احصائيات

الردود
0

المشاهدات
19
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
1,904

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
يوم أمس, 11:24 PM
المشاركة 1
يوم أمس, 11:24 PM
المشاركة 1
افتراضي *قِصَّةُ لَيْلَى وَالْأَمَانَـــة* - للصغار والكبار

*قِصَّةُ لَيْلَى وَالْأَمَانَـــة*

فِي الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ مِنْ عُمْرِهَا، جَمِيلَةٌ أَنِيقَةٌ وَحَسَّاسَةٌ لِلْغَايَة، خَجَلُهَا الْعَفْوِيُّ يَظْهَرُ كُلَّمَا تَكَلَّمَتْ مَعَ قَرِيبٍ أَوْ غَريبْ.
وَمَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مُؤَدَّبَةً ومَحْبُوبَةً مِنْ زَمِيْلَاتِهَا وَمُدَرِّسَاتِهَا فِي الْمَدْرَسَة، وَلَكِنْ كَانَ هُنَالِكَ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الطَّالِبَاتِ الْمُشَاغِبَاتِ كٌنَّ يَتَنَمَّرْنَ عَلَيْهَا كُلَّ يَوْمْ، يَوْمَاً يَهْزَأْنَ مِنْ شَعْرِهَا وَكَيْفَ تَرْبِطُهُ، وَيَوْمَاً آخَرَ يَسْخَرُونَ مِنْ مَلَابِسِهَا، وَيَوْمَاً آخَرَ عَنْ كُتُبِهَا وَحَقِيبَتِهَا.
وَكَانَ هَذَا التَّنَمُّرُ يُؤَثِّرُ فِيهَا تَأْثِيرَاً سَلْبِيَّاً، فَيَظْهَرُ عَلَى مُحَيَّاهَا الْاِنْزِعَاجُ، وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْيَانْ، تَسِيلُ مِنْ عَيْنَيْهَا الدُّمُوعْ.
فِي يَوْمٍ مَا، اِنْتَهَتِ الْحِصَّةُ الدِّرَاسِيَّةُ، وَرَكَضَتِ الْبَنَاتُ إِلَى بَابِ الْخُرُوجِ لِلْسَاحَة، كَيْ يَلْعَبْنَ قَلِيلَاً وَيُرَفِّهْنَ عَنْ أَنْفُسِهِنَّ، انْتِظَارَاً لِلْحِصَّةِ التَّالِيَة، وَلَكِنَّ التَّنَمُرَ لَمْ يَتْرُكْ لَيْلَى، فَقَدِ اصْطَادَتْهَا الْمُتَنَمِّرَاتُ مِنْ دَاخِلِ الْفَصْلِ، وَاسْتَهْزَأُوا بِهَا، ثُمَّ تَرَكْنَهَا وَحِيدَةً، وَمَضَيْنَ فِي طَرِيقِهِنّ.
لَمْ تَتَحَمَّلْ لَيْلَى، بِحَسَاسِيَّتِهَا الْعَالِيَة، هَذَا الْمَوْقِفْ، وَمَكَثَتْ بَاكِيَةً حَزِينَةً تَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضْ، خَلْفَ بَابِ الْفَصْلْ، مُتَكَوِّرَةً عَلَى نَفْسِهَا، وَدُمُوعُهَا تَتَدَحْرَجُ عَلَى خَدَّيْهَا.
فُتِحَ الْبَابُ فَجْأةً، تَكَوَّرَتْ لَيْلَى خَلْفَهُ مَذْعُورَةً مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَحْصَلَ لَهَا ثَانِيَةً، وَلَكِنْ دَخَلَ مِنَ فَتْحَةِ الْبَابِ مُدَرِّسَتَانْ، لَمْ تَلْحَظَا لَيْلَى الباكية والْسَاكِنَةَ خَلْفَ دَرْفَةِ الْبَابْ، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ وَلَا يَسْمَعُهَا أَحَدْ.
كَانَتِ الْمُدَرِّسَتَانِ تَتَكَلَّمَانِ عَنِ أَسْئِلَةِ الْاِمْتِحَانِ الْقَادِمْ، وَتُوَضِّحَانِ لِبَعْضِهِمَا تَفَاصِيلَهَا.
وَرُغْمَاً عَنْهَا، فَقَدْ عَرِفَتْ لَيْلَى مِنْ حَدِيثِهِمَا تَفَاصِيلَ أَجْوِبَةِ الْاِمْتِحَانِ كُلِّهَا، وَهِيَ مَاكِثَةٌ عَلَى الْأَرْضِ لَا يُسْمَعُ حَسِيسُهَا.
اِنْقَضَى الْيَومُ، وَعَادَتْ لَيْلَى إِِلَى بَيْتِهَا، وَعَقْلُهَا لَا يَسْتَوْعِبُ مَا حَصَلَ مَعَهَا، فَهِيَ الْآنَ تَعْرِفُ الْأَسْئِلَةَ وَالْأَجْوِبَةَ لِلْاِمْتِحَانِ الْقَادِمْ.
جَاءَ الْيَوْمُ التَّالِي، دَخَلَتِ الطَّالِبَاتُ فُصُولَهُنَّ، وَقَدَّمْنَ الِامْتِحَانَ الَّذِي كَانَ صَعْبَاً حَقَّاً، وَبَعْدَ عِدَّةِ أَيَّامٍ، تَمَّ تَصْحِيحُ الْأَوْرَاق، ونَالَتْ لَيْلَى وَحْدَهَا الْعَلَامَةَ الْكَامِلَة، وَهَنَّأَتْهَا مُدَرِّسَتُهَا، وَكَذَلِكَ نَادَتْهَا النَّاظِرَةُ إِلَى مَكْتَبِهَا، وَهََنَّأَتْهَا بِدَوْرِهَا.
عَادَتْ لَيْلَى إِلَى بَيْتِهَا، وَأَعْلَمَتْ وَالِدَيْهَا بِالنَّتِيجَة، وَفَرِحَ الْجَمِيعُ بِذَلِك، وَاسْتَبْشَرُوا خَيْرَاً.
لَكِنَّ لَيْلَى لَمْ تَكُنْ سَعِيدَة، وَمَكَثَتْ فِي غُرْفَتِهَا، لَا تَسْتَطِيعُ النَّوْمَ، فَهِيَ لَمْ تَعْتَدْ عَلَى الْغِشِّ فِي حَيَاتِهَا، وَالْعَلَامَةُ التَّامَةُ الَّتِي حَصَلَتْ عَلَيْهَا هِيَ لَا تَسْتَحِقَّهَا،
*يا الله، إِنِّي فِي وِرْطَة، مَاذَا أَفْعَلْ!
فِي الصَّبَاحْ، تَمَارَضَتْ لَيْلَى وَلَمْ تَذْهَبْ إِلَى الْمَدْرَسَة، فَاضْطِرابُ نَفْسِهَا وحَالَتُهَا النَّفْسِيَّةُ لَمْ تَسْمَحْ لَهَا بِالْخُرُوجْ.
*يا الله أعنّي، يا الله سَاعِدْنِي، أنَا لَا أَسْتَحِقُّ الْعَلَامَةَ التَّامَّة.
مَرَّ الْيَوْمُ، ولَيْلَى كَانَتْ مُضْطَرِبَةً وتَشْعُرُ بِتَوَتُّرٍ كَبِيرٍ، وَلَكِنْ عِنْدَمَا جَاءَ الْمَسَاءُ، كَانَتْ قَدْ وَصَلَتْ إلى قَرَار، وعَلِمَتْ بِقَرَارَةِ نَفْسِهَا مَاذَا سَتَفْعَل، لَمْ تُخْبِرْ أحَدَاً، بَلْ شَعَرَتْ بِالرَّاحَةِ وَالْقُوَّة، وَاسْتَطَاعَتِ الْحُصُولِ عَلَى قِسْطٍ وَافِرٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّوْم.
فِي صَبَاحِ الْيَومِ التَّالِي، ذَهَبَتْ لَيْلَى إِلَى مَدْرَسَتِهَا، أَعْصَابُهَا مَشْدُودَةٌ، حَرَارَتُهَا مُرْتَفِعَةٌ، تَشْعُرُ بِنَشَاطٍ اِسْتِثْنَائِيّ، وَحَبَّاتُ الْعَرَقِ لَا تُفَارِقُ جَبِينَهَا، فَتَمْسَحُهَا أَوَّلَاً بِأَوَّل، شُعُورٌ غَرِيبٌ سَيْطَرَ عَلَيْهَا، شُعُورٌ لَمْ تَخْتَبِرْهُ مِنْ قَبْلُ أَبَدَاً.
*سَأُكْمِلُ لِلْنِهَايَةِ مَهْمَا يَحْصَلْ، لَنْ أَتَرَاجَعْ.
هَكَذَا كَانَتْ تُحَدِّثُ نَفْسَهَا، وَهِيَ فِي طَرِيقِهَا لِمَكْتَبِ النَّاظِرَة.
اِسْتَغْرَبَتِ النَّاظِرَةُ دُخُولَ طَالِبَةٍ إِلَى مَكْتَبِهَا فِي مِثْلِ هَذَا التَّوْقِيتِ، حَيْثُ تَكُونُ الطَّالِبَاتُ جَمِيعُهُنَّ فِي الْفُصُولْ.
وَقَفَتْ لَيْلَى وَحِيدَةً أَمَامَ النَّاظِرَة، مُتَوَتِّرَةً، وَوَجْهُهَا إِلَى الْأَرْض، وَلَكِنَّ عَزِيمَتَهَا كَانَتْ كَبِيرَة.
*أَبْلَة النَّاظْرَة، لَدَيَّ مَوْضُوعٌ أُرِيدُ أَنْ أَحْكِيه، وَلَا يُمْكِنُنِي تَأْجِيلَه.
لَمْ تَسْتَطِعِ النَّاظِرَة أَنْ تَسْتَشِفَّ الْمَوْضُوعَ الْهَامَّ الْذِي لَا يُمْكِنُ لِلَيْلَى تَأْجِيلَه، فَأَنْصَتَتْ لِحَدِيثِ لَيْلَى بِتَرْكِيزٍ وَاهْتِمَامْ.
وَحَكَتْ لَيْلَى لِلْأَبْلَة النَّاظِرَة كُلَّ الْتَفَاصَيل، كَيْفَ تَتَنَمَّرُ شِلَّةُ الْمُشَاغِبَاتِ عَلَيْهَا، وَكَيْفَ كَانَتْ تَبْكِي خَلْفَ بَابِ الْفَصْلِ، وَكَيْفَ سَمِعَتِ الْمُدَرِّسَتَيْنِ تَتَكَلَّمَانِ عَنِ الْاِمْتِحَان، وَكَيْفَ حَصَلَتْ عَلَى عَلَامَةٍ تَامَّةٍ لَا تَسْتَحِقُّهَا، ثُمَّ طَلَبَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِرَجَاءْ، لَوْ تَقْبَلُ النَّاظِرَةُ بِإِعَادَةِ الْاِمْتِحَانِ لَهَا، لِتَأْخُذَ مَا تَسْتَحِقُّ مِنْ عَلَامَةٍ عَادِلَة.
فُوجِئَتِ النَّاظِرَةُ وَفَرِحَتْ بِطَالِبَتِهَا، وَاسْتَشَفَّتْ مَدَى حَسَاسِيَّةِ هَذِهِ الْفَتَاة، وَمَدَى أَمَانَتَهَا، طَمْأَنَتْهَا، وَرَبَّتَتْ عَلَى كَتِفِهَا، وَأَعَادَتْهَا لِلْفَصْل، بَعْدَ أَنْ وَعَدَتْهَا خَيْرَاً.
فِي فَسْحَةِ الظَّهِيرَة، اِسْتَدْعَتِ النَّاظِرَةُ جَمِيعَ الْمُدَرِّسَاتِ إِلَى قَاعَةِ الْاِجْتِمَاعَاتِ الرَّئِيْسِيَّةِ، وَحَكَتْ لَهُنَّ الْحِكَايَةَ بِتَفَاصِيْلِهَا، وَاهْتَمَّ الْجَمِيعُ بِمَوْضُوعِ التَّنَمُّرِ الذِي تَفَشَّى فِي الْمَدْرَسَةِ، مِمَّا حَدَا بِهِنَّ بِدُونِ تَأْخِيرٍ، أَنْ يَلْجَأْنَ إِلَى اسْتِدْعَاءِ جَمِيعِ الطَّالِبَاتِ إِلَى سَاحَةِ الْمَدْرَسَةِ، وَقَامَتِ الْمَسْؤُولَةُ التَّرْبَوِيَّةُ بِتَوْجِيهِ كَلِمَةٍ عَنِ التَّنَمُّرِ وَتَأْثِيرِهِ الْمُدَمِّرِ فِي الْمَدْرَسَة وَفِي الْمُجْتَمَعْ، وَحَذَّرَتِ الْجَمِيعَ مِنْ نَتَائِجِ هَذَا الْفِعْلِ القَبِيحْ.
تَمَّ إِعَادَةُ الْاِمْتِحَانِ لِلَيْلَى، لَمْ تَكُنْ عَلَامَتُهَا عَلَامَةً تَامَّة، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ عَلَامَةً عَالِيَةً اسْتَحَقَّتْهَا عَنْ جَدَارَة.
فِي الْيَوْمِ التَّالِي، فُوجِئَتْ لَيْلَى عِنْدَ دُخُولِهَا الْمَدْرَسَة بِاسْتِدْعَائِهَا، وَقَامَتِ النَّاظِرَةُ بِعَمَلِ خِطْبَةٍ قَصِيرَةٍ أَمَامَ جَمِيعِ الطَّالِبَاتْ، شَرَحَتْ فِيهَا الْحَادِثَةَ بِحَذَافِيرِهَا، ثُمَّ قَامَتْ بتَسْلِيمُهَا دِرْعَ الشَّرَفْ، اِعْتِرَافَاً بِجَمِيلِ مَا قَامَتْ بِهْ، وَصَفَّقَتْ لَهَا الْمَدْرَسَةُ بِكَامِلِ طَالِبَاتِهَا وَمُعَلِّمَاتِهَا،
وَصَارَتْ لَيْلَى مِثَالَاً يُحْتَذَى، وَتَسَارَعَ الْجَمِيعُ لِمُصَاحَبَتِهَا. أَحَسَّتْ شِلَّةُ الْمُتَنَمِّراتِ بِخَطَئِهِنَّ، وَجِئْنَ إِلَى لَيْلَى، وَاعْتَذَرْنَ مِنْهَا أَشَدَّ الْاِعْتِذّار، وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْم، أَصْبَحْنَ جَمِيعُهُنَّ مِنْ صَدِيقَاتِهَا الْمُقَرَّبَاتْ.



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 1 والزوار 8)
أحمد فؤاد صوفي

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:08 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.