منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   سَمَلاتٌ أدبية !!! (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1124)

عبده فايز الزبيدي 09-06-2010 04:26 AM

سَمَلاتٌ أدبية !!!
 
كان أبو النشناش النهشلي التميمي من ملاصِّ بني تميم , و كان يعترض القوافل في شذّاذٍ من العرب بين طريق الحجاز و الشام فيجتاحها , فظفر به بعض عمالُ مروان فحبسه و قيَّدهُ . ثمّ أمكنه الهرب في وقت غِرَّةٍ فهرب فمرّ بغرابٍ على بانةٍ ينتفُ ريشه و ينعب. فجزع من ذلك . ثمَّ مرَّ بحيٍّ من لهبٍ . فقال لهم : رجلٌ كان في بلاءِ و شرٍّ و حبسٍ و ضيقٍ , فنجا من ذلك , ثمَّ نظر عن يمينه فلمْ يَرَ شيئاً ,و نظرَ عن يساره فرأى غُراباً على شجرةٍ بانٍ ينتف ريشه و ينعب . فقال له اللهبي : إن صدقتِ الطّيرُ , يُعادُ إلي حبسه و قيده , و يطولُ ذلك به , و يُقتل و يُصْلب. فقال له أبو النشناش : بفيك الحجر . قال اللهبي : لا بل بفيك , و أنشأ يقولُ :


1. وسائلةٍ أينَ الرَّحيلُ و سائلٍ
و مَنْ يَسألُ الصعلوك أين مذاهبُهْ


2. و داويةٍ يهماء يُخْشى بها الرَّدى
سَرتْ بأبي النشناشِ فيها ركائبُه

3. ليُدْرِكَ ثَأْراً أو ليدرك مغْنماً
جزيلاً و هذا الدَّهرُ جَمٌّ عجائبُه

4. إذا المرءُ لمْ يَسْرَح سواماً و لم يُرحْ
سواماً و لم تعطفْ عليه أقاربُه

5. فللموتُ خيرٌ للفتى من قعوده
فقيراً و منْ مولىً تدِبُ عَقاربُه

6. و لمْ أرَ مِثْلَ الهَمِّ ضاجعه الفَتى
و لا كسوادِ اللّيلِ أخْفَقَ طالبُه

7. فَمْتْ مُعْدِماً أوْ عِشْ كَريماً فإنني
أرى الموتَ لا ينجو من الموتِ هاربُه

8. و لو كانَ شيءٌ ناجياً منْ مَنِيَّةٍ
لكانَ أثيرٌ يومَ جاءت كتائبه



تعليق من ديوان الأصمعيات التي نقلنا منه الخبر:

الداوية: الفلاة المستوية البعيدة الأطراف
اليهماء: الفلاة التي لا ماء فيها, و لا علم فيها, و لا يُهتدى لطرقها

* و قوله :
( أرى الموت لا ينجو من الموت هاربه ):
أراد لا ينجو منه فأتى بالمظهر مكان المضمر , و هذا جائز في الشعر .



و أقول :

أن مقالة شاعرنا : و من يسأل الصعلوك أين مذاهبه ؟
هو مَثل جميل في عبارته و معناه, لأنه يقول أن المشرد لا مكان له فيؤويه و لا صديق فيبسط له وجهه و لا أقارب فتعطف عليه
فسؤال السائل له: إلي أين تذهب ؟

هو من باب سؤال السحاب متى تعود.

عبده فايز الزبيدي 09-06-2010 11:13 PM

ورد في كتاب (الممتع في علم الشعر و عمله ) لعبدالكريم النهشلي القيرواني ما يلي :
كانَ أُسيد بن عنقاء الفزاري من أكبر أهل زمانه , و أشدهم عارضة و لساناً , فطال عمره و نكبه دهره , فخرج عشيةً يتبقلُ لأهله , فمرَّ به عُميلة الفزاري , فقال : يا عم , ما أصارك إلي ما أرى ؟
قال : بُخْل مِثلكَ بماله , و صَرْفُ وجهي عن مسألةِ النّاس .
فقال عميلة: و الله لئن بقيت إلي غدٍ لأُغيرنَ ما أرى من حالك .
فرجعَ ابن عنقاء إلي أهله. فأخبرهم بقوله , فقالت أمّه: أغرّكَ كلامُ غلام جُنْح ليل ! فكأنك ألقمت فاه الحجر .
فبات ابن عنقاء متململاً بين رجاءٍ و يأس. فلمّا كان السَّحر سمع رُغاء الإبل و ثُغاء الشاء و صهيل الخيل و لَجَب الأموال ! فقال : ما هذا ؟ قالوا: عُميلة ساق إليك ماله .
قال : فاستخرج عميلة ابن عنقاء و قسّم ماله شطرين فساهمه عليه ............
فقال ابن عنقاء:



1. رآني على ما بي عُميلة فاشتكى
إلي مالهِ حالي أسّر كما جَهرْ



2. دَعاني فآساني و لو ضنَّ لمْ ألُمْ
علىَ حينِ لا بَدْوٌ يُرجّى و لا حَضَرْ


3. فقلتُ لَهُ خَيْراً و أثنيتُ فِعلهُ
و أوفاك ما أبْليتَ من ذمَّ أو شَكَرْ


4.و لمَّا رأى المجْدَ اسْتُعيرت ثيابهُ
تردَّى رداءً سابغَ الذَّيلِ و اتَزرْ


5. غلامٌ رَمَاهُ الله بالحُسنِ مُقْبِلاً
له سيمياءٌ لاَ تُشَقُّ على البَصرْ


6.كأنَّ الثُّريا عُلِقتْ فوْقَ نَحْرِهِ
و في أنْفِهِ الشّعرى و في وجهه القمرْ


7. إذا أقبلتِ العوراءُ أغضى كأنَّه
ذليلٌ بِلاَ ذُلٍّ و لو شاء لانتَصر




و نقول:
العوراء: هي الكلمة النابية
السيمياء: العلامة

وقوله:
له سيمياء لا تشق على النظر

أي أن محاسنه لترتاح إليها عين الناظر
و لا تشق على عينه لخلوها من الشين.


و أوردها أصحاب المعاجم كما في لسان العرب بألفاظ سيما كقول الله تعالى (سيماهم في وجوهم)
و سيمياء كما جاء بها ابن عنقاء هنا ............. و سيمة .
و أقول من هذا قول الناس يمدحون الشخص بقولهم (فلانٌ عليه سيمة و قيمة) يقصدون عليه علامة العتق في النسب و نضارة النعيم و الله اعلم.

و قوله :
إذا أقبلت العوراء أغضى كأنه
ذليلٌ بلا ذل و لو شاء لانتصر


هذا فن بديع اسماه ابن حجة الحموي في خزانته:
(ذكر الإحتراس)

و عرفه بما يلي :
هو أن يأتي المتكلم بمعنىً يتوجه عليه فيه دخل فيفطنُ له فيأتي بما يخلصه من ذلك و مثاله في كتاب الله عز وجل : (اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ) (القصص :32 ) فاحترس بقوله سبحانه و تعالى : من غير سوء , عن إمكان أن تدخل في البرص و البهق . انتهى كلامه رحمه الله تعالى .


نقول أن الشاعر مدح ممدوحه بتجافيه عن الكلام القبيح
و عن سب من يسبه حتى ليحسب الجاهل بأنه ذليلٌ
ثم احترز الشاعر بقوله (بلا ذل) لدفع الشبهة و بيَّنَ خافي الخصال الكريمة بقوله(و لو شاء لانتصر)

أخيرا: للسيميائين العرب إدعاء نسب بهذه الكلمة (السيمياء) مبسوطة في أطروحاتهم.

عبده فايز الزبيدي 09-08-2010 12:44 AM

أوْرَدَ جامعُ (ديوان ابن عبدربه) الدكتور محمد أديب جمران , هذا الخبر :
يقال أن الخطيب الأندلسي أبا الوليد بن عباد حجَّ , فلمّا انصرف تطلع إلي لقاء المتنبي في مسجد عمرو بن العاص في مصر , ففاوضه قليلاً ثم قال أنشدني لمليح الأندلس _ يريد أحمد بن محمد بن عبدربه الشاعر الأديب و صاحب كتاب (العقد الفريد) _ فأنشد أبو الوليد :


1. يا لؤلؤاً يسبي العقولَ أنيقا
و رشاً بتقطيعِ القلوبِ رشيقا

2. ما إنْ رأيتُ و لا سمعتُ بمثلهِ
دُرَّاً يعودُ من الحياءِ عقيقا

3.و إذا نظرتَ إلي محاسنِ وجهه
أبصرتَ وجْهَكَ في سَنَاهُ غريقا

4. يا منْ تقطع خَصْرُهُ من رِقَّةٍ
ما بالُ قلبِكَ لا يكونُ رقيقا

فلما فرغ أبو الوليد من إنشاده , استعادها المتنبي منه , ثمّ صفَّقَ بيديه و قال معجباً :
( يا بن عبدربه , لقد تأتيك العراقُ حبْواً ) .
تعليق:
1. لا زالت الناس تبحث عن أعيان الناس و يشتاق أهل الفضل و أرباب البيان و أولو العلم لمن هم في مرتبتهم كما فعل أبو الوليد للقاء المتنبي.
2.ذكاء و فطنة الخطيب حين أختار من قصائد ابن عبدربه تلك الخريدة لينشدها أمام إمام الشعراء, كما تدل هذه الحادثة على سلامة الطوية و ليت شعري متى يفهم المرضى بداء (أنا) أن الشعر ليس حكراً على أحد و النعوت لا يبحث عنها إلا من سفه نفسه.
3. تواضع المتنبي الجمّ حين أشاد بأخٍ له في الجانب الآخر من عالم الضاد أيام كانت الأندلس تتحدث العربية.

أخيرا :

من جميل البلاغة في النص السالف
تلك التورية المرشحة في قوله:
دراً يعود من الحياء عقيقا.

عبده فايز الزبيدي 09-11-2010 11:58 PM

يقولُ طرفة بن العبد :

بَدَّلَتهُ الشَّمْسُ مِن منْبتهِ
بَرَدَاً أبْيضَ مَصْقُولَ الأُشُرْ

ورد هذا البيت في مقاييس اللغة :
الأشر: رقَّة و حِدّة في أطراف الأسنان .
و هو يحكي خرافة عربية جاهلية مفادها في صبحي الأعشى:
الشمس‏( ..... يقولون‏:‏ ان الغلام اذا اثغر فرمى سنه في عين الشمس بسبابته وابهامه وقال ابدليني بها احسن منها أمِنّ على سنانه العوج والفج والنغل قال طرفة‏:‏ .......) ثم ذكر البيت .

تعليق:
1. أقول أن هذه الخرافة لا زالت موجودة بيننا حتى يومنا هذا خاصة عند الصغار.
2. هذا البيت دليل على سخف القائلين بمقولة (الشعر للشعر) و أن الشعراء لا ينبغي للمبدعين منهم نقل الحدث و تسجيل العادات و أن الشعر يجب أن يسلم من التأريخ و الجغرافيا و ذكر الأسماء و إلا فلن نعده شعرا .

3.علماء الغرب يستنطقون وشوم الصخر الأبكم لتحدثهم عن بقايا أصداء حضارات بائدة و يقدسون بقايا العظام المتحجرة في أحضان جلاميد تشهد بوجود حياة لا دليل عليها سوى رفات الموتى ........... و نحن العرب ضربنا صفحاً عن شعرائنا القدامى العباقرة الذين حفظوا لمن جاء بعدهم حضارة عريقة فلم يغفلوا عن العادات و التقاليد و لم ينسوا مظاهر الحياة العادية من مأكل و مشرب و مجلس و ملبس ..... الخ.
و أنت تقرأهم شعرا كأنك تنظرهم عيانا
فأي فضل للغز عقيم في كهف مظلم
على تصريح لسان مبين بحقيقة كانت.

عبده فايز الزبيدي 10-07-2010 07:34 PM














جاء في رائعة أحمد شوقي (النخيل)التي نظمها بالإسكندرية في صيف 1931م:
أرى شَجَراً في السَّماءِ احتجبْ =وَ شَقَّ العَنانَ بمرْاًى عَجَب
مآذنُ قامت ْهُنا أو هُناكَ = ظَواهِرُها درجٌ مِنْ شَذَبَ
و ليس يُؤذِّنُ فيها الرِّجال = و لكنْ تصيحُ عليها الغُرُبْ
و باسقةٍ مِنْ بناتِ الرِّمالِ =نَمَتْ و رَبَتْ في ظلالِ الكُثُبْ
كَسَارِيَةِ الفلكِ , أَوْ كالمسلَّة , أو كالفَنار وراءَ العَبَبْ
تَطولُ و تَقْصُرُ خلْفَ الكَثيْبِ=إذا الرِّيحُ جاء به أو ذهبْ

قوله: (إذا الريحُ جاء به أو ذهب)
فقد حَمَل الريح على معنى الهواء و هذا سبب تذكير الفاعل .
و شواهد هذا كثير كقوله تعالى:
(و أخذَ الذّين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ) هود -67
قال صاحب (التبيان في إعراب القرآن)
في حذف التاء ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه فصل بين الفعل و الفاعل
و الثاني: أنَّ التأنيث غير حقيقي
و الثالث: أن الصيحة بمعنى الصِّياح , فَحُمِلَ على المعنى.

الإضافة البيانية :
لمّا أراد أن يصور شدة فعل الريح جاء بتذكير الفاعل ليدل على القوة التي تثير هذا المشهد الحي في نظر المشاهد .


ناريمان الشريف 10-07-2010 09:09 PM

الله الله الله
ما أجمل هذين البيتين :

4. إذا المرءُ لمْ يَسْرَح سواماً و لم يُرحْ
سواماً و لم تعطفْ عليه أقاربُه

5. فللموتُ خيرٌ للفتى من قعوده
فقيراً و منْ مولىً تدِبُ عَقاربُه
كم أمتعتنا يا أخ عبده
رائع جداً
وكم أحب ما قاله العرب
أتابعك بشغف



تحية ... ناريمان

ساره الودعاني 10-08-2010 09:14 AM

اقتباس:

يقولُ طرفة بن العبد :

بَدَّلَتهُ الشَّمْسُ مِن منْبتهِ
بَرَدَاً أبْيضَ مَصْقُولَ الأُشُرْ

ورد هذا البيت في مقاييس اللغة :
الأشر: رقَّة و حِدّة في أطراف الأسنان .
و هو يحكي خرافة عربية جاهلية مفادها في صبحي الأعشى:
الشمس‏( ..... يقولون‏:‏ ان الغلام اذا اثغر فرمى سنه في عين الشمس بسبابته وابهامه وقال ابدليني بها احسن منها أمِنّ على سنانه العوج والفج والنغل قال طرفة‏:‏ .......) ثم ذكر البيت .

{كذّاب أشر : كذاب شديد الفرح والدهشة بما عنده.} هكذا قرأتها في التفسير لا أدري هل هي نفس المعنى ؟

بالنسبة لخرافة الأسنان اللبنية المخلوعة فكما قلت أنت أستاذي ما زالت موجودة وان اختلفت الطريقة اذكر كانوا يقولون لنا :
ادفنوا السن في تراب نظيف او في أو أسفل شجرة وادعوا ربكم ان يبدله بسن غزال أذكر أني أدفنها ولكن لا ادعو فلم تكن اسنان الغزال تعجبني واخاف ان تكون مثلها بفضل الدعاء:o
كل الشكر لك أستاذ عبده الزبيدي..

أعجبني ما قرأته لك هنا

واريد الأجابة على تساؤلي لو تفضلت..

عبده فايز الزبيدي 10-09-2010 08:39 PM

ناريمان الشريف
أشكرك على جميل المرور , و طيب المقال.

سارة الودعاني
أشكرك على الدعم الجميل,
و بخصوص سؤالك , يقول صاحب مقاييس اللغة:
أن الهمزة و الشين و الراء أصل واحد , يدلُ على الحِدَّة.
فالأشِر: هو المتسرع ذو الحِدَّة.
و الأُشُر: رقة و حِدَّة في أطراف الأسنان ,
فكما ترين سيدتي الرابط بينهما أصل (الحِدَّة) تارة مجازاً (الأشِر) كما في الآية الكريمة و تارة على الحقيقة كما في بيت طَرَفة.
و هذا ديدن ابن فارس في مقاييسه.

محبتي.

سارة رمضان 01-19-2011 10:29 AM

و أقول من هذا قول الناس يمدحون الشخص بقولهم (فلانٌ عليه سيمة و قيمة) يقصدون عليه علامة العتق في النسب و نضارة النعيم و الله أعلم


لم أظن يوما أن كلمة ( سيمة ) التى نرددها لغة فصيحة ,
استفدت هنا كثيرا و الموضوع قيم يستحق منك أن تواصله .

احمد ماضي 01-21-2011 11:19 PM

حبيبي الاستاذ عبده

امتعتني

شكرا لك على هذا الجهد الطيب والثمين

لك من القلب التحية
كن بخير

عبده فايز الزبيدي 08-27-2011 10:16 PM

في ليالي رمضان تقنت ُ الأئمة بدعاء شهير و مبارك و فيه: (اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحولُ به بيننا و بين معاصيك.........)
قال أبو منصور الثعالبي في فقه اللغة تحت فصْل (( إضافةِ الشيء إلي الله جلَّ و عَلاَ ))
:
(( العربُ تُضيفُ بَعْضَ الأشياء إلي الله عزَّ ذكره , و إن كانت كلها له. فتقول : بيتُ اللهِ , و ظلِّ الله , و ناقةُ الله ؛ قال الجاحظُ: كلُّ شيءٍ أضافه الله إلي نفسه ، فقد عظم شأنه , و فخَّمَ أمره . و قد فعل ذلك بالنَّار (نارُ اللهِ المُوقَدَة) . و يروى أنَّ النَّبي صلى الله عليه و سلم, قال لعٌتيبة بن أبي لهب : (( اَكَلَكَ كَلْبُ اللهِ ) . فأكلهُ الأسد . ففي هذا الخبر فائدتان: إحداهما أنه ثَبَت بذلك أنَ الأسد كلبٌ ، و الثانية: أن لا يُضاف إليه إلاَّ العظيمُ مِنْ الأشياء ، في الخيرِ و الشَّرِ . أمَّا الخيرُ فكقَولهم: أرضُ اللهِ ، و خليلُ اللهِ ، و زوَّارُ اللهِ، و أمَّا الشَّرُ ، فكقولهم: دعْهُ في لعنةِ اللهِ ، و سُخطه ، و أليمِ عَذَابِهِ ، و إلي نَارِ اللهِ و حرَّ سقرهِ.))

و نفهم مما سبق أن قول الداعي في قنوته (ما تحول به بيننا و بين معاصيك)
إضافة المعاصي لله لتهويل أمر المعصية و خطرها على العاصي حين يستحضر قدرة و سطوة من يعصاه.
و الله أعلم

ماجد جابر 08-28-2011 12:27 AM

تحيّاتي
أشكرك أستاذنا القدير عبدة فايز الزبيدي على هذه الصفحة اللغوية الدينية الماتعة ، وألفاظك العذبة الجميلة كمنطقك العذب ومرورك العبق.
بوركت ، وبورك اليراع.

عبده فايز الزبيدي 11-06-2011 10:04 AM

أخي الحبيب
و أديبنا الجميل
ماجد جابر
وركت و بوركت الأنفاس و المداد
و عيدكم مبارك.

عبده فايز الزبيدي 11-06-2011 10:23 AM

لا يزال رجل الشارع يدهشني بعميق ارتباطه بعتيق التراث
فهو و إن لم يُصنف في ركب المثقفين إلا أنه يسير في طريق موازٍ
لهم و ينشر كنوزه في عفوية تضمن له أكثر من المتخصصين الوصول
إلي كلِّ جيل دون عناءِ كتابة أو تكاليف دور النشر.
و من هذا ما نسمعه يتردد على ألسنة العامة من حكمٍ و أمثالٍ و تعابير
يستهجنها المتأدبون و يترفعون عن ذكرها في مجالسهم ناهيك عن تحليلها في دراساتهم
رغم أصالة ما يستهجنون و جليل ما سيتخفون
و لعلَّ الله أن يلهمني و يوفقني لدراسة هذه الظاهرة.
فمثلاً:
تقول العامة في باب الوعيد: (سأريك النجوم في عزَّ النهار)
و هذا القول سحيق القدم
و لعلَّ الشاهد الذي بين يدي ليس هو أقدمها و لكن هو ما وجدته إلي اليوم،
قول الفرزدق رحمه الله تعالى في قصيدةٍ مطلعها:

سمونا الي نجرانَ
* اليماني وأهلِه= ونجران أرض لم تديَّثْ مَقاولُه
إلي أن يقول:
إذا فزعوا هزّوا لواء (ابنحابسٍ) =و نادوا كريماً خِيمه و شمائله
سعى بتِراتٍ للعشيرة أدركتْ = حفيظة ذي فضلٍ على من يفاضلُه
فأدركها و ازداد مجداً و رفعةً= و خيراً، و أحظى النّاسِ بالخير فاعلُه
أرى أهل نجران الكواكب بالضحى =و أدرك فيهم كلَّ وِترٍ يحاوله
فقوله:
أرى أهل نجران الكواكب بالضحى
هو كمثل قولنا (سأريك النَّجوم في وضح النَّهار)

_________________________
نجران: مدينة تأريخية ، و شهيرة بالمملكة العربية السعودية ، حدثت بها قصة أصحاب الأخدود التي حدثنا عنها الله القرآن الكريم في سورة البروج.

عبده فايز الزبيدي 04-21-2012 07:21 PM

العروض و مسألة لُغوية(1):
لا يصح _عندي - تسمية حامل القلم بالأديب ما لم يكن ملماً بكلِّ فنون الأدب العربي ، فاللغة العربية كالشجرة يتفرع منها أفنان هي النحو و الصرف و البلاغة و العروض و لكي نفهم الجزء لا بد من النظر في الكلِّ , و قد تشكل على المتخصص في فننٍ مسألةٌ فإن كان محيطاً بسائر الفروع الأخرى فغالباً ما يجدُ الضالة المنشودة .
وعلم العروض هو علمٌ هامٌ ليس لكاتب الشعر بل و لناقده و المستدل به: من جهة الموسيقى و من جهة المعنى ، و سأدلل على ما أقول بهذه الحادثة التي أوردها صاحب لسان العرب في الجزء الأول تحت (أثر):
(... فأمَّا ما أنشدَه ابن الأعرابي من قوله:
فإنِّي إن أقَعْ بك أُهَلِّكْ، =كَوَقع السِّيْفِ ذي الأَثَرِ الفِرِنْدِ
فإن ثَعْلَبَاً قالَ: إنَّمَا أرادَ ذي الأَثْرِ فحركه للضرورة ؛ قال ابن سيده : و لا ضرورةهُنا عندي لأنه لوْ قال ذيْ الأَثْر فسكنَهُ على أصْلِهِ لصار مفاعلَتُن إلي مفاعيلن و هذا لا يكسرُ البيتَ ، لكن الشَّاعرَ إنَّما أرادَ توفية الجزء فحرك لذلك ...)
ا.هـ
قلتُ:
هذا من الوافر
و من صوره: مفاعلَتن مفاعلَتن فعولن=مفاعلَتن مفاعلَتن فعولن
و يجوز في حشوه العصب و هو تسيكن الخامس المتحرك مِنْ مفاعلتن فتصبح به ( مفاعلَتُنْ) (مفاعلْـتُنْ) و تشتهر بـ (مفاعيلن)
و بمعرفة هذا الأديب بفن العروض بَرَّأَ الشاعرَ من التجاوز في اللغة بجائز الزحافات في العروض.

عبده فايز الزبيدي 08-29-2012 11:50 PM

العروض و مسألة لغوية ( 2):
كتب الأستاذ / محمد جاد الزغبي قصيدة في منتديات منابر ثقافية جاء فيها :


أنا من خرجت إلى الفداء مجاهدا
بالدَّمِّ .. أدفع عنك كل مواتِ

فنبه الأستاذ / عبدالغفار الدروبي الحفيد الشاعر إلي ترك تشديد ميم (الدّم) ، فقلت مشاركاً
وتشديد ميم (دم) ضرورة تشابه في كثرة الحديث حولها نظيرتها في (فم )

و الذي قاله الأستاذ عبد الغفار الحفيد هو الصحيح المشهور بل الأصل، و ما جاء به الأستاذ / محمد جاد يجوز في الشعر على الضرورة و له شاهده
فقد ذكر صاحب اللسان هذه المسألة تحت باب (دمى)

( ... قال الكسائي : لا أعرفُ أحداً يثَقِّل الدَّمَ ، فأمَّا قول الهذلي:
و تشرق من تهمالها العينُ بالدَّمِّ ...
ثم ذكر اعتراض ابن سيده بعده بقليل:
( ... قال ابن سيده : و لا يجوزُ لأحدٍ أن يقولَ أنَّ الهُذليَّ إنَّما قال بالدَّمِ ، بالتخفيف ، لأن القصيدة من الضرب الأول* من الطويل و أوَّلُها:
أرقتُ لهمٍّ ضافني بعدَ هجعةٍ = على خالدٍ ، فالعينُ دائمة السَّجْمِ

فقوله: مةُ السَّجْم مفاعيلن ، و قوله :نُ بالدَّمِّ مفاعيلن
و لو قال قال:نُ بالدَّمِ لجاء مفاعلُن و هو لا يجيء مع مفاعيلن ...)

فكان لاستشهاد ابن سيده بالعروض دليلٌ لا يقبل الرد بكون الشاعر أراد تشديد ميم (الدَّم) .
_

عبده فايز الزبيدي 08-29-2012 11:51 PM

العروض و مسألة نحوية
جاء في قصيدة مطلعها (نحنُ الكرام فلا حيٌّ يعادلنا)
لسيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه شاعر الرسول صلى الله عليه و سلم هذا البيت:
إنَّ أَبَيْنَا و لمْ يأَبَى لَنَا أحدٌ = إنَّا كذلكَ عنْدَ الفَخْرِ نَرْتفعُ
قال شارح الديوان الدكتور/ عبدالرحمن البرقوقي:
قوله (و لمْ يأبى: هي و لم يأبَ ، و لكنها ضرورة.)
قلتُ: كما قال الدكتور البرقوقي أن الفعل يأبَ مجزوم و علامة جزمه حذف حرف العلة و الفتحة دليل على المحذوف ........ و لا خلاف و إنما الخلاف هل هناك ضرورة لإبقاء حرف العلة في كتابة البيت؟
الجواب:
إثبات محقق و ضابط الديوان لحرف العلة مع دخول أداة الجزم على الفعل المعتل مرده استحسانه ورود مستفعلن الثانية سليمة _ و إن لم يذكر ذلك_ و هنا سيقف المتأمل بين النحو و العروض إمَّا أن ينتصر للعروض على حساب النحو و إمَّا العكس ....... و رأي أن النحو مقدمٌ على العروض في إنشاد و كتابة الشعر إلا في حالة واحدة و هي إختلال الوزن فيجوز للشاعر الذهاب إلي الضرورة حيث لا مندوحة......... و في بيت حسان لا توجد ضرورة قاهرة فمستفعلن في البحر البسيط يجوز خبنها (بحذف الثاني الساكن) فتصبح متفعلن و يجوز طيها (بحذف الرابع الساكن) فتصير مسْتعلن و تنقل إلي مفتعلن و هذا ما يحل مسألة بيت حسان بطي مستفعلن الثانية ليكتب البيت هكذا:
إنَّ أَبَيْنَا و لمْ يأَبَ لَنَا أحدٌ = إنَّا كذلكَ عنْدَ الفَخْرِ نَرْتفعُ
و الله أعلم.

عبده فايز الزبيدي 12-25-2012 06:51 PM

تقول العامة في أمثالها:
(سَمْنُهم في دقيقهم)
و لهذا المثل أصل قديم فقد أورد صاحب اللسان في شأن هذا المثل ما نصه:
(و قولهم: سَمْنُهم في أَديمهم) يعني طَعامهم المأدوم أي خبزهم راجع فيهم .
التهذيب: من أمثالهم : (سمنكم هُريق في أديمكم )أي في مأدومكم و يقال في سقائكم.

قلت: هُريق يعني أريق و العرب تضع الهاء موضع الهمزة أحيانا.

عبده فايز الزبيدي 11-01-2015 09:06 PM

الإكمال و الإتمام :
القرآن هو كلمة ربنا الرحمان معانيه تعجز الحكماء و سبكه يدهش البلغاء و من هذا قوله جلَّ شأنه : ( اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي) ،قال أهل العلم اختار الله (أكملت) للدين ، و (أتممت) للنعمة، لأن الكمال يكون ما كَمُل في الأصل فلا يحتاج لزيادة و لا ينتابه نقص ، و كذلك شرع الله، و الإتمام لما يكون ناقصاً في ذاته و يحتاج للزيادة و ربما اجتاحه النقص و النعم تزيد و تنقص.

عبده فايز الزبيدي 11-01-2015 09:07 PM

تنتشر بين الناس كلمة ( دَوْم )في مثل أن يسألك صديق : كيف الحال؟
فتقول: بخير و لله الحمد.
فيقول لك : دوم .
و يقصد : حالٌ دوم أي تبقى على هذه الحالة دائمة
و لها أصل في اللغة فقد جاء في لسان العرب:

(وظلٌّ دَوْمٌ وماء دَوْمٌ: دائم، وصَفُوهُما بالمصدر.
والدَّأْماءُ: البحر لدَوامِ مائه، وقد قيل: أصله دَوْماء، فإعْلاله على هذا شاذ.
ودامَ البحرُ يَدُومُ: سكن؛ قال أَبو ذؤيب:
فجاء بها ما شِئْتَ من لَطَمِيَّةٍ =، تَدُومُ البحارُ فوقها وتَمُوجُ
ورواه بعضهم: يَدُومُ الفُراتُ، قال: وهذا غلط لأن الدُّرَّ لا يكون في الماء العذب.)
و تخطئة ابن منظور لمن روى البيت : يدوم الفرات ، دليل على حرص العلماء على موافقة النظم
للحقيقة العلمية فالدر لا يوجد في ( الفرات) و هو نهر و ماؤه عذب.
و يتساهل كثير من الشعراء في هذه المسألة فيأتون في نظمه ما يخالف العلم.

عبده فايز الزبيدي 11-01-2015 09:08 PM

نشر الأستاذ / حاتم جديبا في جريدة الجزيرة قصيدة بعنوان تشرد ( إلى عذاب اللاجئين السوريين ) _ في يوم الجمعة 23 - شهر أكتوبر من عام 2015 م _ ورد فيها هذا البيت:

صقيعٌ كأنَّ الريح عبدٌ لرأيه = تؤدبهم بالزمهرير و تسمجُ

و قد شبه الريح المؤنثة بالعبد وهو وصف لمذكرٍ على اعتبار أصل الريح و هو الهواء
و الهواء مذكر.

عبده فايز الزبيدي 11-01-2015 09:08 PM

إن ّو أن ّ:
ورد في كتاب (اللمع في العربية ) لابن جني:
و تكسر إن في كلِّ موضعٍ لو طرحتها مِنهُ لكان ما بعدهَا مرفوعاً بالابتداء ، تقولُ : إنَّ أخاك قائمٌ ، فتكسر إن لأنك لو طرحتها من هُناك لقلت : أخوك قائم.
و تفتح أنَّ في كلِّ موضِعٍ لو طرحتها منه و ما عملت فيه لصلح في موضع ذلك ( ذاكَ) و معنى الكلام المصدر ، تقولُ: بلغني أنَّ زيداً قائمٌ ، فتفتح أنَّ لأنّك لو طرحتها و ما عملتْ فيه لقلتَ : بلغني ذاك ، و معنى الكلام بلغني قيامُ زيد.

عبده فايز الزبيدي 11-01-2015 09:09 PM

يقول الدكتور عبدالله الهدلق :
‏حدثني شيخنا العلامة حمد الجاسر : أنه درّس متعاوناً في كلية آداب جامعة الملك سعود فغضب بعض الدكاترة لأنه ليس دكتوراً ! فتضايق من كلامهم ‏وتأثّر واعتذر عن مواصلة التدريس ، ولذلك كان شيخنا الجاسر يقول: لا تحدّثني عن عامية من لا يقرأ ولا يكتب ؛ حدّثني عن عامية أساتذة الجامعات ! ‏ولعل هذا الموقف من أسباب كتابته - رحمه الله - سلسلة بحوثه المشهورة " الدكاترة والعبث بالتراث " ؛ ورجاه بعض الباحثين أن يغير العنوان ‏فغيّره في آخر هذه البحوث.. وليس المقصود من هذا كله الحطّ من أساتذة الجامعات؛ لا والله، ففيهم مشايخنا وأساتذتنا ، وإنما الكلام على فئة منهم .

عبده فايز الزبيدي 11-01-2015 09:10 PM

كتبت كلمة حول الَّنص و نقده_ في ملتقى رابطة الواحة الثقافية_ و فيه:

النص و الأثفية
النص بين ثلاثة : كاتب و ناقد و أُثْـفِيِّة.
فالكاتب الجاد من يجهد في إتقان نصه ثم يذهب به إلى من يثق في علمه و رأيه كي يستمع منه ما يعينه على تقديم مادة رصينة و جميلة فلا عجب أن عرفنا أن المتنبي كان يعرض نصه على ابن جني و أبا فراس على ابن خلكان .
و الناقد العارف هو كالطبيب الحاذق يعرف صحة و سقم النصوص و يقولُ ما ينفع في الحالين ، و هو المسطرة الأدبية التي يستقيم به خطُ الأدب و بدونه تخبط الأفهام و الأقلام خبط عشواء.
أما الثالث فقد شبهته بالحجر الذي تـُوضع عليه القـِدر (الأثفية) حيث تجده حول كلِّ نار و بجوار كل مستأنس بها لكنه لا يعقل شيئا و إن نطق نطق هجرا فهو يرى النقدَ حقداً و حسدا و تحريضا و ... و مثله لا يستفاد منه فهو عاجز كالحجر ثقيل كثقله.
و نصيحتي لكل محبي الحرف و القلم أن لا يبخلوا بنصح و أن يحتسبوا هذا عند الله من باب قول المصطفى صلى الله عليه و سلم :
(ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ ) قالوا: لِمَن يا رسولَ اللهِ ؟ قال: ( للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولأئمَّةِ المسلِمينَ وعامَّتِهم ) ) حديث صحيح.
و الأدباء من خاصة الناس ، و في رأ ي أن من سكتَ عن زللٍ وقَعَ فيه أخٌ له فقد خانه ، و على الناقد أن يتحملَ النَّاس و أن يصبر على أذاهم فهو يقوم برسالة كبيرة .


الساعة الآن 05:33 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team