أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
الرائعة
الاستاذة سحر
مرحبا بك ِ هنا
حيث منبر النقد
من دواعي السرور ان نجد لقلمك ِ الثري نقش كهذا بيننا
سوف اواصل مع الجميع
متابعتي
وحتما بعد اذنك ِ ستكون لي اطروحاتي التي اتمنى ان تنال قبولك ِ والجميع
كوني بخير عزيزتي
مع باقة ورد عراقي
الرائعة
الاستاذة سحر
مرحبا بك ِ هنا
حيث منبر النقد
من دواعي السرور ان نجد لقلمك ِ الثري نقش كهذا بيننا
سوف اواصل مع الجميع
متابعتي
وحتما بعد اذنك ِ ستكون لي اطروحاتي التي اتمنى ان تنال قبولك ِ والجميع
كوني بخير عزيزتي
مع باقة ورد عراقي
أحمد القلعاوي ..
بكل سرور سيدي .. دومآ في انتظارك ..
مرورك قصيدة قد توهجت قوافيها لباقة ..
شكرآ كبيرة لك
تقديري
إن ما طرحه سقراط في قوله “بأن تزوج فأن سعدت كان به وان لم تسعد تصبح فيلسوفا” يشير دون شك أن علاقة زوجية فاشلة وفيها من المعاناة الكثير كفيلة بأن تثير في نفس الإنسان الكثير من الأسئلة الوجودية بحيث يصبح الإنسان مع مرور الوقت فيلسوفا.
السر يكمن هنا إذا في المعاناة! وهذه المعاناة هي التي تجعل العقل يعمل بطريقة استثنائية....وهذا يشير إلى أن الخيار في أن يكون الإنسان فيلسوفا أو لا يكون ليس بيده وليس له فيه حيلة..وإنما الأمر ناتج عن ظروف نفسية معينة إذ بتعرض الإنسان إلى صدمات وفجائع يعمل عقله بوتيرة عالية هذه الوتيرة وهذه الطاقة تجعل العقل يعمل على توليد أفكار بتسارع عظيم وغالبا ما تكون هذه الأفكار مرتبطة بالقضايا الوجودية...إذ تفتح مثل هذه الفجائع عيون الإنسان المفجوع إلى الكثير من الأمور التي يمر عليها الإنسان العادي مرور الكرام ولا تثير في نفسه أية أسئلة.
وغاليا ما نجد أن الفيلسوف يفكر في ثنائية الموت والحياة والوجود بشكل عام وهو يرى ما وراء الصورة ويقرأ ما بين السطور....وتشغل باله القضايا الميتافيزيقية، فهو في حالة بحث دائم عن الحقيقة...وهو يبحث عن إجابات لكل الأسئلة التي تتوارد في ذهنه..
وهو ثائر لا يسلم بالسائد والمألوف ويقدم تصور حول العالم وقضية الوجود ويحاول من خلال هذا التصور الإجابة على الكثير من الأسئلة التي وجدها تتوارد في عقله فيحاول إيجاد منظومة من الأفكار التبريرية والتفسيرية والتي تشكل بمجموعها تصور فلسفي يرى فيه ذلك الشخص من منظوره هو...وهو ما يجعله فيلسوفا!!!!!
وعليه فأن هناك شروط أساسية لا بد من توفرها لكي يصبح الإنسان فيلسوفا وعلى الأغلب لها علاقة بالموت دائما...فها هو سقراط يقول بأن عقل الإنسان عبارة عن ماكينة لتوليد الأفكار ودور الإنسان مثل دور القابلة يساعد على توليد هذه الأفكار... ولا شك أن سقراط قد اخطأ هنا فالعقل لا يحتاج إلى الإنسان ليساعده لكي يولد أفكار، لكنه يحتاج حتما إلى فجيعة تصفعه فيبدأ العمل بوتيرة عالية وعلى شاكلته تتوالد فيه الأفكار وتتداعى وربما يسمع في ذهنه صوتا، كما سمع سقراط صوتا، أو يرى ما خلف الصورة صورا كما فعل أفلاطون..فيصبح بذلك فيلسوفا...علما بأن الاثنان سقراط وأفلاطون أيتام...
فحتى يصبح الإنسان فيلسوفا لا بد :
-أن يكون يتيم.
-أن يعاني من أمور يكون لها وقع كوقع اليتم.
-أن يقع اليتم في الطفولة المبكرة...وان تستمر المعاناة..
-أن يتناغم مع تدفقات الأفكار التي تبدأ تتشكل وتتولد في الدماغ.....ويستمع لمكنونات عقله.
-أن يمتلك من الشجاعة ما يمكنه بأن يستمر في التفكير.
-أن يتحرر من قيود الفكر والخوف ...
-أن لا يفقد السيطرة على قدرات عقله فيصاب بالجنون...وهذا تحديدا ما يجعله يبتكر طروحات تبريرية أو تفسيريه تشكل في مجموعها طرح فلسفي يشتمل على رؤيا جديدة للوجود والكون وإجابات لكل الأسئلة التي تدور في دماغه عن الحياة ولما بعد الموت...
إن ما طرحة سقراط في قوله “بأن تزوج فأن سعدت كان به وان لم تسعد تصبح فيلسوفا” يشير دون شك أن علاقة زوجية فاشلة وفيها من المعاناة الكثير كفيلة بأن تثير في نفس الإنسان الكثير من الأسئلة الوجودية بحيث يصبح الإنسان مع مرور الوقت فيلسوفا.
السر يكمن هنا إذا في المعاناة! وهذه المعاناة هي التي تجعل العقل يعمل بطريقة استثنائية....وهذا يشير إلى أن الخيار في أن يكون الإنسان فيلسوفا أو لا يكون ليس بيده وليس له فيه حيلة..وإنما الأمر ناتج عن ظروف نفسية معينة إذ بتعرض الإنسان إلى صدمات وفجائع يعمل عقله بوتيرة عالية هذه الوتيرة وهذه الطاقة تجعل العقل يعمل على توليد أفكار بتسارع عظيم وغالبا ما تكون هذه الأفكار مرتبطة بالقضايا الوجودية...إذ تفتح مثل هذه الفجائع عيون الإنسان المفجوع إلى الكثير من الأمور التي يمر عليها الإنسان العادي مرور الكرام ولا تثير في نفسه أية أسئلة.
وغاليا ما نجد أن الفيلسوف يفكر في ثنائية الموت والحياة والوجود بشكل عام وهو يرى ما وراء الصورة ويقرأ ما بين السطور....وتشغل باله القضايا الميتافيزيقية، فهو في حالة بحث دائم عن الحقيقة...وهو يبحث عن إجابات لكل الأسئلة التي تتوارد في ذهنه..
وهو ثائر لا يسلم بالسائد والمألوف ويقدم تصور حول العالم وقضية الوجود ويحاول من خلال هذا التصور الإجابة على الكثير من الأسئلة التي وجدها تتوارد في عقله فيحاول إيجاد منظومة من الأفكار التبريرية والتفسيرية والتي تشكل بمجموعها تصور فلسفي يرى فيه ذلك الشخص من منظوره هو...وهو ما يجعله فيلسوفا!!!!!
وعليه فأن هناك شروط أساسية لا بد من توفرها لكي يصبح الإنسان فيلسوفا وعلى الأغلب لها علاقة بالموت دائما...فها هو سقراط يقول بأن عقل الإنسان عبارة عن ماكينة لتوليد الأفكار ودور الإنسان مثل دور القابلة يساعد على توليد هذه الأفكار... ولا شك أن سقراط قد اخطأ هنا فالعقل لا يحتاج إلى الإنسان ليساعده لكي يولد أفكار، لكنه يحتاج حتما إلى فجيعة تصفعه فيبدأ العمل بوتيرة عالية وعلى شاكلته تتوالد فيه الأفكار وتتداعى وربما يسمع في ذهنه صوتا، كما سمع سقراط صوتا، أو يرى ما خلف الصورة صورا كما فعل أفلاطون..فيصبح بذلك فيلسوفا...علما بأن الاثنان سقراط وأفلاطون أيتام...
فحتى يصبح الإنسان فيلسوفا لا بد :
-أن يكون يتيم.
-أن يعاني من أمور يكون لها وقع كوقع اليتم.
-أن يقع اليتم في الطفولة المبكرة...وان تستمر المعاناة..
-أن يتناغم مع تدفقات الأفكار التي تبدأ تتشكل وتتولد في الدماغ.....ويستمع لمكنونات عقله.
-أن يمتلك من الشجاعة ما يمكنه بأن يستمر في التفكير.
-أن يتحرر من قيود الفكر والخوف ...
-أن لا يفقد السيطرة على قدرات عقله فيصاب بالجنون...وهذا تحديدا ما يجعله يبتكر طروحات تبريرية أو تفسيريه تشكل في مجموعها طرح فلسفي يشتمل على رؤيا جديدة للوجود والكون وإجابات لكل الأسئلة التي تدور في دماغه عن الحياة ولما بعد الموت...
وهكذا يصبح لدينا فيلسوفا،،
سيدي .. تثمر نظرياتك في صدري مزيد من الانبهار .. حيث غرسك متوهج بطائلة الحكمة .. تقادير كمرورك الذي ينازع الروعة جمالا عرفاني أيها الرائع .. وتحيتي
* ما هي حقيقة الفلسفة ؟
بهذا ا لسؤال نمس موضوعا واسعا جدا، موضوعا مترامي الأطراف، ولأن الموضوع واسع فقد بقي بغير تحديد، ولأنه بغير تحديد ففي مقدورنا أن نتناوله من خلال أكثر وجهات النظر اختلافا. ومع ذلك فسوف نعثر دائما على شيء من الحق. ولكن بما أن الآراء الممكنة كلها، في تناول هذا الموضوع المتشعب الأطراف - متداخل بعضها في بعض، فنحن على شفا الوقوع في خطر يفتقد معه حديثنا إلى الإحكام اللازم.
من أجل ذلك يجب أن نحاول تحديد السؤال على نحو أدق. فبهذه الطريقة نوجه الحديث وجهة محددة، وسيسير تبعا لذلك على طريق واحد. أقول على طريق واحد، لأننا نسلم - ونحن على يقين - بأن هذا الطريق ما هو بالطريق الوحيد. والواقع أن ثمة مشكلة لا بد أن تبقى قائمة، وهي ما إذا كان الطريق الذي أود تخطيطه هو في الحقيقة الطريق الذي يتيح لنا أن نضع السؤال، وأن نجيب عنه.
ولنفترض الآن بأننا استطعنا العثور على طريق يؤدي بنا إلى تحديد أدق للسؤال، عندها يظهر على الفور اعتراض خطير ضد موضوع حديثنا وهو أننا عندما نسأل ما هذا - الفلسفة، فنحن نتكلم عن الفلسفة. وتساؤلنا بهذه الطريقة يضعنا - بشكل واضح - في موقف عال على الفلسفة، أي بمعزل عنها. بينما الهدف من سؤالنا هو أن ندخل في الفلسفة، وأن نقيم فيها ، فنسلك وفق طريقتها، أي أن نتفلسف ، لذلك يتحتم على الطريق الذي تسير فيه أحاديثنا ألا يكون واضح الاتجاه فحسب ، بل لابد لهذا الاتجاه أن يعطينا في نفس الوقت الضمان بأننا نتحرك .داخل الفلسفة ، لا أن ندور من الخارج حولها(...).
سؤال : ما الفلسفة ؟ هذا السؤال قد أجاب عنه أرسطو. وعلى هذا فحديثنا لم يعد ضروريا. إنه منته قبل أن يبدأ، وسيكون الرد الفوري على ذلك قائما على أساس أن عبارة أرسطو عن ماهية الفلسفة لم تكن بالإجابة الوحيدة عن السؤال . وفي أحسن الأحوال إن هي إلا إجابة واحدة بين عدة إجابات .
ويستطيع المرء - بمعونة التعريف الأرسطي للفلسفة - أن يتمثّل وأن يفسر كلا من التفكير السابق على أرسطو و أفلاطون و الفلسفة اللاحقة لأرسطو. ومع ذلك سيلاحظ المرء بسهولة أن الفلسفة، والطريقة التي بها أدركت ماهيتها قد تغيرا في الألفي سنة اللاحقة لأرسطو تغييرات عديدة، فمن ذا الذي أراد أن ينكر هذا ؟
وفي نفس الوقت ينبغي مع ذلك ألا نتجاهل أن الفلسفة منذ أرسطو حتى نيتشه ظلت - على أساس تلك التغيرات وغيرها - هي هي لأن التحولات هي على وجه الدقة. احتفاظ بالتماثل داخل الهو هو (...)
صحيح أن تلك الطريقة نتحصّل بمقتضاها على معارف متنوعة وعميقة، بل ونافعة عن كيفية ظهور الفلسفة في مجرى التاريخ ، لكننا على هذا الطريق لن نستطيع الوصول إلى إجابة حقيقية أي شرعية عن سؤال: " ما الفلسفة ؟ "
إن التعريف الأرسطي للفلسفة،محبة الحكمة، له أكثر من دلالة.فالدلالة اللغوية وهي تتعلق بلغة الإغريق التي بها تم تركيب هذه الكلمة والدلالة المعرفية التي كانت في مستوى شديد الإختلاف عما نحن عليه ، ولا شك أن الدلالة الأخيرة هي التي حددت التعريف وحصرته في محبة الحكمة كشكل للإعراب عن عدم توفر المعطيات العلمية والمعرفية للفيلسوف في ذلك الوقت ، فكانت الحكمة أحد أشكال التحايل على المجهول كمادة أولى لكي يصنع منها الفيلسوف نظامه المعرفي مثلما صنع الله الكون من العدم، وفق التصور المعرفي الذي كان سائدا في ذلك الزمن.
أما اليوم وبالنظر إلى ما هو متوفر من المعارف وعلى ما هو متراكم من أسئلة وقضايا مطروحة في العديد من المجالات الى التقدم الذي حققه الفكر البشري في مختلف المجالات ،
فلم يعد دور الفيلسوف فقط حب الحكمة أو الذهاب إليها والبحث عنها بنفس الأدوات الذاتية وفي نفس المناخ من الجهل الهائل بالمحيط الكوني وتجلياته الموضوعية كما كانت عليه الحال سابقا ...
إن الفيلسوف الآن بات مقيدا بالكثير من المناهج والقوانين المنطقية وبالمعطيات اليقينية في إطار من التراكمات المعرفية وتطبيقاتها التكنولوجية التي لا تترك مجالا للشك في مشروعيتها . في هكذا ظروف وأمام هكذا معطيات لم يعد تعريف الفلسفة متوافقا مع الدور الذي يمكن أن يقوم به الفيلسوف المعاصر والذي يختلف كثير الإختلاف عن دور سلفه من العصور الغابرة. بناء على ما تقدم فإنه لا مفر من إعادة النظر في تغيير مفهوم ومعنى الفلسفة بحيث تكون،إنتاج الحكمة.
بقلم : حسن بلقائد
* قصة الفلسفة
بقلم: محمد زكريا توفيق
قصة الفلسفة الغربية بدأت في اليونان. والمدن اليونانية قديما لم تكن مقصورة على أرض دولة اليونان الحالية. بل كانت تتبعها مدن يونانية في دول أخرى. أيونيا ومالطة وإفسوس في آسيا الصغرى والإسكندرية في مصر، وإيليا في جنوب الساحل الإيطالي.
كلمة "لوجوس" باليونانية تصف نوعا معينا من التفكير. طريقة تفكير تستخدم المنطق والتحليل، لتفسير الظواهر والأشياء التي تعتري الإنسان. هذا النوع من التفكير، غالبا يقود إلى الحكمة.
الحكمة باليونانية تعبر عنها كلمة "صوفيا". إذا أضفنا لكلمة صوفيا، كلمة "فيلو" وتعني حب، أصبحت الكلمة المركبة "فيلو صوفيا". وتعني حب الحكمة. من هنا جاءت كلمة فلسفة. التي تعني حرفيا حب الحكمة. إذا كنت محبا للحكمة والمعرفة، فأنت فيلسوفا.
ماذا كان يوجد قبل الفلسفة, وقبل طريقة "لوجوس" في التفكير؟ كانت توجد طريقة أخرى. هي "ميثوس"، أو الأساطير. لا داعي للتفكير ووجع الدماغ. نترك التفكير للكهنة والمفسرين ورجال الدين، ونأخذ نحن المعلومات على الجاهز.
الأساطير والقصص الموروثة عن الأجداد تفسر لنا كل شئ. البرق والرعد سببهما مقرعة كبير الآلهة "زيوس" على قمة جبل الأولومب. الكرة الأرضية يحملها ثور كبير على قرنيه. عندما يشعر بالتعب، تحدث الزلازل. الأمراض والأوبئة بسبب غضب الآلهة. وهكذا.
معظم الأساطير لها علاقة بالدين وحياة الآلهة. لذلك كانت لها صفة القداسة. حافظ عليها الأجداد وعضوا عليها بالنواجز. كان يسلمها كل جيل إلى الجيل الذي يليه.
أستخدمت هذه الأساطير في خلق نظام إجتماعي متكامل. يفسر كل شئ ويجيب على كل سؤال. لكن عيب هذه الأساطير المقدسة، أنها تخلق مجتمعات ساكنة راكدة تقاوم التقدم والتغيير. العصور المظلمة، إستمرت أكثر من 1000 سنة بسبب سيطرة الكنيسة الكاثوليكية.
لكن شئ مختلف ظهر في اليونان في القرن السابع قبل الميلاد. وجاء أول تفسير فلسفي، بعيدا عن الأساطير. يشرح أسباب حدوث فيضان نهر النيل خلال الصيف من كل عام. بالرغم من أن معظم أنهار الدنيا تجف أثناء فصل الصيف.
فيضان نهر النيل يحدث بسبب "رياح الصحراء". ليس بسبب الصراع بين الآلهة، أو علاقات الحب والزواج بينهم. هنا نجد الظواهر الطبيعية تفسر بظواهر طبيعية أخرى. القوي الخفية الخارقة للطبيعة ليس لها دخل بموضوع فيضان نهر النيل.
لذلك يمكننا القول بأن المدن الإغريقية هي مهد الفلسفة الغربية. إن لم يكن الإغريق نقلوها عن المصريين عن طريق مدينة الإسكندرية التي كانت مدينة يونانية أيام حكم البطالمة. ثم طور اليونانيون الفلسفة وأبعدوها عن الفكر الديني، لكي تصبح فكرا مستقلا.
لماذا الإغريق وليس غيرهم من الشعوب؟ لسبب بسيط. لأنهم لم يكن لديهم نظام كهنوتي ديني مسيطر، يحجر على الرأي ويمنع التفكير المستقل. سبب آخر هو ولع الإغريق بالتفاصيل. فمثلا، قام الشاعر هومير في ملحمة "الإلياذة" بوصف درع البطل "أخيل" في أربع صفحات كاملة.
سبب إضافي هو إدراك الإغريق للتغيير وصراع الأضداد. الشتاء والصيف، البرد والحر، الحب والكره، الحياة والموت، إلخ.
كل ذلك دفعهم للبحث عن الحقائق والأسباب بعيدا عن التفسيرات الدينية. هنا نرى العقل البشري يعمل مستقلا، دون قيود تمنع إنطلاقه إلى آفاق بعيدة.
* صعوبات لتحديد ماهية الفلسفة
وفي هذا الصدد يمكن القول بأن تحديد ماهية الفلسفة تعترضه عدد من الصعوبات يمكن حصرها اختصارا في ثلاثة أساسية وهي:
1) أن الفلسفة أكثر المباحث عرضة لتحديدات وتعريفات وتمثلاث وأحكام قبلية عامية ساذجة، منها على سبيل التمثيل دون هم الاستنفاد قولهم بان الفلسفة: غموض، ضبابية، صعبة، إلحاد وخروج عن الدين وكلام فارغ لا معنى له… الخ.
لذا يجب علينا أولا أن نطهر أذهاننا من هذه التمثلات العامية الساذجة المجانية إن كنا نتوخى الوقوف على ماهية الفلسفة كما تمثلها الفيلسوف ومريد الفلسفة.
2) أن الفلسفة لا تعرف بموضوعها ولا بنتائجها، ذلك لأنه كما قال القدماء «الفلسفة أم العلوم»، فهي إذن غير ذات موضوع واحد ووحيد كما هو الشأن بالنسبة لباقي العلوم، بل على العكس من ذلك تتخذ الفلسفة من كل شيء في الكون مشخصا (ماديا) كان أو مجردا (معنويا) موضوعا لها،
تستحضره في ذاتها، تفكر فيه وتنتقده، تستلهمه وتلهمه… كما أن نتائجها غير ذات نفع مادي مباشر كما هو حال نتائج مختلف العلوم، ذلك لأن الفلسفة لا تتوخى المعرفة حبا في المنفعة بل حبا في المعرفة ذاتها.
وفي هذا يقول فيتاغوراس (حوالي 572-497 قبل الميلاد) «الفلسفة هي محبة الحكمة لذاتها»،
ويقول كارل ياسبيرز (1883-1969) «كل من يمارس الفلسفة يريد أن يحيا من أجل الحقيقة» إذ أن «كرامة الإنسان هي إدراك الحقيقة» حقيقة الإنسان والعالم والله…
3) أن تعريفات الفلسفة تتعدد بتعدد الفلاسفة أنفسهم ذلك لأن تاريخ الفلسفة يفيدنا بأن الفلاسفة لم يتفقوا قط حول تعريف واحد للفلسفة جامع مانع لها. وهذا الاختلاف ذاته خاصية من خصائص التفكير الفلسفي، إذ أنه أساس خصوبتها واستمرارية عطاءاتها المتمثلة في النظر إلى الإنسان والعالم والله من زوايا وجهات نظر متباينة يمكن مع تعددها وتنوعها الاقتراب أكثر فأكثر من حقيقة الأشياء وبالتالي تكوين رؤية للعالم أكثر مماثلة له ومشابهة لحقيقته.
واختلاف الفلاسفة لتعريفهم للفلسفة ذاته ناتج عن مجموعة من الأسباب نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1) أن تعريف الفلسفة مشروط بفلسفة صاحبه: إذ أن كل تعريف للفلسفة هو بمثابة مرآة تعكس لنا فلسفة صاحبه أو رؤيته الخاصة للإنسان والمجتمع والتاريخ والحياة… وكذا موقفه من كل هذا. وغير خاف عنا أن مثل هذه المواضيع مدعاة لاختلاف وجهات النظر إليها والتموقف منها فمثلا أفلاطون (428-348ق.م) يعرف الفلسفة بأنها «علم الحقائق المطلقة الكامنة وراء ظواهر الأشياء» وهذا التعريف يعكس لنا فلسفة أفلاطون ويسير في اتساق مع رؤيته للعالم. إذ أن أفلاطون يقسم العالم إلى عالمين: عالم مادي سفلي محسوس(يدرك بواسطة الحواس) وهو الذي نعيش فيه فهو عالم المادة المتحركة دوما والمتغيرة باستمرار، ومن هنا فالحقيقة في هذا العالم منعدمة الوجود وإن وجدت فهي لا مطلقة ولا ثابتة بحكم حركته الدائمة تلك. وهناك عالم مثالي علوي معقول (يدرك بواسطة العقل) وهو عالم المثل العليا الثابتة ثباتا مطلقا، وأعلى مثال في هذا العالم هو مثال الخير الأسمى وهو الله. ومن هنا فالحقيقة موجودة في عالم المثل. فالعالم السفلي عالم الطبيعة (الفيزيقا) والعالم العلوي عالم ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا). ومن هنا فالحقيقة التي تستهدف الفلسفة الحصول عليها لا توجد في ظواهر الأشياء بل وراء هذه الظواهر أي في الجوهر لا في المظهر.
وإذا انتقلنا إلى أرسطو Aristote ( 384-322 ق.م) نجده يعرف الفلسفة بأنها « علم المبادئ والعلل الأولى للوجود »أو«علم الوجود بما هو موجود» وهذا التعريف كذلك ينسجم مع فلسفة أرسطو ويعكس لنا صورة عنها.
فأرسطو يرى بان ما من معلول إلا ووراءه علة أي أن لكل نتيجة سببا، فإن نحن أردنا أن نعرف الموجودات كنتيجة متحققة في الكون علينا أن نعرف علة وجودها. والعلل عند أرسطو أربعة وهي: علة مادية وهي ما منه الشيء يكون (كالخشب مثلا)، وعلة صورية وهي ما عليه الشيء يكون (كصورة أو شكل الكرسي مثلا)، وعلة فاعلة وهي ما به الشيء يكون (كالنجار مثلا)، ثم علة غائية وهي ما من أجله الشيء يكون (كالجلوس عليه مثلا). أما علة العلل أو العلة الأولى التي لا علة لها فهي الله ومن هنا كانت الفلسفة عند أرسطو هي العلم بهذه المبادئ أو العلل الأولى للوجود.
2) أن تعريف الفلسفة مشروط بروح عصره وظروف مجتمع صاحبه: وفي هذا قال ماركس (1818-1883) « إن كل فلسفة هي الخلاصة الروحية لعصرها».
فالتاريخ الإنساني ليس متماثلا في تجاربه وحضاراته بل لكل شعب ولكل عصر ظروفه ومعطياته الخاصة ونوع إشكالاته المهيمنة فيه… فالعصر اليوناني-مثلا- لا يتطابق مع العصر الوسيط أو عصر النهضة كما أن المجتمع المسيحي غير المجتمع الإسلامي… فإن نحن أخذنا مثال ابن رشد (1126-1198) وجدناه يعرف الفلسفة أو فعل التفلسف قائلا «فعل التفلسف ليس شيئا آخر أكثر من النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع… فإن الموجودات إنما تدل على الصانع لمعرفة صنعتها، وكلما كانت المعرفة بصنعتها أتم، كانت المعرفة بالصانع أتم». فالفلسفة إذن تأمل في المخلوقات وأخذ العبرة منها من حيث هي دالة على الخالق، وكلما كانت معرفتنا بالمخلوقات دقيقة كلما كانت معرفتنا بالخالق لها دقيقة كذلك. وهنا نجد ابن رشد يسعى جاهدا إلى البرهنة على أن «الحكمة صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة» على حد قوله أي الاستدلال على أن الفلسفة والدين معا يستهدفان تحقيق نفس الغاية ألا وهي معرفة الحق الخالق وإثبات وجوده. فإذا كان الدين يحقق هذا الهدف من خلال مطالبتنا بتدبر آيات القرآن فإن الفلسفة تسعى إلى تحقيق نفس الهدف من خلال اعتبار وتدبر آيات الله في خلقه مصداقا لقوله تعالى «ألم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء؟». وسبب التجاء ابن رشد إلى تعريف الفلسفة باعتبارها وسيلة مثل الدين توصل إلى معرفة الخالق هو أن الإشكال الذي هيمن في المجتمع الإسلامي في العصر الوسيط هو إشكال مدى علاقة الفلسفة (الحكمة) بالدين (الشريعة) وهو ما ينعت بإشكالية العقل والنقل. ومن هنا نستنتج بأن كل فلسفة وبالتالي كل تعريف للفلسفة مرتبط بعصره ومشروط بظروف صاحبه ومعبر عنها.
3) أن تعريف الفلسفة مشروط بتقدم الفكر العلمي في المرحلة التي وضع فيها: إذ أن نشأة الفلسفة ذاتها كانت مرتبطة بالعلوم: فهذا فيتاغوراس يرجع الكون إلى عدد وما اعتبار الفلسفة كبحث عن الحقيقة لذاتها إلا محاكاة لاستدلالات الرياضيات المجردة والمتعالية عن المنفعة المادية والتطبيق المحسوس. وهذا أفلاطون يكتب على باب أكاديميته «لا يدخل علينا من لم يكن رياضيا(أو مهندسا)». وهذا ديكارت (1596-1650) يقول «الفلسفة شجرة جذورها الميتافيزيقيا وجذعها العلوم الطبيعية وأغصانها المتفرعة عن هذا الجذع هي كل العلوم الأخرى… وترجع إلى ثلاثة رئيسية هي: الطب والميكانيكا والأخلاق… وتفترض معرفة كاملة بسائر العلوم». فعلاقة الفلسفة بالعلم إذن علاقة جدلية إذ أن تطور أحدهما يؤدي بالضرورة إلى تطور الآخر والعكس بالعكس. وفي هذا السياق يقول هيجل (1770-1831) «إن الفلسفة تظهر في مساء اليوم الذي تظهر في فجره العلوم» ويقول انجلز (1820-1895) « إن الفلسفة حية دائما في العلوم ولا يمكن أن تنفصل عنها». ومن هذا نستنتج بأن بين العلم والفلسفة إفادة واستفادة متبادلتين.
وإذا كان الفلاسفة قد اختلفوا في تعريفهم للفلسفة فهم كذلك اختلفوا في طرق تفكيرهم فيها وإنتاجهم لها وتعبيرهم عنها: فمثلا سقراط (حوالي 469-399ق.م) يتخذ من الحوار التوليدي أسلوبا في التفكير، في حين أن أرسطو يعتمد على العرض المنطقي الصارم أما نتشيه (1844-1900) فيلجأ إلى اللغة الشاعرية والبلاغة والرمز، في الوقت الذي يرتكز فيه اسبينوزا (1632-1677) على الاستدلال شبه الرياضي…الخ.
ولكن إذا كانت تعاريف الفلاسفة للفلسفة متباينة وكذلك هو شأن طرق تفكيرهم وعرضهم لفلسفاتهم، أفلا توجد بعض الضوابط والخصائص الثابتة في كل فلسفة؟ أليس هناك قاسم مشترك بين جل هذه الفلسفات حتى لا نقول كلها ؟
المصدر : http://www.profvb.com/vb/t862.html
* محاولات فلسفية أولى
أول محاولة لتفسير ما يجري في هذا الكون بعيدا عن قصص الأساطير، جاء على يدي "طاليس" المالطي (639 – 440 ق م). وهو أول الفلاسفة المعروفين. مالطة التي ينتسب إليها طاليس، تقع في أحد ثغور آسيا الصغرى من بلاد الإغريق القديمة. وهي تختلف عن جزيرة جمهورية مالطة في البحر المتوسط جنوب إيطاليا.
إذا كان هناك تغيير، فذلك لأن شيئا آخر لا يتغير، يسبب هذا التغيير. تعدد الأشياء في الظاهر، وراءه وحدة واحدة، أو شئ يجمعها جميعا.
لقد كان الإعتقاد في زمن طاليس، أن العناصر التي يتكون منها الكون أربعة: الهواء والماء والنار والتراب. كل شئ محسوس، مكون من هذه العناصر الأربعة. لكن طاليس، كان يقول أن هذه العناصر الأربعة، لابد أن يكون لها أصل واحد. فما هو يا ترى؟
يبدو أن الماء هو أصل كل العناصر. ماء النيل يترسب ليكون الطمي، ومن الطمي تتكون أرض الدلتا. الماء يتحول إلى ثلج. الثلج يتحول ثانية إلى ماء. الماء بالحرارة يتحول إلى بخار، ثم إلى هواء ورياح. الرياح تؤجج اللهب. هذا يعني أن كل شئ أصله ماء.
طبعا هذا بالنسبة لمعلوماتنا الحالية كلام فارغ. لكن سبب أهمية أفكار طاليس ليست فيما يقوله، لكن في أسلوب تفكيره. في الطريقة التي يقول بها هذه الأفكار.
فهو يقول: أن كل الأشياء مكونة من الماء. ونحن اليوم نقول كل الأشياء مكونة من الذرات. فكرة مشابهة، لكن ليست بالضبط.
كانت لطاليس إنجازات أخرى غير الفلسفة. كان فلكيا بارعا. تنبأ بكسوف الشمس سنة 585 ق م. ألف سجلا للنجوم ليستخدم في الملاحة. قام بالمساعدة في تحويل مجرى أحد الأنهار. تمكن من قياس إرتفاع الهرم الأكبر، بتطبيق نظرية تشابه المثلثات على قياسين. أحدهما قياس ظل الهرم، والآخر قياس ظل عصا ثبتها عموديا.
ينسب إلى طاليس أيضا، عدد من نظريات الهندسة المستوية، منها: المثلث المتساوي الساقين، متساو الزاويتين. الزاوية المرسومة في نصف الدائرة قائمة. يتطابق المثلثان، إذا تساوي في كل منهما زاويتان وضلع.
لم يقبل بعض معاصري طاليس قوله أن الماء هو أصل كل الأشياء. منهم "أناكسيماندر" (610 – 546 ق م)، تلميذ طاليس، وهو أيضا مالطي ..
* ما بعد طاليس
كان يقول أناكسيماندر، أنه لو كانت المياة هي أصل كل شئ، لتحول كل شئ إلى ماء مرة ثانية بمرور الوقت. بمعنى أن كل شئ يرجع إلى أصله في نهاية الأمر. كما أنه من غير المعقول أن يتحول الشئ إلى نقيضه. فكيف تتحول المياة إلى نار، والماء أصلا يطفئ النار.
لذلك يعتقد أناكسيماندر أن أصل الأشياء لا يمكن أن يكون الماء. ولا أي عنصر من هذه العناصر الأربعة. ماذا يكون ياترى؟
لابد أن يكون شيئا خفي لا نلاحظه. غير محدد الشكل وغير متناهي.
واحد سرمدي لا يحول. يختلف كل الإختلاف عن الكثرة المتغيرة الفانية. لأنه لو كان شيئا محدد الشكل، أصبح مكونا من العناصر الأربعة المعروفة.
أناكسيماندر يتفق هنا مع فلسفة هيربرت سبنسر التي نشرها عام 1860م.
هذا الشئ الغير محدود يحتوي على كل المتناقضات التي تتصارع داخله. هو أصل الأشياء والحركة. منه وجدت العناصر الأربعة، الماء والهواء والنار والتراب. مآل كل شئ إلى الفناء والتحول إلى هذا الشئ الغير محدود الشكل. مرجع كل شئ إلى أصله.
كان أناكسيماندر عالم في الفلك والجغرافيا. يؤمن بالقياسات والتجربة والتحليل المنطقي للظواهر. يقول بكروية الأرض. قام برسم خريطة لها. كانت له أفكارا متقدمة في نشأة الحياة وتطور الكائنات الحية. تتفق إلى حد بعيد مع نظريات "لامارك" و"دارفون" في القرن التاسع عشر في التطور.
كان أناكسيماندر يقول بأن الأرض كانت كتلة منصهرة سائلة، ثم بردت. الحرارة المتبقية كافية لكي تشكل الكائنات الحية، التي بدأت كحياة بدائية. ثم تدرجت بسبب عوامل البيئة لكي تكون كائنات راقية منها الإنسان. أفكار عجيبة ورائعة قبل الميلاد بستة قرون.
يأتي بعد ذلك "أناكسيمنيس" (585 - 525ق م). مالطي أيضا، تلميذ أناكسيماندر. ليقول بأن أصل الأشياء هو الهواء. من الهواء تنشأ جميع العناصر الأخرى. بالتلطيف تنتج النار, وبالتكثيف تحدث الرياح والسحب والماء والأرض والحجارة. الروح هواء، يمسك أجسامنا. كذلك هواء العالم هو روحه السارية.
هنا يقول أناكسيمنيس أنه بالتلطيف والتكثيف، أي بتغيير كمية الهواء، تتغير نوعية المادة. التغيير في الكمية، يؤدي إلى التغيير في النوعية. هذا ما نقوله نحن اليوم. التغير في عدد البروتونات داخل نواة الذرة، يحول الذرة من عنصر معين إلى عنصر آخر.
نلاحظ هنا حرية الرأي والبحث عن الحقيقة. لا مصادرة لرأي مخالف، وحقه في الإختلاف. طاليس قال بأن الأصل هو الماء. فيعارضه أناكسيماندر ويقول: لا بل أصل الأشياء هو شئ غير محدود. فيأتي اناكسيمنيس ليخالف كلا منهما ويقول بأن أصل الأشياء هو الهواء.
المهم هنا هو حق المفكر في قول رأيه دون حجر أو خوف. هكذا تتقدم البشرية. وهذا سبب أهمية هؤلاء الفلاسفة الأوائل الثلاث، عظمة على عظمة. قيمة كبيرة للفلسفة اليونانية والبشرية.
هؤلاء الثلاثة، طاليس وأناكسماندر وأناكسيمنيس، هم أول الفلاسفة المعروفين. وأول مدرسة فلسفية في العالم الغربي تعرف بالمدرسة الأيونية أو المالطية. بالرغم من إختلاف الفكر بينهم، إلا أنهم يتفقون في شئ واحد.
هو البحث عن تفسير طبيعي بسيط، لفهم الظواهر الطبيعية، وما يحدث في هذا الكون. أي أنهم كانوا يعتمدون على الملاحظة والتفكير المنطقي. وليس النقل والأسطورة. كما أنهم كانوا يرجعون أصل كل شئ إلى شئ واحد. هذه هي أصول الفكر العلمي الغربي الحديث.
طبعا لكل شئ نهاية. جاءت نهاية المدرسة الأيونية بعد أن إجتاحت جيوش الفرس مالطا بعد إتفاقية السلام بين الإغريق والفرس، لم تعد مالطة مدينة إغريقية تتمتع بالحرية التي كانت تتمتع بها من قبل.
بعد المالطيين، جاء "فيثاغورث" (572 – 500 ق م). فيثاغورث هو أول إسم أجنبي غريب يمر علينا في المدرسة ونحن أطفال. فهو صاحب أشهر نظرية في الهندسة المستوية، هندسة إقليدس. النظرية تقول بأن المربع المنشأ على وتر المثلث قائم الزاوية، يساوي مجموع المربعين المنشأين على الضلعين الآخرين.
فيثاغورث، لم يتبع خطا الفلاسفة المالطيين في البحث عن أصل مادي واحد لكل الإشياء. مثل الماء أو الهواء أو الشئ الغير محدود. لكنه جاء بنظرية غريبة بعض الشئ. هي أن الأرقام هي أصل كل شئ.
قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا كلام فارغ. لكن فيثاغورث، لم يكن ساذجا أيضا. فقد كان يعني أن الوصف الصحيح للحقيقة، يمكن التعبير عنه بالأرقام والمعادلات الرياضية.
كانت لفيثاغورث إضافات كبيرة في الهندسة المستوية بعد إقليدس. أوجد العلاقة بين نسب أطوال الأوتار، ونغمات السلم الموسيقي. كان يقول بأن الكون كله في تناغم موسيقي. سيمفونية عظيمة.
تأثير فيثاغورث في الأجيال اللاحقة كان كبيرا. المدرسة الفيثاغورثية إستمرت 400 سنة بعده. أفلاطون نفسه، تأثر بفكر فيثاغورث.
* فيثاغورس وما بعده كان فيثاغورث، إلى جانب كونه عالما وفيلسوفا، زاهدا ورئيس جماعة دينية "كلت". أعضاؤها كانوا ملتزمين بالتقشف، وبالبعد عن أكل اللحم، وتقديس الأرقام، وتحريم أكل الفاصوليا. نعم الفاصوليا، لأن حبة الفاصوليا، يوجد بداخلها جزء صغير يشبه شكل الجنين الآدمي. فكيف يأكل الإنسان أخيه الإنسان.
يأتي بعد ذلك الفيلسوف الإغريقي "هيروقليطس" (535 – 475 ق م). كان يعيش في أسيا الصغري (تركيا حاليا)، في مدينة إفسوس. قام بتعليم نفسه بنفسه. تعتبر فلسفته كئيبة متشائمة.
أفكار هيروقليطس جديدة تماما، غريبة بعض الشئ. فهو يقول بأن أصل كل شئ، ليس الماء أو الهواء أو الشئ الغير محدود، كما يقول الفلاسفة الذين سبقوه، إنما أصل الأشياء هو النار.
هناك شئ في طبيعة النار. هي دائمة التغيير والحركة. لذلك الأشياء التي تتكون من النار، لابد أن تكون دائمة التغيير والحركة أيضا.
إنك لا تستطيع أن تغمس قدمك في نفس النهر مرتين. لأن النهر في الحالة الأولى يختلف تماما عن النهر فى الحالة الثانية. النهر دائم الحركة. هناك مياة تبخرت ومياة تسربت وأسماك تحركت، وهكذا.
كان هيروقليطس يؤمن أيضا بوحدة الأضداد. خلق وتدمير، ميلاد ووفاة، حب ونضال، ليل ونهار، خير وشر. كل شئ وضده يكونان وحدة واحدة. لا يستطيع أيا منها أن يوجد بمفرده. نحن نقول اليوم أن الإلكترون له مضاد يسمى البوزوترون، والمادة لها مضادات المادة.
طفولتك البريئة ذهبت ولن تعود. الناس الذين كانوا يحبوك، ماتوا ولم يعد لهم وجود. أصدقاؤك ذهبوا وإنشغلوا بهموم معاشهم. إخوتك وأخواتك تزوجوا وتفرقوا فى البلاد. لم يبق شئ على حاله كما تركته. قمة فى التشاؤم.
لكن هناك شئ إيجابى فى أفكار هيروقليطس. نعم يوجد شئ إيجابي. فهو يقول أنه هناك هدف منطقي، وليست العشوائية، وراء هذا التغيير الدائم للأشياء. هناك "لوجوس"، وليس "ميثوس" أو الأسطورة، يفسر ماذا يحدث. هذه الأفكار كان لها تأثير كبير على أفلاطون لاحقا، وهي أساس مفهوم القوانين الطبيعية حاليا.
الحرب هى أم كل الأشياء. الكون يقوم على الصراع الذى ينتهي بالوحدة والتناغم. هذا ليس غريبا علي فيلسوف عاصر حروب فارس واليونان. قبل وفاته بثمان سنوات، قام داريوس ملك الفرس بالإغارة على بلاد الإغريق، التى إنتهت بمعركة الماراثون وهزيمة الفرس عام 490 ق م.
نحن نعلم أن معظم الإختراعات الهامة مثل تفتيت الذرة وعمل القنبلة الذرية، أتت بسبب الحروب والإستعداد لها. معظم الدول العظمى والإمبراطوريات، ظهرت بعد حروب طاحنة.
إلعصر الذهبى للحضارة المصرية القديمة أيام حتشبسوت وتحتمس الثالث، جاء بعد حروب الإستقلال ضد الهكسوس، بقيادة كامس وأحمس. الحضارة العربية، جاءت بعد حروب الفتوحات الإسلامية.
يأتى بعد هيروقليطس، الفيلسوف "بارمينيدس" (515 – 440 ق م). ولد فى مدينة إيليا اليونانية على الساحل الإيطالي الجنوبى. وكان بارمينيدس شاعرا وكاهنا للإله أبوللو.
بارمينيدس تقدم بالفلسفة اليونانية خطوة إلى الأمام. كان متأثرا بشكل كبير بفيثاغورث. هيروقليطس يقول أنك لا تستطيع أن تغمس قدمك فى نفس النهر مرتين، وبارمينيدس يقول أنك لا تستطيع أن تغمس قدمك فى النهر، حتى ولو مرة واحدة. لأن هذا مجرد وهم.
يبدأ بارمينيدس بالبديهيات. أى بالحقائق التى لا تحتاج إلى برهان. ولا يمكن إنكارها إلا إذا كانت تتعارض مع نفسها. هنا يجب أن نفرق بين الحقيقة التى هى واحدة وثابتة ولا تقبل التناقض، وبين الرأى الذي قد نكونه فى لحظة ما حول قضية معينة.
الحقيقة نأخذ بها بدون تردد. أساس البحث عن الحقيقة، هو الإقرار بوجود الكائن المطلق. وهو الشئ الموجود الذى نستطيع أن نتخيله. وكل شئ نتخيله، يمكن أن يوجد حقا. أما العدم، فلا يمكن أن نتخيله. لأننا لو تخيلناه، أصبح شيئا كائنا. بذلك لايصبح عدما.
لهذا فالعدم غير موجود. ولا يبقى لنا سوى الوجود أو الكينونة فقط. أي ذلك الشئ الذي يوجد فى أصل كل العالم، والذي تنحدر منه وتعود إليه كل الأشياء. هو القوة الميتافيزيقية ..