منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   مغارة سماوية (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1625)

ريم بدر الدين 09-30-2010 12:28 PM

مغارة سماوية
 
تمتلكني رغبة حادة بالصراخ ..
ربما ..لكي تستيقظ جذور النبات في رحم التربة و تقدم لي بعض العزاء فما عاد لي في ظاهر الأرض من يقدمه.
ربما..أصرخ كي أهب ذاكرتي قبلة الحياة فأنا أحتاج أن تجلدني بسياطها المرعبة لئلا أحيد ثانية عن دربها المرسوم.
من أنا؟ لست أدري .
ماذا سأكون ؟ لا أعي على وجه التحديد.
أين تستقر قدماي الآن؟
ربما تسبحان في هواء ..خواء مدته لي بكل براعة يدان أتقنتا رسم اللامدى و اللامنظور و جعلت منه عالما متكاملا دون أن ألمس منه ذرة في الواقع.
كانت الكلمات فعلا لا تشابه الكلمات، و مازالت هكذا!!
لكن جرعة أفيونها المخدر بدأت بالتلاشي بعد انقضاء نصف عمرها المؤثر و بدأ العقل بتنظيف سمومها و آثارها الجانبية.
كلمات كشجرة لبلاب أسطورية أصلها في التراب و فرعها بين الغيوم تسلقتها حتى وصلت عيون السحاب ..سحاب اعتلت متنه مغارات و تجاويف تسمع من عمقها همهماتٍ و قهقهاتٍ مخيفة لكائنات غير بشرية تسكنها.
رغم هذا خطوت إليها ...ولجتها بكامل إرادتي و ليس في يدي غير قنديل صغير بضوء شحيح بدأ نوره يذوي قليلا قليلا لأنه ما بقي فيه نقطة زيت و ربما لانعدام الأوكسجين لا فرق!
الغريب هنا أنّي ما زلت أتنفس!
طالعتني وجوهٌ طائرة لم أدر كيف رأيتها...من أين استمدت الضوء اللازم لأراها؟ ...وجوه مرعبة حينا و مألوفة حينا !
مظلمة تلك المغارة . كان بودي انتزاع قلبي المتقد فوق رأسي أضيء به الدرب لكنني أيقنت الهلاك و لم تكن ورائي جموع أقودها تحتاج الضوء كما كان دانكو* من قبل، فقررت أن أترك القلب يحترق في تجويف الصدر في حينٍ مقدورٍ لا أملك عنه حيادا.
تساءلت: لكل نفق لا بد من نهاية أخرى، هكذا يقول علم الهندسة. و لكل مغارة لا بد من منفذ آخر، هكذا تقول الجيولوجيا،لكن هذه مغارة فوق الغيوم، فهل تخضع للمقاييس الأرضية؟
سمعت خرير مياهٍ آتٍ من مكانٍ ما فاستيقنت أن ينبوعاً ما ينبجس من قلب صخرة .
إذاً هذه مغارة تشبه المغارة الأرضية،لم لا يكون لها من منفذ؟
قررت أن أموت و أنا أتقدم المسير فهو خير لي من أن أبقى قابعةً في مكاني أنتظره، فلربما أقابله في منتصف الطريق ،أوفر الزمن من أجلي و أوفر الجهد من أجله!
ارتقيت قدمي و امتشقت شجاعتي و عاودت المسير بخطى وجلة أتحسس موضع كل خطوةٍ كي لا أجد نفسي في هاويةٍ سحيقةٍ ...
درجات الأسود في الهواء بدأت تخف قليلا ..فهل أنني تعودت الظلام فتآلفت عيناي معه؟ أم أنّي اقتربت فعلا من نهاية المغارة؟
لست أدري..!
دندنت بأغنيةٍ ما علّي أزيح بعضا من وحشةٍ تغلف قلبي .
رددت جدران المغارة و حجارتها معي كلمات الأغنية ،كألف إنسان جاءوا ليشكلوا جوقة غير متناسقة.
مرعب صدى صوتي عندما يكون بهذا التعدد!
لكنني أعجبت بالتجربة، فكررتها، و رفعت صوتي بالغناء..ضحكت بهستيرية...كلمت نفسي ..تحدثت بكل لغة أعرفها :
To be or not to be that is the question
هاملت.. معلق بين السماء و الأرض، تعال هنا و شاركني وحشة المكان يا صديق !
صرت أسعد برد الصدى!
في مرحلة ما لم يعد يعنيني أن أبلغ بوابة الخروج .
عضني الجوع بأنيابه ،استيقظت فيّ غريزة الحياة فتركت اللعبة التي اخترعتها و سررت بها و غذذت السير.
شعاع رقيق جدا بدأ يتسلل ...فركت عيني أهو حقا بصيص ضوء أم أنني واهمة؟
اقتربت ..أكثر ...أقرب ..أقرب... بدأ اللون الرمادي الغامق ..فالأفتح..الأفتح...الأبيض.
خرجت إلى النور و الهواء، لأكتشف أنني أمضيت أعواما في جوف مغارة.
وجدت اللبلابة تنتظرني فامتطيتها و عدت إلى الأرض .
جدول مياهه رقراقة كان هناك..طالعت وجهي في صفحته لأجد أن هذه الرحلة لم تنل من روحي هماً و انطفاء أمنيات فقط ،و إنما نالت من جسدي هزالا و نحولا.
غسلت وجهي و يديّ مما نالهما و عاودت المسير من جديد..لكن في الوجهة الأخرى !!
-------------------------------------------------------
*دانكو شخصية محورية لقصة "قلب دانكو المحترق "
لمكسيم جوركي في مجموعته "مولد إنسان"

طارق الأحمدي 10-01-2010 09:45 PM

أيمكن أن تكوني قد أخذتنا معك في رحلة وجودية بعد أن تحررت الروح وصارت قادرة على التحليق في سماء اللحظات الآتية ؟

لقد تتبعت ذاتا متعبة دخلت في غفلة من الحزن إلى مغارة الأمنيات البعيدة , وقد سقطت في مستنقع التيه فظنت ألآ مخرج من نفق

الضياع .. ولكنها تكتشف أنها أقوى مما كانت تظن , لقد اكتشفت أن لها مخزونا كبيرا من الأمل , اخضرت بتلاته وأزهرت لحظاته لما


اعتقدت أن ما كان يعيق تقدمها قد يزول مع كل خطوة فرح تخطوها ...


اكتشفت الحقيقة أخيرا ..

وصلت هذه الذات إلى مرحلة الاطمئنان , إلى حالة من الرضى فانفتحت أمامها جميع السبل التي كانت غائبة عنها ..

ومع أول ومضة من نور الاطمئنان استطاعت أن تسترشد طريق العودة ..

القديرة : ريم
سرد ممتع تعودناه من قلمك
قلم احترف الكتابة وأخذ من منابعها ما يجعله يسير في الطريق السليم

همسة صغيرة :

إذا --- الصواب : إذن

ودمت مبدعة دوما

لينا عثمان 10-10-2010 11:08 AM

قصه جميله الاخت العزيزة ريم بدر الدين ومؤثرة وبها العبر و تشرح البيت كلما استحكمت حلقاتها فرجت..وفعلا بعد كل ضيق يأتي الفرج حتى اذا كان هذا الفرج يأخذ اعواما فالمهم ان يعرف الانسان وجهة سفينه ويتمسك بالامل فالامل زاد الحياة.. سلمت الاستاذه الرقيقه ريم بدر الدين

أحمد فؤاد صوفي 10-11-2010 08:38 PM

ليس لي أن أعلق على قصتك بعد تعليق العزيز طارق . .
ولا أقول إلا إنني استمتعت بقراءتها فعلاً . .

بورك القلم . .
تحيتي وودي . .

** أحمد فؤاد صوفي **

ريم بدر الدين 01-20-2011 10:11 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق الأحمدي (المشاركة 30050)
أيمكن أن تكوني قد أخذتنا معك في رحلة وجودية بعد أن تحررت الروح وصارت قادرة على التحليق في سماء اللحظات الآتية ؟

لقد تتبعت ذاتا متعبة دخلت في غفلة من الحزن إلى مغارة الأمنيات البعيدة , وقد سقطت في مستنقع التيه فظنت ألآ مخرج من نفق

الضياع .. ولكنها تكتشف أنها أقوى مما كانت تظن , لقد اكتشفت أن لها مخزونا كبيرا من الأمل , اخضرت بتلاته وأزهرت لحظاته لما


اعتقدت أن ما كان يعيق تقدمها قد يزول مع كل خطوة فرح تخطوها ...


اكتشفت الحقيقة أخيرا ..

وصلت هذه الذات إلى مرحلة الاطمئنان , إلى حالة من الرضى فانفتحت أمامها جميع السبل التي كانت غائبة عنها ..

ومع أول ومضة من نور الاطمئنان استطاعت أن تسترشد طريق العودة ..

القديرة : ريم
سرد ممتع تعودناه من قلمك
قلم احترف الكتابة وأخذ من منابعها ما يجعله يسير في الطريق السليم

همسة صغيرة :

إذا --- الصواب : إذن

ودمت مبدعة دوما


أتمنى أن تكون تلك الروح قد وصلت و هدأت و لا أظنها ببالغة مرامها قريبا
طارق الأحمدي
أشكرك ياصديقي للقراءة الجميلة دوما و العميقة
كن دوما بخير
و دمت رائعا

رقية صالح 01-25-2011 11:01 PM

من عادتي عندما أقرأ قصة ما تشدني
أو كتاب أو أتابع فيلم أنسجم مع الأحداث كلها
وأعيش جلّ لحظاتها وكأنني أنا بطلة أو بطل القصة
راقت لي القصة وتأثرت بها لما فيها من عمق الفكرة
وحروف الثقافة الراقية ولغتك النابعة من القلب
لنقرأ ترابط هذا السرد والعبرة منها
نتشبث بالأمل مهما كان الواقع مريراً
نعود ونقف على أرجلنا ونعاود المسير من جديد

الغالية أ. ريم الشام
تحيتي وتقديري .. الياسمين الدمشقي

خليفة الشحي 01-26-2011 05:26 PM

الأخت الفاضلة ريم بدر الدين ...

عجزت عن وصف مشاعري تجاه القصة ...

تلك القصة المشوقة ... المبدعَة ... تلك القصة الشيقة التي تثير مشاعر القارئ ..
.

تلك القصة التي حركت مشاعر شخص لا يمتلك المشاعر ...


من أعماق أعماق قلبي شكراً أيتها الكاتبة المتميزة ... استمري في الكتابة ...

ماجد جابر 04-02-2011 08:09 PM

تحيّاتي
أشكركِ .
سرد يصوّر بمنظاره تراتيل مؤمن متسلح بالأمل ، ونبضات قلب صدوق ، وخلجات نفس رقيقة ،هذّبتها الروح ، وابتهالات عابد.
بوركتِ أستاذة ريم ، وبورك القلم وما خطّ.

سيد حماد 04-03-2011 09:54 AM

عزيزتي الكاتبة الرائعه ...ريم بدر الدين ،كم هي مثيره تلك الرحلة وعنصر الاثاره فيها ان كل حرف نقرؤه و نحن نطالعها يفاجئنا بانفجار عظيم لعالم جديد ،بين ذرى الخيال ..و في نقطة ما من المسير ،بدا وكأن غريزة البقاء هي كل ما تبقى ...و هي دليلنا ،للخروج...عزيزتي ...نحن حقا" بحاجه لمتل هذا الابداع النادر فهل من مزيد؟....مع تحياتي ومودتي

ريم بدر الدين 08-04-2012 04:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لينا عثمان (المشاركة 33495)
قصه جميله الاخت العزيزة ريم بدر الدين ومؤثرة وبها العبر و تشرح البيت كلما استحكمت حلقاتها فرجت..وفعلا بعد كل ضيق يأتي الفرج حتى اذا كان هذا الفرج يأخذ اعواما فالمهم ان يعرف الانسان وجهة سفينه ويتمسك بالامل فالامل زاد الحياة.. سلمت الاستاذه الرقيقه ريم بدر الدين

علينا دوما أن نبحث عن نصف الكوب الملآن كي نستطيع تحمل هذه الحياة
أ. لينا عثمان سعدت بمرورك الجميل و قراءتك للنص
تحيتي لك

ريم بدر الدين 08-04-2012 04:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فؤاد صوفي (المشاركة 33953)
ليس لي أن أعلق على قصتك بعد تعليق العزيز طارق . .
ولا أقول إلا إنني استمتعت بقراءتها فعلاً . .

بورك القلم . .
تحيتي وودي . .

** أحمد فؤاد صوفي **

أنتظر دوما ان تضع توقيعك في نصوصي أستاذي أحمد فؤاد صوفي
سعيدة انها نالت إعجابك
تحيتي لك

ريم بدر الدين 08-04-2012 04:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رقية صالح (المشاركة 56388)
من عادتي عندما أقرأ قصة ما تشدني

أو كتاب أو أتابع فيلم أنسجم مع الأحداث كلها
وأعيش جلّ لحظاتها وكأنني أنا بطلة أو بطل القصة
راقت لي القصة وتأثرت بها لما فيها من عمق الفكرة
وحروف الثقافة الراقية ولغتك النابعة من القلب
لنقرأ ترابط هذا السرد والعبرة منها
نتشبث بالأمل مهما كان الواقع مريراً
نعود ونقف على أرجلنا ونعاود المسير من جديد

الغالية أ. ريم الشام

تحيتي وتقديري .. الياسمين الدمشقي

غاليتي رقية
عندما ألمح اسمك في متصفحي أعرف أن نفسا شفيفة و روحا رقيقة حطت هنا كفراشة
محبتي لك يا غالية

ريم بدر الدين 08-04-2012 04:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليفة الشحي (المشاركة 56521)
الأخت الفاضلة ريم بدر الدين ...

عجزت عن وصف مشاعري تجاه القصة ...

تلك القصة المشوقة ... المبدعَة ... تلك القصة الشيقة التي تثير مشاعر القارئ ...

تلك القصة التي حركت مشاعر شخص لا يمتلك المشاعر ...


من أعماق أعماق قلبي شكراً أيتها الكاتبة المتميزة ... استمري في الكتابة ...

مساء الورد
أ. خليفة الشحي
هذه شهادة اعتز بها
أشكرك أنك كنت هنا
تحيتي لك

ريم بدر الدين 08-04-2012 04:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد جابر (المشاركة 67645)
تحيّاتي
أشكركِ .
سرد يصوّر بمنظاره تراتيل مؤمن متسلح بالأمل ، ونبضات قلب صدوق ، وخلجات نفس رقيقة ،هذّبتها الروح ، وابتهالات عابد.
بوركتِ أستاذة ريم ، وبورك القلم وما خطّ.

مساء الورد
أستاذي ماجد جابر
سعيدة انك قرأت هذا النص فهو من أحب نصوصي إلى قلبي
تحيتي لك

ريم بدر الدين 08-04-2012 04:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيد حماد (المشاركة 67718)
عزيزتي الكاتبة الرائعه ...ريم بدر الدين ،كم هي مثيره تلك الرحلة وعنصر الاثاره فيها ان كل حرف نقرؤه و نحن نطالعها يفاجئنا بانفجار عظيم لعالم جديد ،بين ذرى الخيال ..و في نقطة ما من المسير ،بدا وكأن غريزة البقاء هي كل ما تبقى ...و هي دليلنا ،للخروج...عزيزتي ...نحن حقا" بحاجه لمتل هذا الابداع النادر فهل من مزيد؟....مع تحياتي ومودتي

مساء الورد

ا. سيد حماد يسعدني أن تتابعني
أشكرك انك كنت هنا
تحيتي و تقديري

جليلة ماجد 08-04-2012 06:39 PM

عند تجمع الأرواح تتعانق بحثاً عن الأمان ....

جميل سردك و تفاصيلك مدهشة ...

صافي الود

ريم بدر الدين 08-07-2012 10:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جليلة ماجد (المشاركة 124052)
عند تجمع الأرواح تتعانق بحثاً عن الأمان ....

جميل سردك و تفاصيلك مدهشة ...

صافي الود

مساء الورد
سعيدة بشهادتك عزيزتي جليلة ماجد
أشكرك من القلب
محبتي

ريم بدر الدين 08-07-2012 10:26 PM

حظي هذا النص بقراءتين نقديتين من الأستاذ محمد عبد السميع نوح و الأستاذ أيوب صابر
على هذا الرابط
http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=4889

محمد غالمي 08-14-2012 02:44 AM

الفاضلة ريم.. أكيد أن الذات الملتاعة من عاديات الزمان ـ وما أكثرها، ولربما ما خفي فيها كان أعظم وأجل! ـ قد دبت في كيانها بعض الدعة والاطمئنان، بعدما كلت في البحث عن معنى لوجودها،ولم تجد مبررا لذلك... كانت الرحلة في جوف متاهة نحو عالم الصفاء، أو تطهير الذات من أدران مجتمع ظالم لا يقدر الأشياء حق قدرها..
تشكرين على هذا الفيض الإبداعي الرائق الذي لا يعدم شاعرية مؤثرة، وذلك أمر معهود في عطائك الإبداعي....
محمد غالمي

ريم بدر الدين 08-15-2012 12:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد غالمي (المشاركة 124911)
الفاضلة ريم.. أكيد أن الذات الملتاعة من عاديات الزمان ـ وما أكثرها، ولربما ما خفي فيها كان أعظم وأجل! ـ قد دبت في كيانها بعض الدعة والاطمئنان، بعدما كلت في البحث عن معنى لوجودها،ولم تجد مبررا لذلك... كانت الرحلة في جوف متاهة نحو عالم الصفاء، أو تطهير الذات من أدران مجتمع ظالم لا يقدر الأشياء حق قدرها..
تشكرين على هذا الفيض الإبداعي الرائق الذي لا يعدم شاعرية مؤثرة، وذلك أمر معهود في عطائك الإبداعي....
محمد غالمي

كلنا نحاول أن نسبر غور ذاك النفق و تجربة بلوغ الجدول هدف أساسي
أستاذي الكريم محمد غالمي
سعدت جدا بهذا التقييم الجميل
أشكرك من القلب
تحيتي لك

ايوب صابر 09-21-2016 12:46 PM

قصة رائعه...سحرية

وهذه القراءة التي كنت قد قدمتها لها في حينه:

في قراءتي لهذا القصة القصيرة أجد بوحا واعيا وعلى الأغلب غير واعي مصدره غالبا العقل الباطني للكاتب.

في الواقع وبشكل عام أرى بأن الكثير من الكتابات هي بوح غير واعي مصدره العقل الباطني اللاواعي ولذلك يصعب على الكتاب أحيانا فهم ما الذي تملكهم أثناء الكتابة، وكأن للكتابة وحي أو شيطان وهي ليست كذلك وإنما يتولى العقل الباطن زمام الأمور خلال عملية الكتابة كما يتولاها أثناء النوم فيرينا من الأحلام والكوابيس الكثير.

هذه القصة العميقة مثال جيد لما يمكن أن يبوح به العقل الباطن. فرحلة بطل القصة هي رحلة نفسية وليست واقعيه بطبيعة الحال ولكن ما رمزية ما هو مطروح هنا؟

يبدو ان المغارة السماوية ما هي الا رمز لحالة نفسيه من الكرب والكآبة المرضية التي تصيب بطل أو بطلة القصة persona وما يترافق معها في حال سقوط بطل القصة في تلك الحالة المريضة.

وألا لماذا يشعر بطل القصة برغبة في الصراخ؟ وذلك كما ورد في بداية القصة، أليس هذا ما نشعر به في حالة الاكتئاب.
ثم ألا تبحث هذه الشخصية (عن العزاء الذي لم يعد في ظاهر الأرض من يقدمه ) وهو تعبير صارخ عن الشعور بالوحدة والاغتراب وفقدان الاتصال والدعم النفسي الذي عادة يحصل عليه الإنسان من محيطه الإنساني ، وهو جزء من الانحدار في متاهات مرض الكآبة.
بطل القصة يعبر عن حاجته لما يعيد له صوابه الذي بدأ يفقده كنتيجة لتلك الحالة المرضية فهو يصرخ طالبا المساعدة وحتى يتمكن من العودة ليعيش ضمن المعايير المقبولة والمتفق عليها اجتماعيا ونفسيا.
وهناك في العتمة والوحشة وفي ظرف الكآبة والاغتراب يبحث البطل ، بطل القصة ، عن الذات ( من أنا ؟ لست ادري؟ وماذا سأكون ؟ لا أعي على وجه التحديد ؟ أين تستقر قدماي الآن؟ ربما تسبحان في الهواء ..الخ. وكانت الكلمات فعلا لا تشابه الكلمات ) .
هنا مؤشرات مما أصاب البطل كنتيجة للحالة المرضية التي وقع فيها. وهو ما يحدث للشخص حينما يقع في غياهب الكآبة . . وهكذا وجد بطل القصة نفسه في المغارة التي هي حالة مرضية وفي المغارة يسمع البطل همهمات وقهقهات مخيفه لكائنات غير بشرية .. مؤشرات أخرى للحالة المرضية.

( رغم هذا خطوت إليها بكامل إرادتي) ...هنا يوضح بطل القصة بأن الانعزال الذي يفرضه مرض الكآبة كان قرارا إراديا واعيا أو هو يعتقد ذلك ، على الرغم من المخاوف التي يمكن للشخص أن ينحدر إليها ولكن البطل يشير إلى انه ظل متسلحا ( بضوء شحيح ) ولكن ذلك النور ( بدأ يذوي قليلا قليلا لأنه ما بقي فيه نقطة زيت أو ربما لانعدام الأوكسجين لا فرق ) وهذا تعبير غير واعي عن حالة الضيق التي فرضت نفسها على بطل القصة فكاد يختنق.
بطل القصة يحس بوجوده رغم ما أصابه من كآبة وضيق كادت تخنقه فلم ينحدر إلى الظلمة المطلقة.
ثم ما حدث في داخل المغارة هو رسم وتصوير لما يشعر به الإنسان الذي يقع في مثل هذه الحالة المرضية ( فهذه أشباح على شكل وجوه طائرة لم ادر كيف رايتها ؟ ) والحقيقة أن الإنسان عندما ينحدر إلى متون مرض الكآبة يرى أشياء أكثر من الأشباح وربما الجن الخ. فهذه الوجوه مرعبة. والحقيقة أن العقل البشري حينما يخرج عن السيطرة يكون مرعبا . فلم يكن هناك وجوه أصلا ولكن العقل الباطن يكشف عن مخاوف بطل القصة وحالة الرعب التي سقط فيها ( فظلمة تلك المغارة ) طبعا هي ظلمة المرض وليس هناك ظلمة اشد من ظلمة النفس حينما تصاب بالاضطراب.
ولكن بطل القصة وعلى الرغم من حالة الرعب التي تملكته ظل يبحث في داخله عن النور الذي يقوده للخروج من عتمة المغارة وظلام النفس البشرية. وهكذا بدأ يبحث عن نهاية النفق، وبدأ يبحث عن منفذ واستخدم لذلك التفكير المنطقي العلمي فاستنتج أن العقل يقول أن لا بد من نهاية أو مخرج لكل نفق مهما اشتدت ظلمته ولكن الشك ظل مسيطرا في تلك المرحلة من المرض ( فلعل تلك الظلمة تكون ظلمة مسيطر فلا مخرج ولا منفذ منها ).
المياه رمز الحياة ، فقد سمع بطل القصة صوت المياه فاستيقن بأن ما يجعل الماء ينبجس من قلب الصخر لقادر على أن يرد له عقله ، ويخرجه من ظلمة المغارة. واتخذ بطل القصة قرارا أن لا يستسلم وفضل أن يموت وهو يحاول أن يخرج من الكآبة على أن يظل في تلك المغارة. ( ارتقيت قدمي وامتشقت شجاعتي وعاودت المسير ) هي رمزية تشير بأن العقل بدأ يعود إلى الاتزان ولكن أثناء رحلة العودة إلى الشفاء ظل البطل ( يتحسس موضع كل خطوة ) وهي حالة من انعدام الثقة تصيب المريض بعد أن يصاب بما أصيب به البطل وذلك كي لا يجد نفسه في هاوية سحيقة فهو غير مطمئن حتى ذلك الوقت بقدرته للعودة من جديد. وهكذا بدأت العتمة بخف شيا فشيا ( درجات الأسود في الهواء بدأت تخف ) - ما أجمل هذا التعبير وربما لم يكتبه احد من قبل- وهو رمز على أن البطل بدأ يعود إلى الاتزان مرة أخرى وبدأ يشعر بأنه على وشك الخروج من المغارة أي من مرض الكآبة . رغم ذلك وفي لحظات مثل تلك تظل النفس وجله فعلى الرغم أن صدى الصوت أزال الوحشة لكن ظل هناك رعب إلى أن وصل البطل إلى قناعة بأنه لا بد أن يكون to be or not to be فاختار أن يكون. واختار البطل شخصا خرافيا ليتونس به ( هاملت ) ويشاركه وحشة الاغتراب وهو دليل ومؤشر آخر على رحلة العودة والخروج من الأزمة حيث تاخذ الشخصية الإنسانية بالعودة والخروج من الانطوائية والانعزال وذلك من خلال نظام الدعم الاجتماعي فليس هناك أقسى من الوحدة على النفس.
وما أن خرج البطل من عتمة الخوف لم يعد يعنيه اين هو او حتى الخروج من المغارة وفي ذلك إشارة واضحة إلى زوال الكآبة وأثارها وعليه وهناك وبعد أن تحقق الشفاء بدأ يشعر بالجوع الذي هو مؤشر على الشفاء ففقدان الشهية عند الإنسان هو انعكاس لحالة مرضية وهناك استيقظت غريزة الحياة وظهر شعاع الأمل ثم اخذ البطل يشفى شيئا فشيا وذلك بدليل الاقتراب من نهاية النفق أو المغارة إلى أن رأى اللون الأبيض، وهو رمز الشفاء التام،( فخرج البطل على النور والهواء ) وعاد إلى الحياة بعد أن كاد يفقد عقله مما أصابه من كآبة والتي اكتشف انه قضى بها أياما تقاس بأعوام بالمقاس الزمني لمن يمر بتلك الحالة.
وبعد أن عادت المياه إلى مجاريها يكتشف البطل بأن رحلة المرض تلك نالت من روحه وحطمت جزا من أحلامه وكذلك نالت من جسده فصابه الهزال والنحول. وهناك عاد البطل إلى متابعة المسيرة لكن في الوجهة الأخرى فطوى بذلك صفحة من صفحات حياته الكئيبة وبنية أن لا يعود إليها مرة أخرى.
- انه العقل البشري المهول
- هذا الكون الشاسع المخيف الذي قد يتجلى على أشكال مخيفه لا يمكن لأحدنا أن يتخيلها إلا إذا ما عبر الطريق إلى تلك المغارة الموحشة.

قصة عميقه ومعبرة إلى ابعد الحدود ورائعة لانها تكشف أغوار النفس البشرية وأسرارها في ظل ما قد يصيبها من شائبة.

ولا شك أن للكاتبة قدرة هائلة على التعبير أن كانت كتبت القصة عن وعي أي سجلت فلم سينمائي عما يحل بمن يمر بتلك التجربة، وهي شجاعة أن لم تكن تقصد ولم تكن تعي حيث تركت العنان لعقلها الباطن أن يرسم لنا حالة من حالة الكرب التي يمكن أن تصيب النفس البشرية والية الخروج منها. فذلك الضوء في آخر النفق هو الذي قادها إلى الرجوع وهي رسالة جميلة جدا فعلينا مهما ضاقت بنا الدنيا أن نحتفظ بالأمل في أعماقنا ليهدينا إلى طريق العودة فالأمل هو دائما خلاصنا.

عميقة بكل المقاييس وهي من أعمق ما قرأت ومهمة في موضوعها كونها تعالج البعد الانساني للنفس البشرية.

فاطمة جلال 10-07-2016 02:38 PM

الغالية ريم

تكتبين بمداد من نور وتنثرين الافكار على طبق من بلور
وكأننا امام حروفك في رحلة تفوق الوصف


اشتقنا لحرفك المميز

ايوب صابر 09-12-2017 04:59 PM

كثيرا ما نجد انفسنا في مغارة مثل هذه وان حصل علينا ان نتبع النور في اخر النفق.
بانتظار جديديك استاذة ريم في مجال القصة القصيرة .


الساعة الآن 08:50 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team