل بين هاتين الطبقتين الأوليين أفقيا تحت معظم ساحة المعجزات (پيازا دي ميراكولي) ما عدا تحت البرج حيث يشكل هذا الحد منخفضا له شكل القوس. وتتناوب طبقات من الطين والرمل لعمق يقارب 70 مترا. وتغوص كامل منطقة الساحة تدريجيا ولكن من الواضح أن بعض الرقع فيها تغور بسرعة أكبر من الرقع الأخرى. ولم يكن المصممون الأوائل يعرفون بأنهم اختاروا لبناء البرج إحدى المناطق المشؤومة.
المرحلة الأولى:1173 - 1178
ابتدأ برج الجرس في پيزا بالميلان تدريجيا خلال فترة بنائه، وتم ذلك على ثلاث مراحل امتدت عبر 200 عام تقريبا. وضعت الحجارة الأولى عام 1173، وفي مرحلة العمل الأولية مال الصرح قليلا باتجاه الشمال. ويمكن رؤية دلائل هذا الميلان في تصميم البرج ذاته: قام العمال للحفاظ على استواء الطوابق الأولى، بصنع الأعمدة والأقواس للطابق الثالث في الجهة الشمالية الغائرة أطول قليلا من مثيلاتها في الجهة الجنوبية. ولكن القلاقل السياسية في پيزا عام 1178 أدت إلى إيقاف العمل في منتصف بناء الطابق الرابع.
المرحلة الثانية: 1272 - 1278
استؤنف العمل عام 1272، أي بعد 100 سنة تقريبا، مال البرج خلالها باتجاه الجنوب ـ اتجاه الميلان الحالي. ومن جديد، أمل المصممون بتعديل الميلان، باللجوء هذه المرة إلى تعديل ارتفاع الطابق الخامس، جاعلين الجانب الجنوبي أطول بعض الشيء من الجانب الشمالي. وفي عام 1278، ومع سبعة طوابق منتهية بالكامل، توقف العمل في البرج مرة أخرى بسبب الاضطرابات السياسية. وبحلول عام 1292 كان الميلان واضحا جدا مما استدعى الطلب إلى عدد من البنائين للتحقيق بالمشكلة ـ وهذه هي الأولى من اللجان الكثيرة التي عينت لدراسة البرج عبر الـ 700 سنة الماضية.