احصائيات

الردود
0

المشاهدات
18
 
أ محمد احمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


أ محمد احمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,462

+التقييم
0.64

تاريخ التسجيل
Feb 2015

الاقامة

رقم العضوية
13657
اليوم, 10:06 AM
المشاركة 1
اليوم, 10:06 AM
المشاركة 1
افتراضي بسمارك
بسم الله الرحمن الرحيم






نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة






أوتو فون بسمارك (1815–1898) كان سياسيًا ألمانيًا بارزًا، تولّى منصب رئيس وزراء بروسيا من 1862 حتى 1890، ولعب دورًا محوريًا في توحيد الولايات الألمانية وتأسيس الإمبراطورية الألمانية (الرايخ الثاني) عام 1871، حيث أصبح أول مستشار لها حتى عزله القيصر فيلهلم الثاني عام 1890.

قاد بسمارك ثلاث حروب حاسمة ضد الدنمارك والنمسا وفرنسا، انتهت بانتصار بروسيا وتوحيد ألمانيا. بعد انتصاره على فرنسا في معركة سيدان، أعلن تأسيس الرايخ الألماني في قصر فرساي، مما أثار العداء الفرنسي. أصبح ملك بروسيا قيصرًا لألمانيا، وبقي بسمارك مستشارًا ووزيرًا للخارجية حتى استقالته.

في السياسة الخارجية، سعى بسمارك لعزل فرنسا ومنع تحالفها مع النمسا أو روسيا، ووقّع تحالفات معهما للحفاظ على السلام الأوروبي. أما داخليًا، فأسّس أول دولة رفاهية حديثة لتحسين أوضاع العمال ومواجهة الاشتراكية، وخاض حربًا ثقافية ضد الكنيسة الكاثوليكية ثم تحالف معها لاحقًا. حكم من خلال طبقة النبلاء البروسية "اليونكر" وكان معارضًا للديمقراطية.

بعد وفاة القيصر فيلهلم الأول، خلفه ابنه ثم حفيده فيلهلم الثاني الذي سعى لتقليص نفوذ بسمارك، مما أدى إلى استقالته عام 1890. بعد وفاته، اعتُبر بسمارك رمزًا قوميًا ومهندس الوحدة الألمانية، وأشاد المؤرخون بدوره في الحفاظ على السلام الأوروبي خلال القرن التاسع عشر.

النشأة
وُلد أوتو فون بسمارك في 1 أبريل 1815 في شونهاوسن غرب برلين لعائلة نبيلة. والده كان ضابطًا سابقًا في الجيش البروسي، ووالدته من عائلة ساكسونية متوسطة. لديه أخ وأخت: بيرنهارد ومالوين. اشتهر بسمارك بكونه يونكر، وكان يرتدي الزي العسكري ليعزز هذه الصورة. كان مثقفًا ويتحدث ست لغات منها الألمانية، الإنجليزية، الفرنسية، الإيطالية، البولندية، والروسية.

تلقى تعليمه في عدة مدارس، ثم درس القانون في جامعتي غوتنغن وبرلين، ودرس الزراعة لاحقًا في غرايفسفالت. رغم رغبته في أن يصبح دبلوماسيًا، بدأ حياته المهنية كمحامٍ في آخن وبوتسدام.

تزوج من يوهانا فون بوتكامر عام 1847، وهي من عائلة نبيلة، وكانا يعتنقان اللوثرية التقوية. أنجبا ثلاثة أطفال: ماري، هربرت، وفيلهلم.

بداية حياته السياسية
في عام 1847، تزوج بسمارك واختير نائبًا في المجلس التشريعي الموحد، حيث برز كمناصر للملكية ومدافع عن الحق الإلهي للملك. خلال ثورة 1848 التي كادت تطيح بالملك فريدرش فيلهلم الرابع، استخدم القوة العسكرية لقمعها، ثم وعد الليبراليين بدستور يعترف بوحدة الشعب الألماني، لكنه لم يلبِ مطالبهم. بعد ضعف الحركة الليبرالية، عاد المحافظون إلى الحكم بدعم الملك.

في 1849، انتُخب بسمارك في مجلس الشورى، وكان يعارض الوحدة الألمانية خوفًا على استقلال بروسيا. شارك في برلمان إرفورت الذي فشل في تحقيق الوحدة بسبب غياب دعم بروسيا والنمسا. في 1851، أصبح مبعوثًا لبروسيا في مجلس الاتحاد الألماني بفرانكفورت، وهناك تغيرت آراؤه السياسية وأصبح أكثر اعتدالًا، مؤمنًا بضرورة اتحاد بروسيا مع الإمارات الألمانية لمواجهة النفوذ النمساوي.

في 1858، تولى الأمير فيلهلم الوصاية على العرش بعد إصابة الملك بالشلل، وعيّن بسمارك سفيرًا في روسيا، حيث أقام علاقات مهمة. ثم أُرسل إلى باريس عام 1862 سفيرًا لبروسيا، وظل على اتصال وثيق بالشؤون الداخلية الألمانية، خاصة عبر صداقته مع وزير الحرب رون، مما ساعده في تشكيل تحالف سياسي مؤثر.

رئيس وزراء بروسيا
بعد وفاة الملك فريدرش فيلهلم الرابع عام 1861، أصبح الأمير فيلهلم ملكًا لبروسيا بلقب فيلهلم الأول. واجه خلافًا حادًا مع المجلس الليبرالي، خاصة بعد رفض تمرير ميزانية إعادة تنظيم الجيش عام 1862. وبناءً على نصيحة وزير الحرب رون، استدعى الملك بسمارك وعيّنه رئيسًا للوزراء ووزيرًا للخارجية في سبتمبر 1862.

سعى بسمارك لحل الأزمة لصالح الملك، معتبرًا أن الدستور يسمح بالاستمرار بميزانية العام السابق، فاستمر بجمع الضرائب وفق ميزانية 1861. تصاعدت المواجهة مع المجلس، الذي اعتبر بقاءه غير شرعي عام 1863، فرد الملك بحل المجلس. فرض بسمارك الرقابة على الصحافة، مما أثار معارضة ولي العهد. ورغم خسارة مؤيديه في انتخابات أكتوبر 1863، ظل الملك متمسكًا ببسمارك خوفًا من صعود حكومة ليبرالية بديلة.

هزيمة الدنمارك
قبل ستينيات القرن التاسع عشر، كانت ألمانيا تتكون من عدة ولايات ضمن الاتحاد الألماني، أبرزها بروسيا والنمسا. سعى بسمارك لتوحيد ألمانيا تحت قيادة بروسيا، مستبعدًا النمسا من هذا المشروع. بعد وفاة الملك فردرك السابع عام 1863، نشأ نزاع حول دوقيتي شلسفيغ وهولشتاين بين الملك الجديد كرستيان التاسع والدوق الألماني فريدريش فون أوغوستنبورج. رغم تأييد الرأي العام البروسي للدوق الألماني، تمسك بسمارك مؤقتًا ببروتوكول لندن الذي يقر بتبعية الدوقيتين للدنمارك، لكنه سرعان ما تراجع عن ذلك.

رفض الملك كرستيان إعادة الدوقيتين، مما دفع بروسيا والنمسا لشن حرب ضد الدنمارك عام 1864، عُرفت باسم حرب شلسفيغ الثانية. انتهت الحرب بانتصار التحالف الألماني وتنازل الدنمارك عن الدوقيتين. بدلاً من ترك القرار لمجلس الاتحاد الألماني، أبرم بسمارك اتفاقية جاستاين مع النمسا عام 1865، حيث حصلت بروسيا على شلسفيغ، والنمسا على هولشتاين. وفي نفس العام، مُنح بسمارك لقب «أمير فون بسمارك - شونهاوزن».

هزيمة النمسا
في عام 1866، خالفت النمسا اتفاقية جاستاين وطالبت بأن يقرر مجلس الاتحاد مصير شلزويج وهولشتاين، مما دفع بسمارك لاتهامها بخرق الاتفاق واحتلال هولشتاين. وردت النمسا بطلب دعم الإمارات الألمانية، فاندلعت الحرب البروسية النمساوية. بفضل تنظيم الجيش البروسي وقيادة مولتكه، وبالتحالف السري مع إيطاليا التي أرادت البندقية، اضطرت النمسا لتقسيم قواتها. خلال الحرب، نجا بسمارك من محاولة اغتيال نفذها فرديناند كوهين بلايند، الذي انتحر لاحقًا.

استمرت الحرب سبعة أسابيع وانتهت بانتصار بروسيا في معركة سدوا. رغم رغبة الملك في التقدم نحو فيينا، أصر بسمارك على سلام معتدل لتجنب تدخل فرنسا. بموجب صلح براغ، تم حل الاتحاد الألماني، وضمت بروسيا عدة ولايات، وشُكل الاتحاد الألماني الشمالي عام 1867 بدستور يمنح السلطة التنفيذية للرئيس البروسِي والمستشار، والسلطة التشريعية للرايخستاغ والبوندسرات.

ترأس الاتحاد فيلهلم الأول، وشغل بسمارك منصب المستشار. رغم أن بروسيا لم تملك أغلبية المقاعد، تمكن بسمارك من التحكم في المجلس عبر تحالفات مع ولايات صغيرة. بدأت بذلك مرحلة "بؤس النمسا"، حيث أصبحت النمسا أضعف من ألمانيا حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.

النصر عزز مكانة بسمارك سياسيًا، فخسر الليبراليون أغلبيتهم في انتخابات 1866، وشكل البرلمان الجديد ظلاً لبسمارك، ووافق على الميزانية التي رُفضت سابقًا. بعد الحرب، ضم بسمارك مملكة هانوفر، وقلّص ممتلكات ملكها المعزول، واستخدم الأموال لإنشاء صندوق سري لرشوة الصحفيين وتشويه خصومه، وكسب دعم ملك بافاريا لتتويج فيلهلم الأول إمبراطورًا.

كما استخدم الصندوق لتشويه سمعة ولي العهد فريدريش وزوجته فيكتوريا، واتهمهما بالتجسس لصالح بريطانيا، لمنع إصلاحات حكومية تهدد سلطته. لاحقًا، سعى بسمارك لفصل فيلهلم الثاني عن والديه وتدريبه على التمرد عليهما. وبعد عزل بسمارك عام 1892، أوقف القيصر فيلهلم الثاني الصندوق السري وألغى الرواتب الإضافية المرتبطة به.

الحرب الفرنسية البروسية
بعد انتصار بروسيا على النمسا عام 1866، تصاعد التوتر مع فرنسا التي شعرت بالإهانة من نتائج الحرب. سعى نابليون الثالث لتعويض ذلك بمحاولات توسع نحو بلجيكا والراين، بينما خطط بسمارك لحرب مع فرنسا، آملاً أن تظهر الأخيرة بمظهر المعتدي لتتوحد الولايات الألمانية خلف بروسيا. روّج بسمارك لمؤامرات حول أطماع فرنسية في لوكسمبورغ وبلجيكا، مما زاد من سوء صورة فرنسا.

في 1868، خُلعَت الملكة إيزابيلا الثانية من عرش إسبانيا، وبدأت الدول الأوروبية بترشيح خلف لها، وكان من بينهم الأمير الألماني ليوبولد من آل هوهنتسولرن. أثار ترشيحه غضب فرنسا التي ضغطت دبلوماسيًا حتى انسحب ليوبولد، لكنها طالبت بضمانات دائمة بعدم ترشيح أي أمير ألماني، وهو ما رفضه الملك فيلهلم الأول. استغل بسمارك الموقف ونشر ملخصًا استفزازيًا لاجتماعات الطرفين، مما أثار الرأي العام الفرنسي.

في 19 يوليو 1870، أعلنت فرنسا الحرب على بروسيا، فبدت بمظهر المعتدي، مما دفع الولايات الألمانية للتحالف مع بروسيا. شارك أبناء بسمارك في الحرب، وحقق الجيش الألماني بقيادة مولتكه سلسلة انتصارات سريعة. في معركة سيدان، هُزم الجيش الفرنسي وأُسر نابليون الثالث، مما أدى إلى سقوط الإمبراطورية الفرنسية وتأسيس الجمهورية.

حاصر الألمان باريس لأكثر من أربعة أشهر، وقصفوها في يناير 1871 حتى استسلمت. انتهت الحرب بتنازل فرنسا عن الإلزاس وجزء من اللورين، رغم معارضة بسمارك لذلك خوفًا من عداء دائم. لاحقًا، سخر بسمارك من الفرنسيين بغنائه "لامارسييز" في تسجيل صوتي عام 1889.

توحيد ألمانيا
وبعد انتهاء الحرب تحرك بسمارك لتأمين الطريق نحو اتحاد ألمانيا. فتفاوض مع ممثلين عن الولايات الألمانية الجنوبية، عارضا تنازلات خاصة لضمان موافقتهم على الاتحاد. ونجحت المفاوضات، فأعلن الملك فيلهلم الأول إمبراطورا لألمانيا في الثامن عشر من يناير سنة 1871 في قاعة المرايا في قصر فرساي (للإمعان في إهانة فرنسا). وكانت الإمبراطورية الجديدة اتحادية تتكون من 25 ولاية (بما فيها الممالك والدوقيات الكبيرة والدوقيات والإمارت والمدن الحرة) والتي احتفظ كل منها ببعض السلطة. ولم يكن ملك بروسيا، كإمبراطور لألمانيا حاكما مطلقا على بقية ألمانيا بل كان كما أطلق عليه «الأول بين متناظرين». ولكنه كان يرأس البوندستاج الذي يجتمع لمناقشة السياسة المقدمة من المستشار (الذي يعينه الرئيس الذي هو الإمبراطور).

وفي سنواته الأخيرة ادعى بسمارك أن حروب بروسيا ضد النمسا وفرنسا إنما نشبت عن طريق تلاعبه بالإمارات المحيطة وفقا لخطته الكبيرة. وكانت هذه الرؤية مقبولة بين المعاصرين والمؤرخين حتى عقد الخمسينيات من القرن العشرين. وبالرغم من ذلك فقد بنيت هذه الرؤية على مذكرات بسمارك التي كتبها بعد عزله، والتي يضع نفسه فيها في مقدمة الأحداث. غير أن فكرة سيطرة وتحكم بسمارك في الأحداث الكبرى قد شكك فيها بعض المؤرخين ومن بينهم الجدلي أ. تايلور، التي خالف كل التفسيرات السابقة عليه بقوله أن بسمارك كان «قائدا هشا ذا سيطرة ضئيلة على الأحداث». ويرى كذلك أن موهبة بسمارك الكبرى كسياسي هي موهبته في طريقة ردود أفعاله على الأحداث حين وقوعها، وتحويلها إلى ميزة في صالحه.

مستشار الإمبراطورية الألمانية
في عام 1871، مُنح بسمارك لقب «أمير فون بسمارك» وعُين مستشارًا للإمبراطورية الألمانية، مع احتفاظه بمناصبه في بروسيا، مما جعله صاحب نفوذ واسع على السياسات الداخلية والخارجية. وفي عام 1873، تم عزله مؤقتًا من رئاسة الوزراء لصالح ألبريشت فون رون، لكنه عاد سريعًا بعد استقالة الأخير لأسباب صحية.

أحد أبرز أهداف بسمارك الداخلية كان تقليص نفوذ الكنيسة الكاثوليكية، خوفًا من تأثير الباباوات على الكاثوليك الألمان وإثارة الانقسام بين الكاثوليك والبروتستانت. أطلق حملة "الحرب الثقافية" التي شملت طرد اليسوعيين، تقليص سلطات الكنيسة، وفرض مراسم مدنية للزواج. ورغم ذلك، ازدادت قوة الحزب المركزي الكاثوليكي، مما دفع بسمارك إلى إنهاء الحملة عام 1878 بعد وفاة البابا بيوس وتولي البابا ليو الثالث عشر الأكثر واقعية.

في نفس الفترة، دخلت ألمانيا في أزمة اقتصادية عُرفت بالكساد الطويل بعد انهيار بورصة فيينا عام 1873، مما أثر على الاقتصاد الألماني. تخلى بسمارك عن التجارة الحرة وفرض تعريفات وقائية، مما أدى إلى تراجع تحالفه مع الأحرار الوطنيين واتجه نحو القوى المحافظة والكاثوليك.

سعى بسمارك إلى دمج الأقليات في الدولة الألمانية عبر سياسة "الألمنة"، خصوصًا تجاه الدنماركيين والفرنسيين والبولنديين. انتهج سياسة عدائية تجاه البولنديين، مما زاد التوتر القومي بينهم وبين الألمان، إذ اعتبر وجودهم تهديدًا للدولة الوليدة.

مع تصاعد شعبية الاشتراكيين، سن بسمارك قوانين مناهضة لهم عام 1878، فحظر تنظيماتهم واعتقل بعضهم، لكنهم استمروا في كسب التأييد الشعبي. لجأ بسمارك إلى تبني إصلاحات اجتماعية لكسب الطبقة العاملة، فأصدر قوانين التأمين الصحي عام 1883، والتأمين ضد الحوادث عام 1884، ومعاشات التقاعد والعجز عام 1889، إضافة إلى تنظيم عمل النساء والأطفال. ورغم هذه الإصلاحات، بقيت الطبقة العاملة غير راضية عن حكومته المحافظة.

السياسة الخارجية
كرس بسمارك جهوده السياسية للإبقاء على استقرار أوروبا السياسي، لضمان عدم تهديد بروسيا من أي قوة كانت. ولأنه أجبر على إبقاء روح التنافس والانتقام مع فرنسا منذ الحرب الأخيرة بينهما (الحرب الفرنسية البروسية)، فقد عمل على تنفيذ سياسة تهدف إلى عزل فرنسا سياسيا، بينما أبقى على العلاقات الودية بين بروسيا وبقية الدول والممالك الأوروبية. ولتجنب الدخول مع المملكة المتحدة في تنافس على السيطرة فقد تنازل عن الطموح نحو إمبراطورية استعمارية ورفض توسيع الأسطول والجيش الألماني. وفي سنة 1872 عرض الصداقة على الإمبراطورية النمساوية المجرية وكذلك على روسيا، اللتين انضم إمبراطوراهما إلى فيلهلم الثاني في تحالف عرف بتحالف الأباطرة الثلاث Dreikaiserbund. كما حافظ بسمارك على علاقات جيدة مع إيطاليا.

روسيا
لكن بعد انتصار روسيا على الإمبراطورية العثمانية في الحرب الروسية العثمانية (1877- 1878), قام بسمارك في الاشتراك في المفاوضات التي جرت في مؤتمر برلين عام 1878, وقد أثمرت المفاوضات عن معاهدة برلين التي قللت من المزايا التي اكتسبتها روسيا في جنوب شرق أوروبا. عارض بسمارك وزعماء أوروبيون آخرون نمو النفوذ الروسي، وحاولوا لذلك حماية الإمبراطورية العثمانية وإقامة علاقات أكثر ودا معها. ونتيجة لذلك فقد أصاب العلاقة بين روسيا وألمانيا شرخ كبير. وقد اتهم الأمير الروسي جورتشاكوف بسمارك بالتقليل من هيبة الأمة الروسية. وقد ازداد الشرخ بينهما اتساعا بسبب السياسات الوقائية الألمانية. وحين حلت حلف الأباطرة الثلاث، حاول بسمارك إنشاء تحالف ثنائي مع النمسا والمجر. وقد أصبح الحلف ثلاثيا بانضمام إيطاليا. وباءت كل محاولات الصلح بين ألمانيا وروسيا بالفشل.

الإستعمار
في بادئ الأمر كان بسمارك معارضا لفكرة التوسع الاستعماري، محتجا بفكرة أن تكاليف احتلال مستعمرة والدفاع عنها ستتجاوز فوائدها. غير أن الرأي العام في أواخر عقد السبعينيات من القرن التاسع عشر كان مع الحصول على مستعمرات وأراض جديدة. في الوقت الذي تسابقت فيه الدول الأوروبية في الحصول على مستعمرات جديدة (فيما عرف بفترة الإمبريالية الجديدة). وخلال أوائل الثمانينيات انضمت ألمانيا إلى الدول الأوروبية المتنافسة على الوجود الاستعماري في أفريقيا. وكانت من بين المستعمرات الألمانية في أفريقيا: توغولاند (وهي حاليا جزء غانا وتوغو)، والكاميرون وأفريقيا الشرقية الألمانية (حاليا رواندا وبوروندي وتنزانيا)، وجنوب غرب أفريقيا الألمانية (حاليا ناميبيا). وفي مؤتمر برلين (1884-1885) اتفقت الدول المؤتمرة على وضع عدة قواعد لتنظيم الاستعمار في أفريقيا، واتفق على أن تكون هناك منطقة تجارة حرة في أجزاء معينة من منطقة حوض الكونغو. كما حصلت ألمانيا على مستعمرات تطل على المحيط الهادئ، مثل غينيا الجديدة الألمانية.

تجنب الحرب
وخلال الأزمة البلغارية ألقى بسمارك خطابا في الرايخستاج حول أخطار حرب أوروبية. وحذر من أن احتمالية أن تحارب ألمانيا على جبهتين، وتحدث عن رغبته في السلام ثم عرض الأزمة في البلقان ووصف الحرب المحتملة بالعقيمة: بلغاريا، هذا البلد الصغير الواقع بين نهر الدانوب والبلقان، بعيد عن أن يكون ذا أهمية كافية...ولأي سبب يتم الزج بأوربا من موسكو حتى جبال البرانس ومن بحر الشمال حتى باليرمو في أتون حرب لا يعلم مداها أحد. وفي نهاية الصراع يجب علينا ان نعلم بصدق لماذا بدأنا القتال.

الاستقالة
في عام 1888 توفي الإمبراطور فيلهلم الأول، وخلفه ابنه فريدريش الثالث الذي حكم ثلاثة أشهر فقط بسبب إصابته بالسرطان، ثم تولى الحكم فيلهلم الثاني. كان الأخير معارضًا لسياسة بسمارك الحذرة، وسعى لتوسيع نفوذ ألمانيا عالميًا. بدأت الخلافات بينهما تتصاعد، خاصة بعد محاولة بسمارك تمديد قوانين مكافحة الاشتراكيين عام 1890، والتي أثارت جدلًا حول صلاحيات الشرطة في نفي الاشتراكيين. رفض الليبراليون هذا البند، بينما اشترط المحافظون تعديله، وهو ما رفضه بسمارك.

ازداد اهتمام فيلهلم بالقضايا الاجتماعية، خصوصًا بعد إضراب عمال المناجم عام 1889، وبدأ يتدخل في السياسات الحكومية، مما أثار غضب بسمارك. حاول الأخير إقناع الإمبراطور بعدم تعديل القانون، لكنه فشل، واندفع ليقترح تأجيج الصراع مع الاشتراكيين، وهو ما رفضه فيلهلم. لاحقًا، وافق بسمارك على بعض السياسات الاجتماعية واقترح تشكيل مجلس أوروبي للعمل، لكن التوتر بينهما استمر.

رفض بسمارك التوقيع على إعلان لحماية حقوق العمال، وعمل على تقويض المجلس الذي أنشأه فيلهلم. ثم حاول تشكيل تحالف برلماني جديد مع الحزب المركزي الكاثوليكي، مما أغضب الإمبراطور الذي اعتبر ذلك تجاوزًا لصلاحياته. أجبر فيلهلم بسمارك على تقديم استقالته عام 1890، بعد أن شعر بالإهانة من تجاهله.

غادر بسمارك الحياة السياسية بعد منحه لقب «دوق فون لاونبورج»، وقضى تقاعده في ضيعته في فارتسين. بعد وفاة زوجته عام 1894، انتقل إلى فريدريشسروهه، منتظرًا دون جدوى استدعاءه مجددًا. بدأ الألمان في تمجيده، وأُقيمت له النصب التذكارية، وسُميت المباني باسمه، ورُسمت صوره من قبل فنّانين بارزين.

النهاية
أنفق بسمارك سنواته الأخيرة في جمع مذكراته المعنونة «أفكار وذكريات». مات في 30 يوليو سنة 1898 عن عمر ناهز الثالثة والثمانين عاما في فريدريشسروهه، حيث دفن في ضريحه المسمى ضريح بسمارك. وقد نقش على شاهد قبره الرخامي «الخادم الألماني المخلص للقيصر فيلهلم الأول».






منقول



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: بسمارك
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مچتول بسمارك حسن الشيخ ناصر منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 4 09-27-2010 09:18 PM

الساعة الآن 02:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.