احصائيات

الردود
6

المشاهدات
1335
 
عبدالعزيز صلاح الظاهري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


عبدالعزيز صلاح الظاهري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
378

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Jun 2015

الاقامة

رقم العضوية
13953
10-10-2019, 10:24 PM
المشاركة 1
10-10-2019, 10:24 PM
المشاركة 1
افتراضي براهـــا
بينما كنت جالساً في المقهى انتظر صديقاً لي ، سمعت حوار رجلين تجاوزا الستين من العمر ، قال أحدهما للآخر : ها نحن الآن بمفردنا ، أين كنت كل هذه المدة ؟ أخبرني ؟
كنت في براها ..
براها أهي مدينة في السودان ؟
ضحك الرجل وقال : براها هي براغ عاصمة التشيك ، هكذا تكتب هناك
إذاً تقصد أن لمدنهم اسمين أحدهما بالعربي وآخر ...
فقاطعه الرجل قائلاً : لا أعلم لماذا قلت لك براها !! أعتقد أنها سببت لي الكثير من الإرباك ، خاصة عندما أقرأُ اللوحات الإرشادية هنالك ، على كل حال نحن نقول النمسا ، وفي النمسا يدعونها اوستريا ..
نظر إليه صديقه وقال : لا علينا ، لكن لماذا براغ بالذات ؟
فقال الرجل بعد تردد : في أحد الأيام وأنا أتصفح الحاسوب رأيت براغ ، أعجبتني البلدة القديمة ، وساحة وينسيلاس العامرة بالمقاهي ، فحزمت حقائبي واتجهت إليها ..
إنها مدة طويلة ، لا بد أنك تجولت ورأيت كل ركنٍ وزقاقٍ في جمهورية التشيك ؟
التفت إليه الرجل ، والذي كان مشغولاً ينفض يده محاولاً طرد البعوض ، وقال : لا ، لم أرَ سوى طريق المطار وساحة وينسيلاس ..
نظر إليه صديقه وقال متعجباً : شهرين قضيتهما في تلك الساحة ؟!
نعم ، ولو كان معي من المال ما يكفي لبقيت فيها أكثر ..
في نفس المكان ؟!
نعم ، في نفس المكان ..
ألم تشعر بالملل ..
هاه ... الملل تركته خلفي ، فأنا أجلس من الصباح حتى المساء في هدوء ، أُكَحِلُ عيني بوجوهٍ من ثقافاتٍ شتى تطوف حولي وأمامي كل دقيقة ، بل كل ثانية ، أشُمُّ عطراً ، أرى شكلاً ، أسمع صوتاً ، المناظر لا تتكرر أبداً ، إنها منطقة مفعمة بالحياة ، فنادق .. مطاعم .. محلات تجارية تحيط بي .. إنها مركزٌ للترفيه والحياة الليلية ولا مكان للملل فيها ..
نظر إليه صديقه ، وبعد تردد قال : يمكنك أن ترى وتشُمَّ وتسمعَ هنا ، فالميادين والساحات والأماكن المزدحمة كثيرة ..
نظر إليه الرجلُ وقال : لا ، في براها أقصد براغ ، الوضع مختلف ..
وواصل حديثه : أتعلمُ أنني في أحد الأيام وأنا أتسكعُ في ساحة وينسيلاس بين جمع من السواح ، دخلتُ أحد الأزقة ، كنت أتحرك مع الجموع ، وأنا أردد بيني وبين نفسي سر ، حيث يسير القوم كنت مُطأطِئاً رأسي ، بينما كان الجميع رافعي رؤوسهم يلتفتون يميناً وشمالاً يلتقطون الصور بكمراتهم وهواتفهم المحمولة ، يسرحون ويمرحون ..
بينما كنت مشغولاً ، لقد انصبَّ نظري إلى أرضية الساحة ، طرقاتها وأزقتها المؤدية إليها ، أنظر إلى الأحجار وأتساءل كيف رُصَّت و رُسِفَت وكيف ظلت متماسكة كل هذه السنيين ؟ كنت أفكر في أولئك القوم البارعون ..
على كل حال أخذني تيار السياح وحملني معه إلى أحد الحوانيت يبيع لوحات تشكيلية وتركوني هناك ، رفعت رأسي وإذا أنا أمام ملاك لم تتجاوز العشرين عاماً ، تلاقت نظراتنا ، شيءٌ ما شدني إليها ، وكذلك فعل ذلك الشيء معها ..
بالطبع كان شيئاً بريئاً ، نعم شيءٌ بريءٌ ، لقد سقطت أنياب ذلك الذئب ، ونزعتْ بعنفٍ السُنُونُ مخالبه ، نعم استطعتُ بخبرتي تجميع الكلمات من هنا وهناك ، كان لدي الكثير لأقوله ، ولكن كنت في قرارة نفسي أعلم أن ليس لدي حتى القليل لأفعله ..
عندها افتكرت كلمة براها ، ولا أقصد هنا براغ ، بل براها الخاصة بالشعب السوداني ، الذي اتسم بالطيبة والحكمة ، والتي تعني "لوحدها"" فقلت : براها ، وعدتُ أدراجي إلى المقهى ..
نظر اليه صديقه بطرف عينه وقال بغضب لقد تجاوزت الستون من عمرك ولم تتوقف عن الكذب ..... اخبرني بصدق اين كنت ومع من ؟!
عندها جاء صديقي وحرمني الاستماع لبقية الحوار


قديم 10-11-2019, 04:25 PM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: براهـــا
بينما كنت جالساً في المقهى انتظر صديقاً لي ، سمعت حوار رجلين تجاوزا الستين من العمر ، قال أحدهما للآخر : ها نحن الآن بمفردنا ، أين كنت كل هذه المدة ؟ أخبرني ؟
كنت في براها ..
براها أهي مدينة في السودان ؟
ضحك الرجل وقال : براها هي براغ عاصمة التشيك ، هكذا تكتب هناك
إذاً تقصد أن لمدنهم اسمين أحدهما بالعربي وآخر ...
فقاطعه الرجل قائلاً : لا أعلم لماذا قلت لك براها !! أعتقد أنها سببت لي الكثير من الإرباك ، خاصة عندما أقرأُ اللوحات الإرشادية هنالك ، على كل حال نحن نقول النمسا ، وفي النمسا يدعونها اوستريا ..
نظر إليه صديقه وقال : لا علينا ، لكن لماذا براغ بالذات ؟
فقال الرجل بعد تردد : في أحد الأيام وأنا أتصفح الحاسوب رأيت براغ ، أعجبتني البلدة القديمة ، وساحة وينسيلاس العامرة بالمقاهي ، فحزمت حقائبي واتجهت إليها ..
إنها مدة طويلة ، لا بد أنك تجولت ورأيت كل ركنٍ وزقاقٍ في جمهورية التشيك ؟
التفت إليه الرجل ، والذي كان مشغولاً ينفض يده محاولاً طرد البعوض ، وقال : لا ، لم أرَ سوى طريق المطار وساحة وينسيلاس ..
نظر إليه صديقه وقال متعجباً : شهرين قضيتهما في تلك الساحة ؟!
نعم ، ولو كان معي من المال ما يكفي لبقيت فيها أكثر ..
في نفس المكان ؟!
نعم ، في نفس المكان ..
ألم تشعر بالملل ..
هاه ... الملل تركته خلفي ، فأنا أجلس من الصباح حتى المساء في هدوء ، أُكَحِلُ عيني بوجوهٍ من ثقافاتٍ شتى تطوف حولي وأمامي كل دقيقة ، بل كل ثانية ، أشُمُّ عطراً ، أرى شكلاً ، أسمع صوتاً ، المناظر لا تتكرر أبداً ، إنها منطقة مفعمة بالحياة ، فنادق .. مطاعم .. محلات تجارية تحيط بي .. إنها مركزٌ للترفيه والحياة الليلية ولا مكان للملل فيها ..
نظر إليه صديقه ، وبعد تردد قال : يمكنك أن ترى وتشُمَّ وتسمعَ هنا ، فالميادين والساحات والأماكن المزدحمة كثيرة ..
نظر إليه الرجلُ وقال : لا ، في براها أقصد براغ ، الوضع مختلف ..
وواصل حديثه : أتعلمُ أنني في أحد الأيام وأنا أتسكعُ في ساحة وينسيلاس بين جمع من السواح ، دخلتُ أحد الأزقة ، كنت أتحرك مع الجموع ، وأنا أردد بيني وبين نفسي سر ، حيث يسير القوم كنت مُطأطِئاً رأسي ، بينما كان الجميع رافعي رؤوسهم يلتفتون يميناً وشمالاً يلتقطون الصور بكمراتهم وهواتفهم المحمولة ، يسرحون ويمرحون ..
بينما كنت مشغولاً ، لقد انصبَّ نظري إلى أرضية الساحة ، طرقاتها وأزقتها المؤدية إليها ، أنظر إلى الأحجار وأتساءل كيف رُصَّت و رُصفَت وكيف ظلت متماسكة كل هذه السنيين ؟ كنت أفكر في أولئك القوم البارعين ..
على كل حال أخذني تيار السياح وحملني معه إلى أحد الحوانيت يبيع لوحات تشكيلية وتركوني هناك ، رفعت رأسي وإذا أنا أمام ملاك لم تتجاوز العشرين عاماً ، تلاقت نظراتنا ، شيءٌ ما شدني إليها ، وكذلك فعل ذلك الشيء معها ..
بالطبع كان شيئاً بريئاً ، نعم شيءٌ بريءٌ ، لقد سقطت أنياب ذلك الذئب ، ونزعتْ بعنفٍ السُنُونُ-مخالبه ، نعم استطعتُ بخبرتي تجميع الكلمات من هنا وهناك ، كان لدي الكثير لأقوله ، ولكن كنت في قرارة نفسي أعلم أن ليس لدي حتى القليل لأفعله ..
عندها افتكرت كلمة براها ، ولا أقصد هنا براغ ، بل براها الخاصة بالشعب السوداني ، الذي اتسم بالطيبة والحكمة ، والتي تعني "لوحدها"" فقلت : براها ، وعدتُ أدراجي إلى المقهى ..
نظر اليه صديقه بطرف عينه وقال بغضب لقد تجاوزت الستين من عمرك ولم تتوقف عن الكذب ..... اخبرني بصدق اين كنت ومع من ؟!
عندها جاء صديقي وحرمني الاستماع لبقية الحوار
أخي عبد العزيز
بعد السلام عليك ..
كأن بطل القصة المسافر يبحث عن الهدوء ليس فقط في الأماكن التي زارها بل في التجوال في ذاكرته
لولا ذاك الصديق المزعج الذي قطع عليك الطريق وحرمك من الاستمتاع بذكرياته ..
القصة جميلة .. ولكن هناك بعض الملاحظات اللغوية أرجو أن تتقبلني
وقد أشرت اليها بلون مختلف في الاقتباس
ثم لا أعرف ما قصدك ب ( السنونُ )
اهلا بك في منابر وحياك الله
تحية ... ناريمان

قديم 10-11-2019, 07:08 PM
المشاركة 3
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: براهـــا
استغرقت في القصة لدرجة أنني تخيلت نفسي في يراها
عشنا الذكريات بكل تفاصيلها .. مشكور سيدي عبد العزيز على القصة الماتعة يعطيك الف عافية

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 10-11-2019, 11:02 PM
المشاركة 4
عبدالعزيز صلاح الظاهري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: براهـــا
الاستاذة والاخت الفاضلة ناريمان
نقدك متكامل زار كل الاركان
وبالنسبة لسنون قصدت بها السنيين ، لا اعلم لماذا استخدمت هذه المفردة رغم اني كنت اشعر انها لم تكن مناسبه
شكرا استاذتي على هذا النقد الايجابي وفقك الله ورعاك

قديم 10-11-2019, 11:16 PM
المشاركة 5
عبدالعزيز صلاح الظاهري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: براهـــا
استاذي تركي خلف
قطرات المطر تحي الارض ،مثلها كلمات المميزين تفرح وتشجع امثالنا لزيارة منابع الخيال
شكرا اخي العزيز وفقك الله ورعاك

قديم 10-12-2019, 09:33 AM
المشاركة 6
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: براهـــا
الاستاذة والاخت الفاضلة ناريمان
نقدك متكامل زار كل الاركان
وبالنسبة لسنون قصدت بها السنيين ، لا اعلم لماذا استخدمت هذه المفردة رغم اني كنت اشعر انها لم تكن مناسبه
شكرا استاذتي على هذا النقد الايجابي وفقك الله ورعاك
أشكرك على سعة صدرك
بارك الله فيك
وبانتظار مزيدك
تحية

قديم 10-13-2019, 10:22 PM
المشاركة 7
إيمان البلوي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: براهـــا
الأستاذ الراقي عبد العزيز الظاهري
قصة جميلة سيدي تسلسلت بنا إلى أجواء الخيال والذكريات
بورك القلم .. ولك مني أجمل تحية


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:49 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.