احصائيات

الردود
0

المشاهدات
1095
 
هادي الشمري
من آل منابر ثقافية

هادي الشمري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
17

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Mar 2020

الاقامة
العراق

رقم العضوية
16069
04-18-2020, 01:51 PM
المشاركة 1
04-18-2020, 01:51 PM
المشاركة 1
افتراضي الذباب والنفاق العام والنفاق القلبي
الذباب والنفاق العام والنفاق القلبي

منقول من كتاب (الأمثال في القرآن) من فكر السيد القحطاني

يقسم النفاق إلى قسمين هما النفاق العام وهو إظهار شيء جميل من معاني الإسلام أو غيره وإخفاء الكفر، ويعمل هذا النوع على إفساد وإضعاف وحدة الصف المسلم بصورة عامة، أما النفاق القلبي وهو مشكلة العصر حيث نجد أن كثيراً من الناس قد وقعوا في هذا النوع من النفاق ويكون هذا النوع مختلفاً عن سابقه فهو لا يكون بين الإنسان والمجتمع المحيط به بل يكون بين الإنسان وقلبه، فهذا الشخص ينافق ويظهر محاسن الأفعال لنفسه حتى يقنع نفسه بأنه مؤمن، ولكن في الحقيقة فإن هذا الشخص ذو قلب أسود يحتوي بداخله على الأمراض الدينية من شك وكفر وجحود قال الله تعالى : {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}(التوبة77) .
قد يكون هذا النوع من النفاق غير معروف في أوساط المدارس الأخلاقية الذين صنفوا أنواع الآفات النفسية، وقد يكون هذا الطرح جديداً إلا أنه قد انتشر بين اخوتنا وأخواتنا ممن يعتنق الاسلام وينتحل الإيمان بل وحتى التشيع، وهذا النوع يسيطر على الإنسان ويعشعش في قلبه ليس من جانب الاعتقاد الكلي بمعتقد معين، بل إن صاحب النفاق القلبي يعيش حالة من الشد والجذب والتنافر ما بين النفس وبين طريق الإيمان الخالص، فهذا المنافق الجديد يختلف عن ذلك المنافق بالنفاق العام لأنه في الأصل مؤمن بهذا الطريق وهذا الدين ولكن الذي يجعله يتردد بينه وبين الكفر أو الخذلان هو تعلقه بأمر دنيوي آخر او أحد الرذائل المناقضة للإيمان، وهذا الأمر نستطيع أن نتلمسه من خلال ما ورد في وصف الدنيا والآخرة، فالدنيا والآخرة مثلهما كالمشرق والمغرب كلما اقترب من أحدهما ابتعد عن الآخر أو كضرتين ما أرضيت إحداهما إلا غضبت عليك الأخرى.
فهذا المسكين يبقى مترددا بين المشرق والمغرب وبين الحق والباطل وبين الدنيا والآخرة فلا يصل ولا يحصل لا على الخير فيصيبه ولا على الشر فيحرزه ويتمتع به ، فيبقى متخبطاً ومتردداً ومتذبذباً بين الطرفين فيخسر الدنيا والآخرة، فلا هو ركن إلى الدنيا فحصل على ملذاتها ولا هو لجأ إلى الآخرة وأعمالها ففاز بالآخرة وثوابها .
فهو يعيش بين أمرين ويتردد بينهما فتارة تجده مؤمنا بهذا الطريق ومعتقداً به ومخلصا له وهذا الإيمان والاعتقاد يجذبه ويبعده عنه حب الدنيا مثلا والتعلق بها بكل ما تعنية الدنيا من مغريات وزخارف، وتارة تغويه نفسه الأمارة بالسوء وتعرض أمامه مغريات الحيات وزخارف العيش وتمنيه بطول الأمل فيطيع هذا الجانب مرة وذاك أخرى فيصير منافقاً من حيث يشعر ومن حيث لا يشعر .
والأمر الآخر الذي يتردد فيه الإنسان في النفاق القلبي هو وجود الرذائل النفسية من الحسد والأنا والكبر وغيرها فهذه الرذائل تعترض طريق الإيمان الذي آمن به هذا الشخص وتبقى تلح عليه إلى أن نسقطه من عين الله والعياذ بالله .
وهذا النوع من النفاق أي النفاق القلبي قد يكون أكثر المتأثرون به والواقعون فيه غافلين عن حالهم وما يجري معهم فيعيشون حاملين للمرض العضال الذي يبقى ينخر في جسد إيمانهم إلى أن ينهار هذا الجسد فيخلد الإنسان في النار بعد أن يختم الله لهم بخاتمة السوء جزاءً بما جنت ايديهم ، لذلك فالمؤمن يجب أن يراقب قلبه ولا يدعه ينظر إلى زخارف الدنيا التي ملئت آفات وأخطار فحبها مرض لا علاج له وآفة تطيح بالإنسان وإيمانه.
فقد ورد عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب قال : (سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) أي الأعمال أفضل عند الله عز وجل ؟ فقال : ما من عمل بعد معرفة الله عز وجل ومعرفة رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل من بغض الدنيا، وإن لذلك لشعبا كثيرة وللمعاصي شعبا، فأول ما عصي الله به الكبر وهي معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين، والحرص وهي معصية آدم وحواء حين قال الله عز وجل لهما : " كُلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين " فأخذا مالا حاجة بهما إليه فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه ، ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله ، فتشعب من ذلك حب النساء وحب الدنيا وحب الرئاسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة ، فصرن سبع خصال ، فاجتمعن كلهن في حب الدنيا ، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك : حب الدنيا رأس كل خطيئة ، والدنيا دنيتان : دنيا بلاغ ودنيا ملعونة )(الكافي للشيخ الكليني ج2 ص130_131).

فهذه الأمور التي ذكرها الإمام زين العابدين (عليه السلام) والتي تعتبر فروعاً لحب الدنيا أو أبواباً لها فيجب علينا أحبتي أن نراقب أنفسنا هل يوجد فينا أحد هذه الآفات التي غفلنا عنها ، ثم أنه يجب أن لا نُمني أنفسنا بأن ما نحرص عليه ونسعى له من هذه الآفات والملذات هي للحصول على دنيا البلاغ أي الدنيا التي نبلغ بها الآخرة ولكننا في الواقع قد نكون قد جرَتنا هذه الأماني وصرنا ممن يسعى إلى الدنيا الملعونة دون ان نشعر.
فإذا ما زهد الإنسان في الدنيا وملكها ولم تملكه كان مُحصناً ضد هذه الآفات وتاركاً لها، ومن كان كذلك نجا من الفتن وهداه الله تعالى إلى طريق الحق والصواب وثبته عليه قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ }(). فإن هذا الايمان الحقيقي هو الذي من خلاله يهدي الله عباده إلى طريق الحق ويثبتهم عليه.



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الذباب والنفاق العام والنفاق القلبي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هوامش آخر العام عبدالسلام مصباح منبر شعر التفعيلة 3 01-01-2021 08:43 PM
هوزامش آخر العام عبدالسلام مصباح منبر شعر التفعيلة 9 01-20-2020 11:55 PM
العام الجديد محمد الخُضري منبر البوح الهادئ 4 01-06-2013 10:22 AM
قصة طريقين (قصة عن الشقاق والوفاق) باولو كويلو ريم بدر الدين منبر الآداب العالمية. 0 09-16-2010 03:15 PM

الساعة الآن 10:46 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.