احصائيات

الردود
7

المشاهدات
7971
 
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي


عبدالله باسودان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
324

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Jul 2011

الاقامة

رقم العضوية
10158
07-29-2011, 05:33 PM
المشاركة 1
07-29-2011, 05:33 PM
المشاركة 1
افتراضي امرؤ القيس
عبدالله علي باسودان

امرؤ القيس

حياته من شعره

هو جُندحُ بن حُجر الكندي، يقال له الملك الضليل، وذو القروح، من قبيلة كنده وهي قبيلة يمنية كانت تسكن غربي حضرموت، هاجرت منها جماعة كبيرة إلى الشمال مع هجرات اليمنيين المعروفة، وقد احتلت هذه القبيلة مكاناً بارزاً من نجد في أواسط القرن الخامس الميلادي، أما امرؤ القيس فهو لقب لُقب به ويعني الرجل الشديد، أبوه حُجر بن الحارث بن عمرو بن حُجر آكل المرار، ملك كندة "بني أسد وغطفان" دام ملكه ما يقارب ستين عاماً، وأمه تغلبية وهي فاطمة بنت ربيعة أخت كليب وسالم المهلهل بن ربيعة.
ولد امرؤ القيس سنة 500 م ونشأ في أسرة ملك وسيادة وترف، وكان أصغر إخوته وعاش في كنف والده الملك كما يعيش أبناء الملوك في ذلك الزمان، تعلم الفروسية ووسائل النجدة والشجاعة وكان كثير التردد على أخواله في بني تغلب فأخذ الشعر من خاله الشاعر المشهور المهلهل بن ربيعة.
نشأ امرؤ القيس منذ صغره وفي أعماقه شاعرية فياضة، تسندها عاطفة شديدة الانفعال وظروف بيئية أسهمت في تغذية هذه الشاعرية وتعميق مجراها، تمكن من قول الشعر في عنفوان الشباب وأكثر من التغزل في فتيات بني أسد والتشبيب بهن مما أدى إلى إغضاب والده الذي رأى أن طريقته لا تليق بابن ملك فحاول منعه وزجره ولكنه لم يزدجر وإنما واصل التشبيب في النساء مما أدى إلى طرده وخروجه من كنف والده ورعايته خاصة لكثرة تشبيبه في فاطمة بنت العًبيد بن ثعلبة بن عامر العذرية فهي التي يقول فيها:

أفـاطـــم مهـــلاً بعــض هـذا الــتدلل
وإن كـنت قد أزمعت صرمي فأجملي

وإن تـك قـد ســاءتك مــني خليقـــــة
فسـليّ ثيابي من ثــيابك تنســـل

أغــرّك مــنّي أنّ حـــبّك قــــاتـــلـي
وأنـّك مهمـا تأمري القلـب يفعــل

ومـا ذرفـت عــيناك إلا لـتضــــربي
بسهمــيك فـي أعشـار قلب مقتّل

وبيضـــة خــدر لا يــرام خــــباؤهـا
تمتـّعـت مـن لهـو بها غير معجـل

تجــاوزت أحـراســاً إليهــا ومعشـراً
عـليّ حـراصـاً لـو يســرّون مقـتل

فهام على وجهه مع عصابة من الشذاذ واللصوص، والصعاليك فكان يغير على أحياء العرب ويسطوا على ممتلكاتهم ثم يتقاسمون الغنائم فيما بينهم ويشربون الخمر ويلعبون النرد وينشدون الشعر، وبينما هو كعادته غارقاً في اللذات يعاقر الخمر ويغازل النساء جاءه الخبر بمقتل والده وهو بدمّون حي من أحياء حضرموت على رجل من بني عجل يقال له عامر الأعور فلما أخبره بذلك أنشد يقول:
تطاول الليل علىّ دمّون د مّون إنا معشر يمانون
و إننا لأهلنا محبّون
فقال قولته المشهورة "ضيعني أبي صغيراً وحمّلني دمه كبيراً، ولا صحو اليوم ولا سكر غداً اليوم خمر وغداً أمر" ثم قال:

خليليَّ ما في اليوم مصحى لشاربٍ ولا في غدٍ إذ كان ماكان مشربُ

وآلى على نفسه لا يأكل لحما ولا يشرب خمراً حتى يأخذ الثأر بأبيه فلما كان من الليل لاح له برق فأنشد يقول:

أرقتُ لبرقٍ بليلٍ أهلَّ يضىء سناه بأعلى الجـبل
أتاني حديثٌ فكذ ّبتــه بأمر تزعزع منه القُــلل
بقـتل بني أسدٌ ربــهم ألا كلّ شيْ سواه جـــلل
فأينا ربــيعة عن ربها وأين تمـيم وأين الـخول
ألا يحضـرون لدى بابه كما يحضرون إذا مـا أكل

منذ ذلك اليوم ودع ّامرؤ القيس اللهو والترف وبدأ بالاستعداد للأخذ بالثأرواسترجاع المُلك الضائع وقد حرضه على ذلك بنو تغلب وبكر فجمع العدة واستنجد القبائل واستنفرها فأجابوه فقاتل بني أسد وأثخن فيهم قتلاً إلى أن قررت بنو أسد أن تفتدي نفسها بمئة من وجوهها لكن امرؤ القيس أبى ذلك مما أدى إلى تخلي القبائل عنه.
ولمَّا يئس من استنفار واستنجاد القبائل العربية مرة أُخرى، سعى إلى طلب المساعدة من ملك الروم فذهب إلى السموأل بن عاديا وطلب منه أن يتوسط له هو والحارث بن شمر الغساني عند جوستنياس قيصر الروم في القسطنطينية وكان معه عمرو بن قميئة وهو أحد بني قيس بن ثعلبة وكان هذا من خدم أبيه وفي طريقهم إلى القيصر بكى عمرو وقال له لقد غررت بنا فأنشد امرؤ القيس:

بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيـقن أ نّا لاحـقان بقيصـرا
فقلت له لا تبك عيـنك إنمـا نحاول ملكاً أو نمـوت فنـعذرا
وإني أذين بأن رجعـت ممـّلكاً بسيرٍ ترى منه الفـُرانق أزورا
على ظـهر عاديّ تحـاربه القطا إذا سا فهُ العودُ الدّيافي جًرجرا

ولما وصل امرؤ القيس الى بلاد الروم، أمر القيصر بإحسان ضيافته ووعده خيراً. تقول الروايات أن ابنة قيصر نظرت اليه فعشقته وأصبحا يتقابلان خلسةً وشعر بذلك الطمّاح بن قيس الأسدي وكان والد امرىْ القيس قد قتل والده فوشى به الى القيصر. فخاف امرؤ القيس من أن يعرف الملك ذلك فخرج مسرعاً. إلا أن القيصر أظهر له أنه سوف يساعده وأهدى له حِلّة وقال له إن هذه من أحسن الحلل التي ألبسها في الأعياد فلبسها امرؤ القيس في يوم صائف فتقرح جسمه من أثر السم فسمي بذي القروح. وقال في ذلك:

ألمَّـا على الربع القديم بعسعسا
كأني أُنَادي أوْ أكتـُّم أخرْسَا
فلوْ أنّ أهلَ الدّارِ فيها كَعَهْدِ نَا
وَجدتُ مَقيلاً عِندهمْ وَمْعرَّسَا
فلا تنكروني إنني أنا ذاكم
لَيَاليَ حَلَّ الحَيُّ غَوْلاً فألعسا

فإما تريني لا أغمضُ ساعة
من الليل إلا أن أكبَّ فأنعسا

تَأوّبَني دَائي القَدِيمُ فَغَلَّسَا
أُحَاذِرْ أنْ يَرْتَدّ دائي فأُنْكَسَا

فَيا رُبّ مَكرُوبٍ كَرَرْتُ وَرَاءَهُ
وطاعنتُ عنهُ الخيلَ حتى تنفسا

وَيَا رُبّ يَوْمٍ قَدْ أرُوحُ مُرَجَّلاً
حَبِيباً إلى البِيضِ الكَوَاعبِ أملَسَا

يرعنَ إلى صوتي إذا ما سمعنه
كمَا تَرْعوِي عِيطٌ إلى صَوْتِ أعيَسَا

وما خفتُ تبريح الحياة كما أرى
تَضِيقُ ذِرِاعي أنْ أقومَ فألبَسَا

فلو أنها نفسٌ تموتُ جميعة
وَلَكِنّهَا نَفْسٌ تَسَاقَطُ أنْفُسَا

وبدلتَّ قرحاً دامياً بعد صحة ٍ
فيا لك من نعمى تحوّلن أبؤساً

لَقد طَمَحَ الطَّمّاحُ من بُعد أرْضِهِ
ليلبسني من دائه ما تلبسا

ألا إن بعد العُدم للمرء قنوة ً
وَبعدَ المَشيبِ طولَ عُمرٍ ومَلَبَسَا


ويقول:
بأني قد هلكت بأرض قـوم
سحيقاً من دياركـم بعيـدا

فلما أيقن أن منيته قريباً لامحالة أرسل رسالة الى قومه بني حُجر بن عمرو يقول فيها:
الأ أبلغ بني حُجر بن عمرو
وأبلغ ذلك الحـي الحديـدا

ولو أني هلكت بأرض قومي
لقلت الموت حق لا خلـودا

أعالج ملك قيصر كل يـوم
وأجدر بالمنيـة أن تقودا

بأرض الشام لا نسب قريب
ولا شاف فيسند أو يعـودا

وبينما هو في طريقه رأى قبراً فسأل عن صاحب القبرفأُخبرأنه قبربنت من بنات ملوك الروم فقال:
أجارتنا إن المزار قريبُ وإني مقيم ما أقام عسـيبُ
أجاراتنا إنّا غريبان هاهنا وكل غريب للغريب نسيبُ

مات امرؤ القيس سنة 540 م ودفن بجانب ذلك القبر.

شعره:

اعتبر كبار الأدباء والعلماء والشعراء شعره أحد أهم قوائم الشعر العربي ومنحوه اهتماماً كبيراً.
جاء شعر امرئ القيس صدى لنوعين من الحياة: حياة اللهو والترف والعبث وحياة الجد والعزم والثأر كما جاء شعره صدى لنوعين من البيئة، بيئة البداوة أكسبت شعره مسحة القوة والصفاء وبيئة الحضارة التي منحت شعره سمة الرقة واللين، لقد قال الشعر في كل مايحتاج إليه الشباب المترف العابث، وقال الشعر في الحرب والثأر والتهديد ورفع الهمم والعزائم. وقال الشعر في الوصف والرؤيا الشعرية المتدفقة وسبق كثيرا من الشعراء في عصره والعصور التي جاءت بعده حتي أن بعض كبار الشعراء اقتبسوا من شعره وصاغوه في بعض أشعارهم.

اجتمع عبدالملك بن مروان مع بعض كبار الشعراء في ذلك العصر فسألهم عن أرق بيت قالته العرب فاجتمعوا على بيت امرئ القيس:

وما ذَرَفت عيناكَ إلا لتضربي بسهميكِ في إعشار قلبِ مقتّلِ

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: امرؤ القيس سابق الشعراء، خسف لهم عين الشعر.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: رأيته أحسن الشعراء نادرة، وأسبقهم بادرة، وأنه لم يقل الشعر لرهبة أو لرغبة. وقال عنه الفرزدق بأنه أشعر الناس.
لقد ترك سجلاً حافلاً من ذكريات الشباب وسجلاً حافلاً من بطولات الفرسان وترك مع هذين السجلين ديوان شعر ضم بين دفتيه عدداً من القصائد والمقطوعات التي جسدت تاريخ شبابه ونضاله. لقد ترك ما يقارب المئة قصيدة ومن أهمها معلقته الشهيرة:

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها
مَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ

ترى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا
وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ

كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا
َلدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ
يقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ

وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ
فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ

كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا
وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ

إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا
نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ

فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً
عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي

ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ
وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ

ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِـي
فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّـلِ

فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَـا
وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المفتـَّل

ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْـزَةٍ
فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي

َتفـولَّ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعـاً
عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَـهُ
ولاَ تُبْعـِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّـلِ

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِـعٍ
فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْـوِلِ

إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ
بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ

ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَـذَّرَتْ
عَلَـيَّ وَآلَـتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّـلِ

أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّـلِ
وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي

أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِلِـي
وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَـلِ

وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ
فَسُلِّـي ثِيَـابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُـلِ

وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي
بسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ

وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا
تمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ

تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً
عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِـي

إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ
تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّـلِ

فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا
لَـدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ

َفقالت : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ
وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي

فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَـى
بنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ

هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَـتْ
عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ

مُهَفْهَفَـةٌ بَيْضَـاءُ غَيْرُ مُفَاضَــةٍ
َرَائِبُهَـا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَــلِ

كَبِكْرِ المُقَـانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْــرَةٍ
غَـذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّــلِ

تَـصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقــِي
بنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِـلِ

وفَـرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِــمٌٍ
أثِيْـثٍ كَقِـنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِــلِ

غَـدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُــلاَ
ضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَــلِ

وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّــرٍ
وسَـاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّــلِ

وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَـا
نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّـلِ

وتَعْطُـو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّــهُ
أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِـلِ

تُضِـيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَــا
مَنَـارَةُ مُمْسَى رَاهِـبٍ مُتَبَتِّــلِ

إِلَى مِثْلِهَـا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَــةً
إذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْـوَلِ

سَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَـا
ولَيْـسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَـلِ

ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُـهُ
نَصِيْـحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَــلِ

ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَــهُ
عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُـمُوْمِ لِيَبْتَلِــي

فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــهِ
وأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَاءَ بِكَلْكَــلِ

ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي
ِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ

فَيَــا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَـهُ
بـأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْــدَلِ

وقِـرْبَةِ أَقْـوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَــا
عَلَى كَاهِـلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّــلِ

وَوَادٍ كَجَـوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُــهُ
بـهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْعِ المُعَيَّــلِ

فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا عَوَى : إِنَّ شَأْنَنَــا
قَلِيْلُ الغِنَى إِنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَــوَّلِ

كِــلاَنَا إِذَا مَا نَالَ شَيْئَـاً أَفَاتَـهُ
ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْـزَلِ

وَقَـدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَـا
ِبمُنْجَـرِدٍ قَيْـدِ الأَوَابِدِ هَيْكَــلِ

مِكَـرٍّ مِفَـرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِـرٍ مَعــاً
كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ

كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْـدُ عَنْ حَالِ مَتْنِـهِ
كَمَا زَلَّـتِ الصَّفْـوَاءُ بِالمُتَنَـزَّلِ

عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِـزَامَهُ
إِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَـلِ

مَسْحٍ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنَى
َثَرْنَ الغُبَـارَ بِالكَـدِيْدِ المُرَكَّـلِ

بُزِلُّ الغُـلاَمُ الخِفَّ عَنْ صَهَـوَاتِهِ
يُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيْـفِ المُثَقَّـلِ

دَرِيْرٍ كَخُـذْرُوفِ الوَلِيْـدِ أمَرَّهُ
َتَتابُعُ كَفَّيْـهِ بِخَيْـطٍ مُوَصَّـلِ

لَهُ أيْطَـلا ظَبْـيٍ وَسَاقَا نَعَـامَةٍ
وإِرْخَاءُ سَرْحَانٍ وَتَقْرِيْبُ تَتْفُـلِ
ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَـدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَـهُ
بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ

كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَـى
مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَـلِ

كَأَنَّ دِمَاءَ الهَـادِيَاتِ بِنَحْـرِهِ
عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ

فَعَـنَّ لَنَا سِـرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَـهُ
عَـذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذَبَّـلِ

فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّـلِ بَيْنَـهُ
ِبجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْـوَلِ

فَأَلْحَقَنَـا بِالهَـادِيَاتِ ودُوْنَـهُ
جَوَاحِـرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّـلِ

فَعَـادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَـةٍ
دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَـلِ

فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ
صَفِيـفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّـلِ

ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُوْنَـهُ
مَتَى تَـرَقَّ العَيْـنُ فِيْهِ تَسَفَّـلِ

فَبَـاتَ عَلَيْـهِ سَرْجُهُ ولِجَامُـهُ
وَبَاتَ بِعَيْنِـي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَـلِ

أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَـهُ
كَلَمْـعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّـلِ

قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ ضَـارِجٍ
وبَيْنَ العـُذَيْبِ بُعْدَمَا مُتَأَمَّـلِ

عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِـهِ
وَأَيْسَـرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُـلِ

ومَـرَّ عَلَى القَنَـانِ مِنْ نَفَيَانِـهِ
فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْـزِلِ

وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَـةٍ
وَلاَ أُطُمـاً إِلاَّ مَشِيْداً بِجِنْـدَلِ

كَأَنَّ ثَبِيْـراً فِي عَرَانِيْـنِ وَبْلِـهِ
كَبِيْـرُ أُنَاسٍ فِي بِجَـادٍ مُزَمَّـلِ

كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُـدْوَةً
مِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَةُ مِغْـزَلِ

وأَلْقَى بِصَحْـرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَـهُ
نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ

كَأَنَّ مَكَـاكِيَّ الجِـوَاءِ غُدَّبَـةً
صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَـلِ

كَأَنَّ السِّبَـاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّـةً
بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُـلِ


ومن جيِّد شعره:

ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي
وَهل يَعِمنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي

وَهَل يَعِمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ
قليل الهموم ما يَبيتُ بأوجالِ

وَهَل يَعِمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه
ثَلاثِينَ شهراً في ثَلاثَة ِ أحوَالِ

دِيارٌ لسَلمَى عَافِيَاتٌ بذِي خَالِ
ألَحّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطّالِ

وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طَلا
من الوَحشِ أوْ بَيضاً بمَيثاءِ مِحْلالِ

وتحسِبُ سلمى لا نزالُ كعهدنا
بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسّ أوْعالِ

لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنْصَّباً
وجيداً كجيد الرئم ليس بمعطال
ألا زعمت بسبابة ُ اليوم أنني
كبرت وأن لا يحسنُ اللهو أمثالي

ومن قصيدة يتذكر فيها أيام شبابه ومغامراته:

أماويّ هل لي عندكم من معرّس أمِ الصرْمَ تختارِينَ بالوَصْل نيأسِ
أبِيني لَنَا، أنّ الصَّريمَة َ رَاحَة من الشكّ ذي المَخلوجة ِ المُتَلَبِّسِ
كأني ورحلي فوق أحقب قارح بشربة َ أو طاف بعرنان موجس
تَعَشّى قَلِيلاً ثمّ أنْحَى ظُلِوفَهُ يشيرُ الترابَ عن مبيتٍ ومكنس
يَهِيلُ وَيَذْرِي تُرْبَهَا وَيُثِيرُهُ إثَارَة َ نَبّاثِ الهَوَاجِرِ مُخمِسِ
فَبَاتَ على خَدٍّ أحَمَّ وَمَنكِبٍ وَضِجعَتُهُ مثلُ الأسيرِ المُكَرْدَسِ
وباتَ إلى أرطأة حقف كأنها اذا الثقتها غبية ٌ بيتُ معرس
فَصَبّحَهُ عِنْدَ الشُّرُوقِ غُدَيّة كلابُ بن مر أو كلاب بن سنبس
مغرثة زرقا كأن عيونها من الذمر والايحاء نوارُ عضرس
فأدبر يكسوها الرغام كأنها على الصَّمْد وَالآكامِ جِذوَة ُ مُقبِسِ
وايقنَ إن لا قينه أن يومه بذِي الرَّمثِ إنْ ماوَتْنهُ يوْمُ أنفُسِ
فَأدرَكنَهُ يأخُذنَ بالسّاقِ وَالنَّسَا كما شبرقَ الولدانُ ثوبَ المقدّس
وَغَوّرْنَ في ظلّ الغَضَا وَتَرَكْنَه كقرم الهجانِ الفادر المتشمس
[/size][/SIZE[/SIZE]]


قديم 07-29-2011, 09:05 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
جميله هذه الدراسات،،

استاذ عبدالله باسودان انت مدرسة بحق.

قديم 08-18-2011, 08:39 PM
المشاركة 3
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


جزيل الشكر لك استاذ عبدالله على اتحافنا بهذه الدراسة


عن شاعر يعجبني شعره واعجب من سيرته..

كن بخير..







خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 08-18-2011, 10:00 PM
المشاركة 4
أحمد قرموشي المجرشي
النغـم المهاجـر
  • غير موجود
افتراضي
َتفـولَّ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعـاً
عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَـهُ
ولاَ تُبْعـِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّـلِ

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِـعٍ
فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْـوِلِ

إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ
بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ



هنا مربط الفرس ...
بورك طرحك الجميل أستاذي ...
قنطار ود .

(( ابن الملــِــكين ))
نعم ...
لاحزن ...لاحزن ...
جدتي بلقيس ...وجدي ذو يزن .
**********
قديم 08-19-2011, 10:35 AM
المشاركة 5
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي عبدالله باسودان
أخي أحمد ابن اليمن السعيد

أشكرك على مرورك الكريم.

ذكرتني بقصيدة شاعرنا المرحوم عبدالله اليردوني :

جنوبيون في صنعاء شماليون في عدن .

مع أطيب المنى أخي حمد

قديم 08-19-2011, 10:46 AM
المشاركة 6
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي عبدالله باسودان
أختي الأستاذة والكاتبة والأديبة القديرة سارة

أشكرك على مرورك الكريم،

أنتِ أديبة وكاتبة بحق. أتابع دراساتك بإعجاب خاصة منها دراستك عن شاعرنا عبدالله البردوني.

منتظرون منك المزيد من هذه الإبداعات.

جزاك الله خيراً.

قديم 08-20-2011, 08:29 PM
المشاركة 7
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي عبدالله باسودان
أخي الأستاذ أيوب

أشكرك على مرورك. دمت في خير.

قديم 09-25-2011, 08:45 PM
المشاركة 8
احمد ماضي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ عبد الله باسودان

لك التحية من القلب والقلم

شكرا لهذا الجهد الادبي المتواصل والمثمر

كن بخير




لا سواكِ يكبلني بالحُب


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: امرؤ القيس
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
امرؤ القيس بن أبان أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 10-11-2022 05:12 AM
هنا القدس حمزه حسين منبر شعر التفعيلة 16 02-02-2021 01:08 PM
امرؤ القيس أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 4 10-13-2020 09:11 AM
ديوان امرئ القيس د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-30-2014 09:33 PM
اخْصِهم عددا امرؤ القيس..المعلقة الثانية عمر ابو غريبة منبر الشعر العمودي 15 09-18-2010 11:35 PM

الساعة الآن 06:21 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.