منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   أنين النخيل .. ! (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=21107)

جليلة ماجد 05-31-2016 03:32 PM

أنين النخيل .. !
 



1- جعجعة .. رحى .. !


أين ما طافت عينك تراها ..
خضراء شامخة ذات هسيس موسيقي ..
ترقص كلما هزها الريح ..
تسدل شعرها كحسناء ..
النخل في قريتنا بهي المنظر مهيبه ..
سلاسل من لون أخضر مغبر ..
أفق لا منتهي الجمال ...
تحت الذهب يمشي ..
و رمش الشمس يغازله ..
طفل أشعث يركض حافيا ..
بكل لزوجه الحرارة و قباحة الجنون ..
يركض بين النخيل صارخا بفرح ..
و الأمهات حوله يحوقلن ..
سليل المجد ( مبروك ) القرية ..
ابن شيخ القبيلة .. ذريته الوحيدة ..
أسمر ...نحيل .. كغصن لم يكتمل بعد ..
ذو وجه جميل متناسق القسمات ..
و عقل أصغر من نملة ..
تعبت أم الحسن و هي تراقبه ...
فدفنت أصابع رجليها الدقيقة في التراب الساخن ..
و غفت تحت النخلة الكبيرة ...
و هي تسمعه يعوي تارة و يضحك تارة ...
يناديها (آسن ) (آسن ) ..
فلا يزيده صوتها إلا خدرا يتسلل إلى عقلها ...
و هي تفكر .. إيه يا (مدية) .. المبروك محق ..آسنة حياتك .. راكدة روحك .. قد أصبحت أم حسن دون أمومة و لا حسن .. دون أن يلمسك بشري .. أصبحت عجوزا نخرة .. هربت من عائلتك لتلحقي بركب القلب ... فمات الحب .. و نذرت نفسك أن تلصقي اسمه على اسمك بأم .... أصبحت جيبا فارغا .. بمكر كبير و دهاء كثير .. صدقتك القبيلة دون ريب أن اللصوص سرقوك..و شيخها جعلك تعيشين في بيته و بين نسائه تطوفين عينا حارسة .. و يدا حنون ..
تربتين على الصغيرة حتى تفهم .. و تداهنين الأساسية لتهدأ على الشيخ المزواج ...
و ما نهاية الزواجات هذي كلها إلا فتى ( هبيلة)* بلا عقل يسري بين المزارع و النخيل .. رحم الله أمه كم كانت كهذه النخيل تماما سمراء شامخة .. لم ترض على تزويجها للشيخ و لم تفرح بحملها و عندما وضعته ماتت كمدا ... على أبيها المخلوع و المعاهدة الكاذبة للشيخ .. تزوجها .. و قتل أباها و حلف على ملكية هذي الجنان .. فحصل على الولد و الأرض و الملك في ساعة واحدة .. ففاضت روحها .. ما تحملت الظلم و لم تنتظر حتى ترى كيف تدور الدنيا على الظالم .. فتطحنه .. كرحى لا تتوقف عن الصرير ...

~يتبع~




* هبيلة .. سفيه بلا عقل

ياسر علي 05-31-2016 04:21 PM

في انتظار المزيد

ما أجمل الانطلاقة

ما أروع تصوير النخلة

ما أجود ما يرشح من قريحتك من بديع الكلم

جعجة رحى

حين تلتحف القصة رداء شعريا

حين ينطق الحرف بشقشقة الربيع

حين تسمعك الأوتار لحنها الحزين

حتما سأبقى رغبة في المزيد

جليلة ماجد 06-01-2016 01:36 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 210403)
في انتظار المزيد

ما أجمل الانطلاقة

ما أروع تصوير النخلة

ما أجود ما يرشح من قريحتك من بديع الكلم

جعجة رحى

حين تلتحف القصة رداء شعريا

حين ينطق الحرف بشقشقة الربيع

حين تسمعك الأوتار لحنها الحزين

حتما سأبقى رغبة في المزيد




بين مفردات الإمتنان ...
لا أملك إلا شكرا ...
أ. ياسر ...
أحتاج نظرتك الثاقبة ..
لأنها تجربتي الأولى في هذا النوع من السرد..
ردك وسام أفتخر به ..
أمتلئ امتنانا ...



جليلة ماجد 06-01-2016 02:00 PM



2- أرض .. منكرة .. و فقر .. لا .. يلين !


الشمس تحرق الهامات ...
و الهواء ساخن كتنور يغلي ببطء ..

-يا شيخ استسق لنا السماء عل المطر يروينا ..

-يا سعيد اقم صلاة الاستسقاء .. سيهلك الحرث و النسل !

أقميت الصلاة و تهجد الفقراء باهتزاز أعوادهم الضئيلة السوداء ..

جرت دموعهم مالحة رسمت على وجوههم خيطا من بياض عطش و هم يذوبون في هذي الواحة المقطوعة من البشر سواهم ...
ارتجفوا بضعف و هم يرفعون أذرعهم للسماء ...
يتهجدون ب ( يا رب ) ..

وقف أدهم بطوله الفارع و جسده الصلب .. بسمرته الشديدة و شعره الأجعد القصير .. بثوب واسع بلون التبن لم يخف مهابته الجسدية ...

همس: أرض منكرة ..و فقر لا يلين !

- بسسسسست .. اصمت !

يبلع ريقه فترقص تفاحة آدم منتفضة بغضب ..:
أرض .. منكرة .. و فقر .. لا .. يلين !
-يصرخ -
- ماذا تفعلون في هذي الأرض دعونا نرتحل عنها فأراضي الله واسعة ..

تركض العجوز .. تكمم فمه و تبكي بحرقة هامسة في أذنه .. أريدك حيا .. يا ابني .. أريدك حيا .. أرجوك .. توقف .. لأجلي .. لأجلي ..

تسقط يده إلى جنبه بعجز ...
و يبعد أصابعها المخشوشنة كليف أحرقته الظهيرة و ينهنه بكلمات غير مفهومة و يضع رداءه في فمه و يركض كمهزوم بلا سلاح ..

-سنعزيك قريبا أيتها العجوز فيه .. قد ماتت دواخله و احترق قلبه .. تعازي الحارة ..

بصقت العجوز على أم الحسن و ابتعدت بمشيتها الوئيدة .. تترامى بألم فوق التراب .. تلحق خطوات فلذة كبدها و تدعو السماء أن تختفي أم الحسن من الوجود ... بلا أصل أتت إليهم كعجز نخل خاو .. و هاهي محظية لدى الشيخ .. و جاسوسة له بين النساء .. تبا لها ألف مرة !
خنقت أنفاسنا و أماتت أحلامنا ...
حتى الأغاني توقفت عن لحنها فباتت سردا باردا مظلما ... كليل شتاء طويل .. لا صباح بعده !


ياسر علي 06-02-2016 09:07 PM

يبعد أصابعها المخشوشنة كليف أحرقته الظهيرة


إبداع رائع

مع التثبيت

جليلة ماجد 06-03-2016 09:37 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 210537)
يبعد أصابعها المخشوشنة كليف أحرقته الظهيرة


إبداع رائع

مع التثبيت





أشكرك أ. ياسر ...
هذا يعني الكثير لي...
شكرا ..


جليلة ماجد 06-03-2016 09:46 AM


3- وليمة .. شرقية .. !


صوت الليل هنا ..
شيء مختلف خارق ..
أصوات المخلوقات الليلية التي تستيقظ مع غروب الشمس ..
و لا تتوقف للحظة عن النحيب ...
رتم الحشرات ..
ثم خطوات الفئران الخفيفة ..
فعواء الذئاب البعيدة ..
و الطيور التي تزعق بوحشية صحراوية ..
هناك كائنات لا ترى ...
و كائنات لا نشعر بوجودها .. .
و كائنات غامضة .. ك حسناء ..
بجمال عربي أخاذ ..
و وجه مرسوم ببهاء ..
عين واسعة سوداء ..
أنف أخنس برفعة ملوكية ..
و شفة شهية ..
يتبعها وشم دقيق من الشفة السفلى لنهاية الذقن ...
بشعر أحمر كالنار .. ينسدل كقطعة حرير يلف ردفيها باشتعال لا يموت ...!
كانت حسناء أماني العشاق كلهم ...
بسحرها و جمالها و ذكائها ال يتوقد كالجمر في عينيها ...
تحصد التنهيدات أينما ذهبت ..
بجسدها المنحوت الممتلئ برشاقة غريبة ..
متى سمعت خلخالا في هذي الواحة .. فهي حسناء !
تجلس دائما تحت النخلة الكبيرة ...
ترقص حولها و تكلمها كبشرية أخرى ..
و قبل الصباح بقليل تختفي كالسراب !
كثرت الهمسات حولها .. ما تكون هاذي الفتاة ..
من أي سلالة .. هي ؟؟
إنسية أم جنية أم ماذا ؟؟
ما أنت يا حسناء ... ؟؟
تضحك بدلال فطري قائلة .. حورية !
يفوح منها ريح الصندل الممزوج بالبهار ..
كوليمة .. شرقية !
و عندما تعرق تشتم رائحة كالطلع في أوله ..
فما أنت يا حسناء ؟؟
إنسية أم جنية ؟؟
هاهاهاهاي.. حورية !

~ يتبع ~



عبدالعزيز صلاح الظاهري 06-03-2016 04:54 PM

الأستاذة العزيزة جليلة ماجد
ألوان سحرية وليست ُجمل صبغت هذه ألوحة المليئة بالحياة ولا عجب فمصدر هذه الألوان هو ( العنوان )
إنه مصدر الهام نبع يتدفق لذا رأينا كلمة ( يتبع ...... يتبع ... )
عنوان احتوى على مفردتين أحداهما :
أنين – صوت مكبوت يعبر عن الأوجاع ، الإرهاق والأحزان
والكلمة الأخرى ؛ النخيل :
تلك الأشجار المباركة التي وافقت على السكن ،والإقامة في ارض قهرتها الشمس ،كرهتها الغيوم، وهجرتها الأشجار الأخرى المثمرة
قدمت ثمرتها المميزة رطباً يتفكه به سكان الصحراء بداية قطفها و تمرا لا يعطب كمصدر لغذائهم طوال العام يحملونه حيث ما حلوا وارتحلوا
وهبت كل جزء منها لسكان الصحراء ثمارها ،سعفها ،ليفها ، جريدها ،جذوعها حتى قلوبها (الجمار ) قدمتها
إن هذا العنوان (أنين النخيل ) رمز يخبرنا ويقص علينا ؛ قصصا عن كل مظلوم ومقهور ابتلي بالحب والعطاء بدون شروط
عن كل من كانت سعادته مربوطة ومقرونة بإسعاد غيره
عن كل من لم يُصدر صوتا يعبر عن معاناته لعلمه انه غير مسموع
وأخيرا ؛ انه عمل مميز لكاتبة مميزه ---- وعمل مميز لمن اختار تثبيته

جليلة ماجد 06-04-2016 03:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالعزيز صلاح الظاهري (المشاركة 210584)
الأستاذة العزيزة جليلة ماجد
ألوان سحرية وليست ُجمل صبغت هذه ألوحة المليئة بالحياة ولا عجب فمصدر هذه الألوان هو ( العنوان )
إنه مصدر الهام نبع يتدفق لذا رأينا كلمة ( يتبع ...... يتبع ... )
عنوان احتوى على مفردتين أحداهما :
أنين – صوت مكبوت يعبر عن الأوجاع ، الإرهاق والأحزان
والكلمة الأخرى ؛ النخيل :
تلك الأشجار المباركة التي وافقت على السكن ،والإقامة في ارض قهرتها الشمس ،كرهتها الغيوم، وهجرتها الأشجار الأخرى المثمرة
قدمت ثمرتها المميزة رطباً يتفكه به سكان الصحراء بداية قطفها و تمرا لا يعطب كمصدر لغذائهم طوال العام يحملونه حيث ما حلوا وارتحلوا
وهبت كل جزء منها لسكان الصحراء ثمارها ،سعفها ،ليفها ، جريدها ،جذوعها حتى قلوبها (الجمار ) قدمتها
إن هذا العنوان (أنين النخيل ) رمز يخبرنا ويقص علينا ؛ قصصا عن كل مظلوم ومقهور ابتلي بالحب والعطاء بدون شروط
عن كل من كانت سعادته مربوطة ومقرونة بإسعاد غيره
عن كل من لم يُصدر صوتا يعبر عن معاناته لعلمه انه غير مسموع
وأخيرا ؛ انه عمل مميز لكاتبة مميزه ---- وعمل مميز لمن اختار تثبيته



ياله من تحليل رائع يا أ. عبد العزيز ..

أحيانا نحتاج عينا أخرى تصف ما نكتب .. لنرى !

أشكرك على تحليلك الفذ و على ثنائك ممتنة جدا لحضرتك ..

شكرا .. !


جليلة ماجد 06-04-2016 03:47 PM



4 - إعصار فيه نار !


لم يزرنا مطر ...
جاءت ريح صرصر عاتية ..
أثارت التراب في الأفواه ...
و خنقت الصدور و العيون ...
اختبأ الجميع في بيوتهم الطينية القديمة ...
التي لا تقي البرد و لا تخفف الحر ...
و من شقوقها تحفر الرياح سبلها ...

-يا لها من رياح ! سيف ... يا سيف .. !

نعم .. إنها أم الحسن تبحث عن المبروك ...
تسأل الخدم و الزوجات و لا ترى سيفا ... !
بحثت في كل الغرف و المخادع و المرافق ...
و لا أثر للمبروك كأنه سراب ...
ركضت إلى باب القصر فرأت الحارس يغط في نوم عميق ...
رفسته بقدمها الضئيلة .. فلم يتحرك ..
جلدته بعصاها بقام غضبانا أسفا ..

-يا مهبول أنت حارس ! حارس !
-يا إلهي ماذا حدث ؟
لقد هرب المبروك.. بالتأكيد فلا أثر له في المنزل ..
اللعنة عليك .. اللعنة عليك ألف مرة .. سأخبر الشيخ بتهدلك في عملك يا أحمق !

ينهار الحارس على قدمي أم الحسن تقبيلا و هو يتوسل ...

-أرجوك يا سيدتي دعيني أبحث معك و سنجد الشيخ الصغير أرجوك .. ربي يبارك في الحسن ابنك أرجوك ..!

اهتزت ما إن سمعت اسم المحبوب و لانت و وافقا باهتزازة من رأسها ... ففرك الحارس وجهه بين قدميها و هو يشكر و يعد و يحلف !

ريح شديدة تكاد تحملهما معا و هما يناديان المبروك ...
الدوامات الصغيرة الرملية تملأ المكان ...

-تبا لك .. هاهو كويل الجن * سيختطفنا ... و لن يعرف بشري مكاننا !
-أعتذر يا سيدتي .. أنا آسف فعلا !

هناك رائحة بهار .. و رنة خلخال حادة.. !

يسمعون صراخ المبروك و ضحكات أنثوية صاخبة .. يسرع الحارس يلحق الصوت و يقف متسمرا أمام ما يراه !

-ما بالك يا أحمق! لم أنت متخشب كنخلة ميتة ؟
أزاحت جسده الضخم و رأت حسناء بكل جمالها و فتنتها ترقص مع المبروك حول النخلة الكبيرة بنشيد لا أرضي .. و شعرها يطير مع الريح كإعصار ناري مخيف .. و المبروك مفتون بالحسن و هو يردد أهازيجها الغريبة ...


* كويل الجن :الدوامات الهوائية المحملة بالأتربة



~ يتبع ~

ياسر علي 06-11-2016 06:37 PM

المبروك / الحورية

رقصة جميلة

لكن أين البقية

لا تنسي أن الجميع هنا في الانتظار

جليلة ماجد 06-12-2016 12:33 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 210966)
المبروك / الحورية

رقصة جميلة

لكن أين البقية

لا تنسي أن الجميع هنا في الانتظار



أهلا أ. ياسر ...
شغلنا رمضان بسحره و جماله و طهره عما سواه ...
أشكر وجودك و لك كل الاحترام و التقدير ...





جليلة ماجد 06-12-2016 12:36 AM



5- قدر الحوريات !



كأنها أخت الرياح ..
أو أسطورة من فتنة ..
ترقص بضحكات مريبة في الريح ..
فتحمل الرمال ضحكتها بعيدا عن سحرها ..
و تترك البشر مدهوشين بكل ما تفعل ..
-ابتعدي عنه أيتها الملعونة !
-صرخت أم الحسن -
ردت حسناء بضحكة فاجرة :
-أأنا الملعونة يا كاذبة يا مخادعة يا من تكذبين على كل الشجر و البشر ..
ارتجفت أم الحسن .. عرجت حتى المبروك سحبت جسده الممانع و هي تزجز الحارس ..
انتفض الحارس و هو يحمل المبروك ككيس فارغ و الأخير يضرب بيديه و هو يطالب بالرقص مع حسناء ..
-كاذبة .. عذراء كاذبة .. رحم الله حسن .. أنت لا تستحقينه أصلا فهو أطهر منك يا نجسة !
-اصمتي أيتها الساحرة ! لا كاذبة غيرك هنا .. ساحرة مخيفة ترقص تحت الشجر في العواصف ..
-أنا حورية .. قدر الحوريات الرقص !
رفعت زنديها المزدانين بخلاخل فضية رنانة و أصابعها تلاحق الموسيقى الغريبة التي انبعثت من لا مكان .. و بثوبها المشقوق فغرت الأرض فاها .. .
وضعت أم الحسن يدها أمام عيني الحارس و هي تتمتم : أعوذ بالله و كأنها جميع أطماع البشر .. غض بصرك يا بني و هيا بنا !
ترنح الحارس كأنه استفاق من غيبوبة كونية و لحق أم الحسن و هو يتنهد و ياعق شفتيه المدهوشتين ..
-الحمدلله وجدناه يا أم الحسن .. استري علي أرجوك ..
-قاتلك الله أنت السبب في رؤيتنا لهذي المناظر المريبة ! هيا .. تحرك .. !
و ابتعدا و هما يسمعان رنين الخلخال البعيد و أصوات المزامير الغريبة ..
بين الأشجار كان يراقبها .. يراقب رقصها و جنونها .. و يفكر كيف يكون كل هذا الجمال ملكه .. ملكه وحده ..لكنها مريبة .. مجنونة تلاحق الريح و الرمل .. و ما رأى معها بشري قط .. دائما تتحدث مع النخلة الكبيرة ..
رأى الرطب لامعا بلون خمري لذيذ على النخلة الكبيرة ... فلمعت الفكرة في رأسه .. و هو يبسم بمكر !






ياسر علي 06-12-2016 09:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جليلة ماجد (المشاركة 210985)


أهلا أ. ياسر ...
شغلنا رمضان بسحره و جماله و طهره عما سواه ...
أشكر وجودك و لك كل الاحترام و التقدير ...





و نعم العمل و نعم الانشغال أستاذة جليلة

رمضان كريم

ياسر علي 06-12-2016 09:49 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جليلة ماجد (المشاركة 210986)


5- قدر الحوريات



لغة جذابة ، سرد محكم ، فانتازيا راقية ، خيال فسيح واسع

دائما في الانتظار .


مها الألمعي 06-16-2016 07:45 PM

مرحبًا
الحرف هنا يدهش فيصمت
إني من المنتظرين :)

جليلة ماجد 07-07-2016 04:29 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 211023)
لغة جذابة ، سرد محكم ، فانتازيا راقية ، خيال فسيح واسع

دائما في الانتظار .







فليسعدك الله أ. ياسر ...
ممتنة للطيف رأيك و ردك الراقي ...




جليلة ماجد 07-07-2016 04:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مها الألمعي (المشاركة 211210)
مرحبًا
الحرف هنا يدهش فيصمت
إني من المنتظرين :)



ما أجملك إذ ترفلين هنا ...
لك كل الود و الامتنان ...
و لن تنتظري طويلا ..



جليلة ماجد 07-07-2016 04:33 PM



6- و للأمنيات .. رماد !


نحيب يشج صفحة السماء ...
أشبه بعويل حيوان مجروح ..
انتفضت الواحة قبل الشروق ..
و خرج الجميع خائفا وجلا ...
صراخ حيواني النبرة ..
بصوت حاد أنثوي !
ركض الرجال نحو مركز الواحة ..
النخلة الكبيرة ..
وجد عندها حسناء تبكي بدماء الدموع ..
و هي تصرخ بلغة قديمة ..
- هناك من قص شعر النخلة و بتر ثمارها بوحشية ..
كفتاة من جن أو كمن التبس بصرع ..
كانت حسناء ..
و الكل يرتعد من منظرها المخيف ..
و لغتها الغريبة ..
صرخت .. أريد المبروك ..
- لن أصمت حتى أرى المبروك !
اهتز الحراس و كأن قوة خفية تسيطر عليهم ...
تبعثروا في الواحة لاهثين صوب بيت الشيخ ...
يشرحون له وضع حسناء ..
و ما حدث للنخلة الكبيرة ..
-و من قال أني سأرسل ابني الوحيد لها المأفونة اللعينة سليلة الجن !
-لكن يا سيدي أخاف أن تفعل شيء حسناء كائن غريب !
- تبا لها .. اقتلوها .. و اجعلوا دمها رواء للنخلة التي تحب ربما تكون هاذي أقصى أمانيها !







آية أحمد 07-09-2016 01:32 AM

قرأت سردا بطعم الشعر،،،

ما أروعك ...

ودي دائما

جليلة ماجد 07-11-2016 08:48 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آية أحمد (المشاركة 211973)
قرأت سردا بطعم الشعر،،،

ما أروعك ...

ودي دائما






اشتقتك يا وارفة ...
عسى أن تكوني بخير ...
أزهر امتنانا بعطرك هنا ..♡


جليلة ماجد 07-11-2016 08:53 PM


7- لعبة الرياح ...!

صمت غريب ...
هدوء لا متناهي الأطراف ..
الكل يتلفت حول نفسه ...
متى حدث الحريق و كيف انسكب المطر ...؟
لا أحد يعرف ...
زوبعة من الأحداث المتتالية ...
جعلت اختفاء حسناء أمرا هينا عاديا ...
ابنة الأرض الغريبة ...
التي تتغير لأجلها الجاذبية ...
حريق هائل .. اندلع من الأرض ..
لكن ..
أين ذهبت تلك النار ؟؟
أم أن قدر النار أن ترجع رمادا ...
تلعب بها الرياح. ...

نظر إليها و هي تتنفس بهدوء و هو ينفخ ...
- لم أنقذت هاذي المجنونة ؟ لو تركتها تموت .. تبا ...مثلها لم يخلق إلا للحياة !
هاهي تعود .. تستيقظ بارتجاف جسدها و نهنة غريبة بكلمات غير مألوفة و تشهق فتكح و تتحرك كحيوان جريح و هي تمشط المكان بعينيها و ترى ذاك الضخم الذي يدخن شيئا و ينفثه بهدوء .. أسمر كليل و ضخم كجبل .. لا طاقة لها به لو أراد بها سوءا ..
-الحمدلله على السلامة يا فتاة !
-لا تتوقع أن أشكرك أو أثني على فضائلك .. لم تنقذني إلا لغاية في نفسك و لن أشكرك على غاياتك بالتأكيد !
نظر إليها باستغراب و هو يفكر ..
أي الكائنات هذا الشيء الذي لم يكد يفيق حتى بدأ بالهجوم !
- لست الوحش الذي تظنين يا فتاة ! و ان كنت تريدين الخروج من هذا الكهف الذي أسكن فلا باب له كما ترين .. ارحلي !
- بالطبع سأفعل .. !
-حاذري الحرس .. أصبحت مطلوبة للموت يا فتاة !
-المبروك لي .. و هو يعرف امتداده فيي!
-تبا لك تتحدثين كالأساطير ..
-لست سوى روح .. لم يملكها أحد !
- أدهم .. اسمي أدهم .. -و هو يمد يده -
-حسناء ..- و هي تضرب يده بخفة باسمة -
-أهلا بك معي ضد الشيخ ..
- لست ضده لكني أريد المبروك فحسب ..
نظر إليها و هو يفكر .. ماذا تريد مثل هاذي النابضة بالحياة بمخبول بينه و بين الموت رغبة ؟!!؟







الشيخ احمد محمد 07-16-2016 04:54 PM

نص قصصي رائع
كل التقدير

لحسن ملواني 07-21-2016 01:54 AM

نص جميل بنفس طويل وعبارات تستطيع أن تعكس الحدث والمشاعر و الرؤية الشاعرية للمجريات ـ تحياتي لك أختي

جليلة ماجد 07-24-2016 03:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشيخ احمد محمد (المشاركة 212169)
نص قصصي رائع
كل التقدير





شكرا لك أ. أحمد

ممتنة لحضورك .. و لرأيك ..


جليلة ماجد 07-24-2016 03:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لحسن ملواني (المشاركة 212320)
نص جميل بنفس طويل وعبارات تستطيع أن تعكس الحدث والمشاعر و الرؤية الشاعرية للمجريات ـ تحياتي لك أختي




تحية احترام لك أ. ملواني ...
ممتنة لجميل رأيك ...
شكرا !


جليلة ماجد 07-24-2016 03:35 PM





8- الحمقاء/الحسناء !


كالصحراء أنا ...
هل ترى نهاية السواد ..
أو بياض الفجر ..هنا ..
دمي تراب .. و أناتي ربابة ..
يكسوني البلح متعثكل بالجريد ..
نخلة أنا ..
لم يحن وقت القطاف يا وطن ..
لم يحن وقت رد الدماء ..
لا زلت أرقص فخرا بالوجع ..
بالذل .. بالمهانة ..
و انكسار الكرامة ..
سيصم خلخالي هذا الظلم ...
ستتوقف دموع النخيل ..
و سأكون ملكة للكون .. مرة أخرى !
.
.
.
انتظرت حتى انسدال الليل ...
و لحقها أدهم خائفا وجلا من جنونها الممتد ..
ضحكت و هي تعلم به .. و تصرخ ..

-كيف تخاف عليي يا بشري ؟؟
خف مني .. لا عليي .. الحوريات خلقن للحياة كما خلقتم أنتم للموت !

-حمقاء أنت و لست حسناء .. لست حورية يا فتاة .. لا أدري من زرع الأفكار المسمومة هاذي برأسك الجميل .

.
-لا تمدحني لشيء لم أكن سببا فيه .. لا تمدح جمالي أو فتنتي ..
-مخلوق غريب أنت ..
-بل واضح حد السكين و قبل الوجع .. تعال ..

و ركضت كمخلوق سماوي سريع .. تمادت في السرعة .. حاول أن يلحق بها لكنه شعر بالعجز .. ربما هي فعلا مخلوق جهنمي غريب لا يمد للبشر بصلة !

أسند جسده لنخلة وحيدة .. و هو يلهث بخيبة .. و يحاول أن يقتفي أثر حسناء .. ثم نظر للتراب أسفله و اشتم رائحة الحطب المحترق في الأجواء ..
تنهد و هو يرى نفسه طفلا سعيدا .. يركض في البيداء و يحلق ببراءة بين سكان القرية السعيدة .. قبل حضور هذا المنحوس و استيلائه على الحكم ..
امتص خيرات الأرض و جعلها جافة .. جلفة ..

-ااااادهاااااام !
-نعم .. إنها صرخة حسناء .. تبا لها !




زياد وحيد 07-27-2016 01:48 PM

سأستعين هذه المرة بالأديبة العراقية نازك الملائكة

لأعبر لك عن جمال كلماتك سيدتي جليلة احمد

فسحرها تعدى الإعجاب إلى حد الافتتان

فيمَ نخشَى الكلماتْ
هي أحياناً أكُفٌّ من ورودِ
بارداتِ العِطْرِ مرّتْ عذْبةً فوق خدودِ
وهي أحياناً كؤوسٌ من رحيقٍ مُنْعِشِ
رشَفَتْها، ذاتَ صيفٍ، شَفةٌ في عَطَشِ
إنّ منها كلماتٍ هي أجراسٌ خفيّهْ
رَجعُها يُعلِنُ من أعمارنا المنفعلاتْ
فترةً مسحورةَ الفجرِ سخيّهْ
قَطَرَتْ حسّا وحبّاً وحياةْ


فأي كلمات تلك التي سطرها قلمك

سوى أنها جمال يتلوه جمال

تنبض و تخفق و تحلق و تصعد وتنزل

كأنها كائن حي في صورة كلمات

جليلة ماجد 07-30-2016 11:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد وحيد (المشاركة 212515)
سأستعين هذه المرة بالأديبة العراقية نازك الملائكة

لأعبر لك عن جمال كلماتك سيدتي جليلة احمد

فسحرها تعدى الإعجاب إلى حد الافتتان

فيمَ نخشَى الكلماتْ
هي أحياناً أكُفٌّ من ورودِ
بارداتِ العِطْرِ مرّتْ عذْبةً فوق خدودِ
وهي أحياناً كؤوسٌ من رحيقٍ مُنْعِشِ
رشَفَتْها، ذاتَ صيفٍ، شَفةٌ في عَطَشِ
إنّ منها كلماتٍ هي أجراسٌ خفيّهْ
رَجعُها يُعلِنُ من أعمارنا المنفعلاتْ
فترةً مسحورةَ الفجرِ سخيّهْ
قَطَرَتْ حسّا وحبّاً وحياةْ


فأي كلمات تلك التي سطرها قلمك

سوى أنها جمال يتلوه جمال

تنبض و تخفق و تحلق و تصعد وتنزل

كأنها كائن حي في صورة كلمات



ممتنة لك أ. زياد ...
كلماتك تشجعني جدا ..
شكرا لك فعلا ...


جليلة ماجد 07-30-2016 11:31 PM



9 - استعار الغضب !

جلس على عرشه يشتعل غضبا ...
يطرقع بأصابعه فيهوي الحارس بين قدميه متوسلا ...
-لا أعرف ما الذي حدث يا سيدي لقد اختفت كالدخان ..
-كنت الأقرب إليها و كانت بين أصابعك كيف هربت؟
-أشار الحارس إلى رأسه مرتجفا-
-لا أعلم يا سيدي هناك من ضربني على رأسي و فقدت الوعي ..
-لستم حرس.. أنتم مجموعة من الأرامل النائحات كثيرات الشكوى و المأكل ..
-لو كنت معنا يا سيدي لرأيت العجب ..
-ارتجف لبرهة و هو يشعر باقتراب موته -
حتى .. حتى اسأل أم الحسن .. أنت تثق بها يا سيدي ... لقد كانت موجودة و رأت كل شيء !
رفسه بشده فمسح الحارس شريطا من الدم انفجر بشفته ..
-سأذهب .. و أناديها .. أم الحسن تعرف كل شيء .. كل شيء !

تعثر و هو يركض تاركا الشيخ محترقا بحممه .. يشعر بالقهر و الذل .. يغلي. كقدر قديم كثير الطقطقة .. نظر إلى ردائه الأحمر الفاخر وهو يفكر ..
-كيف لامرأة أن تملك هاذي القدرة .. لإرعابي .. لجعل القلق رفيقا لكل الليالي هنا .. كأن الخوف يجري في عروقي لا الدم الأحمر كهذا الرداء .. كم أنا خائف منها على سيف ابني و مفتاحي لهاذي الواحة ... لو مات سيف سينقلبون ضدي .. للآن هم في صمت لأنه ابن الأكارم و لأنه المبروك فقط ... ماذا تريد منه ..تلك المرأة ..
-انقطعت أفكاره و هو يشعر بسهم طرف من خلفه فالتفت مرتعدا فوجد أم الحسن أمامه تحفر عميقا في داخله بعينيها الخبيثتين .. و هي تفح كأفعى رقطاء ...
- نقتلها .. و نضع لرأسها ثمنا باهظا يا سيدي ...
-دعك من هذا كيف هربت و قد أمرت الحرس بالقبض عليها ؟؟
-إنها ملعونة .. لا أدري كيف حدث كل شيء بسرعة ..
كانت تصرخ تريد المبروك و قد أمرت الحرس بالإمساك بها و فجأة جاءت النار لا أدري من أين كتل. من النار مقذوفة من أعلى السماء تأتي على الحرس و تحرقهم .. أمرتهم بالإسراع و قد أمسك بها أحدهم بالفعل فهب ريح قوية مصحوبة بالمطر فأخذ بيد الجند و نظروا للسماء لبرهة و اختفت اللعينة المأفونة ..
-والآن يا أم الحسن أعلني إهدار دمها !
-تم !



ياسر علي 07-31-2016 02:22 AM

أهلا بالأستاذة جليلة ماجد

تزعين سحرا عجيبا في الحرف مع توالي الصّفحات

جميل هذا الأسلوب

و جميل هذا السّبك المميّز .

تقديري

جليلة ماجد 08-06-2016 07:37 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 212692)
أهلا بالأستاذة جليلة ماجد

تزعين سحرا عجيبا في الحرف مع توالي الصّفحات

جميل هذا الأسلوب

و جميل هذا السّبك المميّز .

تقديري


فليسعدك الله أ. ياسر ..
أشكرك و أشكر متابعتك الراقية
ممتنة لك جدا

جليلة ماجد 08-06-2016 07:40 PM




10- أعوذ بك ربي أن يحضرون !


-تعال يا أدهم ...
قلبه يكاد يهوي إلى ساقيه و قد عقدت أصابعه ..
يكاد يتعثر لولا أن اشرأب بعنقه عاليا ...
ينظر إلى المشهد الأكثر غرابة أمامه ..
إنه المبروك يحتضن حسناء و هي جاثية على الأرض
-ماذا تفعلين ؟ أ....

و مات الكلام قبل أن يخرج من شفيته .. اختفت الحروف و ذابت مع نظرات المبروك المخيفة ..
هذه ليست نظرات طفل بلا عقل .. يكاد يجزم مع ارتفاع وتيرة الطبول في صدره أنه عشيقها أو ..
هز رأسه طاردا هاذي الأفكار الخبيثة و هو يتمتم
-أعوذ بالله .. أعوذ بالله ..
كأنه كسر لهفة العناق بينهما .. فقالت حسناء هازئة
- ما بك يا أدهم كأنك رأيت عفريتا .. ها ها ها هاي !
همس و هو يتمتم ..
- و أعوذ بك ربي أن يحضرون !
قال المبروك
-سيحين وقت القطاف .. لن تظل النخيل صامتة للأبد
-أنت تتحدث مثل حسناء .. أنتما كائنان غريبان مخيفان .. علي أن أذهب !
قالت حسناء : تؤ تؤ تؤ تؤ .. من رأى القمر حتام يبتل بضوئه .. و من يعرف عليه أن يدفع ثمن الحقيقة !
-أنت لن تخيفيني هكذا أنا أقوى شباب القرية و ..
حملت ترابا و جعلت المبروك ينفخ فيه و نثرته بوجه أدهم ..
- و ما هذا تراب ؟ تظنيني أخاف من ...
و سقط مغشيا عليه ..
- قد اقترب القطاف يا سيف ! هاهاهاي


~ يتبع~


جليلة ماجد 08-23-2017 08:55 PM




11- لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ..


الواحة خربة دون أدهم ..
قد تشققت روحها و هي تبحث عنه ...
و تجد اسمه في كل مصيبة تحدث في القرية ..
هو من قذف كرات النار لحماية حسناء ..
هو من تعاضد معها لكسر هامة الشيخ ..
و الآن .. لا مكان له ..
ينظر إليها أهل القرية و يحوقلون ..
يتهامسون بأنها أم ثكلى .. لا ريب ..
فولدها من الدماء المهدورة .. حتما !
آه يا ولدي ..
يا خيرة شباب القرية ..
لأجل امرأة ضيعت كل شيء ..
تبا لمثلها من النساء !

زحفت على التراب الساخن و هي تردد ...
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ..
فتحترق أصابعها و تسمع صرير ركبتيها النخرتين ..
و رددت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

- لا ظالم لنفسه سواي يا أماه !
التفتت إلى الصوت ..
و نظرت إلى جسده بحسرة ..
- أين يدك اليمنى ؟؟ و ما هذا ؟؟
- القدر يا أماه القدر !
- لم تغلق عينك اليسرى .. افتحها ! .. افتحها !
- لا عين يسرى لي يا أماه ..
نظرت إلى ولدها الأكتع الأعور ..

و ذرت التراب على رأسها و هي تولول :
واأسفاه على شبابك با بني !
واحر قلبي على جمالك يا بني !
آه يا وجعي الممتد في روحي ..
آه يا قلبي المحترق عليك يا أدهم !
و أغمي على العجوز ..

حملها أدهم بيده الوحيدة و حاول أن يحتضنها ..
و دموعه الحارة تمطر على وجهها المتجعد كورقة قديمة ...
و هو يتذكر كل شيء ...

اللعنة على رعونة الشباب !
~ يتبع ~




جليلة ماجد 08-24-2017 09:50 PM



12 - و كان أمرا مقضيا :

الإنسان كائن أحمق ..
أحمق جدا ..
لا يحس بأهمية الأشياء إلا بعد فقدانها ..
لا يفكر أبدا بإمكانية فقد الأشياء ...
و لا يحمد الله على كل النعم الظاهرة و الباطنة ..
جلس في كهفه .. و أمه في حجره ..
يدندن عليها و يمسح بكفه شعرها الثلجي الأجعد ..
و هو يتذكر ما حدث له في ذلك اليوم ...
يتذكره جيدا بغصة كبيرة تحتل كل روحه ...

ذرت حسناء التراب في وجه أدهم ...
و ما إن استفاق ..
حتى أحس بالألم الشديد في جسده و وجهه ...
حاول أن يستند بيده اليمنى لكنه وقع ..
فلا يد يمنى لديه ..
صرخ بوحشية كائن خرافي ..
فجاءته حسناء ..
و رنين خلخالها كأغاني الموت الحزينة ..
حضنته قائلة ..
شكرا يا أدهم ..
اهتز جسده كالملسوع من نار حامية ..
و بصق عليها قائلا : ما هذا أيتها الملعونة ؟؟
ماذا فعلتي بي ؟؟ تبا لك من امرأة !
ليتني قلعت قلبي قبل الوقوع بحبك يا سليلة الضياع و الضلال !
- تؤ تؤ تؤ تؤ .. ما هذا الكلام الجارح يا أدهم ؟ و لم تقوله الآن .. ؟ أنت من رسمت هذا الخط .. عليك أن تمشي عليه أليس كذلك ؟
- نعم ؟ لو كنت أدري أنني سأفقد يدي و عيني ما لحقت بك يا ساحرة النحس ..

قربت وجهها من وجهه و هي تهمس كالأفاعي :
-أنت من أحرقت أمي .. أنت من جعلتها تصرخ طويلا ..
فكان عليك التكفير بأغلى ما لديك .. جسدك ..

تذكر حريقه المفتعل للنخلة العملاقة الكبيرة .. و فكر . . أنها مجرد نخلة .. رمز القرية .. لا أكثر و لا أقل ..

لفحته أنفاسها الحارة و ازدادت نبضات قلبه و هو يزدرد لعابه ...
- قدمت يدك و عينك كقربان .. و نعم لقد تقبلته الآلهة ..

- الآلهة ؟
صرخ أدهم ..
- يا سليلة العفاريت و الجن ..

نظر خلفها فرأى المبروك كما لم يره من قبل ...
رأى شابا قويا وسيما أسمرا ..
بعيدا كل البعد عن الطفل الأحمق ذو الأنف القذر ..
شهق و انطلق كالريح ...
بل أعتى !

~يتبع~




ياسر علي 08-25-2017 01:39 PM








أهلا بالأستاذة جليلة ماجد

تستأنفين الرحلة و بك نتلحق لاستكشاف ما يجود به القلم

عندما رجعت إلى التّاريخ ما صدّقت أنها سنة كاملة.

عودتك بشارة يمن وعطاء.


تقديري






جليلة ماجد 08-26-2017 08:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 226376)







أهلا بالأستاذة جليلة ماجد

تستأنفين الرحلة و بك نتلحق لاستكشاف ما يجود به القلم

عندما رجعت إلى التّاريخ ما صدّقت أنها سنة كاملة.

عودتك بشارة يمن وعطاء.


تقديري











شكرا لك أ. ياسر ...
ممتنة لمتابعتك .. حقا ..
نعم إنها سنة !
تمر السنون أسرع مما نتوقع !
كفرقعة إصبع ..

احترامي ..




جليلة ماجد 08-26-2017 09:03 PM



13 - عرس الدم :

ترتجف الأرض تحت قدميها ...
يضطرب قلبها و تلهث بسرعة ..
تضع خرقة سوداء على ما تبقى من شعرها ..
و تهرع للخروج من دارها التي تتحطم عليها ..
لون السماء أحمر كالدم المتدفق ...
تتساقط عليها الحجارة حارقة كالجمر ...
تحاول أن تزيلها عن جسدها النحيل ..
لكنها لا تستطيع ..
كالعالق في كابوس أسود ..
و لا يقدر له فكا ...
يهمهم و يختنق ..
و لا يستطيع الحركة قط ...
ثم استيقظت !
لقد كان حلما ؟؟
واقعيا جدا لدرجة إحساسها بالاختناق و العجز ..

- اللهم اجعله خيرا .. مسحت وجهها بيدها المرتجفة و هي تتنفس كغارقة عادت للحياة مرة أخرى ..
تسمع صيحات من بعيد ..
و زعاريد و أصوات موسيقى غريبة ..
يالهذا الصباح الغريب !
يهرول الحارس نحوها و هو يقول : تعالي يا أم الحسن ..

و يحملها كطفلة بين ذراعيه و يصعد البرج العظيم و هو يقول :
مهما شرحت لك لن تصدقيني يا أم حسن .. انظري بعينك !

ضيقت عينها و ازدادت أخاديد وجهها غورا و هي تحاول أن تفهم ما الذي يحدث في القرية .. هذه حسناء معروفة بثيابها المزركشة و شعرها الأحمر و رائحة القرفة التي في الجو ..
- هاذي حسناء يا أحمق !
- من الذي يمشي معها انظري جيدا يا أم حسن !
- يا الله ! كأنني أعرف الشاب إنه ....
- نعم .. أنه المبروك يا عجوز ..
- أنزلني .. أريد أن أحادثه ..
طفق بها راجعا و حملها على ظهره حتى وصل لحسناء ..

وقفت بعصاها أمامهما و هي تقول :
- أهذا أنت يا بني ؟؟ سيف ؟؟
- أنا المبروك يا آسن ..
نظرت إليه بخوف بدائي هامسة :
-و كيف .. أقصد ..
قاطعها - بعلياء متكبرة - قائلا : أنا حاكم هاذي الأرض ..
و شد حسناء نحوه باسما : و هاذي زوجتي الحورية الجميلة
- لا يا بني .. انتبه لي و انتبه منها ..
- لا تكدريني يا عجوز النحس و إليك عني أريد أن أذهب إلى الشيخ ..
- أنه أبوك يا سيف ..
- أبي ؟ لم أكن بيده سوى أداه لتأكيد الحكم .. و سوف آخذ حقي بيدي ..
- على جثتي !
- لقد طلبت هذا يا آسن .
التمع السيف مع شعاع الشمس و أعمت الدماء وجوه الحاضرين ..
~ يتبع ~






الساعة الآن 06:44 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team