احصائيات

الردود
0

المشاهدات
4142
 
هايل القنطار
من آل منابر ثقافية

هايل القنطار is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
20

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Apr 2013

الاقامة

رقم العضوية
12052
04-19-2013, 06:57 PM
المشاركة 1
04-19-2013, 06:57 PM
المشاركة 1
افتراضي الفروسية العربية، والحروب الرفيعة !
سألتني مقدمة أحد البرامج التلفزيونية ؛ ونحن على الهواء مباشرة، ما الفرق بين الحصان العربي والحصان الأجنبي ؟ فأجبتها: الحصان العربي وفيّ ونبيل كصاحبه ، خذي مثلاً : إذا وقع الفارس عن ظهر الحصان العربي فإن الأخير يقف إلى جانب فارسه حتى يأتي من يسعفه، بينما الحصان الأجنبي قد يرفس فارسه ويذهب مسرعاً. قالت : إذن الفروسية العربية ليست رياضة فحسب، بل هي بالإضافة لذلك مجموعة قيم وسلوكيات رفيعة. قلت: نعم ، فالفارس يجيد ركوب الخيل ويحمي الضعيف ؛ ويلبي نداء المستغيث؛ وينصر المظلوم؛ ويدافع عن كرامة أهله ووطنه. ورغم أن قيم الفروسية متجذرة في تراث العرب منذ جاهليتهم ، حيث اقتضتها ظروف عيشهم القاسية في المناطق الصحراوية، وما نجم عنها من خلافات على مواقع الكلأ . إلا أنها أخذت بعد الإسلام بعداً آخر تمثل في الحاجة إليها لتحقيق فريضة الجهاد. وفي الحالين ؛ كانت بالنسبة للعربي شرطاً لتحصيله مكانة اجتماعية لائقة، فهي تعني المساهمة في توفير العزة والمنعة للقبيلة ، ووسيلة لكسب العيش الكريم لصاحبها.وكان العربي يحرص على إتقان فنونها المادية والمعنوية ويعلمها لأبنائه بما في ذلك إجادة ركوب الخيل والمبارزة؛ وحسن استخدام السلاح. وهذا ما استدعى إكرامه لفرسه بل وتدليلها والإسراع لمداواتها إن مرضت؛ والبعد عن إذلالها. وفي الحديث النبوي الشريف: ( لا تقودوا الخيل بنواصيها فتذلوها) . وكانت للفروسية تقاليد راسخة في الفكر العربي منها: إتقان فن القتال ؛ والرحمة بالأعداء؛ واحترام العبادات ؛ والعفة عند المقدرة؛ وعدم التعرض للنساء. والعربي يهب إلى نجدة قومه إن دعاه داع، فإن وجدهم على ضلال فله أن يعتزل الحرب ويتخلى عنهم ، وعندها يحل وتر قوسه، وينزع سنان رمحه ويعتكف في أهله. وكان من عادتهم بعد الإسلام ؛ المحافظة على أرزاق الخصم ( هنا يختلف الحال عن عاداتهم في الجاهلية حيث الغزوات كانت تستهدف الحصول على الممتلكات المنقولة للخصم !!) .ومن قيم الفروسية العربية معاملة أسرى الحرب بالحسنى ، ويعتبر ذلك منتهى الشهامة ،وكان من المعيب التمثيل بالقتلى . ومن عاداتهم عدم التعرض لعيون الأعداء ( رجال الاستطلاع) كي يرجعوا بحقائق الأمور عن خصومهم! والمألوف أنهم لا يقاتلون أعداءهم وهم يردون الماء، حتى ينتهوا من إرواء رواحلهم. وقد ورد ذكر هذه القيم والمآثر في كتب التراث العربي مفصلة ، ورواها الكتاب الغربيون بخاصة أيام الحروب الصليبية ، من ذلك ما قاله_ ستانلي لان بول_ عن معركة يافا قال: لما شاهد صلاح الدين خصمه ريشارد قلب الأسد راجلاً ، عز عليه أن يقاتله على هذه الحال ( لأن العربي يتوقف عن مقاتلة الخصم إذا وقع عن فرسه ؛ حتى يركب ثانية) . فبعث إليه بفرسين عربيين أصيلين ليستعين بهما في قتاله!! . ويقال أن ريشارد من كثرة ما رآه من شهامة صلاح الدين ، عرض عليه أن يزوجه من أخته على أن يكون المهر عقد صلح بينهما . لكن ذلك لم يتم بسبب رفض قلب الأسد لشروط صلاح الدين ومنها: أن يعترف قلب الأسد بحقوق العرب ومحاسن حضارتهم.
كما شهد ستيفن رينسيمان مؤلف كتاب _ تاريخ الحروب الصليبية_ بالمعاملة الإنسانية التي كان العرب يعاملون بها أسراهم . فقد ذكر أن صلاح الدين تمسكاً منه بتقاليد الفروسية العربية ، وفر الكثير من دماء خصومه الأوربيين . وبلغ الأمر أن عالج كبارهم بنفسه ؛ وفي أحيان كثيرة كان يبعث بأطبائه لمعالجة المرضى منهم في معسكراتهم كما يذكر ذلك المرحوم د. شوكت الشطي في رسالته المعنونة ب( رسالة الحضارة الإسلامية والسلام)، ويضيف مؤلف كتاب تاريخ الحروب الصليبية : أنه وبينما كان الجنود الصليبيون يسفكون دماء ضحاياهم بلا شفقة ، لم تتعرض دار من دور القدس التي فتحها صلاح الدين إلى أي شكل من أشكال النهب ،أو التدمير. ولم يحل بأحد من الأشخاص فيها أي مكروه. يحضرني هنا ما جاء في الجزء السادس من الصفحة الثالثة من كتاب ملوك مصر والقاهرة ، ان جد صلاح الدين هو مروان أحد أحفاد بني أمية ، وفي مكان آخر يرجع المؤلف نسبه إلى نزار بن معد بن عدنان ومهما تكن صحة هذه المعلومة . فإن فيها تذكير لأولئك الذين يوزعون المواطنين العرب إلى فرق وشيع ومذاهب واثنيات ، بأن الحضارة العربية الإسلامية هي حضارة لا عنصرية؛أساسها لم الشمل ؛وتوطيد السلم ؛واجتثاث الفتن؛ وشجب العنف؛ والدعوة إلى المساواة بين البشر . وذلك ما مكن أصحابها من الوصول إلى بواتييه ( فرنسا) غربا ً والصين شرقاً . ولقد كان للمرأة العربية دور في هذه الحضارة، فلم تكن أقل شجاعة من الرجال إذ عملت آسية في المعارك ، تسعف الجرحى بكل ما يتطلبه الموقف من شجاعة ومهنية. وكانت الكثيرات من النسوة يسرن في المعارك إلى جانب الرجال، حاملات الجرار وكل ما تحتاج إليه عمليات الإسعاف من اللفائف والجبائر ، ولمعت أسماء منهن مثل: رفيدة ،وأمينة بنت قيس الغفارية ، وأم عطية الأنصارية ، وكعيبة بنت سعد الأسلمية ، ونسيبة بنت كعب المازنية وغيرهن الكثيرات... وفي مجال متصل يورد الدكتور الشطي في رسالته السالف ذكرها : أن هنري دونان مؤسس الصليب الأحمر يذكر في كتابه – وحشية حضارتنا – أن العرب اتصفوا بنبل المعاملة ,وقدسية العهد ويعطي مثالا ً على ذلك أن السلطان أبا عبد الله ...؟ عقد في القرن الثالث عشر معاهدة صداقة مع الجمهوريات الواقعة على الطرف الشمالي من حوض البحر الأبيض المتوسط .( جنوة وبيزة والبندقية وفلورنسة وصقلية.....الخ ) فقام بتنفيذ وعده كاملاً إذ كان بحارته يحمون السفن التي تمخر عباب المياه العربية ، ويساعدون ركابها وقت الأعاصير . في الوقت الذي كان فيه البحارة الأوربيون ، ينهبون السفن العربية ويأسرون ركابها وأحيانا يتم الإجهاز عليهم . لا شك أن الحال قد تغير في أيامنا هذه فقد أضحى الكثير منهم أكثر إنسانية منا! مع أن بعضهم الأخر ( الحكومات بخاصة) ما زالوا على ما كانوا عليه من الرغبة في نهب خيرات بلادنا وإبقاء شعوبها متخلفة. لكن تبقى الأغلبية معترفة بفضل العرب في نقل قيم الفروسية العربية إلى الغرب، ومنها تعلمهم لأصول وقواعد الحرب الشريفة ، وإن كانوا قد تجاهلوها في أيامنا هذه. صفوة القول أن الفروسية العربية الإسلامية ، أنتجت حضارة إنسانية تساوي بين البشر وتحترم عقائدهم وحقوقهم في السلم والحرب . وهذا ما كان يحرص عليه خلفاء الأمة عندما يعقدون الألوية على أمراء الجيوش فيوصوهم: لا تمثلوا؛ ولا تغدروا؛ ولا تقتلوا طفلاً صغيرا؛ ولا شيخا كبيرا ،ولا امرأة ...... نزهوا الجهاد عن غرض الدنيا ، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.
هايل القنطار



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:04 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.