قديم 12-05-2019, 12:43 PM
المشاركة 11
جاك عفيف الكوسا
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم

الأخ الفاضل والأستاذ القدير جاك كوسا
حروفك الجميله جعلتنا ننظر إلى الأفق
ونتابع سفينتك التي تعج بالحروف الراقية
دام حرفك راقيا يبدي
تقبل إحترامي
خالد الزهراني

في البدء كان الحلم ولم تكن هناك حكاية وعندما مات الحلم ولدت الحكاية ...... تساؤلات من البداية لم تجب عنها الحكاية ...... النهاية ما كانت نهاية ...... إنها بداية حلم لم تذكره الحكاية ....... إنها ولادة من الذاكرة ومن النهاية تبدأ الحكاية
هل تنتقل محتويات الذاكرة من شخص إلى آخر عبر الزمن ..... هل تخضع الذكريات إلى سلطة الروح أم الجسد .... هل تخاطر الأفكار يكون فقط بين الأحياء أم يمكن أن يوجد التخاطر ما بين إنسان حي وآخر فارق الحياة ..... وأخيرا ما هي المدة الزمنية التي يكون ضمنها التخاطر ممكنا .... كل الأسئلة السابقة تحتل الجزء الأكبر من تفكيري وأحاول أن أجد لها إجابات تقنع فضولي ولكن الفضول يلتهم جميع الإجابات ويبقى الشك مسمارا يشق صدر اليقين ......
المرة الأولى التي شاهدت فيها فيلم التايتنك كانت منذ عشرين عام مضت ..... دخلت إلى صالة سينما الشام في دمشق وكان برفقتي آنذاك فتاة تعشق مشاهدة الأفلام ....... بدأ العرض ....... كانت شاشة السينما كبيرة والأصوات الصادرة عنها قوية لدرجة جعلتني أعيش ضمن أحداث الحكاية وكأني شخصية من شخصياتها ..... أن تسمع الحكاية شيء وأن تكون طرفا فيها شيء آخر ..... كنا نجلس أنا ومايا في المقاعد الأمامية ضمن الصالة كنت أشعر بأن أمواج المحيط الباردة تلطم أقدامي ...... السفينة كانت قريبة مني لدرجة تخيلت نفسي أمشي فوق سطحها أدخل طوابقها وصالاتها وأتحدث مع ركابها .... أصواتهم وأحاديثهم كنت أعرفها وأظنني أتذكرها .... قلبي تزداد نبضاته كلما زاد الخطر ...... الهواء الذي يسبح فوق هيكل السفينة يداعب وجهي ..... الأشياء الموجودة ضمن غرفة روز كنت أعرفها وأعلم مواقعها وألوانها قبل أن تظهر ضمن مشاهد الفيلم ........ ذاكرتي تعمل بكامل طاقتها وتستنفذ كل قدراتها .........
كنت استبق أحداث الفيلم أقول لمايا الجالسة بقربي ........ الآن سوف ينقذها من الانتحار ..... الآن سوف يرسمها وبعد قليل سوف يهربا إلى صالة المحركات ..... ولكن لم أخبرها بما حدث في قاعة شحن البضائع تركتها تتابع المشهد لأن كلماتي في تلك اللحظة كانت عاجزة عن التعبير ...... بعض المشاعر لا يمكن وصفها بحروف الكلمات وكل لغات العالم تصمت أمام بعض النظرات ...... تخجل أمام القبلات ولكن الذي حدث هناك فيما بعد القبلات قد يفقد العقل سيطرته على اللسان ويركز الجسد على حاسة النظر تلك الحاسة التي تتغلب على جميع الحواس بلمح البصر ...... وحين مضى ذلك المشهد رجع الإدراك رويدا رويدا ليعيد التوازن ما بين الحواس .......
قالت ألم تخبرني بأنك لم تشاهد الفيلم من قبل ...... أجبتها نعم ....... قالت جوابك لم يصب قلب الحقيقة وأظنك أتيت لهذه الصالة من قبل ولن أسألك مع من لأني لا أحبك أن تراوغ ولا أريدك أن تكذب ......... صدقا يا مايا لم أشاهد هذا الفيلم من قبل....... قالت وكيف عرفت محتوى الفيلم إن لم تره من قبل ...... فقلت لها أظن بأن الحاسة السادسة لدي تعمل ...... قالت أعتقد بأن كل حواسك يجب أن تعمل سيكون لنا حديث آخر ولكن بعد نهاية الفيلم ....... تابعنا العرض بصمت وفجأة خرجت من الواقع ودخلت الخيال مرة أخرى ولم أعد حتى سمعت مايا تناديني ........ جاك ...... جاك
..... لقد انتهى الفيلم ....
عندها رجعت لأعيش الواقع جسدا ولكن فكري بقي ضمن أحداث الفيلم روحا ......... خرجنا من الصالة وركبنا السيارة ..... كنت في طريق العودة أنظر حولي إلى الطرقات أتخيلها كأمواج المحيط ...... والهواء الداخل من نافذة السيارة يشبه نسمات المحيط ..... حتى سائق السيارة كنت أتصوره قبطان سفينة ........ الأشخاص المارين على جانبي الطريق كنت أراهم كما لو كانوا ركابا على السفينة .... حتى مايا الجالسة بجانبي في السيارة كنت أتخيلها روز ..... وأحيانا يزل لساني أثناء حديثي معها وأناديها روز .....
لا أعرف ما الذي أصابني مع العلم بأني لم أشرب في ذلك اليوم مشروبا يؤثر على تركيز العقل ....... ربما لكوني أحمل ذات الاسم الذي يحمله بطل الفيلم جعلني أغرق ضمن الخيال أكثر ........ ربما تكون أجزاء من ذاكرتي استرجعت ذكريات معينة عندما شاهدت الأحداث للمرة الثانية .... ربما لأن مايا كانت تشبه روز في نواحي عديدة ..... في الحقيقة لم أعلم حينها السبب ........
بقيت قصة الفيلم مغروسة ضمن روحي وكياني وذاكرتي لأجد قلمي يصوغها كلمات على الورق ........ استحضر الذكريات من ذاكرتي التي لم تعد ذكرياتها محصورة في ذاكرتي فقط ......... قد لا يتقبل المنطق الفكرة ولكن العاطفة تقبلها ........ تتراكم الذكريات فوق بعضها والذكريات الحديثة تقتل القديمة وتبقى فرصة الذكريات القديمة في الحياة ضعيفة جدا جدا .......
ولكنها ليست مستحيلة .........
الأبواب المغلقة لا تفتح أمامنا إلا عندما نقرع عليها ..... ولكن المجهول يسكن خلفها ...... ربما يضع مفاتيح السعادة في اليد وقد يفتح علينا أبواب جهنم .... الرحلة إلى المجهول مثيرة وفي نفس الوقت خطيرة لأن الأبواب التي نفتحها مرة لا يمكن قفلها أبدا ..........

أخي الفاضل خالد الزهراني

أشكر مرورك ولا أخفيك سرا يا سيدي كلماتك أيقظت الحلم من جديد
ولن تغرق السفينة إن كانت حروفك
شراعا لها


قديم 12-09-2019, 11:55 AM
المشاركة 12
جاك عفيف الكوسا
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم

سنوات قبل أن أركب السفينة لم أعرف خلالها الحب

ولحظات كانت فوق سطح السفينة

عشقنا أنا وإياكِ

الحب

!



قديم 12-09-2019, 06:04 PM
المشاركة 13
محمد أبو الفضل سحبان
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الثالثة الألفية الثانية وسام الإبداع الألفية الأولى المشرف المميز الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 7

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم
[FONT="Arabic Typesetting"]الأستاذ القدير جاك عفيف الكوسا
من الصعب أن نختزل معنى الحب في سطور....لكن السفينة الغارقة بالحب في الحب علمتنا أن نقول في سطر واحد أن الغرق في الحب نجاة و أن البقاء على شطه ضياع....
جميل ما نثره قلمكم ولي عودة ان شاء الله لقراءة التتمة
بالتوفيق وبورك اليراع...

قديم 12-15-2019, 10:37 AM
المشاركة 14
جاك عفيف الكوسا
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم

إن الغرق في الحب نجاة و إن البقاء على شطه ضياع.... صدق لسانك يا سيدي بما قال ..... خير لنا أن نحب ونتألم من ألا نحب أبدا ....
الحب همسة سرقها العقل من الروح وزفها إلى حروف الأبجدية عروسا وبكي على غيابها لما فقدها .... غار القلم من سعادة الحروف وحتى يخرب عليها فرحها تآمر مع سبع سطور والعروس من حفل زفافها خطفها ونزفها من الحبر كلمة سخية وعشق معناها بعد ما كتبها .......
الحب كلمة جاءت إلينا من الجنة لذلك لا يوجد على كوكب الأرض من يناصبها العداء ..... البغض لا يعتبر خصمها والكره ليس عكسا لها ونقيض الحب هو اللا حب إنه الفراغ حيث تتساوى المشاعر قوة وضعفا ويناقض بعضها بعضا .....
أحيانا لا نستطيع التصديق بأننا وقعنا في الحب حتى نخسر هذا الحب وكثيرا ما يكون الحب موجودا في حياتنا ولكننا لا نشعر بقيمته ولا نقدر أهمية وجوده ونتصور أو نتوهم بأننا نستطيع أن نكون بخير في غيابه ..... لا وألف لا وبعد اللا الأخيرة ألف لا ....... لن تستمر الحياة كما كانت ...... هناك نقص حاد وقاتل يبحث الجسد عن أسبابه ولن يجد رغما عن كل محاولاته ما يسد به هذا النقص .....
وهذا ما يدفع الجسد إلى الدخول في مرحلة انعدام نطاق الجاذبية ما بين الحواس ..... تتقلص لدينا الرغبة في الطعام أو الشراب حتى تبلغ مستوياتها الدنيا ...... جفوننا ترفض الإطباق ويجافي النوم عيوننا و يحتلنا الأرق والإرهاق ..... اللسان يعجز عن الكلام وتخون العقل حروف الأبجدية وأثناء التفكير تغزوه كلمات لم يناديها وتهاجمه عبارات لم يدعيها ..... الأذن لا تريد أن تسمع وكل الأغاني لم تعد تعنيها ..... الأنف في عالم أخر يسبح في رائحة عطر عالقة ضمن خلاياه ويخشى تبديلها ........ يدنا اليمني تفقد تدرجيا شعور اللمس لقد غادر من كان يؤنس وحدتها وخسرت الأصابع من كان يسليها ....
وبالمختصر العلاقة ما بين الروح والجسد تنهار ...... الروح بحاجة إلى الطعام وغذاؤها الحب ...... حتى الألم الذي يصاحب بعض تجارب الحب يبقى إحساس جميل وصادق تحتاجه الروح بشدة ....... الحب رحمة سقطت من السماء والتقطتها قلوب البشر ولولا الرحمة ليبست الأجساد عطشا إليها ولولا الأمل بوجود الرحمة لكانت الروح لفظت أنفاسها الأخيرة خنقا .....
الحب صوت حسون يحمله الصدى لمسامع حسونة كي تبادله شعورا منتظر .... الحب رابطة فطرية تجمع ما بين جميع الكائنات الحية على سطح الأرض تلك الرابطة متى زالت زلنا وخسرنا البصيرة والبصر ..... الحب لغة ساحرة ترسلها العيون إلى العيون ولا تحتاج مفردات ....... تلك اللغة خالية من الكلمات ولا ندرسها في مدرسة .... الحب معجزة تقف في وجه القدر في زمن غابت عن الأرض المعجزات تغرق الذات ضمن الذات وتعشق الغرق كلما غاصت إلى أعماق الذات أكثر فأكثر ....
الحب تجربة خطيرة تحتاج إلى المعرفة المسبقة بالإيجابيات والسلبيات المرافقة لها ..... ولكن هذه المعرفة لا نأخذها من الكتب ولا من الحكايات ولا حتى من المورثات تلك المعرفة شخصية جدا وخاصة جدا ومؤلمة جدا ويجب أن نعرف العوم في البداية قبل الإبحار في عرض البحر .........
الحذر واجب ربما تخدعنا الأمواج وقد تخوننا مشاعرنا وربما تغدر بنا مشاعرهم ..... لذا لا بد لنا قبل الوقوع في الحب أن نتعلم كيف نحب الألم المرافق لهذا الحب لأن الألم الناتج عن الفقدان او الهجران له آثار لا تزول من الروح وإن زالت تلك الآثار مع مرور الزمن سوف يبقى تأثيرها أقوى من الأثر .... وبرغم آلام الحب وعذابه وأوجاعه يبقى أفضل من اللا حب لأن العشق هو الوسيلة الوحيدة لتهذيب الروح وترويض الجسد ......

أخي الفاضل محمد أبو الفضل سحبان

كما ذكرت يا سيدي من الصعب أن نختزل معنى الحب في سطور ...... لأنه أقوى العواطف تركيبا وأكثرها تعقيدا وأشدها وجعا وأعلاها شأنا .... إنه أفعال قبل أن يكون أقوال ...... فالحب تضحية وتفاني من أجل الآخر ووعود تُمنح ليُوّفى بها ........ ويا ليتنا نوفي بها ......
أشكر مرورك يا سيدي وانتظر عودتك الثانية
دمت يا صديقي بألف خير


قديم 12-27-2019, 09:51 AM
المشاركة 15
جاك عفيف الكوسا
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم

شراييني كانت يابسة ولم يثمر على غصني الورد

وثواني قضيتها مع شقيقة الورد

أزهر ضمن عيوني

الورد

؟



قديم 12-28-2019, 11:54 AM
المشاركة 16
بتول الدخيل
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم
كلمات رائعة وجميلة استاذي الكبير جاك

باقة ود

تدري وش صاب الخفوق!!..فيه بعض آثار شوق..وبه جروح وبه حروق..وبه سوالف لو تروق!!.وبه نزيف بالحنايا ..من فراقك .. يا هوى قلبي الصدوق

قديم 01-03-2020, 09:12 AM
المشاركة 17
جاك عفيف الكوسا
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم
كلمات رائعة وجميلة استاذي الكبير جاك

باقة ود


حروفاً من قلمي أزفها إليكِ عطراً وسلاما

وشكراً على دروب كلماتكِ ألقيها احتراما


سحر حضورك زاد موضوعي ألقاً ولمعانا

باقة الود أرد عليها بمثلها تقديراً وامتنانا


تحية ..... ومودة


قديم 01-09-2020, 09:11 AM
المشاركة 18
جاك عفيف الكوسا
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم

لو أنني عرفت قبل صعودي السفينة بأن تلك الرحلة

ربما تنتهي بتحطم وغرق السفينة

ما كنت من البداية

سافرت

!



قديم 01-10-2020, 12:45 AM
المشاركة 19
عبدالحكيم مصلح
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم
لطالما كنت مبدعا .

قديم 01-15-2020, 11:13 PM
المشاركة 20
جاك عفيف الكوسا
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم


شهادتك أعتز وأفرح بها كما تفرح الأغاني

بالألحان


ما أروع مرورك سيدي وهب كلماتي جميع

الألوان


تحية .... ومودة



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: عندما تشيخ الحروف يزغرد القلم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
على هامش " عندما يتحدث القلم...." ياسر علي منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 5 06-21-2021 11:09 PM
أحمد زكي الملقب بشيخ العروبة - أنور الجندي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-23-2014 09:09 PM

الساعة الآن 08:59 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.