احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3992
 
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


رشيد الميموني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
597

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Dec 2010

الاقامة
تطوان / شمال المغرب

رقم العضوية
9563
01-23-2011, 07:45 PM
المشاركة 1
01-23-2011, 07:45 PM
المشاركة 1
افتراضي الغضب
الغضب


اليوم ليس كسائر الأيام بالنسبة لفتاة في مثل سنها .. تنظر في المرآة إلى قوامها الغض وهو في طور التكوين وتبتسم خيلاء ودلالا .. "هل أنا الآن امرأة ؟.. ماذا ينقصني لأصير مثل سائر النساء ؟ .. الكل يشهد برجاحة عقلي واتزاني .." تلف حول نفسها كمن يرقص .. ثم تحدق في عينيها بالمرآة .. كم تشبه أباها .. وفي لحظة ، تذكرت أنها على موعد هام معه .. موعد أثار الكثير من السخط من لدن باقي أخواتها .. كان الصباح مشحونا بالجدال والتراشق بالكلمات حتى اضطرت الأم العليلة إلى نهرهن آمرة إياهن بالصمت .. عيرتها الأخت الصغرى بأنها خائنة .. والكبرى بأنها ذات نزوات و تريد أن تثير الاهتمام .. " ماذا ستفعلين عنده وعند تلك الحية الرقطاء ؟ .. هل فكر يوما ما في بناته منذ ارتمى في أحضانها ؟ .. ألا تأخذك شفقة على هذه الأم التي لم يكلف نفسه عناء السؤال عنها ، وهي التي قاسمته الحلو والمر؟.."
لم ترد إلا بكلمات قليلة .. تنظر إلى الشبح الممدد على السرير فتلمح في عيون أمها توسلا بعدم الاسترسال في الجدال .. لكن لم تفتها تلك النظرة المفعمة بالرجاء وهي ترى تصميمها على مقابلة أبيها .. تستشف منها نداء ولهفة في أن تمضي قدما في قرارها .. المسكينة ..لا زالت تحبه رغم هجره.. إذن هذه فرصتها لتكون حبل وصال بينهما .. من يدري ؟ .. لعل الأمور تعود إلى مجاريها على يديها .. حقا ، إنها لم تنس ثورته و نكده كل صباح .. ولم تنس دموع أمها عقب كل شجار.. وتتذكر جيدا كيف كان يقابل شكواها من قلة التموين باتهامها بالإسراف .. وحتى حين انهارت صحتها لم يبد عليه أنه تأثر و لم يبادر إلى إسعافها بدواء مشتكيا ضيق الحال .. لكنها أرجعت كل ذلك إلى فورة الغضب .. قالت لأختها الكبرى و قد نفذ صبرها :" هو أبي كما هي أمي .. وإذا كان قد أخطأ .. فليس هذا مبررا لكي أقاطعه وأهجره .. "
هزت رأسها نشوة ، فتراجعت جدائل شعرها الأشقر إلى الوراء .. ما الذي يبهجها ؟ .. هل هو قرارها ؟ .. أم قرب رؤية أبيها ؟ .. أم إرضاء أمها ؟.. أم هذا الإحساس العارم بالأنوثة المتدفقة من ثنايا جسدها الفتي ؟ .. إنها لا تنكر شعورها بغرابة الموقف و هي تتخيل نفسها وجها لوجه أمام تلك المرأة التي خطفت أباها .. كيف سيكون اللقاء ؟ وهل ستتمالك نفسها وتتعامل بكل لباقة مع ضرة أمها ، أم أن صورة هذه الأخيرة في مخيلتها سوف تجعلها تفقد السيطرة على أعصابها و تتصرف كأختيها لو كانتا في مكانها ؟ .. ليكن .. فالأمر لا يستدعي كل هذا .. ثم إنها لا تنسى أن لها هدفا نبيلا ، وعليها تحقيقه .. آه لو تحقق .
تنطلق عصرا ، و تتبعها العيون في صمت .. نظرات كلها حنق و غضب وأخرى تتوهج أملا ورجاء . وحين تصل إلى المنزل الأنيق في الضاحية الغربية للمدينة تحس بوخز مؤلم في القلب .. هل عاشت أمها يوما في مثل هذه السكينة المطبقة على البيت الجميل ؟ .. تحرك رأسها في عنف لتطرد الأفكار عنه .. ويفتح الباب فتجد نفسها أمام غادة تكاد تكون في مثل سنها .. عاد الوخز من جديد .. "أبي هنا ؟ " .. تعمدت أن تكون تلقائية .. فهي في بيت أبيها ..
- نعم تفضلي .. مرحبا بك .
يستقبلها الأب بالأحضان فتشعر بالسكينة .. لكن دمعها يسبقها ، فتبكي على ذراعيه .
- ما لك ابنتي ؟ لم تبكين ؟
- اشتقت إليك أبي ..
- وأنا كذلك .. لعن الله المشاغل ..
كادت تضحك وهي تتخيل نفسها سائلة إياه : " هل تعني بالمشاغل تلك التي فتحت لي الباب ؟ " .. كفكفت دمعها ثم جلست تنظر إليه .. تجد نفسها أمام شاب وليس بكهل .. أين ذاك الشعر المنتفش و الجفون المنتفخة ؟ بل أين الثياب المترهلة ورباط العنق البئيس الذي لم يكن يفارقه ؟ تدخل المرأة بصينية مذهبة عليها عصير البرتقال.. تحس بالوخز.. يسألها الرجل:
- كيف حال أخواتك ؟ ..
- بخير ويسلمن عليك ..
نظرات عينيه تقول .. هذا غير صحيح .. ترى متى سيسألها عن أمها ؟ .. هل يجد حرجا في ذلك أمام هذه المرأة ؟ حسنا لتنتظر فرصة اختلائها به و تبدأ في تنفيذ خطتها .. والفرصة جاءت فورا .. استأذنت المرأة في الصعود إلى السطح لنشر الغسيل .. إذن ..
- الجميع يسلم عليك .. أخواتي .. أمي .. رغم مرضها الشديد أشارت إلي أن سلمي عليه ..
- وأنت ما ذا فعلت في دراستك ؟
تحس بالإحباط لكنها تجيب :
- كنت أفكر في الشعبة المناسبة .. لكن أمي نصحتني بأخذ مشورتك .
- حقا ؟ .. جازاها الله خيرا ..
- أبي .. ألم تصدقني ؟
- بلى وإن كنت أجد الخبر غريبا ..
كيف السبيل لإقناعه بما جاءت بصدده ؟
- أبي .. متى ستأتي لزيارتنا ؟
- البركة فيك .. أنا يئست من أخواتك .. هن حرات ..
- لكن أمي ..
- أمك .. سامحها الله .. لقد انتهى كل شيء بيننا .. أنت لطيفة وعاقلة وتفهمين كل شيء .. عكس أخواتك .. حسنا ، الآن أنا مضطر للذهاب .. سأذهب للتسوق .. نبيلة معك .. كوني صديقتها .. على فكرة .. لم لا تأتين للعيش معي ؟ .. ستسر نبيلة بذلك ، خصوصا ..
اقترب منها هامسا :
- ننتظر أخا لك .
تنتفض في عنف .. في تلك اللحظة ، تقتحم الضرة عليهما خلوتهما فتحس نحوها بحقد وكراهية ، لكنها تتمالك نفسها وتستجيب لعرضها بمرافقتها إلى مخدع النوم .. هناك تحاول المرأة التودد إليها.. تريها ألبوم الصور.. يا للشعور بالغثيان ! زفاف وشهر عسل ولهو على الشاطئ .. ثم تخرج حقيبة من درج بالصوان .. يا للهول ! حلي و لآلئ ومجوهرات ..
- ما أن علم بحملي بأخيك حتى بادر بشراء كل هذا رغم ضيق الحال ..
الطنين يملأ أذنيها .. دبيب مثل دبيب النمل يغزو جسدها .. تحس بالدوار وتضع يدها على فمها لتمنع التقيؤ ..
- ما لك أختي ؟ .. هل أنت بخير ؟
تنهض وهي تنتفض .. تسرع نحو الباب وتخرج غير عابئة بنداء نبيلة ولا بنظرات بعض الجيران وهي تتابع مشيتها المترنحة .. تختلط في مخيلتها أشياء لتضفي على ما حولها سوادا قاتما .. لآلئ ومجوهرات .. الجسم النحيل على السرير.. البيت الأنيق و الأثاث .. التسوق .. ضيق الحال .. نظرات الرجاء والحب ..
كم من الوقت مر وهي قابعة في غرفتها .. لا تبكي ولا تجيب نداء الأم ولا ترد على شماتة الأخوات .. ربما كان الزمن الذي عاشت فيه تجربتها بلقاء أبيها بعيدا عن الزمن الذي تعيشه الآن .. قد تكون خرجت من عزلتها و عادت إلى دراستها .. وشاركت الآخرين أفراحا وأحزانا قبل أن تعيش هي الأخرى أفراحها وأحزانها .. نجحت فكانت الفرحة الكبرى .. لكن طعمها مر بغياب الجسد النحيل .. كم بكت يوم إعلان النتائج و أخواتها يضممنها مهنئات .. لكنها لم تبك حين جاء نبأ آخر ..
- هيئي نفسك للذهاب معنا .. يجب أن نكون هناك في استقبال المعزين .. أنت تعرفين البيت .. و التقيت بالأخرى .. هو أبونا مهما فعل .. رحمة الله عليه .. لقد أعذرناك يوم كان مريضا وتوسل بأن يراك .. الآن ما فات قد فات .
في الوقت الذي انشغلت الأخريات بإعداد ما يجب حمله .. انسلت هي إلى غرفتها لتلم بعض الحاجيات و تدسها دسا في حقيبة السفر .. ثم تخرج عليهن وقد عقصت شعرها في ما يشبه سيدة حقيقية ..
- أنا مسافرة .. سأقضي بعض الوقت عند خالتي في الجنوب .
- وأبوك .. والعزاء ؟ .. يا للفضيحة .
- البركة فيكن .. مع السلامة .


قديم 01-24-2011, 01:11 AM
المشاركة 2
هوازن البدر
أديـبة وإعلاميـة فلسطيـنيـة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تخيلت ذلك البيت التعيس دون الأب .. وحال الأم المريضة .. البنات وطريقة تعبيرهم عن هذا الحقد المدفون فيهم لحال أمهم المريضة ... على ابيهم وقراره للعيش مع إمرأة غيرها ...
عشتها فعلاً تلك القصة وأنا أقرأ تفاصيلها المظلمة ..والكلمات المخنوقة في حلق الفتاة الجاف ...التي داخلها يصرخ ولا أحد يسمع صراخها ...
ونعت أخواتها لها .. والجرأة التي تظاهرت بها لزيارة الأب ...

ياللهي كم هي التفاصيل متعبة هنا ...
الميموني الرائع ..
أنت صعنت جميلاً معي .. بأنك جعلتني أعشق القصص القصيره رغم انني لا أحبها ...

جميلة جداً ..
قصة من الواقع مؤثرة جداً .. سلمت الأنامل ..
تحية .. الهوازن

لا شيءيضاهي بزوغ الحب الصادق في قلب امرأة ..أمضت الكثير من الوقت راجفة على شواطئ الإنتظار..
قديم 01-24-2011, 02:24 AM
المشاركة 3
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تخيلت ذلك البيت التعيس دون الأب .. وحال الأم المريضة .. البنات وطريقة تعبيرهم عن هذا الحقد المدفون فيهم لحال أمهم المريضة ... على ابيهم وقراره للعيش مع إمرأة غيرها ...
عشتها فعلاً تلك القصة وأنا أقرأ تفاصيلها المظلمة ..والكلمات المخنوقة في حلق الفتاة الجاف ...التي داخلها يصرخ ولا أحد يسمع صراخها ...
ونعت أخواتها لها .. والجرأة التي تظاهرت بها لزيارة الأب ...

ياللهي كم هي التفاصيل متعبة هنا ...
الميموني الرائع ..
أنت صعنت جميلاً معي .. بأنك جعلتني أعشق القصص القصيره رغم انني لا أحبها ...

جميلة جداً ..
قصة من الواقع مؤثرة جداً .. سلمت الأنامل ..
تحية .. الهوازن
الكريمة الرائعة هوازن ..
اسمحي لي أن أعبر لك عن مدى امتناني و سعادتي لما أضفيته على قصتي من ألق .
لا أخفيك سرا سيدتي أنني أمام هذا المرور العبق عدت من جديد إلى قصتي لأعيد قراءتها من جديد واشعر بنفس التأثر الذي أشعر به عند كل قراءة ..
هذه المرة كان تأثري بمرورك أكبر لأنك جعلتني أعتز و أفخر لكون اديبة مثلك تحيط نصي المتواضع بعنايتها ، بل و لكوني حببت إليك قراءة القصص القصيرة ..
هذا ما يجعلني أعجز عن إيفائك حقك من الشكر و التكريم ..
لكن ثقي في مودتي و تقديري وتقبلي صداقتي ..
أقدم لك باقة ورد لائقة بنبلك و شخصك الكريم .
بكل المودة .

قديم 02-28-2011, 08:52 PM
المشاركة 4
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم رشيد الميموني المحترم

قصتك جميلة تستحق القراءة فعلاً . . وقد عشت تفاصيلها الأليمة . .
كما تدين تدان . . وكما تقسو على أولادك وتمتنع عنهم . . فهم سيقابلونك بالمثل . .
كم ذلك صعب . . وكم هو عذاب الله من الشدة على من خان الأمانة . . أمانة الأولاد وتنشئتهم . .
القصة قاسية في نهايتها بكل ماتحمل الكلمة من معنى . .
لقد ضاعت المبادىء . . بضياع الأب وجريه وراء أهوائه . .
وفي موته فقد بدأ الحساب . .

بورك القلم . .
تقبل تحيتي وتقديري . .


** أحمد فؤاد صوفي **



همسة :

عن على بالي بعض التفلسف الأدبي الذي لا أبوح به إلا للقصص التي تعجبني :

(اليوم ليس كسائر الأيام بالنسبة لفتاة في مثل سنها .. تنظر في المرآة إلى قوامها الغض وهو في طور التكوين وتبتسم خيلاء ودلالا = أرى وجوب حذف -وهو في طور التكوين- لأنه أضعف الفقرة ولم يضف للقصة شيئاً فهو إذن حشو)
(هل فكر يوم في بناته =.... يوماً .... )
(ألا تأخذك شفقة على هذه الأم التي لم يكلف نفسه عناء السؤال عنها ، وهي التي قاسمته الحلو والمر = أرى بأن صياغة الفقرة هنا غير واقعية ،وبين الأخوات فبالعادة يستخدمن كلمة : أمك أو والدتك بشكل مباشر ولا يستخدمن ضمير الغائب أبداً)
(وهي التي قاسمته الحلو والمر؟.."=جملة غير واقعية يمكن حذفها أو تعديلها والحفاظ على نفس المعنى)
(و لم يبادر إلى إسعافها بدواء مشتكيا ضيق الحال = كلمة -بدواء- هنا تعتبر حشواً)
(تتصرف كإخوتها لو كن في مكانها ؟=.... كأخواتها ........)
(لكن دمعها تسبقها =لكن دمعتها تسبقها ، أو لكن دمعها يسبقها)
( والفرصة جاء فورا .. =...جاءت...)
(إلى السطح لنشر الغسيل .. إذن ..= كلمة -إذن-هنا زائدة وتعتبر حشواً)

*كذلك فلم يتم توظيف -شعور البنية بالوخز- بشكل كاف في تفاصيل المعنى.

قديم 02-28-2011, 10:01 PM
المشاركة 5
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الغالي أ. أحمد فؤاد ..
كم أنا ممتن لتعليقك أولا ثم لملاحظاتك التي درستها بعناية و قمت بتعديل ما يجب تعديله في ما يخص بعض الأخطاء التي سهوت عنها ..
ربما كانت هناك أشياء تتعلق بالحشو لكني فضلت تركها .. وأذكر على سبيل المثال كلمة "إذن" التي لا تشكل امتدادا لما قبلها و إنما هي خطاب غير مباشر للفتاة .. وكأن الجملة المحذوفة بعدها تقول : فلتنتهز الفرصة .
شكرا لك أخي من كل قلبي .. لأني استفدت كثيرا من أشياء ستكون لي عونا في محاولا تي القصصية .
لك كل المحبة .


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الغضب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
انشودة الغضب عبدالستارالنعيمي منبر الشعر العمودي 0 10-31-2023 08:57 PM
دعاء الغضب د محمد رأفت عثمان منبر الحوارات الثقافية العامة 0 10-27-2015 06:30 AM
حب في زمن الثورة ... جمعة الغضب .. جودي الزين منبر البوح الهادئ 3 12-22-2011 01:05 PM
إلى دعاة يوم الغضب المصري الثاني و مؤيدوها : احمد العويل منبر الحوارات الثقافية العامة 0 05-19-2011 01:04 AM
هكذا يغنى المصريون فى يوم الغضب محمد جاد الزغبي منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 8 01-27-2011 07:54 PM

الساعة الآن 12:36 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.