احصائيات

الردود
2

المشاهدات
1319
 
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي


محمد فتحي المقداد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
650

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7788
03-19-2020, 03:19 AM
المشاركة 1
03-19-2020, 03:19 AM
المشاركة 1
افتراضي أحلام مؤجّلة (قصة قصيرة)
[justify]
أحلام مؤجّلة

قصة قصيرة
بقلم الروائي - محمد فتحي المقداد

منذ سنوات، وأنا مقيمٌ على ناصية حلم لم يتحقّق بعدما تجاوزتُ العقد الخامس بسنة واحدة فقط، ولماذا أحلمُ.. ويقيني أنّه لن يتحقّق؟. التفاؤل والانطلاق في ميادينه، جعلني أنطلقُ بلا توقّف، أو التفات للخلف بنظرة، رغم الفشل.
أهو الأمل الزّائف..!! الذي لم أرّ منه سوى بريق المُستقبل السّراب، تعبتُ عبثًا وأنا راكضٌ خلفه، وهو أمامي هارب كالغزال من النمر المفترس السّاعي بكلّ ما أوتي من قوّة للإمساك به.
وماذا لو تجدّد حُلمي من جديد، حصاري في البيت عزلًا جماعيًّا إجباريًّا بعد القرارات الصّارمة خوفًا من عدوى فيروس (الكورونا)، بإغلاق المحلّات التّجاريّة والمقاهي والمطاعم والمساجد والصّالات الأفراح، التجمّعات في الأماكن العامّة، ووسائل الإعلام التواصل الاجتماعي، أصابتني بالإحباط والقهر.
وللهروب من الحالة عاودني حلمي القديم، والخروج من قوقعتي إلى العالم الخارجيّ، بدأتُ رحلة بحث دؤوبة على شبكة الأنترنت، عن موضوع لا يخطر على بال الكثيرين من أصدقائي، فإن علموا بذلك، ستنفجر قلوبهم ضحكًا عليّ، وأخوَفُ ما يُخيفني سلاطة ألسنة البعض منهم، أتوقّع أنّها لن ترحمني تشريحًا وتسفيهًا وتقريعًا، وربّما وصموني بالانتهازيّة، والهمالة ميلًا لترك الاجتهاد السّعي الجادّ لاكتساب الرّزق من عمل شريف.
منذ الفجر يتناوبني التّفكير الجدّي بهذه المسألة المؤرّقة، الصمت يلّفني على مدار السّاعة، الأولاد يسألونني، فأجيبهم باقتضاب شديد، وبصوت خافتٍ أشير إليهم إذا ما شاغبوا، وزوجتي لا تفتأ تسألني كلّما عنّ لها الأمر بعد عودتها من المطبخ، حينما تراني ساكنًا بهيئة غير معتادة عليها:
-"ما بك عزيزي.. هل يؤلمك شيء؟ ما الذي يشغل بالك؟".
-"في الحقيقة أتفكّر بما سأكتبُ اليوم؟".
سكتت على مضض.. وهي تريد أن تخبرني عن عدد الإصابات المعلن عنها من وزارة الصّحة، وعن المؤتمر الصحفيّ، ووزير التموين الذي طمأن النّاس عن توفّر الموادّ الغذائيّة والمحروقات لأشهر قابلة. كلام كثير قالته.. لكّني لم أعِ كثيره.. سحبني قارب تفكيري مع موجه العاتي، للانعزال الآخر من أجل ما أفكّر به.
أهملتُ اليوم بأكمله رسائل الواتساب، ولم أسجّل ظهور على حالتي، وكان أحد الأصدقاء أخبرني منذ زمان مضى:
-"إذا أردتَ رفع العتب عنكَ من أصدقائك، وهم بانتظار الردّ منك..!!".
-"كلّ الشّكر لك.. وأنت تُخرجني من دائرة الحرج، ولإبعادي عن الاضطرار للكذب والاعتذار".
-"ما عليكَ إلّا فصل بيانات هاتفك، وبعد ذلك ادخل إلى المحادثات على الواتساب والماسنجر، فتراها جميعًا، ولن يعرف أحدٌ بنشاط حالتك".
اليوم طبّقت توصيته بعد سنة من علمي بها منه. وانسحبتُ إلى غرفتي من الصّالة والتلفزيون والأولاد. جلستُ وجهًا لوجه مع حُلُمي، وبعد قرار جرئ اتّخذته بعد الإفطار المُتأخّر وتناولي لحبّات السّكري، حان الوقت، وبدأت:
ماذا لو تقدّّم مليونير عربي، أو أجنبي، ولا يهمّ حتّى وإن كان يهوديًّا؛ لتبنّي كاتب روائيٍّ مثلي، مازال في بداية مشواره، يسعى جاهدًا لتوفير لقمة العيش لأبنائه بعد كدّ وتعب على مدار السّاعة، والإيفاء بمطالباتهم اليوميّة بمصروفهم، ويعتبرونه دينًا مُستحقّ الأداء إن قصّرتُ يومًا معهم. وكثيرًا ما أضطّر للاعتذار لهم عن نسياني المُتعمّد منّي.
سأنشر إعلانًا مأجورًا على الجوجل، وحسب صديقي الخبير الذي تولّى هذه المُهمّة، فإنّه سينشره على منصّات اجتماعية باللّغات العالميّة، كنتُ أطمح أن يكون إعلاني باللّغة العربيّة. قال:
-"المليونيريّة العرب لا يمكن أن يصرفوا عليك قرشًا، ولو من باب الصّدقة أو الزّكاة. المهمّ اكتب لي طلبك، لأترجمه إلى الإنجليزية والفرنسيّة والإسبانيّة والصينيّة والألمانيّة".
-"دخليك..!! استثني الصينيّة.. أنت تعرف الصّين وبلاوي الكورونا التي صدّرتها إلى العالم..!!".
مئات الأميال التي تفصلني عن صديقي الخبير المقيم في بريطانية، هاجر إليه ضمن فئات إعادة التوطين، فهو هناك يمتلك (فيزا كارد) وحسابًا بنكيًّا، لكي يدخل إلى متجر جوجل للإعلان.
على مدار أسبوع والأحلام تتقافز في مخيّلتي، وكأنّني حصلتُ على موافقة مليونير، وقرّرتُ دعوة أصدقائي إلى حفل توقيع روايتي الأخيرة في صالة كبيرة مأجورة، وبتغطية إعلاميّة مدفوعة الأجر من فضائيّة مشهورة لعمل تقرير عن الأمسية، وسأوظّف مجموعة من شركة علاقات عامّة له خبرة فائقة في تلميعي إعلاميًّا، وسأحظى بأن يكون احتفالي تحت رعاية وزير على الأقلّ، ودعوة كافّة الفعاليّات والأسماء المشهورة الأكاديميّة والأدبيّة، ليكونوا في مقدّمة الصّالة، والكاميرا التلفزيونيّة تتجوّل بحرفيّة عالية في التركيز على الوجوه. والبريستيج مهمّ جدًا لي في مثل هذه المواقف التاريخيّة النّادرة، التي لن تتكرّر ثانية، لأنّها ستبقى مدار اهتمام المنبهرين بالحدث مدّة طويلة، وسيذكرونها في مجالسهم ونواديهم.
أمّا دار النّشر فقد وعدني مديرها، فسينتظر شهرًا قادمًا بعد الضجّة الإعلاميّة في الصحف والمواقع التي له علاقات متينة مع معظم مدرائها ومساعديهم، حتّى يتقدّم بالرواية إلى جائزة البوكر العربيّة، وحسبما أخبرني بأن منشوراته الروايّة لكتُاب عرب فازت للسنة الثالثة على التوالي، على شرط وقّعتُ عليه، أن يكون عشرين بالمئة من نصيبه، وخمس عشرين لأناس يعملون مع المنظّمة.
وسأشتري البدلة والحذاء الذي سأظهر فيهما من محلّات (بيير كاردان)، وزجاجة عطر (الشّانيل نايْنتي) الفرنسي. أرسل لي التّاجر بطلبها خصوصًا على حسابي، لأنّها نفقت من المحلّ الشّهير. وتركتُ ترتيبات الحفل من الضّيافة وصنع الدّروع وشهادات التّقدير إلى اللّجنة المُنظّمة.
طارت الفكرة من رأسي على وقع صوت زوجتي وهي تُخبرني، بوصول رسالة القسائم الغذائيّة (الكوبونات) من مفوضّية اللّاجئين. انتبهتُ، بينما يدي امتدّت لحكّ رأسي بشدّة.

عمّان –الأردنّ
19 \ 3 \ 2020
[/justify]


قديم 03-19-2020, 03:57 AM
المشاركة 2
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: أحلام مؤجّلة (قصة قصيرة)
نحلم ونفر للأحلام كلما ضاقت علينا الحيل لمواجهة مكائد الدنيا ومكرها المستمر , لكننا لا نفقد الأمل بمن خلقنا لأننا مهما فعلنا فلن نجد أحدا قادرا على تحويل الحلم من خيال بعيد إلى حقيقة واقعة سوى الله , قصة جميلة سيدي وواقعية جدا .. مشكور على الابداع ربي يحفظك
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 03-19-2020, 12:09 PM
المشاركة 3
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: أحلام مؤجّلة (قصة قصيرة)
نحلم ونفر للأحلام كلما ضاقت علينا الحيل لمواجهة مكائد الدنيا ومكرها المستمر , لكننا لا نفقد الأمل بمن خلقنا لأننا مهما فعلنا فلن نجد أحدا قادرا على تحويل الحلم من خيال بعيد إلى حقيقة واقعة سوى الله , قصة جميلة سيدي وواقعية جدا .. مشكور على الابداع ربي يحفظك
:untitled-6:
استاذ تركي
اسعد الله أوقاتك بكل خير
والأحلام قصص لا تنتهي ابدا..
وان اغلقت الابواب جميعا فان باب
السماء مفتوح على الدوم..
سعدت بقراءتك للنص.. تحياتي لك وتقديري


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أحلام مؤجّلة (قصة قصيرة)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أحلام بلا ظهر ..... إبراهيم الثقفي منبر القصص والروايات والمسرح . 3 09-10-2013 05:40 PM
أحلام ٌ ... على المقصلة !! حسام الدين بهي الدين ريشو منبر البوح الهادئ 10 10-29-2012 06:04 PM
أحلام صبحي ياسين منبر الشعر العمودي 4 04-02-2011 11:13 PM
حب بلا أحلام ... قصه قصيرة حسام سيف منبر القصص والروايات والمسرح . 6 02-13-2011 01:17 AM
أحلام البهائم قصة قصيرة بقلمي.. نواف فهيم مخائيل منبر القصص والروايات والمسرح . 4 12-27-2010 03:52 PM

الساعة الآن 05:02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.