معونة شعرية - منتديات منابر ثقافية

ريم بدر الدين is on a distinguished road



المشاركات
4,272



+التقييم
0.64



تاريخ التسجيل
Jan 2007



الاقامة



رقم العضوية
2765

10-08-2014, 11:13 PM

المشاركة 1

10-08-2014, 11:13 PM

المشاركة 1

معونة شعرية

معونة شعرية

ريم بدر الدين بزال
قصة فصيرة
خرجوا جميعا في مد هائل و تدافعوا و صرخوا في وجوه بعضهم البعض ..
لم تعد هناك فرجة واحدة تتنفس منها سوى رائحة الأجساد المتعرقة و الأرواح المحترقة .. كانوا يمدون أيد استبدت بها سنوات عجاف، و في أجسادهم الضامرة التي لم تعرف الاستحمام منذ وقت طويل تستقر علامات المحنة الكبيرة التي أحاطت بهم
في مرمى النظر رأيت أما تحمل رضيعها و تحاول ان تلقمه ثديا نضبت عروقه و شاخ قبل الأوان
و راودني سؤال خبيث عن المحنة التي لا تمر بالشهوات الإنسانية و الغريزة .. بل على العكس كأنها تؤججها و تزيدها ضراما .. كم المواليد الجدد هو من أثار السؤال
لكزني في يدي اليسرى رجل ستيني هرم و كسا الشيب كامل رأسه و تفوح منه رائحة العرق و الدخان و روائح أخرى لم أعد أدركها و لا تستطيع مستقبلاتي الحسية ان تحللها الى درجاتها الأولية .. لكنها غمرتني بشعور التقزز و الغثيان و الرغبة في حمام دافئ و صابون معطر
استغربت من عجوز أكل الزمان على جسدها و شرب و قصف و استرخى و تهدل حتى لم يعد فيها ما يميزها عن الهياكل العظمية سوى ان عينيها تتحركان بلامبالاة تامة و كأنها لعبة مرعبة في بيت مسكون بالأشباح
اقتربت منها لأعرف لم لا تزاحم هؤلاء الناس في تكتلهم البشري الهادر .. كنت أتوقع منها جوابا من قبيل : لم يعد في العمر أكثر مما مضى .. لا شيء يستحق العناء... أو أنها فقدت أعزاء و أبناء و لم تعد تعنيها الحياة بعدهم
لكنها قالت : ابن جارتي هو من يوزع المعونات وقد طلب مني الجلوس جانبا لأن نصيبي سيأتيني
و خلت أنها ستكتفي بالجواب و هذا ما كنت أفضله فقد كنت أشعر بالمهنة و المذلة لوجودي بين هؤلاء الذين ابتسروا كل حياتهم في كبسولة معونات ضئيلة لكنها بدأت تثرثر حول ضآلة المعونة و التهجير القسري و العيد الذي لم يعد يزرهم .. كانت آلامها عميقة لكن الطريقة التي اشتكت بها لم تسمح لي بالتعاطف معها . ربما لأني علمت منها مسبقا أنها لم تراع من هم في مثل محنتها فقريبها يؤمن لها المعونات من تحت الطاولة.. لم أسمع كل ما تقول هذه العجوز و لو حاولت أن أسمع فالضوضاء و الزحام و الحر لم يكون ليسمحا لي
سألت نفسي : هل هؤلاء جميعا عاجزون عن العمل و فاقدو الحيلة ؟
فاجأني صوت خارج عني نبهني الى ان سؤالي كان بصوت مسموع للآخرين يقول لي : لا تتكبري.
كانت امرأة في العقد الثالث من عمرها و تمسك بيديها أطفالا دون العاشرة و تحمل على بطنها طفلا قد ربطته بصرة قماشية مرقعة
لم أملك الجرأة للرد عليها فقد لمحت في عينيها توثب لبؤة شرسة تشتهي العراك ووجدت في سؤالي ذريعة .
انزويت جانبا و كانت الشمس حارقة .. بحثت عن مكان ظليل آوي إليه ريثما يفتحون الباب .. كان هناك دكة حجرية واطئة تراص عليها المنتظرون جنبا إلى جنب و لكنني أبصرت مكان فارغا يتسع لي لو عصرت نفسي .. سارعت إلى الجلوس فيه غير أن الرائحة الواخزة الآتية من الحمامات التي تقع وراء الجدار كانت كفيلة بطردي من المكان لأعود إلى حر الشمس و التعرق بغزارة.
مكان غريب هذا .. و أنا أحس بأنني غريبة و منبوذة .. لكن يبدو أن لا مناص من هذه المتاهة التي علقت بها
فجأة فتح الباب الكبير و علا هدير المنتظرين و تدافعوا و كل منهم يصرخ بأعلى صوته : أنا احتاج المعونة أكثر من غيري
كاد الموظف الذي فتح الباب أن يبصق عليهم و هو يلوي شفتيه قرفا
وقعت عيناه علي باستغراب و سألني : ما الذي تفعلينه هنا ؟
-انتظر مع هؤلاء الناس ما ينتظرون مع أني لا أعرف على وجه التحديد ماذا ينتظرون
- هم لا يعون و لا يقدرون .. يعتقدون أنها إرسالية معونات و يتدافعون لكي يشتروا المنح و يبيعوها في السوق الحرة ..
-و الحقيقة؟
- هذه مسابقة شعرية و ستجرى اليوم المقابلات الشخصية للمتقدمين
- لو كنت أعرف من قبل لجهزت نصا أشارك به
التفتت إلى الجمع الكبير و قلت بأعلى صوتي :
إخوتي هذه ليست إرسالية معونات..يوجد مسابقة أدبية فلينصرف من ليس له عمل هنا ..
انسحب الجميع و هم يسوقون الشتائم الشنيعة للفن و الأدب و الشعر و هذه الحياة الفاسدة
لم يتبق لدى لجنة التحكيم سوى متسابق واحد كان يرتدي بدلة رسمية وربطة عنق و بطن منتفخ ووجه أحمر أعلنته اللجنة فائزا
تبين لي فيما بعد أنه لم يشارك غيره في المسابقة
عدت إلى الخارج لأجد العجوز تحصي محتويات حقيبة المعونات و هي تبتسم!!!

10-09-2014, 02:42 AM

المشاركة 2

زياد القنطار

من آل منابر ثقافية



لاتكاد تلامس أولى حروف النص ,حتى يأخذك هذا القلم ــ برشاقته وعبقه المعمدان بأريج ياسمين دمشقي يستنفر له أنف الذائقة ــ إلى صميم الحدث الذي تصبح ملزماً أن تكون أحد شخوصه وتنغمس في تفاصيله , هي العين القانصة التي لا تفلت منها الصورة مستسلمة لحرف يجيد باقتدار رسم تفاصيلها . لطالما استوقفني هذا المشهد أمام مراكز الإغاثة ,لكن مع هذا الحرف أصبحت الصورة أوضح وهدأ روع الأسئلة ...
الأستاذه ريم بدر الدين ...لك من التقدير جمال حرفك وسموه ...

هبْني نقداً أهبك حرفاً

10-09-2014, 02:57 AM

المشاركة 3

ياسر علي

من آل منابر ثقافية

مجموع الاوسمة: 3



الأستاذة ريم بدر الدين

نص يحتج على تلقين التواكلية و تعليم التسول المقنع ، كراهية العمل مع كراهية الإبداع ، الأولى أحضرت جما غفيرا من الانتهازيين و الثانية فرقت جمعهم ، ليستفيد من يتكئ على الزبونية والمحسوبية من المعونة والجائزة .

نص مميز دام الإبداع .

10-13-2014, 07:56 PM

المشاركة 4

ريم بدر الدين

عضو مجلس الإدارة سابقا

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد القنطار



ا. زياد القنطار
مساء الورد
مما يسعدني حقا ان يجد نصي هذا الصدى لدى ذائقتك العالية و قراءتك التي اعرف عمقها
اشكرك جدا
تحيتي

10-13-2014, 08:01 PM

المشاركة 5

ريم بدر الدين

عضو مجلس الإدارة سابقا

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي



الأستاذة ريم بدر الدين

نص يحتج على تلقين التواكلية و تعليم التسول المقنع ، كراهية العمل مع كراهية الإبداع ، الأولى أحضرت جما غفيرا من الانتهازيين و الثانية فرقت جمعهم ، ليستفيد من يتكئ على الزبونية وم
المحسوبية من المعونة والجائزة .

نص مميز دام الإبداع .

ا. ياسر علي
مساء الورد
في زمن الحروب و الازمات تخرج للضوء جنميع نقائصنا الانسانية ويمكننا ان نغلفها بقناع من الحاجة و روابط من الشفقة بسهولة و يسر
ليس كل من اجتمع وعند مراكز المعونات بحاجة حقا و ربما لو تراصو بنظام و ترتيب لاستطاعوا ان يحافظوا على منسوب التعاطف معهم
اشكرك للقراءة الجميلة
تحيتي لك

10-13-2014, 11:30 PM

المشاركة 6

ايوب صابر

مراقب عام سابقا

مجموع الاوسمة: 4



نص جميل ومحبوك بصورة رائعة ومتينة حيث تمكنت الاستاذة ريم من حشد عدد كبير من عناصر التاثير .

مثلا في البداية نجد ما يوحي بالحركة والصراع وهي عناصر في غاية الأهمية لنجاح اي نص سردي وتمنحه الحياة :
اقتباس " خرجوا جميعا في مد هائل و تدافعوا و صرخوا في وجوه بعضهم البعض "

ثم نجد حشد من الكلمات التي تستنفر الحواس من روائح ولمس الخ
اقتباس " رائحة العرق و الدخان و روائح أخرى لم أعد أدركها و لا تستطيع مستقبلاتي الحسية ان تحللها الى درجاتها " ، "و لكنني أبصرت " ، " مكان غريب هذا .. و أنا أحس بأنني غريبة و منبوذة .. لكن يبدو أن لا مناص من هذه المتاهة التي علقت بها" ، " وقعت عيناه علي"

طبعا استخدام ضمير المتكلم اي الراوي العليم ساهم في زيادة حدة التشويق وكذلك الحوار في نهاية النص منحت النص مزيد من المصداقية .

نص ناجح لكنني كنت افضل لو ان العنوان لم يحتوي على كلمة شعرية بهدف تضخيم لحظة الانقلاب وجعل النهاية صادمة حينما ينكشف طبيعة المعونة . كذلك اعتقد انه لا حاجة لهذا السطر قبل الاخير :
اقتباس " تبين لي فيما بعد أنه لم يشارك غيره في المسابقة" . ما دمنا نعرف انه "لم يتبق لدى لجنة التحكيم سوى متسابق واحد كان يرتدي بدلة رسمية وربطة عنق و بطن منتفخ ووجه أحمر أعلنته اللجنة فائزا".

طبعا غادرت النص وانا محتار في طبيعة الاشياء التي كانت تحصيها العجوز في حقيبة المعونات واتصور ان ذلك ساهم في زيادة حدة التشويق.

10-17-2014, 02:53 PM

المشاركة 7

محمد الشرادي

من آل منابر ثقافية



أهلا أختي
أهلا اختي ر يم نص مائز و ماتع فكرته الطريفة و طريقة بنائه جعلت في الكثير من المن المنعطفات المفاجئة.و خاصة نهايته الملتبسة.
أضم صوتي إلى صوت الأخ أيوب فيما يخص عتبة العنوان، و هي حذف كلمة شعرية لتزداد القفلة قوة.
تحياتي

10-17-2014, 03:13 PM

المشاركة 8

جليلة ماجد

كاتبة وأديبـة إماراتيـة

مجموع الاوسمة: 3



كُلّ يُغني على جَرْحِهِ يا ريم ...

فذوي البطون المنتفخة ... لم يتركوا للعِجاف سوى الألم ...

جميلة برمزكِ الراقي ...

دُمتِ بهكذا جمال ...

عند المطر ..تعلم أن ترفع رأسك ..

10-22-2014, 06:59 AM

المشاركة 9

ريم بدر الدين

عضو مجلس الإدارة سابقا

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر



نص جميل ومحبوك بصورة رائعة ومتينة حيث تمكنت الاستاذة ريم من حشد عدد كبير من عناصر التاثير .

صباح الورد
ا. ايوب صابر تسعدني جدا هذه القراءة الفاحصة
اشكرك جدا
تحيتي لك

10-22-2014, 07:05 AM

المشاركة 10

ريم بدر الدين

عضو مجلس الإدارة سابقا

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الشرادي



صباح الورد

ا. محمد الشرادي
كانا نهاية النص ملتبسة لان ماىنعيشه لن يتضح ابدا و لن نعرف طرف الحقيقة
اشكرك لهذا الحضور الجميل
و بشان العنوان ساعمل على تغييره لكنه سيبقى على محركات البحث مرفقا بكلمة شعرية فقد نشرته مجلات الكترونية (معونة شعرية)
تحيتي لك دوما