منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر رواق الكُتب. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=27)
-   -   ||~ كتاب ثلاثون درسـًا للصائمين للدكتور : عائض القرني ~ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=5641)

أمل محمد 08-05-2011 05:23 PM

||~ كتاب ثلاثون درسـًا للصائمين للدكتور : عائض القرني ~
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من الكـُـتـّـاب الذي تستهويني القراءة له شيخنا الفاضل الدكتور : عائض القرني

وبـ مناسبة شهر رمضان ، هذا كتاب ( ثلاثون درسـًا للصائمين )

سـ أطرحه ُ طيلة هذا الشهر بـ مشيئة الله ..

شـُكري لـ شيخنا ولـ كل ّ من سـ يـُتابع ~

أمل محمد 08-05-2011 05:24 PM



بسم الله الرحمن الرحيم




الإهداء




إلى كل صائم قائم . إلى الذين ذبلت شفاههم من الصيام .




وجفت أكبادهم من الظمأ . وخمصت بطونهم من الجوع .




إلى من صام رمضان إيماناً واحتساباً أُهدي هذي الكتاب



عائض

أمل محمد 08-05-2011 05:27 PM

مرحبا بالزائر الكريم

صحَّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه إذا رأى الهلال قال : (( ربي وربك الله هلالُ خيرٍ

ورشدٍ ، اللهم أهله علينا بالسلامة والإسلام والأمن والإيمان )) ( ).

ورمضان أشرفُ الشهور ، وأيامُه أحلى الأيام ، يعاتب الصالحون رمضان لقلة الزيارة ،

وطول الغياب ، فيأتي بعد شوقٍ ، ويفد بعد فراق ، فيحييه لسان الحال قائلاً .


مرحباً أهلاً وسهلاً بالصيام
يا حبيباً زارنا في كل عام

قد لقيناك بحبٍّ مفعمٍ
كل حبٍّ في سوى المولى حرام

فاقبل اللهم ربي صومناً
ثم زدنا من عطاياك الجسام

لا تعاقبنا فقد عاقبنا
قلقٌ أسهرنا جُنح الظَّلام

والعجيب أن هذا الضيف يصلح الله بمقدمه القلوب ، ويغفرُ بزيارته الذنوب ، ويستر

بوصوله العيوب ، فحيَّ هلا وسهلاً به .

//

أمل محمد 08-05-2011 05:31 PM

هديه صلى الله عليه وسلم في الصوم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد .


يقول ابن القيم رحمه الله تعالى : (( وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر

رمضان الإكثارُ من أنواع العبادات ، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن

الكريم في رمضان ، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسله ، وكان أجود

الناس ، وأجود ما يكون في رمضان ( ) ، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن

الكريم ، والصلاة والذكر والاعتكاف .


وكان يخصُّ رمضان من العبادة بما لا يخصُّ غيره به من الشهور ، حتى إنه كان

ليواصل فيه أحياناً ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة ، وكان ينهى أصحابه عن

الوصول ، فيقول له : إنك تواصل ، فيقول : (( لستُ كهيئتكم ، إني أبيت عند ربي

يُطعمني ويسقيني )) ( ) .


والله عز وجل رسوله عند هذا الوصال بلطائف المعارف ، ودر الحكم وفيض أنوار

الرسالة ، لا أنه طعام وشراب حقيقة ، إذ لو كان كذلك لما كان عليه الصلاة والسلام

صائماً .


فلما قرّت عينه عليه الصلاة والسلام بمعبوده ، وانشرح صدره بمقصوده وتنعم باله

بذكر مولاه ، وصلح حاله بالقرب مِن ربّه نسي الطعام والشراب كما قال الأول :


فزادُ الرُّوح أرواحُ المعاني
وليس بأن طعمت ولا شربتا

فليس يُضيرك الإفتارُ شيئاً
إذا ما أنت ربك قد عرفتا


والرسول صلى الله عليه وسلم أذكر الذاكرين وأعبدُ العابدين ، جعل شهر رمضان

موسماً للعبادة ، وزمنا للذكر والتلاوة . ليله صلى الله عليه وسلم قيام يناجي مولاه ،

ويضرع إلى ربه يسأله العون والسداد والفتح الرشاد، يقرأ بالسور الطوال ، ويطيل

الركوع والسجود ، شأن النهم الذي لا يشبع من العبادة ، جعل من قيامه الليل زادا

وعتادا ، وقوة وطاقة . قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾ (المزمل:1) ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾

(المزمل:2) وقال تعالى ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً

مَحْمُوداً ﴾ (الاسراء:79) .


ونهاره عليه الصلاة والسلام دعوة وجهاد ونصح وتربية ووعظ وفتيا.


• وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو

بشهادة شاهد واحد( ).


• وكان عليه الصلاة والسلام يحث على السحور ، فقد صح عنه أنه قال : "تسحروا فان

في السحور بركة"( ) لان وقت السحور مبارك ، إذ هو في الثلث الأخير من الليل وقت

النزول الإلهي ، ووقت الاستغفار. قال تعالى﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ (الذاريات:18)

وقال تعالى ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ (آل عمران: من الآية17)


ثم إن السحور عون على الصيام والعبادة ، ثم هو صرف للنعمة في عبادة المنعم سبحانه

وتعالى .


• وكان عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه أمرا وفعلا يُعجل الإفطار بعد غروب الشمس

( ) ، فيفطر على رطب أو تمر أو ماء( ) لان خالي المعدة أوفق شئ له الحلاوة ، فكان

في الرطب والتمر ما يوافق الصائم الجائع .


• وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد))

( ). فكان. فكان عليه الصلاة والسلام بخيري الدنيا والآخرة.


• وكان يفطر صلى الله عليه وسلم قبل أن يصلي المغرب ( ) .


وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (( إذا اقبل الليل من ها هنا ، وأدبر من

ها هنا فقد أفطر الصائم)) ( ).


• وسافر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصام وأفطر ، وخيروا الصحابة في الأمرين


• وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله ( )


• وخرج صلى الله عليه وسلم لبعض غزواته وسراياه في رمضان بل كانت بدر الكبرى

في رمضان ، فنصره الله نصرا ما سمع العالم بمثله ، وأفطر صلى الله عليه وسلم في

غزوتين من غزواته ، في رمضان( ) كما أخبر بذلك عمر رضي الله عنه عند الترمذي

وأحمد ، ولم يحدد صلى الله عليه وسلم تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحد ولا

صح عنده في ذلك شيء .


• وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يدركه الفجر وهو جنب من أهله ، فيغتسل بعد

الفجر ويصوم( ) وكان يقبل بعد أزواجه وهو صائم في رمضان( )، وشبه قبلة الصائم

بالمضمضة بالماء.( )


• وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إسقاط القضاء عمن أكل وشرب ناسيا ، وأن الله

سبحانه هو الذي أطعمه وسقاه( )


والذي صح عنه عليه الصلاة والسلام : أن الذي يفطر الصائم : الأكل والشرب والحجامة

( ) والقيء( ). والقرآن الكريم دل على أن الجماع مفطر كالأكل والشرب .


• واعتكف عليه الصلاة والسلام في العشر الأواخر في رمضان( ) فجمع قلبه مع الله

تعالى ، وفرغ باله من هموم الدنيا ، وسرح عين قلبه في ملكوت السموات والأرض ،

وقلل من التقائه بالناس ، فأكثر من التبتل والابتهال ودعاء ذي الجلال والإكرام . وعكف

قلبه على مدارسة الأسماء والصفات ، وعلى مطالعة الآيات البينات ، والتفكر في

مخلوقات رب الأرض والسموات ، فلا اله إلا الله كم من معرفة وحصلت له ، وكم من

نور ظهر له ، وكم من حقيقة ظفر بها ؟ فهو اعلم الناس بالله ، وأخوف الناس من الله ،

وأتقى الناس لله ، وأبلغ الناس توكلا على الله ، وأبذل الناس لنفسه في ذات الله فعليه

الصلاة والسلام م تضوع مسك وفاح ، وما ترنم حمام وناح ، وما شدا بلبل وصاح .

//


أمل محمد 08-05-2011 05:34 PM

لماذا شرع الصيام ؟



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .


فلله في شرعه أسرار ، وله في أحكامه حكم، وله في خلقه مقاصد ، فمن هذه الأسرار والحكم

والمقاصد ما تدركها العقول، ومنها ما تقف عندها كالة، وقد أخبر سبحانه عن بعض حكم الصيام فقال

تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾(البقرة:

183) إذن فالصوم طريق لتقوى الله عز وجل ، والصائم اقرب الناس إلى مولاه جلت قدرته ، جاع

بطن الصائم فصفا قلبه ، وظمأت كبد الصائم فدمعت عيناه ، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :

((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم

يستطع فعليه بالصوم فانه لو وجاء))( )


• الصوم يضيق مجاري الطعام والدم ، وهي مجاري الشيطان ، فتقل وسوسته .


• الصوم يضعف الشهوة وخطرات السوء وواردات المعصية فتشرق الروح .


• الصوم يذكر الصائم بإخوانه الصائمين من الجائعين المحتاجين والفقراء والمساكين ، فيرحمهم

ويعطف عليهم ويمد يده بالعون إليهم .


يا صائما ترك الطعام تعففا
أضحى رفيق الجوع واللواء


أبشر بعيدك في القيامة رحمة
محفوفة بالبر والأنداء



• الصوم مدرسة لتربية النفس ، وتزكية القلب ، وغض البصر ، وحفظ الجوارح.


• الصوم سر بين العبد وبين المعبود سبحانه ، ففي الصحيح أن الله عز وجل " كل عمل ابن آدم فانه

لي وأنا أجزي به"( ). لان الصوم لا يطلع عليه إلا الله تعالى بخلاف الصلاة والزكاة والحج .


عرف السلف الصالح الصيام قربة لله عز وجل ، ومضمارا للسباق وموسما للخيرات، فبكوا فرحا

لاستقباله ، وبكوا حزنا عند فراقه .


عرف السلف الصيام فأحبوا رمضان واجتهدوا في رمضان ، وبذلوا نفوسهم في رمضان ، فجعلوا من

لياليه قياما وركوعا وسجودا ودموعا وخشوعا ، وجعلوا من نهاره ذكرا وتلاوة وتعليما ودعوة

ونصحا .


عرف السلف الصيام قرة عين وراحة نفس ، وانشراح صدر ، فربوا أرواحهم بمقاصده ، وزكوا

قلوبهم بتعاليمه ، وهذبوا نفوسهم بحكمه .


• كان السلف كما صح عنهم يجلسون بمصاحفهم في المساجد ، يتلون ويبكون ، ويحفظون ألسنتهم

وأعينهم عن الحرام .


• الصيام يا صائمون وحدة للمسلمين ، يصومون في زمن ويفطرون في زمن ، جاعوا معا ، وأكلوا

معا ، ألفة وإخاء ، وحب ووفاء .


• الصيام يا صائمون كفارة للخطايا ومذهب للسيئات ، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :

((الجمعة إلى الجمعة ، والعمرة إلى العمرة ، ورمضان إلى رمضان ، كفارات لما بينهما ما لم تؤت

كبيرة)) ( ) .


• والصيام يا صائمون صحة للنفس ، لأنه يستفرغ المواد الفاسدة، ويريح المعدة ويصفي الدم ويطلق

عمل القلب ، فتشرق به الروح ، وتصفو به النفس ، وتهذب به الأخلاق .


• إذا صام الصائم ذات نفسه ، وانكسر قلبه وخفت مطامعه ، وذهبت شهواته ، لذلك تكون دعوته

مستجابة لقربه من الله عز وجل .


• في الصيام سر عظيم ، وهو امتثال عبودية لله عز وجل ، والإذعان لأمره والتسليم لشرعه ، وترك

شهوة الطعام والشراب والجماع لمرضاته.


• والصيام انتصار للمسلم على هواه ، وتفوق للمؤمن على نفسه ، فهو نصف الصبر ، ومن لم

يستطع الصيام بلا عذر فلن يقهر نفسه ولن يغلب هواه.


• والصيام تجربة هائلة للنفس ، لتكون على استعداد تام لتحمل المشاق والقيام بالمهام الجسام من

جهاد وبذل وتضحية وإقدام . وذلك لما أراد طالوت أن يقاتل أعداءه ابتلى الله قوم طالوت بنهر . وقال

لهم طالوت ﴿ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾ (البقرة:

من الآية249) .


فنجح أهل الصبر وفاز منهم من غلب هواه ، وتخلف عن الجهاد عبدة الشهوات المقهورون تحت

سلطان طبائعهم.


ولعل بعض حكم الصوم تتلخص في أنه تقوى لله عز وجل ، وامتثال لأمره وقهر للهوى، انتصار على

النفس ، وتهيئة للمسلم في مواقف التضحية وضبط للجوارح ، وكبح للشهوات ، وصحة للجسم ،

ومكفر للسيئات ، وألفة وإخاء ، وشعور بجوع الجائعين ، وحاجة المحتاجين، والله أعلم .


//

أمل محمد 08-05-2011 05:37 PM

القرآن الكريم وشهر رمضان



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .


فالقران الكريم يحب رمضان ، ورمضان يحب القران الكريم ، فهما صديقان حبيبان . قال تعالى ﴿

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: من الآية

185).


نزل القران الكريم كله إلى سماء الدنيا من اللوح المحفوظ في رمضان ، وتشر هذا الشهر بنزول هذا

الكتاب فيه ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يتدارس القران الكريم مع جبريل عليه السلام في

رمضان ، يسمعه ويتدبره ويتلوه ويتأمل عبره ، ويعيش أنداءه ، ويسرح طرف القلب في خمائله ،

ويطلق كف الحب في كنوزه .



إن الصائم للقارئ يؤلف في صيامه بين رمضان وبين القرآن الكريم ، فيعيش هذا الشهر مع هذا

الكتاب العظيم الذي قال الله فيه ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾(صّ:

29) ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ (محمد:24) ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ

عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ﴾(النساء:82)


القران الكريم في رمضان له طعم ومذاق ، وله إيحاءات خاصة ودلالات من نوع آخر .


القرآن الكريم في رمضان مخضل الإنداء معطر النسمات شذي الأنفاس .


القران الكريم في رمضان يعيد ذكرى نزوله ، وأيام تدارسه ، وأوقات اهتمام السلف به.


صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ( اقرؤوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه"( )وقال

صلى الله عليه وسلم " خيركم من تعلم القرآن وعلمه"( ) وقال عليه الصلاة والسلام " اقرءوا

الزهراوين ، سورة البقرة وآل عمران ، فانهما تأتيان كغمامتين أو غيابتين ، أو كفران من طير

صواف تظلان صاحبهما يوم القيامة "( ) وقال عليه الصلاة والسلام" الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به

مع السفرة الكرام البررة ، والذي قرأ القرآن وهو يتعتع فيه له أجران "( )


سمعتك يا قران والليل غافل
سريت تهز القلب سبحان من أسرى


فتحنا بك الدنيا فاشرق صبحها
وطفنا ربوع الكون نملؤها أجرا


أسلافنا إذا قدم رمضان فتحوا المصاحف وحلوا وارتحلوا مع القران الكريم .


ثبت عن الإمام مالك أنه كان في رمضان لا يتشاغل الا بالقرآن الكريم، وكان يعتزل التدريس والفتيا

والجلوس للناس ، ويقول شهر القرآن الكريم.


بيوت سلفنا كان لها في رمضان خاصة دوي كدوي النحل ، تشع نورا وتملأ سعادة ، كانوا يرتلون

القرآن ترتيلا ، يقفون عند عجائبه ويبكون عن عظاته ، ويفرحون ببشارته ويأتمرون بأمره

وينتهون بنهيه .


صح أن ابن مسعود رضي الله عنه قرأ على رسولنا صلى الله عليه وسلم أول سورة النساء( ) فلما

بلغ قوله تعالى ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً ﴾ (النساء:41)


﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً ﴾ (النساء:41) قال له عليه الصلاة

والسلام " حسبك الآن " قال . فنظرت فإذا عيناه تذرفان ، إنه المحب سمع كلام حبيبه

فبكى :


إذا اشتبكت دموع في خدود
تبين من بكى ممن تباكى


فأما من بكى فيذوب وجدا
لأن به من التقوى حراكا


صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه استمع لأبي موسى رضي الله عنه ثم قال له " لو رأيتني وأنا

استمع إلى قراءتك البارحة ، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود" فقال أبو موسى : لو علمت يا

رسول الله أنك تستمع لي لحبرته لك تحبيرا( )


والمعنى لجملت صوتي أكثر وأكثر ، فجعلت القران الكريم به أكثر تأثيرا وروعة وجمالا.


كان عمر رضي الله عنه إذا اجتمع الصحابة قال : يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيندفع أبو موسى يقرأ

بصوته الجميل وهم يبكون :


وإني ليبكيني سماع كلامه
فكيف بعيني لو رأت شخصه بدا


وتلا ذكره فحن حنينه
وشوق قلوب العارفين تجددا


لما فسدت أمزجة المتأخرين عن سماع كلام رب العالمين ، ظهرت التربية معوجة ، والفطرة معكوسة

، والإفهام سقيمة.


لما استبدل القران الكريم بغيره حل الفساد ، وكثر البلاء ، واضطربت المفاهيم ، وفشلت العزائم .


القران الكريم مهمته هداية الناس إلى طريق الله المستقيم .


القران الكريم نور وشفاء لما في الصدور وعلم وثقافة ومعرفة وبرهان.


القران الكريم حياة وروح وإنقاذ وسعادة وأجر ومثوبة.


القران الكريم تعاليم ربانية ، ودستور الهي ، وحكمة خالدة .


فهل لنا أن نعيش مع القران الكريم في رمضان وغير رمضان ، وهل لنا ان نعرف عظمة القران

الكريم فنملأ حياتنا سعادة بالقران الكريم ، ونورا بالقران الكريم ، وإشراقا مع القران الكريم ، هل لنا

أن، نفعل ذلك ؟



//

أمل محمد 08-05-2011 05:38 PM

وغدًا بإذن الله لنا لقاء ~

أمل محمد 08-06-2011 05:55 PM

حداء الصائمين


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .

للصائمين نغمات خاصة ، وأهازيج موقرة وحداء خالد .

للصائمون أكثر الناس ذكرا لله عز وجل تسبيحا وتهليلا وتكبيرا واستغفارا ، إذا طال النهار على

الصائمين قصروه بالأذكار ، وإذا آلمهم الجوع أذهبت حرارته الأذكار ، فهم من ذكرهم في متعة ، ومن

تسبيحهم في سعادة . يذكرون الله فيذكرهم : ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ (البقرة: من الآية152) ﴿

ويشكرونه فيزيدهم ﴾ (إبراهيم: من الآية7)

الصائمون الصادقون يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم .

الصائمون الصادقون تطمئن قلوبهم بذكر الله ، وتسعد أرواحهم بحب الله ، وترتاح نفوسهم بالشوق

إلى الله صح عنه عليه الصلاة والسلام أ،ه قال :"مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحي

والميت "( ) فلا إله إلا الله كم من ميت ما عرف الذكر وهو يعيش في الحياة ويأكل ويشرب ويسرح

ويمرح ؟ ولكنه ما عرف الحياة أبدا .

وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : "سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟

قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات"( )

الصائم الذاكر أسبق الناس إلى الخيرات ، سريع إلى الجنة ، بعيد عن النار ، سجلاته مليئة بالحسنات

، مفعمة بالخيرات ، فهنيئا له .

صح عنه عليه الصلاة والسلام أ،ه قال لرجل سأله عن عمل يتشبث به . قال له : " لا يزال لسانك

رطبا من ذكر الله "( )

والتعبير هذا جميل كل الجمال ، غاية في الروعة ، نهاية الإبداع ، كيف يجوع الصائم وهو يذكر الله

دائما ، كيف يظمأ الصائم وهو يسبح بحمد الله أبدا .

أذكرونا مثل ذكرانا لكم
رب ذكرى قربت من نزحا


واذكروا صبا إذا مر بكم
سكب الدمع ونادى الفرحا


الذاكرون الله كثيرا هم الذين يذكرونه مع خروج الأنفاس وتلاقي الشفتين . وتعاقب اللحظات .

الذاكرون الله كثيرا سجلوا بذكرهم أعظم الأجور وأعلى الأمنيات وأجزل الأعطيات.

إذا أعرض بعض المقصرين عن ذكر رب العالمين ، اجتاحتهم الهموم ، وأحدقت بهم الغموم ، وتوالت

عليهم الأحزان ، عندهم الدواء ولكن تناولوه ، ولديهم العلاج ولكن ما عرفوه : ﴿ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ

الْقُلُوبُ ﴾ (الرعد: من الآية28)

صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة

"( )فكم من النخيل يفوت أهل النوم الثقيل والعبث الطويل .

أتشفق للمصر على الخطايا
وترحمه ونفسك ما رحمتا


تقطعني على التفريط دوما
وبالتفريط دهرك قد قطعتا


صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " لئن أقول سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر

أحب إلى مما طلعت عليه الشمس"( )

ما هي الدنيا ؟ ما هو ذهبها ؟ وما هي فضتها ؟ أي شئ قصورها ودورها ؟ هكذا يزنها عليه الصلاة

والسلام ، ويثمنها فكل ما طلعت عليه الشمس لا يساوي " سبحان الله ولا اله إلا الله والله أكبر "

فهل من ذاكر يملأ ساعاته بهذه الكلمات الغاليات ليجدها يوم العرض الأكبر نورا وحبورا وسرورا.

صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من

إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا بلى يا

رسول الله : قال ذكر الله تعالى "( )

كان الأبرار إذا صلوا الفجر يذكرون الله عز وجل حتى يرتفع النهار ، كان بعضهم ينشر مصحفه بعد

صلاة الفجر فيسرح طرفه في الآيات البينات والحكم البالغات فيملأ صدره نورا وديوانه أجرا .

إن المقصر كل التقصير من فاته رمضان ، ولم يسعد فيه بذكر ربه ، ولم يصرف ساعاته في تسبيح

مولاه .

فهل من مثابر يغتنم أنفاس العمر ودقائق الزمن ؟

دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني


فارفع لنفسك قبل موت ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثاني

//

ماجد جابر 08-06-2011 10:29 PM

تحيّاتي
أشكر لكِ أستاذتنا القديرة أمل محمد هذا الموضوع الديني الماتع.
بوركتِ ، وبورك اليراع.

أمل محمد 08-08-2011 12:13 AM

رمضان مدرسة للجود والعطاء



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين وبعد .
قال سبحانه وتعالى ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ (البقرة: من الآية110) قال سبحانه ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة:261)
في الصحيح أن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة( ).
إن الصيام يدعو إلى إطعام الجائع واعطاء المسكين وإتحاف الفقير.
وشهر رمضان موسم للمتصدقين وفرصة سانحة للباذلين والمعطين :
الله أعطاك فابذل من عطيته
فالمال عارية والعمر رحال

المال كالماء إن تحبس سواقيه
يأسن وإن يجر منه يعذب منه سلسال

ما أجمل البذل وما أحسن الصدقة وما أجمل العطاء
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " إن لله ملكين يناديان في كل صباح أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا"( )
كلما أنفق العبد أخلف الله عليه ببسطة في الجسم وراحة في البال وسعة في الرزق .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"( ) والخطايا لها حرارة في القلوب واشتعال في النفوس ، ونار موقدة في الحياة ، ولا يطفئ هذه الحرارة والاشتعال إلا الصدقة.
الصدقة باردة على القلب طيبة على الروح ، تحت الخطايا حتا.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة ، حتى يقضى بين الناس( ) " عجيب جد عجيب للصدقة ، ظل وارف ولها أوفياء يتظلل في ظلها العباد يوم القيامة ، وكل بحسب ظله الذي أنتجته صدقته في الدنيا .
كان عثمان بن عفان رضي الله عنه صاحب مال وعنده ثراء في مرضاة ربه تبارك وتعالى ، جهز جيش تبوك وشرى بئر رومة للمسلمين ، وتصدق وأعطى ولسوف يرضى .
وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه غنيا موسرا ، فتصدق مرة واحدة بحمل سبعمائة جمل على فقراء المدينة ليكافئه الله على ما فعل .
• في الناس صائم لا يجد كسرة خبز ولا مذقة لبن ولا حفنة تمر .
• في الناس صائم لا يجد بيتا يؤويه ، ولا مركبا يحمله ولا لا صاحبا يواسيه.
• في الناس صائم لا يجد ما يفطر به أو يتسحر عليه .
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " من فطر صائما كان له مثل أجره دون أن ينقص من أجر الصائم شيئا "( )
الصالحون يزيد كرمهم في رمضان ، فيبذلون ويعطون وينفقون.
كان كثير من الأخيار يتكفل بإفطار جماعات من الفقراء والمساكين طلبا للأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى .
كانت مساجد السلف تمتلئ بالطعام المقدم للفقراء فلا تجد جائعا ولا محتاجا.
والعجيب أن كل ما ينفقه العبد في أكله وشربه ولباسه، فان زائل لا محالة إلا ما ينفقه في مرضات الله عز وجل .
يقول عز من قائل :﴿ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ﴾ (التغابن:17) .
أيها الصائم إنك ببذلك وعطائك تقرض ربك ليوم فقرك وحاجتك وضرورتك يوم الفقر والمسكنة ، يوم التغابن.
أيها الصائم شربة ماء ومذقة لبن وحفنة تمر وقليل من الطعام والمال واللباس والفاكهة تسديها إلى محتاج هي طريقك إلى الجنة .
أيها الصائم تالله لا يحفظ المال مثل الصدقة ، ولا يزكي المال مثل الزكاة .
مات كثير من الأثرياء من الأموال والكنوز والدور والقصور ما الله به عليم ، فأصبح كل ذلك حسرة عليهم ، وندامة وأسفا ، لأنهم ما جعلوه في مصارفه .
وغدا يظهر لك الربح من الخسران والله المستعان.

//

أمل محمد 08-08-2011 12:14 AM

رمضان شهر القيام



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾ (المزمل:1-4 ) هكذا قال سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ولقد امتثل الحبيب عليه الصلاة والسلام أمر ربه وأطال في القيام ، وبكى وأطال في البكاء ، وخشع وأطال في الخشوع ، ويقول عز وجل لرسوله ومصطفاه ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ﴾ (الاسراء:79) . مثل قيامك في ليالي الدنيا يكون قيامك المحمود يوم القيامة . رمضان شهر الصيام والقيام ، وأحلى الليالي وأغلى الساعات يوم يقوم الصوام في جنح الظلام.
قلت لليل هل بجوفك سر
عامر بالحديث والأسرار
قال لم الق في حياتي حديثا
كحديث الأحباب في الأسحار
ليل الصائمين قصير لأنه لذيذ ، وليل العابثين طويل لانه سقيم.
فقصارهن من الهموم طويلة وطوالهن مع السرور قصار
وصف الله الصالحين من عباده فقال ﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ (الذريات:17) . فليلهم من أحسن الليل ، ووصفهم في السحر فقال: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ (الذريات:18) وقال ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾(آل عمران: من الآية17)فأسحارهم من أجمل الأسحار :
يا ليلة الجزع هلا عدت ثانية
سقى زمانك هطال من الديم
أمسيت في نشوة التوفيق يقلقني
طلوع فجر بدا من عالي العلم
كان المهاجرون والأنصار إذا أظلم عليهم الليل سمع لهم نشيج بالبكاء ، وإذا أسفر الصباح فإذا هم الأسود إقداما وشجاعة :
في الليل رهبان وعند لقائهم
لعدوهم من أشجع الشجعان
كانت بيوت المهاجرين والأنصار في ظلام الليل مدارس تلاوة وجامعات تربية ، ومعاهد إيمان ، فما لبيوت كثير من الناس اليوم أصبحت ثكنات للغناء والمجون وملاجئ للسفه واللهو ، اللهم عفوك يا كريم.
فلما فقدنا قيام الليل قست قلوبنا ، وجفت دموعنا وضعف إيماننا.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "( ). مما يعين على قيام الليل تذكر ذاك القيام المهول : يوم يقوم الناس لرب العالمين ، يوم يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور.
ومما يعين على قيام الليل تذكر ظلمة القبر ووحشة القبر وهم القبر ، فقيام الليل نور الظلمة القبور ، ومما يعين على قيام الليل تذكر الأجر والمثوبة والعفو عن الخطيئة والذنب .
تفنن السلف في قيام الليل، فمنهم من أمضى الليل راكعا، ومنهم من قطعه ساجدا، ومنهم من أذهبه قائما ، منهم التالي الباكي ، ومنهم الذاكر المتأمل ، ومنهم الشاكر المعتبر . لماذا أقفرت بيوتنا من قيام الليل، لماذا خوت من التلاوة. لماذا شكت منازلنا من قلة المتهجدين:
أيا دار سلمى كنت أول منزل
نزلنا به والركب ضبحت بلابله
نزلنا فلم نشهد به رفقة مضت
فسال من الدمع المكتم عاجله
إذا أظلم الليل نامت قلوب الغافلين ، وماتت أرواح اللاعبين ، حينها تحي القلوب المؤمنة ، وتسهر العين الخائفة.
نامت الأعين إلا مقلة
وتذرف الدمع وترعى مضجعك
كيف ينام من يتذكر رقدة القبور ، والحشر يوم النشور ، وقاصمة الظهور، ما كنا نظن أن جيلا من المسلمين يسهر على البلوت والشطرنج والغناء، وقلة الحياة ، فرحماك يا رب:
كن كالصحابة في زهد وفي ورع
القوم هم ما لهم في الناس أشباه

عباد ليل إذا جن الظلام بهم
كم عابد دمعه في الخد أجراه

صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لابن عمر :" يا عبد الله لا تكن كفلان كان يقوم الليل ثم ترك قيام الليل"( )



//

أمل محمد 08-08-2011 12:15 AM

البيت الإسلامي في رمضان



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
يقول المولى جلت قدرته : ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (التوبة:109)
البيت الإسلامي بيت أسس على التقوى ، عماده تقوى الله ، وأطنابه الأعمال الصالحة ، وحديقته امتثال أمر الله تعالى .
يقول عز من قائل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ ﴾(التحريم: من الآية6)
البيت أمانة ومسئولية ورعية ، فهل من راع واع ومن مسئول أمين .
صح عن عليه الصلاة والسلام أنه قال :"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "( ) ورعاية البيت في رمضان وغيره ، تقوم بأمرهم بالصلاة ، قال تبارك وتعالى ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً ﴾ (مريم:55)
إن أحوج ما يحتاجه البيت المسلم إلى أب رشيد وأم مؤمنة يقومان على تربية البيت .
يقول الله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾(النساء: من الآية58) وإن من أعظم الأمانات أمانة البيت وإصلاح البيت .
البيت الإسلامي يعيش رمضان ذكرا وتلاوة وخشوعا وتقوى.
البيت الإسلامي عامر بسنة محمد عليه الصلاة والسلام في الطعام الشراب والمدخل والمخرج واليقظة والمنام.
البيت الإسلامي يحترم الحجاب ويدين لله به ويعتبره شرفا وعزا للمرأة ، وأجرا ومثوبة عند الله عز وجل .
ابتليت بيوت كثيرة بالغناء ، فأفسد قلوب أهلها وضيع مستقبلها وفتت قوتها .
دخل الغناء واللهو بعض البيوت ، فخرج الذكر والسكينة والحشمة والوقار . قال تعالى ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾(لقمان: من الآية6) ولهو الحديث عند أهل العلم هو الغناء ، فكم عبث الغناء بالقيم وسفه المبادئ وأرهق العقول .
البيت الإسلامي يصحو على ذكر الله وينام على ذكره بعيدا عن اللغو والهراء . قال تعالى ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ (المؤمنون:3)
البيت الإسلامي يستحي من الله تعالى ، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " يا أيها الناس استحيوا من الحق حق الحياء، والاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى ولتذكر الموت والبلا ومن أراد الآخرة وترك زينة الدنيا"( )
بيوت الصالحين لها دوي بذكر الله رب العالمينا
لها نور من التوفيق عال كأن شعاعه من طور سينا
ليت البيوت الإسلامية تدخل العلم الشرعي جنباتها لتكون رياضا للمغفرة وبساتين للعرفان .
إن البيت يحتاج إلى مسائل مهمة من أعظمها المحافظة على الصلوات الخمس بخضوعها وركوعها وسجودها وروحانيتها . وعلى تلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار ، وعلى ذكر الله عز وجل بالغدو والآصال ، وعلى إحياء السنن في كل دقيقة وجليلة ، ويحتاج إلى إخراج كل لهو وعبث واجتناب كل لغو وزور .
قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ (فصلت:30)
وقال تعالى ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ (ابراهيم:27)
إن شهر رمضان يضفي على البيت المسلم روحانية واطمئنانا ، فيوقظ أهل البيت لقيام الليل ، ويدعوهم إلى صيام النهار ، ويحثهم على ذكر الله عز وجل .
قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ (فاطر:29 - 30)
نسألك يا أرحم الراحمين أن تملأ بيوتنا بالإيمان والحكمة والسكينة.



//



أمل محمد 08-08-2011 12:16 AM

كيف يصوم القلب ؟



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
يقول الله تبارك وتعالى ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ (التغابن: من الآية11) وهداية القلب أساس كل هداية ومبدأ كل توفيق وأصل كل عمر ورأس كل فعل.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب "( )
فصلاح قلبك سعادتك في الدنيا والآخرة ، وفساده هلاك محقق لا يعلم مداه إلا الله عز وجل .يقول الله عز وجل : ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (قّ:37) ولكل مخلوق قلب . ولكنهما قلبان ، قلب حي نابض بالنور مشرق بالإيمان ممتلئ باليقين عامر بالتقوى ، وقلب ميت مندثر سقيم فيه كل خراب ودمار .
يقول سبحانه وتعالى عن قلوب المعرضين اللاهين ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً﴾ (البقرة: من الآية10) وقال تعالى ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ (البقرة:88) وقال سبحانه ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ (محمد:24)
وقال عنهم ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ ﴾(فصلت: من الآية5)
فالقلوب تمرض ويطبع عليها ، وتقفل وتموت.
إن قلوب أعداء الله عز وجل معهم في صدورهم ، ولكن لهم قلوب لا يفقهون بها ، لذلك كان يقول عليه الصلاة والسلام كما صح عنه "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"( ) .
قلب المؤمن يصوم في رمضان وغيره وصيام القلب يكون تفريغه من المادة الفاسدة من شركيات مهلكة ، من اعتقاد باطل ، ومن وساوس سيئة، ومن نوايا خبيثة ، ومن خطرات موحشة.
قلب المؤمن عامر بحب الله ، يعرف ربه بأسمائه وصفاته ، كما وصف الله سبحانه وتعالى لنفسه ، فهذا القلب يطالع بعين البصيرة سطور الأسماء والصفات ، وصفحات صنع الله في الكائنات ، ودفاتر إبداع الله في المخلوقات .
وكتاب الفضاء اقرأ فيه
صورا ما قرأتها في كتابي
قلب المؤمن فيه نور وهاج لا تبقي معه ظلمة ، نور الرسالة الخالدة ، والتعاليم السماوية ، والتشريع الرباني ، يضاف هذا إلى نور الفطرة التي فطر الله عليها العبد ، فيجتمع نوران عظيمان ﴿ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ (النور: من الآية35)
قلب المؤمن يزهر كالمصباح ، ويضئ كالشمس ، ويلمع كالفجر ، يزداد قلب المؤمن من سماع الآيات إيمانا ، ومن التفكر يقينا ، ومن الاعتبار هداية.
قلب المؤمن يصوم عن الكبر لأنه يفطر القلب ، فلا يسكن الكبر قلب المؤمن لأنه الحرام ، والكبر خيمته ورواقه ، ومنزله في القلب ، فإذا سكن الكبر في القلب أصبح صاحب هذا القلب مريضا سفيها ، وسقيما أحمق ، ومعتوها لعابا.
يقول سبحانه كما في صحيح الحديث القدسي " الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، من نازعني فيهما عذبته"( )وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " من تكبر على الله وضعه ، ومن تواضع لله رفعه"( ).
وقلب المؤمن يصوم عن العجب ، والعجب تصور الإنسان كمال نفسه ، وأنه أفضل من غيره ، وأن عنده من المحاسن ما ليس عند الآخرين ، وهذا هو الهلاك بعينه . صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ثلاث مهلكات: إعجاب المرء بنفسه، وشح مطاع وهوى متبع" ( )
ودواء هذا العجب النظر إلى عيب النفس ، وكثرة التقصير ، وآلاف السيئات والخطايا التي فعلها العبد ، واقترفها ثم نسيها ، وعلمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى.
وقلب المؤمن يصوم عن الحسد ، لان الحسد يحبط الأعمال الصالحة ، ويطفئ نور القلب ، ويعطل سيره إلى الله تعالى .
يقول سبحانه ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾(النساء: من الآية54)
ويقول صلى الله عليه وسلم " لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض"( ). حديث صحيح .
أخبر عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات عن رجل من أصحابه أنه من أهل الجنة( ) فلما سئل ذاك الرجل بم تدخل الجنة ؟ قال : لا أنام وفي قلبي حسدا أو حقد أو غش على مسلم . فهل من قلب يصوم صيام العارفين.
صيام العارفين له حنين
إلى الرحمن رب العالمينا

تصوم قلوبهم في كل وقت
وبالأسحار هم يستغفرونا
اللهم أهد قلوبنا إلى صراطك المستقيم ، وثبتها على الإيمان يا رب العالمين.


//



أمل محمد 08-08-2011 12:18 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد جابر (المشاركة 80843)
تحيّاتي
أشكر لكِ أستاذتنا القديرة أمل محمد هذا الموضوع الديني الماتع.
بوركتِ ، وبورك اليراع.

مرحبـًا أخي ~ أ. ماجد

شكرًا لـ متابعتك الدائمة

تحيّاتي وتقديري ~

أمل محمد 08-20-2011 06:26 PM

كيف يصوم اللسان؟



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
للسان صيام خاص يعرفه الذين هم عن اللغو معرضون ،وصيام اللسان دائم في رمضان ، وفي غير رمضان ، ولكن اللسان في رمضان يتهذب ويتأدب، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لمعاذ رضي الله عنه " كف عليك هذا ، وأشار إلى لسانه"( ) فقال معاذ : أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :"ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ".
ضرر اللسان عظيم وخطره جسيم ، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأخذ بلسانه ويبكي ، ويقول : هذا أوردني الموارد .
اللسان سبع ضار ، وثعبان ينهش ، ونار تلتهب .
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
ابن عباس رضي الله عنهما يقول للسانه : يا لسان قل خيرا تغنم أو اسكت عن شر تسلم . رحم الله مسلما حبس لسانه عن الخنا ، وقيده عن الغيبة ، ومنعه من اللغو ، وحبسه عن الحرام.
رحم الله من حاسب ألفاظه ، ورعى ألحاظه ، وأدب منطقه ووزن كلامه.
يقل تبارك اسمه ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ (قّ:18) فكل لفظة محفوظة ، وكل كلمة محسوبة ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ (فصلت: من الآية46)
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة "( )
احذر لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك إنه ثعبان
والله إن الموت زلة لفظة
فيها الهلاك وكلها خسران
لما تأدب السلف الصالح بأدب الكتاب والسنة ، وزنوا ألفاظهم واحترموا كلامهم فكان نطقهم ذكرا ، ونظرهم عبرا ، وصمتهم فكرا .
ولما خاف الأبرار من لقاء الواحد القهار ، أعملوا الألسنة في ذكره وشكره ، وكفوا عن الخنا والبذاء والهراء.
قال ابن مسعود رضي الله عنه :"والله ما في الأرض أحق بطول حبس من لسان". يريد الصالحون الكلام فيذكرون تبعاته وعقوباته ونتائجه فيصمتون.
كيف يصوم من أطلق للسانه العنان ؟ كيف يصوم من لعب به لسانه وخدعه كلامه وغره منطقه ؟ كيف يصوم من كذب واغتاب ، وأكثر الشتم والسباب ونسي يوم الحساب؟ كيف يصوم من شهد الزور ولم يكف عن الشرور؟
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"( ). وهل الإسلام الا عمل وتطبيق، ومنهج وانقياد ، وسلوك وامتثال .
يقول جل اسمه ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ ﴾ (الاسراء: من الآية53) والتي هي أحسن هي اللفظ المؤدب الجميل البديع الذي لا يجرح هيئة ولا شخصا ، ولا عرض مسلم ولا ينال من كرامة المؤمن.
يقول عز وجل ﴿ وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ (الحجرات: من الآية12)
كم من صائم أفسد صومه فسد لسانه وساء منطقه واختل لفظه ؟
ليس المقصود من الصيام الجوع والظمأ ، بل التهذيب والتأديب.
في اللسان أكثر من عشرة أمراض إذا لم يتحكم فيه.
من عيوبه الكذب، والغيبة ، والنميمة ، والبذاءة، والسب ، والفحش، والزور ، واللعن ، والسخر ، والاستهزاء، وغيرها .
رب كلمة هوى بها صاحبها في النار على وجهه أطلقها بلا عنان وسرحها بلا زمام ، وأرسلها بلا خطام.
اللسان طريق للخير ، وسبيل للشر ، فيا لقرة عين من ذكر الله به واستغفر وحمد وسبح وشكر وتاب ، ويا لخيبة من هتك به الأعراض وجرح به الحرمات وثلم به القيم.
يا أيها الصائمون رطبوا ألسنتكم بالذكر ، وهذبوها بالتقوى ، وطهروها من المعاصي .
اللهم إنا نسألك ألسنة صادقة وقلوبا سليمة ، وأخلاقا مستقيمة.

//

أمل محمد 08-20-2011 06:27 PM

كيف تصوم العين



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين
وللعين أيضا صيام ، وأي صيام ؟
صيام العين غضها عن الحرام وإغماضها عن الفحشاء وإغلاقها عن المناهي:
قال تعالى ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ (النور:30 - 31)
العين منفذ للقلب وباب للروح .
وأنا الذي جلب المنية طرفه
فمن المطالب والقتيل القاتل
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا سأله عن النظر فقال : "غض بصرك"( )
من لم يحبس نظره أصيب بأربع مصائب :
أولها : تشتت القلب في كل واد ، وتمزقه في كل أرض ، فلا يقر له قرار ، ولا يهدأ له بال ، ولا يجتمع له شمل ، فهو مطعون يئن ويشكو من فعل العين بسبب نظراتها وتلفتاتها .
ثانيها : إتعاب النفس وتعذيبها بفقد ما نظرت إليه وعدم تحصيله ، فالنفس من فعل العين في حسرة وفي هم واضطراب.
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا
إلى كل عين أتعبتك المناظر
أصبت الذي لا كله أنت قادر
عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ثالثها: ذهاب العبادة وحلاوة الطاعة بإطلاق النظر ، فقل على نور الإيمان السلام ، إذا ما تأدبت العين ، وصامت عن الحرام ، ولا يجد ذوق الإيمان، ووجد اليقين إلا من غض بصره ، وأطبق أجفان عينيه.
رابعها : ذنب عظيم وإثم كبير جزاء وفاقا لما فعلت العين بالإعراض ولما هتكت من المحارم ، وما وقع ساقط في الفاحشة إلا بعد إطلاق النظر ، وضياع البصر ، فلا حول ولا قوة غلا بالله العلي العظيم.
يقول أحد السلف: أطلقت عيني مرة في حرام ، فنسيت القرآن الكريم بعد أربعين سنة ، جزاء من غض بصره عن الحرام أن يبده الله إيمانا يجد حلاوته في صدره .
قالوا عن العين : هي رائد إذا أرسل صاد وإذا انقيد انقاد ، وإذا أطلق وقع بالقلب في فساد .
وقالوا عن العين : إذا أفلت حبلها أو بقتك ، وإذا أطلقت قيدها عذبتك.
قال شاه الكرماني: من غض بصره عن الحرام وعمر باطنه بالتقوى، وظاهره باتباع السنة لم تخطئ له فراسة . وتلا قوله تعالى﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾ (الحجر:75) في غض البصر وحبس العين خمس كرامات ومنافع.
أولها : طاعة المولى جلت قدرته في أمره بغض البصر وحسبك بهذه نعمة وعزة في الدنيا والآخرة.
ثانيها: سلامة القلب وعماره وجمع شمله وراحته واطمئنانه وسروره وفرحه.
ثالثها : البعد عن الفتن والأمان من البلايا والتحرز من الخطايا.
رابعها : الفتح على العبد منة الله بالعلم والمعرفة والتوفيق والسداد جزاء تقواه.
خامسها : فرقان من الله في قلوب العارفين ونور الباري في نفوس الصادقين يعطيه تبارك اسمه لمن غض بصره .
إذا دخل رمضان طلب من العين أن تصوم طاعة للحي القيوم ، فكم للجوع من فضل على العين:
جزى الله المسير إليك خيرا
وإن ترك المطايا كالمزاد
الجوع يكسر جموح العين ويحبس خطاها ويقيد مداها.
الجوع يضعف شهوة النظر ويطفئ حرارة البصر.
لما أطلق العابثون أبصارهم وطفحوا بأعينهم وقوعوا في براثن المعصية وفي أحابيل الفاحشة
ومن الناس من يصوم بطنه عن الشراب والطعام وترتع عينه في خمائل الحرام ، فهذا الصائم ما عرف حقيقة الصيام.
فلتصم عيوننا يا عباد الله عن الحرام كما صمنا عن الشراب والطعام ، عل قلوبنا أن تصح وأرواحنا أن ترتاح.
قال تعالى ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ﴾ (الإنسان: 12 - 13)
سلام على من صامت عينه لمرضات ربه ورحمة الله وبركاته.



أمل محمد 08-20-2011 06:28 PM

كيف تصوم الأذن



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآل وصحبه وبعد.
يقول عز من قائل﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾(الإسراء:من الآية36)
الأذن مسئولة أمام الله عز وجل عما استمعت إليه ، والصالحون هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، ويا لندامة من صرف سمعه عن الهدى ، وأغلق أذنه عن صوت الحق.
الأذن تصوم عن سماع الخنا والغناء وعن الفحش والبذاء. وللأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله عز وجل في رمضان وغيره.
كثير من البشر عطلوا ما من الله عليهم به من أعضاء . يقول عنهم سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ (لأعراف:179)
نعم لهم آذان ولكن لا يسمعون سماع موعظة وسماع وتدبر وفهم . سماع كثير من الناس كسماع الأنعام تماما لا ذكرى ولا اعتبار ، لا نفع ولا فائدة.
قال تعالى ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ (الفرقان:44)
من الناس من ملأ أذنيه من النغمة المحرمة والكلمة الآثمة ، والمجون الأثيم ، حجب عن أذنيه سماع القرآن الكريم ، ذلك السماع الشرعي السني النبوي العظيم.
سماع القرآن الكريم الذي يثمر الإيمان والهدى والنور والفلاح.
سماع القرآن الكريم الذي يملأ القلب حكمة وسكينة وأنسا وطمأنينة.
سماع القرآن الكريم حرز من الواردات المنحرفة والوساوس الخطيرة والخطرات الآثمة.
قوت الأذن الذكر والعلم النافع والموعظة الحسنة والأدب الجم ، ودرر المعارف ومحاسن القول.
يا أذن لا تسمعي غير الهدى أبدا
إن استماعك للأوزار أزار
عن أبي حاتم بسند جيد أنه صلى الله عليه وسلم مر على عجوز في المدينة فسمعها تقرأ من وراء بابها هل أتاك حديث الغاشية وهي ترددها وتبكي فأخذ صلى الله عليه وسلم يسمع لقراءتها ويردد " نعم أتاني نعم أتاني"
مدح الله قوما بجود السماع وحسن الاستماع فقال : ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ (المائدة: من الآية83)
فهؤلاء استفادوا أعظم فائدة واستمعوا أحسن سماع.
آذان الصائمين عاكفة على سماع الجميل ، وآذان اللاهين مصغية للباطل الدخيل:
لا تستمع إلا لقول صادق
يغنيك عن خطل من الأقوال
فالأذن نافذة العلوم وخيرها
أذن وعت ذكرا ذكرا تلاه التالي
إذا سمحت أذن المسلم للكلمة الآثمة بالدخول أخربت بيت القلب وهدمت قصر الإرادة وأفسدت بستان المعارف.
انظر إلى صنفين وفريقين وطائفتين وصفهما رب العزة فقال :
﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ (التوبة:124)
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾(التوبة:125)
سماع الحق يزيد القلب ثباتا على الحق ، وسماع الباطل يورث في القلب
إن من واجب المسلم أن يحمد الله على نعمة السمع وأن يصرفها في مرضات ربه تبارك وتعالى فيزداد من سماع القرآن الكريم ودروس العلم والمحاضرات النافعة والحكم البالغة.
وينقذ أذنه من سماع الإثم والإصغاء إلى الفحش وكل ما يصد عن سبيل الله ؟ يقول تابرك وتعالى عن عباده الصالحين ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ﴾ (الفرقان: من الآية72) وقال تعالى ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ (القصص:55) .
جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.



أمل محمد 08-20-2011 06:29 PM

كيف يصوم البطن؟



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد.
الطعام حلا وحرمة له أثره على حياة الإنسان وسلوكه وأخلاقه ، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى رسله فقال ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً ﴾ (المؤمنون: من الآية51) وقال سبحانه للمؤمنين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ (البقرة:172)والطيبات هي ما أحله الله عز وجل لعباده المؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . فالله يقول عنه ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (لأعراف: من الآية157) .
وصيام البطن اجتنابه للحرام ، زيادة عن اجتنابه الطعام والشراب ، وكل ما يفطر في نهار رمضان ، لكنه يصوم أيضا عن الحرام عند إفطاره فلا يأكل الربا إذ أنه بأكله الربا يغضب المولى تبارك وتعالى ، يقول سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ﴾ (آل عمران: من الآية130) وقال سبحانه ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ﴾ (البقرة: من الآية275)
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :" لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال هم سواء"( ).
آكل الربا يضحك على نفسه ، فيملأ بطنه من الحرام ، ويدعو ربه وقد سد طرق الإجابة وأغلق باب القبول .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له"( ) فهذا رجل كثير العبادة ، ولكنه آثم في طعامه ، غير متق لله في أكله وشرابه.
كيف يصوم البطن وقد أفطر على الحرام وطعامه من الربا والسحت ، والغش ومال اليتيم والغصب .
فسدت والله كل الأذواق لما فسد الطعام والشراب ، قست القلوب لما خبث المأكل والمشرب ، انطمس النور لما فقدت اللقمة الحلال.
صح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه تغدى يوما من الأيام ثم سأل خادمه من أين هذا الطعام ؟ فقال : من كهانة كنت أتكهن بها في الجاهلية ، فأدخل أبو بكر يده وانتغر فأخرج ما في بطنه من الطعام( ) ، فرض الله عنه ما أصدقه وأطيبه وأطهره.
اللقمة تبقى في بطن صاحبها ويبقى أثرها مع اللحم والدم وأي جسد نبت من الحرام فالنار أولى به.
كان السلف الصالح يعرفون من أين يأكلون ، فصفت أذواقهم وصحت أبدانهم وأشرقت قلوبهم ، فلما فسد طعام المتأخرين وشرابهم انطمست معالم الهدى في قلوبهم.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " ما أكل عبد طعاما خيرا من أن يأكل من كسب يده ، وإن نبي الله داود عليه السلام ، كان يأكل من طعام يده"( )
فزكريا عليه السلام كان نجارا وداود عليه السلام كان حدادا ومحمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يرعون الغنم.
والإسلام يدعو إلى الكسب وطلب الرزق لكن من أبوابه المشروعة.
يقول سبحانه ﴿ وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى ﴾(الأنعام: من الآية152) وقال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ﴾ (النساء:10) وقال عز وجل ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة:188) وقال عز اسمه ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ (البقرة: من الآية275) .
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال" لعن الله الراشي والمرتشي " ويروى الرائش( )
يقول سبحانه ذامًّا من فسد من اليهود والنصارى ﴿ وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (المائدة:62)
يقص علينا ابن الجوزي في صيد الخاطر أنه أكل أكلة من شبهة فتغير قلبه وأظلم عليه فترة من الزمن ، وذلك لصفاء قلوبهم أحسوا بالتغير ، أما الكثير اليوم فيأكل ما أراد من الحرام فلا يرى تغير قلبه لأنه:
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
وتناول بعضهم الخمر والمسكر بأنواعه فحرم لذة العبادة وحلاوة الطاعة ، وعاش منغصا قلقا محروما من السعادة ومن ساعة الإجابة فيا أيها الصائم هناك صيام البطن من لم يصمه فكأنه ما صام فهل من صائم عن الحرام ، ورع عن الشراب والطعام ليدخل دار السلام.
اللهم اجعلنا ممن يحلل حلال الشريعة ويحرم حرامها.





الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآل وصحبه وبعد.
يقول عز من قائل﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾(الإسراء:من الآية36)
الأذن مسئولة أمام الله عز وجل عما استمعت إليه ، والصالحون هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، ويا لندامة من صرف سمعه عن الهدى ، وأغلق أذنه عن صوت الحق.
الأذن تصوم عن سماع الخنا والغناء وعن الفحش والبذاء. وللأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله عز وجل في رمضان وغيره.
كثير من البشر عطلوا ما من الله عليهم به من أعضاء . يقول عنهم سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ (لأعراف:179)
نعم لهم آذان ولكن لا يسمعون سماع موعظة وسماع وتدبر وفهم . سماع كثير من الناس كسماع الأنعام تماما لا ذكرى ولا اعتبار ، لا نفع ولا فائدة.
قال تعالى ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ (الفرقان:44)
من الناس من ملأ أذنيه من النغمة المحرمة والكلمة الآثمة ، والمجون الأثيم ، حجب عن أذنيه سماع القرآن الكريم ، ذلك السماع الشرعي السني النبوي العظيم.
سماع القرآن الكريم الذي يثمر الإيمان والهدى والنور والفلاح.
سماع القرآن الكريم الذي يملأ القلب حكمة وسكينة وأنسا وطمأنينة.
سماع القرآن الكريم حرز من الواردات المنحرفة والوساوس الخطيرة والخطرات الآثمة.
قوت الأذن الذكر والعلم النافع والموعظة الحسنة والأدب الجم ، ودرر المعارف ومحاسن القول.
يا أذن لا تسمعي غير الهدى أبدا
إن استماعك للأوزار أزار
عن أبي حاتم بسند جيد أنه صلى الله عليه وسلم مر على عجوز في المدينة فسمعها تقرأ من وراء بابها هل أتاك حديث الغاشية وهي ترددها وتبكي فأخذ صلى الله عليه وسلم يسمع لقراءتها ويردد " نعم أتاني نعم أتاني"
مدح الله قوما بجود السماع وحسن الاستماع فقال : ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ (المائدة: من الآية83)
فهؤلاء استفادوا أعظم فائدة واستمعوا أحسن سماع.
آذان الصائمين عاكفة على سماع الجميل ، وآذان اللاهين مصغية للباطل الدخيل:
لا تستمع إلا لقول صادق
يغنيك عن خطل من الأقوال
فالأذن نافذة العلوم وخيرها
أذن وعت ذكرا ذكرا تلاه التالي
إذا سمحت أذن المسلم للكلمة الآثمة بالدخول أخربت بيت القلب وهدمت قصر الإرادة وأفسدت بستان المعارف.
انظر إلى صنفين وفريقين وطائفتين وصفهما رب العزة فقال :
﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ (التوبة:124)
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾(التوبة:125)
سماع الحق يزيد القلب ثباتا على الحق ، وسماع الباطل يورث في القلب
إن من واجب المسلم أن يحمد الله على نعمة السمع وأن يصرفها في مرضات ربه تبارك وتعالى فيزداد من سماع القرآن الكريم ودروس العلم والمحاضرات النافعة والحكم البالغة.
وينقذ أذنه من سماع الإثم والإصغاء إلى الفحش وكل ما يصد عن سبيل الله ؟ يقول تابرك وتعالى عن عباده الصالحين ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ﴾ (الفرقان: من الآية72) وقال تعالى ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ (القصص:55) .
جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.


أمل محمد 08-20-2011 06:30 PM

أخطاء يقع فيها الصائمين



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
يخطئ كثير من الصائمين في عدم التفقه في دين الله تعالى بما فيه الصيام ، فكثير منهم لا يعرف ما يفطر صومه ولا ما يجرحه ولا ما يفسده، وماذا يسن للصائم ، وماذا يجوز له ، وماذا يجب عليه وما يحرم عليه.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"( )
فكأن الذي لا يتفقه في الدين ولا يسأل عن أمور دينه ما أراد الله به خيرا.
يقول سبحانه لعباده ﴿ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾(النحل: من الآية43)وأهل الذكر هم العلماء ، فحق المسلم الذي يريد أن يعبد الله على بصيرة أن يسال عما يجهله من أمر دينه ويبحث عن العلم ويحرص على التفقه في الدين.
ويقع بعض الصائمين في ذنوب عظيمة تفسد عليهم صيامهم وتضيع عليهم قيامهم منها الغيبة ، وقد سبق ذكرها في درس كيف يصوم اللسان ؟ ومنها النميمة والفحش في القول ولاستهزاء واللعن وغيرها من ذنوب اللسان.
ومن الأخطاء الإسراف في رمضان في موائد الإفطار والسحور فيوضع من الطعام ما يكفي الفئام من الناس ويكثر من الأنواع ويفنن في عرض كل غال ورخيص من مطعم ومشرب من حال وحامض ، وحلو ومالح ، ثم لا يؤكل منه إلا القليل ويهدر باقيه مع الفضلات ، ويرمى في النفايات ، وهذا خلاف هدى الإسلام العظيم، قال سبحانه وتعالى ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ (لأعراف: من الآية31) فكل ما زاد على حاجة الإنسان واستهلاكه فهو إسراف مذموم ، ولا يرضى به رب الصائمين ويندرج في قوله تعالى: ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ﴾ (الإسراء: من الآية 26- 27). وقال عز وجل:﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً﴾ (الفرقان:67)
تصبح الأسواق في رمضان مليئة بالمشترين وكلهم يحمل من الأشربة والأطعمة ما يكفي عشرات الأسر .
هناك أسر تموت جوعا، ولا تجد فتات الخبز، تنام في العراء تفترش الغبراء وتلتحف السماء ، وأسر هنا أصابتها التخمة من كثرة إسرافها وتبجحها.
من مقاصد الصيام استفراغ المواد الفاسدة في المعدة بتقليل الطعام، وكيف يتم ذلك لمن أسرف في طعامه وشرابه ، وبذر في مأكله؟
وكثير من الصائمين قطعوا النهار في نوم فكأنهم ما صاموا ، منهم من لا يستيقظ إلا عند الصلاة ثم يعود إلى نومه ، قطع نهاره بالغفلة وأمضى ليله بالسهر.
فما أطال النوم عمرا وما
قصر في الأعمار طول السهر
الحكمة من الصيام أن يعيش الصائم لذة الجوع لمرضاة الله وطعم الظمأ في سبيل الله ، والذي جعل النهار نوما كله لا يجد ذلك.
ومن الصائمين من يلعب ألعابا أقل أحكامها الكراهة ، مثل لعب البلوت ، والإسراف في لعب الكرة ، وكذلك ألعابا يزعمون أنها مسلية تضيع الوقت وتفني الساعات في غير منفعة . قال تعالى ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾ (المؤمنون:115)وقال تعالى ﴿وَذَرِ الَّذِينَ [3]اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ (الأنعام: الآية70)
ومن الصائمين من يسهر الليل سهرا ضائعا لا منفعة فيه ولا أجر فهم في لهو ولعب وشرود ، فينما لا تجد في هذا السهر ركعتين في ظلام الليل.
ومن أشنع أخطاء بعض الصائمين تخلفهم عن صلاة الجماعة لأدنى سبب وأتفه عذر ، وهذا من علامات النفاق ومن براهين مرض القلوب وموت الأرواح ، ومنهم من ليس بينه في رمضان وبين القران الكريم صلة أو قربى ، يقرأ كثيرا لكن في غير القرآن الكريم، ويطالع كثيرا ولكن في كتب غير كتاب الله عز وجل .
ومن الصائمين من لا تجود نفسه بصدقة في هذا الشهر العظيم ، ولا تشرف مائدته بتفطير بعض الصائمين، فبابه مغلق وكفه بخيلة . قال تعالى : ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ (النحل: من الآية96) وقال تعالى ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ (المزمل: من الآية20).
ومن الصائمين من ترك صلاة التراويح وتكاسل عنها ولسان حاله يقول تكفيني الفريضة ، وهو لا يكتفي من الدنيا بالقليل بل يحرص على الكماليات منها حرصه على الضروريات.
ولو قد جئت يوم الحشر فردا
وأبصرت المنازل فيه شتى
لأعظمت الندامة فيه غبنا
على ما في حياتك قد أضعتا
ومن الصائمين من أتعب أهله بتكلف صنع كثير من الأطعمة والأشربة حتى أشغلهم عن القرآن الكريم والسنة ، وعن ذكر الله والعبادة ، ولو اقتصر على الضروري لوجد أهله وقتا واسعا للتزود من طاعة الله عز وجل.
اللهم زدنا ولا تنقصنا ، وأعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا تهنا وسامحنا واعف عنا.



أمل محمد 08-20-2011 06:31 PM

ذكرياتنا في رمضان



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
فأجمل ذكرياتنا نحن المسلمين في شهر رمضان ، أنزل كتابنا العظيم أو الذكر الحكيم في شهر رمضان ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: من الآية185) .
نزل كتابنا في رمضان ، فكانت ذكراه أحلى الذكريات ، وأيامه في الدهر خالدات.
نزل القران الكريم على أمة أمية ، ليخرجها من الظلمات إلى النور.
كلما جاء ذكر رمضان تذكرنا المنة العظيمة بإنزال هذا الكتاب الحكيم على الرسول الكريم ﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ (فصلت:42).
وفي رمضان انتصرنا وغلبنا ـ بإذن الله ـ الباطل ودحرنا الكفر في بدر الكبرى .
وفي رمضان انتصر رسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار . قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ (آل عمران:123) .
انتصر الإسلام على الكفر في رمضان ، وارتفعت لا اله الا الله محمد رسول الله في رمضان واندحر الإلحاد في رمضان ﴿ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ (آل عمران: من الآية166)
بدر الكبرى كانت في السابع عشر من هذا الشهر ، فكلما مر بنا هذا اليوم ذكرنا بتلك الغزوة المباركة.
في رمضان كانت غزوة الفتح ، فتح مكة ، قال تعالى ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً﴾ (الفتح:1)
فتح رسولنا صلى الله عليه وسلم القلوب بالقران الكريم في رمضان ، وفتح مكة بالتوحيد في رمضان ، فاجتمع الفتحان ، وانتصر الإيمان ، وعلا القرآن ، وفاز حزب الرحمن ، معارك المسلمين الكبرى تقع في رمضان، وانتصارات المسلمين الخالدة كانت في رمضان.
ومن ذكرياتنا في رمضان أن أمين الوحي جبريل عليه السلام كان ينزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر كثيرا فيدارسه القرآن الكريم ويراجع معه آيات الله البينات ، ويثبت حفظه ويتدبر معه تلك الحكم العظيمة والآيات الكريمة، ويعيد عرض هذا الكتاب عليه ، ويتأنق معه في التلاوة ، ويجود معه الوحي، فكانا في أعظم عبادة واجل قربة وأحسن مجلس.
ومن ذكرياتنا في رمضان اجتماع الصدر الأول من الصحابة في صلاة التراويح فكانوا يسمعون لإمام واحد وهو يتلو عليهم كتاب ربهم فيخشعون ويبكون ويتدبرون.
يطول بهم الليل فيقصرونه بالقيام ، فلو رأيتهم وقد سالت منهم الدموع وثبت في قلوبهم الخشوع ، فهم في قيام وسجود وركوع.
ولو رأيتهم وقد هلت منهم العبرات وارتفعت منهم الزفرات وضجوا على رب السموات والأرض.
ولو رأيتهم وقد وجلت منهم القلوب واقشعرت منهم الجلود وجادت بدمعها العيون.
ومن ذكرياتنا في رمضان أنه الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران، وتقيد فيه الشياطين، وهذه من أحلى الذكريات يوم يشعر المؤمن انه مرحوم في هذا الشهر الكريم،وأن إغواء الشياطين مصروف عنه في هذه الأيام المباركة . ثم إن لكل صائم في هذا الشهر فرحتين يفرح بفطره ويفرح بلقاء ربه تبارك وتعالى. فكلما تجدد هذا الشهر تجدد معه الفرح وزاد الأنس والسرور.
وهذا الشهر كفارة لما بينه وبين رمضان الماضي كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام في الصحيح،فهو شهر يحمل ذاكرة مجيدة لكل مسلم يوم يعلم انه مطهر له من السيئات والخطايا
رمضان شهر الفقراء والمساكين فهم يجدون فيه السخاء والعطاء من الأغنياء ، ويجدون العون والمدد من الأثرياء ، فكثير منهم يسعد في هذا الشهر بما يجود الله به على أيدي الباذلين.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :"إن في الجنة بابا يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون ، فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه غيرهم"( ) .
فباب الريان له مكانة عظيمة في رمضان عند عباد الرحمن.
أتاك شهر السعد والمكرمات
فحيه في أجمل الذكريات
يا موسم الغفران أتحفتنا
أنت المنى يا زمن الصالحات
اللهم أعد علينا رمضان أياما عديدة، وأعواما مديدة، في ثياب من البر والتوبة جديدة.


أمل محمد 08-20-2011 06:33 PM

رمضان طريق التوبة



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصبحه وبعد.
فان من أعظم ما يعود على المسلم من النفع في هذا الشهر الكريم توبته وإنابته إلى ربه ومحاسبته لنفسه ومراجعته لتاريخه.
باب التوبة مفتوح، وعطاء ربك ممنوح، وفضله تعالى يغدو ويروح، ولكن أين التائب المستغفر؟ قال تعالى ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ (الزمر:53)
وهذا الشهر هو موسم التوبة والمغفرة، وشهر السماح والعفو، فهو زمن أغلى من غال وأنفس من نفيس.
صح عنه (عليه الصلاة والسلام ) أنه قال:"إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها"( )
الإساءات منا كثيرة، والعفو منا أكثر، الخطأ منه كبير، ورحمته أكبر، الزلل منا عظيم، ومغفرته أعظم:
سبحان من يعطي ونخطئ دائما
ولم يزل مهما هفا العبد عفا
يعطي الذي يخطي ولا يمنعه
جلاله عن العطا لدى الخطا
قال تعالى ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ (آل عمران:135)
لم يصروا أبدا، اخطأوا فاعترفوا بذنبهم واستغفروا، وأساءوا فندموا فغفر الله لهم.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:"رغم أنف من أدركه رمضان فلم يغفر له "( )
ذنوب العام كل العام تمحى لمن صدق مع الله في رمضان إذا اجتنب الكبائر ،النقص طيلة السنة ، العيوب المتراكمة تصحح في رمضان.
صح الحديث القدسي أن الله عز وجل يقول: " يا عبادي أنكم تذنبون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم "( )
من طبيعتنا الذنب، ولكن منا من يتوب وينيب ويستغفر مولاه، ومنا من يصر، ويستمر ويكابر، وهذا هو المغبون المخذول عن طريق الهداية.
أتوب إليك يا رحمن مما
جنت نفسي فقد كثرت ذنوب
وأشكو يا إلهي من معاص
أصابتني وآذتني عيوب
صح في الحديث القدسي أن الله يقول:"يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي"( )
يا صائمون هذا الشهر فرصتنا للتوبة النصوح، وهذه الأيام غنيمة لنا، فهل نبادر الغنيمة والفرصة؟
وبادر بالتوبة النصوح
قبل احتضار وانتزاع الروح
لا تحتقر شيئا من المآثم
وإنما الأعمال بالخواتم
صام معنا قوم العام الماضي ثم ردوا لمولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين، مضوا بأعمالهم وتركوا آثارهم.
فيا ليت شعري ما نقول وما الذي
نجيب به والأمر إذ ذاك أصعب
إلى الله نشكو قسوة في قلوبنا
وفي كل يوم واعظ الموت يندب
ومن علامات قبول الصائمين الصدق في التوبة ، والعزم على عدم العودة ، والندم على ما فرط العبد في جنب الله عز وجل .
يقول سبحانه :﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ (الشورى:25) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :"والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم"( )
متى يتوب من لم يتب في رمضان ؟ ومتى يعود إلى الله من لم يعد في رمضان؟
إن بعض الصائمين يستقيم حاله ويصلح باله في رمضان، فإذا انتهى الشهر وانصرم الصيام، عاد إلى حالته القديمة وسيرته الأولى فأفسد ما أصلح في رمضان، ونقض ما أبرم في رمضان، فهو عمره في هدم وبناء ونقض وإبرام. قال تعالى: ﴿ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً ﴾ (النحل:92)
كان كثير من السلف إذا انتهى شهر الصيام بكوا لفراقه، وتأسفوا على رحيله وندموا على انتقاله ، وذلك لكثرة صلاحهم وصفاء قلوبهم وإشراق نفوسهم.
اللهم وفقنا لما وفقت إليه عبادك الصالحين ، واهدنا صراطك المستقيم.



أمل محمد 08-20-2011 06:34 PM

الإيمان يزداد في رمضان



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين وبعد.
فالإيمان يزيد وينقص بحسب الأعمال، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، يزيد بالصلاة ، وينقص بالفساد ، يزيد بالاستقامة ، وينقص بالانحراف، قال الله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ (محمد:17) وقال عز من قائل ﴿ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ (الفتح: من الآية4)
وفي رمضان يزداد الإيمان ويشرق التوحيد لقرب العبد من ربه تبارك وتعالى .
فالصيام من أعظم الأعمال وهو قربة إلى الله عز وجل وصلة عظيمة يباعد بين العبد وبين النار ويفرق بين المسلم والمعاصي.
وقيام رمضان أنس ومحبة وطاعة وشوق يطرد النفاق عن العبد، ويسقي شجرة الإيمان، حتى تستوي على سوقها وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها .
وإليكم أيها الصائمون تلك الأعمال التي تزيد في إيمانكم وتنمي يقينكم. الصلاة في جماعة بخشوع وخضوع وتأمل وحضور﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً﴾ (النساء: من الآية103) والصلاة في جماعة مذهبة للنفاق ومورثة للخشية وناهية عن الفحشاء والمنكر.
قال تعالى ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ (العنكبوت: من الآية45)
قراءة القرآن بتدبر ، وتأمل آياته ، العيش في ظلاله ، استنشاق نسماته ، الاهتداء بهديه ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ (صّ:29)
ذكر الله عز وجل بالقلب واللسان والجوارح اللهج بالتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ (البقرة:152)مناجاة الله عز وجل في الأسحار، الإكثار من الاستغفار.
طلب العلم النافع ، والتفقه في الدين ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ (طـه: من الآية114) وسؤال أهل العلم
قال تعالى ﴿فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل: من الآية43) وحضور مجالس الذكر " هم القوم لا يشقى بهم جليسهم"( )
طلب العلم زيادة في الإيمان وتثبيت لأصل التوحيد ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾. (محمد: من الآية19) بدأ هنا بالعلم قبل القول والعمل.
مما يزيد الإيمان الصدقة ، البذل والعطاء ، وقد تقدمت في درس مستقل ولكن الشاهد هنا أنها ترفع من إيمان العبد وتزكيه ، وتهذب سلوكه وتقوم اعوجاجه.
مما يزيد الإيمان التفكر في آيات الباري تبارك أسمه ومطالعة آثاره في الكائنات وبديع صنعه في المخلوقات : قال تعالى :﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾.(آل عمران: من الآية191)
ورمضان زمن صفاء ذهن المتأمل وإشراق فكر المتفكر ، واستنارة قلب المعتبر ، فهو جدير بالتفكر في بديع صنع الخالق تباركت أسماؤه.
والإيمان ينقص ويمرض وقد يموت.
ينقص الإيمان بالإعراض عن الكتاب والسنة والاكتفاء بحثالة أذهان البشر ، وعصارة أدمغة الناس والعكوف على نتاج المخلوقين الضعفاء المقهورين ، فإذا فعل العبد ذلك واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير تمت خسارته وبان هلاكه وظهرت مقاتله واستحوذ عليه الشيطان ﴿ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾(المجادلة: من الآية19)
إذا ما لم يزدك العلم خيرا
فليتك ثم ليتك ما علمتا
وإن ألقاك فهمك في مغاو
فليتك ثم ليتك ما فهمتا
ينقص الإيمان اللهو واللعب والغفلة والإعراض عن منهج الله عز وجل ومجالسة أهل الباطل المعرضين عن الشريعة الساقطين في حمأة الرذائل والشهوات . قال تعالى ﴿ وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ (الكهف: من الآية28) .
ينقص الإيمان إطلاق الجوارح في المعاصي وتلطيخ الأعضاء بالسيئات وتسويد القلب بالذنوب

عين تنظر إلى الحرام وأذن تسمع إلى الخنا ، وقلب يرتع في الشهوات، ويد تبطش ظلما ، وفرج يقترف الفحشاء ، وبطن يمتلئ من الآثام ، رحماك يا رب وعفوك يا الله.
يا صائما عافت جوارحه الخنا
أبشر برضوان من الديان
عفو ومغفرة ومسكن جنة
تأوي بها من مدخل الريان
على الصائم أن ينظر هل زاد إيمانه في رمضان أم نقص ؟ هل عظم يقينه أم قل ؟ ليعرف الزيادة من النقصان والربح من الخسران.
اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها وتوفيقا.



أمل محمد 08-20-2011 06:36 PM

محبة الله عز وجل تعظم في رمضان



الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
فان امتثال أمر الله عز وجل بصيام شهر رمضان تزيد من محبة الله عز وجل ف قلب الصائم . وأولياء الله عز وجل يحبون ربهم تبارك وتعالى حبا عظيما ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ (المائدة: من الآية54) . وليس العجب من قوله [يحبونه] . ولكن العجب من قوله [يحبهم] يخلقهم الله ويرزقهم ويعافيهم ثم يحبهم.
ولمحبة الله عز وجل عشر علامات من فعلها فقد أحب الله حقيقة لا ادعاءً .
أولها : محبة كلامه الذي تكلم به وأنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم وحيا. والشوق إلى تلاوة هذا الكلام وتدبره والأنس به . وإصلاح القلب بتعاليمه وتسريح الطرف في رياضه والسهر به في جنح الليالي وحنادس الظلام، والعمل بمقتضاه وتحكيمه في كل شئون الحياة.
ثانيها : محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه وكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم واعتقاد عصمته واتخاذه أسوة .﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾ (الأحزاب:21) والعمل بسنته بدون تحرج ولا تهيب ولا تذبذب ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ (النساء:65)
ثالثهما : الغيرة على محارم الله ، والذب عن حدود الله أن تنتهك ، والغضب عند إهانة شيء من شعائر الإسلام، والتحرق على هذا الدين ، والتألم لواقعه بين أهل البدع والمجاهدة باللسان والقلب واليد ما أمكن لنصر شرع الله وتمكين دين الله في الأرض
رابعها: التشرف بولاية الله تعالى والحرص على نيل هذه الولاية، وصف الله أولياءه فقال ﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ (يونس:62) وقال سبحانه ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ (المائدة:55)
خامسها : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النفس والنفيس في ذلك فهو قطب رحى الإسلام وسياجه وترسه الذي يحتمي به ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ (آل عمران:104) وتزيد هذه الصفة إشراقا في شهر رمضان ، ويبذل الصائمون الصادقون نصيحتهم ودعوتهم لعباد الله متحسبين الأجر من الله تبارك وتعالى .
سادسها: الاجتماع بالصالحين وحب الأخيار والأنس بمجالسة أولياء الله وسماع حديثهم والشوق إلى لقائهم وزيارتهم والدعاء لهم ، والذب عن أعراضهم ،وذكر محاسنهم ونفعهم بما يستطاع فالله عز وجل يقول ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ (الحجرات: من الآية10) . ويقول ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ ﴾(آل عمران: من الآية103) .
سابعها: التقرب إلى الله بالنوافل والتوصل إلى مرضاته والتوصل إلى مرضاته بالأعمال الصالحة صلاة وصياما وصدقة وحجا وعمرة وتلاوة وذكرا وبرا وصلة إلى غيرها من الأعمال
.قال سبحانه﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ (الأنبياء:90) ويقول سبحانه في الحديث القدسي الصحيح(( وما يزال عبدي يتقرب على بالنوافل حتى أحبه))( )
ثامنها : تقديم حب الآخرة الباقية على الدنيا الفانية والتهيؤ للقاء الله عز وجل ، والتزود ليوم المعا وإعداد العدة لذاك الرحيل المرتقب.
تزود للذي لا بد منه
فإن الموت ميقات العباد
أترضى أن تكون رفيق قوم
لهم زاد وأنت بغير زاد
تاسعها : التوبة النصوح وترك المعاصي والمخالفات والإعراض عن اللاهين اللاعبين من أهل الانحراف والفجور فإن مجالسهم حمى دائمة وسم زعاف وداء مستمر ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ (الزخرف: من الآية67). ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (( المرء يحشر مع من أحب ))( )
عاشرها: تمني الشهادة في سبيل الله وارتقاب ذاك اليوم الذي تقدم النفس فيه خالصة لله . وبيع النفس والمال والولد من الله وعدم العود في هذا البيع العظيم والصفقة الرابحة .
قال سبحانه ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ﴾(التوبة: من الآية111) .
اللهم زدنا لك محبة وفيما عندك رغبة ، وإليك إنابة ، إنك على كل شيء قدير .



هند طاهر 08-22-2011 12:33 AM

بوركتِ وجعله الله في ميزان حسناتك

تحيااتي


الساعة الآن 09:03 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team