احصائيات

الردود
0

المشاهدات
1820
 
محمد أبو الفضل سحبان
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الثالثة الألفية الثانية وسام الإبداع الألفية الأولى المشرف المميز الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 7


محمد أبو الفضل سحبان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
3,969

+التقييم
1.17

تاريخ التسجيل
Dec 2014

الاقامة

رقم العضوية
13461
01-07-2018, 03:03 AM
المشاركة 1
01-07-2018, 03:03 AM
المشاركة 1
افتراضي "مخربش" منقذ الأجيال

كان الكتاب أول حبس جماعي في حياة "مسعود" و الذي كان يكابد فيه رفقة زملائه غلظة و تسلط الفقيه "أبي جمعة" عليهم....ولكم أن تتخيلوا شكل هذا المعلم الفريد الملقب "بالزراط"....
كان أشوه،أفرم ، أحول وذا مزاج عكر ومنفر على الدوام.....يقرأ من ينظر في وجهه العبوس علامة اللؤم والخبث .
ويذكر أي "مسعود " الذي يطلق عليه الزملاء اسم "مخربش" أنه قال ذات يوم بعفوية الصبيان "للزراط" الذي كان عظيم البطن ...إن ماما كانت بطنها منتفخة مثل بطنك قبل أن تلد أختي "ريحانة" وأنت ماذا ستلد لنا؟؟؟ .... كان "أبو جمعة" مدججا داخل الحجرة بعصا طويلة فطحاء الرأس تشبه الهراوات التي كانت تشكل في العصر "الباليوثي" مع الحجر أحدث الأسلحة آنذاك... لكنها -أي الهراوة- كانت ما تزال تنخس رؤوس الأطفال الأبرياء عندما يخطئون في استظهار سورة قرآنية
أو في جرد عملية حسابية بداعي أن الضرب يقوي الذاكرة وينمي حس الذكاء، تصدع رأس "مخربش" وقد غرزه " الزراط" بالعصا حتى لا يتجاسر بعد ذلك اليوم على الكلام من دون إذن أو السؤال من غير سبب ، ثم شزره بعينيه اللتين كانتا تنظران في الآن يمينا وشمالا قائلا: الويل لمن تكلم دون أن آذن له يا معشر البكم العور.. عيل صبر التلاميذ الذين تزعزعت رؤوسهم وتبلدت عقولهم وسكنهم الخوف بسبب مروض الأطفال الأحول الذي ضرب في غير ما مرة أحدا من التلاميذ خطأ بينما كان ينبغي أن يضرب من بجانبه... ولم يكن أحد منهم يستطيع أن يرفع شكوى أو يرد مظلمة...ويحكون أن "أبا جمعة" شكا ذات مرة "لأبي أحمد" الملقب "بالأفنق" قباحة ووقاحة ابنه "مسعود" وأنه سيهدم الكتاب على رأسه بعد وشاية أحد التلاميذ به ....ظن" أبو أحمد" أن "الزراط" يمازحه لأن "مسعود" كان ضعيف البنية قائلا له:هل أنت جاد فيما تدعيه؟؟...ابني "مسعود" خواف وأنا أعرفه ...هو لا يقوى على قتل ذبابة ثم دس في جيبه بعض الأوراق النقدية وطلب منه التحقق من المسألة وتأديبه إن تيقن من أنه صاحب الفعلة...وعند استفسار" أبي أحمد" لابنه "مسعود" في البيت عن الأمر تمسكن وادعى أنه مجرد افتراء....والحقيقة أنه كان يقض مضجع الفقيه الذي يتخذ من حجرة الدرس سكنا له بالليل...كان يغتنم فرصة غياب "الأفنق" في غير ما مرة و يقطع المسافة من البيت باتجاه الكتاب جريا وبعد تأكده من تواجد غريمه "الزراط" بالداخل يقوم بسرعة آلية برجم الكتاب بالحصى والقضيض ويطلق ساقيه للريح تاركا الفقيه ينفث على صدره، يتلو العزائم ويبخر المكان لطرد الأرواح الخبيثة ... كما كان "مخربش" يقفز أحيانا أثناء الحصة من النافذة في غفلة من "أبي جمعة" ثم يبتعد بأمتار قليلة ثم يجري بخفة وحماسة ويصدم الجدران الهشة من الخارج برجليه النحيفتين فيخيل لللفقيه أن الحجرة التي يعلوها قصدير متآكل ستتصدع وتهوي بفعل ما يشبه القض أو الزعازع فيخرج في الحال متدلها ومرعوبا ليتحرى الأمر بينما يطير "مخربش"من الجهة الخلفية ويتسلل من النافذة ويجلس في مكانه وكأنه لم يكن خارجا..فيشرع التلاميذ في الضحك ضحكا مكتوما مندهشين من جراءة وبسالة "مخربش" الذي يرسم على شفتيه ابتسامة الاعتزاز والشموخ وهو يغمزهم بعينيه في صمت وكأنه يريد أن يقول لهم : صبرا أيها الرفاق ... فالجلاد يسلط الله عليه بالنهاية من يجلده بسوطه.؟؟؟؟ عجز"الزراط" عن معرفة مصدر ذلك الروع.ولم يجد للأمر تفسيرا وكان أغلب ظنه أن العفاريت والمردة تقيم وإياه بنفس الحجرة ....... تسلطت عليه الهلاوس فلجأ إلى أحد الرقاة وحكاه الأمر فرافقه للمحل...ولكن تبين بعد الكشف أن المكان نظيف وخال من الأرواح الخبيثة وأن ما يدور بخلد "الزراط" هي مجرد وساوس... صار على يقين أن هناك خدعة ما وأن هناك من يعاديه من بني جلدته ويسعى جاهدا لتنغيص العيش عليه وترهيبه....وبعد مرور أيام قليلة نصب كمينا للمتربصين به فأمسك بأحد تلامذته متلبسا وهو يهم برجم الكتاب فاعترف له تحت التهديد والوعيد بأن "مخربش" هو العقل المدبر وأنه من يصدم الجدران وأنه من وزع الأدوار عليهم لرجم الكتاب ليلا ... فقال:هكذا إذن والله لن تطلع الشمس في يومكم.....قرر معاقبة الجناة عقابا أليما....جلدهم بالفلقة الواحد تلو الآخر بعد توثيق أقدامهم بحبل غليظ ولم تأخذه شفقة بهم حتى لا يتطاولوا مجددا على من كاد أن يكون رسولا ويكونوا عبرة لمن سولت له نفسه أن يعزف على وتر التمرد و العصيان... كان" مخربش" آخر من تم تكتيفه ونال من الفلقة حصة الأسد......فاضت كأسه غيظا وشعر بالصغار والضعة فقرر الانتقام... تزعم "مخربش" الذي كان شديد الحيل ثورة الأخذ بالثأر هاته و.ظل يفكر كيف يمرغ أنف النغل البغيض في التراب وكيف يجعله يؤدي الصاع صاعين....اجتمع بالثوار الناقمين وأطلعهم على الخطة واتفقوا على اختيار يوم الأربعاء الذي كان شؤما على "مخربش"- لأنه اليوم الذي ولج فيه الكتاب- يوما للانقلاب...أما "أبو جمعة" فقد كان يوم الأربعاء يوم السرور والبهجة لديه لأنه اليوم الذي يتسلم فيه "الحلوان"(1) ويتقاسم فيه مع التلاميذ الشاي والحلوى- التي كان يبلعها دون مضغها بفم محطم الأسنان وهو الشيء الذي جعلهم يطلقون عليه لقب الزراط - في نهاية الحصة قبل أن ينزع عمامته ليقبلوا صلعته- التي يطليها خصيصا لذلك اليوم البهيج بالزيت المبارك - تعبيرا له عن ولائهم واحترامهم....وفي اليوم المشهود...و بعد احتساء الشاي وأداء الحلوان ... بدأ الأطفال ينحنون تباعا لتقبيل صلعة مخيف الأجيال- كما جرت العادة بذلك وهم متقززون عائفون ، ولما أتى الدور على "مخربش" ، أظهر خشوعا وتذللا ملغومين وهو يغلي من الداخل تؤججه الذكرى الملعونة"الفلقة" وغطرسة الصفيق الوقح المتربع أمامه ، تخيل نفسه في تلك اللحظة البطل المنقذ وبدت الصلعة اللامعة تحته ككعكة معسولة في عيني طفل جائع ومقهور فانقض عليها انقضاض عقاب على صيد سمين وغرس فيها أسنانه ونهشها ثم تفلت كالريح من بين يديه و هرب لغير رجعة..أرعد "الزراط" الأطفال بصراخه و الدم قد طلى وجهه...أمسكوا الكلب المسعور..هيا... يا أولاد ال....كلمة نابية...هرب التلاميذ من الجحيم في سعادة بالغة متعقبين أثر مخلصهم ليحملوه على أكتافهم...بعد أيام قليلة أغلق "الزراط" الذي انكسر وهان أمره -في إثر ما وقع- الكتاب الذي تحول فيما بعد لمحل للخياطة...
صار يوم الأربعاء فأل خير ويمن لدى "مخربش" بينما بات أسوأ ذكرى في مشوار "الزراط"......
فرح الصبية فرحا عظيما بالتحرر للأبد من سطوة الغول الأصلع وخلدوا مسعود المخربش في ذكرياتهم.

--------------------------------------------------------
(1)الحلوان أو"الأربعية باللغة العامية:" أجرة الأسبوع التي كان يؤديها التلاميذ كل أربعاء إما عينية في شكل قطع سكر أو علب شاي أو تقدم نقدية..



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: "مخربش" منقذ الأجيال
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفرق بين كلّ من "البِشْر" و"الهشاشة" و"البشاشة" : ماجد جابر منبر الدراسات النحوية والصرفية واللغوية 4 04-11-2022 08:23 PM
الفرق بين " الوَقـْر " بالفتح . و" الوِقْـر " بالكسر " دكتور محمد نور ربيع العلي منبر الحوارات الثقافية العامة 19 05-15-2021 07:12 PM
"مخربش" المصلح المسخوط محمد أبو الفضل سحبان منبر القصص والروايات والمسرح . 0 02-01-2018 12:09 AM
التحليل الأدبي لقصيدة"ملاكي" للأديبة "فيروز محاميد" بقلم: ماجد جابر ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 09-04-2012 11:11 PM

الساعة الآن 11:46 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.