![]() |
قصيدة (الجرَسُ الخفي) تفوز بالمركز الأول
--------------------------------------------------------------------------------
فازت قصيدة (الجرَسُ الخفي) للشاعر المغربي عبد اللطيف غسري بالمركز الأول في مسابقة "ذهبيات أدبية 4" التي نظمها ملتقى الأدباء والمبدعين العرب.. إليكم نص الإعلان عن نتائج المسابقة: الأخوة الأدباء ... الأخوات الأديبات الآن يعلن نادي الأصالة للإبداع الأدبي انتهاء مسابقة ذهبيات أدبية 4 والتي بدأت فعالياتها من 22 أكتوبر وانتهت يوم 12 نوفمبر بفضل الله النتيجة نتيجة الشعر --- ذهبيات أدبية 4--- في الفترة ( 22 أكتوبر – 12 نوفمبر 2011 ): درجات المتسابقين بعد الجمع والقسمة بالترتيب : 1- " الجرس الخفي " --- أ / عبد اللطيف غسري : 8.8 2- " عيون المها " --- أ / ثروت سليم : 8.25 3- " صبرت على هجرانك " --- أ / هيثم ملحم : 8.02 4- " هكذا تكلم زرادشت عند مقصلة الحب" --- أ / مهند التكريتي : 7.97 5- " عتاب واعتذار " --- أ / منتظر السوّادي : 7.7 6- " أحببت فيكِ صراحة الصّبار " --- أ / خالد شوملي : 7.37 7- " رسول البريّة " --- أ / محمود جودة : 7.3 8- " حدثيني " --- أ / مخلوفي أبو بكر : 7 9- " ستعرفين حين يفضحك الجواب " --- أ / محمد نجيب صهيوني : 6.95 10- " مشهد في عينيك " --- أ / عبد الناصر النادي : 6.72 11- " هذيان " --- أ / محمد جمال هنداوي : 6.12 12- "الربيع العربي " --- أ / محمد فهمي يوسف : 5.87 13- " مطر أزرق " --- أ / يحيى الحسن الطاهر : 5.5 14- " زمن الانتظار " --- أ / عبد الله السلمان : 5.12 15- " من داخل شباك التموين " --- أ / محمد قديح : 5.12 *** وبهذا يكون أ / عبد اللطيف غسري هو الفائز بالمركز الأول في قسم الشعر لهذه الفعاليات من ذهبيات أدبية 4 عن نصه " الجرس الخفي " مبارك للفائز .. وتمنياتي بالتوفيق لبقية الأخوة في المرات القادمة لكم مني فائق التقدير .. والاحترام تحياتي .. نادي الأصالة فلإبداع الأدبي إليكم رابط المسابقة: http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...174#post747174 وإليكم القصيدة: الجَرَسُ الخَفِيُّ عبد اللطيف غسري بِدَاخِلِي مِنْ كِنايَاتِ الأنَا جَرَسُ = مَعْنَى السُّكونِ بِهِ نَاءٍ وَمُلْتَبِسُ يُدَقُّ حِينَ يَصُبُّ الغَيْمُ أحْرُفَهُ = رَذاذَ حَشْرَجَةٍ يَهْمِي بهِ الهَوَسُ أيْنَ الوَمِيضُ وَهَذا الصَّدْرُ بَوْثَقَةٌ = حَمْرَاءُ مِنْ كُلِّ إحْسَاسٍ بهَا قَبَسُ أيْنَ السَّبيلُ... مَسِيرُ الذاتِ هَرْوَلَةٌ = فِي مَهْمَهِ الليْلِ لَمْ يَفْطِنْ لَهَا العَسَسُ إنَّ المَسَافاتِ فِي دَرْبِي مُجَنَّحَةٌ = يَكْبو على إِثْرِهَا البِرْذوْنُ والفَرَسُ شَوْطًا قَطعْتُ وَشَوْطٌ كادَ يَقْطعُنِي = وَمُمْسِكٌ بِتلابِيبِ المَدَى النَّفَسُ فَهَلْ أضَعْتُ بِجَيْبِ الوَقْتِ بَوْصَلَتِي = إنِّي لَأطلُبُ آثَارِي وألْتَمِسُ وَما بَرِحْتُ مَكانِي قَيْدَ أُنْمُلَةٍ = وَما شَهِدْتُ زَمَانِي وَهْوَ يَنْتَكِسُ أنا المَشُوقُ إلى ما فاتَ مِنْ زَمَنٍ = أطْلالُ قَلْعَتِهِ تَهْوِي فَتَنْدَرِسُ هَذِي نسَائِمُهُ حَمَّلْتُهَا كُتُبِي = وكُلُّ حَرْفٍ بِها فِيهِنَّ مُنْطَمِسُ لَكِنَّمَا الجَرَسُ المَخْبُوءُ فِي جِهَةٍ = مِنْ مَوْطِنِ الرُّوحِ يُغْرينِي بهِ الأنَسُ يَهُزُّنِي كُلَّما أغْفَيْتُ عَنْ هَدَفِي = وَالكَوْنُ فَوْقَ مَرَايَا النَّفسِ يَنْعَكِسُ وَلَسْتُ آنَفُ إنْ أسْرَجْتُ قافِيَتِي = إلى المُنَى، حَوْلَهَا مِنْ أدْمُعِي حَرَسُ مِنْ أنْ أنامَ على أسْمالِ خاطِرَةٍ = أوْ أنْ يَكونَ طعَامِي التَّمْرُ والعَدَسُ إذا يَضُخُّ المَدى فَوقِي غَمَائِمَهُ = مَاءُ التَّفَكُّرِ مِنْ عَيْنَيَّ يَنْبَجِسُ أُجَالِسُ النَّهْرَ مَفْتونًا بِجِدَّتِهِ = لا يَسْتَحِلُّ خُدُودَ الضِّفَّةِ الدَّنَسُ أُلْقِي بهِ زَوْرَقِي المَشْبُوبَ عَاطِفَةً = لعَلَّهُ عَنْ لِقائِي لَيْسَ يَرْتَكِسُ لعَلَّ أشْرِعةَ الآتِي تَجُوبُ بهِ = أعْمَاقََ رُوحِي فَيَبْلوهَا وَيَنْغَمِسُ تَمُرُّ بِي كَلِماتُ النَّهْرِ صَامِتَةً = صَوْتُ التأمُّلِ مَحْفُوفٌ بِهِ الخَرَسُ[/CENTER] |
وكيف لا تفوز قصيدتك وانت متنبي العصر الحاضر؟ مبروك |
اقتباس:
بوركت أخي وبورك قلمك.. كل عام وأنت بألف خير. |
قراءة في نص
الجرس الخفي العنوان يحمل تناقضاً ظاهراً ، وإِنَّ هذا التناقض يؤجج الفجوة لدى المتلقي ، فيعْمل فكره وخياله باحثاً عن تأويلٍ مقنعٍ لكيفية التوافق بينهما ، لِأنَّ المتلقي يعلم أَنَّ الجرس يهزّ الجدران لا الآذان ، لكنّه في هذا النصّ خفيّ لا يسمعه الآخرون ، فهو جرس من غير صوت ، على الرغم من عمق رناته الاهتزازية لكنه يعمل بخفاء وصمت ، يبدو أنَّ العنوان موفق إلى حدٍّ بعيد حتى مع النغمة الموسيقية في القصيدة وسيطرة حرف السين الصفيري المهموس ، الذي يلاءم خفاء الجرس فكأن الجرس يهمس همساً ، أضف إِلى ذلك أنَّ العنوان يوافق المضمون بصورة تامة ، رغم هذا التوافق ألا إنَّ للقارئ وجهة نظر حول العنوان ، باعتبار العنوان هو العتبة الأولى التي منها نلجّ إلى عالم الشعر أو القصيدة فينبغي أن يحمل عنصرَ تشويقٍ يشدّ انتباه القارئ ويجعله مأسوراً حتَّى نهاية النص ، ومن ثمَّ لو كان العنوان " جرس خفي " لكان أكثر تشويقاً للقارئ لأنه نكرة مجهولة ، والتنكير يحتمل معنى التشويق ، لِيبحث القارئ عن معنى هذا الجرس ومدلولاته في النص ، وعندها يكسب المؤلف أول جولة له من الحرب ، على اعتبار القراءة حرب ، ساحتها النص ، وطرفيها القارئ والمؤلف . مدلول النص أو الفكرة التي يريدها النص هي الحديث مع الذات وحديث النفس معه ، واتسمت النفس بالإيمان أو كان الطابع صوفي في اغلبه ، يلاحظ القارئ ألفاظا صوفية ؛ ( الخفي ، وميض ، السبيل ، الذات ، النفس ، المشوق ، الروح ، أسرجت ، التفكير ، التأمل ) هذه الألفاظ كست النص حلية أو لنقل نغمة عرفانية صوفية ، ومن ثم فالنص عميق الدلالة صعب المراس . بؤرة النص هي حديث الذات ، وظهر ذلك جلياً في قول الشاعر : ( كنايات الأنا ، الجرس المخبوء في موطن الروح ، يهزني كلما أغفيت ) فالجرس هو حديث من أعماق الروح يهزُّ الكيان هزّاً ، ويرن كلما غفل البطل عن هدفه ، يعلو منه عتاب وتأبين إن أغمض عينه ، أو وضع آماله في غير موضعها ، فقال :( أسرجت قافيتي إلى المنى ) ، ويبدو أنَّ هدفه العودة تائباً إلى الله ، بدلالة الدمع ، فالدمع يرافق التائب في توبته ، وكذا يُلاحظ أَنَّ البطل في البيت السابق قال : ( أنا المشوق إلى ما فات من زمن ) فالندم يصحب البطل ، والتوبة أولها ندم ثم تسرج القافلة في الرحلة إلى الله تعالى ، ويمسك التائب وهو على ناقة التوبة بزمام الدموع ؛ دموع الندم على التفريط . أيْنَ الوَمِيضُ وَهَذا الصَّدْرُ بَوْتَقَةٌ = حَمْرَاءُ مِنْ كُلِّ إحْسَاسٍ بهَا قَبَسُ أيْنَ السَّبيلُ... مَسِيرُ الذاتِ هَرْوَلَةٌ = فِي مَهْمَهِ الليْلِ لَمْ يَفْطِنْ لَهَا العَسَسُ نجد البطل يناجي نفسه ، يقارن حاله المتعب المهرول نحو الفناء المستعر بأحاسيس غريبة كثيرة من كل نوع ، والتي أرهقت القلب وجعلت منه بوتقة مستعرة حمراء تصهر الروح مرات تلو المرات ، وبما يرغبه من طمأنينة بيضاء مستقرة وتوقف تلك الهرولة في عتمات المجهول ، فهو يريد الوميض الذي يشق القلب ويغرس فيه النور وينزل فيه الغيث ويطفئ النار الهائجة بالأحاسيس المختلفة ، بعد هذا الوميض يريد الدرب الصحيح ليسلكه بصمت وتأمل ويترك الهرولة في العتمة ، ومن ثمَّ فيلاحظ القارئ أنّ النص موفق في تلازم الوميض مع السبيل فالنور هو الذي ينير الطرقات بل النور هو يغرس الاطمئنان في الفؤاد ومن ثم يسلك الدرب الصحيح ، يقول الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام ( النوم على يقين خير من عبادة على شك ) فالنور يغمر النفس ثم تسلك طريق العبادة مع تأمل كما جاء في آخر النص : ( تمر بي كلمات النهر صامتة ***** صوت التأمل محفوف به الخرس ) فعودة البطل مفكراً في عجائب خلق الله ، وصامتاً بأفضل أنواع الصمت إنّه التأمل ، والتفكير في الخلق خير من عبادة عمياء ، لذا فيُلاحظ أنّ البطل لما رأى العالم غائراً في الضبابية وعدم لوضوح ، بعد أن تغيرت الأَشياء رنَّ الجرس في أعماق الروح ليعود إلى نفسه باكياً ومفكراً على هذه الحال التي تعيشها الأمة . أُجَالِسُ النَّهْرَ مَفْتونًا بِجِدَّتِهِ = لا يَسْتَحِلُّ خُدُودَ الضِّفَّةِ الدَّنَسُ أُلْقِي بهِ زَوْرَقِي المَشْبُوبَ عَاطِفَةً = لعَلَّهُ عَنْ لِقائِي لَيْسَ يَرْتَكِسُ لعَلَّ أشْرِعةَ الآتِي تَجُوبُ بهِ = أعْمَاقَ رُوحِي فَيَبْلوهَا وَيَنْغَمِسُ الأبيات هذه تروي حال البطل ،لا بل هو يروي حاله ، ربما يرمز النهر إلى الحياة المتجددة والعلاقة بين الماء والحياة جلية ، وربما النهر رمز على الدنيا ، وتتجدد الحياة في الدنيا يوما بعد يوم ، ويبقى الإنسان مفتوناً فيها ، حتى حين . وقد رمز البطل إلى عيشه في هذه الحياة بـــ( زورقي ) انه سائر في الدنيا / الحياة ( النهر ) حتّى الموت ولقاء الله تعالى ، ويختم هذه الرحلة بترجٍ لتكون أعماق الروح مؤمنة ببلاء الله . وهناك معنى آخر للنهر يبدو أَقرب للتأويل لدى المتلقي المسلم وهو أَنَّ النهر يراد به ( القرآن الكريم ) فالقرآن الكريم نهر تغرف منه البشرية العلوم النافعة والشفاء والأمن والطمأنينة ، أضف أن القرآن لا ينضب أشبه بالأنهار – إن جاز لنا التشبيه بل إنَّ النهر ينضب وكلام الله لا ينضب - والبطل في النصّ متعجب من تجدد القرآن عند كل قراءة ، ثم يلقي بنفسه بين آياته بعاطفة الحب والتلذذ ، عسى أن يكون اللقاء غير خاسر ، ثم يردف بـــ عَلَّ آيات القران تدخل أعماق الروح وتُغرس هناك ، وتنفعه يوم تبلى السرائر ، ويختم القول بأنَّ كلمات القران تمرّ على قلبي فيصمت متأملاً خاشعاً خرساً لله تبارك وتعالى ، لأَنَّه يطبق قوله تعالى (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) . في الختام أهمسُ لصاحب النص بأنَّ لديه عيوب في القافية منتظر السوادي 25/10/ 11 |
الاستاذ منتظر السوادي
جميلة هذه القراءة النقدية والمهم انها نافذة وقد تمكنت فيها من النفاذ الى اعماق المعنى المقصود على ما يبدو. لكن شعر الاستاذ عبد اللطيف غسري يظل عميق ويحتمل اكثر من معنى في آن واحد. |
مبارك لك أ. عبد اللطيف غسري هذا التميز
و نشكرك لأنك أعلمتنا بهذا و نسخة من الخبر توضع في أخبار أعضاء منابر ثقافية في المجلة كل التقدير تحيتي |
بالتأكيد النص يحتمل أكثر من دلالة ، وهو نص غني ، واعطينا وجهة نظرنا من غير جزم ومن غير قطع ، وان الناقد الجيد من يتعامل مع النص كبنية لغوية لا على اعتبار صاحبه .
في الحقيقة رحلتي مع النص كانت ممتعة لكم تحيتي |
الاستاذ منتظر السوادي
انا طبعا لم اقصد التقليل من شأن قراءتك ولكنني قصدت عمق ما يقاله الاستاذ غسري. لقد حاولت تقديم قراءة لها كما يظهر على الرابط ادناه لكنني توقفت في منتصف الطريق لانني لم اكن اعرف ان كنت على الدرب الصحيح ام لا. هنا القراءة التي قدمتها. سأحاول اكمال هذه القراءة في ظل نقاط الضوء التي اضفتها مشكورا: http://www.mnaabr.com/vb/showthread....5282#post95282 |
اقتباس:
غير أني لم أفهم قولك إن لدي عيوبا في القافية.. أنت ترى أن القافية سليمة والحمد لله ولا تكرار في مفرداتها ولا تنافر في ألفاظها.. رأيك يُحترم بطبيعة الحال. إليك مني أجمل التحيات وأعطرها. |
اقتباس:
أشكرك على متابعاتك القيمة وتعقيباتك الهادفة التي تهدف إلى العمل على سبر أغوار النصوص والوقوف على أسرارها وخباياها.. أشكرك أيضا على رأيك الجميل في شعري.. مودتي الدائمة التي لا تريم. |
اقتباس:
يشرفني أن تدرجي الخبر في المجلة.. إليك التحيات تترى. |
إليكم قراءة الناقد د. مرتضى الشاوي للنص:
قراءة في قصيدة ( الجرس الخفي ) - عبد اللطيف غسري د مرتضى الشاوي تبدو للقاريء عتبة العنوان أنّها مكونة من موصوف وصفة يقع الموصوف خبراً لمبتدأ محذوف قد يفهم من السياق لعلم المتلقي به . إلا أنّ في دلالتها المجازية رمزاً يعود لذلك الشيء المستور بالرغم من مفردة ( الجرس ) توحي بتنغيم خاص ربما تطرب له الإذن ، وقد يكون ثقيلاً لا تحبذه حتى خوالج النفس المطمئنة ، فليس كلّ جرس مسموع محبوب وليس كلّ جرس مسموع مطروب إلا أنّ وصف الجرس بالخفاء لكونه مستوراً دليل على أنّه مقيد مكبوت لا يسمع إلا في حالة نادرة استثنائية . هل يمثل الجرس الخفي المرموز له صوت الضمير الحي ؟ أو إنّ نوازع النفس في تداخلها إنّ قصيدة الجرس الخفي بمضامينها الذاتية تعدّ تنفيساً عن الذات وهي من الشعر التأملي الفلسفي لأنّها بوح خاص فريد عن النفس بهواجسها الشفافة . والقصيدة في مبناها العمودي تمثل شكلاً غرة القصيدة العمودية إذ ابتنت على بحر البسيط بتقفية موحدة في الشطر الأول مع قافية واحدة سينية الروي وهو التزام فني في مراعاة الصياغة الشعرية . اشتملت القصيدة على معان ومضامين متنوعة تآزرها وحدة موضوعية ليس هناك شطط ولا تكلف ولا اجترار في الوصف . والقصيدة كلّها أنغام وترانيم هواجس النفس في خلجاتها وشفافيتها وهذا دليل على هدوء الشاعر وقدرته على ضبط النفس وعدم انفعاله داخل القصيدة مما لا يؤدي به إلى الزلل الفني . من المضامين والمعاني الإنسانية في أبيات القصيدة : 1- تنطوي على معالم الاعتزاز بالنفس بمكامنها ومشاربها كما في قوله : بِدَاخِلِي مِنْ كِنايَاتِ الأنَا جَرَسُ = مَعْنَى السُّكونِ بِهِ نَاءٍ وَمُلْتَبِسُ يُدَقُّ حِينَ يَصُبُّ الغَيْمُ أحْرُفَهُ = رَذاذَ حَشْرَجَةٍ يَهْمِي بهِ الهَوَسُ 2- البحث عن غاية مهمة للوصول إليها عبر وسائل نافعة كما ورد في قوله : أيْنَ الوَمِيضُ وَهَذا الصَّدْرُ بَوْثَقَةٌ = حَمْرَاءُ مِنْ كُلِّ إحْسَاسٍ بهَا قَبَسُ أيْنَ السَّبيلُ... مَسِيرُ الذاتِ هَرْوَلَةٌ = فِي مَهْمَهِ الليْلِ لَمْ يَفْطِنْ لَهَا العَسَسُ 3- التحلي بالثبات والتصبر دليل على الاستقرار على حالة واحدة لا تتغير والحنين إلى الماضي والتذكير به بسبب تأنيب الضمير كما في قوله : وَما بَرِحْتُ مَكانِي قَيْدَ أُنْمُلَةٍ = وَما شَهِدْتُ زَمَانِي وَهْوَ يَنْتَكِسُ أنا المَشُوقُ إلى ما فاتَ مِنْ زَمَنٍ = أطْلالُ قَلْعَتِهِ تَهْوِي فَتَنْدَرِسُ هَذِي نسَائِمُهُ حَمَّلْتُهَا كُتُبِي = وكُلُّ حَرْفٍ بِها فِيهِنَّ مُنْطَمِسُ 4- الاستئناس بهذا النداء الخفي القادم من موطن الروح لما يملك من علة الاستيقاظ كلما ابتعدت النفس عن خطها للوصول إلى الهدف لأنّ الإنسان في تحركه الطبيعي يمثل مرايا عاكسة للكون . لَكِنَّمَا الجَرَسُ المَخْبُوءُ فِي جِهَةٍ = مِنْ مَوْطِنِ الرُّوحِ يُغْرينِي بهِ الأنَسُ يَهُزُّنِي كُلَّما أغْفَيْتُ عَنْ هَدَفِي = وَالكَوْنُ فَوْقَ مَرَايَا النَّفسِ يَنْعَكِسُ 5- اعتزاز الشاعر بنفسه في ضوء الفخر بشعره .كماورد في قوله: وَلَسْتُ آنَفُ إنْ أسْرَجْتُ قافِيَتِي = إلى المُنَى، حَوْلَهَا مِنْ أدْمُعِي حَرَسُ مِنْ أنْ أنامَ على أسْمالِ خاطِرَةٍ = أوْ أنْ يَكونَ طعَامِي التَّمْرُ والعَدَسُ 6- الإشارة إلى التواضع في العيش في الملبس والمأكل وهذا ناتج عن ترويض للنفس في الحياة كما في قوله : مِنْ أنْ أنامَ على أسْمالِ خاطِرَةٍ = أوْ أنْ يَكونَ طعَامِي التَّمْرُ والعَدَسُ 7- الإطالة في التفكير الصافي للوصول إلى نهاية المطاف برجاء اللقاء وبوساطة اكتشاف مكامن هذا الصوت التأملي المخفي في أعماق الروح ولا يتم ذلك إلا بأشياء : 1- مجالسة الطبيعة وتحقيق الهدوء والطمانينة والنهر يمثل رمزاً للطبيعة بوصفه المادي ويتضمن معالم العطاء وسر الحياة في الوجود . 2- طلب الرحلة في رجاء الوصول ناتج عن إلقاء زورق النجاة بعاطفة الهجر للتغريب النفسي في أعماق الروح رغم التحدي القائم على إنكار استحلال الدنس من الخبائث وعدم الإرتكاس إلا أنّ أشرعة الرجاء والأمل في أعماق الروح تجوب حاملة البلاء بسبب الانغماس في التفكير ورغم كلّ ذلك إنّ دلالات النهر المتنوعة تمرّ في خشوع لإستئناسه إياها لأنّ صوت الفكر قد أطبق عليه بعدم الكلام وهي نتيجة حتمية قد أملاها الشاعر في طمأنينة النفس البشرية التي جبلت على صفاء التفكير وترويضها وابتعادها عن كمائن النفس في رغباتها غير العقلية . إذا يَضُخُّ المَدى فَوقِي غَمَائِمَهُ = مَاءُ التَّفَكُّرِ مِنْ عَيْنَيَّ يَنْبَجِسُ أُجَالِسُ النَّهْرَ مَفْتونًا بِجِدَّتِهِ = لا يَسْتَحِلُّ خُدُودَ الضِّفَّةِ الدَّنَسُ أُلْقِي بهِ زَوْرَقِي المَشْبُوبَ عَاطِفَةً = لعَلَّهُ عَنْ لِقائِي لَيْسَ يَرْتَكِسُ لعَلَّ أشْرِعةَ الآتِي تَجُوبُ بهِ = أعْمَاقَ رُوحِي فَيَبْلوهَا وَيَنْغَمِسُ تَمُرُّبِي كَلِماتُ النَّهْرِ صَامِتَةً = صَوْتُ التأمُّلِ مَحْفُوفٌ بِهِ الخَرَسُ من الملامح الفنية والأسلوبية الطارئة على القصيدة : 1- فقد وظف الشاعر أدواته الفنية في إنتاج معاني أدبية رائعة تتساوق مع البعد الدلالي لهواجس النفس . ويبدو ذلك من العنوان الذي أطل بترميز وإشارة إلى ذلك الضمير الحي الذي يختفي تحت جوانح الصدور ومكامن النفس . وكل ذلك جاء عن وصف مكثف قائم على توليد المعاني بوسائل المجاز الإستعاري من أنسنة وتجسيم وإغراق قي الوصف . وقد ورد ت الصور المجازية بكثرة نتيجة لتوليد قدراً من المعاني الجديدة مؤطرة بحيوية وموسيقى هادئة مثل ( هرولة الذات ، تجنيح المسافات ، تلابيب المدى ، جعل النفس مرآة عاكسة ، إسراج القافية ، أسمال الخواطر ، انبجاس ماء العين ، أنسنة النهر بمجالسته للصحبة وتجسيمه برسم ملامح له مثل خدود الضفة ونهر هاديء مثل إنسان صامت إلا أنّ صوت التفكير لا يبان له بصوت فهو يشبه إنساناً اخرس ، أنسنة الزورق وجعله المعشوق في مرتبة الحب ، جعل للأمل أشرعة بوصفه السفينة الناجية في أعماق الروح ) وكذلك ورود الصور الكنائية مثل ( طعامي التمر والعدس = للدلالة على التواضع ) و( ماء التفكر = للدلالة على انسيابية الفكر وصفائه ) و( جيب الوقت = للدلالة على الثبات والاستقرار والاحتواء ) وأيضاً توافر الرموز الهادفة مثل ( الجرس الخفي ، ، الوميض ، البرذون والفرس ، البوصلة ، الجرس المخبوء ، صوت التأمل ) في دلالتها على التفاعل الحيوي الكامن في خبايا النفس البشرية . 2- من الملامح الأسلوبية الصوتية : حقق الشاعر ملمحاً أسلوبياً في الانتقاء على مستوى ( المفردات ) من أجل إضفاء الحس الإيقاعي الذي ينسجم مع النفس البشرية بصفائها وهدوئها . لهذا السبب قد اختار المفردات الإيحائية ربما جاءت عن قصد أو عفوية بسبب الخبرة والممارسة وقوة الحافظة في جلب المعاني باستعمال مفردات تتناغم دلالياً وحسياً على مستوى الصوت مع الإيقاع الخارجي ولهذا نجد شيوع المفردات المتضمنة على حرف ( السين ) بكثرة على مستوى القصيدة وعلى مستوى البيت الواحد لتشكل منعطفاً بارزاً في الانزياح الأسلوبي على مستوى الصوت مثل مفردات القافية كلّها وغير ذلك . كما نجد ذلك بارزاً على تواجد صوت داخل القصيدة يتجاذب في الإيقاع الداخلي في قوله : بداخلي من كنيات الأنا جرس = معنى السكون به ناء وملتبس أين السبيل ، مسير الذات هرولة = في مهمه الليل لم يفطن لها العسس ولست آنف أن أسرجت قافيتي = إلى المنى ، حولها من ادمعي حرس أجالس النهر مفتوناً بجدته = لا يستحل خدود الضفة الدنس فوجود صوت السين وتكراره في القصيدة على مستوى القافية ومستوى المفردات في داخل القصيدة قد شحن القصيدة بجو من التنغيم الهاديء كأنّه همس في الإذن وتطريب للمشاعر والأحاسيس فضلاً عن ذلك أنّ صوت السين من الأصوات الذي يتناغم مع مثيله أو ما يناضره كصوت الصاد فوجود الصاد بالأقرب من السين يفاجأ المتلقي بهمس خفي دون أن يشعر به مثل ( يصب ، الصدر ، بوصلتي، صامتة ، صوت ) كما في قوله : يُدَقُّ حِينَ يَصُبُّ الغَيْمُ أحْرُفَهُ = رَذاذَ حَشْرَجَةٍ يَهْمِي بهِ الهَوَسُ أين الوميض وهذا الصدر بودقة = حمراء من كلّ إحساس بها قبس فَهَلْ أضَعْتُ بِجَيْبِ الوَقْتِ بَوْصَلَتِي = إنِّي لَأطلُبُ آثَارِي وألْتَمِسُ تمر بي كلمات النهر صامتة = صوت التأمل محفوف به الخرس وكلّ ذلك جاء عن طريق التراكم الصوتي الذي يسجل للشاعر ميزة في تداعي الأصوات داخل القصيدة وأبعادها النفسية ؛ لأنّ صوتي السين الليّن والصاد المفخم من الأصوات المهموسة والرخوة جاءا في تناسق خاص قائم على الانسجام والملاءمة. ربما يؤخذ عليه ما يلي: 1- استعمال مفردات حملت معها التطور الدلالي المعاصر مثل ( بودقة ، بوصلة ) 2- استعمال مفردة ( منطمس ) الواردة في الاستعمال المحكي اليومي بالرغم وجودها في القاموس العربي لأنه في الأصل طمس وقلما يستعمل الفعل انطمس وهو قليل وجاء هنا منطمس وهو اسم فاعل من باب الأغلبية في الاستعمال . 3- ورد الفعل ( يكبو ) في عبارة ( يَكْبو على إِثْرِهَا البِرْذوْنُ والفَرَسُ ) لا يستقيم معناه ربما أردت ( يقفو) . 4- استعمال ( جيب الوقت ) لا أراه مناسباً فالوقت لا يحصر ولا يقيّد في مكان معين مثل الجيب الضيق في دلالته . |
قصيدة بديعة تتحق ان تظل حية.
|
الساعة الآن 05:54 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.