هاهو المطر المتوحش يتدفق  
 
يفترسني في منفى عينيك !
 
 
يملؤني حباً ويعصرني بين يديك !
 
 
يجلدني .. يسحرني..
 
 
يناديني , فأهرب منه إليك !!
 
 
يغسل الحزن عن وجه المدينة والزمن
 
 
يقذف بأيامي فوق حربة أفريقية
 
 
مغروسة على حافة قلبي !
 
 
ينزلق الآن فوق جدار الماضي
 
 
وأنا أبدأ رحلة اغترابي فيك
 
 
* * *
 
 
هاهو المطر المتوحش يتدفق
 
 
والبرق صرخةٌ من زئبق
 
 
والصمت يملأ ذاكرتي
 
 
يحدّق في رعشة قلبي !
 
 
فتركض ملامحك فوق أيامي
 
 
كفراشة بيضاء مصباحها الشمس !
 
 
كلؤلؤةٍ تذوب خلف الشمعدان
 
 
* * *
 
 
مرير ٌهذا الإحساس , أحبك وأفتقدك !
 
 
وحين أسمع صوتك تدور الكواكب فوق أصبعي
 
 
ويتناسل شوقي إليك ويتكاثر
 
 
وأنزع عن روحي ضباب الغابات
 
 
وتزرعين وروداً ربيعية على حافة جُرحي
 
 
هل رأيتِ البحرَ لؤلؤيّاً زئبقي اللون تحت شعاع ٍ من شمس الشتاء؟
 
 
هل سمعتِ همسات الليل الدافئة فوق أضواء المدن الخرافية ؟
 
 
هل سمعت ِ أصوات الوحشة لصبية بسطاء وهم يتقلّبون
 
 
ليلاً
 
 
تحت أغطيتهم الباردة؟
 
 
هكذا صوتُكِ حين يهمس: مذهل ٌ , مشاكس ٌ , مسحور !
 
 
* * *
 
 
آه لو تدرين كم أحبك !
 
 
لصارت أصابعك البحر
 
 
وشفتاك الابتسامة
 
 
وعيناك الفجر
 
 
لاشيء أحلى من لحظات حبك ودفئك
 
 
سوى لحظات نزقك!
 
 
شفافة حتى العذوبة
 
 
رقيقة حتى الطفولة
 
 
ومعك وحدك يصير حتى القتل مرادفاً للحب !
 
 
الآن أحمل الليل على كتفي
 
 
وأنتِ تحت جلدي !
 
 
أفتش عن جزيرة تحوي قلبين من قارتين !
 
 
حيث النوارس البيض تطارد أشجار الحنان
 
 
والدفء المتوحش يلتهم الشطآن !
 
 
أبحث عن وطنٍ لم يخلق بعد
 
 
تقطنه الأحلام المتفجرة جنوناً كالينابيع
 
 
أمسك بذراع همساتك فنصير كائنين من ضوء وحب
 
 
ننتشر كسحابة
 
 
دون أن نترك بصمةً أو جُرحاً أو وردةً !
 
 
والرمل الأزرق يغفو تحت الماء
 
 
والسماء صفحة بيضاء كالورقة !
 
 
نقضي ليالينا
 
 
في رسم كواكبها وسُحُبِها بأيدينا !
 
 
ونجوم البحر أضواء كوخنا
 
 
* * *
 
 
 
ومرّت أيام ..
 
 
والصمت يلوّح بشارات النصر !
 
 
لكنّ حبك يلتهمني دونما رحمة
 
 
يثير أعماقي..
 
 
فيصرخ المطر المتوحش !
 
 
لا تخلعي قلبي , فأنا جسدكِ !
 
 
لا تضرمي النار في مُدني فأنا وطنكِ !
 
 
أركضُ في يأسي
 
 
وأشهقُ بصمت الحجارة !
 
 
الآن سأُسْقِطُ الليل
 
 
وسأحملُ الحبَ على كتفي
 
 
وأتشرّدُ بين قارتين !
 
 
أركضُ في العاصفة
 
 
أفتشُ عن صوتك ..
 
 
* * *
 
 
وفي القارة السمراء
 
 
حيث الطرف الآخر من الليل
 
 
أقف لأمسك برائحة جسدك , أتسلّق همسكِ
 
 
ألمح معطفك الأسود ونظارتك السوداء
 
 
وأنا رجل في نصف إغماءة ..
 
 
أبحث عن كوكب خرج عن مداره
 
 
عن جزيرة الكوخ الأزرق !
 
 
عن جُرح كنصل البرق الشاسع
 
 
أركض فوق قرص الشمس
 
 
أنتعل جبلين من جليد !
 
 
أبحث عن صوتك
 
 
عن غربتك !
 
 
أحاول عبثاً أن أمزق
 
 
خارطة القارتين !
 
 
فألصق الجزيرة بالدار البيضاء !!
 
 
فأغرس حضورك في شراييني
 
 
لينطلق صوتي في الشوارع
 
 
يمزّق قناع صمتك المهذّب !
 
 
ومن الرماد ألملم روحي
 
 
وأشعل آخر عود ثقاب في العالم
 
 
لأحرق الحب !
 
 
لأنك أحرقتي روحي !
 
 
ولكنَّ همسكِ يعودُ من تحت جثة الليل
 
 
كن صديقي أو أخي !!
 
 
وتصمتين ..
 
 
وتسقط أشجار الحنان فوق حزني !
 
 
* * *
 
 
يا طفلة َ النهر والريح
 
 
إن تركتِ قلبي في العراء
 
 
فسألصق جُرحي بكل جُرح ألقاه !
 
 
وأطارد المطر الشرس
 
 
لأعلّق تحته صورتك المغسولة بدمي !
 
 
فأنا أنتظرك لأحلم ..
 
 
أنتظر الحب
 
 
لا أنت ِ وحدك ِ ..
 
 
فأنا أريد الحب معك ِ بكل نبضه ونزقه
 
 
فما زلتُ أراك ِ امرأةً قادمة ًمن عصور الوفاء المنقرضة
 
 
* * *
 
 
أنتظركِ هنا تحت المطر المتوحش
 
 
لأستحضر أيامي معكِ بكثافتها
 
 
وأستحضر ذلك الحب الأرعن
 
 
الذي غزاني كالزلزال واستسلمت له !
 
 
* * *
 
 
آهٍ أيتها الشقية ..
 
 
ما زلتِ تسرقين من عروقي الرعشات كلها
 
 
التي يمكن أن تنتابني لو سمعتُ صوتك!
 
 
تتعثر بك أنفاسي
 
 
وتتحسسك شراييني !
 
 
أنقلك من جسدي إلى يدي !
 
 
ومن شرفة الذاكرة
 
 
إلى زفير قلبي !
 
 
إلى كوابيسي
 
 
وأنت ما زلت ِ ترددين: كن صديقي أو أخي !!
 
 
فتقتلين حبي , دون أن يحتضر !
 
 
وتُلْقين باليأس فوق مُدني !
 
 
وتمدّين السَأم المحشو بالفراق
 
 
فوق جسد أيامي !
 
 
وتمسكين بأحلامي المغسولة بالمطر المتوحش
 
 
وتغرسينها في خاصرة النسيان !
 
 
فأختنق وأموت تحت المطر !!
 
 
 
محمد الشهري