تخيلي ..!!
أني تصورتكِ ذات شوق إليكِ بأنك على مقربة مني بجوار حديقتي النائمة , كنتِ تحملين بين ذراعيكِ كرة ثقيلة وذات ضوء باهت , فاقتربتُ منكِ ذاهلا وسألتكِ :
ماهذا الذي تحملينه ؟
قلتِ لي : هذا القمر ..
نظرت إليه وإليك غير مصدق ٍ : أهذا القمر .. ماباله تقزم هكذا .. وأين نوره ؟
قلتِ : لقد هبط من السماء .. وتقلص لأنه مريض ويجب أن أداويه ..
قلتُ ولم أستوعب كلامكِ : مريض .. وهل القمر يمرض يا سيدتي ؟
قلت بإصرار : أجل القمر يمرض مثل كل الكائنات التي خلقها الله ..
ونظرتِ إلي بقهر قائلة : فهل يمكن أن تساعدني على وضعه هناك في تلك الزاوية ؟
قلت : نعم .. أساعدكِ ولما لا ؟
وحملته عنكِ ووضعته حيثُ أشرتِ , وجلستِ أنتِ إلى جانبه تمسحين عليه بكفكِ وتتمتمين بالتلاوات والآيات , حتى قلت لنفسي بأنكِ تعانين من خطب ما ..
حبنها نظرت إلي وقلت باسمة وقلتِ : ليس بي خطب , ولكني أعالج هذا المسكين , فالسماء بدونه مظلمة حالكة , والنجوم تبكي لفقده ..
وما كدتِ تنهين عبارتكِ حتى شع من تحت كفيك نور أحمر امتد إلى كل بقعة بالقمر حتى أضاء وتوهج بنور شديد ..
فهتفتِ فرحة : الحمدلله .. لقد عادت للقمر عافيته .. الآن لابد له من العودة مكانه في السماء ..
ولكن القمر اهتز قليلا وقال : لا سيدتي لن أعود ..
سألتـِه ِ بحزن : لماذا ؟
قال بصوت ضعيف : لم أعـد أقوى على تحمل هذه الأمانة ..
ثم رمى إليكِ بقطعة قماش من الضوء وقال لكِ : اقرئيها ..
فتحتيها تلك القطعة بحذر , واقتربتُ منك بفضول كي أرى ما بها , فإذا يلتمع عليها عبارة : أنتِ الآن قمر السماء الجديد .. فاصعدي إلى هناك كي تنيري الوجود ..
وما هي إلا لحظات حتى رأيتكِ تحلقين إلى السماء وتجلسين على مقعد من نور ..
كنت تضحكين وتشيرين إلى كل مخلوقات الأرض وتهمسين إليهم بأعذب الكلم .. ثم نظرتِ إلي بسعادة ولوحتِ بيدك المضيئة ..
فأيقنتُ حينها أنكِ قمري .. وبدر حياتي
تمت
حسن الحارثي
3/12/ 1431ه