ظَهرتْ عَلى سَطحِ الماء زُعنَفَتهُ المُرعِبَةُ مُتَجِهَةً نحوَ صبي وصَبيةٍ يسبحانِ في البَحر .. , صرَخَ الناسُ فيهِما : اهربا .. انفذا بجلديكما هُناكَ قِرشٌ في طَريقهِ إليكُما .. , التفتَ الصبي والصبيةُ فشاهدا القِرشَ الضَخمَ مُتجِهاً بُسرِعَةٍ بالغةٍ ألفَ قَرصَةِ جوعٍ في الثانية !!!
طَفِقا يخبطانِ الماء بأيديهما فِراراً من القِرش وكأنَ هُناكَ من أوثَقَ قيديهما فظلا يُراوحانِ في مكانيهما والقِرشُ يَقتَربُ ...
اقتَربَ القِرشُ من قَدَمِ الصبي حتى أصبَحتْ القَدَمُ في مَرمى نيرانِ فَكهِ الذي لم يَعرِفْ الرَحمَةَ قط ثُمَ أطبَقَ فَكَيهِ عَلى .....
مَهلاً يامَنْ شَرفتُمُ أحمَدَ بالقراءة لَه 
ليسَ هذا هو القِرش المُفتَرِس الذي أعنيه .., فأسماكُ القِرشِ - على الرَغمِ منْ خطورَتِها وشراسَتِها وعُنفِها - إلا أن مُعظَمَ مايدورُ حولها مِنْ قصصٍ مُرعَبَةٍ هي مَحضُ خُرافَةٍ قَد يَصِحُ مِنها – في أحسنِ الظروفِ – نِصفُها ويظَلُ نِصفَها الباقي أحاديثَ سُمارٍلاأكثرَ ولاأقل ..
ماأعنيهِ هو ذاكَ القِرشُ مِنْ المالِ الذي مانفَكِ يطوّفُ في بَحَرِ الحياةِ باحِثاً عَنْ فَريسَةٍ جَديدةٍ لَهُ ..

في بَحَرِالحَياةِ باتَ الكُلُ صياداً وباتَ الكُلُ فَريسةً عَندَما أصبَحَتْ الكَلمَةُ الأولى والأخيرة لقِرشِ بَحرِ الحَياةِ المُفتَرِس !!!
عِندَما امتلأ البَحرُ بُعبّادِ الدِينارِ والدَرهَمِ جعلوا القِرشَ كائناَ شَرِساً مُفتَرِساً مُدَرباً تَدريباً عالياً عَلى تَمزيقِ وقَتَلِ كُلُ مَنْ تسوِلُ لَهُ حاجته الضرورية والماسة في سَدِ جوعِ أطفالِهِ ببعضٍ من جافِ الخُبزِ وماءٍ قليل , في سَتَرِ أجسادِ أهلِ بيتهِ بَرثِ الثياب أو تأمين مَسكَنٍ لو كمفحَصَةِ قَطاةٍ يقيهمُ – ولو بالتوَهمِ – حَرَ القَيظِ وبَردَ الشتاء ..
وطَفِقَ غوصاَ في بَحَرِ الحياةِ بَحثاً عَنْ قِرشٍ يُحقِقُ لَهُ بَعضَ ذلك ..
وماعِلِمَ أن القِرشَ الذي يَطلبُهُ حَثيثاً هو الآخَر يطلبُهُ بشوقٍ أكبر لدَمِه وعَرضهِ وكرامَتهِ وشَرَفهِ وإنسانيته .. ليجرَهُ جَراً فيُلقيه تَحتَ أقدامِ مَنْ لايرقبونَ في إنسانٍ إلاً ولاذِمَةً ..!!!
تاجِرٌ استحالَ كَلباً إن تَحمِل عَليه يلهَثُ وإن تتركُه يلهث لايُفَرِقُ بين حَلالاٍ وحَرام كُل هَمهِ أن يعودَ له قِرشهُ القَذِرُ المُدَربُ بقروشٍ أخرى ..
صاحِبُ عَقارٍ استحالً عَقوراً فجَعلَ شِبرَ الأرضِ حُلماً عَصياً وجَعلَ المَسكَنَ الضيقَ مِنْ التَرَفِ الذي لايستطيعُهُ إلا القليل ..!!!
ألفُ قِرشٍ مُفتَرسٍ وقَرش تَحومُ في بَحَرِ الحياةِ ولارَقيبَ ولاحَسيب , يبحثونَ عن فرائسهم ليمزقوها شَرَ مُمَزَقٍ .. حَتى إذا ماقتربَ أحدهم من قَدَمِ حَياةِ أحَدَهم حَتى تًصبِحُ القَدَمُ في مَرمى نيرانِ فَكَهِ الذي لم يعرفِ الرَحمَة قَط أطبَقَ فَكيَهُ على حَياتهِ لتتمَزَقَ الطَبقيةُ الصحيةُ في المُجتمعِ لتحُلَ مَكانها طبقتان اثنتان فَقط , طَبَقَةٌ تُرِسِلُ القُروشَ المُفتَرِسَةَ في بَحَرِ الحياة لتفتَرِسَ كرَامةَ عَجوزٍ أو شَرفَ فَتاةٍ أو طُفولةَ طفلٍ ليصبحُ الثراء عِندَهم لاحَد له .., وطَبَقَةٌ
بَينَ
فكي
قِرشٍ
مُفتَرس
.
.
أحمد النجار