قديم 08-29-2025, 12:20 PM
المشاركة 331
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
أهوي في داخلي
كمن ينقّب عن ضوءٍ
في نفقٍ نسيته الشمس...

كلما حاولتُ أن أرفع رأسي
وجدتُ فوقي سقفًا من الذكريات
منخفضًا…
قاسيًا…
كأنه يُعيدني إلى الأرض
كلّما همستُ للسماء بشيءٍ من حلم.

أنا لا أهرب،
لكنّني أشيح بقلبي
عن كل ما يشبهكِ…
لأنّني لا أقوى
أن أراكِ
في وجهٍ لا يعرفني.

كلماتي؟
مبلّلة بالخذلان،
ومخطوطة على جدرانٍ
لم يقرأها أحد.

أحاول أن أنسى
لكنّ التفاصيل تعرف اسمي جيدًا،
وتناديني
كلّما ظننتُ أنّي عبرت.

أكتبكِ،
ليس لأنكِ تعنين النهاية،
بل لأنكِ
ما زلتِ العنوان
الذي يبدأ به كلّ وجعي.

قديم 08-29-2025, 06:36 PM
المشاركة 332
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
مواكبُ السعادةِ تتعثّرُ خُطاها،
ويستبقها جَحافلُ الحُزن،
وتلك المواطنُ جَدْباءُ،
تئنُّ على جمرِ الخُذلان،
وتَحُطُّ سياطُ الشُّحِّ، فتَئِنُّ الأرواحُ في صمتِها المُوجِع.

عواملُ نحتٍ تُعَرِّي جبالَ الصبر،
ومعاولُ الهدمِ تَهوي على رأسِ التعافي
من وَقعةِ الذُّلِّ ومرارةِ الانكسار،
ولا ظلَّ لشجرةِ عزٍّ تَؤوي العابرين،
ولا طيفَ لأملٍ يُدلِّي ضياءَه على الدروبِ المُعتِمة.

وأسرابُ الأحلامِ ترفرفُ على رؤوسِ المُحبِّ،
وسرابُ الوصولِ إلى عرينِ القَبولِ يَحِنُّ،
كأنّه طيفُ وطنٍ تاهَ في زحامِ الغُرباء،
وكأنّ القلوبَ نُفِيَت عن صَحوِها إلى جُزرِ التَّمنِّي.

فأيُّ عيشٍ على بِساطِ التفاؤلِ بعدها يُبنى؟
وأيُّ فجرٍ يُؤْذِنُ بالضياءِ
إذا كانت نوافذُ الحلمِ مغلقة،
وأبوابُ الرّجاءِ صَدِئةٌ لا تَفْتَح؟

لكن…
من بينِ رُكامِ العُتمةِ يولَدُ النُّور،
ومن أضلُعِ الألمِ ينبثقُ النشور،
فما انطفأتْ جذوةُ الروحِ،
ولا انحنى القلبُ وإن أثقلهُ العبور.

وإن كبَتَ الزّمانُ بخيلهِ ومَراسِيه،
ففي الجَوانحِ صبرُ نبيٍّ،
وفي المآقي نُضجُ حكمةٍ
سُقيتْ من ماءِ التجربة.

نُرمّمُ أحلامَنا حجَرًا حجَرًا،
ولو بنيناها على شفيرِ العَدم،
وننسجُ من خيوطِ الأملِ وشاحًا،
يُدَثّرُ صقيعَ الغَدِ المُبهم.

تَعِبَ الزّمانُ من خُطانا،
لكنّنا لم نَتعب،
تَخاذلَ الدّربُ،
لكنَّ خطانا لم تَخذُل.

فأيُّ حياةٍ تُولدُ إن لم تُختبر؟
وأيُّ نُضجٍ بلا نارٍ،
وأيُّ نُورٍ بلا ظُلمةٍ تُكشَف؟

قديم 08-29-2025, 07:16 PM
المشاركة 333
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
مواكبُ السعادةِ تتعثّرُ خُطاها،
ويستبقها جَحافلُ الحُزن،
وتلك المواطنُ جَدْباءُ،
تئنُّ على جمرِ الخُذلان،
وتَحُطُّ سياطُ الشُّحِّ، فتَئِنُّ الأرواحُ في صمتِها المُوجِع.

عواملُ نحتٍ تُعَرِّي جبالَ الصبر،
ومعاولُ الهدمِ تَهوي على رأسِ التعافي
من وَقعةِ الذُّلِّ ومرارةِ الانكسار،
ولا ظلَّ لشجرةِ عزٍّ تَؤوي العابرين،
ولا طيفَ لأملٍ يُدلِّي ضياءَه على الدروبِ المُعتِمة.


وأسرابُ الأحلامِ ترفرفُ على رؤوسِ المُحبِّ،
وسرابُ الوصولِ إلى عرينِ القَبولِ يَحِنُّ،
كأنّه طيفُ وطنٍ تاهَ في زحامِ الغُرباء،
وكأنّ القلوبَ نُفِيَت عن صَحوِها إلى جُزرِ التَّمنِّي.

فأيُّ عيشٍ على بِساطِ التفاؤلِ بعدها يُبنى؟
وأيُّ فجرٍ يُؤْذِنُ بالضياءِ
إذا كانت نوافذُ الحلمِ مغلقة،
وأبوابُ الرّجاءِ صَدِئةٌ لا تَفْتَح؟

لكن…
من بينِ رُكامِ العُتمةِ يولَدُ النُّور،
ومن أضلُعِ الألمِ ينبثقُ النشور،
فما انطفأتْ جذوةُ الروحِ،
ولا انحنى القلبُ وإن أثقلهُ العبور.

وإن كبَتَ الزّمانُ بخيلهِ ومَراسِيه،
ففي الجَوانحِ صبرُ نبيٍّ،
وفي المآقي نُضجُ حكمةٍ
سُقيتْ من ماءِ التجربة.

نُرمّمُ أحلامَنا حجَرًا حجَرًا،
ولو بنيناها على شفيرِ العَدم،
وننسجُ من خيوطِ الأملِ وشاحًا،
يُدَثّرُ صقيعَ الغَدِ المُبهم.

تَعِبَ الزّمانُ من خُطانا،
لكنّنا لم نَتعب،
تَخاذلَ الدّربُ،
لكنَّ خطانا لم تَخذُل.

فأيُّ حياةٍ تُولدُ إن لم تُختبر؟
وأيُّ نُضجٍ بلا نارٍ،
وأيُّ نُورٍ بلا ظُلمةٍ تُكشَف؟

قديم 08-29-2025, 09:50 PM
المشاركة 334
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
كم رددتُ بناني عن لفظ الحرف في كل مرة، إذ كانت الكلمات تمضي كالسهام، وإن كانت نيتها سلامًا، فكم من كلمةٍ خرجت من القلب، فزلّت على اللسان، ففُهِمت على غير وجهها، وحُمِّلت ما لا تحتمل، فكان الندم يأتيني لاحقًا، كضيف ثقيل لا يغادر.

خشيت دومًا أن يُؤوّل حديثي على غير ما أردت، وأن يُقرأ قلبي بعيون لا ترى نبضه كما هو، فيُكتب علينا جُرم لم نقترفه، وتُنسب إلينا خطيئة لم تكن يومًا منّا، فيكون العقاب قطيعة، ويكون ثمنها فقدان من نحب، على شيء لم يكن سوى سوء فهم.

فكم من عاشق افترق، وما كان الذنب إلا همسة لم تُفهم، أو نظرة أُوّلت، أو كلمة سكنت بين السطور فأيقظت نارًا ما قصدنا إشعالها، فينتهي الوصل، لا لأن الحب انطفأ، بل لأن المعنى انكسر.

فاخترت الصمت، لا ضعفًا، بل حذرًا، وجعلته جوابي الوحيد على ما يأتيني من رسائل، وإن كانت روحي تشتعل شوقًا، وإن كان القلب ينزف القاني من التحنان، ويئن من وطأة الحنين.

أتعلم؟
ليس كل من سكت فارغًا، وليس كل من مضى ناسيًا.
أحيانًا نصمت لأننا نخاف أن تُسقِط الكلمات ما تبقّى، وأحيانًا نرحل لأننا نحب، لا لأننا مللنا.

فدعني أختبئ خلف السطور، وأكتم صدري عن كل ما يُقال، علّ الصمت يحميني، وعلّه يُبقي بيننا شيئًا لا ينكسر، شيئًا يُشبه الحنين حين يخنقنا ولا يقتلنا.

قديم 08-30-2025, 12:17 AM
المشاركة 335
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
لعلّي أشفى به غليلي...

ذاك البوح الذي تشرّبت به غصّة، بعدما أكل الصمتُ ما تبقّى من بقايا إنسان...

كان يتسوّل الاعتراف بأنه من سلالة الإنسان!

ليس عجيبًا أن تتدحرج من تلة المغرورين!

وليس عجيبًا أن تلفظك قلوب الموهومين...

غير أن العجيب أن تعيش الغربة في أرضٍ ظننتَها يومًا لك وطنًا...

وبها أناسٌ حسبتُهم يومًا أن قلوبهم لك مُستقرّ!

وإن كان العَجَبُ في زماننا قد انقضى زمنه، وما بقي منه غير رسمه!

بتنا اليوم في حاجة إلى تغيير القواميس، بعدما انتقضت المعاني، فبات الضدّ والتباين هو المرادف!

آهٍ من زمانٍ تعثّرت فيه الخطوات، وبات فيه الحليمُ حيرانَ، يرقب في فلك الملكوت الخلاص!

صرنا نحمل وجوهًا لا تُشبهنا، ونُصافح أيادٍ لا نأمن بردها ولا حرّها...

نكتب على جدران الصمت ألف معنى، ثم نمحوها بخيبة واحدة!

بات الصدق تهمة، والوضوح عُريًا، والوفاء ضربًا من سذاجةٍ بائدة!

أصبحنا نُطارد ظلالنا لا بحثًا عن النور، بل اتّقاءً من ظلامٍ آخر يسكننا...

نلبس الأمل كمن يرتدي ثوب العيد في عزّ الشتاء: جميلٌ لكنه لا يُدفئ!

ولم يبقَ لنا إلا الحروف، نهرب إليها من خيانات اللحظات، ونصطلي بها حين يُطفئ الواقع نيران الرجاء...

فيا أيها الغريب فيك، المنفيّ عنك، المتسائل في مراياك:

لا تنتظر الجواب...

بل كن أنت السؤال، واترك صدى وجعك يوقظ في الآخرين إنسانًا نام!

قديم 08-30-2025, 12:44 AM
المشاركة 336
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
على جراحِ الأمّةِ تجتمعُ الغُمّةُ على طاولةِ القمّة!
وخدورُ الشرفِ تُعرَضُ في سوقِ النخاسة، والباعةُ همُ العرب!

كم تلوحُ في سماءِ فكري تلكُمُ الكلمةُ التي كنتُ كافرًا بها منذ صغري،
حينَ كان يرددها بعضُهم واصفًا حالَ العربِ بأنهم — في أصلهم — ذواتُ الجرب!

فقراراتُهم لا تتجاوزُ بضعَ مفرداتٍ: نشجبُ، وندينُ، ونستنكرُ،
ومن تحتِ الطاولةِ يحلو الانكفاء، وفي الليلِ يحلو الطرب!

وتلك الوعودُ تسيرُ مع قوافلِ الوهم،
والحقيقةُ تُعرّي نُخبةَ القرف!

صهاينةٌ فاقوا الصهاينةَ في خبثِ نواياهم،
وكأنهم تقاسموا ذاتَ الحليب،
والمرضعةُ خالةُ العمِّ "سام"!
فباتوا — في قاموسِ الأنسابِ — ينحدرون إلى سلالةِ الخنازيرِ والقِرَدَة،
وكلِّ خَلقٍ خلقهُ اللهُ، فأنكرَ طبعَهُ ومُنقلبَهُ!

ولتلكُمُ الكرامة…
نصبنا لها خيامَ عزاءٍ في عراءِ الأرض،
والمُعزّون أشباهُ الرجال،
بعدما تجرّدوا من المروءة،
وضاعت جيناتُ الحميّةِ في صحراءِ الصمت،
فغاصوا في مستنقعِ الذلّة.

فهيهاتَ لهذه الأمةِ أن تقومَ من كبوتِها،
وهي جامدٌ فيها دمُ العزّة،
وقد استبدلتِ الإباءَ، واقتصرتْ على ذاك الدعاءِ الذي يُعاقرُه الذنبُ والغفلة!

قديم 08-30-2025, 12:50 AM
المشاركة 337
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
تئنُّ الأمةُ من جراحٍ تَعاظَمَت،
وتتلوّى على سريرِ الوهنِ وقد تقادَمَت،
ذاك الجسدُ الممزّقُ بين أممٍ تتكالبُ، وقلوبٍ تتناحرُ، وراياتٍ تتنافرُ،
كلُّ جزءٍ منها يشكو،
وكلُّ طرفٍ عنها يشهدُ موتًا لا يُحزِنُ أحدًا!

عناوينُ العارِ تُسطَّرُ كلَّ صباح،
والخنوعُ يُذاعُ من أفواهِ الأقوياءِ كأنه فلاح،
والحقُّ مأسورٌ، والأقصى مثخنٌ بالجراح،
والكلامُ سلاحُ العاجزين، والسكوتُ عقيدةُ الجبناء!

في الميادينِ خفَتَ الهُتاف،
وفي صدورِ الرجالِ بردٌ وجفاف،
والأطفالُ يولدون بلا وطن،
ويكبرونَ بلا أمل،
ويموتون بلا ضجيج، كأنهم لم يكونوا نبضًا من ترابٍ حيّ!

منابرُ النورِ تحوّلتْ إلى منصّاتِ تزييف،
والرايةُ البيضاءُ باتت شعارَ الخائفِ الضعيف،
والأرضُ تُغتصبُ، والعِرضُ يُهان،
والمآذنُ تبكي، والدمعُ في عيونِ الثكالى لا يجفُّ ولا يُدان!

لكن...
ورغمَ هذا الليلِ المُطبق،
ورغمَ هذا الجرحِ الذي لم يندمل،
ورغمَ هذا الصمتِ الذي صار لغةَ أهلِ الكهف...
لا يزالُ في آخرِ النفقِ نورٌ يتّقد،
ولا يزالُ في قلبِ الظلامِ فجرٌ يتهيّأ أن يُولد!

فما خبتْ رايةُ الحقِّ، وإن سقطَ حاملوها،
وما اندثرتْ ملامحُ العزِّ، وإن استُبيحتْ صورُها،
إنها سُنةُ الله: بعد الغُمّة صحوة، وبعد الضيق فرجة، وبعد الظلمة شمسٌ لا تغيب.

سيصحُو الماردُ من رقاده،
وتستفيقُ الأمةُ من سباتها،
وتُبعثُ النخوةُ في عروقٍ حسبناها ماتت،
فإذا بها تنبض، وتثور، وتَصْرُخ: هُنا كنّا... وهنا سنعود!

قديم 08-30-2025, 10:50 AM
المشاركة 338
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
أنا لستُ عينًا تُبصِر،
بل قلبًا يستشفُّ النور من بين ظلال الحيرة،
أشبه بندفةِ ضوءٍ تسقط في عمقِ ليلٍ دامس،
فتُوقِظ في الروحِ خريطةً لا يعرفها إلّا السائرون نحوي
بنور اليقين.

تسألون: من أنا؟!
أنا نورُ الساري في دياجير الحيرة...
وكهفُ أسرارِ الوجودِ الكثيرة...
وشمسُ الحقيقةِ في مجرّاتِ الكونِ الوسيعة...
وغيثُ الحياةِ للأرضِ القَفِيرة...
وطِبُّ القلوبِ المريضة...
وملاذُ اللاجئِ من العذاباتِ المريرة...

فهل عرفتني؟!

فتِّشْ في جيوبِ الحياة...
واستحضرْ وجوهَ المارّين...
واستنطِقْ حروفَ الكاتبين...
وحَرِّكْ مشاعرَ العاشقين...
وطَبْطِبْ على قلوبِ المكلومين...

ستجدني بين حرفِ العلّة،
وبين ضميرِ المتكلم،
وبين المبنيّ للمجهول...
كائنًا لا يتحرّك،
بعد أن جُرِّدَ من معناه،
فبات كريشةٍ تتقاذفها الرِّيح،
فتهوي بها في بئرٍ عميق...

فلا تسأل عن اسمي،
فأنا اسمٌ بلا صوت، وصوتٌ بلا لحن،
أنا ظلُّ الحقيقةِ حين تغيب،
وصرخةُ المعنى حين يصمتُ كل شيء.

أنا لستُ من هذا الطين وحده،
بل من سرِّ النفخةِ الأولى،
من صمتِ المعنى حين يفيض الكلام،
ومن وجعِ السؤال حين يعجز الجواب...

أنا أثرُ النورِ في أزقةِ العتمة،
والوَصلُ حين تنقطع السُّبُل،
أنا نبضُ الفكرة في صدرِ متأمِّل،
ووميضُ البصيرة في عينِ حائر.

أنا همسةُ الأمل في أذنِ اليائس،
وسجدةُ الروح في محراب الإدراك،
أنا الحكاية التي لا تُروى،
لكنها تعيش في كلّ سطر، وكلّ صمت.

فتِّش عني في شهقةِ الولادة،
في دمعةِ العارف،
في نشوةِ القصيدة،
وفي صمتِ المريد...

ستجدني نائمًا في جفنِ المعنى،
أرتِّب للفجرِ مواعيدَ قيامه،
وأجفّفُ دمعَ الليلِ حين يطول...

أنا لستُ وصفًا يُقال،
ولا حدًّا يُرسم،
أنا المَعبر،
والمعنى،
والحكاية التي ترويك... دون أن تنتهي.

قديم 08-31-2025, 05:21 PM
المشاركة 339
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
دعني أُحدّثك عن قصةِ الغيدِ التي ترعى بقربِ الغدير...

كانت دومًا تحرص على وجودها هناك،
تُلاحق فراشاتِ الأحلام، وتُداعبُ خيالاتِ الأمل،
وحين تتعب، تستقي من غدير الأمنيات،
تغمس كفَّ الرجاء في مائه الرقراق، وتُمنّي النفسَ بقبسٍ من إشراق.

كثيرًا ما تبكي حين تعود ولم تُدرك المأمول،
تندب حظّها العاثر، رغم حثيث السعي، وطول نَفَسِ البحث،
تجرُّ أذيال الخيبة، وتُلملم بقايا حلمٍ تناثر بين ضلوعِ الانتظار.

تطوي ليلَها بصمتٍ ممزوجٍ بالألم،
وعن ذاتها، فقد أشبعتْها جلدًا وعتبًا،
والنفسُ تَرمقُها غَيْظًا، وهي اللصيقةُ بها، العارفةُ بمكامنِ ضعفِها، والمُدركةُ لعذرِها.

هو ذاك شَأنُها...
تتأرجح بين السعي للهدف، وأخذ السبب،
وبين الوقوع في شَركِ الإخفاق، وتعثُّر الخطوات،
تُراودها الأحلامُ، وتُقابلها الأوهامُ،
وما بين الحُلمِ والعَثرات، قصةُ روحٍ تأبى أن تموت.

ولو جعلنا من تلكم القصة رمزيّةً نُسقطُها على واقعنا،
لوجدنا تطابقًا عجيبًا، وتشابهًا مُريبًا،
من حيث رسمُ الهدف، والسعيُ خلفه،
ومن حيثُ العثراتُ، وتكرارُ الزلّاتِ في ذاتِ المواطنِ والنكبات.

فعلينا...
رسمُ الطريق، بعد وضوحِ الغاية،
وأخذُ الوسائل المُوصِلة للغاية،
ووضعُ العقبات في الحسبان، وتوقُّعُ ما قد يُعكّر صفوَ الأمان،
واستحضارُ البدائل حين تُغلَق الأبواب، ويَضيقُ المسار.

حتى لا نقفَ نبكي على الأطلال،
ولا نندبَ حظًّا عاثرًا، أو نُحمّل الدهرَ ما ليس له فيه من صُنع،
ولا تأكلَنا سباعُ الحسرات، ولا تنهشنا مخالبُ الندم.

بل ننهضُ كلما عثَرنا، ونُعيدُ الكرّةَ كلما خَسرنا،
فما الحياةُ إلا مسيرٌ، وما النجاحُ إلا لصبرٍ وفكرٍ وتدبير.

قديم يوم أمس, 07:14 PM
المشاركة 340
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
وفي قلبي جمرُ الجوى فُرقةٌ،
وذاك الشوقُ زادَ من جذوةِ الوجعِ،
أسير في بيداء العمرِ حاملًا شعلةَ النورِ، وفي أصلها جذوةٌ من نارٍ تحرقُ خضراءَ الأملِ.

ما وجدتُ غيرَ حرفِ الألمِ يتصدرُ صفحتي،
وكأن حروفَ الفرحِ انعتقت من ربقةِ الإحساسِ،
تنثرُ الأحلامُ في ليلِ الصمتِ الموحشِ،
وترسمُ في الفضاءِ نجومًا من أشجانِ،
تتراقصُ كخفقاتِ القلبِ بين همساتِ الريحِ،
وترسلُ أنغامَ الفرحِ في أوتارِ الوجدانِ.

فكيف السبيلُ إلى ضياءٍ بعدَ عتمةِ الليالي،
وأين المدى حين يغيبُ الأملُ عن الآمالي؟
أمضي وأحملُ فوقَ الكتفينِ أثقالَ الهمومِ،
وفي الروحِ شعلةٌ لا تخبو، رغمَ العتمةِ واللومِ،
تتحدى الصعابَ، تسيرُ نحوَ فجرٍ جديدٍ،
تزرعُ في القلبِ بذورَ العزِّ والعزيمةِ،
فمهما طالَ الطريقُ وطالَ النوى،
يبقى النورُ في جوفِ الروحِ، والأملُ لا يموتُ.

ويا قلبُ لا تبكِ على ما قد فات،
فالدهرُ يمضي والآمالُ تنتظرُ الصفاء،
والحلمُ في أعماقنا منارةٌ تُضيءُ دربنا،
تسقي النبضَ عشقًا، وتنشرُ فينا ضياء.

فمن رحمِ الألمِ يولدُ الوجدُ عذبًا،
ومن عمقِ الظلامِ تشرقُ شمسُ الصفاء،
فاصبرْ على قسوةِ الأيامِ وجراحِها،
فكلُّ جرحٍ يحملُ في طيّاته البقاء،
والصبرُ مفتاحُ الفرجِ والنجاة،
والحبُّ بذرةٌ في القلبِ لن تذبلَ مهما غابَ النورُ وأطبقتْ السماء.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 115 ( الأعضاء 0 والزوار 115)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:59 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.