احصائيات

الردود
4

المشاهدات
5855
 
أحمد فضول
من آل منابر ثقافية

أحمد فضول is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
226

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Jul 2012

الاقامة

رقم العضوية
11350
09-26-2012, 08:44 AM
المشاركة 1
09-26-2012, 08:44 AM
المشاركة 1
افتراضي "رسالة إلى ابنتي في يوم زفافها"
[justify]بسم الله الرحمن الرحيم[/justify]

والصلاة والسلام على خير من خطا على وجه البسيطة ، وأفضل من درج على تراب المعمورة ، وخلقه الله في أبهى صورة ، و أسري به من مكة المكرمة إلى القدس المأسورة :
أما بعد :
درج التاريخ على نقل رسائل وجهتها الأمهات لبناتهن في ساعات إعدادهن للتوجه نحو عش الزوجية ، ولم يخبرنا التاريخ برسائل موجهة من الآباء نحو البنات أو حتى الأبناء في غمرة إعداد احدهما لبيت الزوجية - في حدود علمي ورغم تواضع قراءاتي أثناء خبرتي العملية التي امتدت ثلث قرن في تدريس لغة القرآن الكريم وتوجيه المعلمين نحو أساليب تدريسها وتقديمها بطريقة فضلى للناشئين من أبنائنا في الفترة ذاتها - لتقديم عصارة التجربة ومعاناة الحياة وما فيها من خير وشر وهي أي الحياة مزيج لا ينفصل من كليهما ، وأنا الأب أجد في نفسي كلمات تتردد في جنباتها أحببت أن أقدمها لبنيتي قبيل أيام معدودات من انتقالها لحياة جديدة .
بنيتي:
أنت تقفين على أول درجة من درجات الحياة الزوجية ، وقد كنت في بيت نشأت فيه عقدين ونيف كنت خلالها كالفراشة خفة وجمال وكالنحلة حلاوة وشفاء وتتوجهين إلى بيت جديد فيه كثير من المواعيد بالحياة السعيدة من خطيب هو زوج المستقبل في فترة أطالتها الظروف وحددها القدر ، وليس هو الوحيد الجديد في حياتك ، فهناك والدة ووالد وشقيقات وأشقاء للزوج ناهيك عن عدد من العمات والخالات ومن يرتبط بهن من أبناء وبنات وأزواج بالإضافة إلى أعمام و أخوال ومن يرتبط بهم من أبناء وبنات كثر لكل منهم جميعا تطلعات ومزاج بل أمزجة ولا بد من الاتصال وفق حدود الشرع مع كل واحد منهم تفرضه الظروف والعلاقات الاجتماعية وطبيعة الحياة .
عزيزتي:
الحياة تكتنفها كثير من التغيرات وهي كسطح البحر الذي لا يهدأ ونحن نمتطي صهوة هذا البحر الحياتي بدخولنا إلى الحياة . وهذا البحر يحتاج إلى جذافين مهرة لحين رسونا على شط نهايتها. لذا – وكما أعتقد – فقد تسلحت بسلاح ذي أطراف عدة : الأدب والعلم و الأخلاق وغيرها مما تعلمتيه خلال فترة حياتك مع والديك وأخوتك والعلاقات المرتبطة مع الأقارب والأصحاب والجيران على محدوديتها ، كل ذلك مزيج من حياة كانت ملونة بألوان أطياف حياتنا أجمع والتي لن تنقطع وإن انتقلت إلى بيت جديد ، فوشائج الاتصال ستبقى إلى أن ترسو بنا سفينة الحياة إلى حياة أخرى ندعو الله عز وجل أن تكون أكثر سعادة وبهجة نحن وإياك وخلق الله المؤمنين عامة .
بنيتي :
أنا لا أدعي كمال التجربة لأقدم نتائجها لك في كلمات معدودات ، ولكنها خطرات تزورني كل أصيل أو وقت سحر أو عندما أضع رأسي على وسادة الراحة من عناء اليوم عملا وفكرا أحب أن أقدمها لك في مناسبة سعيدة قد تجدين فيها السلو وراحة البال عندما تختلين بنفسك ولا أقصد من ذلك استدراج عواطفك ، وما هي إلا خلجات فردية أبوية وحسب .
عزيزتي :
بعد ساعات ستنتقلين من بيت مترامي الجنبات فيه كثير من الصخب المشوب بالهدوء ،وانفعالات متراكمة لحياة عقدها حرص الأبوين ذوي ثقافتين مختلفتين تشترك في كثير من نقاط الالتقاء ، أقول حرص الأبوين على أبنائهما ليكونوا خير مثال ونبراس يقتدي به الآخرون . ولكن القدر يكون بالمرصاد وليس القمر منيرا دائما ليبدد ظلمات الليل البهيم . ستنتقلين إلى بيت فيه رجل واحد توسمنا فيه الخير الكثير لا بالمال والمظهر واللهث خلف بريق الحياة ولكن الدين والأخلاق ميزانان رئيسان في الحياة لا تدوم الحياة بدونهما ، والقرآن الكريم التواصل معه أمر ضروري لأنه أساس التشريع وبيدر الحسنات نحو حياة الآخرة ويجب أن يكون لكما نصيب وافر يومي مع هذا الكتاب المقدس الذي هو الرباط المتبقي الوثيق بين الأرض والسماء ، ولا أنسى سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام فهي مفسر كل مالا يدركه فكر المسلم من دستور الأمة ومنهاجها الرشيد . فكوني لزوجك – وهو نصف الحياة الدنيوية بل كلها - كما يجب أن تكوني له سلوة وسترا وفخرا وسمعة طيبة . وأعلمي أن الزوجين كل منهما لباس للآخر كما ورد في محكم التنزيل ، واللباس هو الستر في كل شيء ، فإياك والإخلال بهذا الستر ، وكل منكما أمانة في عنق الآخر وإن كانت في حق الزوج أشد ، والأمانة أثقلت كاهل السماوات والأرض منذ بدء خلق الكون وحملها الإنسان على ظلمه وكبره وجهله ، وتلك إرادة الخالق عز وجل .
بنيتي :
والإيمان بالقدر ركن الحياة وديمومتها بعد الإيمان بالله الفرد الصمد وفي التنزيل العظيم : "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير " ، هذا الإيمان يعيد الإنسان إلى جادة الطريق ويجعله يعيش في أمان مطلق .
و لا أجد في الحياة الزوجية نكدا وتعكير صفو الحياة وديمومتها أكثر من طلب ما هو فوق طاقة الآخرين ، ولنكن واقعيين لأن الواقع هو مقياس الحياة ، والأحلام دائما تنهار هباء منثورا أمام الواقع المعاش كما أنها تدمر كثيرا من البيوت العامرة وتتركها يبابا بعد أن تكون جنة وادعة . لابأس أن نحلم ولكن أحلام يحددها الواقع وقدراتنا وقدرات من حولنا وتوجهها لمصلحة كل الفرقاء . ومن ثم لا ننظر للآخرين – عدا الزوج شريك الحياة المقدسة - إلا بمنظار الحيطة والحذر دونما علم منهم فليس ما يقوله أو يفعله الآخرون أو يعتقدونه هو صحيح سليم ومسلم به ومثالي .، بل في كثير مما يقوله أو يفعله أو حتى يعتقده الآخرون يكون دمارا وهباء لا خير فيه ، والمقياس هو طاعة الله أولا ثم الزوج فالوالدين فيما يرضي الخالق عز وجل .
عزيزتي :
احذري الغضب فإنه سبب كل مفسدة وهو معول يهدم كل بناء وبخاصة بناء الأسرة ، فكل مشكلة في الحياة صغرت أو كبرت الأساس فيها سورة غضب قد تكون لسبب تافه وعدم احترام وجهات نظر الآخرين وبخاصة مع من علاقته معنا لا تنقطع ونراه في كل ساعة ، فكيف بمن يعيش وإياك تحت سقف واحد لحياة أرجو أن تكون مديدة وسعيدة ومثمرة ، ومن ثم احذري كلام الآخرين من ذوي النقد الهدام ومن يكون هدفه التدمير لا البناء لأسباب ذاتية فردية تعكسها الأنانية التي تجري في دمائهم ، ولتكن العلاقة حذرة وحتى اللقاءات والزيارات يجب أن تكون خلالها الكثير من الحواجز لأن صديق اليوم لا يطمئن من جانبه وقد يكون عدو الغد اللدود ، ولا أقول أن عدو اليوم سيكون صديق الغد الواعد والمبجل لأن العدو عدو مهما تودد وأظهر حسن النية ونعومة في التعامل والكلام المعسول ، فالحذر واجب من الناس كافة إلا أن الزوج الصالح – وزوجك كذلك - لا تنطبق عليه هذه القاعدة بل هو حقا استثناء .
ولا أنسى صفة ذميمة هي صفة التكبر على خلق الله وهو أي التكبر نفخة شيطان في عقل الإنسان والشيطان عدو لدود لا تصفى له نية ، والتكبر حاجز يفوق صور الصين العظيم بين الإنسان وعباد الله وعياله ، ولا بد من رعاية اللسان والذي يكمن فيه أساس الشر لأبناء البشر وأعلم أنك تدركين بذكائك المعهود وعلمك المشهود وهدى الله تعالى أولا تدركين ما يتركه حصاد اللسان من تدمير مؤكد للحياة البشرية وجزء منها هي الحياة الزوجية ، فليكن شعارك : أنني أسمع وأعي ولكن لساني في صندوق مقفل ، فكثير من المتحدثين هدفهم أن ينقل كلامهم للآخرين لمغزى في نفوسهم .
ابنتي وفلذة كبدي :
سنبقى نكن لك كل احترام وتقدير وحنان ومحبة وبخاصة نحن الوالدان والأشقاء أجمع . وسنبقى ندعو الله مخلصين أن يكون معك وزوجك وأن يكون التوفيق لك ولشقيتيك الكبرى والصغرى فأنت واسطة العقد ولا يعني هذا إسقاط الآخرين فلولا الحبات الأخرى في العقد لما وجدت واسطة العقد بل العقد برمته .
وختاما أرجو أن تقبلي كلماتي هذه والتي تعبر بالضرورة عن مكنون أفكار الوالدة ولديها مزيد ، كيف لا وهي الأشد حرصا والأكثر سهرا وانشغالا فكرا وعملا عليكم أجمعين .
أرجو أن أكون قد وفقت في عرض بعض ما يعتمل في صدري من صدى كلمات في مناسبة هي الأولى في حياتنا الأسرية تنتقل خلالها فلذة كبدينا إلى ظلال بيت جديد ودفء أسرة واعدة بالنماء والعطاء إن شاء الله .

الراجي لك التوفيق والفلاح من الله العلي القدير ،
والدك : أحمد محمد الفضول .
12 تموز 2011 م.


قديم 11-12-2012, 01:06 AM
المشاركة 2
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
موضوع مفيد جداً
شكراً على المجهود الرائع
دمت ودام عطائك




هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 11-16-2012, 09:43 PM
المشاركة 3
أحمد فضول
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
"موضوع مفيد جداً
شكراً على المجهود الرائع
دمت ودام عطائك "
أستاذة منى ، أشكر لك مرورك وقراءتك النص وتقييمك الموجز المفيد وأشكر لك اهتمامك وردك الطيب الجميل .
خالص مودتي واحترامي وتقديري .

قديم 11-16-2012, 11:36 PM
المشاركة 4
نجلاء نصير
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
بارك الله فيك
سلمت أناملك

قديم 11-17-2012, 08:32 PM
المشاركة 5
أحمد فضول
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
"بارك الله فيك
سلمت أناملك "
نجلاء ، تحية عطرة .
أشكر لك اهتمامك ومرورك اللطيف الطيب ، وسلم فكرك وقلمك .
خالص تقديري واحترامي .

 

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: "رسالة إلى ابنتي في يوم زفافها"
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفرق بين كلّ من "البِشْر" و"الهشاشة" و"البشاشة" : ماجد جابر منبر الدراسات النحوية والصرفية واللغوية 4 04-11-2022 08:23 PM
رسالة شكر لمدينة " تقرت " بختي ضيف الله منبر الشعر العمودي 7 01-13-2021 01:30 PM
رسالة الى عاشق " بياتريتشي " !! حسام الدين بهي الدين ريشو منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 02-22-2014 05:48 PM

الساعة الآن 11:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.