احصائيات

الردود
2

المشاهدات
5319
 
لطفي زغلول
الكاتب والشاعر الفلسطيني المعروف

لطفي زغلول is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
58

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Aug 2006

الاقامة

رقم العضوية
1824
01-17-2011, 10:51 AM
المشاركة 1
01-17-2011, 10:51 AM
المشاركة 1
افتراضي عام مضى .. وعام أطل : د . لطفي زغلول

مع اطلالة العام 2011على سماء الوطن

عام مضى .. وعام أطل
د . لطفي زغلول

www.lutfi-zaghlul.com

عقد آخر وعام آخر مرا على أجندة هذا الوطن، أفرغا حقائبهما المثقلات بالرؤى الخضراء، وقعا إمضاءهما، لملما أشياءهما، جمعا ذكرياتهما، شدا رحالهما، وقفا بكل إباء وكبرياء، سلما راية ديمومة الأمل أمانة ووصية لعقد جديد وعام جديد ولدا في أحضان الوطن يحبوان بين مغانيه جبلا جبلا واديا واديا سهلا سهلا رابية رابية، يحملان بين يديهما منظومة من صفحاتهما البيضاء مهادا لحلم لا يعرف الذبول، لا يمارس الإحتراق، يظل يهزأ بالرماد.
عام آخر لم يغادرنا. إرتحل إلى الذاكرة. إستوطن الوجدان ، ترك فينا ناره المقدسة تعلو إلى فضاء المجد شمسا تضيء نهارات تحلم بها الأجيال. زرع في جوارحنا عشقا يلد الإصرار والتحدي. فرش فضاءاتنا رؤى تطارد الأوهام، تقتلع أشواكها فيخضوضر المدى، يزهر فيخرج من رحم ثراه الوطن الموعودة به الأجيال مجنحا بالحرية.
عام آخر شد رحاله لا يبتغي الرحيل إلى غياهب الضياع والنسيان، يمم إلى فضاءات ذاكرة كل فلسطينية وفلسطيني يفترش كل خلية من خلاياها، يحفر على جدرانها اسم شهيد. ينحت في ساحاتها تمثال بطولة. يرسم على آفاقها لوحة مجد وفخار. يلون مغانيها إصرارا على عبور المستحيل، يقيم في ميادينها أعراسا للذكرى ويقدم قربانا للحرية.
لا تموت الأعوام ولا الأيام الفلسطينية. لا ينطفىء أوارها. ما زالت نار العام الثامن والأربعين من القرن العشرين ترفد الأعوام عاما عاما، والأيام يوما يوما، والليالي ليلة ليلة بلهيبها المقدس فتستحيل إلى كواكب ترصع فضاءات الوطن، تتوج جبين الزمن الفلسطيني بغار التمرد على الطاغوت والطغاة، تملأ الكؤوس أنخاب انتصار على الموت والنسيان.
لا تموت الأعوام ولا الأيام الفلسطينية، تظل واقفة تهزأ برياح الأعاصير، قد تتساقط بعض أوراقها حينا في خريف طالت أيامه ولياليه، لكنها تظل تحلم بربيع ومطر أخضر ينساب عليها مدرارا يهبها القدرة على التحدي والحياة. لا تموت هذه الأعوام والأيام وقبل أن تأذن كل شمس يوم بالرحيل تلد أرحامها عاما آخر ويوما آخر تسري في نبضاتها ومضات من روح أخيهما، وتخفق نفحات من أشواقهما ورؤاهما.
لا تموت الأعوام والأيام الفلسطينية، لا تغيب، لا ترحل، لا تأوي إلى سراديب التاريخ، لا تغفو بين ذراعي النسيان، لا تصبح ماضيا. كل يوم منها يتقمص روح أخيه، يتوحد فيه ليضيء شعلة روح تنير الحياة لأجيال لم تولد بعد تروي لهم ملحمة العشق بين الإنسان وتراب الوطن ملونة بالدم، معطرة بنسائم الحرية، مسافرة في فضاء الإنعتاق والمجد.
لا تموت الأعوام والأيام الفلسطينية لأن الوطن لا يموت، وهذه الأعوام والأيام من هيولاه المقدسة، من ناره التي لا تخمد أنفاسها، من كبريائه المتمرد على الجلاد والسكين، من فرحته يوم ميلاد أطفاله، من لآلىء عبراته يمطرها عشقا على وداع شهدائه، من رحلة أريج رياحينه في مداه المفروش حبا من أول الروح إلى آخر الروح، من مواويل حساسينه تذوب تسابيح آناء ليله وأطراف نهاره.
لا تموت الأعوام والأيام الفلسطينية، وإن كان الإنسان والوطن ما زالا أسيري رماد غربة المنفى، مكبلين بالقهر المغمس بغرور شهوة الإستحواذ على حقهما في الحياة والوجود. وإذا كانت أيام هذا الأسر ما زالت تجول وتصول في متاهات الغطرسة والصلف، وإذا كانت لياليه ما زالت تعاقر العربدة حتى الثمالة، فالإنسان الساهر في الأصفاد، والوطن الساهر في ذاكرة الإنسان لا يأبهان بهذه الأيام ولا تلك الليالي. وإذا ما عدها الإنسان الفلسطيني فلأنه يطويها انتظارا لفجر لا يرى في مدى مرآته إلا نور الإنبعاث الأخير والحرية
وها هو العام الجديد يطل على الوطن الفلسطيني بخاصة، والعربي بعامة،
وفلسطين ما زالت في الأسر، يغتالها الإستيطان شيئا فشيئا. يقوم الغاصبون بتهويدها جغرافيا وديموغرافيا. يعتدون على مقدساتها، وفلسطين جزء لا يتجزأ من هذا الوطن العربي والعالم الإسلامي اللذين ما زالا يغمضان عيونهم عما يجري في هذه البقعة المقدسة.
إنهما العالمان العربي والإسلامي اللذان ما زالت تحديات وهوة كبيرة تحول دون أن يسهما فعلا في فعاليات مراكز الإشعاع الإبداعي، وهذا لا يعود إلى عجز في قدراتهما العقلية، بقدر ما هو منوط بسياسات داخلية وخارجية تمارس على شعوبهما.
لقد كانت لهما منذ مطلع القرن العشرين أحلامهما وتطلعاتهما المستفيضة يوم استقبل أجدادنا هذا القرن وواجهوا تحدياته بإصرار وإيمان للوصول إلى هذه الأحلام. إننا على اعتقاد بأنهم كانوا يحسبون الثواني قبل الدقائق وتلك قبل الساعات انتظارا لليوم الذي سيهل حاملا معه بشائر التحرير والحرية والوحدة. يوم تتحرر الأرض العربية والإقتصاد العربي والسياسة العربية والثقافة العربية. يوم تنتفي من بين ظهرانيه سياسات التسلط والهيمنة فتصبح للشعوب العربية والإسلامية كلمتها في ظل ديمقراطية حقيقية ومنظومة حقوق إنسان شاملة .
يوم تصبح لها مناهجها العلمية وتقنياتها وصناعاتها وبحوثها ودراساتها. يوم لا تصبح عالة على الآخرين. يوم تتحرر إرادة إنسانها. لكن حلم الأجداد والآباء اغتالته الأنظمة السياسية العربية والإسلامية على مذبح الإقليمية والإنفرادية والسياسات المتهالكة على الآخرين.
إنه الوطن الساكن في وجدان الإنسان العربي، وذات الإنسان المسكون بالوطن، وما زال عشاق الوطن يدخلون في محرابه أفواجا أفواجا يرتلون له أنشودة يروي نزيفها عطش الحرية لعل العام القادم يولد من رحم الحرية، ولعل رحم الحرية يلد أعواما وأعواما وأعواما للوطن لا تعرف إلا لون الحرية، ولا تتفيأ إلا ظلالها.
ونحن أيا كنا فلسطينيين أو عربا في أية جغرافية عربية، لم نفقد الأمل بالحرية والتحرر والعودة للوطن السليب. لم نفقد الأمل بهزيمة التبعية والإنقياد للآخرين. لم نفقد الأمل باللحاق بركب الحضارة والتقدم. وكل عام وفلسطين بخير، تتحدى الغاصبين. فلسطين التي تعيش في الوجدان والذاكرة. وكل عام والوطن العربي بخير.


قديم 01-17-2011, 12:41 PM
المشاركة 2
عمر مسلط
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
... وكل عام وأنت يا أستاذنا بألف خير ...

... آملين أن تشرق شمس الحرية على فلسطيننا الحبيبة ...

... متمنين لأمتنا الإسلامية والعربية كل محبة وخير ...


... بارك الله بك أستاذنا الفاضل ...

... وتقبل تقديري واحترامي ...

سَيدَتي ... أجمَلُ الوَرد .. هُو الذي تُغطيه الأوراق !
قديم 01-19-2011, 03:58 PM
المشاركة 3
جيداء عبد الرحمن
رحمها الله تعالى وأسكنها فسيح الجنة
  • غير موجود
افتراضي
كل وعام وانت بخير استاذ لطفي

وكل الامنيات لشعب فلسطين والامة العربية بالاستقرار والحرية

مقالك ثري ورائع المحتوى كل الشكر لك


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: عام مضى .. وعام أطل : د . لطفي زغلول
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إنهاء الإنقسام .. هو الحل : د . لطفي زغلول لطفي زغلول منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 04-11-2011 02:27 PM
رمضان .. شعائر وذكريات : عبد اللطيف زغلول / والد الشاعر د . لطفي زغلول لطفي زغلول منبر الحوارات الثقافية العامة 2 09-05-2010 06:11 AM
لغيرك ..ما مددت يدي : د . لطفي زغلول لطفي زغلول منبر الحوارات الثقافية العامة 1 08-19-2010 03:24 PM
مددت يدي إليك : د . لطفي زغلول لطفي زغلول منبر الحوارات الثقافية العامة 3 08-16-2010 03:35 PM
هذا الراهن العربي : د . لطفي زغلول لطفي زغلول منبر الحوارات الثقافية العامة 2 08-06-2010 10:00 PM

الساعة الآن 10:40 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.