منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   العبقرية- سرها ومنشأها: دراسة معمقه وكشف لسرها!!؟؟ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=4998)

ايوب صابر 06-20-2011 11:35 AM

العبقرية- سرها ومنشأها: دراسة معمقه وكشف لسرها!!؟؟
 
ما هي العبقرية ؟
ماذا قال الاخرون عن العبقرية؟ وسرها ومنشأها؟
هل يمكن تقديم جديد في هذا المجال ؟
هل يمكن تقديم تفسير للعبقرية؟
وما هو سر (العبقرية) إذا؟

ايوب صابر 06-20-2011 11:37 AM


سر العبقرية؟
المصدر : الانترنت
==
جملة قالها عبقري ولم يدر انه عبقري....!!!
"
إن تاريخ العالم ليس إلاّ سيرة الرجال العظماء" (توماس كارلايل).
ياتري ما معني العبقرية ؟
وأين نجدها ؟ هل التقيت بالعبقرية يوما ما في نفسك ؟
وماهي مواصفات العبقري؟
لقد قررت ان اكن عبقرياً فما السبيل لتحقيق هذا...؟
العباقرة لم يموتوا هل تطمع في عمر أخر ....؟
"
الإرادة القوية والتفكير، واكتشاف الذات، ومواصلة السير، وتحمل الضربات القاسية، ومواجهة الألم، والصبر الذي لا ينفد، ومداومة المطالعة في الكتب وتوظيف التجارب الحياتية الأخرى.. كلها عوامل لصناعة العبقرية"، والعبقرية تكمن في خلق الجديد، والقضاء على التبعية والتقليد. وأعلى درجات العبقرية الإبداع، وهي نهايته وليست بدايته، كما يعتقد البعض. والإنسان العبقري يهضم كل شيء حوله من أجل أن يقدم الجديد، ويضيفه للبشرية. والكثير من الناس يخلط بين العبقري والنابغة، فالعبقري: هو الذي يشق طريقًا جديدًا، والنابغة: هو الذي يسلك طريقًا معروفًا بتميز. والذي نحتاجه في هذا الزمن هو العبقرية. ومصطلح العبقرية قديم حديث. فالعبقرية عند اللغويين المتقدمين:
كابن منظور في "لسان العرب" "أن عبقر موضع بالبادية، كثير الجن، يُقال في المثل: كأنهم جن عبقر، وقال ابن الأثير: عبقر قرية تسكنها الجن فيما زعموا، فكلما رأوا شيئًا فائقًا غريبًا مما يصعب عمله، أو شيئًا عظيمًا في نفسه نسبوه إليها: فقالوا عبقري.
وعند الزبيدي في "تاج العروس" أن أصل العبقرية صفة لكل ما بولغ في وصفه، وأصله أن عبقر بلد يوشى فيه البسط وغيرها، فنسب كل شيء جيد إلى عبقر.
وعند الفيرزوآبادي صاحب "القاموس المحيط" الكامل من كل شيء، والسَّيد، والذي ليس فوقه شيءٌ، والشديد، وضرب من البسط.
العبقرية في نظر المعاصرين:
اختلفت وجهات النظر في مفهوم العبقرية، وهي مجموعة من التعريفات المختلفة، والمتشابهة نسبيًا، والوقوف على تعريف شامل صعب. بحكم التفاوت في الفهم والتحليل. فمنهم من يربطها بالقدرات العقلية المعرفية العالية، ومنهم من يربطها بالإنجاز والإنتاج لكثير من الأعمال التي يُلاحظ تأثيرها على الآخرين، ومنهم يختصر مفهوم العبقرية في خلق الجديد، ومنهم من يقول: إن العبقرية صفة خاصة لناس لديهم ملكة الإدراك تختلف عن غيرهم. ومنهم من يقول: هو الشخص الذي يجد الحلول لأزماته، ويخرج منها بشكل سريع.
ويقول أديسون حين سُئل عن العبقرية: "إنها 1% إلهام و 99% عرق جبين". وهناك رأي مناقض جذريًا له ولغيره من المفكرين، وهو: إن الإرادة والجد والمثابرة قد لا تحقق النجاح بل كثيرون أولئك الذي أرادوا النجاح، لكن لم يخالفهم الحظ. وكثير من الناس من وصل إلى أعلى المناصب وهو لم يبذل أي مجهود لذلك! ولم يفكر أو يحلم بذلك. وإنما حصلت بسبب وراثة اجتماعية أو ضربة حظ! في رأي الدكتور الاجتماعي على الوردي العراقي. ويرى أن الناجح قد امتلكه الغرور، ونسب كل فضل في نجاحه إلى نفسه، وفي نفس الوقت انتقد الكسالى: الذين يتذرّعون بالحظ، وهم لم يعملوا شيئًا. وقال: إن واقع الحياة أقوى من أية خطة يصفها عقل محدود.
والحقيقة أن الحظ هو نتيجة لمقدمة مسبوقة، بالإرادة والعمل، والإنجاز، والاتجاه بالشكل الصحيح. وقديمًا قيل: الحظ محصلة الترتيب والتخطيط.

العبقرية: أتُنال بالوراثة أم بالاجتهاد والكفاح؟
فالبعض من المفكرين والكتاب يعتقدون وراثية العبقرية، ومن أشهر من ألف في ذلك فرانسس غالتن: "العبقرية الوراثية"، والبعض الآخر يؤكد عدم وراثية العبقرية، فسقراط له أولاد غير جديرين به، وكان لشيشرون ولد غبي، وفي اعتقادي أن العبقرية غير محصورة بالوراثة دون غيرها.
و العبقرية غير مرتبطة بعمر معين، قد تظهر في الطفولة، وقد تتأخر إلى سن المشيب، ففي الستين ظهر نبوغ الفيلسوف (كانت)، وفي الثمانين كان زهير بن أبي سلمى لا يزال يبدع شعرًا. اكتشاف الذات:
شرط أساسي في تحقيق العبقرية، يقول الله عز وجل: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) [الذاريات: 21].
وطالما ردد الفيلسوف سقراط هذه العبارة وجعلها شعارًا له وهي: "اعرف نفسك"، وهي شعار الفليسوف الكبير( محمود عباس مسعود) ومعرفة الذات هي المنفذ الأول لفهم الذات، والإبداع والعبقرية، وفهم الآخرين الذين من حولنا، وعملية اكتشاف الذات تحتاج إلى اختبارات، ونفس طويل؛ لأن الطريق مليء بالمشاق والإخفاقات المتراكمة التي تحتاج إلى تفتيت، والجهل بالذات جهل بالطبيعة الإنسانية وقوانينها. فالمبدع سوف يعاني من الألم، والألم بوابة للإبداع، إذا وُجّه الألم في مساره. والبعض يظن أن الإعاقة هي المشكلة الجسدية، وفي الحقيقة الإعاقة هي المشكلة الفكرية والسلوكية، وقصة هيلين كيلر التي انتصرت على العمى والصمم والخرس. أبلغ دليل. فالرغبة العارمة هي البوابة الأولى لدخول هذا العالم الذي ليس من السهل اقتحامه بسبب آلامه، والرغبة هي الوسيلة لتحسين مواهبك واكتشافها بشكل أكبر. يقول الفيلسوف سقراط: "ما نحن إلاّ ما نفعله مرارًا وتكرارًا".
هناك تساؤل يطرح بين المثقفين والكتاب وهو: ما سبب غياب العبقرية في العالم العربي؟
طبعًا الأسباب كثيرة ومتنوعة، ولكن من أشهرها:
هو انشغال الإنسان العربي بالبحث عن لقمة العيش. كما يقول أديسون في حوار له.
وكذلك لعدم تكريم وتقدير المبدعين، والناس أصبحت لا تعرف المبدعين إلاّ بعد مماتهم ورحيلهم، وكذلك العقد النفسية والعادات الاجتماعية التي تحتاج إلى تحرر وغيرها، وهي أكثر من أن تحصر هنا. والوطن العربي الإسلامي يحتفل بعدد كبير من الشباب المتميز والمبدع، لكنهم يحتاجون إلى تصحيح المفاهيم، وإضاءة المبادئ في أذهانهم وواقعهم، وتجنب الأفخاخ الداخلية والخارجية، فمن الأفخاخ الداخلية التركيز على نقاط الضعف، وتجاهل نقاط القوة، وعدم مكافأة الذات على أي إنجاز رائع، والخارجية: التسليم التام لآراء الناس، وخاصة الجهال.
في عام 1991م احتفل نيلسون مانديلا –الرئيس السابق لجنوب إفريقية- بعيد ميلاده الثمانين وقال في خطابه:
"
إن خوفنا الأعمق ليس من أننا غير أكفاء؛ ولكن من أننا أقوياء إلى أبعد الحدود. إن ما نخشاه هو ما بداخلنا من نور لا ما بداخلنا من ظلمة".
كلنا يسأل نفسه: "من أنا حتى أصلح لأكون متميزًا ولامعًا وموهوبًا وفذًا؟
والأجدر أن نسأل أنفسنا: ما الذي لا نصلح لأن نكونه؟ نحن نصلح لكل شيء. إنك خليفة الله في الأرض. وتقليلك من شأن نفسك لا يخدم العالم. فنحن وُلدنا لكي نظهر عظمة الله الكامنة في داخلنا. ليست بداخل بعضنا فقط ولكن بداخلنا جميعًا.
وعندما نسمح لما بداخلنا من نور بأن يشرق، فنحن دون أن ندرك نسمح للآخرين بالقيام بنفس الشيء.
وعندما نتحرر من مخاوفنا، فإن وجودنا يحرر الآخرين تلقائيًا.
لا بد من استخدام الحيل التكيفية ، ومحاربة الإخفاق ، وعدم الاستسلام ،والقاعدة تقول: لا محاولات لا مكاسب.. ومن يظن أنه لن يخفق فهو يعيش في عالم السحر والخيال. ومن ذلك نستطيع أن نجعل من الأزمة فرصة ...
هل إنتاجنا الفكري يؤهلنا ان نقترب من دائرة العباقرة ....؟
وما نصيب العالم العربي من خريطة العباقرة في العالم...؟وهل في واتا عباقرة....؟
فعالم العبقرية غير مربوط بزمن معين، أو سن، أو نسل، وإنما يقوم ويتحقق بالكفاح الواضحة أهدافه، وبقوة الإيمان، والاستمرار .. والحياة واحدة؛ فاجعلها مشروعاً يُدوّن في التاريخ ..!!
لننطلق معا .
أنا وانت سوياً في طريق العبقرية...!!!
فهل تتحمل أعباء السفر ...؟
ومازال الحديث مستمراً
عن تعريف العبقرية والعباقرة...!!!
__________________
محمد حسن كامل
كاتب ومفكر بباريس
رئيس جمعية
تحيا إفريقيا بفرنسا
سفير سلام في فيدرالية السلام العالمي التابعة للأمم
المتحدة
منتديات إتحاد الكُتاب والمثقفين العرب

ايوب صابر 06-20-2011 11:39 AM

الموهبة، العبقرية، الإبداع، الابتكار، التميز

المصدر : الانترنت-



إن المفاهيم المرتبطة بالموهبة والعبقرية تكاد تكون متداخلة إن لم تكن واحدة وكلها تدور حول القدرات من حيث كونها ذات أصل جيني كما أن مفاهيم التميز والابتكار والإبداع تدور حول العمليات من حيث كونها قدرة مكتسبة وكل ذلك له أسس نفسية وعقلية تتعلق بالوراثة والبيئة ويتضح ذلك من وجهات نظر المتخصصين على النحو التالي :

أولا : الموهبة :


يقول لانج وإيكيوم عن الموهبة :


" إن المواهب قدرات خاصة ذات أصل تكويني لا ترتبط بذكاء الفرد، بل أن بعضها قد يوجد بين ذوي الحاجات الخاصة "


وعلى ذلك قد يكون الموهوب ذا قدرات معرفية متواضعة وقدرات أخرى فائقة .


ويقول إبراهيم عيد :


" إن القدرة والإمكانية والموهبة ما هي إلا تنويعات على معنى واحد هو الإبداع "


خلاصة ذلك أن الموهبة عبارة عن قدرة وهبها الخالق سبحانه وتعالى نخلقه، وهي متنوعة ومتعددة في خلقه ويمكن تصنيفها إلى أربعة أنواع على النحو التالي :

( 1 ) المواهب الفذة أو المنادرة :


وهي قدرات فائقة تقدم للبشرية إنجازات في مجالات عديدة .

( 2 ) المواهب الفائضة :


وهي قدرات تؤهل للانتاج الوفير المؤثر في النواحي الإنسانية .

( 3 ) المواهب النسبية :


وهي قدرات تخصصية مهنية كالطب والهندسة وغيرها .

( 4 ) المواهب الشاذة :


وهي قدرات ذات طبيعة خاصة تفتقد القيم .

ثانيا : الإبداع :


يقول شتاين


" الإبداع هو عملية ينتج عنها عمل جديد يرضى جماعة ما أو تقبله على أنه مفيد " .


ويقول سمبسون :


" قدرة الإبداع هي المبادرة التي يبديها الشخص بقدرته على الانشقاق من التسلسل العادي في التفكير إلى تفكير مخالف كلية " .


ويقول كارل روجرز :


" عملية الإبداع هي عبارة عن ظهور إنتاج ارتباطي جديد في العمل نابعا من الفرد ومن الحوادث ومن الناس " .


خلاصة القول في مفهوم الإبداع :
  • إن عملية الإبداع عملية ذاتية متجددة ( أي تحقيق الأصالة والحداثة ) بمعنى أنها تقدم ما هو جديد وتجدد القديم .
  • إن عملية الإبداع لابد أن تقدم فائدة مقبولة للمجتمع .
  • إن عملية الإبداع هي نتاج تفاعل مع البيئة وهي تدرك وتحل مشكلات الفرد والمجتمع والبيئة وعلى ذلك فإن الإبداع يماثل الموهبة في كونه يؤدي إلى فائدة عامة ويخالف الموهبة في كون الموهبة ذات أصل جيني متنوع متنوع ومتعدد والإبداع عملية مرتبطة بالتصور ( العقلي ) والبيئة ( المكتسبة ) .
ثالثا : الابتكار :


بداية يرى بعض العلماء أن الذكاء والابتكار قدرتان منفصلتان ويرى ( سيبرمان ) أن هناك علاقة ما بين الذكاء والابتكار وهذا ما تميل إليه وتؤيده مشاهدات الممارسين والابتكار قدرة تؤدي إلى التجديد في العلم والأداء والفنون والأفكار ويتم من خلال أربع مراحل :


( 1 ) مرحلة الإعداد ( الاستعداد ) .


( 2 ) مرحلة الحضانة ( التفكير لا شعوريا ) .


( 3 ) مرحلة الإلهام ( الإشراق أو الاستبصار أو الحل الفجائي ) .


( 4 ) مرحلة التقويم ( صدق الحلول ) .


وهي ليست متتابعة بالضرورة ولا جامدة .


وبمراجعة الدراسات في هذا الموضوع ( وبخاصة دراسات أحمد عبادة وفؤاد أبو حطب ) نجد أن الابتكار عملية تعتمد على قدرات هي :

( 1 ) الطلاقة :


وهي سبيل عادي من الأفكار المترابطة، فيبدو العقل المبتكر كما لو كان يطلق دائما طلاقات من الأفكار الجديدة ومن صور هذه الطلاقات :


أ- طلاقة لفظية وهي سرعة إنشاء حديث متصل ذي معاني .


ب- طلاقة بصرية وهي دقة وسرعة على الإدراك بالإبصار .


ج- طلاقة ارتباطية وهي سرعة توليد علاقات معينة .


د- طلاقة فكرية وهي سرعة توليد أفكار أو مفردات .

( 2 ) المرونة :


وتمثل تنوع الأفكار وكيفيتها ومن صورها :


أ- المرونة التقليدية وهي سيل أنواع لا نمطية من الأفكار .


ب- المرونة الشكلية وهي تنوع الحلول الجديدة .

( 3 ) الأصالة :


وهي عدم تكرار المعاني والأفكار .

( 4 ) الحساسية :


وهي حساسية الاستقبال أو الحساسية للمشكلات، وهي ترتبط بإدراك الثغرات وإدراك الاحتياجات .


مما سبق نجد أن الابتكار يختلف عن الموهبة على النحو التالي :
  • الموهبة هي قدرات خاصة تؤدي إلى التكوين والإيجاد لا ترتبط بالضرورة بالذكاء وهي تتأثر بالوراثة وتوجد عند أفراد بنوعيات متباينة .
  • أما الابتكار فهو قدرة تؤدي إلى التجديد في الأفكار والأداء هو يرتبط بالذكاء ويتأثر بالنشأة والبيئة وله مراحل .
رابعا العبقرية :


يرى ( هاريس ) أن العقول البصيرة المتوفدة هي العقول العبقرية ومنشأ هذه العبقرية ومنشأ هذه العبقرية يرجع إلى سرعة الانتقال في العمليات العقلية .


والعبقرية قدرة عقلية تعتمد على الإدراك والتركيز والتحليل والعبقري هو النافذ الماضي الذي لا شيء يفوته .




ايوب صابر 06-20-2011 11:40 AM

ماهي العبقرية؟
من كتاب خوارق اللاشعور للدكتور علي الوردي ص 68 - 71.

انثلاثة من كبار الفلاسفة المحدثين بحثوا في العبقرية ووصلوا فيها الى نتيجة تكادتكون متشابهة - وهي أن العبقرية خروج عن الذات وانغمار في عالم أسمىوأوسع.

وهؤلاءالثلاثة هم (شوبنهور) الألماني و(برجسون) الفرنسي و(توينبي) الانكليزي.

أما (شوبنهور) فيعتقد بأن العبقري يختلف عن الفرد العادي بشيء واحد هو قلة التقيد بمايتقيد به عامة الناس من اندفاع في سبيل الحياة وتنازع على البقاء. ان ارادة الحياةفي نظر (شوبنهور) هي الدافع الرئيس الذي يدفع الفرد العادي نحو أعماله وأفكارهالمتنوعة. ولذلك فهو لا ينظر في الأمور الا من خلال هذه الارادة. أما العبقري فهويسمو عن ذلك ويحاول أن يفهم الحياة على اساس موضوعيبحت.

يقول (شوبنهور): العبقرية هي الموضوعية الخالصة في الفكر. فهي تلك القوة التي تجعلصاحبها يهمل مصالحه ورغباته وأهدافه.. وينبذ شخصيته لمدة معينة بحيث يكون فيها اداةخالصة للمعرفة والنظر في الكون نظرا نقيا. ان المعرفة عند عامة الناس خاضعة لارادةالحياة وهي مسيّرة عادة في سبيل المصالح الشخصية والمنافع الخاصة. أما عند العبقريفالمعرفة هي التي تسيّر الحياة. (1)

ويرى (شوبنهور) أن هذا هو السبب الذي جعل الناس لا يفهمون العبقري، وهو لا يفهمهم. فهويمشي نحو السماء فيقع في البئر. وكلما كان الانسان أكثر اجتماعية كان في رأي (شوبنهور) أقل عبقرية واكثرابتذالا.

ويقول (شوبنهور) أيضا: ان تراجم الرجال العظام تشير الى ترابط الجنون والعبقرية، وهو قددرس كثيرا من الحالات الفردية من مستشفيات المجانين فوجد أمارات العبقرية واضحةفيها...

والمرأة في نظر (شوبنهور) قد تملك أحيانا مقدرة فائقة ولكنها لنتستطيع أن تكون عبقرية لأنها لا تقدر على الخروج من ذاتها، فهي ميالة الى النظر فيالأمور من خلال عواطفها ورغباتها الشخصية. (2)

و (برجسون) يميل في تفسير العبقرية الى ما يقرب تفسير (شوبنهور). فهويقول:

انالانسان ميال بطبيعته الى موافقة الجماعة التي ينتمي اليها. اما العبقري فيشعر أنهينتمي الى البشرية جمعاء ولذا فهو يخترق حدود الجماعة التي نشأ فيها ويثور علىالعرف الذي يدعم كيانها. انه يخاطب الانسانية كلها بلغة الحب، وكأنه انسان من نوعجديد. (3)

ويعتقد (برجسون) بان العبقري فيه نزعة من التصوف،ذلك أنه حين ينغمرفي ساعة الابداع يغيب عن وعيه ويدخل في ما يشبه الوجد الصوفي أو الغيبوبة. انه عندذلك يتحد مع الدفقة الحيوية الكبرى التي تسيّر الكون، ويستشف من الحقيقة المطلقة مالا يستطيع أن يستشفه المنغمسون في همومهم الضيقةالمحدودة.

ويأتي (توينبي) فيوافق (برجسون) على ما يقوله موافقة تامة، وهو يرى أن العبقرية هي سببالتطور في المدنيات البشرية. فالفرد العادي في نظر (توينبي) محافظ جامد يميل الىالتمسك بالعادات الموروثة، أما العبقري فهو على النقيض من ذلك يحب الابتداع والثورةعلى التقاليد. ان العبقري يشعر بأنه كلف برسالة وكثيرا ما يحب الفناء في هذهالرسالة بحيث يصبح كالعاشق الولهان لا يعرف من الدنيا الا اياها، فهو مقلق للنظامالاجتماعي مهدد لكيانه اذ هو يبغي أن يحوله من حال الى حال ولا يبالي أن ينال فيسبيل ذلك ما ينال.

ويعتقد (توينبي) أن العامة من الناس متماثلون في المزاج ونمط التفكيرأينما وليت وجهك - سواء في ذلك المتمدنون منهم وغير المتمدنين. ومعنى ذلك: ان رجلالشارع في أوروبا مثلا لا يختلف في طبيعة تفكيره عن رجل الشارع في أفريقيا أوآسيا.(4)كلاهما بليد يميل الى الخرافة وسرعة التصديق. انالفارق الذي يميز المدنية عن الحياة البدائية هو كثرة ظهور العباقرة في الاولىوقلته في الثانية. فالمدنية تفسح المجال للعبقري أن يقول ما يشاء أو يبدع ما يهوى. أما بين البدائيين والمتأخرين فالمجدد ممقوت وكل من يبتدع شيئا لم يعهدوه من قبلقابلوه بالانكار أو الاستهزاء أو الأذى، ولا ينجح بينهم الا الجامدون المتزمتونالذين يتنافسون ويتفاخرون على مبلغ ما يتفوق به احدهم في تمسكه بالعادات الموروثةوالقيم الاجتماعية.

ففي رأي (توينبي) أن المتمدنين يتجهون في اعجابهم وتقديرهم نحوالمبتكرين والمخترعين والعباقرة، بينما المتأخرون نحو المحافظين والمقلدين. انه فرقفي اتجاه التقدير لا في نوعه. وهذا الاختلاف في اتجاه التقدير هو الذي يؤدي الى ذلكالاختلاف العظيم في مظهر الحضارة. (5)

المصدر: الانترنت

ايوب صابر 06-20-2011 11:44 AM

سر العبقرية؟

اختلف الباحثون والمتخصصون في تعريف معنى "العبقرية" حيث فضل بعضهم استخدام لفظ
"المتفوق" لإزالة اي لبس في المعنى .. وقد اجريتالكثير من الدراسات حول الموضوع كان من بواكيرها دراسة فرانسيس جالتون "العبقرية الوراثية " عام 1969 ،وخلص فيها الى ان
العبقرية مسألة وراثيةبعد ان تحرى احوال الف رجل من مشاهير بريطانيا في مختلف الميادين
،اذ قامبدراسة شجرة العائلة والسلف والخلف فتبين له ان العبقري يولد لأسرة يتسلسل فيها
العباقرة ، الا ان اعتبارات الشهره التي قاس على اساسها تحرياته لم تكنموضوعيه اذ خلط بين
الصفتين دون ان ينتبه الى ان العبقري قد لا يحصد الشهرهالتي تتدخل فيها عوامل دعائيه وسياسيه
واجتماعية .. والحظ ايضا وقدوجه "دي كاندول" المزيد من النقد لنظرية جالتون قائلا ان البية المحيطه تسهم في صقل الموهبه واذكائها مثل الثراء والتقاليد العلميه ووجود المكتبات واماكن البحث والتجربة ،اضافة الى حرية التعبير عن الرأي واختيار المهنه والمناخالمعتدل وحاول علماءالنفس تفسيرالعبقريه على اساس ديناميت الشخصيه ، فقد رأىفرويد أدلر ان من
يشعرون بالدونية او النقص الذي يرجع الى عوامل مختلفهمنها الوضع الاجتماعي المتدني والنقد
الابوي والقصور البدني يحاولون تنميةقدراتهم الى اقصى ما يستطيعون ، الا ان العباقره منهم لابد
ان تكون لهم قدرات.

ويذهب فرويد في تفسيره للعبقريه مذهبا مختلفا ، اذ يرىان العبقري شخص مصاب بالاحباط
تحتدم الصراعات في داخله ، وهو يحل مشكلاتهالنفسيه بالتعبير عن نفسه من خلال العلم والفن
وعلى الرغم من ان نظريةالتحليل النفسي تنسب العبقريه الى الاصول الدينامية النفسيه للعصاب
والذهان "الاضطرابات النفسيه والعقليه" نفسها الا انها تقول ان العبقري ينفرد بأنه يحلمشكلاته
بنشاطات معترف بها اجتماعيا بينما غيره من الاشخاص المصابينباضطرابات عصبيه او ذهانيه
يعبرون عن انفسهم بطرق غير مقبوله اجتماعيا اوان نشاطهم ينصرف الى اعراض الاضطراب
بينما يكون نشاط العبقري ايجابيا.

وترى نظريات التحليل النفسي ان العمل الحلمي هو ايضا شكل متسام لهقيمته الثريه من حيث تفرد
التجارب التي يقوم عليها والدقه التي تأتي بها نظرياته. وقد جوبهت نظريات التحليل النفسي في مجال العبقريه بالنقد الشديدعلى اساس انها لا يمكن ان تكون بالضرورة نتيجة تأثير الصراعات النفسية اويكون اساسها بالضرورة شذوذا في التكوين وبينت الكثير من الدراسات انالعبقريه لا تشترط الشذوذ النفسي ولا علاقة البته بينها وبين الامراضالنفسيه .. على العكس فقد تبين ان العبقري انسان انسان منفتح على الخبراتالجديده ويتمتع بشخصية غنية ويعيش انسجام مع نفسه ولا يشعر بالسخط علىاوضاعه وان كان يعاني قليلا من التوتر والقلق والاكتئاب وهي من خصائصالعملية الابداعيه ولا سيما في طور البداية.

المصدر : الانترنت

ايوب صابر 06-20-2011 11:47 AM

العبقرية والخيال....انه الخيال
المصدر: الانترنت

العبقري هو من يعيش العالم الحاضر ولكن فكره في العالم المستقبلأو بمعنى اخر فكره أمام عالمه بعشرات أو مئات السنوات
لذالك هو يبدو للبعض منامجنونا أو مسبوه بلغة النجديين
تجده سارح الذهن تبدو لنا أفكاره ضربا من الهلوسهوتخيلاته
مجرد أوهام....
تبدو لنا كذالك!!!!
ولكن مع مرورالاجيال يخلد التاريخ اسم هذا الانسان
انسان الخيال
مجال افكارهم ليسلها حدود وتصوراتهم تصدح بعيدا في الافاق وافاق الافاق
طبعا احدنا اذا اخذيتخيل فانه ولا بد ان يتوقف عند احد الحدود
اللتي ألزمنا انفسنا بها أماالعبقري فلا يعترف بهذه الحدود
من أهم ظواهر العبقريه النظرهالمختلفه للامور أوالاحداث أو المواد ....
فهذا الانسان يبدو للجميع أنهينظر بطريقه مختلفه لنظرة جملة الناس و هذا يدل على انه يفكر بطريقه مختلفه عنالاخرين قد يصفه البعض بالجنون او شدة الغباء وهم في الحقيقه يعانون من عدم القدرهعلى فهم ما لديه
اينشتاين عندما وضع النظريه النسبيه العامه اعتبرها كبارعلماء الذره هراء في هراء ولم يقروها...........والسبب ببساطه أنهم لميفهموها
أديسون طرد من المدرسه باعتباره متخلف عقلي ولكن الواقع أن مدرسه قدضاق ذرعا باسئلته واللتي يعتبرها غبيا بمقياس هذا المدرس العقلي
اذن هناكعوائق تصادف العباقره وهي عوائق طبيعيه لانهم في الواقع لايعيشون في واقع يتناسب معأفكارهم أضافة الى صفة النظره المختلفه للاشياء واللتي تميزالعباقره
هناك صفه أخرى مهمه وهي الجرأه في التفكير ...
الجرأه فيالتفكير تكسر جميع القيود أمام هذا العقل وتشطح بالخيال بعيدا.....على سبيلالمثال:
هل فكرت يوما أنه بامكاننا حفر حفره داخلحفره؟؟؟؟
من المعلوم أنه في بعض المسائل الحسابيه تكون نتيجةالمسأله قيمتين أحدهما موجبه والاخرى سالبه.........ودرج علماء الفيزياء عموما علىاهمال القيمه السالبه وأخذ القيمه الموجبه كحل معبر للكتله أو الحجموخلافه......
لانه منطقيا لايوجد كتله أو حجم بقيمه سالبه ولو أن الرياضيات توجدهذا الحل....
ولكن خرج عالم يسمى ديكارت وطرح سؤال في غاية الجرأه لماذالانأخذ القيمه السالبه ونعتبرها حل ممكن!!!!!
وكان هذا السؤال الجريء خلفاكتشاف الجسيمات اللتي يقال عنها antiparticles
واللتي رصدت فعلا فيالمختبرات المتقدمه!!!!



دائما التقدم الانساني والعلمي والاحداثالبشريه يكون نتيجة للخيال والخيال فقط
لعل بعضكم شاهد مقابله في السيان ان لاحد الرواة الكبار في أمريكا والذي كتب روايه منذ أكثر من 15 سنه عن هجومعلى مدينة نيويورك من كائنات فضائيه ..........هذه الروايه طبقت في أرض الواقع منذأيام.......


ايوب صابر 06-20-2011 11:49 AM

أسرار عبقرية شكسبيروآينشتاين
المصدر: الانترنت

كيف يبدع العباقرة، وكيف تتفتق أذهانهم عن هذه الافكار المبتكرة؟ وهلهناك صفات مشتركة بين مخ العباقرة حتى لو اختلف مجال تألقهموابداعهم؟
بمعنى آخر ما هو القاسم المشترك في اسلوب التفكير عند كل منآينشتاين، دافنشي، بيكاسو، جاليليو، موتسارت، فرويد، شكسبير، فيرجينيا وولف وغيرهم؟وهل يمكن أن نطبق مثل هذه الاساليب والاستراتيجيات ونتعلمها ونعلمها لكي نصبح أكثرعبقرية وابداعاً؟ جميع هذه الموضوعات تناولها د. عبد الهادي مصباح في كتابه "العبقرية والذكاء والابداع" سلسلة الجينات والسلوكيات- الدار المصرية اللبنانية- تميز الكتاب بثراء معلوماته المبسطة، بالاضافة الى توفر مصادر عديدة ومتنوعة فينهاية الكتاب تحتوي عناوين كتب وموسوعات ومواقع علمية الكترونية تتناول موضوعاتالذكاء والابداع، وعناوين مواقع تضم جميع مؤلفات وأبحاث العالم الانثروبولوجي "هوارد جاردنر"، ونقدم هنا موجز عن بعض الدراسات والابحاث وهي أبحاث حول مخ العالمآلبرت آينشتاين، دراسة العالم الانثروبولوجي "هوارد جاردنر" حول العقول الفائقة،وأسرار عبقرية ويليام شكسبير اللغوية، والامور المشتركة في نشأة وبيئة العباقرة،وسواء اتفقت أو اختلفت مع نتائج هذه الدراسات الا أنها تؤكد أن غيرنا يستغل وقتهويوظف جهده في اكتشاف الكثير من الامور بينما نحن نستغل وقتنا في أمورأخرى.......أمور اخرى لا علاقة لها بالعلم.


دراساتمخ آينشتاين:

المخ الوحيد الذي خضع للدراسة والتحليل هو مخ العالم "آلبرت آينشتاين" الذي توفي عام 1955 عن عمر يناهز السادسة والسبعين، وكانت وصيتهالاخيرة أن يتم حرق جثمانه بعد وفاته، على أن يتم الاحتفاظ بمخه من أجل أن تجريعليه الابحاث، لمعرفة سر عبقريته الرياضية والفيزيائية، يقول د. عبد الهادي مصباحبالرغم من أهمية الدراسات التي تناولت مخ آينشتاين الا أنها لا تقدم استنتاج حاسميدل على مواطن العبقرية في المخ، لانها دراسات لمخ بشري واحد وهو مخ آينشتاين،بينما لو اجريت هذه الابحاث الآن على أمخاخ العباقرة والحاصلين على جوائز نوبل منالاحياء عن طريق استخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي أو الاشعة المقطعية لكانبالامكان تحديد الاماكن والمناطق المعينة في المخ التي تمنح هؤلاء العباقرة مميزاتغير موجودة لدى غيرهم، لذلك فهو يأمل من العلماء والعباقرة بأن يوصوا بالتبرعبأمخاخهم بعد وفاتهم، للتمكن من معرفة كيف يؤثر تكوين المخ على شخصية الانسانوإبداعه وذكائه، وكيف يمكن التدخل من أجل تنمية الذكاء والابداع، وعلاقة الجيناتالوراثية بهذه القدرات غير العادية في شتى المجالات، وقد أظهرت الدراسات التي نشرتحول تشريح مخ آينشتاين نتائج مهمة منها أن هناك مناطق معينة في مخه بها نسبة أكبرمن الخلايا المناعية والتي تحيط بكل خلية عصبية لكي تغذيها وتمدها بالطاقة اللازمةلعملها، أي أنه كلما زادت نسبة هذه الخلايا المناعية في أجزاء معينة في المخ، زادتقدرة الانسان على التفكير والتخيل والاستنتاج وسرعة رد الفعل، وأن وزن دماغه أخف منوزن دماغ الانسان العادي البالغ، كما أن سمك القشرة المخية عنده كان أقل من المعدلالطبيعي عند الرجال العاديين الاخرين الذين شملتهم الدراسة، لذلك فهما ليسا العاملالمحدد للذكاء والعبقرية، ومن النتائج ايضاً أن السطح الخارجي لمخه يتمتع بعمقملحوظ في الشقوق الموجودة على السطح الخارجي للمخ، خاصة في المناطق التي يعتقد أنهامسئولة عن القدرات الحسابية وتخيل الفراغات، كما أظهرت أن مخ اينشتاين أعرض منالامخاخ الاخرى بنسبة 15% ما يعطي مساحة أكبر لتشابك النهايات العصبية فيالمخ.


العقول الفائقة:

كتب "هواردجاردنر"-عالم أنثروبولوجي- منذ أكثر من عشرة أعوام عن ذوي العقول غير العاديةالفائقة الانجاز، والفائقة التفكير مثل الشخصيات العظيمة ذات الانجازات الرائعةوالتي قدمت خدمات جليلة للبشرية، درس جوانب التميز عند بيتهوفن، موتسارت، وغاندي،كارل ماركس، فرويد وغيرهم، ركز في كتابه على أربعة اشخاص بشكل اساسي معتمداً علىالمبادئ الاربعة الاساسية والبيولوجية للعقول الرائعة والفائقة والاكثر تميزاً، وهمسيجموند فرويد كنموذج لوضع الاسس والقواعد، فيرجينيا وولف كنموذج لحلم العبقرية،موتسارت كنموذج للمتألق، وغاندي كنموذج للمؤثر، وأوضح أنه غالباً ما يكون لذويالعقول الجبارة المتميزة نصيب من الوراثة في عقولهم هذه، الا أن البيئة تلعب دوراًأكبر في إظهار العبقرية في وقت ما، أو ساعة ما، أو ظرف ما، وهي الاكثر تأثيراً فيظل ثقافة ما، واكتشافات آينشتاين تؤكد هذه الحقيقة.


أسرار عبقرية شكسبير اللغوية:

كما حدد "هوارد جاردنر" من خلال نظريته "الذكاءات المتعددة" أهم الصفات التي تعبر عن صاحب الذكاء اللفظي أواللغوي، والتي من خلالها حلل أسرار عبقرية شكسبير التي خلدته في ذاكرة الادب لمئاتالسنين، وهي أولاً أنه يمتلك مخزون ضخم من الحصيلة اللغوية والكلمات، فقد استخدم فيمؤلفاته ما يزيد عن 25 الف كلمة مختلفة، بينما يستطيع الشخص المثقف العادي أن يتعرفعلى معاني كلمات يصل متوسط عددها ومعانيها الى 5 الاف كلمة، ثانياً إمكانية توظيفالكلمات في مكانها الصحيح واللعب بمعانيها، وإدخال كلمات ومعان جديدة وتركيبات وجمللغوية غير مألوفة كانت جديدة على اللغة آنذاك، ولم تكن سائدة في عصره، لذلك كان بعضأدباء عصره يتهمونه بالخروج على الاداب العامة والتقاليد، ثالثاً الاحساس العالي معحرفية الكتابة بحيث تمس الكتابة مشاعر القارئ واحاسيسه وكانها كتبت خصيصاً من أجله،ومن أسباب خلود كتاباته وعبقريته أنه كان ممثلاً جيداً مثلما كان كاتباً متميزاً،اضافة الى ذلك أنه كان يترجم مشاعره السلبية أو الايجابية في صورة عمل أدبي يحملمختلف المعاني المتناقضة.


أشياء مشتركة في العباقرةوالمبدعين:

بدأت الدراسات الاحصائية والتحليلية التي تتناول نشأةوبيئة العباقرة منذ عام 1904 لمعرفة أسرار العبقرية، وكان من نتائجها أن معظمالعباقرة ولدوا لآباء تجاوزت أعمارهم الثلاثين عاماً، بينما الامهات دون سن الخامسةوالعشرين، وأنهم في معظم الاحيان تكون صحتهم معتلة أثناء طفولتهم، الا أن باحثينآخرين لاحظوا أن كثيرين منهم كانوا أناساً عاديين مثل ديكارت، جاليليو ونيوتن،وأثبتت بعض الاحصائيات أن بعضهم كان يتيم الاب مثل تشارلز ديكينز، والبعض الاخريتيم الام مثل ماري كوري وداروين، ولم يؤثر هذا الغياب وهذه الظروف على عبقريتهم،أما الخصائص المميزة للعبقري كما خلصت لها الدراسات والابحاث فهي أنهم يعرفون كيفيفكرون وليس فقط أنهم يعرفون فيم يفكرون، بالاضافة الى الانتاجية الهائلة،فالعباقرة يتميزون بغزارة إنتاجهم وضخامته، فقد أنتج الموسيقار "موتسارت" أكثر من 600 قطعة موسيقية، وأنجز بيكاسو أكثر من 120 ألف عمل فني في حياته، أما المسوداتالعديدة التي كتبها ت.س. اليوت لقصيدته الشعرية The Waste Land فتحتوي على مجموعةمن الفقرات السئية والجيدة التي تحولت في نهاية الامر الى تحفة أدبيةرفيعة.

وبقي أن نذكر أن آينشتاين سٌئل ذات مرة عنالفرق بينه وبين الانسان العادي، قال "الانسان العادي إذا طلبت منه أن يبحث عن إبرةفي كومة قش، فانه بمجرد أن يعثر على الابرة، فسوف يتوقف عن البحث فوراً، أما أنافسوف أستمر في التنقيب في كومة القش بحثاً عن احتمال وجود إبر أخرى"، وقال "أديسون" أن العبقرية مكونة من 1% الهام، 99% عرق وجهدوكفاح.

سر عبقرية إينشتاين وغيره

.. كشفت قريباً عن طريق إستخدام " النمذجه " العقليه ومعرفة النميطات الأكثر عملاً في تجاربهم الشخصيه وتأتى ذلك من خلالالمقابلات التي تمت معهم وأستنبطها مستخدمي النمذجه فوجدوا شيئين هما نقطة إرتكازصمته حينما يصمت وهما : أنه رجل يحب الغموض بفطرته وما تخزن في عقله من تجاربومعلومات من صغره إلى أن أصبح رجلاً فكل ذلك أثر على طريقة تتابع الإستراتيجياتالذهنيه في عقله لخروج إبداعه وبالنسبه لما تعلمه وقرأه فشيء أكيد أنه قرأ وتعلمولكن الفرق بينه وبين أساتذته وزملاءه العلماء أنه كان يتصف بصفة شغف اللحاقبالغموض أينما كان في دراسته وهنا السر في الفرق الذي يصنع الفرق ، والشيء الثانيهو أنه بذلك الغموض الذي يشعره بحساسية تجاه الأفكار والمعلومات وكل ما قرأه وتعلمهجعلته يعيش مرحلة الشك في كل لحظه في كل ما قرأه وتعلمه وشعر به وبالتالي طبع نفسهعلى أتقان المرونه في حديثه مع ذاته ومع غيره فلسان حاله يقول ماذا لو ... دائماً.

بالنسبه لسبب طرح هذه الأفكار التي يعرفها الجميع وأنتي أولهم هوفقط لإرهاف الحواس وإدخال عامل الدقه والإشارة له والتذكير به لا أكثر .

ايوب صابر 06-20-2011 11:50 AM

سر العبقرية في أربعة عناصر

المصدر : الانترنت

ما هي العبقرية ؟ هل هي الذكاء ؟ ام ان هناك فارق بينهما ؟ من هم العباقرة ؟ وهل هم يختلفون عن الاشخاص الطبيعين ؟ هل هناك اسباب معينة لكي يكون شخصا ما ..عبقريا ؟؟
العبقرية حالة انسانية فريدة متعددة الجوانب ومن الصعب الادعاء بإمكانية احتواء ابعادها في مجموعة صغيرة من الاوراق .. وعلى هذا الاساس كان لا بد من الاقتصار على منحى واحد من العبقرية وكشف سرها من خلال اهم أربعة عناصر في بناءها وهي :
- البيئة
- الوراثة
- الشعور بالمسؤلية
- الزمن المناسب

ايوب صابر 06-20-2011 11:59 AM

مكونات العبقرية؟
المصدر : الانترنت مع الشرك لكاتب المقال على جهده .

منذ قديم الأزمان كان الناس يعتقدون بأن هناك علاقة بين العبقرية والجنون. وكانوا دائما يتحدثون عن العبقري بشيء من التهيب والوجل، فهو شخص غريب الأطوار معقد الشخصية يختلف عن جميع البشر، والواقع أننا إذا ما استعرضنا أسماء كبارا لكتاب وجدنا أن معظمهم _ان لم يكن كلهم.كانوا يتميزون بتركيبة نفسية خاصة وغير طبيعية بل إن بعضهم دخل في مرحلة الجنون الكامل. نذكر من بينهم على سبيل المثال لا الحصر: هولدرلين ونيتشه، وجير ار دونيرفال، وانطو نين ارتو، وفان جوخ، وغي أو دو موباسان، وفيرجينيا وولف، وشومان، والتوسير،(1) الخ..

وقد طرح أحدهم على الكاتب الفرنسي اندريه موروا هذا السؤال: هل جميع الروائيين مجانين أو عصابيون؟ فأجاب الكاتب الكبير: لا الأصح أن نقول أنهم كانوا سيصيرون جميعهم عصابيين لولا أنهم أصبحوا روائيين.. فالقصاب يا سيدي، هو الذي يصنع الفنان، والفن هو الذي يشفيه(2). وكان جوابا مقنعا ورائعا. فالواقع انه لولا العصاب لما كرس أشخاص من أمثال بلزاك أو ديستويفسكي أو فلوبير أنفسهم لفن الكتابة. ولولا أنهم نجحوا في هذا الفن وقدموا لنا روايات خالدة لما نجوا هم أنفسهم من مرض العصاب. هذه هي الدائرة المغلقة التي تجمع بين الابداع والمرض أو بين العبقرية والجنون. ولكن السؤال المطروح هو: لماذا يسقط في ليل الجنون حتى أولئك الذين أبدعوا ابداعا كبيرا؟ لماذا لم يحمهم الابداع _ أو الانتاج الابداعي _ من الجنون؟ فلا أحد يشك في أن نيتشه من كبار الفلاسفة، ومع ذلك فقد جن بشكل كامل في أواخر حياته وظل مجنونا لمدة أحد عشر عاما حتى مات سنة 0 190، ولا أحد يشك في أن هولدرلين هو واحد من أهم الشعراء في العالم، ومع ذلك فقد أمضى نصف عمره تقريبا في بحر الجنون... والواقع انه تصعب الاجابة عن هذا السؤال، ولكن ربما التقينا به في مرحلة لاحقة، مهما يكن من أمر فإننا نظل متفقين مع اندريه موروا على القول بأن الفن يشفي من العصاب بشكل عام، ولولاه لجن معظم أولئك الكبار الذين سجلت أسماؤهم على صفحات التاريخ، ويكفي أن نستعرض سير حياتهم التي كتبت بعد وفاتهم لكي نتأكد من ذلك، وتكمن عظمتهم بالضبط في أنهم تجاوزوا عصابهم أو عقدتهم النفسية المتأصلة عن طريق الابداع. فلا ريب في أن الابداع يحرر من العقد ويعطي الشخصية ثقة بنفسها.
لماذا أتحدث عن هذا الموضوع الآن؟ ولماذا اخترته للكتابة في هذه الدراسة المطولة، وكان لهذا عدة أسباب:
أولها أنه كان يعتمل في نفسي منذ زمن طويل. وثانيها انه يمثل نوعا من"التابو" أو المحرمات فيما يخص الثقافة العربية. فلا أحد من الكتاب العرب يجرؤ على الاعتراف بأنه مصاب بعقدة نفسية معينة أو بعصاب معين. نقول ذلك على الرغم من أن هذا الأمر أصبح شائعا ومعترفا به لدى الكتاب الغربيين ولم يعد يثير أية حساسية، ولذلك فإني سأقصر دراساتي هنا على تاريخ الثقافة الغربية لكيلا أحرج أحدا. وثالثها، وربما أهمها، من أجل تبديد ذلك الوهم الشائع والمخيف الذي يحيط بكلمة عصاب، أو عقدة نفسية، أو جنون. فعادمنا لا نتجرأ على فتح هذا الملف والتحدث عنه، فإنه سيظل محاطا بالغموض والأسرار والمخاوف. والواقع أن الجنون بالمعنى الذي نقصده، أي الجنون الابداعي، ليس مخيفا الى مثل هذا الحد بل ربما كان محببا وقريبا الى النفس. وهو على أي حال لا يؤذي أحدا، اللهم الا صاحبه... وكان يمكن أن استخدم محله كلمة التوتر الداخلي أو المعاناة أو الاضطراب النفسي الذي يدفع الى الابداع ويحل عن طريق الابداع. فالشخص المتوازن كيا، أي التافه والغبي لا يمكنه أن يشعر بأي حاجة للابداع..

من أجل الاستئناس بهذا الموضوع يستحسن بنا أن نعود الى الماضي لكتابة مقدمته التاريخية. يبدو أن افلاطون كان أول من انتبه الى هذه النقطة عندما قال بأن العباقرة يغضبون بسهولة ويخرجون عن طورهم. انهم يعيشون وكأنهم خارج الزمن والوجود، وذلك على عكس الناس العاديين. ولكن أرسطو_ تلميذ افلاطون _ هو الذي نظر لهذه العلاقة بشكل فلسفي محكم. وقد طرح هذا السؤال: لماذا يبدو جميع الرجال الاستثنائيين من فلاسفة وعلماء وشعراء وفنانين أشخاصا سوداويين؟ نلاحظ أن أرسطو يستخدم كلمة الرجل الاستثنائي بدل العبقري، والسوداوي بدل المجنون. والواقع انه أقرب بذلك الى تصورنا الحديث. فنحن لم نعد نقبل بكلمة العبقري أو العبقرية بسهولة، وانما نفضل عليه تعبيرا أقل ضخامة أو أسطورية. ولم نعد نستخدم كلمة الجنون المرعبة وانما كلمات حديثة أخرى من اختراع الطب النفسي كالاضطراب الذي يصيب المزاج ويجعله حساسا جدا أو متحفزا جدا. ويقول أرسطو بأن السويداء تبتديء بميل الانسان الى الوحدة والعزلة والتأمل ثم تنتهي أحيانا بالصرع أو الجنون أو حتى الانتحار. ولكنها لدى المبدعين الكبار تتوقف عموما عند حد معين لأن الابداع يلجمها أو يوقفها عند حدها. ثم جاءت الثقافة الرومانية -اللاتينية بعد أرسطو واليونان وأخذت منه هذه الفكرة. ولذلك شاع المثل الذي يقول: لا يوجد شخص عظيم بدون حبة جنون ! واذا ما انتقلنا بعدئذ الى القرن الثامن عشر، أي الى عصر التنوير، وجدنا ان ديارو هو الذي بلور هذه الفكرة الشائعة التي تربط بين العبقرية والجنون. يقول هذا الفيلسوف الفرنسي:"آه: ما أكبر العلاقة بين العبقري والمجنون. فكلاهما يتميز بميزات خارقة للعادة إما باتجاه الخير واما باتجاه الشر. فالمجنون يسجن في المصح العقلي والعبقري نرفع له التماثيل !..(3) ثم جاء القرن التاسع عشر وتأسس علم الطب النفسي لأول مرة على أسس حديثة. وأكد على وجود هذه العلاقة الوثيقة بين العبقرية والجنون. فالشخص العبقري لا يمكن أن يكون طبيعيا على طريقة الناس العاديين. يقول عالم الطب النفسي الكبير ايسكيورول بأن الشخصيات الكبرى في التاريخ هي شخصيات"مرضية" ويضرب على ذلك مثلا لوثي وباسكال، وجان جاك روسو، الخ... وقد استعاد هذه الفكرة بعده طبيب نفسي أقل شهرة هو"لولوت" الذي كتب السيرة الذاتية المرضية لشخصيتين كبيرتين هما: سقراط وباسكال وكان عنوان الأولى:"شيطان سقراط" والثانية"تعويذة باسكال" فالعبقري في رأيه شخص ممسوس أو مسكون من الداخل من قبل شيطان العبقرية. وقد عرفت العرب هذه الفكرة في الماضي عندما تحدثوا عن"وادي عبقر"،والالهام وشيطان الشعر... وقد أراد هذا الطبيب النفساني أن يستخدم حالة سقراط وحالة باسكال من أجل كتابة تاريخ الهلوسات. فالشخصيات الاستثنائية مهووسة بشي ء ما

لا تدري _ حتى هي _ كنها بالضبط. وهذا هو سر عبقريتها. وفي عام 1859 كتب"مورو دوتور" _ وهو طبيب نفساني. دراسة تحليلية لشخصية الشاعر جيرار دونرفال الذي كان قد انتحر قبل وقت قريب. وأثبت فيها أنه كان مصابا بتهيج هومي دوري، هو السبب في ابداعه. فحالة الابداع هي حالة هوسية يبلغ فيها التهيج حده الأقصى. ولو أن الشعراء والكتاب العرب تحدثوا لنا عن حالتهم النفسية أثناء عملية الابداع لقدموا لنا اضاءات مهمة عن العلاقة بين التوتر والابداع. ولكنهم لا يتجرأ ون على ذلك خشية أن ينعتوا بالجنون !..

نقول ذلك على الرغم من أن بعضهم قد انتحر بسبب هذه المعاناة المتوترة جدا، ونضرب عليهم مثلا الشاعر الكبير خليل حاوي. لكن الشعراء والمفكرين الأوروبيين لم يعودوا يخشون من ذلك بعد أن أزال التحليل النفسي تلك الهالة المرعبة التي كانت تحيط بالجنون والأمراض النفسية والعقد. بل إن بعضهم يفتخر بها للدلالة على مدى ابداعه وعبقريته ثم من أجل التمايز والخصوصية. والواقع ان مفكري أوروبا وشعراءها وفنانيها قد دفعوا ثمن تشكل الحداثة باهظا. فمن نيتشا الى بودلير الى رامبو الى هولدرلين الى انطو نين أرتو الى ميشيل فوكو الى لويس التو سير الى اد غار ألان بو الى فيرجينيا وولف الى كافكا الى لوتريا مون، نجد أن القائمة طويلة، طويلة من أولئك الذين جنوا أو عانوا أو انتحروا.. نعم أن هناك علاقة بين التوتر النفسي والابداع، ولكن ليس كل عبقري مجنونا، وليس كل مجنون عبقريا، فالعلاقة بينهما أكثر تعقيدا مما نظن. وهذا ما سنتعرض له تفصيلا فيما يلي:

يقول بعضهم بأن هناك نوعين من العبقريات. فهناك العبقرية الصاعقة، أي التي تنفجر انفجارا عفويا كالشلالات والينابيع، أو حتى كالزلازل والبراكين (وهذه هي حالة رامبو مثلا أو هولدرلين أو حتى نيتشه بل وخصوصا نيتشه ). وهناك العبقرية الهادئة، المتدرجة التي تصنع نفسها عن طريق الصبر والمثابرة والعمل المتواصل (وهذه هي حالة فلوبير مثلا). ولكن العبقري في جميع حالاته يكون عادة كائنا لا اجتماعيا، يميل ال العزلة والوحدة والهامشية. لنضرب على ذلك مثلا محسوسا حالة الشاعر الفرنسي الكبير: آرثر رامبو. يقول بول كلوديل عنه: كان رأمبو صوفيا في الحالة المتوحشة، أي في الحالة القسوى. كان نبعا ضائعا يتفجر من أرض ريانة. واما جان كوكتو فيقول عنه هذه الكلمات الصائبة: لقد سرق رامبو جواهره من مكان ما. ولكن من أين؟ لا أحد يعرف. هذا هو السر (بالطبع فإنه يقصد بجواهره قصائد»). لقد تحول رامبو الى أسطورة تستقمي على التفسير. فلم يعرف التاريخ عبقرية مبكرة مثل عبقريته انه كالشهاب الذي ما إن اشتعل حتى احترق ! من المعلوم ان اشعاره كلها كتبت خلال أربع سنوات: أي من سن السادسة عشرة الى سن التاسعة عشرة !.. هل يعقل أن يولد عبقري في مثل هذه السن المبكرة؟ ولذا رأي بعضهم أن القدرة الالهية هي التي ألهمته وفجرت في جوانحه العبقرية الشعرية التي تتجاوز كل عبقرية في اللغة الفرنسية، اذا ما استثنينا بودلير. راح رامبو يمثل في تاريخ الشعر الفرنسي الطهارة البكر، أو البراءة الأصلية التي لا تشوبها شائبة. لقد اخترق رامبو سماء الشعر الأوروبي كالنيزك المارق: أي بسرعة البرق.

ثم هجر بيته وقويته وشعره، بل وتنكر حتى لشعره وراح يعيش حياة مغامرته المعروفة، في بلاد العرب _ في عدن واليمن. هذه هي العبقرية المتوحشة أو المتفجرة: بداية مبكرة إبداع خاطف، نهاية قبل الأوان. أما الروائي مارسيل بروسة صاحب"بحثا عن الزمن الضائع" فكان يرى أن العبقرية تجيء بشكل مفاجيء، أي في اللحظة التي لا نتوقعها. انها تنفجر كالأشراق المباغت، أو هالالهام الصاعق. وعندما يقول ذلك فإنه يعرف عما يتحدث لأنه شهد تلك اللحظة وعاشرها فبقية المبدعين الكبار. أما الشاعر سان جون بيرس فيصف تلك اللحظة بأنها"الصاعقة العذراء للعبقرية"، ويعترف كبار الكتاب بأنهم ليسوا هم الذين يكتبون أفكارهم، وانما أفكارهم هي التي تكتب نفسها من تلقاء ذاتها، أو من خلالهم. وأتذكر بهذه المناسبة الحكاية التالية التي حصلت لي في جامعة دمشق. كنا في عام 1974- 1975 طلابا في قسم الدراسات الأدبية العليا. وحان الناقد احسان عباس يأتينا من بيروت مرة أو مرتين في الشهر لكي يلقي علينا دروسا نقدية حول الشعر الحديث. ولكن قبل التوصل اليه راح يتحدث عن الشعر الكلاسيكي السابق له، شعر بدوي الجبل وجيله.

وقال لنا بأنه سمع مرة بدوي الجبل يقول بأنه ليس هو الذي يكتب أشعاره، وانما هي التي تكتب نفسها بنفسها، فهي تجيئه وهو ماش أو نائم أو صاح وتنزل عليه كالالهام. ويجد نفسه عندئذ وهو"يدندن" بها كما هو على غير علم منه. وما عليه عندئذ الا أن يسجلها بسرعة على الورق قبل أن تتبخر وتضيع.. وأتذكر أن احسان عباس قد أبدى بعض الشكوك فيما يخص هذه النقطة واعتبرها أحدى مبالغات الشعراء. ولكني الآن، وبعد مرور أكثر من عشرين سنة على هذه الحكاية، أميل ال تصديق بدوي الجبل أكثر من ذي قبل، دون أن يعني ذلك إنكار دور الصنعة والجهد في انتاج القصيدة. فالمبدعون الكبار ينفجرون بالابداع انفجارا. ربما لحان يعتمل في داخلهم ويختمر لفترة طويلة، ثم تجيء فجأة لحظة الحسم التي لا يختارونها هم، وانما تختار هي نفسها بنفسها رغما عنهم. مهما يكن من أمر فإن انفجار اللحظة الابداعية قد يجيء بعد مرور الكاتب بأزمة، أو مباشرة بعد الصحو والخروج من الحلم: أي في حالات التنويم المغناطيسي تقريبا، والهلوسة، أو احلام اليقظة.

ولكن هذه الحالات الابداعية نادرة، ولذلك يحاول بعض الكتاب اثارتها في أنفسهم عن طريق تناول المخدرات أو شرب الكحول.. نضرب عليهم مثلا نيتشه أو بودلير أو سارتر في عصونا الحاضر. فقد عرف عنهم تناول هذه"المنبهات" من أجل إيقاظ وعيهم الابداعي وتحريكه. ولكن العملية خطرة وقد تؤدي الى نتائج مزعجة. ولذلك يمكن القول بأن أفضل اللحظات الابداعية هي تلك التي تجيء بشكل طبيعي لا مصطنع. وهي لحظات قصيرة وخارقة، ولكن تأثيرها يتجاوز الدهور، يكفي أن نفكر هنا ببعض هذه اللحظات الاستثنائية التي غيرت وجه التاريخ: ليلة 10 نوفمبر 1619، حيث نزل الالهام على ديكارت وتوصل الى الحقيقة. ثم يوم 13مايو1797، أي قبل ما يزيد على 200 سنة حيث نزل الالهام على الشاعر الألماني الكبير نوفاليس. ثم صيف 1831 حيث يشهد جوته فترة الهام مكثفة.. ولكن انفجار هذه اللحظات العبقرية في وعي أصحابها لا يمر عادة بسلام. وانما يدفع ثمنه غاليا أحيانا. صحيح أنه يحرر الشخصية من عقدها واوجاعها، صحيح انه يحلق بها في الأعالي، أو أعلى الأعالي ولكنه يسقط الى الحضيض بعدئذ. ثم تظل دائما متأثرة به، حتى لكأنها تثن تحت وطأته. فليس كل الناس يستطيعون تحمل الالهام، خصوصا إذا ما كان منفجرا كالحمم من أفواه البراكين، خصوصا اذا ما نزل كالصاعقة. ولكن عدد الأشخاص الذين يشهدون مثل هذه اللحظات الاستثنائية قليل في التاريخ. لنتوقف هنا قليلا عند لحظة ديكارت من أجل تشريحها من الداخل ومحاولة فهم أبعادها. من المعروف أن الفيلسوف الفرنسي كان في بداية شبابه شخصا ضائعا لا يعرف ماذا يفعل بحياته. كان مغامرا يذهب من بلد أوروبي الى آخر لكي يطلع على"كتاب العالم" كما يحب أن يقول: أي لكي يقرأ العالم ويطلع عليه كما تقلب صفحات كتاب، وقد انخرط في جيش أحد الأمراء في هولندا. وعندما اختلى بنفسه في غرفته في المعسكر جاءته الاحلام الثلاثة المرعبة التي هزته هزا وكادت تودي به (4). ولكن العناية الالهية شاءت أن تكون هداية له نحو الحقيقة التي يبحث عنها دون علم منه. لقد كانت ليلة ميلاد تلك التي عاشها وينيه ديكارت في العاشر من نوفمبر، ولولا حلم الله وعفوه لقضت عليه. وهكذا ولدت فلسفة ديكارت بعد مخاض شديد البأس. ونتجت عن تلك الليلة المنهجية العقلانية التي حكمت كل أوروبا طيلة ثلاثة قرون (أي حتى اليوم بشكل من الأشكال. انظر المنهجية الديكارتية. أو العقلانية الديكارتية ). وأما نوفاليس فقصته مختلفة. فقد شهد لحظة الالهام الشفري في 13 مايو 1797، وشعر بفرح لا يوصف وحماسة خاطفة دامت عدة ثوان فقط. ولكنها أضاءته من الداخل بشكل لم يسبق له مثيل. وابتدأ عندئذ يكتب أشعاره الخالدة. هكذا نجد أن الالهام جاء بعد لحظة غير طبيعية، لحظة تفوق كل اللحظات. ومن يعشها أو يذق طعمها لا يعود ينسدها. والواقع أن هذه اللحظة جاءت بعد فاجعة حقيقية أصابته. فقد ماتت خطيبته وحبيبة عمره"صوفي" بمرض السل وعمرها لا يتجاوز الخمسة عشر ربيعا. ثم مات أخوه بعدها مباشرة. وقد اعتملت الأشياء في داخله واختلجت وتفاعلت حتى انفجرت أخيرا في لحظة الهام مدوية وهكذا يدفع ثمن العبقرية باهظا. يقول نوفاليس في تفجعه على حبيبته التي ماتت في عمر الزهور"رحت أنحني" وراح نفسي يبدد القبر وتراب القبر. وأصبحت القرون ثواني وشعرت بحضورها، كدت ألمسها، شعرت بأن القبر سوف ينشق عنها فتخرج منه حية معافاة كما كانت، كما كنت أعرفها.."(5)، وقد كتب كل أعماله الشعرية في الأعوام الثلاثة التي تلت تلك اللحظة لحظة انفجار الالهام والعبقرية في داخله. وما لبث أن مات هو أيضا بمرض السل عام 1801 وعمره لا يتجاوز الثلاثين عاما.

وأما عن جوته فحدث ولا حرج. فهذا الرجل الذي يعتبر مفخرة ألمانيا كلها لم يعش قرير العين. ولم يخل من الأزمات والهزات النفسية المؤلمة على عكس ما نتوهم. هو أيضا دفع ثمن ابداعه، أو ثمن عبقريته، باهظا. وقد واتته الجرأة لكي يعترف في بعفى اللحظات بأنه مريض نفسيا، وبأنه يعاني معاناة هائلة لا يعرف كنهها ولا سببها. ولذلك استنتج أن هناك علاقة بين العبقرية وبين المرض النفسي أو العقد النفسية التي تصيب الشخصية. وربما لولا هذه العقد ومحاولة التغلب عليها لما كان الابداع. فالشخصية المريضة لا تستطيع أن تتوازن الا من خلال الابداع. فالتناقض بين المبدع والعالم يكون حادا جدا الى درجة أنه ينكد عيش الفنان ولا يدعه يستمتع بالحياة الا في لحظات قليلة. ولذا يمكن أن نقول في ختام هذه الدراسة ينبغي الا نحسد العباقرة كثيرا على شهرتهم، ففي بعض اللحظات يتمنون لو أنهم لم يولدوا.

تحدثنا عن العبقريات السريعة التي تلمع فجأة ثم تنطفيء كعبقرية رامبو مثلا. لكن هناك عبقريات من نوع آخر، عبقريات بطينة تتطلب وقتا طويلا وصبرا قبل أن تنضج وتتفتح. والواقع أن معظم العباقرة يتميزون بهذه الخاصية: الرغبة الكبيرة في العطر والمثابرة عل نفس الخط لفترة طويلة من الزمن. انهم لا ييأسون بسهولة ولا يتراجعون عن الهدف الذي وضعوه نصب أعينهم. يقول الفريد دوموسيه بهذا الصدد ما يلي: لا توجد عبقرية حقيقية بدون صبر. وبالتالي فإن العبقرية لاتتشكل بين عشية وضحاها، وانما هي خاتمة لمسار طويل عريض. ويرى بودلير أن الالهام لا ينزل علينا فجأة من السماء وانما هو بالاحري نتيجة للتدريب اليومي المستمر والمتواصل والدؤوب. نقول ذلك ونحن نعلم مدى القلق الذي يشعر به الكاتب أمام الصفحة البيضاء فهو لايستطيع أن يملأها الا بشق الأنفس، وأحيانا لا يستطيع أن يكتب جملة واحدة. وقد عرف أحد الكتاب الانجليز العبقرية قائلا بأنها نتيجة التعب والجهد بنسبة 99% ونتيجة الالهام بنسبة 1% فقط ! وهذا دليل على أن الجهد هو الأساس، وأما ما تبقى فيجيء بعد بذل الجهد لا قبله. مهما يكن من أمر فيبدو أن العناد هو أحدى الصفات الأساسية التي يتميز بها العباقرة. فالناس العاديون سرعان ما يملون بعد فترة من الزمن إذا لم يصلوا الى نتيجة. وأما العباقرة فيظلون ممرين على نفس الخط رغم كل الخيبات والعقبات حتى يصلوا الى نتيجة في نهاية المطاف. وطالما تحدث الناس عن أسطورة بلزاك وقدرته الرهيبة على العمل خصوصا ليلا. فقد كان يغلق النوافذ عليه بدءا من الساعة العاشرة مساء ثم يحضر"طنجرة" كاملة من القهوة ويبتديء الكتابة حتى الصباح دون توقف.

وهكذا كان يشتغل خمس عشرة ساعة يوميا، بعد أن يبتلع عشرات الفناجين من القهوة. ولولا ذلك لما استطاع كتابة كل هذا الانتاج الضخم المتمثل بالكوميديا البشرية، وهو لم يعش أكثر من خمسين عاما ! نعم إن العبقرية بحاجة الى جهد جهيد، ولا تنزل علينا كهدية من السماء. يقول بلز ان في أحدى رسائله ال حبيبة عمره مدام فانسكا: ان حياتي تتلخص بخمس عشرة ساعة من العمل، وبالمحن والعذاب، وهموم المؤلف، وصقل العبارات وتصحيحها(6).

ولكن هذا التدريب اليومي المستمر والدؤوب لا يفسر لنا وحده سبب العبقرية. فهناك دارسون أكاديميون يشتغلون ساعات وساعات يوميا دون أن يتوصلوا الى أكثر هن مرتبة دارس جيد أو جامع مفيد للمعلومات، واذن فهناك سبب آخر للعبقرية غير الجهد والتعب: انه الموهبة أو شرارة الابداع. فهناك كتاب يمتلكونها، وآخرون لا يمتلكونها. ولذلك نسمعهم يقولون: هذا الكاتب موهوب،وهذا الكاتب عنده شيء، الخ... اذن فالعبقرية هي نتاج الموهبة والجهد في آن معا، وقد لا يكون حظ الموهبة فقط 1% كما قال الكاتب الانجليزي، وانما 50%.

بحان فلوبير يجسد في مجال الأدب، المثال الأعلى للمثابرة والمواظبة وبذل الجهد والتعب،. وكان يجلس وراء طاولته من عشر الى اثنتي عشرة ساعة يوميا لكي يستطيع أن يكتب رواية واحدد كل أربع أو خمس سنوات. ولذلك لم يكتب كثيرا: خمس أو ست روايات طيلة حياته كلها ما عدا"مدام بوقاري" رائعته الخالدة. انه يشبه المقلين في الشعر العربي القديم الذين اشتهروا بقصيدة واحدة أو عدة قصائد فقط. انه يشبه عبيد الشعر الذين لا ينفكون يصقلونه ويعيدون النظر فيه أياما وشهورا وربما سنوات. وطالما تحدث فلوبير عن عذاب الكتابة وكيف أنه يقني الساعات الطويلة. وأحيانا بضعة أيام، لكي يجد الجملة المناسبة أو حتى الكلمة المناسبة. وكم يلعن نفسه أثناء ذلك ويلمن الكتابة والأدب وكل شيء... وأذكر أني عندما زرت بيته الواقع في ضواحي مدينة"روان" على شواطيء نهر السين قبل بضع سنوات فوجئت بمدى التشطيب الذي بحان يمارسه على كل صفحة يكتبها. فلا تكاد تقرأ فيها شيئا واضحا من كثرة الحذف والتشطيب والاضافة والتصحيح أو التعديل، الخ.. وقد تحول منزله الى متحف يزوره الزائر متى يشاء كي يستمتع بالجو الذي كان يعيشه صاحب"مدام بوقاري" في القرن التاسع عشر. وعندئذ تستطيع أن تملأ عينيك بجمال الغابة المحيطة أو أن تراقب من النافذة مرور المراكب والسفن كما كان يراقبها فلوبير نفسه قبل قرن وهو جالس وراء مكتبه يسطر"مدام بوفاري"..

نعم ان فلوبير لم يكتب أكثر من خمس أو ست روايات في حين أن كتابنا العباقرة يتحفوننا كل عام أو حتى كار شهر برواية أو ديوان شعري أو كتاب فكري، الخ.. لماذا كل هذا الاستعجال يا اخوان؟ لماذا تحرقون الطبخة قبل أن تنضج؟ فلوبير كان حريصا على الا يصدر شيئا قبل أن يستنفد طاقته كلها فيه. يقول في أحدى رسائله الى عشيقته لويز كوليه:"لقد داخت رأسي وجف حلقي من كثرة ما بحثت عن جملة واحدة. لقد قلبتها على عشرات الوجود ونجرتها وحفرتها، ثم فوخت وندبت وشتمت حتى توصلت أخيرا اليها... انها رائعة، أعترف بذلك. ولكنها لم تولد دون مخاض وعذاب".

هناك خاصية أخرى يتميز بها العباقرة هي: حب الوحدة والعزلة والاستقلالية الشخصية. يكتب أحدهم: لقد قالوا عن العبقري بأنه يشبه المجنون. بمعنى أنه يولد ويموت وحيدا. انه شخص بارد، فاقد الحساسية لا علاقة له بالعواطف العائلية والتقاليد الاجتماعية. ولكن هذه مبالغة بالطبع. والواقع ان العباقرة يحبون العزلة من أجل التفرغ لابداعهم وانتاجهم، فلا تستطيع أن تبدع وأنت في زحمة الشارع أو في وسط البشر، ومن المعروف أن العلاقات العامة والاستقبالات والحفلات تأخذ وقتا كثيرا ولا تسمح للمفكر بأن يتفرغ لنفسه وأفكاره وتأملاته. ولذلك اشتهر المفكرون بحب الوحدة والحرص عليها. نضرب عليهم مثلا شهيرا ديكارت الذي غادر بلاده فرنسا هربا من المتطفلين والثرثارين الذين كانوا يلاحقونه باستمرار. وكان يشعر بسعادة كبيرة إذ يسكن في حي لا أحد يعرفه فيه، ويمشي في الشارع ولا أحد ينتبه اليه. فالشهرة أيضا مزعجة وينبغي أن يحمي الانسان نفسه منها. إن العبقري يتميز بالهامشية والعصيان وعدم الخضوع للتقاليد والأعراف السائدة مثله في ذلك مثل المجنون، ولكن الفرق الوحيد بينه وبين المجنون هو انه لا ينتهكها بشكل مجاني أو مبتذل أو غير واع. يضاف الى ذلك أن للعبا قرة عاداتهم التي يلتزمون بها وتصبح جزءا لا يتجزأ منهم. قلنا سابقا بأن بلزاك كان يسهر في الليل وينام في النهار. وهكذا كتب معظم مؤلفاته ان لم يكن كلها. وهذه الطريقة في الحياة تعتبر جنونا بالنسبة للانسان العادي. فالطبيعي أن تفعل العكس أي أن تنام في الليل وتشتغل في النهار. ولكن العبقري ليس انسانا ط يعيا. انه مهووس بمشروعه الى درجة المرض ومستعد لأن يضحي بكل شيء من أجله. وقد لاحظنا من خلال قراءة سير العباقرة أن معظمهم لا ينجبون الأطفال ولا يكرسون وقتهم لتربية عائلة. فمؤلفاتهم هي أطفالهم، وهم حريصون عليها مثل حرص الرجل العادي على طفله. فديكارت لم يتزوج، وكذلك الأمر بالنسبة لكانط، وسبينوزا، ونيتشه، وسارقو، وميشيل فوكو،الخ.. بالطبع فهناك استثناءات (هيجل مثلا). ولكن عموما فإن العبقري يكرس حياته لشي ء واحد فقط: هو انتاجه وابداعه. يضاف الى ذلك أن عادات العباقرة عجيبة وغريبة وتختلف عن عادات البشر. فمثلا ينسون أحيانا أن يأكلوا ويشربوا في في فترات الابداع، وينسحبوا من الحياة اليومية كليا لكي يضعوا انتاجهم مثلما تنسحب المرأة الحامل لكي تضع طفلها. وهكذا عاش مارسيل بروسة ومات عام 1922 ضمن ظروف بائسة في غرفة حقيرة لا تحتوي الا على سرير وكرسي وثلاث طاولات ! واما"فرانز كافكا" فكان أكثر شذوذا وغرابة أطوار. كان يفرض على نفسه عادات صحية عجيبة خوفا من المرض. وكان هوسه اليومي هذا ذد علاقة بهوسه الابداعي.

يتبع،،

عبده فايز الزبيدي 06-20-2011 12:09 PM

جميل أيها العبقري
حديثك عن العبقرية.
أشكر لك جميل جهدك و عظيم معرفتك.

احمد ماضي 06-20-2011 09:58 PM

اتابعك وبحرص شديد

تحياتي لك

ولروعة ما تنثره

كن بخير

لازلت اقتفي اثر قلمك

كي استمتع واستفيد

ايوب صابر 06-22-2011 04:05 PM

الاستاذ عبده فايز الزبيدي
اشكرك كل الشكر على مرورك الكريم...نحن هنا ومن خلال هذه الدراسات نؤسس لعلم نفس جديد وفهم مميز للشخصية الانسانية...علنا نستيطع ان نقدم جديد خاصة فيما يتعلق بكشف اسرار النفس البشرية وقدرة الذهن المهولة والخارقة.

ايوب صابر 06-22-2011 04:12 PM

الاستاذ احمد القلعاوي

يسرني جدا ان ما اقوم به من دراسات ينال اعجابك ويحظى بأهتمامك..شكرا جزيلا.
لا شك ان العبقرية سمة انسانية تستحق ان تدرس بهدف الكشف عن سرها ..فقط تخيل معي لو اننا تمكنا من كشف سر العبقرية ماذا سيكون اثر ذلك على الحضارة الانسانية حيث يمكن عند ذلك صناعة العباقرة..
ما اطرحه هنا مهم للغاية كونه يقدم بديل لما يطرحه فرويد فيما يتعلق بدور العقل الباطن في صناعة العبقرية...ولدينا من المعلومات ما يشير الى ان افتراضات فرويد لا بد من تجاوزها وتقديم طرح جديد يتمحور حول قوة العقل الباطن الخارقة حيث يبدو ان العبقرية هي انعكاس لتلك القوة الخارقة والتي تتفعل في حالة وجود مآسي في حياة الطفل ولهذا نجد ان معظم العباقرة ايتام.

ايوب صابر 06-22-2011 04:16 PM


تابع،، مكونات العبقرية؟

كان يفرض على نفسه مثلا الاستحمام بالماء البارد جدا والمثلج، ويمتنع عن تناول الكثير من الأطعمة اللذيذة ويعاقب جسده معاقبة صارمة. وكل ذلك بسبب العصاب الهوسي الذي يلاحقه والذي أدى الى تفتح عبقريته على الرغم من كل شي ء. وهنا نلمس لمس اليد نقطة التواصل بين العصاب النفسي، وبين العبقرية. يضاف ال ذلك أن العباقرة متطرفون في عاداتهم على عكس الناس العاديين أو المتوازنين. فمثلا كان فولتير يشرب خمسين فنجان قهوة في اليوم ! وقل الأمر ذاته عن فلوبير وبلزاك. وذلك لأن القهوة تنبه الأعصاب وتجعلها متحفزة للابداع. وأما بودلير فقد تجاوزها الى ما هو أخطر: شرب الكحول بشكل مسرف وتعاطي المخدرات. وقد دفعت صحتهم ثمن ذلك غاليا... ولكن في سبيل الابداع _ كل شيء رخيص.

والآن ماذا عن القلق؟ في الواقع أن العباقرة شخصيات قلقة حساسة الى درجة المرض والتطرف الأقصى. ولو سمعنا كل حكاياتهم وقصصهم العجيبة الغريبة لحمدنا امته على أننا لسنا عباقرة ! لنضرب على ذلك مثلا شوبنهاور. فقد كان مصابا بجنون العظمة وعقدة الاضطهاد في آن معا. وكان يعتقد بأنه ملاحق باستمرار دون أن يلاحقه أحد.. ولم يكن أحد يستطيع أن ينزع من رأسه تلك الفكرة التي تقول بأن هناك مؤامرة كونية تحاك ضده من أجل خنق عبقريته أو القضاء على ابداعه الفلسفي. الا يقترب ذلك من الجنون؟ أين تقع الحدود الفاصلة بين العقل والجنون؟ فمنذ عام ( 1814) أي عندما كان في السادسة والعشرين من عمره راح يقارن نفسه بالمسيح ويعتبر أنه مبعوث لهداية البشر على طريق الحقيقة. يقول:"يحصل لي ما حصل ليسوع الناصري عندما أيقظ حوارييه أو أتباعه النائمين. أنا رجل الحقيقة الوحيد في هذا في هذا العالم". ولكن جنون العظمه هذا تحول فيما بعد الى عكسه، اي الى عقدة الاضطهاد ثم أصبح مسكونا بهاجس القلق الأقصى والمرعب الى درجة أنه كان يرفض أن يسكن في الطابق الثاني أو الثالث من البناية خشية أن يحصل حريق فيها فلا يستطيع القفز أو الهرب قبل فوات الأوان ! فكان يحمل مسدسا معه باستمرار ويضع يده عليه مستنفرا ما إن يسمع ضجة خفيفة أو هبة ريح في الخارج باعتبار أن هناك دائما اشخاصا قادمين لاغتياله.. يضاف الى ذلك أنه كان يكتب أفكاره للوهلة الأولى باللفات الاغريقية واللاتينية بل وحتى السنسكريتية ويخبئها بين صفحات كتبه لكيلا يقع عليها أحدهم ويسرقها منه ! فقد كان يعتقد كما قلنا أنهم سيسرقونها منه وينسبونها الى أنفسهم. وكان يحقد على معاصره هيجل حقدا شديدا لأنه نجح ولمع، في حين أنه هو بقي مجهولا طيلة حياته كلها تقريبا. وكل هذا لم يمنعا من أن يكون أحد كبار فلاسفة العصور الحديثة. واذن فينبغي أن ننزع من اذهاننا تلك الصورة المثالية والأسطورية عن العبقري. فهو رجل عادي، بل وأقل من عادي في بعض تصرفاته انه تافه جدا أحيانا. وربما كان هدف العبقري الدائم هو أن يصبح رجلا عاديا كبقية البشر. ولكن بما أنه لايستطيع التوصل الى ذلك فإنه يلجأ الى الخلق والابداع من أجل الحفاظ على توازنه. فاذا ما نجح في ذلك قال الناس عنه بأنا عبقري، واذا ما فشل قالوا إنه مجنون. وهنا يكمن الفرق بين العبقرية والجنون. لنتحدث الآن عن جان جاك روسو الذي يعتبر في الغرب نبي العصور الحديثة. أليس هو القائل: لو أردت أن أكون نبيا من كان سيمنعني؟! فقد كان مصابا بعقدة الاضطهاد أيضا. وكان يعتقد أن هناك مؤامرة جهنمية تحاك ضده في كل مكان، وخصوصا في الفترة الثانية هن حياته. وكان يشك حتى بأصدقائه من أمثال ديارو وهيوم وفولتير.. بل ويقال بأنه غير سكنه أكثر من مرة خوفا من ملاحقة وهمية. وعندما سمع أحد الجيران بأن روسو هو الذي يسن في الخرفة المجاورة له لم يكن يصدق. وقال: سأتعرف الآن على أكبر شخص في العالم ولكن روسو صده مباشرة متوهما بأنه جاسوس ! فانكسر الرجل وحزن حزنا شديدا لأنه كان فقط يريد السلام طيا.. بالطبع فإن روسو لم يكن فقط ذلك، وانما كان أيضا انسانا رحيما شفوقا يمتلي ء بالعاطفة والحنان والمحبة للجنس البشري كله. ولكنه كان معقدا نفسيا لأسباب خاصة بحياته والمصاعب التي لاقاها والحسد الكبير الذي أثاره حوله بسبب عبقريته وشهرته الأسطورية. فالشهرة ليست خيرا كلها، وانما تسبب متاعب كبيرة، بل ومخاطر جسيمة لأصحابها، وويل لمن يشتهر بدون اذن الناس ! لكأنه يسرق منهم شيئا أو يعتدي عليهم.. ولكن قلق العباقرة يمكن أن يصل أحيانا الى درجة الانهيار الكامل: أي الجنون الحقيقي. وهذا ما حصل للموسيقار روبيرت شومان الذي قال لأصدقائه عام 1854:"أريد أن أدخل المصح المقلي. لقد انتهيت. أنا لم أعد مسؤولا عن تصرفاتي أرجوكم اسجنوني...".

وأما الشاعر جيرار دونرفال فقال لهم: د«أخشى أن يضعوني في بيت العقلاء (أي في المصح العقلي ) والناس في الخارج كلهم مجانين !..." وأما اندريه بريتون الذي لم يكن مجنونا إلا على الطريقة السوريالية فقد احتج على سجن العباقرة في المصحات العقلية وقال: ان كل هذا السجن تعسفي. لا أفهم كيف يحرمون شخصا ما من حريته. لقد سجنوا ساد وسجنوا نيتشا، وسجنوا بودلير.." وكان يمكن أن يضيف: كونراد، وموباسان، وهولدرلين، وهمنجواي، وفان جوخ، والتوسير، والقائمة طويلة.. هذا القلق النفسي الرهيب الذي كان يعاني منه معظم الكتاب يتجل أيضا لدى بيير كامر. فقد صرح لأحد أصدقائه المقربين أكثر من مرة بأنه يشعر بأن الخواء الداخلي يكتسحا كليا، وأنه ملي ء باليأس القاتل ولا يستبعد أن يلجأ للانتحار لحمل لمشكلته.. والواقع أنه مات في حادث سيارة على طريق"ليون _ باريس"، فهل كان ذلك انتحارا واعيا el لا؟ على أي حال لقد أنقذه الحادث من الانتحار. ونلاحظ أن الاحباط واليأس الكامل يتجليان في كتابه المعروف"اسطورة سيزيف". وهو كتاب جميل ويستحق أن يقرأ من أجل تبيان فراغ الحداثة وهشاشة الوجود. (لا أعرف فيما اذا كان قد ترجم الى العربية أم لا). لنتحدث الآن عن بودلير.فقد مات أبوه وهو صفير. وكان متعلقا بأمه الى درجة المرض. ولكن الكارثة حصلت عندما تزوجت أمه هن الجنرال"أوبيك" بعد فترة قصيرة فقط من موت والده وهذا ما سبب له حزنا عميقا لم يقم منه طيلة حياته كلها. فقد اعتبر أنهم سرقوا امه منه، وانها خانته، ولم يعد يستطيع أن يتخيل أنها مع رجل آخر… يا للخيانة ! ويا للغدر! في الواقع أن بودلير كان يعاني من عقدة أوديب التي اكتشفها فرويد، وبلورها لأول مرة. وقد فكر بالانتحار أكثر من مرة، بل وقام بمحاولة انتحار فاشلة عندما ضرب صدره بالسيف. يقول لأحدهم معبرا عن يأسا الداخلي وتقززه من الحياة:،أسوف أقتل نفسي غير آسف عل الحياة. سوف انتحر لأني لم أعد قادرا على الحياة. لقد تعبت من النوم والاستيقاظ كل يوم. يا لها من عادة مملة رتيبة. أريد أن أنام مرة واحدة والى الأبد. سوف انتحر لأني أصبحت عالة على الأخوين، لأنى أشكل خطرا حتى على نفس. سوف انتحر لأني أعتقد بدأني خالد ومليء بالا أمل"(9) الواقع ان الاكتئاب النفعي شائع كثيرا لدى كبار المبدعين. نضرب على ذلك مثلا بيتهوفن. فهو أحد كبار الموسيقيين على مر العصور. ولكنه لم يحش حياة مريحة أو هنيئة كلنا يعرف أنه بحان أطرش لا يسمع. وقد سبب له ذلك عقدة نفسية حقيقية. وربما كانت هي الدافع الى تفجر عبقريته. فالعبقرية تجيء كتعويض عن نقص ما أو خلل ما كما يقول التحليل النفسي. كان بيتهوفن بحسب ما يروي لنا معاصره يتميز بالسوداوية والحزن العميق الذي لا شفاء منه. وحتى عندما كان يضحك فإن ضحكته كانت بشعة. عنيفة، ناشزة غير طبيعية. كانت ضحكة رجل لم يتعود على الفرح أبدا في حياته. وعندما كانت تجيشه لحظة الالهام، فإنه كان يخرج عن طوره ويصبح وكأنه أصيب بمس من جنون يصبح غائبا، سارحا، شاردا والناس يضجون من حوله، ولكنه لا يعبأ بهم عل الاطلاق. وكان يصرخ بأعلى صوته، ويتمتم، ويدندن، ويمسح غرفته، ذهابا وايابا. وهو في حالة من التوتر الأقصى، حتى تحصل الولادة السعيدة، أو القطعة الموسيقية المنشودة. وبالتالي فهناك علاقة واضحة بين التوتر النفسي. ان لم نقل المرض النفسي _ وبين الابداع. نضرب على ذلك مثلا آخر وأخيرا الرسام الفرنسي الشهير كلود مونيه، أحد مؤسسي المدرسة الانطباعية في الفن. فقد كان على حافة الانهيار النفسي، وكان يشهد حالة الاحباط التي تسبق وتتلو كل عملية ابداع: أي كلما رسم لوحة فنية.، وكان ماز وشيا زاهدا في نفسه، مستصغرا لقدراته ولا ينفك يقول: كل شيء ضاع، لن أنجح في حياتي أبدا، سوف تخسر كل أعمالي، سوف أضطر لبيع البيت والفرش والأدوات الخ.. ومع ذلك فقد سجله التاريخ كأحد كبار الفنانين في العصر الحديث..

قلنا إذن بأن العبقري يشترك مع المجنون (أو مع المريض العقلي ) بصفة أساسية واحدة: هي التأزم الداخلي، ولكن الفرق بينهما هو أن أزمة العبقري تنحل عن طريق الابداع، في حين أن أزمة المجنون تبدو مجانية ولا تؤدي الا الى الهذيان الفارغ. هذا يعني أنه لولا ابداعه الخارق لكان العبقري قد أصبح مجنونا.

فالأبداع هو الذي يحرر الشخصية من أزمتها الداخلية أو من تناقضها الحاد الذي يبدو عصيا على التجاوز في الحالات العادية. بهذا المعنى فإن الابداع هو انفجار خارج من الأعماق. انه ولادة تجيء بعد مخاض عنيف وخطر. وهكذا يستعيد المبدع توازنه لفترة من الزمن، وذلك قبل أن يدخل في دورة تأزمية جديدة تنحل أيضا عن طريق ابداع جديد وهكذا دواليك.. نقول ذلك وبخاصة إذا ما لقي الابداع ترحيبا في وقته من قبل شريحة واسعة من الناس. وهكذا يتوازن العبقري على اعتراف الناس واعجابهم به.، ولولا هذا الاعتراف لربما فقد توازنه وغطس في بحر الجنون. فاعتراف الآخرين بك يعطيك ثقة بالنفس ويثبت أقدامك ويزيل الكابوس النفسي عن صدرك. والواقع أن تعريف العبقرية هو هذا: اعتراف العدد الأحبر من الناس بالمبدع، وديمومة هذا الاعتراف على مدار الزمن والقرون. هذا هو الشي ء الذي يعطي قيمة لا تقدر بثمن للوحات فيكيل انجيلو،أو فان جوخ، أو لمسرحيات شكسبير، أو لروايات بلزاك وديستويفسكي، أو لكتب ديكارت، وكانط وهيجل في مجال الفلسفة، الخ.. ولكن المشكلة هي أن بعض العباقرة لم يتوازنوا نفسيا حتى بعد أن أبدعوا، كما حصل لفان جوخ وشومان وفيرجينيا وولف ونيتشه. وربما كان السبب الأساسي يعود الى أنهم لم يحظوا بالاعتراف الكامل بهم أثناء حياتهم، وانما بعد مماتهم، فقد جاء الاعتراف متأخرا، جاء بعد فوات الأوان. وينطبق ذلك أكثر ما ينطبق على فان جوخ الذي تباع لوحاته الآن بعشرات الملايين من الدولارات، في حين انه كان جائعا وفقيرا في حياته. لم يتح له القدر أن ينعم بشهرته ونتاج عبقريته. وقل الأمر نفسه عن نيتشه الذي لم يعترف به إلا نفر قليل في حياته، ثم انفجرت شهرته كالقنبلة الموقوتة بعد جنونه أو موته بوقت قصير. وكان قد تنبأ بذلك عندما قال جملته الشهيرة: البعض يولدون بعد موتهم ! سوف يجيء يومي، ولكن لن أكون هنا. وقد تنعمت أخته"اليزابيث" بهذه الشهرة والمال العريض الناتج عن بيع أعمال أخيها بملايين النسخ، في حين أنه لم يبع منها إلا بضع عشرات في حياته كلها.. ولكن يمكن القول بأن هناك نفوسا عطشى لا تشبع حتى بعد أن ترتوي. انها أرواح حائرة لا يعرف كنهها أو سرها. وأكبر مثل على ذلك الكاتبة الانجليزية فيرجينيا وولف التي انتحرت حتى بعد أن نجحت وذاقت طعم الشهرة في حياتها..

ايوب صابر 06-22-2011 04:17 PM

تابع ...مكونات العبقرية؟

في يوم الاثنين بتاريخ 27 فبراير 1854 لحان الموسيقار الالماني الشهير روبيرت شومان جالسا مع أصدقائه في جلسة سمر في بيته. وفجأة يترك الزوار ويخرج بثيابه العادية. واعتقد أصدقاؤه عندئذ أنه خرج لحاجة ما وأنه سيود بعد قليل. ولكنه في الواقع توجه مباشرة الى نهر الراين وألقى بنفسه فيه بعد أن وصل تأزمه الى حده الأقصى. ولحسن حظه (أو لسوء حظه، لم نعد نعرف ) كان هناك صيادون بالقرب منه فانتشلوه وأنقذ وه من الفرق.. وفي عام 1880 كان عمر نيتشه 36 سنة. عندئذ ترك الجامعة بعد أن قدم استقالته وذهب لكي يعيش حياة التشرد والضياع على الطرقات والدروب. وهكذا ابتدأ يصبح فيلسوفا حقيقيا. ولكن مزاجه كان دائما متقلبا وفكرة الانتحار تلاحقه باستمرار. وقد اشتد تأزمه بعد أن فشل حبه الكبير للغادة الحسناء: لو اندريا سالومي. ويبدو أنه et بثلاث محاولات انتحار فاشلة عن طريق تجرع كميات ضخمة من سائل الكلورال. ولكنه لم يمت. والغريب العجيب أنه على اثر تلك الفترة بالذات راح يكتب رائعته الشهيرة: هكذا تكلم زرادشت وهكذا أنقذ من الجنون ولو الى حين.. أما فيرجينيا وولف فقصتها مختلفة. فقد كانت مهددة بالانتحار طيلة حياتها كلها. وكانت تفطس في حزن عميق لا قرار له. وترفض أن تأكل، وترفض أن تعترف بأنها مريضة. وكانت تقول بأن حالتها تعود الى شعورها بالذنب. ولكن أي ذنب؟ لا أحد يعرف. وعندما وصل تأزمها الى ذررته حاولت أن تنتحر مرة أولى عام 1895 عن طريق القاء نفسها من النافذة. ثم حاولت مرة ثانية عام 1913 عن طريق تناول السم. ثم حاولت مرة ثالثة عام 1941 (ونجحت ) عن طريق إلقاء نفسها في النهر والموت غرقا..

أما الكاتب الفرنسي الشهير نمي دومو باسان فقد حاول الانتحار عام 1892 عندما أطبقت عليه الأفكار السوداء ووصل تأزمه الى ذررته. ولكنه لم ينجح. فاقتاد وه الى المصح العقلي حيث مات بعد سنة من ذلك التاريخ. وهكذا دفع ثمن شهرته وابداعه غاليا. فللشهرة ضريبة ينبغي أن تدفع بشكل أو بآخر.

والآن من يصدق ان الفيلسوف الفرنسي الكبير أوجست كونت، مؤسس الفلسفة الوضعية، كان على حافة الجنون أكثر من مرة، وانه حاول الانتحار عن طريق رمي نفسه في نهر السين !.. فيما ان الوضعية تمثل قمة العقلانية في الغرب، فإن أحدا لا يتوقع ان يكون مؤسسها قد أصيب بالجنون، أو بالانهيار السبي، في بعض مراحل حياته. وهز دليل على أن العبقرية يمكن أن تخرج من رحم الجنون، بل وتنتصر على الجنون. ولولا أن أوجست كونت استطاع التوصل الى بلورة فلسفته الوضعية وحظي بالاعجاب والتقدير من قبل معاصريه لكان قد انهار وغاص كيا في ليل الجنون... اذن ينبغي ان نفير تلك الصورة السائدة في أذهاننا عن العباقرة والتي تعتبرهم أنهم فوق البشر وان الضعف لا يأتيهم من بين أيديهم ولا من خلفهم.. فهذه صورة مثالية أو أسطورية لا علاقة لها بالواقع. انها صورة تتشكل عادة عن العباقرة بعد موتهم،. صورة تبجيلية يساهم في صنعها الاتباع والانصار والمعجبون هذا لا يعني بالطبع أن العبقري ليس عظيما، إذ يكفيه عظمة أنه استطاع الانتصار على انهياره الداخلي وتحويله ال شي ء ايجابي، الى عمل عبقري. هنا تكمن عظمة العباقرة بالضبط. فهم يبذلون جهودا جبارة للتغلب على أنفسهم، لقهر العقد النفسية المتجذرة في أعماقهم. وهكذا يحولون السلب الى ايجاب والتحت الى فوق، والجنون الى عبقريات. أو قل ان الجنون والعبقرية يتجاوران لديهم جنبا الى جنب. فأوجست كونت الذي كان يهذي والذي حاول الانتحار مرة هو نفسه أوجست كونت الذي أسس الفلسفة العلمية التي رافقت صعود العصر الصناعي في الغرب. وبالتالي فانه يمثل قمة العقلانية وقمة الجنون في آن معا! وبالتالي فإن العبقرية والجنون هما من مصدر واحد: أي يصدران عن اللاوعي السحيق للفرد، ذلك اللاوعي الذي يمثل قارة مظلمة ومجهولة في آن معا. انها تشبه البركان العميق الذي يختلج تحت طبقات الأرض الجيولوجية. فأحيانا تقذف بالعبقرية الى السطح، وأحيانا تقذف بالهذيان والجنون.

وأما جوته فعلى الرغم من الجنون الدوري الثقيل الذي كان يصيبه من حين الى آخر، إلا أنه لم يقدم على الانتحار. وانما اكتفى بأن جعل بطل روايته الأولى"آلام الشاب ووتر" هو الذي ينتحر وهكذا وفر على نفسه هذه المهمة، ويقال بأن الكتاب الذين يمارسون الانتحار في كتاباتهم، أو يتحدثون عنه كثيرا، لا ينتحرون فعلا. وأما أولئك الذين يسكتون عنه كليا فهم الذين ينتحرون حقا. وهكذا يفاجئون الناس بأنهم أقاموا على شي ء بدون مقدمات ودون أن يرهصوا به. وقد جرت احصائيات في فرنسا عن نسبة المنتحرين بين المبدعين وتبين انها عالية في أوساط الأدباء والشعراء وضعيفة في أوساط الرسامين والموسيقيين. نقول ذلك على الرغم من انتحار فان جوخ وجو جان وشومان وتشايكوفسكي. ولكن عددهم لا يقاس بأسماء الشعراء والروائيين الذ يبن انتحروا من أمثال: جيرار دونيرفال، مايكوفسكي، بودلير، همنجواي، مونترلان، جي دوموباسان، فيرجينيا وولف، نيتشه، ادجار ألان بو، والقائمة طويلة..

أخيرا سوف يكون هن الحمق والغباء أن ندعي هنا بأننا قادرون على اكتشاف سر العبقرية. فالعبقرية، تحديدا، هي سر الأسرار انها تستقمي على كل تفسير. ولكن يمكن فهم بعض الجوانب المحيطة بها من خلال تجلياتها في أشخاص معينين ندعوهم بالعباقرة، أو بالأشخاص الاستثنائيين أو بالمبدعين الكبار كما نحب أن نقول في لفتنا المعاصرة، وذلك لأن كلمة"عبقري" أو"عبقرية" أصبحت عتيقة أو بالية في الوقت الراهن. نقول ذلك على الرغم من أن المعنى هو ذاته. فلا أحد يعرف سر مسرحيات شكسبير الرائعة، أو سبب نجاح لوحات فان جوخ، أو قصائد رامبو، الخ.. صحيح أنه يمكن لمناهج النقد الأدبي والفني أن تشرح لنا الكثير من جوانب هذه الأعمال الابداعية، بل وتنفذ الى أعماقها في بعض الأحيان. ولكن يبقى هناك لغز ما يصعب الوصول اليه واستنفاده كليا عن طريق التحليل. وهذا اللغز هو ما يدعى بالعبقرية.

فرامبو كان يستخدم اللفة الفرنسية مثله في ذلك مثل بقية شعراء جيله. ولكنه هو الوحيد الذي استطاع أن يكتب تلك القصائد التي لا تضاهى والتي لا تزال تسحرنا حتى الآن. يمكن أن نقول الشي ء ذاته عن المتنبي في اللفة العربية، أيضا أو حتى عن شعراء كبار أخوين. واذن فهناك كيمياء سحرية أو سرية للابداع لا نعرف كنهها، ولا يتوصل اليها الا المبدع الكبير (أو العبقري). انه يركب الكلمات بطريقة ما وينفخ فيها الروح ثم يسطرها قصائد خالدة على صفحات التاريخ. وتطل تعجبنا وتأخذ بقلوبنا حتى بعد مرور مشات السنين. هنا يكمن سر العبقرية أو لغزها المحير. لقد حاول علم الطب النفسي والتحليل النفسي أن يكتشف سر العبقرية وتوصلا الى نتائج لا يستهان بها، ولكن يبقى هناك شي ء ما في العبقرية يستقمي على كل تفسير. يقول جاستون باشلار، أحد كبار العلماء والنقاد الأدبيين في آن معا:"في أعماق الطبيعة ينبت عشب غريب. في ظلام المادة تنبثق أزهار سوداء. ان لها قطائفها الرائعة وعطرها الفراح"..

هكذا تولد العبقرية: انها كالنور الذي ينبثق من رحم الظلام، أو كالعقل الذي ينهض عل أنقاض الجنون. والعلامة الأساسية التي لا تخطي، على العبقرية هو الاعتراف الكامل والكوني والدائم بها. فلا أحد يشك في عبقرية شكسبير، أو المتنبي أو المعري أو بودلير أو نيتشه أو هيجل.. وكلما مرت الأزمان على انتاجهم عتق ونضج كالخمرة المعتقة وأصبح أكثر أهمية وامتلاء بالمعاني والدلالات. لقد أثبت الطب النفسي الحديث بعد أن أجرى دراسات تجريبية عديدة أن العبقري لايتميز بتركيبة نفسية خاصة بقدر ما يتميز بتشغيل خاص لهذه التركيبة النفسية. فهو انسان مثله مثل بقية البشر. ولكن استعداده النفسي مختلف،. فهو يتميز مثلا بطاقة هائلة عل الحركة والابداع قياسا ال الانسان العادي. كما أنه يتميز بالاختلاف وحب الخروج على المألوف. فالامتشالي الخاضع للعادات والتقاليد السائدة في المجتمع لا يمكن أن يكون عبقريا. لأن أول سمة من سمات العبقرية هي الشذوذ عن المألوف. ولذلك فإن العباقرة يصدمون الناس في البداية ويلاقون صعوبات جمة من قبل وسطهم والمحيط السائد. ثم يمني وقت طويل قبل أن يتم الاعتراف بهم، واحيانا لا يعترف بهم الا بعد موتهم. وحده العبقري يعرف قيمته منذ البداية، ولكنه لا يستطيع اقناع الآخرين بها فورا بمن فيهم أسرته الشخصية. ولذلك يعاني معاناة جمة ويصاب بالاحباط في لحظات كثيرة، ويحاول التراجع عن الأمر أو الاستسلام، ولكن هناك قوة داخلية فيه أي قوة سرية، تدفعه لأن يستمر، لأن يواظب عل فسيرته. ولذلك قلنا بأن من صفات العبقري الصبر والمواظبة لفترة طويلة من الزمن. انه عنيد فعلا، ولا يتراجع قبل أن يتواصل الى تنفيذ المهمة التي خلق من أجلها. لذلك انه ينبغي أن نعتقد بأن العبقري يعتبر نفسه محملا برسالة أو مسؤولا عن تنفيذ مهمة عليا تتجاوزه وهو مستعد لأنه يضحي بحياته من أجلها، ومن أجلها وحدها. من هنا تجيء سر قوته ومقدرته على تجاوز العقبات والحواجز التي يصطدم بها في طريقه، والتي يضعها الآخرون في طريقه، فالعبقري ما إن يكتشف الآخرون نواياه الحقيقية حتى يتألبوا عليه ويحاولوا منعه من تحقيق مهمته. العبقري مهدد باستمرار خصوصا في مراحله الأول، والعبقرية خطر على صاحبها. ويصل هذا الخطر أحيانا الى مرحلة التهديد بالتصفية الجسدية. لماذا كل هذا الخطر على العبقري؟ لأنه ليس من الطبيعي أن تكون عبقريا، وإنما الطبيعي أن تكون عاديا مثلك مثل بقية البشر. ولذا فما إن يشعر الناس بأنك عبقري، أو تحمل بذرة العبقرية في داخلك، حتى يعترضوا طريقك ويحاولوا الايقاع بك بشتى الأسباب. فالحسا قاتل أحيانا. وأحيانا يجيء من قبل عباقرة سابقين لا يريدون أن تتفتح أي موهبة بعدهم. وتروي الأسطورة أن أم كلثوم قد ساهمت في القضاء على أسمهان لأنها غارت منها وخافت أن تنافسها بعد أن سمعت صوتها وعرفت أنها عبقرية. وسواء كانت هذه الحكاية صحيحة أم لا فإنها تدل على شي ء ما. وتروي الروايات أن شعراء كبارا حاولوا القضاء على بعض المواهب الجديدة أو الصاعدة لأنهم أحسوا بأنها تشكل خطرا على امجادهم.. نعم ان العبقري يدخل في الدائرة الحمراء للخطر ما إن يشعر بعضهم بأنه قد يصبح عبقريا ويحل محلهم. ولكن هناك خطرا أخر يهدد العبقري كما ألمحنا الى ذلك أكثر من مرة الا وهو: الجنون أو التوتر العقلي الشديد الهيجان. وقد أثبتت أخر دراسة احصائية أجريت مؤخرا على هذا الموضوع انه نادرا ما يخلو عبقري ما من امارات الجنون أو التوتر النفسي الحاد. وقد قام بهذه الدراسة الباحث فيليكس بوست عام 1994، أي انها حديثة العهد جدا، وشملت 291 شخصية تنتمي الى عالم السياسة والفلسفة والعلم والفن والموسيقى والشعر والأدب.. وهي شخصيات عبقرية ظهرت في أوروبا في القرنين التاسع عشر والعشرين. وتبين بعد إجراء هذه الدراسة أن هؤلاء العباقرة يتميزون بصفات غير طبيعية. فهناك نسبة 50% منهم يتميزون باضطرابات نفسية حادة جدا، بل وتشلهم عن الابداع في بعض فترات العمر. وترتفع هذه النببة لدى الفلاسفة فتصل ال 60%، ولكنها أرفع ما تكون لدى الأدبا، والشعراء خصوصا حيث تصل الى 70%. ثم تنخفض لدى الرسامين والموسيقيين ورجال السياسة (حوالي الـ 30%) ولا نستطيع أن نحصي عدد الشعراء والروائيين الذين أصيبوا بالجنون أو المرض العقلي بشكل جزئي أو كلي، مؤقت أو دائم، ولكن هذا لا يلفي ابداعهم أو عظمتهم و عبقريتهم. فلا أحد يستطيع أن ينكر عظمة شعر جيرار دونرفال لمجرد أنه جن أو انتحر، ولا أحد يشك بعبقرية نمي دوموباسان لأنه مات في المصح العقلي بعد أن انهارت قواه النفسية. ولا أحد يستطيع أن يقول بأن نيتشه ليس فيلسوفا كبيرا لمجرد أنه أمضى سنواته العشر الأخيرة في غيبوبة الجنون. ولا يوجد روائي في التاريخ أعظم من ديستويفسكي على الرغم من أنه كان مصابا بالصرع.. ويرى فرويد أن الابداع هو تعويض عن نقص ما في الشخصية. وانه لولا هذا النقص لما أصبح المبدع مبدعا. فالانسان المتصالح مع نفسه ومع الواقع الخارجي ليس بحاجة لأن يكون عبقريا… وأكبر دليل على ذلك فرويد نفسه الذي كان مصابا بالعصاب ولم يشف منه الا بعد أن اكتشف تلك القارة المظلمة والمعتمة والهائلة: أي اللاوعي. فلا ريب في أن الاكتشاف أو الابداع ينقذ العبقري أو يعيد اليه توازنه. يقول الفيلسوف كير كغارد الذي كان معقدا جدا من الناحية النفسية: أدان المرض هو السبب الأساسي لكل اندفاعة ابداعية. وبالابداع أشفي نفسي من اوجاعي وهمومي. بالابداع أسترد الصحة والعافية". والواقع أن هذه الكلمات هي للشاعر"هيني" ولكن كير كفارد استشهد بها، وكذلك فرويد. وكان ويلكه يعترف بأنه لم يكتب قصيدة واحدة الا من خلال العذاب النفسي والقلق. ومن المعلوم أن العقد النفسية الموروثة عن طفولته كانت تلاحقه كالأخطبوط ولا يستطيع منها فكاكا الا عن طريق الابداع. ثم سرعان ما تعود بعد انتهاء عملية الابداع. وهكذا كان يتوازن باستمرار من خلال اللاتوازن. أو قل كان دائما يشعر بأنه على شفا حفرة من الانهيار وانه مهدد بالسقوط في كل لحظة. وكان مضطرا لتأجيل لحظة الجنون الكامل في كل مرة. ومن المعلوم أن رامبو كان يكتب وهو على حافة الجنون، وكان يتقصدا الجنون تقصدا. كان مهووسا بتلك النقطة الغائرة في الأعماق والأقاصي، تلك النقطة التي لا يستطيع أن يصل اليها أي شاعر الا اذا غامر بنفسه واقترب من منطقة الخطر الأعظم. عندئذ كانت تخرج القصائد العبقرية. واعترف سارتر نفسه بأنه لم يتخلص من مرض العصاب الذي كان يلاحقه الا عن طريق الكتابة. فالكتابة تمتص الجنون الداخلي وتساعد على التخلص منه أو تحجيمه على الأقل. نقول ذلك وبخاصة اذا نجحت وأدت الى ابداع حقيقي. والواقع انه لا يوجد فنان حقيقي إلا ويعاني من مرض ما. أو مشكلة معينة. الإبرة التي توخز الكاتب وتدفعه دفعا الى عملية الابداع. وبالتالي فلا ينبغي أن يخاف الكاتب ان" ما كان يعاني من عقدة نفسية معينة أو من جرح داخلي حتى لو استغله الآخرون ضده. فربما كان هذا الجرح كنز" الوحيد. وهو على أي حال يشكل مصدر عبقريته وسر ابداعه

ايوب صابر 06-22-2011 04:21 PM

هذا ما قاله الاخرون عن العبقرية ...وواضح انها ما تزال سر غامض على الرغم من التقدم العلمي والتشريح الكلينيكي..

فما سر العبقرية؟

تابعوني هنا لمعرفة الجواب حيث اكشف سر العبقرية ضمن سلسلة مقالات " كشف الاسرار"!!!!!؟؟؟؟؟

ايوب صابر 06-27-2011 02:42 PM

ما سر العبقرية؟

من الواضح أن سمة العبقرية قد شغلت الإنسانية منذ فجر التاريخ، وذلك بصفتها احد أهم سمات الشخصية الإنسانية، وقد كان الفلاسفة الإغريق أول من حاول تقديم تفسير لسمة العبقرية واستمرت المحاولات عبر التاريخ ليومنا الحاضر، لكن ورغم كل هذا التراث المتراكم من المحاولات نجد من يرى بأن العبقرية هي سر الأسرار، وهي لغز، وشيء غامض، وما تزال تستعص على التفسير...وأن كل ما قدم من محاولات تفسيريه إنما يشكل وصف لبعض تجلياتها عند بعض العباقرة الأفذاذ.
فهل صحيح أن العبقرية هي سر الأسرار؟ وهل صحيح أنها شيء غامض؟ ولغز لا يمكن فهمه؟ أم أن التطور العلمي والتراكم الحضاري وتطور وسائل البحث عن المعلومة يجعلنا قادرين على تقديم تفسير لسر العبقرية؟ وما هو سر العبقرية إذا وما هو منشأها؟
في الواقع أن التطور الحضاري والفكري والمعرفي الإنساني وتوفر وسائل الاتصال والبحث عن المعلومة إضافة إلى مجموعة كبيرة من التطورات العلمية خاصة في مجال علم النفس وتشريح الدماغ البشري بشكل عام، ومن ثم بحثي المتواصل على مدار أربعين عاما في سر الإبداع، تجعلني أتحدث بثقة عن إمكانية تقديم تفسير للغز العبقرية هذا، وكشف سرها منشأها في إضافة مهمة لهذا الجهد الإنساني المتراكم عبر السنين.
لكن دعونا أولا أن نستكشف ما قاله الآخرون تاريخيا عن العبقرية وسرها...وبماذا عرّفوها!
يُعرف البعض العبقرية على أنها عملية لجوء للخلق والإبداع للحافظ على التوازن، ويرى البعض الآخر بأن العبقرية هي أعلى مستوى من مستويات الذكاء، وآخرون يرون أنها أعلى مستوى من مستويات القدرات العقلية، بينما يرى البعض الآخر أن العبقرية ما هي إلا قدرات عقلية تعتمد على الإدراك والتركيز والتحليل.
وبينما يرى البعض أن منشأ العبقرية يرجع إلى سرعة الانتقال في العمليات العقلية، يرى البعض الآخر، ومنهم ديفد بروكس، أن منشأ العبقرية ليس الذكاء وإنما العمل الدءوب حيث يمضى العبقري ساعات عديدة في التدريب على مهنته أكثر من الناس العاديين..وبحيث تصبح القدرة على العطاء العبقري عادة أكثر منها طبيعة، أو قدرة، أو سمة عقلية أخرى غير مفهومة.
أما الفيلسوف شوبنهور وهو واحد من ثلاثة فلاسفة كبار حاولوا تقديم تفسير للعبقرية حسب ما ورد في كتاب " اللاشعور" للدكتور على الوردي، فيرى بأن العبقري "يختلف عن الشخص العادي بشي واحد وهو قلة تقيده بما يتقيد به عامة الناس في اندفاع في سبيل الحياة، وتنازع على البقاء"، وفي رأيه "إن إرادة الحياة هي الدافع الرئيس الذي يدفع الفرد العادي نحو أعماله وأفكاره المتنوعة..ولذلك فهو ينظر في الأمور من خلال هذه الإرادة، أما العبقري فهو يسمو عن ذلك ويحاول أن يفهم الحياة على أساس موضوعي بحت" وبناء عليه فأن العبقرية عند شوبنهور هي "الموضوعية الخالصة في الفكر، والتي تمثل تلك القوة التي تجعل صاحبها يهمل مصالحه ورغباته وأهدافه وينبذ شخصيته لمدة معينة بحيث تكون فيها أداة خالصة للمعرفة والنظر في الكون نظرا نقيا".
أما الفيلسوف الثاني ، توينبي ، فيرى أن "الفرد العادي إنسان محافظ يميل إلى التمسك بالعادات الموروثة، أما العبقري فهو على النقيض من ذلك يحب الابتداع والثورة على التقاليد". ويرى توينبي بأن العبقري" إنسان يشعر بأنه مكلف برسالة، وكثيرا ما يحب الفناء في هذه الرسالة ومن اجلها، بحيث يصبح العاشق الولهان الذي لا يعرف في الدنيا إلا إياها، وهو مقلق للنظام الاجتماعي مهدد لكيانه، إذ هو يسعى من اجل أن يحوله من حال إلى حال، ولا يبالي إن نال في سبيل ذلك ما ينال".
أما الفيلسوف الثالث، برجسون، فيرى "أن الإنسان بطبيعته يميل إلى موافقة الجماعة التي ينتمي إليها ..أما العبقري فيشعر انه ينتمي إلى البشرية جمعاء، ولذا فهو يخترق حدود الجماعة التي نشأ فيها ويثور على العرف الذي يدعم كيانها...انه يخاطب الإنسانية كلها بلغة الحب وكأنه إنسان من نوع جديد"...والعبقري عند برجسون "إنسان فيه نزعة من التصوف ذلك انه عندما ينغمس في ساعة الإبداع يغيب عن وعيه ويدخل فيما يشبه الوجد الصوفي أو الغيبوبة...وهو عند ذلك يتحد مع الدفقة الحيوية الكبرى التي تُسير الكون ويستشف من الحقيقة المطلقة ما لا يستطيع أن يستشفه المنغمسون في همومهم المحدودة ".
ونجد أيضا بأن علم النفس قدم مساهمة مهمة في محاولات كشف سر العبقرية، لكنه عجز حتى الآن عن تقديم تفسير شافي لهذه السمة الإنسانية. وقد اثبت علم النفس أن الإنسان العبقري لا يتميز بتركيبة نفسية خاصة، بقدر ما يتميز بتشغيل خاص لهذه التركيبة النفسية، حيث يرى علم النفس أن العبقري إنسان مثله مثل بقية البشر، لكن استعداده النفسي مختلف، وهو يتميز بطاقة هائلة على الحركة، والإبداع، قياسا مع الإنسان العادي، كما يمتاز بحب الخروج على المألوف، وهو لا يخشى أن يصدم المجتمع، ويرى علم النفس بأن ألامتثالي الخاضع للعادات والتقاليد السائدة في المجتمع لا يمكن أن يكون عبقريا..ولذلك فأن أهم سمة من سمات الإنسان العبقري هو خروجه عن المجتمع والشذوذ عن المألوف. وبينما يرى عالم النفس ادلر بأن الإبداع تعويض عن نقص ما في الشخصية، يرى عالم النفس سجموند فرويد "بان العبقرية والجنون يلدان من رحم واحد أي أنهما يصدران عن اللاوعي السحيق للفرد، ذلك اللاوعي الذي يمثل قارة مظلمة ومجهولة، وهي تشبه البركان العميق الكامن تحت طبقات الأرض أحيانا يقذف بالعبقرية وأحيانا يقذف بالهذيان". أما كيركغارد فيرى بأن المرض هو السبب الأساسي لكل اندفاعه إبداعية، وهو يعتقد بأن الإبداع هو الذي أشفى نفسه من أوجاعه وهمومه. ويؤيد عالم الطب النفسي الكبير ايسكيورول بأن هناك علاقة بين العبقرية والمرض حيث يقول " إن الشخصيات الكبرى في التاريخ هي شخصيات مريضة". بينما يرى عالم نفس آخر اسمه لولوت بأن العبقري شخص ممسوس أو مسكون في الداخل من قبل شيطان العبقرية، وهذا ما يتقاطع مع التسمية العربية لهذه السمة الإنسانية حيث كان العرب يعتقدون أن للعبقرية علاقة بواد اسمه عبقر يسكنه الجن. لكن الغالبية العظمى من الدراسات تربط بين العبقرية والجنون، ويدلل أصحاب هذه النظرية على ذلك بأن الكثير من العباقرة كانوا قد أصيبوا بالجنون وبأن العباقرة أشخاص غريبي الأطوار ومعقدو الشخصية، وأنهم يختلفون عن البشر العاديين وان تركيبتهم النفسية غير طبيعية.
أما عالم الانتروبيولجي، هوارد جاردنر، فيعتقد أن منشأ العبقرية له علاقة بالوراثة، رغم أن البيئة تلعب دورا اكبر في إظهار العبقرية في وقت ما، أو ساعة ما، أو ظرف ما، وهي في نظره الأكثر تأثيرا في ظل ثقافة ما. أما أديسون فهو يرى بأن العبقرية 1% الهام و99% عرق وجهد وكفاح.
ويشكل جهد علم التشريح ودراسة الدماغ الحلقة الأحدث في هذه السلسة الطويلة التي حاولت كشف سر العبقرية..وقد أُجريت هذه الدراسة التشريحية تحديدا على دماغ العبقري، اينشتين أبو النظرية النسبية. وتشير هذه الدراسة إلى أن عقل اينشتين يحتوي على نسبة اكبر من الخلايا المناعية، التي تحيط بكل خلية عصبية تغذيها وتمدها بالطاقة اللازمة لعملها، أي انه كلما زادت نسبة هذه الخلايا المناعية في أجزاء معينة من المخ زادت قدرة الإنسان على التفكير والتخيل والاستنتاج وسرعة رد الفعل، ووجد العلماء أن وزن الدماغ عنده اقل من الوزن العادي، كما أن سمك القشرة أقل من المعدل الطبيعي عند الرجال العاديين، كما أن السطح الخارجي للمخ يتمتع بعمق ملحوظ، وهو اعرض بنسبة 15%، يضاف إلى كل ذلك بأن المادة الدبقة المعروفة باسم Astrocytes موجودة بنسبة عالية في دماغه... ولكن العلماء الذين قاموا بهذا العمل المهول يعترفون بأن هذه الدراسة لم تقدم استنتاجا حاسما يدل على مواطن العبقرية في المخ... ليظل سر العبقرية إلى يومنا هذا سرا يستعصى على الباحثين والعلماء والدارسين.
وعلى الرغم من الاختلاف في النظريات التي تحاول تفسير العبقرية نجد أن هناك إجماع إلى حد ما على صفات الإنسان العبقري: فهو كائن لا اجتماعي، يميل إلى العزلة والوحدة والهامشية والعناد، ويستغرق في الصمت والتأمل وكثرة التفكير والتحليل، سارح الذهن، واسع الخيال، وفي الغالب يكون كثير الحركة وكثير التساؤل، وغالبا ما يعاني من قلة النوم، ويتمتع بإرادة قوية، ويتصف بالمثابرة والرغبة الكاسحة في التفوق، وهو في حالة بحث دائم عن الحقيقة، وينظر للأمور بطريقة مختلفة. والعباقرة متطرفون في عاداتهم على عكس الناس العاديين أو المتوازنين، وهم حتما شخصيات قلقة وحساسة إلى درجة المرض أو التطرف الأقصى وهم غير انقياديين. وغالبا ما يصدم العبقري الناس من حوله ويلاقي صعوبات جمة من قبل المحيط السائد وكثيرا ما يمضى وقت طويل قبل الاعتراف به وأحيانا يستغرق ذلك وقتا طويلا جدا حيث لا يحدث الاعتراف إلا بعد موتهم بسنوات طويلة. ويرى علم النفس أن العبقري وحده يعرف بقيمته منذ البداية ولكنه لا يستطيع إقناع الآخرين بها فورا بمن فيهم عائلته الشخصية أحيانا.
ونجد أن أهم ما قيل في العبقرية يتلخص في الإجماع على أنها تمثل قوة سرية تدفع العبقري لان يكمل مهمته وان يواظب على مسيرته، ويندفع للأداء وكأنه محملا برسالة كونية أو مسئولا عن تنفيذ مهمة عليا تتجاوزه وهو مستعد لان يضحي بحياته من اجلها.
فما سر العبقرية؟ وما هو منشأها؟
طبعا من الواضح بأن كل الطروحات السابقة عجزت عن تقديم تفسير حقيقي لمنشأ وسر العبقرية، لكن من الواضح أيضا بأن مركز العبقرية ومنشأها هو الدماغ. ولا شك أن الإنسان العبقري هو إنسان يمتلك دماغ يعمل بصورة استثنائية وفوق عادية، وهنا نجد أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يجعل عقل إنسان يعمل بصورة استثنائية بحيث يولد مخرجات عبقرية؟ وذلك قبل أن نتطرق إلى الشق الآخر من الموضوع كيف تحدث العبقرية، أي ما هي آلية ولادة الأفكار أو المخرجات العبقرية في الدماغ؟
ولجواب هذا السؤال الأول: ما الذي يجعل عقل إنسان يعمل بصورة استثنائية وبحيث تولد مخرجات إبداعية؟ أقول، لقد مكنتنا وسائل البحث الحديثة عبر الانترنت من الوصول إلى والتعرف على كم هائل من المعلومات خلال دقائق معدودة، ولا شك أن المعلومات وفرت استنتاجات غاية في الأهمية، فيما يتعلق بموضوعنا هذا تحديدا. فحينما ندرس سيرة حياة الأشخاص الذين اتفق الجمهور على أنهم عباقرة عبر التاريخ نجد أنهم في معظمهم، إن لم يكن جميعهم، قد تعرضوا في طفولتهم لمآسي مهولة، ونجد أيضا أن معظمهم أيتام تحديدا، وكثيرا منهم تكررت المآسي التي لها علاقة بالموت والمرض في حياتهم اللاحقة بشكل ملف للانتباه. وفي ذلك طبعا مؤشر بأن السر في عمل أدمغتهم بصورة استثنائية لا بد أن يكون له علاقة ومرتبط بمآسي حياتهم وما تجلبه هذه المآسي من الم وما ينتج عن ذلك الألم من اثر في كيمياء الدماغ وبالتالي زيادة استثنائية في نشاط الدماغ!! وهو في نفس الوقت السبب نفسه الذي يكمن وراء تلك الصفات المشتركة التي يتصف بها العباقرة والتي يجمع الباحثون عليها كما هو مشروح آنفا.
أما كيف يؤثر الألم والناتج عن صدمة اليتم في خلق العبقرية، من خلال دفع الدماغ للعمل بطريقة استثنائية، فهذا هو مربط الفرس هنا، وهو الجديد الآخر الذي نقدمه في كشف سر العبقرية، وتفسير منشأها، ولو أن هذا الطرح يظل نظري، إلى أن يتم التأكد من دقته أو نفيه بصورة مخبرية علمية، وذلك رغم الشواهد التحليلية والإحصائية وحتى العلمية التي ترجح صحته وتجعله أكثر قبولا من كل ما سبقه من طرح وتفسير لمنشأ العبقرية؟
وفي هذا الصدد، يبدو أن عقل الإنسان، هذا الكون الذي يُجمع العلماء على انه ما يزال مجهولا وغامضا ويعمل بطاقة 5% من قوته المهولة فقط، يشتمل في ثناياه على مخازن المعرفة المطلقة التي تولد مع الانسان، وهذه المخازن تكمن فيما اصطلح عليه العقل الباطن المحجوب عن العقل الظاهر الواعي بحجاب يشكل سدا منيعا أمام خروج هذه المعرفة ويضبطها ويمنع تفلتها نظرا لما تملكه من قوة وقدرة على الإذهال تفقد الإنسان توازنه إذا ما خرجت بصورة غير منضبطة وبما يتجاوز قدرة الأنا العليا على الاستيعاب والتبرير. ويبدو أن هذا العقل الباطن يتكون من شقيين: واحد يمثل الخير وكل ما تمثله الكلمة ويرتبط بها، وهو مصدر الإبداع بكافة مستوياته، وآخر يمثل الشر، وكل ما تمثله الكلمة وما يرتبط بها، وهو مصدر الجنون بكافة مستوياته. ويبدو أن مخازن المعرفة هذه تتفاوت في عمقها، ولو افترضنا هنا جدلا وعلى سبيل التبسيط أن العقل يتكون من عشرة مخازن من مخازن المعرفة فقط، لقلنا أن منشأ الإبداع في ابسط حالاته ينبع من المخزن الأول، والذي هو الأقل عمقا، بينما نجد أن المخرجات الإبداعية تكون أكثر قيمة ووزن، كلما تعمق منشأها ضمن مخازن المعرفة العشرة المذكورة، وتصبح أكثر قيمة ووزن وتعقيد ورمزية وكودية كلما تعمق منشأ الإبداع أكثر فأكثر، فتكون المخرجات الإبداعية من المخزن رقم خمسة مثلا، ذات وزن وقيمة أكثر خمس مرات من تلك التي تتولد من المخزن رقم واحد. وتصبح هذه المخرجات عبقرية، فذة، مدهشه، ومزلزلة، إذا ما كان منشأ الفكرة أو المخرجات الإبداعية عميقا جدا ضمن هذه السلسة...وهكذا حيث تتشكل لحظة الوجد والتي تمثل حالة انكشاف هائلة من المعرفة والقوة المخزنة في ثنايا العقل الباطن إلى الحد أن البعض يظن أن ما يحدث هو عبارة عن حالة توحد مع العقل الكوني. وكلما تعمق مصدر المعلومة أو الفكرة أو المخرج الإبداعي، كلما كانت الفكرة أكثر عبقرية وقيمة ووزن، ولو أن مصدر المخرجات الإبداعية كان مخزن المعرفة الأكثر عمقا على الإطلاق فالأرجح أن هذه المخرجات إلا بداعية ستكون كاملة المواصفات، وتمثل انعكاس للمعرفة المطلقة في أعلى صورها وتكاملها.
أما فيما يتعلق بالآلية التي يحدث فيها تفعيل مخازن المعرفة من خلال إحداث ما يشبه الخلخلة في الجدار الفاصل بين العقل الواعي والعقل الباطن للسماح بولادة وخروج الأفكار والمخرجات الإبداعية على اختلاف أشكالها وأنواعها، فذلك مرتبط بشكل وثيق بوزن وطبيعة المصيبة وتوقيتها وأثرها في الطفل.. ويمكن القول ومن واقع الدراسات الإحصائية والتحليلية التي قمت على إجرائها، أن اليُتم والذي قد يفجع الطفل من سن ما قبل الولادة إلى سن 21 عام هو أهم العوامل التي تؤثر على الدماغ وتزيد في نشاطه. ويلاحظ من خلال وزن وقيمة المخرجات الإبداعية اللاحقة، أن الأثر يكون أعظم كلما كان اليتم أبكر من حيث التوقيت: فنجد أن أعظم الناس عبقرية على الإطلاق هم أيتام قبل الولادة مثل نيوتن، يليهم في العبقرية من تيتم في السنة الأولى مثل جان جاك رسو على سبيل المثال لا الحصر، ثم السنة الثانية... وهكذا. وذلك على الرغم أن تراكم المآسي في حياة طفل تيتم في السنة الخامسة من عمره مثلا، قد يجعل من دماغه يعمل بطريقة أعظم وأكثر نشاطا مقارنة مع طفل آخر تيتم في السنة الأولى ولم تتكرر المآسي في حياته بنفس كثافة ما حدث لابن الخامسة، فتكون المخرجات الإبداعية أعظم عند من تيتم في الخامسة، وذلك كنتيجة للمؤثرات التي تزيد من نشاط الدماغ وتعمل على تحفيزه.. وهنا لا بد من التنويه بأن زمن وقوع اليتم يبدو مهما جدا في طبيعة المخرجات الدماغية، فبينما نجد أن من تيتم في السنة الأولى يميل إلى الإنتاج الفكري والفلسفي وفي نفس الوقت لديه القدرة على الإنتاج في مجالات متعددة، نجد أن الأيتام من السنة الرابعة وحتى العاشرة يبدعون في مجال الدراسات العلمية مثل الرياضيات والهندسة ومن ثم البيولوجيا وبعد ذلك الفلك في سن العاشرة، بينما نجد أن الأيتام في سن المراهقة غالبا ما يصبحون قادة أفذاذ كرزميون لكن مع ميل شديد للقتل الجماعي الذي لا يرحم مثل هتلر وستالين ونابليون وغيرهم من القادة الذين تيتموا في سن المراهقة، بينما نجد أن الأيتام ما بين السابعة عشرة والحادي والعشرين هم في اغلبهم مخترعون ومكتشفون، مثل جوتنبرغ وجميس واط والاخوين رايت، وهو ما يشير إلى أن توقيت الصدمة يكون له تأثير على قطاعات مختلفة من مخازن المعرفة والقدرات في الدماغ حيث يبدو أن لذلك علاقة بمستوى النمو والنضوج في الدماغ، ولذلك نجد بأن الأثر يكاد يكون معدوما بعد سن الحادي والعشرين والتي يكتمل فيها النضوج العقلي.
وفي عودة للحديث عن الآلية التي تجعل الدماغ يعمل بنشاط اكبر فذلك يرتبط بزيادة حادة في كيمياء الدماغ التي تتناسب طرديا مع مدى وقوة الصدمة التي تصيب الطفل وتوقيتها، حيث يبدو أن هذه الزيادة في كيمياء الدماغ تؤدي إلى تولد طاقة تتناسب في قوتها طرديا مع وزن المصيبة وقوة أثرها، وكلما كانت المصيبة أعظم كلما كانت كيمياء الدماغ أكثر دفقا، وبالتالي تتولد طاقة أعظم، وكلما كانت هذه الطاقة أعظم كلما أدى ذلك إلى جعل مصدر الفكرة الإبداعية أو المخرجات الإبداعية أعمق ضمن قطاعات ومخازن المعرفة الأكثر عمقا في دماغ الإنسان.
أما فيما يتعلق بالكيفية التي تتولد فيها الطاقة وما طبيعتها وما إلى ذلك من التفاصيل فلا بد أن هناك حاجة لمزيد من الدراسات، فمن ناحية قد يؤدي الدفق الكيماوي إلى زيادة في الخلايا الدماغية كما أشارت الدراسة التشريحية على دماغ اينشتاين وقد يكون أمر آخر... ولكن على الأغلب وهذا ما أرجحه وبناء على مجموعة من المعطيات لا مجال لذكرها هنا، أجد بان الطاقة المتولدة هي طاقة البوزيترون حيث أن زيادة الدفق الكيماوي تجعل من بيئة الدماغ مكانا صالحا لحدوث ارتطام وتصادم بين المادة ونقيضها وهو ما يعرف (بالانفجار البوزيتروني) فينتج عن ذلك الارتطام طاقة هائلة لا محدودة في قوتها وطاقتها، لكنها تتناسب طرديا مع قوة ووزن وتوقيت المصيبة، وكلما زادت نسبة هذه الطاقة المتولدة كنتيجة لمثل هذه الانفجارات البوزيترونية، كلما كانت القطاعات الدماغية التي تحتوى على المعلومة أو المخرجات الإبداعية أعمق.
وبذلك يمكن الجزم هنا بأن سر العبقرية ومنشأها يكمن في دماغ يعمل بطاقة البوزيترون الهائلة وذلك كنتيجة لمرور صاحبها بمجموعة من المآسي المرتبطة بالموت وعلى رأسها اليتم. وفي الغالب نجد أن العباقرة هم أشخاص تيتموا في سن مبكرة جدا، و/أو تكررت المآسي في حياتهم، بحيث يظل مستوى الدفق الكيماوي في أدمغتهم عاليا جدا ومتجددا، وبحيث تظل هذه الأدمغة بيئة صالحة لحدوث مزيد من الانفجارات البوزيترونية المهولة والمولدة لمزيد من الطاقة اللانهائية وغير المحدودة، مما يؤدى إلى خلخلة الحجاب الفاصل بين العقل الواعي والعقل الباطن مصدر المعرفة والقوة المعرفية المطلقة، وبالتالي تؤدي إلى تنشيط قطاعات عميقة جدا من مخازن المعرفة في أدمغتهم ، فتتولد من هذه القطاعات مخرجات إبداعية عبقرية، فذة، ومدهشة للغاية...وتتدفق هذه المخرجات الإبداعية بصورة سحرية، مذهله، ولا واعية ومخيفة في أحيان كثيرة حتى للمبدع نفسه، لان مثل هذه الولادة تكون مصحوبة بإحساس أشبه ما يكون بفقدان للسيطرة، مما يدفع البعض للاعتقاد بأن العبقري شخص ممسوس، أو أن شيطان للشعر والإبداع يسكن في ثنايا الدماغ وهو المسئول عن لحظة الإلهام الشعري مثلا..بينما يظل البعض يعتقد بأن لحظة الإلهام سر لا يمكن فهمه كونه يفوق قدرة العقل الواعي على التصور والاستيعاب...
ومن هنا فأننا نجد بأن الكثير من الأعمال العبقرية تُرفض جملة وتفصيلا، وأحيانا يعاقب أصحابها لأنها تشكل بعبقريتها تهديداً للوضع السائد، ولان العقول العادية التي تحاول دائما الإبقاء على سلطة فكرية تمثل السائد والمألوف في إطار فلسفة تبريرية يتفق عليها، وبهدف تحقيق التوازن النفسي للإفراد والمجتمع على حد سواء، لا تستطيع تقدير قيمتها ووزنها لحظة ولادتها، وإنما يتطلب الأمر مرور زمن قد يطول، وقد يطول جدا، لمعرفة عبقرية المُخّرَجْ الإبداعي أو حتى يتمكن المخرج الإبداعي نفسه من أن يأخذ حيزا له ضمن الفلسفة السائدة من خلال التحول الذي يجري فيما اصطلح عليه الأنا العليا، والذي يمثل مركزا لتلك المثل والأطر التبريرية والفكرية السائدة والمألوفة...ولذلك ربما يكون الزمن هو المقياس الوحيد للعبقرية.
ولو أننا قمنا على دراسة تفصيلية لسير حياة فئة الأشخاص الذين اتفقت العقلية الجماعية للبشرية على عبقريتهم عبر السنين، لوجدنا أنهم وبنسبة تتعدى عامل الصدفة بكثير أنهم أيتام.. كما أن حياتهم كانت عرضة للكثير من المآسي التي يكون معظمها مرتبط بتجربة الفقد والموت.
يتبع،،
- سر لحظة الوجد؟
- بين العبقرية والجنون؟
-هل يمكن صناعة العباقرة؟

همـس أحمد 09-25-2011 06:56 AM

مقال رائع جدا .. استفدت منه كثيــر ...

أستاذ أيوب :
ممكن تبين علاقة الموهبة بالعبقرية والذكاء ؟!!

:)

ايوب صابر 11-18-2011 09:53 PM

شكرا همس احمد


الساعة الآن 10:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team