سلوا قلبي
		
 
  
	
			
			( سلوا قلبي )
سلوا قلبي غــــــــداة سلا وثابا
لعلّ على الجّــــــــمال له عتابا
**
ويسأل في الحـــــوادث ذو صواب 
فهل ترك الجّـــــــمال له صوابا
***
وكنت إذا سألـــــــت القلب يوما 
تولّى الدّمع عــــــن قلبي الجوابا 
***
ولي بين الضـــــــلوع دم ولحم
هما الواهي الذي ثــــــكل الشبابا
***
تسرّب في الدمـــــوع فقلت : ولّى
وصفّق في الضـــــلوع فقلت : ثابا
***  
ولو خلقت قلـــــــوب من حديد
لما حملت كمـــــــا حمل العذابا
***
وأحباب سقــــــــيت بهم سلافا 
وكان الوصل مــــــن قصر حبابا
***
ونادمنا الشبـــــــاب على بساط 
من اللّذات مــــــــختلف شرابا
***
وكلّ بساط عيش ســـــوف يطوى 
وإن طال الزّمـــــــان به وطابا
***
كأن القلب بــــــــعدهم غريب 
إذا عادته ذكـــــــرى الأهل ذابا 
***
ولا ينبيك عـــــــن خلق الليالي 
كمن فقد الأحبـــــــّة والصحابا
***
أخا الدنيا أرى دنـــــــياك أفعى
تبدّل كـــــــــــلّ آونة إهابا
***
وأن الرّقط أيقـــــــــظ هاجعات 
وأترع في ظــــــــلال السّلم نابا
***
ومن عجب تشـــــــيّب عاشقيها 
وتفنيهم ومــــــــا برحت كعابا
***
فمن يغترّ بالـــــــــدنيا فإني 
لبست بها وأفــــــــنيت الثيابا
***  
لها ضحك القـــــــيان إلى غبيّ 
ولي ضحك اللــــــبيب إذا تغابى
***
جنيت بروضــــــها وردا وشوكا
وذقت بكأسها شـــــــهدا وصابا
***
فلم أرى غير حــــــكم الله حكما 
ولم أر دون بــــــــاب الله بابا
***  
ولا عظمت فـــــــي الأشياء إلا 
صحيح العلـــــــم والأدب اللّبابا
***
 ولا كرّمـــــــــت إلا وجه حرّ 
يقلد قومه الــــــــمنن الرغابا
***
ولم أر مثل جمـــــــع المال داء 
ولا مثل البخــــــــيل به مصابا
***
فلا تقتلك شـــــــــهوته وزنها 
كما تزن الطـــــــعام أو الشرابا
***
وخذ لبنيك والأيـــــــــام ذخرا
وأعط الله حــــــــصته احتسابا
***
فلو طالعت أحــــــــداث اللّيالي 
وجدت الفقر أقــــــــربها انتيابا
***
وأنّ البرّ خيــــــــــر في حياة 
وأبقى بعد صـــــــــاحبه ثوابا
***
وأنّ الشرّ يصـــــــــدع فاعليه 
ولم أر خــــــــــيرا بالشرّ آبا
***
فرفقا بالبنيـــــــــن إذا اللّيالي 
على الأعقاب أوقـــــــعت العقابا 
***  
ولم يتقلدوا شــــــــكر اليتامى 
ولا ادّرعوا الدّعــــــاء المستجابا
***
عجبت لمعشر صــــــلّوا وصاموا
عواهر خشــــــــية وتقى كذّابا
***
وتلفيهم حــــــــيال المال صمّا 
إذا داعي الزّكــــــــاة بهم أهابا
***
لقد كتموا نصــــــــيب الله منه 
كأن الله لم يـــــــحصي النّصابا
***
ومن يعدل بحــــــــبّ الله شيئا
كحبّ المال ضــــــلّ هوى وخابا
***
أراد الله بالــــــــــفقراء برّا 
وبالأيتام حــــــــــبّا وارتيابا
***
فربّ صغير قـــــــــوم علّموه 
سما وحمى المســــــوّمة العرابا
***
وكان لقومـــــــــه نفعا وفخرا 
ولو تركوه كـــــــان أذى وعابا
***  
فعلّم ما اســـــــتطعت لعلّ جيلا
سيأتي يحدث الــــــعجب العجابا
***  
ولا ترهق شبــــــاب الحيّ يأسا
فإن اليأس يخــــــــترم الشّبابا
***
يريد الخالق الـــــــرّزق اشتراكا
وإن يك خصّ أقـــــــواما وحابى
***
فما حرم المــــــــجدّ جنى يديه 
ولا نسى الشقــــــيّ ولا المصابا 
***
ولولا البخل لـــــــم يهلك فريق 
على الأقدار تلقـــــــاهم غضابا
***
تعبت بأهله لــــــــوما وقبلي 
دعاة البرّ قد ســــــئموا الخطابا
***
ولو أنّي خطـــــــبت على جماد 
فجّرت به الينــــــــابيع العذابا
***
ألم تر للهواء جـــــــرى فأفضى 
إلى الأكواخ واخـــــــترق القبابا
***
وأنّ الشمس فـــــي الآفاق تغشى
حمى كسرى كـــــما تغشى اليبابا
***
وأنّ الماء تــــــروى الأسد منه 
ويشفى من تلــــــعلعها الكلابا
***  
وسوى الله بـــــــينكم المنايا 
ووسّدكم مع الــــــرّسل الترابا
***
وأرسل عائلا مـــــــنكم يتيما 
دنا من ذي الجـــــلال فكان قابا
***
نبيّ البرّ بـــــــــيّنه سبيلا
وسنّ خلاله وهــــــدى الشّعابا
***
تفرّق بعد عيســـــى النّاس فيه 
فلمّا جاء كـــــــان لهم متابا
***
وشافي النفس مــــن نزعات شرّ 
كشاف من طبائــــــعها الذئابا
***
وكان بيانه للـــــــهدى سبلا 
وكانت خيله للـــــــحقّ غابا
***
وعلّمنا بناء الـــــــمجد حتى 
أخذنا إمـــــرة الأرض اغتصابا
***
وما نيل المطــــــالب بالتّمني 
ولكن تؤخـــــــذ الدّنيا غلابا 
***
وما استعصى علــــى قوم منال 
إذا الإقدام كــــــان لهم ركابا
***  
تجلّى مولد الــــــهادي وعمّت 
بشائره البــــــوادي والقصابا
***  
وأسدت للــــــبريّة بنت وهب 
يدا بيضاء طــــــوّقت الرقابا
***
لقد وضعته وهّــــــاجا منيرا 
كما تلد السمـــــاوات الشّهابا
***
فقام على سمـــــاء البيت نورا
يضئ جبال مـــــــكّة والنّقابا
***
وضاعت يثرب الــــفيحاء مسكا 
وفاح القاع أرجــــــاء وطابا
***
أبا الزهراء قد جــــاوزت قدري 
بمدحك غير أنّ لـــــي انتسابا
***
فما عرف البـــــلاغة ذو بيان 
إذا لم يتّخــــــــذك له كتابا
***
مدحت المالـــــكين فزدت قدرا 
فحين مدحتك اقــــتدت السّحابا
***
سألت الله فــــــي أبناء ديني
فإن تكن الوسيـــــلة لي أجابا
***  
وما للمسلمـــــين سواك حصن 
إذا ما الضرّ مــــــسّهم ونابا
***
كأن النحس حـــين جرى عليهم 
أطار بكل ممـــــــلكة غرابا
***  
لو حفظوا سبيـــــلك كان نورا 
وكان من النّحــــوس لهم حجابا
***
بنيت لهم مـــــن الأخلاق ركنا 
فخانوا الرّكن فانـــهدم اضطرابا
***
وكان جنابهم فــــــيها مهيبا 
وللأخلاق أجــــــدر أن تهابا
***
فلولاها لســـــاوى الليث ذئبا 
وساوى الصّارم الـــماضي قرابا
***
فإن قرنت مكــــــارمها بعلم 
تذلّلت العلا بهــــــما صعابا
***
وفي هذا الزّمــــان مسيح علم 
يردّ على بنـــــي الأمم الشّبابا 
( أحمد شوقي / مصر )
	
 
		
		
		
 
		
		
		
				
		
* ويأتيك بالأخــــبار من لم تزوّد .
( طرفة بن العبد )
		
 
 
 
		
			
				
				
					
						التعديل الأخير تم بواسطة ياسَمِين الْحُمود ; 09-12-2021 الساعة 12:51 PM