احصائيات

الردود
22

المشاهدات
4130
 
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6


ناريمان الشريف will become famous soon enoughناريمان الشريف will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
25,777

+التقييم
4.68

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6405
10-25-2020, 07:04 PM
المشاركة 1
10-25-2020, 07:04 PM
المشاركة 1
افتراضي على منهاج النبوة سلسلة مقالات


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
في هذا المتصفح أنقل لحضراتكم مجموعة من المقالات الرائدة والمميزة
تحمل عنوان ( على منهاج النبوة )
بقلم الكاتب : (أدهم الشرقاوي )
وهو كاتب فلسطيني ولد ونشأ في مدينة صور اللبنانية حاصل على دبلوم دار معلمين من الأونيسكو، دبلوم تربية رياضية من الأونيسكو، إجازة في الأدب العربي من الجامعة اللبنانية في بيروت، ماجستير في الأدب العربي. عمل في صحيفة الوطن القطرية بدأ بالكتابة عبر منصة منتدى الساخر ثم أصدر أول كتاب له عام 2012 بعنوان أحاديث الصباح. ينشر كتاباته تحت اسم مستعار " قس بن ساعدة ". متزوج وله من الأبناء ولد وثلاثة بنات.

أرجو لكم أطيب الأوقات في قراءتها وتأملها
أنا شخصياً تعجبني جداً كتاباته
تحية ... ناريمان


قديم 10-25-2020, 07:07 PM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: على منهاج النبوة سلسلة مقالات
على منهاج النُّبوَّة ١

شُهداء الله في الأرض!
كانتْ جلسةً رائعة، وكيف لا تكون كذلك والنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيها! والصحابة يُكحِّلون أعينهم بالنظر إلى وجهه، يا لحظِّهم!
وتمُرُّ جنازةٌ… فيُثني الصحابة عليها خيراً، ربما قالوا يومها: كان الميت صديقاً وفياً، وزوجاً مُحباً، وابناً باراً، وجاراً كريماً، كان يُصلح بين المتخاصمين، ويتصدق على المساكين، ويُسامح من أخطأ بحقه، وكان قلبه معلقاً بالمساجد!
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: وَجَبَتْ!
ثم بعد قليل مرَّتْ جنازةٌ أخرى، فأثنى الصحابة عليها شراً، ربما قالوا يومها: كان الميت صديقاً غادراً، وزوجاً لئيماً، وابناً عاقاً، وجاراً مُؤذياً، كان لا يحترم كبيراً ولا يعطف على صغير، والطريق إلى المسجد لا يعرفها ولا تعرفه!
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: وَجَبَتْ!
فسأل الصحابة: ما وَجَبَتْ يا رسول الله؟
فقال: من أثنيتم عليه خيراً وجبتْ له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبتْ له النار، أنتم شُهداء الله في الأرض!
كلنا سنُحمل يوماً على الأكتاف، فكل نفسٍ ذائقة الموت، وما نحن إلا جنائز مُؤجلة، وكما قال كعب بن زهير:
كلُّ ابنِ أُنثى وإن طالتْ سلامته
يوماً على آلةٍ حدباء محمولُ!
فهل فكرنا ماذا سيقول شهداء الله في الأرضِ عنا يوم نُحملُ في التوابيت؟!
كل إنسان تتعامل معه اليوم هو شاهد لكَ أو عليكَ، تذكر هذا جيداً وأنتَ تُخالط الناس، وانسَ ما شئتَ ولكن إياك أن تنسى: وَجَبَتْ!
ماذا سيقول أبواك عنك؟ اللهم اغفرْ له فقد كان نعم الابن، أم سيقولان اللهم إنك تعلم ما كان من أمر عقوقه!
ماذا ستقول زوجتك عنك؟ اللهم إنه كان خير زوج، أم ستقول خُذْ بحقي منه يا الله!
ماذا سيقول أبناؤكَ عنك؟ اللهم إنه كان أباً عادلاً لم يُفضِّل ابناً على بنتٍ، ولا ولدٍ على ولد، أم سيقولون يا الله إنه قد ظلمَ وميَّزَ وأضاع الأمانة ولم يُحسن التربية!
ماذا سيقول جيرانك عنك؟ اللهم أنزله في جوارك فقد كان خير جار، أم سيقولون وأخيراً استرحنا من أذاه!
ماذا سيقول زملاؤك في العمل عنك؟ اللهم ارحمه فقد كان طيباً ينصحُ ويُساعد، ويحفظ السر، أم سيقولون اللهم إنك تعلم أنه كان واشياً لا يُؤتمن، ومُؤذياً لا يُحتمل!
كل مُتعثِّر أقمته وأخذت بيده هو شاهد لك
كُلُّ دمعةٍ مسحتها هي شاهدة لكَ
كل فقير رأى منك دفء ابتسامتك قبل دفء درهمك هو شاهد لكَ
كلُّ مسكين أعنته، وجائع أطعمته، وتائه أرشدته، ومظلوم نصرته، شهود لكَ، فكثِّرْ شهودكَ، فجنائز الغد تتنفسُ اليوم!
أدهم شرقاوي

قديم 10-25-2020, 07:08 PM
المشاركة 3
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: على منهاج النبوة سلسلة مقالات


(2)
على منهاج النُّبوَّة
إنه قد شَهِدَ بدراً!
كانتْ مكة على موعد قريب مع الفتح، رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حسم أمره بالسير إليها، وأخبر الجيش بالاستعداد، ولأن الحرب خِدعة، ولأن من يملك عنصر المفاجأة نادراً ما يُهزم، أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بكتمان أمر المسير إلى مكة.
كان كل شيء يسير كما هو مُخطط له، الصحابة من أهل مكة يحلمون باللحظة التي سيُقبِّلون فيها ترابها، والصحابة من أهل المدينة ما زالوا يحلمون بعُمرةٍ رُدُّوا عنها يوم الحُديبية! وبقية الصحابة من جزيرة العرب يحلمون باللحظة التي سيرتفع فيها أذان مكة مُعلِناً أنَّ الله أكبر! غير أنَّ شيئاً لم يكن بالحسبان قد وقع… يستدعي النبيُّ صلى الله عليه وسلم الفرسان الثلاثة علي والزبير والمقداد ويأمرهم بالتوجه على الفور إلى "روضة خاخ" حيث هناك امرأة تحملُ رسالةً عليهم إحضارها إليه مهما كلَّف الأمر!
توجَّه الثلاثة مُسرعين فوجدوا المرأة هناك، فطلبوا منها أن تُعطيهم الرسالة، فأنكرتْ وجودها، فقالوا لها: إما أن تُخرجي الكِتاب أو لنضعنَّ الثياب!
فلما علمتْ أنهم عازمون على تفتيشها، أعطتهم الرسالة وعادوا بها إلى المدينة، وهناك فتح النبيُّ صلى الله عليه وسلم الرسالة فإذا هي من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يُعلِمهم فيها بعزم النبي صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة لفتحها!
خرقٌ أمني خطير! وإن شئتَ فقُلْ: خيانة عُظمى!
ويُبرر حاطبٌ فعلته بأنَّ له أهلاً ضعفاء في مكة، وأنه ما أراد برسالته غير أن تكُفَّ قريش أذاها عنهم!
ويقبلُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عُذره… غير أن عمر بن الخطاب بحزمه المعتاد، وشراسته المتوقعة إذا ما تعلَّق الأمر بهذا الدين يقول: يا رسول الله ائذن لي أن أضربَ عنق هذا المنافق!
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يا عمر، إنه قد شهد بدراً، وما أدراك لعلَّ الله قد اطلعَ على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم!
إنه قد شهد بدراً!
يا تُرى هل نتذكر ماضي الناس المشرق عندما يقعُ منهم خطأ، أم أننا ننسى كل المعروف، واللحظات الحلوة، والمشاعر الجميلة التي عشناها عند أول زلة قدم؟!
في حياة كل إنسان "بدر قد شهدها" فلماذا لا نمحو الخطأ ببدر تلك بدل أن نمحو بدراً بهذا الخطأ!
لماذا نُريد من الناس أن يكونوا ملائكة على الدوام؟! أليس لكل جواد كبوة، ولكل قدم زلة، ولا بد للنبيل أحياناً أن يخونه نُبله، وقد قال علي بن الجهم:
ومن ذا الذي تُرجى سجاياه كلها
كفى المرءُ نُبلاً أن تُعدَّ معايبه!
تجد الزوجة تخوضُ كل يومٍ بدراً، تربيةً للأولاد، وطبخاً ونفخاً، وتدريساً واهتماماً، وعند أول خطأ ينسى الزوج ذلك كله وكان بإمكانه أن يقفز عنه!
وتجدُ الزوجَ محباً حنوناً رحيماً فإذا أخطأ قامت الدنيا ولم تقعد، تنسى الزوجة عُمراً من المعروف بموقف كان بإمكانها التغاضي عنه!
لماذا على المدير أن ينسى كل ماضي الموظف المشرق عند خطأ عابر، وعلى الموظف أن ينسى لُطف المدير السابق عند أول موقف حزم!
لماذا ينسى الوالدان سنوات ابن في البِر لموقف عقوق واحد، وينسى الأولاد إحسان الدهر من الوالدين للحظة ضعف إنساني واحد!
احفظوا لكل أَحدٍ "بدره" ولا تمحوا كل المعروف بموقف واحد!
أدهم شرقاوي

قديم 10-25-2020, 07:20 PM
المشاركة 4
خديجة قاسـم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: على منهاج النبوة سلسلة مقالات


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
في هذا المتصفح أنقل لحضراتكم مجموعة من المقالات الرائدة والمميزة
تحمل عنوان ( على منهاج النبوة )
بقلم الكاتب : (أدهم الشرقاوي )
وهو كاتب فلسطيني ولد ونشأ في مدينة صور اللبنانية حاصل على دبلوم دار معلمين من الأونيسكو، دبلوم تربية رياضية من الأونيسكو، إجازة في الأدب العربي من الجامعة اللبنانية في بيروت، ماجستير في الأدب العربي. عمل في صحيفة الوطن القطرية بدأ بالكتابة عبر منصة منتدى الساخر ثم أصدر أول كتاب له عام 2012 بعنوان أحاديث الصباح. ينشر كتاباته تحت اسم مستعار " قس بن ساعدة ". متزوج وله من الأبناء ولد وثلاثة بنات.

أرجو لكم أطيب الأوقات في قراءتها وتأملها
أنا شخصياً تعجبني جداً كتاباته
تحية ... ناريمان
أبارك لك متصفحك الطيّب الجميل ولي عودة بإذن الله لقراءة المقالات
مثلك أختي ناريمان تعجبني كتاباته أسلوبا وفكرا
لك تحيّتي ومحبّتي نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 10-25-2020, 07:47 PM
المشاركة 5
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: على منهاج النبوة سلسلة مقالات
أبارك لك متصفحك الطيّب الجميل ولي عودة بإذن الله لقراءة المقالات
مثلك أختي ناريمان تعجبني كتاباته أسلوبا وفكرا
لك تحيّتي ومحبّتي نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

حيا الله عزيزتي خديجة
للمرة الثانية أقول .. لقد استطعت أن تدخلي قلوبنا محبة واحتراماً
من أوسع الأبواب في فترة وجيزة لك في منابر الرائع
اهلاً بك ومرحباً أرحب بفكرك النير وقلمك العذب
تحية ومحبة ... ناريمان

قديم 10-25-2020, 07:51 PM
المشاركة 6
خديجة قاسـم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: على منهاج النبوة سلسلة مقالات

حيا الله عزيزتي خديجة
للمرة الثانية أقول .. لقد استطعت أن تدخلي قلوبنا محبة واحتراماً
من أوسع الأبواب في فترة وجيزة لك في منابر الرائع
اهلاً بك ومرحباً أرحب بفكرك النير وقلمك العذب
تحية ومحبة ... ناريمان
وكأن حبلا من الود والإخاء الصادق طرفه لديّ والآخر عندكم
سعيدة بك وبقلبك الدافئ عزيزتي ناريمان
أحبّك الله وأرضاكنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 10-25-2020, 11:50 PM
المشاركة 7
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: على منهاج النبوة سلسلة مقالات


(3)
فهل تستطيع أن تُغيِّبَ وجهكَ عني؟!
كان يوم بدر يوم حمزة بن عبد المطلب بامتياز، صالَ فيه الأسدُ الهصور وجالَ، ما مرَّ بفارسٍ إلا وصرعه، ولا أتى على محاربٍ إلا أهلكه، كيف لا وهو الذي كانت تُلقبه قريش في الجاهلية بِصائِدِ الأُسود، ولقَّبه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الإسلام بأسدِ الله وأسدِ رسوله!
لقد أصابَ قريشاً في مقتلها، واعتبرته المسؤول الأول عن هزيمتها في بدر، وكان لأكثر من بيتٍ قرشي ثأرٌ عنده! وكان وحشي بن حربٍ عبداً رامياً بالحربة، مُجِيداً فيها، فوُعِدَ إن هو قتل حمزة يوم أُحد أن يصير حُراً، وهكذا كان، استشهد أول قائد هيئة أركان في تاريخ الإسلام، وصار وحشيٌ حُراً طليقاً! ولما فتح النبيُّ صلى الله عليه وسلم مكة، هربَ وحشيٌ إلى الطائف خوفاً من فِعلتِه، ثم إنه قد قيل له: إن الرجلَ لنبيٌّ، وإنه لا يثأر لنفسه، وقد قال: الإسلام يجُبُّ ما قبله، فلو أتيتَه وأسلمتَ، لَقَبِل منك، وعفا عنك!
فجاء وحشيٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولما رآه قال له: أنتَ وحشي؟
قال: نعم
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنتَ قتلتَ حمزة؟
فقال: قد كان من الأمر ما بلغكَ، وقد جئتُ أشهد أن لا إله إلا الله، وأنكَ رسول الله!
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: فهل تستطيع أن تُغيِّبَ وجهكَ عني؟!
ولم يلتقيا بعدها، فلما قُبِضَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وادعى مُسيلمة الكذاب النبوة، خرج وحشي في جيش المسلمين، وقتل بحربته مُسيلمة! وكان بعدها يقول: قتلتُ بحربتي هذه خير الناس وشر الناس، حمزة بن عبد المطلب ومُسيلمة الكذاب!
فهل تستطيع أن تُغيِّبَ وجهكَ عني؟!
هنا مربط الفرس، وإسطبلُ الكلام!
الإسلام يجبُّ ما قبله، ولا يستطيعُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يردَّ إسلامَ من جاءه مسلماً لأي فعلة فعلها في الجاهلية حتى لو كان قد قتلَ عمّه! لهذا قبلَ إسلامَ وحشي! ولكنه بأبي هو وأمي لا يستطيع أن يخرجَ من قفص بشرِيَّتِه، إنه يُحبُّ ويكره، ولا يُريدُ أن يرى وجه وحشي طالما فيه جفن يطرف!
لقد طبَّق شرع ربه بقبوله إسلام وحشي، ولكن حقه الشخصي رفضَ أن يتنازل عنه، ما زال موجوعاً لفقد عمه وقائد جيشه وأحد أشرس جنود الإسلام!
العفو عند المقدرة من شِيَمِ النُّبلاء، وقد كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نبيلاً فعفا، ولكن العفو شيء والودُّ شيء آخر!
أحياناً يجرحنا الآخرون عميقاً، يُسبِّبون لنا جروحاً غائرة لن تُشفى ما دامت السماوات والأرض، وقد يدخل الناس للصلح، وقد نسامح، ولكننا لا نُريدهم بجانبنا مرةً أُخرى، ولا نُريد رؤية وجوههم حتى، لأننا كلما رأيناهم سنتذكر طعم الطعنة التي طعنونا إياها، ونتحسس الجرح الذي أحدثوه فينا ولم يبرأ بعد!
تفهموا أن الذي لا يريدُ عودة الأمور إلى مجاريها مجدداً رغم مسامحته ليس بالضرورة أن يكون حقوداً، فلو كان حقوداً ما طوى الصفحة أساساً، ولكن جرحه له وحده، وعلينا أن نحترم خصوصية الجُروح!
وقريباً من هذا قال الأديب الروسي ليو تولستوي: عندما يخونونك فكأنما قطعوا ذراعيك، تستطيع أن تُسامحهم، ولكنك لا تستطيع أن تُعانقهم!
أدهم شرقاوي

قديم 10-26-2020, 09:39 PM
المشاركة 8
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: على منهاج النبوة سلسلة مقالات
(5)
على منهاج النُّبُوَّة
لم أستفِقْ إلا وأنا في قرن الثعالب!
ضاقتْ عليه مكة، أبو طالب الذي كان يحوطه ويرعاه قد مات، وخديجة جبهته الداخلية ومتراسه قد ماتتْ أيضاً، ولم يتغيَّر شيء في مكة، ما زالت غارقة في الضلال، تُكذِّبُ نبيَّها، وتسومُ أصحابه أصناف العذاب، فقرَّر المسير إلى الطائف، علَّه يجد فيها قلوباً أرحم من تلك القلوب القاسية في صدور سادة قريش، وفي الطائف عرضَ دعوته على سيدها ابن عبد ياليل، فوجده كأبي جهل غلظةً، وكأبي لهبٍ تكذيباً، وكأُمية بن خلف أذيةً، فأطلق خلفه سُفهاء الطائف وغلمانها يرشقونه بالحجارة حتى سالَ الدم من قدميه الشريفتين!
بعد سنوات من هذه الحادثة، كانتْ جزيرة العرب تدين بالإسلام، فقد جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجاً! وتسأله عائشة: هل أتى عليكَ يوم أشد من يوم أُحد؟!
كانت تعرفُ كم كان موجعاً ذلك اليوم، فَقَدَ فيه عمه حمزة، المُقاتل الشرس، ورئيس هيئة أركانه! وفقد سبعين من خيرة أصحابه، وشُجَّ رأسه، وكُسرتْ مقدمة أسنانه!
ولكنه حدثها عن يوم الطائف، لقد كان عليه أشد من يوم أُحُد، فبعد أن رجموه وأخرجوه، يقول لها: فانطلقتُ وأنا مهموم على وجهي، فلم أستَفِقْ إلا وأنا في قرن الثعالب! فرفعتُ رأسي فإذا بسحابة فيها جبريل، فناداني، فقال: إنَّ الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعثَ إليكَ ملك الجبال لتأمره بما شئتَ فيهم! فناداني ملكُ الجبال، وقال: إن شئتَ أطبقتُ عليهم الأخشبين!
فقلتُ: بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يُشرك به شيئاً!
الشاهد في القصة:
فانطلقتُ وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفِقْ إلا وأنا في قرن الثعالب!
هو يعلم أنه نبي، ويعلم أنَّ دينه سينتصر نهاية المطاف، ويعلم أن الله معه ولن يخذله، ولكنه إنسان يحزن، ويضيق صدره، ويُصيبه الهم، بل ويسير هائماً على وجهه لا يدري أين تاخذه قدماه بأبي هو وأمي، ثم ينتبه فإذا هو في قرن الثعالب قد مشى مسافةً بعيدة عن الطائف!
فما بالك بنا نحن الذين لو جُمع إيماننا جميعاً في كفة وإيمانه هو في كفة لرجح إيمانه على إيماننا، ولفاقَ يقينه باللهَ يقيننا، ولغلبَ صبره صبرنا، أليس من حقنا نحن أيضاً أن ننكسر أحياناً، ونمشي لا ندري أين تأخذنا أقدامنا؟!
فهل قدَّرنا هذا لبعضنا، وعرفنا أنه تمرُّ بالإنسان لحظات يخرجُ فيها عن طبعه الطيب، واتزانه الذي عرفناه به، وعقله الراجح الذي ألِفناه عليه؟!
تمرُّ بالإنسان لحظات لا يُطيق فيها أن يقول كلمة، أو يسمع نصيحة، أو يُقابل إنساناً، فلماذا نعتبرُ الأمر شخصياً، ونزيد هموم بعضنا البعض بدل أن نُراعي أنَّ النفس في إقبال وإدبار، وأن الروح تمرضُ تماماً كما يمرضُ الجسم؟!
إذا رأيتَ صديقك ضَجِراً فلا تكن له هماً فوق همه، كُن له قرن الثعالب الذي يستفيقُ عنده!
احترم حزنه، وحاجته في أن يبقى وحده، ثم حين يهدأ، اِربتْ على كتفه، وامسح على صدره، وواسِ قلبه، حدِّثه حديث القلب للقلب، والروح للروح، دعكَ من المنطق قليلاً، فالنفس لحظة انكسارها تحتاج احتواءً لا درساً، والروح لحظة تيهها تحتاج احتضاناً لا محاضرة!
نحن نضعف لا من قلة الإيمان ولكن من قسوة الحياة، ما كان إيمان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قليلاً يوم الطائف، ولكن الحياة كانت قاسية، ولقد علِم الله حجم وجعه وانكساره، فلم يُعاتبه لأنه هام على وجهه، ولم يقل له أين إيمانك بي، بل أرسلَ له ملائكةً، تحفه وتنصره، علم الله تعالى أن رسوله نهاية المطاف إنسان، وأن الناس تمر بهم لحظات ضعف تحتاج عندها قلباً حنوناً لا عقل فيلسوف أو لسان خطيب!
أدهم شرقاوي

قديم 10-26-2020, 09:40 PM
المشاركة 9
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: على منهاج النبوة سلسلة مقالات
(6)

على منهاج النُّبُوَّة
أَجِبْ عني!
مرَّ عُمر بن الخطاب يوماً بالمسجد، فإذا حسَّان بن ثابت يُنشِدُ فيه شِعراً، فانتهره عُمر لا تحريماً للشعر، ولا انتقاصاً من قيمة الشعراء، كيف لا وهو القائل: خذوا لُغتكم من كتاب ربكم وقديم شِعركم! وإنما كان نهيه إعلاءً لقيمة المسجد، وتنزيهه أن لا يُقال فيه إلا قرآن كريم وحديث نبوي.
ولكنَّ حسَّان بن ثابتٍ قال له: يا أمير المؤمنين كنتُ أُنشِدُ في المسجد شِعراً وفيه من هو خير منك!
ثم التفتَ إلى أبي هريرة وقال له: يا أبا هُريرة أما سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي: يا حسَّان أَجِبْ عني، اللهمَّ أيِّده بروح القُدُس؟!
فقال أبو هريرة: نعم
فمضى عمر وتركه!
واستطراداً، إني لو كنتُ مُحدِّثاً، وأردتُ أن أجمع الأحاديث الواردة في فضل عُمر بن الخطاب، لأوردتُ هذا الحديث في فضائله، فليستْ الفضيلة في أن يكون المرء على صواب دوماً، إنما أن يكون وقافاً عند الحق إذا تبيَّن له أنه مُخطئ!
أَجِبْ عني!
هنا مربط الفرس، وبُغية الكلام!
هذا الدين الذي احتاج يوماً إلى سيف خالد حين احتدمتْ المعارك الحربية، احتاج أيضاً إلى قصائد حسان حين احتدمتْ المعارك الفكرية، خالد لم يكن بإمكانه أن يسُدَّ مكان حسَّان، وحسَّان لم يكن بإمكانه أن يسُدَّ مكان خالد! لقد وضع الله سبحانه كل واحدٍ منا على ثغر، وعليه أن يحرس هذا الثغر بكل ما أُوتي من قوة، دون أن يستصغر الثغر الذي يحرسه، ودون أن يتفاخر بأن ثغره أهم من بقية الثغور!
مال عثمان بن عفان كان يوم جيش العُسرة أهم من قراءة أُبي بن كعب، وعند جمع المصحف الشريف كانت قراءة أُبي بن كعب أهم من مال عثمان، وسيف خالد، وقصائد حسَّان، فكُن أسداً عندما يحين دورك!
سيف علي بن أبي طالب يوم تصدَّى لمَرْحبٍ في غزوة الخندق، يُوازي مال أبي بكرٍ الذي أعتقَ به بلالاً، ما كان لسيف علي أن يُحرر عبداً مسلماً من قيده، تماماً كما لم يكن لمال أبي بكر أن يقضي على مَرْحبٍ! هذا الدين تكامل بين أتباعه، لا تنافس وتفاضل!
وهذا هو حال الإسلام اليوم، ثُغور شتَّى، وكل واحد منا على ثغر!
الأم في بيتها على ثغر، لأن صناعة الرجال مهمة عظيمة!
والمُدرِّس في صفه على ثغر، لأن الأمة الجاهلة تُقاد ولا تقود!
المُجاهد على ثغر لا يسده إمام المسجد، وإمام المسجد على ثغر لا يسده التاجر الثري، غير أن ثغر التاجر الثري صدقةً وإنفاقاً وإعانة للناس لا يقل أهمية عن دور المجاهد الذي يجود بدمه، وإمام المسجد الذي يأخذ بأيدي الناس إلى الله!
أُنظُرْ أين أقامك الله، هذا هو ثغرك الذي عليكَ أن تحميه، وتُجاهد فيه، وعندما يقوم كل واحد منا بدوره، تستعيد هذه الأمة مجدها!
مرِضَتْ زوجة الملك، فأوصى الأطباء أن تستحم كل يوم بالحليب، فتساءل الملك كيف يملأ الحوض حليباً كل يوم، فاقترح وزيره أن يحضر كل راعٍ في المملكة دلو حليب في الليل يفرغه في الحوض، وهكذا تُحلُّ المشكلة!
قال كل راعٍ في نفسه، لو وضعتُ دلو ماء، سيضيعُ بين دلاء الحليب، ولن يعرف الملك، وفي صبيحة اليوم التالي، وجد الملك الحوض مملوءاً ماءً!
لم يبدأ كل واحدٍ بنفسه، لقد انتظر أن يقوم الآخرون بدوره، وهذا باختصار هو حالنا اليوم!
أدهم شرقاوي

قديم 10-27-2020, 08:38 PM
المشاركة 10
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: على منهاج النبوة سلسلة مقالات
(7)
قُمْ أبا تُراب!
كان وصَّالاً للأرحام، يزور بناته، ويُلاعب أحفاده، ويُلاطف أصهاره، ويُكرم أنسباءه، وجاء مرةً لزيارة فاطمة ابنته وقطعة قلبه الفُضلى، فلم يجد علياً في البيت، فسأل عنه، فأخبرتْه أنه قد حدث بينهما خلاف فخرجَ من البيت!
فتركها ومضى، وطلبَ من رجل أن يبحث له عن علي، فعادَ إليه وأخبره أنه نائم في المسجد، فذهب إليه، فإذا هو نائم واضع خده على الأرض وعليه بعض التراب، فقال له: قُمْ أبا تُراب! وجعلَ يمسحُ بيده الشريفة التراب عن وجهه!
لم يسأل فاطمة عن الخلاف الذي وقع بينها وبين زوجها، ولم يطلب منها أن تُخبره بما قالت له، ولا ما قال لها، أراد أن يُعلِّمنا أن البيوت أسرار، وأنّ تدخُّل الأهل في كل صغيرة وكبيرة في حياة الزوجين يُفاقم المشاكل، فلا تُحاولوا كشف ما ستره الله، دعوا الأزواج تتخاصم وتتصالح!
الخلافات الزوجية تقع في كل البيوت وهذا شيء طبيعي وعادي جداً، هذه فاطمة سيدة نساء العالمين، وهذا علي خليفتنا الراشد، ومع هذا وقع بينهما خلاف فما بالك بنا نحن الذين دونهم، فانظروا إلى المشاكل على أنها جزء من الحياة، تقع وعلينا أن نحلها ونتعلم دروساً منها، لا أن نفرط عُرى الأُسرة، ونُشرد الأولاد، ونصبح علكةً في كل فم!
وانظُرْ إلى حكمة النبي صلى الله عليه وسلم، يذهبُ إلى علي ويترفَّق به ويسترضيه، ولا يُعاتبه عما حدث بينه وبين ابنته، حتى أنه لم يسأل ما الذي حدث، وهذا درس بليغ للأهل في أن لا يتحزَّبوا لأولادهم عندما تقع الخلافات الزوجية، ولا يصبُّوا الزيت على النار، على العكس يجب أن لا ينسى أهل الزوج معروف كِنتهم السابق وماضيها ومواقفها النبيلة معهم، ويجب على أهل الزوجة أن لا يجعلوا من زوج ابنتهم شيطاناً رجيماً لمجرد خلاف وقع بينه وبينها!
ويُعلِّمنا عليُّ درساً هاماً أيضاً في أدب الخلاف، ومشاكل البيوت، لقد خرجَ من البيت تاركاً فاطمة لتهدأ، نحن في غضبنا نقول أشياء مُؤذية، ونسمع من الآخر أشياء تُحزننا، فالأفضل إذا وقع الخلاف أن لا نقف كالديوك المُتصارعة قبالة بعض، هذا يسمع ويرد، وذاك يسمع ويرد!
ويُعلِّمنا عليُ درساً آخر أيضاً، لقد خرج هو من البيت ولم يطرد زوجته منه كما يفعل كثير من الأزواج اليوم جاهلين أن خروج الزوجة من البيت يُفاقم المشاكل، وهو أمرٌ جارحٌ لها ولأهلها، ناهيك عمَّا فيه من فضح الأُسرة ونشر غسيلها أمام الرائح والغادي! فإذا وقع بينكما خلاف واحتدم اتركها في البيت واخرج، وعُدْ في المساء، أو نَمْ في بيت صديق لك أو في فندق إن بدا لكَ أنَّ هذا أفضل. وهي حتماً ستهدأ ويعز عليها غيابك، وتُقدِّر لك أنك تركتها في بيتها مُعزَّزة مُكرَّمة!
أدهم شرقاوي



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: على منهاج النبوة سلسلة مقالات
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سلسلة كتب ممنوعة من النشر. محمد أبو الفضل سحبان منبر الحوارات الثقافية العامة 2 05-30-2022 02:35 PM
صلصلة الصّاد حسين الأقرع منبر الشعر العمودي 4 10-08-2020 08:07 AM
في رياض النبوة -2- عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 0 03-31-2012 08:52 AM
في رياض النبوة عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 0 03-28-2012 01:12 AM
في رياض النبوة عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 1 07-18-2011 12:01 PM

الساعة الآن 12:41 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.