احصائيات

الردود
6

المشاهدات
2700
 
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية

ريما ريماوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
801

+التقييم
0.17

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
الأردن.

رقم العضوية
10476
06-10-2013, 06:24 PM
المشاركة 1
06-10-2013, 06:24 PM
المشاركة 1
افتراضي رهبة..... !
رهبة........!

تأخرت مع زميلتين لي في مكتبة مدينتنا العامّة، حيث نعمل، وذلك خارج ساعات
الدوام الرسمي للقيام بترتيب وتصنيف مجموعة كتب وردتنا حديثا.

الأماكن الواسعة موحشة عندما تخلو من الناس، فتحدّثنا بصوت خافت، لأن لأصواتنا
رجع صدى. همست الزميلة في مقتبل العمر وكانت قد انضمت إلى العمل معنا حديثا:

- أشعر بالخوف، أتخيّل أبطال القصص يغادرون رواياتهم، يسرحون ويمرحون بعدما
تغلق المكتبة أبوابها.

- نعم، معك حق المكان مخيف، أجبتها مواسية وأكملتُ:

- في مساء أحد الأيام، تأخرت لإنجاز عملي بمفردي، وإذ بي أسمع وقع أقدام امرأة
تنتعل الكعب العالي، هرعتُ أستجلي الأمر، ورأيتها بأمّ عينيّ تتبخّر في الهواء.

- الأشباح حقيقة بلا شكّ. أضافت ثالثتنا مؤكّدة كلامي، واستطردّت:

- سأقصّ عليكما قصة شبح رآه قريبي "كريم" شخصيّا وكان برفقة صديقه، حدّثنا
عنها قائلا: "رافقت صديقي "عادل" في إحدى رحلات العمل، بهدف توصيل بضاعة
في شاحنته الضخمة. قطعنا الفيافي وعبرنا الصحراء متّجهين إلى الجنوب، حلّ الظلام،
اتفقنا على أن نحطّ رحالنا للتخييم عند واحة تلوح في الأفق. إذ لا فائدة من الوصول
إلى حيث هدفنا ليلا والجميع نيام.

انعطف بنا نحو شارع فرعيّ وعر، من الواضح أنه لم يعبّد منذ زمن بعيد، ركن
الشاحنة، ونزلنا نتفحّص المكان البائس، الأرض يباب، توجد بحرة ضحلة على وشك
الجفاف، والنباتات حولها متيبّسة ذابلة.

مع هذا لشعورنا بالإرهاق والتعب نصبنا الخيمة، ثم التففنا بأغطيتنا ونمنا دّاخلها.
غفوت قليلا لكن ايقظني نداء الطبيعة، ابتعدت عن المكان وقضيت حاجتي، بعد أن
فرغت عدت أدراجي، أستعين بمصباح يدويّ لإنارة طريقي، فسقط نوره على عادل
وكان نائما خارج الخيمة، لشدة هلعي وجدته واضعا رأسه في حجر امرأة مخيفة.

شابّة في منتصف العشرينات، يبدو جسدها ظاهرا للعيان من خلال أسمال ممزقة
ترتديها، وقروح دّامية تغطّي مختلف أنحاء جسدها، مع جرح ينزف دما أسود بغزارة
ناحية قلبها.

المذهل في الأمر أن عادل لم يبد حراكا أو انزعاجا، لم يقلقه ضوء المصباح السّاقط
عليه، وكان مستغرقا في نومه طفلا وديعًا في حضنها. هنالك أيضا أطفال صغار،
يتمسّكون بتلابيبها، تتراوح أعمارهم مابين السّنة والخمس سنوات، يرتدون الثياب البالية كأمّهم، يجهشون في البكاء، والدماء تنزّ من أجسادهم الصغيرة، لفرط تعجبّي كانت
القطرات تضمحلّ وتختفي قبل وصولها الأرض.

فتحت فمي أنوي الصراخ لتنبيهه والمرأة ما تزال تمسّد شعره، لكنّ الخوف ألجمني،
لم أستطع التفوّه ببنت شفة. رفعتْ بصرها نحوي وكشّرت عن أسنانها الصفراء، تصيح بصريرغريب كحيوان جريح. ازددتُ هلعا، أكاد أسمع وجيب قلبي، عيناها جمرتا نار
تتوقّدان، شعرها أشعث ولمّا تزل تعمل عليه بأظافرها غير المدرمة، حتما ليست آدميّة
ولا تنتمي لجنس البشر.

اجتثّني الرعب من مكاني فهربتُ لا ألوي على شيء حيث الشاحنة أحتمي داخلها.
واحكمت إغلاقها من الداخل، على الفور غفوت وأغلب الظنّ أنّني غبت عن الوعي..

استيقظت على نداء عادل، أتصبب عرقا من شمس الصّحراء. سألته وأنا أجفّف
نفسي بمنديل:
- أين المرأة والأطفال؟
- ماذا تقول؟ لا يوجد غيرنا في الصحراء.
- كلّا، رأيتكما بالأمس، نائما في حضنها. نظر اليّ ساخرا:
- هل أنتَ متأكد؟! أعتقد أنّكَ محرور أو شربت الخمر دون علمي!
أجبته بحدّة:
- كلا لست مريضا ولا سكرانا، لا أشرب الخمر مطلقا وأنت تعرف هذا، هلمّ معي
نستكشف المكان.

تجوّلنا بالمحيط حولنا، فما وجدنا إلّا مقبرة قديمة تحتوي بضعة قبور مبنيّة من طوب
آجر قديم متآكل، ولا أثر للمرأة والأطفال.

لم يهتمّ عادل بالأمر كثيرا، يبدو أنه لم يصدّقني، لكنّ لم يرغب في إثارة مشكلة
معي. عدنا إلى الشاحنة وأكملنا المسير، عند مشارف المدينة سمعتُ تلك الصرخة غير الآدمية من جديد. نظرتُ إلى عادل فوجدته لم يبدِ أيّ ردة فعل، من الواضح أنّه
لم يسمعها، أما أنا فارتجّ كياني، شكرت الله أنّنا أصبحنا على أهبة الوصول إلى وجهتنا،
استعاد عادل ذكرياته لأنه أصلا من تلك البلدة.

وصلنا، ترجلّت قرب الجامع لأداء صلاة الظهر، أما عادل فأكمل سيره لتسليم الطلبيّة.
دلفتُ إلى الداخل، استقبلني شيخ الجامع بالتّرحاب وقد عرف على الفور أنّني غريب.
ثمّ صلّى بنا وبعض المحليّين. بعدها جلس متربعّا يردّ على بعض الأسئلة، انفتح
قلبي لسماحته وانتظرت لمّا انصرف كلٌّ إلى شأنه، اقتربت منه مستأذنا بالكلام
وأخبرته عن امرأة البحيرة.. أصغى إليّ باهتمام دون أن يظهر دهشة أو استغرابا،
استمرّ يهزّ رأسه مشجّعا أن أتمم قصّتي دون مقاطعتي.

ثمّ جاء دوره فأخبرني أنّه سمع بها من أجداده، الّذين تناقلوا خبر تجلّيها لبعض
الأشخاص خلال سنوات، فيفرّون من أمامها مذعورين. وأضاف أن قصّتها حدثت
منذ زمن بعيد، حين انهار زوجها المزارع إثر الجفاف والقحط والجوع، وأصيب
بلوثة جعلته يقدم على طعن امرأته وأطفالهما بالخنجر وانتحر ولم يبق منهم إلّا ابن
ايّام في مهده. وأضاف أنّ شارع الواحة حيث قبورهم ينخرّب فور إصلاحه، وكان
قد أصلح الأسبوع الفائت.

فكرت بهذه الأرواح الهائمة، ومدى معاناتهم، ما زالوا عالقين في الفضاء دون راحة.

عاد عادل، فقام الشيخ الصالح الجليل برقيّ الشاحنة، وكان خبيرا قرأ أدعية كثيرة
وذكرًا حكيمًا، بهدف إراحة الأرواح المعذّبة ليرقدوا في سلام. بعد لحظات رأينا المرأة المخيفة تنسلّ من الشاحنة ومعها أطفالها. وأخذت تغذّ السير في نفس الاتجاه الذي قدمنا
منه، لا بد أنّ هدفها المقبرة حيث دفنوا هناك.

أحسستُ يد عادل تشدّ بقوّة على كتفي، يتابعها فزعا، مصفرًّا يكاد يقع مغشيّا عليه من
هول الصدمة، لا يصدق أنّه سلم بعد أن بات في حضنها دون أن تمسّ شعرة من
رأسه/ غالبا هو يمتّ بصلة لها، لهذا تجلّت لنا. "
..............

-هذه قصة قريبي ما رأيكن بها؟! سألت صديقتي.

ردّت زميلتنا الشابّة الصغيرة:
- وقف شعر لحمي، لو ظهرت تلك المرأة لي لمتُّ خوفا.

- نعم، أخاف أن نكون قد أثرنا الأشباح وهيّجناهم علينا. قلت هذا وأنا أتلفّت حولي،
وقد اقشعرّ جسدي إثر قصة صديقتي.

وإذ بدويّ هائل صوت يصمّ الآذان. لم نتوقّف للبحث عن السبب، بل رحنا نجري إلى
خارج المكتبة نتعثّر ببعضنا بعضا هلعًا.

ولم نر عامل النظافة الّذي كان يقف مذهولا في مكتب المدير يراقب رفّا ضخما انهار
دون سبب واضح بما عليه من كتب، وكانت عليه تحف زجاجيّة تحطّمت شظايا،
وأصدرت الصوت المجلجل.

مع تحيتي: ريما ريماوي.


أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
قديم 06-11-2013, 02:35 AM
المشاركة 2
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


هو الخوف يسكن في الذات منتظرا أن يتجسد في صور يحسن الخيال ابتكارها ، هي عقدة الذنب تلاحق البعض فتتراءى له صور يحتفظ بها الذهن ويحسن توظيفها وفق اللحظة و الحدث ودرجة الإنفعال والحزن و الإرهاق والملل ، هي شحنات سلبية لا يستطيع الجسم التخلص منها و لم يعد قادرا على كبتها فيترجمها أشكالا غير غير معقولة وربما تكون فيها درجة من الواقعية ، هي أسطورة الروح المظلومة التي تأبى الركون وتريد كشف الظالم و ربما تنتقم من أشخاص معينين ، أعجبني هذا النص كثيرا ففيه مقاربة نقدية جميلة و التي تجلت في تلك النهاية حين نسقط خوفنا على الحدث ، جميل هذا الخيال الممزوج بقشعريرة الجسد .
تحيتي .


قديم 06-17-2013, 12:09 AM
المشاركة 3
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي


هو الخوف يسكن في الذات منتظرا أن يتجسد في صور يحسن الخيال ابتكارها ، هي عقدة الذنب تلاحق البعض فتتراءى له صور يحتفظ بها الذهن ويحسن توظيفها وفق اللحظة و الحدث ودرجة الإنفعال والحزن و الإرهاق والملل ، هي شحنات سلبية لا يستطيع الجسم التخلص منها و لم يعد قادرا على كبتها فيترجمها أشكالا غير غير معقولة وربما تكون فيها درجة من الواقعية ، هي أسطورة الروح المظلومة التي تأبى الركون وتريد كشف الظالم و ربما تنتقم من أشخاص معينين ، أعجبني هذا النص كثيرا ففيه مقاربة نقدية جميلة و التي تجلت في تلك النهاية حين نسقط خوفنا على الحدث ، جميل هذا الخيال الممزوج بقشعريرة الجسد .
تحيتي .

والأجمل حضورك العذب مبدعنا ياسرعلي...

وتحليلك القيم...لكم أنا سعيدة بك...

الله يسعدك ويحفظك ويوفقك...

تحيتي واحترامي وتقديري.

أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
قديم 06-21-2013, 12:51 PM
المشاركة 4
صفاء الأحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جميلة حبكة القصة ريما .. وهذه المظاهر يتداولها الناس فيما بينهم بكثرة ..

( الحمد لله ما قرأتها بالليل هههههههه لأني عن جد خفت نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة )

مودتي لكِ ولقلبك ..



أدرتُ ظهري للشفق ، وسرت بخطٍ موازٍ للنور ،
و كأنّ المغيب لا يعنيني !!


قديم 06-21-2013, 02:07 PM
المشاركة 5
جليلة ماجد
كاتبة وأديبـة إماراتيـة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كل الرهبة أن تظلم من تحبهم ....

و ترى أطيافهم بالقرب مِنك ...

ريما ... قاصة بارعة أنتِ ....

ودي ... تقديري ...

عند المطر ..تعلم أن ترفع رأسك ..
قديم 10-14-2013, 02:49 AM
المشاركة 6
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
جميلة حبكة القصة ريما .. وهذه المظاهر يتداولها الناس فيما بينهم بكثرة ..

( الحمد لله ما قرأتها بالليل هههههههه لأني عن جد خفت نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة )

مودتي لكِ ولقلبك ..
أهلا وسهلا بالغالية صفاء ...

ههههههه ممكن أضع ملاحظة ... لتحذير القلوب الضعيفة...

أعتذر عن تأخري بالرد، ولا عذر لي إلا السهو...

وعيد أضحى مبارك... وكل عام وانت بخير.

أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.
قديم 10-14-2013, 02:52 AM
المشاركة 7
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
كل الرهبة أن تظلم من تحبهم ....

و ترى أطيافهم بالقرب مِنك ...

ريما ... قاصة بارعة أنتِ ....

ودي ... تقديري ...
ما أجمل هذا الحضور شاعرتنا القديرة جليلة ماجد..

وأعتذر بشدة عن تأخيري بسبب السهو..

لكم سعدت بك وبحضورك الآثر..

وكل عام وانت بخير بمناسبة

حلول عيد الأضحى المبارك.

تحيتي وتقديري.

أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.