تَجري كأن شيئاً لم يكن , وتَجري !
وأنا الواقفُ في العتمةِ مجذوذ النَوى وأتتّبعُ مندلياً
زيفَ الإحتمالات مُذ أن كانَت ظنوناً , وأرجو وكل الذي
رجوتَ لم يأتِ وكل الذي وددتَ كانَ نائماً في حظيرتهِ
ولم يستيقظ بَعد , ها هي تختفي بينَ الحشودِ تهرولُ على
إتجاهِ اللا إتجاهِ , وتجري .
الساعةُ الرابعةُ كانَت يتيمةً في الشتاء , كانَت أحوجُ إلى
بركانٍ ضخمٍ لتدفأ , ترتعشُ كما لو أنها ابنةُ الزجاجة المُعتّقة
أسفلَ مني , رائحةُ المَكانِ لا تعجُ بشئٍ يثير الإنتباه سوى رائحةُ
الإيثانول المُتصابي , تهمسُ الساعةُ على طأطأةٍ : لكَ أن تشربهُ نهماً
فترقُد أو أن تدعهُ محبوساً بخمرتهِ فتسهُد , يا لمسكنةِ هذا المساء ! ,
مسكينٌ جداً إلى الحدِ الذي يشبهُكِ حينما تتهادينَ على وجهتكِ القصوى
معتقدةٌ أنكِ راحله !
استيقظي لوهلةٍ وأزيحي ليلكِ الضائعُ في وسادتَكِ فكلُ الخطواتُ إلى
الموتِ تأتي أحاديةٌ وأنا ضعيفٌ جداً كي أموتَ وحدي , أذكرُ أنني
كنتُ يوماً فتياً بلا تفكير , فقد يكونُ جنوناً أن أصنعكِ حياةً إفتراضيةً على
حياتي القصيرةُ جداً , ولكنه كان لذيذاً بصورةٍ كافيةٍ كي أبدأ التَجرُبَه ,
كانت مكثفةً بالغدِ حتى أصبحَ يوميَ الحيُّ ماضياً مُستبقاً , أعتقدُ أنها كانَت تليقُ
إلى حدٍ ما برجلٍ استثنائيٍ مثلي !
لكَم قلتُ أنني لا أنتمي لهذهِ الأرض بصلة , ولكَم تراءَت لي صورتي في مرايا
الماء نرسيساً آخراً ولِدَ كي يجدّدَ الأسطورة , ولِدتُ بلا أنثى قدريةٌ أو حتى
سمكةُ حظ , فسألتُ يوماً حُلماً خيالياً ألتقي فيه بطيفٍ يُبدّدُ ما يساورَني ,
وفي الحقيقةِ فتاةُ حُلمي التي قضيتُ مَعها عمراً طويلاً طويلاً حتى الصَباح ,
استيقظتُ بَعدَها فلمحتها تَجري !