![]() |
الإشاعة
الإشاعة كسلوك يمارسه البعض إزاء البعض الآخر بهدف تدميره وتحطيمه هي من الأمراض الاجتماعية الفتاكة، تعيث في المجتمع فسادا، وتزرع بين الأفراد الضغينة والكراهية، وبالتالي تقود العلاقات الحميمة إلى القطع والتلف.
والإشاعة تنتشر بين الأفراد الذين تجمعهم علاقات معينة في المدرسة ، أوفي العمل ، أوفي أماكن أخرى.. وتكون عادة بدوافع وبواعث متعددة لا يمكن حصرها في هذه العجالة. لكن هذا لا يمنع من أن نشير إلى بعض منها بعد قليل. تتولد الإشاعة في الغالب بنوايا سيئة مبيتة تريد النيل من كرامة الآخر والحط من قيمته وشأنه أمام الناس و بدوافع مختلفة، فإذا كان الشخص المستهدف عديم الثقة بالنفس ويقف في شخصيته على أساس هش و مهترئ فإن سلاح الإشاعة سرعان ما يفتك به ، ويصبح بالتالي عرضة للوساوس والهواجس اللاذعة والمؤرقة ، وأما إذا كان على العكس من ذلك فإن مفعول الإشاعة عليه يكون عديم التاثير أو على الأقل ضئيل المفعول، لأن الثقة بالنفس تكون بمثابة حصن منيع يحول دون تسرب الإشاعة إلى نفسيته. والواقع أن دوافع اختلاق الإشاعة وترويجها بين الملأ ضد شخص معين تتعدد بتعدد الأشخاص المختلقين لها والعاملين على ترويجها.فالشخص الذي يرى نفسه دون مستوى شخص آخر ، ويحس بضآلة نفسه أمامه يروجها ضده عن طريق النميمة والاغتياب أمام أصدقائه ومعارفه، وكأنه يقول لهم:إن هذا الشخص هو بخلاف ما ترون و تعتقدون ، إنه لا يستحق منكم المكانة التي تضعونه فيها، وبفعله هذا يتوهم أنه قد حطم غريمه فعلا وعلى الأقل معنويا، ويحاول إخماد ناره بالأوهام. ومن الطبيعي أنه في مجتمع متخلف كمجتمعنا تعبث به الأمية ويتناسل فيه الجهل على نحو متفاقم تجد الإشاعة مجالا واسعا وأرضا خصبة للانتشار، لأن الناس في هذا المجتمع قليلا ما يطلبون بينة على كلام يقال لهم أو خبر يلقى إليهم للتأكد منه هل هو صحيح أم غير صحيح. وكالشخص الذي سبق ذكره هناك الشخص الذي يشعر بالهوان أمام أصدقائه ومعارفه بسبب عار لحق به في فترة سابقة من حياته ، لحق به إما عن طريق غيره، أقاربه مثلا، أو تسبب فيه هو بنفسه.فهذا الشخص قد لا يتحمل الوضعية التي هو فيها، ولذا يسعى لأن يجعل من الآخرين أشباها له، يجد فيهم العزاء عما فقده من احترام وتقدير من أصدقائه ومن الناس عموما، فينطلق لسانه بالسوء يغمز من هذا ويلمز في ذاك، وهولا يألو جهدا في تلويث الآخرين وتشويههم بالباطل، يتحدث لفلان عن فرتلان ولفرتلان عن علان ..الخ.. إلا أن الإشاعة كثيرا ما تتولد وسط الأفراد العاطلين عن العمل ، فالعاطل قد يجد البديل عن العمل في النميمة والتقول في الناس بما لا يليق ، فإذا كان المجتمع يزدري العاطل المتبطل فإن هذا الأخير يقوم برد فعل مضاد ، وكأنه يقول للمجتمع:لماذا الازدراء ؟ إننا جميعا سواسية في العيب. أما المحصلة النهائية للإشاعة على الشخص فإنها تتوقف على نفسيته ، فإذا كان قوي الشخصية متين العزيمة فإن الإشاعة لا تفلح في زعزعته أو النيل منه، وإذا كان مهزوزا، و معنوياته غير متماسكة فإن الإشاعة تكون سبب إحباطه وانهياره وربما تدميره.والأمثلة في مجتمعنا على هذا النموذج الأخير لا تعد ولا تحصى.. الواقع أن الإشاعة في المجتمعات المتخلفة كثيرا ما تشتت الشمل الملموم وتفرق بين الجماعات والأفراد، وقد تؤدي بأشخاص معينين إلى الانتحار، كما أقر أحد الكتاب بأنه كان ينوي الانتحار بسبب ما روجه عليه البعض من إشاعات، ولكن الله سلم. وعن التعامل مع الإشاعة بالنسبة للشخص الذي مسته مستهدفة إياه فقد يقابلها بإشاعة مماثلة يطلقها على من استهدفوه بإشاعتهم ، وقد تكون أسوأ مما أطلق عليه ، وقد يلجأ إلى المخدرات طلبا للسلو والنسيان ، وقد لا يبالي بها ويترك الحكم عليه للآخرين لعلهم ينصفونه..الخ..الخ.. بقي أن نشير إلى أن أسوأ الإشاعات وأشدها وقعا على نفسية المرء هي تلك التي تمس الشرف والكرامة وتمرغهما في الوحل، وقد عانى الكثير من مثل هذه الإشاعات، ويبدو أن الشاعر الكبير أبا الطيب المتنبي كان من هؤلاء ، فقد علم أن أناسا يتكلمون فيه غيبة ويذمونه فقال: وإذا أتتك مذمتي من ناقص***فهي الشهادة لي بأني كامل وقانا الله وإياكم شر الإشاعة، فهو خير حافظا، وهو أرحم الراحمين. |
رد: الإشاعة
الإشاعة من إقرازات الحضارة لمعاصرة
وشح الأخلاق والمسؤولية الاجتماعية شكرآ .. تحياتي لك سيدي |
رد: الإشاعة
اقتباس:
الخطير في الإشاعة أن البعض يسمعها و يصدقها مع علمه مسبقا أنها مجرد إشاعة ،و الأخطر من ذلك كله أنه يساهم في نشرها و إذاعتها. سلمت أخي الأستاذ هيثم المري. |
رد: الإشاعة
طرح جاد وأكثر من رائع كلمات تعالج ما استعصى من الأمراض الإجتماعية دمت ودام قلمك أستاذي الفاضل :Untitled-6::2::Untitled-8::2: |
رد: الإشاعة
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين .
شكرا أخانا مصطفى معروفى . |
رد: الإشاعة
اقتباس:
من خلال تقنياتها العصرية وسائل الإعلام وتطبيقات التواصل الاجتماعي , وما قصدته من شح الأخلاقيات هو التعامل مع المعلومة من ناحية تجارية بحتة .. تحياتي لك |
رد: الإشاعة
اللهم آمين يا رب العالمين
من الواضح أن الذين يروجون للإشاعة من خلال دروس التاريخ هم فئة من المنافقين أو من الذين لا دين متين لهم يمنعهم من ذلك , ويريدون من ذلك نشر الفوضى والنيل من أشخاص أو أمة أو دين بعينه , لذلك كانت الإشاعة من أقوى الأسلحة الإجتماعية إذا صدقها الناس والجهلاء دون الرجوع للحقيقة فيها طرح رائع سيدي بارك الله في قلمك وعلمك |
رد: الإشاعة
اقتباس:
دامت لك الأفراح و المسرات. |
رد: الإشاعة
اقتباس:
الله يكرمك أخي سر الختم ميرغني |
رد: الإشاعة
اقتباس:
وسائل التواصل الاجتماعي ذات وجهين و هي جهنمية في وجهها السيئ. تسلم أخي الكريم هيثم المري. |
رد: الإشاعة
اقتباس:
التأثير البشع للإشاعة هو أنها أحيانا تتسبب في خراب البيوت و ضياع الشغل و تحطيم الذات. سلمتِ أستاذتنا المحترمة مها عبد الله. |
رد: الإشاعة
هذه الظاهرة تبدأ كشرارة ثم تتفشى كالهشيم حتى تتحول إلى جحيم , وقد وقفت بدوري على من يبت في مثل هذه الظاهرة كي يقمع المحبة في صدور الناس لشخص ما حتى كادوا أن يهلكوه هي ظاهرة قديمة بشعة وكان من ضحاياها أمنا عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك حتى أنزل الله براءتها من السماء شكرآ عامرة بالخير لك أستاذي مصطفى لموضوعاتك المتميزة |
رد: الإشاعة
اقتباس:
"و معظم النار من مستصغر الشرر" و بالفعل فأمنا عائشة رضي الله عنها كانت من ضحاياها ،لكنها برئت من فوق سبع سماوات. شكرا لك على المتابعة و الرد القيم المفيد. |
رد: الإشاعة
: مقال رائع ومميز أستاذ / مصطفى طاب يومك .. |
رد: الإشاعة
اقتباس:
لا هنت. |
رد: الإشاعة
قرأت في كتاب مرة : إن أردتم أن تُهلكوا أمة فعليكم بفتنة شبابها وإغواء نساءها بالحرية والنيل من الدين والتقاليد بالشائعات والأكاذيب حتى تشككوا الناس في أنفسهم , هذا ما تفعله النفوس الشيطانية والعياذ بالله بغيرها للأسف .. مشكور سيدي على الموضوعات الرائعة ربي يحفظك :Untitled-6: |
رد: الإشاعة
اقتباس:
ما جرى للشعوب التي فقدت هويتها أو بعضا منها كان في جزء منه بسبب الإشاعة ،لقد أشاعوا عنها بأن ثقافتها متخلفة و أن التقدم و الرقي في اقصي أثر الغرب و اتباعه،فكان أن انسلخت تلك الشعوب عن هويتها فكان سهلا على الاستعمار أن يأخذ بزمام أمورها. شكرا جزيلا لك أخي المحترم. |
رد: الإشاعة
[marq="7;right;1;scroll"]الأستاذ مصطفى معروفي[/marq]
الحمدلله أنه ما زال في أمتنا عقلاء وأقلام رائعة تستشعر خطر هذه الظواهر وتكتب عنها ليفقه الناس ما يجري حولهم من أمور تهمهم دمت لا معآ في مجالك مع التحيات سيدي |
رد: الإشاعة
اقتباس:
تحية طيبة لك أستاذتنا إيمان البلوي. |
الساعة الآن 07:06 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.