احصائيات

الردود
4

المشاهدات
5757
 
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


د. زياد الحكيم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
380

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Jul 2008

الاقامة
لندن - بريطانيا - عضو اتحاد الصحفيين البريطانيين

رقم العضوية
5315
08-31-2010, 10:47 PM
المشاركة 1
08-31-2010, 10:47 PM
المشاركة 1
افتراضي إيسوب والحكاية الخرافية - د. زياد الحكيم
يعود الفضل للمواطن الإغريقي إيسوب في تطوير الحكاية الخرافية لتكون أداة من أدوات التعليق السياسي والاجتماعي. وفي مراحل لاحقة نسب الكثير من الحكايات الخرافية الإغريقية واللاتينية والأوربية إلى إيسوب مع أن بعض هذه الحكايات جاءت من أصول سومرية وآشورية وبابلية ومصرية وهندية. وتعود بعض الحكايات الأقل شهرة إلى كتاب من أمثال بابريوس وفيدروس وبراشيوليني وجان دو لافونتين. والحكاية التي تنسب إلى إيسوب هي في الواقع قصة رمزية قصيرة تستعمل الحيوانات لتصوير مغزى أخلاقي. وتستعمل هذه الحكايات اليوم لتعليم الأطفال بشكل خاص جملة من الأخلاقيات الإنسانية العامة ولتسليتهم بعالم من الخيال أبطاله من الحيوانات.

من هو إيسوب؟

ربما يكون إيسوب قد ولد في الشمال الشرقي من اليونان حوالي عام 620 قبل الميلاد، حسبما يذكر المؤرخ هيرودوتوس الذي يصف إيسوب بأنه عبد لدى مالك يدعى زانثوس وفي مرحلة لاحقة عند مالك آخر يسمى يادمون. وقد اعتقه هذا الأخير. ويصف كتاب بعنوان "حياة إيسوب" من القرن الأول بعد الميلاد كيف أن قوم الساميانيين أوفدوا إيسوب بعد ذلك إلى بلاط الملك كروسوس لدعوته إلى وقف اضطهاد بني جلدتهم. وأعجب كروسوس أيما إعجاب بإيسوب فرفع الظلم عن الساميانيين وعينه في البلاط مما هيأ الفرصة للكاتب أن يسجل حكاياته.

ويقول المؤرخ بلوتارك إن إيسوب عين في بعثة دبلوماسية في دلفاي حيث قتل. ويقول بلوتارك إن إيسوب أثار حفيظة قساوسة أبولو عندما قال إنهم يتمتعون بشهرة واسعة في الخارج ولكنهم في واقع الأمر لا يتمتعون بشخصيات جذابة. فانتقم منه القساوسة بأن دسوا كأسا ذهبيا من كؤوس المعبد في أمتعة إيسوب. وعندما اكتشف أمره حكم عليه بالموت بإلقائه من فوق صخرة شاهقة. ولكن بلوتارك يقول إن أهالي دلفاي بعد سنوات عديدة دفعوا دية لورثة يادمون للتكفير عن مقتل إيسوب. ويقول بلوتارك إن إيسوب مات في دلفاي عام 564 قبل الميلاد.

أعمال إيسوب

تتميز حكاية إيسوب بأنها قصة رمزية قصيرة خيالية تصف عملا وقع في الماضي بين حيوانات معينة ترمز إلى أشخاص من بني البشر. وتشير الحكاية إلى مغزى أخلاقي قد يكون بالغ الوضوح وقد لا يكون. والحيوانات في حكاية إيسوب لها خصائص تذكر بخصائص بشرية معينة: فالثعلب يرمز إلى المكر، والحمار يرمز إلى الغباء، والخروف يرمز إلى البراءة، والذئب يرمز إلى القسوة. وحكاية إيسوب هي حكاية تحذيرية تكشف من طريق الدعابة أو السخرية أو الهجاء عالما لا أخلاقيا لا يكترث للقيم المجردة، وهو عالم بحاجة ماسة إلى الحكمة والاعتدال من أجل الحفاظ على هوية أخلاقية عالية. وحكاية إيسوب نص نثري يستعمل قصص الحيوانات للترفيه عن القارئ ولوضع رسالة سياسية واجتماعية وأخلاقية.

وقد نشرت أول مجموعة من أعمال إيسوب حوالي عام 300 قبل الميلاد. وقد يكون المراد من نشرها أن تكون مرجعا للحكايات يستفيد منها الكتاب والخطباء. واستقبل الناس "حكايات إيسوب" بأشكال مختلفة: المربي ومعلم البلاغة الكلاسيكية كوينتليان نصح الآباء أن يبدأوا بتدريب أولادهم الصغار على مطالعة الحكايات وتلخيصها وإعادة صياغتها وتفسيرها على ضوء خبراتهم. وأفاد الخطباء من الحكايات من حيث هي أدوات للإقناع والتأثير في الناس. فاستعملوها في موضوعات وظروف مختلفة، وادخلوا على صياغتها تعديلات كي تحقق الغرض المرجو منها. ويبدو أن الخطباء الذين استفادوا من الحكايات في خطبهم اهتموا اهتماما خاصا بفحواها ولم يهتموا كثيرا بشكلها النصي. في الوقت نفسه، صاغ بعض الشعراء الحكايات شعرا، فجعلوا منها عملا أدبيا جميلا أثار انتباه النقاد فترة من الزمن. وأعاد بعض الكتاب صياغة الحكايات نثرا ودفعوا بها إلى كل أنحاء أوربة فحظيت بشعبية واسعة وأدرجت في كتب مدرسية كانت أساسا لوضع أعمال أدبية أخرى بالرغم من أنها ليست بالضرورة عملا فنيا نظرا إلى الصيغ الكثيرة التي انتشرت الحكايات بها، دون أن يسجل من وضعوها أسماءهم عليها.

وتعتبر حكايات إيسوب اليوم مفيدة من حيث هي أدب للأطفال، ولا تزال تنتشر في صيغ نثرية وشعرية كثيرة في مختلف اللغات. يركز بعض الباحثين نقدهم على الخيال والصور والدعابة في الحكايات، في حين يركز البعض الآخر على مقارنة هذه الحكايات بحكايات أخلاقية أخرى كحكايات بودا، مؤكدين أن حكايات إيسوب تبرز المنفعة الشخصية الناجمة عن الفعل أكثر مما تبرز الفعل الأخلاقي نفسه.

نماذج من حكايات إيسوب

حكاية الإوزة والبيض الذهبي

ذات يوم، عثر فلاح على بيضة صفراء تلمع في عش إوزته. أمسك بها فوجدها ثقيلة وكاد أن يرميها ظنا منه أن الامر لا يعدو كونه خدعة قام احد أصحابه. ولكنه غير رأيه وذهب بها إلى بيته، وهناك تأكد أنها بيضة من ذهب. وفي كل صباح راح يزور عش الإوزة ويلتقط منه بيضة ذهبية. وهكذا كان الحال حتى أصبح ثريا. وازداد جشعه فأراد أن يحصل في دفعة واحدة على كل البيض الذهبي الذي كان بوسع الإوزة أن تقدمه فذبحها وفتح أحشاءها ولكنه لم يجد شيئا.


حكاية النملة والحمامة

ذهبت نملة إلى ضفة نهر لتشرب، ولكن التيار جرفها وكادت أن تغرق. في تلك الأثناء كانت هناك حمامة تقف على غصن شجرة بقرب سطح الماء، فأسرعت الحمامة وقطفت ورقة ورمت بها إلى النملة التي كانت تصارع الماء. فتسلقت النملة على الورقة ونجت من الغرق. بعد ذلك بقليل وقف صياد تحت الشجرة وصوب بندقيته لصيد الحمامة. فما كان من النملة إلا أن اقتربت من الصياد ولدغت قدمه فاهتزت البندقية بيده فلم يصب الحمامة التي طارت من المكان.

حكاية الجرس والقط

عقدت جماعة من الفئران اجتماعا لبحث السبيل لدرء خطر عدوها المشترك القط. وضع أمام الاجتماع عدد من المقترحات إلى أن وقفت فأرة شابة قليلة الخبرة وقالت:

-اعتقد أن أفضل طريقة للتغلب على خطر القط هو أن نعلق في عنقه جرسا لتنبيهنا كلما اقترب منا.

صفقت الفئران جميعا للاقتراح. ولكن فأرة مسنة حكيمة رفعت رأسها وقالت:

-انه اقتراح جميل بلا ريب. ولكن من سيعلق الجرس في عنق القط؟

هنا هدأت الفئران ونظرت كل واحدة إلى جارتها في استغراب. فتابعت الفأرة المسنة تعليقها قائلة:

-من السهل أن نقترح حلولا مستحيلة.



حكاية الثعلب والعنب

دخل الثعلب إلى الغابة، وفيما هو يسير في ممراتها الضيقة لفت نظره عنقود من العنب الشهي. فقال في نفسه: هذا هو ما احتاج إليه لأطفئ ظمأي. رجع الثعلب بضعة خطوات ووثب ليمسك بالعنقود. فلم يفلح. أعاد الكرة ولم يفلح. وأخيرا، فقد الأمل في إمكانية الفوز بالعنقود. فأدار ظهره وقال في نفسه:

-لا بد انه من العنب المر. لا فائدة فيه.
وواصل مسيره.

حكاية الشمس والريح

بدأت الشمس والريح جدلا حول من منهما أقوى من الآخر. وفجأة مر مسافر على الطريق. فقالت الشمس:

-اقترح أن يحاول كل منا أن يجعل هذا الرجل يخلع معطفه. ومن يفلح في ذلك يكون هو الأقوى.

وافقت الريح. وراحت تثير عاصفة قوية كان من أثرها أن تمسك المسافر بمعطفه أكثر فأكثر. ولم تتمكن من إرغام المسافر على خلع معطفه. وجاء دور الشمس في المحاولة. فراحت تبث دفئها بحنان حتى إذا شعر المسافر بارتفاع الحرارة خلع معطفه دون تردد.

حكاية البخيل والذهب

كان بخيل يحفظ دراهمه الذهبية في حفرة تحت جذع شجرة. وكان من دأبه أن يزور كنـزه كل ليلة ليعده ويطمئن انه لازال في موضعه. فاكتشف لص مكان الكنز. وذهب إليه ليلا واقتلعه من مكانه. وعندما جاء البخيل كعادته لعد دراهمه، اكتشف انه لم يعد له دراهم. فراح يصيح ويندب حظه فتجمع حوله سكان القرية.

سأله احدهم: هل أنفقت من دراهمك شيئا؟

قال البخيل: لم أنفق منها شيئا. كنت أجيء لأطمئن عليها فحسب.

فقال له الرجل: تعال وانظر إلى الحفرة لتطمئن عليها من الآن فصاعدا. فالدراهم لم تكن أكثر فائدة منها.

حكاية الذئب في ثوب خروف

وجد ذئب أن من الصعب أن يصل إلى حظيرة الخراف نظرا إلى صحوة الراعي وكلابه. وفي ذات يوم عثر على كومة من الصوف فلبسها، واندس بين الخراف في المرعى. فلحق بالذئب الحمل التابع للنعجة التي أخذ منها الصوف. وابتعد الاثنان عن بقية القطيع. فانقض الذئب على الحمل والتهمه. وهكذا استطاع الذئب أن يخدع القطيع. وكان يستمتع بوجبة شهية في كل مرة.

حكاية الأولاد والضفادع

اكتشف أولاد كانوا يلعبون بالقرب من بركة ماء عددا من الضفادع، فراحوا يرشقونها بالحجارة. وقتلوا بعضها. فرفع ضفدع رأسه فوق سطح الماء وصاح قائلا:

­-أيها الأولاد أناشدكم أن تكفوا عن رشقنا بالحجارة. فما تعتبرونه ترفيهًا لكم يسبب لنا الموت.

zedhakim@yahoo.co.uk
لندن - بريطانيا


قديم 09-01-2010, 06:48 PM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حكايات إيسوب من مخزون ذاكرتي الطفولية المتوسطة / في عمر الثامنة / تقريبا و صقلت الكثير من المخزون اللغوي و الادبي في ذاتي
لكأني بها في جوانب منها تشبه ما كتبه بيدبا من قصص كليلة و دمنة و ترجمها لعربية عبد الله بن المقفع
لابد ان إيسوب أكثر إيغالا في عمق التاريخ و لكن هذا يعني أن الموروث الثاقفي لكل امة يصب في مشترك إنساني واحد
أشكرك دكتور زياد الحكيم لهذا المقال القيم
تثبيت

قديم 01-10-2016, 11:51 PM
المشاركة 3
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذة ريم بدر الدين -
شكرا للمتابعة والتعليق. حكايات ايسوب ملأت الدنيا
وشغلت الناس في كل الثقافات. ويبدو واضحا ان هذه الحكايات تشكل
قاسما مشتركا في الذاكرة
الجمعية لكل من التحق بمدرسة
ابتدائية او اعدادية. انها الثقافة الانسانية الشاملة التي تقرب بين الناس
من كل الاصقاع.

قديم 01-11-2016, 12:44 AM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحباً دكتور زياد

لا اعتقد ان هناك عمل يضاهي ما تقوم به من نقل للمعرفة وثقافة الشعوب الاخرى لقد اغنيت المحتوى العربي بترجماتك ودراساتك ومقالاتك القيمة هذه . أنا ايضا كنت اعرف الكثير من هذه القصص لكني لم اكن اعرف قصتها ومصدرها. الان صرت اعرف من اين جاءت قصة من يعلق الجرس .

قديم 01-16-2016, 06:04 PM
المشاركة 5
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاخ الاستاذ ايوب صابر-
شكرا جزيلا للمتابعة والاهتمام.
هذه شهادة اعتز بها.
حكايات ايسوب امتدت قرونا طويلة
ولعبت دورا كبيرا في تعميق الثقافة المشتركة لاجيال لا عد لها
من الناس وفي المساهمة في بناء مفاهيم انسانية شاملة.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: إيسوب والحكاية الخرافية - د. زياد الحكيم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما هي الدادوية؟ د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 05-14-2016 06:20 PM
جين أوستن – د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 0 03-19-2016 05:35 PM
الشجرة غير المثمرة - للكاتب إيسوب ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 2 02-14-2015 11:50 PM
دي اتش لورانس – د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 4 10-20-2012 11:50 PM

الساعة الآن 07:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.