احصائيات

الردود
0

المشاهدات
11
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
1,834

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
يوم أمس, 08:50 PM
المشاركة 1
يوم أمس, 08:50 PM
المشاركة 1
افتراضي *معاملة ضائعة* *مسرحية عبثية*

اسم المسرحية: *معاملة ضائعة*
نوع المسرحية: *مسرحية عبثية*

نجد هنا مسرحية على طراز كوميديا "الفارص"، وهي كوميديا عبثية، تدور الأحداث في مكتب حكومي، والذي يمثل أحد الأماكن المعتاد فيها أن تفيض بالبيروقراطية والعبث في الوعي الجمعي.
عدد المشاهد: 4 مشاهد قصيرة
المكان: مكتب حكومي/مؤسسة عامة خيالية، مروحة السقف تدور ببطء وتصدر صوتاً مزعجاً.
الشخصيات:
*الحاج صابر: رجل بسيط في الستين، عنيد، طيب القلب، ساذج بعض الشيء.
*ساهر الموظف: موظف روتيني نموذجي، متبلد الإحساس، يتظاهر بالجدية.
*أبو فهمي المدير: مدير متغطرس، لا يفهم شيئًا، لكنه يدّعي الخبرة، لا أحد يعرف ماهية مهامه بالضبط.
*الروبوت زكور: مساعد ذكي، لكن تصرفاته تبين أنه مبرمج ليكون تافهاً وعبثياً.
*الضابط صخر: مسؤول في لجنة عليا بيروقراطية، رسمي جامد ويبالغ في التدقيق.
*الست حكمت: أرشيفية عجوز، غامضة بطريقة كلامها.
*لجنة الخبراء: (فيلسوف وطبيب وشيخ) – هم رموز السلطة الشكلية.
*الراوي: صوت خارجي.

*المشــــــهد الأول*
*التوقيع الأوتوماتيكي*

(الحاج صابر واقف ينتظر منذ ساعة، والموظف ساهر يقبع، بدون تعابير، خلف طاولة مليئة بالأوراق القديمة، وجهاز كمبيوتر يظهر أنه لا يعمل بشكل صحيح).
**الحاج صابر: صباح الخير يا ولدي، بس توقيع بسيط على عقد إيجار.
**الموظف ساهر يرفع رأسه وينظر ثم يقوم بتضبيط جلسته، وكأنه لم يرَ ولم يسمع شيئاَ.
**الحاج صابر (بتأفف واضح): يا ابني، أريد فقط توقيع ورقة وحدة، لا تحتاج أكثر من دقيقة!
**ساهر (يرفع رأسه ببطء): دقيقة . .دقيقة؟ حضرتك داخل على نظام إلكتروني متطور جداً، وهو الذي يقدر الزمن اللازم، والنظام أيضاً يحتاج منك ثلاث نسخ من الهوية، وصورتين شمسية بخلفية صفراء، وشهادة موافقة من هيئة الطيران!
**الحاج صابر: طيران؟! هيئة الطيران! أنا أريد تصديق عقد إيجار بيت! لماذا الطيران! أنا لن أطير إلى أي مكان !.
ساهر: ما ينفع يا حاج، لازم نسخة من هوّيتك، وتقرير من هيئة الطيران، بيتك فيه نوافذ، مو هيك؟ لازم إذن تحليق.
الحاج صابر: هيئة!! طيران؟! أنا أتكلم عن توقيع عقد إيجار فقط.
**ساهر: آه . . عقد إيجار؟ إذًا تحتاج توقيع واحد من قسم الثروة السمكية.
**الحاج صابر: ليش؟ بيتي حوض سمك مثلاً؟! أنا بيتي أصلاً بعيد عن البحر!.
**ساهر (ببرود): النظام هو الذي يقول يا حاج، أنا لا يمكنني كسر النظام.
(يربت على طرف الكيبورد وهو لا يلمس المفاتيح أصلًا).
(يدخل المدير أبو فهمي ، يلبس بدلة غير متناسقة في ألوانها، البنطال غير مناسب، وقصير من أسفل، ولا يتوافق في لونه مع الجاكيت العلوي، وينتعل حذاء أبيض بشع وكعبه مرتفع، ويمضغ لباناً بصوت عالٍ).
**أبو فهمي: خير؟ ليش الصوت عالي؟
**الحاج صابر: أنا هنا منذ الصباح ومعاملتي ما خلصت !.
**أبو فهمي (ينظر للموظف): هل سلمته الورقة الزرقا؟
**ساهر (يرتبك ويتكلم بصوت منخفض): فضحتنا يا مدير، أي ورقة زرقا؟ هذه كانت في النظام القديم، إحنا صرنا على النظام الأخضر من سنتين!
** أبو فهمي (بجدية): والله؟؟ طيب، إذا ما لقيتوا ورقة خضرا اعملوله ورقة صفرا، بيمشي الحال !.
**الحاج صابر: بالله عليكم، خلوني أوقع وأمشي!.
**ساهر: مستحيل بدون ختم الدائرة المركزية للدوائر اللامركزية الفرعية.
**الحاج صابر (ينهار جالساً): يا رب، خلّي المعاملة تنتهي، بقدرتك الإلهية يا رب.
(تتوقف مروحة السقف فجأة، ينظر الجميع للأعلى، يخيم الصمت في الغرفة، ثم تعود المروحة وتدور بصوت مزعج).
**أبو فهمي: ممتاز، حظنا ممتاز، النظام رجع من نفسه، هذه علامة أن التوقيع تم أوتوماتيكياً، مبروك يا حاج!
*تعليق على المشهد: البيئة واقعية لكن الموقف عبثي تماماً، واعتمد الإضحاك هنا على التضخيم الهزلي للبيروقراطية، والشخصيات تتصرف بغرابة ضمن نظام شكلي لا أحد فعلياً يتبعه، والمشهد بكامله هو نقد ساخر مفتوح، للروتين الحكومي، بدون أية ضوابط.

*المشهد الثاني*
*انفجــــــــــــــــــــار عاطفي*
الشخصيات: هي نفسها، مع ظهور شخصية جديدة هي الروبوت "زكور"، وهو نظام ذكي تم تركيبه حديثاً لخدمة المواطنين حتى لا تتأخر المعاملات (أو لتعقيدهم أكثر). المكان: نفس المكتب، ولكن بعد مرور ساعة كاملة.
الحاج صابر لا يزال جالساً على الكرسي البلاستيكي، منهكاً، الموظف ساهر يضغط على الكيبورد دون ظهور أية نتيجة مفيدة.
**ساهر: اسمع يا حاج، شكلك من جماعة المعاملات القديمة، النظام لم يتمكّن أن يتعرّف على رقمك الوطني، يظهر أنه ما عندك "بصمة جينية".
**الحاج صابر (يصرخ): أنا عندي بصمة عرقية، عندي بصمة تاريخية، وعندي شهادة ميلاد أصلية مكتوبة بخط اليد، كل شيء عندي إلا الصبر!
يدخل "الروبوت زكور" غريب الشكل، يدفع عربة صغيرة فيها ماسح ضوئي وميكروفون يخرج منه الصوت مشوشاً، ويحمل طابعة صغيرة بين يديه.
**الروبوت زكور (بصوت آلي متهكّم): مرحباً، هل تريد إنجاز معاملة، أم مجرّد تضييع وقتك البشري معنا؟
**الحاج صابر (مصدوم): ما هذا، آلة تتكلم؟!
**أبو فهمي (مع شعور بالفخر): هذا أحدث ما عندنا، إنه الذكاء الاصطناعي الذي لا يفهم شيئاً إلا إذا تكلمت معه بلغة الشمال، وهي لغة غير متوفرة عندنا.
**ساهر: زكور، أعطنا استمارة "حالات الإرهاق بسبب التعامل مع موظف" بسرعة.
**الروبوت زكور (يصدر أصوات زقزقة غريبة): غير متوفر، تم إرسال الحاج صابر إلى قائمة الانتظار الافتراضية، زمن التقدير: سنة ضوئية واحدة.
**الحاج صابر (ينهض من مقعده بانفجار داخلي): يا ناس! أريد توقيع! لا أريد أن أذهب إلى أية قائمة انتظار! أنا حتى لو كنت حوت جاي من البحر، كانت خلصت معاملتي!.
(الروبوت يتوقف فجأة ويصدر تنبيهاً حاداً بصوت مزمار آلي).
**الروبوت زكور: تم تسجيل انفجار عاطفي بشري، حوّل، حوّل، جارى التحويل إلى قسم الدعم النفسي.
(تفتح نافذة جانبية، يخرج منها كرسي هزاز ومعه مجلة "حلّ الكلمات المتقاطعة").
**المدير أبو فهمي: والله التقنية نعمة! بدل ما نوقّع له المعاملة، نقوم بعلاجه نفسياً!
**الحاج صابر (يائساً): لو سمحتوا... أي دائرة توقع لي إني حيّ؟ بس حيّ! مو أكثر!
**ساهر (ينظر في الحاسوب): للأسف، ما نقدر نثبت ذلك بدون شهادة حياة ثلاثية الأبعاد.
تعليق على المشهد: في هذا المشهد، دخلنا منطقة العبث التكنولوجي المضحك: روبوت يتصرف بغباء يظهر فيه التخلف، ومبالغة في السخرية من التحول الرقمي الشكلي في بعض المؤسسات، وتم أيضاً تصعيد التهريج إلى مستوى فلسفي ساخر: المواطن لا يستطيع في النظام العام إثبات أنه "حيّ".

*المشهد الثالث*
*لجنة إثبات الوجود*

المكان:(غرفة كل ما فيها أبيض، يجلس الحاج صابر أمام ثلاثة رجال غريبي الهيئة).
الشخصيات:
الضابط صخر: مسؤول في لجنة عليا غامضة، يبالغ في الجدية إلى حد الكوميديا.
لجنة الخبراء: ثلاثة أشخاص يلبسون عباءات مختلفة (فيلسوف وطبيب وشيخ)، وهم يمثلون اللجنة العليا للحكومة الافتراضية.
المكان: غرفة بيضاء كبيرة باردة، فيها طاولة دائرية، وعلى الجدران لافتات مثل: "عليك أن تفترض وجود الوجود ثم تثبت وجوده".
يُدفع الحاج صابر على كرسي بعجلات من قبل الروبوت زكور، ويُوقف مع كرسيه أمام اللجنة الثلاثية.
**الضابط نوفل (بصوت رسمي): المواطن صابر، أنت هنا للتحقيق فيما إذا كنت موجوداً أصلاً، هل تعترف أنك موجود؟
**الحاج صابر (مذهول): ماذا؟! إني واقف أمامكم، أتنفس وأتعب وأجوع، كيف لا أكون موجوداً؟!، بالمناسبة، أشعر بالجوع، أما تقدمون الطعام هنا؟!، أريد بسطرما مع خبز فرنسي.
**الشيخ: قبل أن تطلب الطعام، عليك أن تثبت أنك موجود، والآن، أين دليلك الروحي؟
**الطبيب: هل عندك أشعة حديثة لجميع العظام؟ تثبت أنك جسد في داخلك عظام ولحم، وليس كياناً وهمياً إدارياً؟
**الفيلسوف (يمسح نظارته): الوجود لا يثبت بالكلام يا حاج، حتى الأحلام تتكلم، ويمكننا أن نسمعها، هل الصوت يُثبت الوعي؟.
**الشيخ (بوقار): أو أن يكون لديك بصمة روحية موثّقة؟
**الحاج صابر (صارخاً): يا جماعة! أنا صرت أكون أو لا أكون، مثلما قال "شكسبير؟!
**الضابط نوفل (بكل هدوء): الجواب غير كافٍ، نحتاج منك دليلاً قاطعاً، سنجري عليك اختبار "الصراخ العالي في الفراغ الإداري".
تُطفأ الأنوار كلها، وتُسلط على الحاج صابر إضاءة قوية مركّزة من الأعلى.
**صوت آلي مع أزيز، يشبه صوت نحلة مسكينة: صِـح يا حاج بأعلى صوتك: "أنا حيّ وأريد توقيع!".
**الحاج صابر (يصرخ): أنا حيّيي وأريييد توقيييييع!
(صمت مطبق... ثم صدى صوته يرجع بعد تأخير غير معتاد: "أنا هييّي وأرررييييييييييد".
*الفيلسوف (ملاحظاً): هناك تردّد زمني غير صحيح، يبدو أن النظام لا يعترف بهويته كاملة.
**الضابط نوفل: القرار: الحاج صابر في حالة وجود غير مكتمل، يُعاد إلى الدائرة الأساسية لحين توفر دليل نهائي.
**الحاج صابر (ينهار على الأرض): أرجوكم! أنا كنت أريد فقط توقيع عقد إيجار، وليس استدعاء فلسفي حول الوجود!
**الروبوت زكور (من بعيد): جاري إعادة توجيه الحاج صابر إلى "قسم البدايات والنهايات".
*تعليق على المشهد:
بلغ العبث هنا ذروته، فالمواطن يمر بلجنة تتحقق من وجوده نفسه بدلاً من حل مشكلته، وهو مشهد يبين رمزية التحول من واقع يومي اعتيادي بسيط، إلى متاهة عبثية بيروقراطية، امتلأت بروح فكاهية.

*المشهد الرابع والأخير*

*أخيراً ينال الحاج صابر حريته*
الشخصيات:
الحاج صابر (الآن شاحب الوجه، متهالك، وكأنه ظل رجل).
الموظف ساهر (لا يزال يضغط على نفس الزر منذ المشهد الأول، وبدون فائدة).
الروبوت زكور.
رئيسة القسم العليا: الست حكمت (سيدة عجوز في أرشيف قديم، تعرف كل شيء على طريقتها، وعملياً لا تعرف شيئاً مفيداً).
الراوي (صوت خارجي يعلّق أحياناً).
المكان: أرشيف ضخم مظلم، يمتد بلا نهاية، صفوف من الملفات تغطي الجدران، وهناك ضوء واحد مركز تم تخصيصه ليتبع الحاج صابر وهو يسير تائهاً.
**الراوي (بصوت متهكم هادئ): وبعد أن ثبت أن وجود الحاج صابر غير مكتمل، وأن توقيعه لا يمكن تصديقه بدون شهادة من الغيب، تم تحويله إلى قسم الأرشيف الأزلي.
يظهر باب صغير كتب عليه: "قسم الملفات الميؤوس منها والتي لم يُنهِها أحد".
الحاج صابر يدخل أرشيفاً هائلاً، تضيء له لمبة صغيرة، يجد الست حكمت جالسة وسط كومة أوراق، تحيك قبعة تصنعها من الأوراق الرسمية المصفوفة أمامها.
**الست حكمت (بابتسامة باردة): تأخرت يا حاج، معاملتك وصلت عندي قبل عشر سنين.
**الحاج صابر (يائساً): هلّا قلتِ لي ببساطة، هل أوقع الورقة، أم أختفي من أمامك للأبد؟
**الست حكمت (بعد أن نظرت إليه طويلاً): الورقة وقّعت نفسها يا حاج، بس ما كان أحد يبحث عن التوقيع، الكل كان يبحث عن السبب، فالوضع خطير، هكذا قال النظام.
**الحاج صابر (مرتبكاً): أي سبب، ولماذا الوضع خطير؟!
**الست حكمت: السبب الذي يجعلك مصرّاً على إنهاء شيء لا يُريد أحد له أن ينتهي، النظام معترض، ورفع اسمك على الراية الحمراء، أنت خطر على المجتمع.
**الراوي: وعندها، فهم الحاج صابر ، أو ظن أنه فهم، أو قرر أن التظاهر بالفهم أسهل من السؤال.
الست حكمت تسلمه ظرفاً صغيراً، فيه قصاصة مكتوب عليها: "الحرية ليست توقيعاً، بل هي أوسع من ذلك بكثير".
ينهض، ويبتسم لأول مرة منذ أربعة مشاهد، يسير بخطى خفيفة نحو باب خلفي صغير كتب عليه: "مخرج الطوارئ، للذين تعبوا من الانتظار".
يفتح الباب وخلفه فضاء مفتوح، لا مكتب، لا ورقة، لا رقم، لا ختم، فقط هو والهواء وهاوية سحيقة.
الراوي (يُختتم العرض بصوته):
"في بلادٍ لا تفرّق بين الإنسان والورق، لا ينجو إلا من عرف أن الختم الحقيقي، هو أن تحصل على الحرية.
----------------------------------------------------------------------------------------------------
*التعليق الختامي:
هذه النهاية تُمثّل ذروة العبث الرمزي، فالحاج صابر لم يحصل على التوقيع المطلوب، لكنه حصل على التحرر الداخلي الوحيد المتوفر، والذي أملاه عليه النظام المتطور، ودون أن يكون بمقدوره أن يستفيد منه فعلياً بأي شيء.
السخرية هنا تتحول إلى تأمل فلسفي خفيف: أن الباب الخلفي مع الهاوية السحيقة، هو الخلاص الوحيد في عالم لا يعترف بوجود الإنسان، إلا إذا تماهى مع أخطاء وتجاوزات النظام المتطور الفاشل.
----------------------------------------------------------------------------------------------------



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: *معاملة ضائعة* *مسرحية عبثية*
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مسرحية (قصة قصيرة) محمد فتحي المقداد منبر القصص والروايات والمسرح . 4 02-26-2020 07:39 PM
ملك درب القطة .. مسرحية كوميدية رضا الهجرسى منبر القصص والروايات والمسرح . 4 12-28-2015 01:59 AM
معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم للأطفال والصغار مراقى محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 0 12-25-2014 09:09 PM
مسرحية الكسوف بالنوي مبروك منبر القصص والروايات والمسرح . 0 06-17-2012 03:06 AM

الساعة الآن 12:30 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.