منبر البوح الهادئلما تبوح به النفس من مكنونات مشاعرها.
أهلا وسهلا بك إلى منتديات منابر ثقافية.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
وتأويل كلام، وصاحبه منهك الحال؛ يلاحق المعنى ولا يدركه،
ويقبض على اللفظ وقد أفلت منه الجوهر. تتزاحم الأقوال في فمه،
وتبقى الحقيقة رهينة الصمت، كأن البيان ستار، وكأن العمق امتحان
لا يجتازه إلا من أخلص النظر، وتجرد من زينة القول، ونفذ إلى ما وراء القشور؛
فثمّة فرق بين من يحسن البيان، ومن يلامس العيان،
وبين من يرص الألفاظ رصا، ومن ينفذ إلى المعنى نفاذا.
تلك الشواهد من آثار ما تبقى من بيوت قديمة،
والتي تحكي روايات شتى؛ فكم اكتنفها نوبة فرح،
وكم جثم على صدرها أثقال حزن أنهكت عزيمة ساكنيها،
وتلك الشقوق على جدرانها تحكي الفراق الذي نال من قاطنيها.
وكذا حالنا ونحن نعدو في طرقات الحياة إلى مصارع حتفنا،
نطأ فيها صدى الذكريات، ونستنشق عبير الماضي،
فنحن بين جدران الزمن، أحياء بأشباح ما مضى،
ونتلمس آثار وجودنا بين فرح دام لحظة،
وحزن عمره حياة.
في دائرة الصدى، يتناثر الكلام كما الغبار؛ يُعاد في كل فم كأنه سراب،
لا يملأ فراغًا، ولا يزرع أثرًا، ويظل العدم أعظم من أي لفظ يُستعاد.
وكل كلمةٍ مكررةٍ، كحلمٍ بلا نهاية، تطفو على سطح الفكر بلا وزن،
وتعود لتسقط حيث بدأت، كما لو أن الحروف نفسها
تعترف بعجزها عن حمل معنى جديد.
فما يُعاد ليس أكثر من صدى صدى،
وصرخة في الصمت، ووميض بلا نور،
وكأن اللغة قد نسيت سرّها الأول،
فغدت محض قناعٍ للخيال،
وبهلوانية للغموض، ومراوغة للوجود.