احصائيات

الردود
25

المشاهدات
2363
 
حسام عبدالباسط
من آل منابر ثقافية

حسام عبدالباسط is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
83

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة

رقم العضوية
16431
06-04-2021, 01:17 AM
المشاركة 1
06-04-2021, 01:17 AM
المشاركة 1
افتراضي تحديق
يراودك يقينٌ أنّ عيونًا تحدّق بكما من وراء النوافذ؛ عبر شوارع المدينة المتّشحة بالسواد.. وتتمنّى لو تغادر دفئها وتنضم إليكما.. رغم أنّكما تبدوان للوهلة الأولى - في تلك الأجواء - كمجنونين أو متشرّدين..
وهي كانت تضحك.. تهمس بكلماتٍ.. تداعب - في نزقٍ طفولي - برك المياه الصغيرة التي كوّنتها أمطارٌ هطلت وقت المغيب, ثم تبتسم وتشيح بوجهها تجاه الليل.. هبّاتٌ من الرياح الباردة المُثقلة بالحكايا والأنفاس تبعثر حروفها وتمنحها معانٍ أخرى.. يصلك الكلام مشوّشًا غريبًا ودون معنى محدّد.. توخزك آلام لوزتان في بدايات الاحتقان, وبقايا كابوس النوم الفائت..
يداك تزحفان داخل جيبيّ معطفك.. تتحسّسان مجموعة أشياء غافلتك وانسلّت إلى جيبك.. أوراقٌ ماليةٌ مبعثرة.. تذكرة قطار.. جواز سفرٍ استلمته صباح اليوم ولم تبح بأمره لأحد.. عدة مفاتيح لم تعد تعرف لأي أقفالٍ تنتمي.. ورقة مدوّنٌ عليها كلماتٌ؛ كانت تبدو منطقية ولها معنى لحظة كتابتها..
قال لك رئيس الوردية منذ أسبوعين إن اليوم هو آخر أيام عملك في المصنع.. قال – متصنّعًا الأسى - إن الإنتاج يتراكم ولا أحد يشتري ولا بد من تخفيض النفقات.. قال – متظاهرًا بالجدّية - إن الحال واقف في العالم كله ولا بد من إجراءاتٍ لوقف الخسائر.. قال إنه يأسف وإنه يتمنى لك حظًا سعيدًا..
الصمت ينسج عشًّا فوق وجهك.. تكملان السير وسط الطريق المبتل غير مبالين بعرباتٍ قليلةٍ تمر مسرعةً ومعتمةً لا يبين ما بداخلها.. تحدّق في الأخيلة السوداء التي تتحرّك عبر الأضواء المعتلّة المنبعثة من النوافذ..
أجسادٌ ترتجف.. أبوابٌ تغلق.. ثمّة جدال.. أصواتٌ تحاول ألاّ تعلو أكثر.. دموعٌ سوداء تنحدر عبر وجنتين ناعمتين.. نوافذ لها صريرٌ يشبه النحيب.. جسدٌ نحيلٌ متصلّب يتأرجح على كرسيٍّ هزّاز.. يدان معروقتان تلوذان بفنجان شاي ساخن.. دخّان سيجارة.. نشرة إخبارية..
تنتبه فجأة إلى أنّها تحكي.. لا تدرك إلا آخر الحكاية.. ترمق البحيرات الصغيرة التي تناثرت في عتمتها حبّات نورٍ مجهولة المصدر.. تحاول أن تُعمِل خيالك وتعلّق بكلماتٍ قليلة كأنّك أُحطتّ علمًا بأول الحكاية..
قالت لك أمها في هدوءٍ غير معتاد إن الخطبة قد طالت أكثر من اللازم.. زمّت شفتيها وقالت إن هذا لم يكن اتفاقنا من البداية.. رشفت من الشاي الجاثم أمامها, ثم رفعت حاجبيها وقالت كلامًا لم تتبيّنه.. ثم قالت كلامًا لم تكترث به.. ثم قالت كلامًا لم تفهم منه شيئًا..
جواز السفر له ملمس ثعبانٍ وضعته بكامل إرادتك داخل جيبك.. تُخرج يدك وتضغط على كفّها المدسوس في قفّازٍ جلدي متقشّر, تبحث عن صورتك في مرآة عينيها اللتين هرب لونهما.. تقترب منها أكثر.. تسيران ملتصقين وكأنّكما على شفا التوحّد.. ترفع رأسك للسماء.. يجتاحك ما يشبه البكاء.. وما يشبه الخوف.. وما يشبه الحنين لذكرى ضالّة..
عبر النوافذ تموت أضواء وتنبعث أخرى.. بيضاء وصفراء.. شاحبة ومراوغة..
خيالٌ لرأسٍ نادمٍ يقبّل جبينًا مُطرقًا.. مشطٌ عاجي.. أدوات زينة.. زجاجات عطور.. صفحةٌ مصفرةٌ تُطوى برفقٍ وكتابٌ قديمٌ يُغلق.. جسدٌ أنثويٌ يرقص بهمّةٍ على إيقاعٍ مجهول.. أصابع تنحدر على الزجاج البارد باستغاثة صامتة.. ستائر سوداء تنسدل.. رنين هاتفٍ مفاجئ.. بقايا حلمٍ منفلت..
ترتجف وتشعر كأن جواز السفر يزحف داخل جيبك.. وكأن له صارت أنياب, ويهم بلدغك..
من حولك تتأرجح أوراق شجرٍ سقطت للتو.. رنينٌ مكتومٌ لعملةٍ معدنيةٍ تسقط أخيرًا عبر ثقبٍ منسيٍّ في جيب بنطالك.. أشباحٌ بيضاء ترقص خلال الظلمة الكثيفة, تطاردها صفارة دوريّة شرطة بعيدة تأتي متقطّعة عبر الريح والأوحال..
قال صاحبك إن هناك فرصة في إحدى دول الخليج.. قال - وأشاح بيده في حماس - إن الراتب سيزيد مع مرور الوقت, وأنت وهمّتك.. قال – وقطّب جبينه - إنه سيتعين عليك دفع مبلغ وقدره لزوم مصاريف مكتب السفر ورسوم الفيزا وخلافه..
تجد نفسك أمام منزلها, تودّعها بابتسامةٍ لا تعرف كيف رَسَمَت نفسها على وجهك.. هي لم تفقد ابتسامتها بعد.. تعتذر لشرود ذهنك وتتعلّل بالريح والعتمةٍ والضغوط المعتادة..
تعطيها ظهرك مغادرًا ويجتاحك سؤال؛ أي لونٍ كان لعينيها؟!..
بيتك ليس ببعيد.. والنوافذ عيونٌ مُتعبة تحدّق بك في إصرارٍ, وتبادلك التلصّص..
ثمّة من يسعل بإلحاح.. حبوب دواءٍ تنفرط على أرضية رخامية.. كوبٌ زجاجيٌ يتهشّم..
-"الولد ساخن, يلزم طبيب"..
-"طبيب؟!... في هذا الوقت والطّقس؟!"..
رياحٌ باردةٌ مفاجئةٌ تضرب نافذةً منسيّة.. خفافيشٌ تحلّق في سماء غرفةٍ مهجورة.. أنينٌ مكتومٌ له رائحة الفجيعة, ورائحة النبوءة, ورائحة النشوة..

نباح كلبٍ وحيد.. ودقّات حذائك على الأسفلت المبلّل بمزيج الماء والضوء.. وترانيم حشدٍ من فراشات الليل.. أصداءٌ بعيدةٌ لعدة طلقاتٍ نارية.. وهدير آلات المصنع مازال يعربد في أذنيك...
تصل وتدخل حجرتك.. تفتح مصباح السقف وتنسال خيوط الضوء الكابي للمبة سقيمة, شاحبة ومراوغة.. تقبع خلف النافذة.. تستحيل إلى خيالٍ أسود يتحرّك داخل بقعة ضوئية باهتة؛ وعينين بلونٍ ضائع تحدّقان في ظلام الكون..


قديم 06-04-2021, 01:56 PM
المشاركة 2
منى الحريزي
القادم أجمل بإذن الله

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: تحديق
يشتاق المرء أحياناً لقراءة نصوص اِستثنائية ومعبرة
وما أروع ما قرأت هنا

جواز السفر له ملمس ثعبانٍ وضعته بكامل إرادتك داخل جيبك..
هو كذلك ... ما أقسى الغربة وما أمر طعم الفراق

نص ينم عن لغة رزينة حكيمة ومتزنة
وتحديق عميق وجميل برغم المرارة

أهلاً بك كـاتباً وأديباً مبدعاً في قسم القصص
ونأمل أن نقرأ لك المزيد والقادم أجمل إن شاء الله

ودام لك الألق

دعاء سيد الاستغفار
قال رسول الله ﷺ: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت،
أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
)
من قالها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة، ومن قالها حين يصبح فمات من يومه دخل الجنة
قديم 06-05-2021, 12:29 AM
المشاركة 3
ثريا نبوي
المراقب اللغوي العام
الشعراء العرب

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية التميز الألفية الأولى القسم المميز شاعر مميز المشرف المميز 
مجموع الاوسمة: 8

  • موجود
افتراضي رد: تحديق
رائعٌ هذا السردُ القصصيّ الشاعري الثريّ المُعجمِ والبلاغة
مع حبكةٍ جذابةٍ تأسرُ القارئ في قفصها الذهبي حتى آخرِ المُراد
حقيقةً أرى فيها إبداعَ قيودٍ جديدةٍ للتلقي وفتحًا لآفاق
تضعُ القارئ أمام مسؤوليةٍ أخلاقيةٍ تستدعي الإجابةَ على السؤال:
ما هو الحل؟ أو ما هو المخرج من إحدى مصائبِ تداعياتِ الوباء
وأشباهه من مُسبباتِ ما يُسمَّى مجازًا: تقليصُ العمالة أو الاستغناء
وهو في حقيقةِ الأمر بدايةُ القتلِ غير الرحيم بالإلقاء
على قارعةِ البطالة
رِفق كومةٍ من الأمانيّ الذابلة ومثلها الانتماء

تحياتي وأمنياتٌ بدوام الألق

ولأنه إبداعٌ يستحق: لي عودةٌ لتصويبِ بعضِ الهنات

قديم 06-05-2021, 06:07 AM
المشاركة 4
ثريا نبوي
المراقب اللغوي العام
الشعراء العرب

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية التميز الألفية الأولى القسم المميز شاعر مميز المشرف المميز 
مجموع الاوسمة: 8

  • موجود
افتراضي رد: تحديق
تحديق

يراودك يقينٌ أنّ عيونًا تحدّق بكما من وراء النوافذ؛ عبر شوارع المدينة المتّشحة بالسواد.. وتتمنّى لو تغادر دفئها وتنضم إليكما.. رغم أنّكما تبدوان للوهلة الأولى - في تلك الأجواء - كمجنونين أو متشرّدين..
وهي كانت(أما هي فكانت) تضحك.. تهمس بكلماتٍ.. تداعب - في نزقٍ طفولي - برك المياه الصغيرة التي كوّنتها أمطارٌ هطلت وقت المغيب, ثم تبتسم وتشيح بوجهها تجاه الليل.. هبّاتٌ من الرياح الباردة المُثقلة بالحكايا والأنفاس تبعثر حروفها وتمنحها معانٍ (معانيَ) أخرى.. يصلك الكلام مشوّشًا غريبًا ودون معنًى محدّد.. توخزك (تَخِزُكَ) آلام لوزتان (لوزتينِ) في بدايات الاحتقان, وبقايا كابوس النوم الفائت..
يداك تزحفان داخل جيبيّ (جَيبَيْ) معطفك.. تتحسّسان مجموعة أشياء غافلتك وانسلّت إلى جيبك.. أوراقٌ ماليةٌ مبعثرة.. تذكرة قطار.. جواز سفرٍ استلمته صباح اليوم ولم تبُح بأمره لأحد.. عدة مفاتيح لم تعد تعرف لأي أقفالٍ تنتمي.. ورقة مدوّنٌ عليها كلماتٌ؛ كانت تبدو منطقية ولها معنى لحظة كتابتها..
قال لك رئيس الوردية منذ أسبوعين إن اليوم هو آخر أيام عملك في المصنع.. قال – متصنّعًا الأسى - إن الإنتاج يتراكم ولا أحد يشتري ولا بد من تخفيض النفقات.. قال – متظاهرًا بالجدّية - إن الحال واقف (موقوفٌ) في العالم كله ولا بد من إجراءاتٍ لوقف الخسائر.. قال إنه يأسف وإنه يتمنى لك حظًا سعيدًا..
الصمت ينسج عشًّا فوق وجهك.. تكملان السير وسط الطريق المبتل غيرَ مبالين (مُباليينِ) بعرباتٍ قليلةٍ تمر مسرعةً ومعتمةً لا يَبين ما بداخلها.. تحدّق في الأخيلة السوداء التي تتحرّك عبر الأضواء المعتلّة المنبعثة من النوافذ..
أجسادٌ ترتجف.. أبوابٌ تغلق.. ثمّة جدال.. أصواتٌ تحاول ألاّ (ألّا) تعلو أكثر.. دموعٌ سوداء تنحدر عبر(على) وجنتين ناعمتين.. نوافذ (أبواب)؟ لها صريرٌ يشبه النحيب.. جسدٌ نحيلٌ متصلّب يتأرجح على كرسيٍّ هزّاز.. يدان معروقتان تلوذان بفنجان شاي ساخن.. دخّان (دُخَانُ) سيجارة.. نشرة إخبارية..
تنتبه فجأة إلى أنّها تحكي.. لا تدرك إلا آخر الحكاية.. ترمق البحيرات الصغيرة التي تناثرت في عتمتها حبّات نورٍ مجهولةُ المصدر.. تحاول أن تُعمِل خيالك وتعلّق بكلماتٍ قليلة كأنّك أُحطتّ علمًا بأول الحكاية..
قالت لك أمها في هدوءٍ غير معتاد إن الخطبة قد طالت أكثر من اللازم.. زمّت شفتيها وقالت إن هذا لم يكن اتفاقنا من البداية.. رشفتْ من الشاي الجاثم أمامها, ثم رفعت حاجبيها وقالت كلامًا لم تتبيّنه.. ثم قالت كلامًا لم تكترث به.. ثم قالت كلامًا لم تفهم منه شيئًا..
جواز السفر له ملمس ثعبانٍ وضعتَه بكامل إرادتك داخل جيبك.. تُخرج يدك وتضغط على كفّها المدسوس في قفّازٍ جلدي متقشّر (مُقَشَّر), تبحث عن صورتك في مرآة عينيها اللتين هرب لونهما.. تقترب منها أكثر.. تسيران ملتصقين وكأنّكما على شفا التوحّد.. ترفع رأسك للسماء.. يجتاحك ما يشبه البكاء.. وما يشبه الخوف.. وما يشبه الحنين لذكرى ضالّة..
عبر النوافذ تموت أضواء وتنبعث أخرى.. بيضاء وصفراء.. شاحبة ومراوغة..
خيالٌ لرأسٍ نادمٍ يقبّل جبينًا مُطرقًا.. مشطٌ عاجي.. أدوات زينة.. زجاجات عطور.. صفحةٌ مصفرةٌ تُطوى برفقٍ وكتابٌ قديمٌ يُغلق.. جسدٌ أنثويٌ يرقص بهمّةٍ على إيقاعٍ مجهول.. أصابع تنحدر على الزجاج البارد باستغاثة صامتة.. ستائر سوداء تنسدل.. رنين هاتفٍ مفاجئ.. بقايا حلمٍ منفلت..
ترتجف وتشعر كأن جواز السفر يزحف داخل جيبك.. وكأن له صارت أنياب, (وكأنه قد صارت له أنياب) ويَهمُّ بلدغك..
من حولك تتأرجح أوراق شجرٍ سقطت للتو.. رنينٌ مكتومٌ لعملةٍ معدنيةٍ تسقط أخيرًا عبر ثقبٍ منسيٍّ في جيب بنطالك.. أشباحٌ بيضاء ترقص خلال الظلمة الكثيفة, تطاردها صفارة دوريّة شرطة بعيدة تأتي متقطّعة عبر الريح والأوحال..
قال صاحبك إن هناك فرصة في إحدى دول الخليج.. قال - وأشاح بيده في حماس - إن الراتب سيزيد مع مرور الوقت, وأنت وهمّتك.. قال – و(قد) قطّب جبينه - إنه سيتعيّن عليك دفع مبلغ وقدره لزوم مصاريف مكتب السفر ورسوم الفيزا وخلافه..
تجد نفسك أمام منزلها, تودّعها بابتسامةٍ لا تعرف كيف رَسَمَت نفسها على وجهك.. هي لم تفقد ابتسامتها بعد.. تعتذر لشرود ذهنك وتتعلّل بالريح والعتمةٍ /ةِ والضغوط المعتادة..
تعطيها ظهرك مغادرًا ويجتاحك سؤال؛ أي لونٍ كان لعينيها؟!..
بيتك ليس ببعيد.. والنوافذ عيونٌ مُتعبة تحدّق بك في إصرارٍ, وتبادلك التلصّص..
ثمّة من يسعل بإلحاح.. حبوب دواءٍ تنفرط على أرضية رخامية.. كوبٌ زجاجيٌ يتهشّم..
-"الولد ساخن, يلزم (لا بدّ من) طبيب"..
-"طبيب؟!... في هذا الوقت والطّقس؟!"..
رياحٌ باردةٌ مفاجئةٌ تضرب نافذةً منسيّة.. خفافيشٌ (خفافيشُ)تحلّق في سماء غرفةٍ مهجورة.. أنينٌ مكتومٌ له رائحة الفجيعة, ورائحة النبوءة, ورائحة النشوة..
نباح كلبٍ وحيد.. ودقّات حذائك على الأسفلت المبلّل بمزيج الماء والضوء.. وترانيم حشدٍ من فراشات الليل.. أصداءٌ بعيدةٌ لعدة طلقاتٍ نارية.. وهدير آلات المصنع مازال يعربد في أذنيك...
تصل وتدخل حجرتك.. تفتح مصباح السقف وتنسال (فتنسالُ) خيوط الضوء الكابي (الكئيب)؟ للمبة سقيمة, شاحبة ومراوغة.. تقبع خلف النافذة.. تستحيل إلى خيالٍ أسود يتحرّك داخل بقعة ضوئية باهتة؛ وعينين بلونٍ ضائع تحدّقان في ظلام الكون..

قديم 06-05-2021, 06:17 AM
المشاركة 5
ثريا نبوي
المراقب اللغوي العام
الشعراء العرب

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية التميز الألفية الأولى القسم المميز شاعر مميز المشرف المميز 
مجموع الاوسمة: 8

  • موجود
افتراضي رد: تحديق
وفيتُ بوعدي لأنني وجدتُ مُستوى الاهتمام بالنحوِ والتشكيلِ عاليًا
يستحقُّ استكمالَ الجمال
وهذا تنويهٌ إلى الأهم:
لا نحذِفُ ياء الاسم المنقوص مع النصب/ في الرفع والجرّ فقط (معانيَ)
"إنَّا أرسلناكَ شاهدًا ومُبشِّرًا ونذيرا و(داعيًا) إلى اللهِ بإذنِهِ وسِراجًا مُنيرا"
وقولِ المُتنبّي (هاجيًا) كافورَ الإخشيديّ:
كَفَى بِكَ داءً أنْ ترى الموتَ (شافيا) ** وحَسبُ المنايا أنْ يَكُنَّ (أمانيا)

جيبَيْ معطفك/ الشدة على ياء المثنى عند الإضافة، خطأٌ شائع أيضًا

الممنوع من الصرف على وزن مفاعل أو مفاعيل (خفافيش) لا يُنوّن

الترقيمُ المُستخدم أجنبي؛ نستعملُ العلامات العربية
تركته لك لِتُغيّرهُ مشكورًا
تحياتي وإعجابي

قديم 06-05-2021, 11:40 AM
المشاركة 6
حسام عبدالباسط
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: تحديق
يشتاق المرء أحياناً لقراءة نصوص اِستثنائية ومعبرة
وما أروع ما قرأت هنا

جواز السفر له ملمس ثعبانٍ وضعته بكامل إرادتك داخل جيبك..
هو كذلك ... ما أقسى الغربة وما أمر طعم الفراق

نص ينم عن لغة رزينة حكيمة ومتزنة
وتحديق عميق وجميل برغم المرارة

أهلاً بك كـاتباً وأديباً مبدعاً في قسم القصص
ونأمل أن نقرأ لك المزيد والقادم أجمل إن شاء الله

ودام لك الألق
أشكرك على التفاعل والكلام الجميل..
تحياتي وتقديري..
دمتِ بألف خير..

قديم 06-05-2021, 05:17 PM
المشاركة 7
حسام عبدالباسط
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: تحديق
رائعٌ هذا السردُ القصصيّ الشاعري الثريّ المُعجمِ والبلاغة
مع حبكةٍ جذابةٍ تأسرُ القارئ في قفصها الذهبي حتى آخرِ المُراد
حقيقةً أرى فيها إبداعَ قيودٍ جديدةٍ للتلقي وفتحًا لآفاق
تضعُ القارئ أمام مسؤوليةٍ أخلاقيةٍ تستدعي الإجابةَ على السؤال:
ما هو الحل؟ أو ما هو المخرج من إحدى مصائبِ تداعياتِ الوباء
وأشباهه من مُسبباتِ ما يُسمَّى مجازًا: تقليصُ العمالة أو الاستغناء
وهو في حقيقةِ الأمر بدايةُ القتلِ غير الرحيم بالإلقاء
على قارعةِ البطالة
رِفق كومةٍ من الأمانيّ الذابلة ومثلها الانتماء

تحياتي وأمنياتٌ بدوام الألق

ولأنه إبداعٌ يستحق: لي عودةٌ لتصويبِ بعضِ الهنات
جزيل الشكر والتقدير على القراءة والتعليق الجميل..
في الحقيقة النص تمت كتابته قبل الوباء.. لكنه -لحسن حظي وسوء حظ العالم- أصاب شيئًا في الواقع المتجدد والراكد القديم في آن..

قديم 06-05-2021, 05:40 PM
المشاركة 8
حسام عبدالباسط
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: تحديق
تحديق

يراودك يقينٌ أنّ عيونًا تحدّق بكما من وراء النوافذ؛ عبر شوارع المدينة المتّشحة بالسواد.. وتتمنّى لو تغادر دفئها وتنضم إليكما.. رغم أنّكما تبدوان للوهلة الأولى - في تلك الأجواء - كمجنونين أو متشرّدين..
وهي كانت(أما هي فكانت) تضحك.. تهمس بكلماتٍ.. تداعب - في نزقٍ طفولي - برك المياه الصغيرة التي كوّنتها أمطارٌ هطلت وقت المغيب, ثم تبتسم وتشيح بوجهها تجاه الليل.. هبّاتٌ من الرياح الباردة المُثقلة بالحكايا والأنفاس تبعثر حروفها وتمنحها معانٍ (معانيَ) أخرى.. يصلك الكلام مشوّشًا غريبًا ودون معنًى محدّد.. توخزك (تَخِزُكَ) آلام لوزتان (لوزتينِ) في بدايات الاحتقان, وبقايا كابوس النوم الفائت..
يداك تزحفان داخل جيبيّ (جَيبَيْ) معطفك.. تتحسّسان مجموعة أشياء غافلتك وانسلّت إلى جيبك.. أوراقٌ ماليةٌ مبعثرة.. تذكرة قطار.. جواز سفرٍ استلمته صباح اليوم ولم تبُح بأمره لأحد.. عدة مفاتيح لم تعد تعرف لأي أقفالٍ تنتمي.. ورقة مدوّنٌ عليها كلماتٌ؛ كانت تبدو منطقية ولها معنى لحظة كتابتها..
قال لك رئيس الوردية منذ أسبوعين إن اليوم هو آخر أيام عملك في المصنع.. قال – متصنّعًا الأسى - إن الإنتاج يتراكم ولا أحد يشتري ولا بد من تخفيض النفقات.. قال – متظاهرًا بالجدّية - إن الحال واقف (موقوفٌ) في العالم كله ولا بد من إجراءاتٍ لوقف الخسائر.. قال إنه يأسف وإنه يتمنى لك حظًا سعيدًا..
الصمت ينسج عشًّا فوق وجهك.. تكملان السير وسط الطريق المبتل غيرَ مبالين (مُباليينِ) بعرباتٍ قليلةٍ تمر مسرعةً ومعتمةً لا يَبين ما بداخلها.. تحدّق في الأخيلة السوداء التي تتحرّك عبر الأضواء المعتلّة المنبعثة من النوافذ..
أجسادٌ ترتجف.. أبوابٌ تغلق.. ثمّة جدال.. أصواتٌ تحاول ألاّ (ألّا) تعلو أكثر.. دموعٌ سوداء تنحدر عبر(على) وجنتين ناعمتين.. نوافذ (أبواب)؟ لها صريرٌ يشبه النحيب.. جسدٌ نحيلٌ متصلّب يتأرجح على كرسيٍّ هزّاز.. يدان معروقتان تلوذان بفنجان شاي ساخن.. دخّان (دُخَانُ) سيجارة.. نشرة إخبارية..
تنتبه فجأة إلى أنّها تحكي.. لا تدرك إلا آخر الحكاية.. ترمق البحيرات الصغيرة التي تناثرت في عتمتها حبّات نورٍ مجهولةُ المصدر.. تحاول أن تُعمِل خيالك وتعلّق بكلماتٍ قليلة كأنّك أُحطتّ علمًا بأول الحكاية..
قالت لك أمها في هدوءٍ غير معتاد إن الخطبة قد طالت أكثر من اللازم.. زمّت شفتيها وقالت إن هذا لم يكن اتفاقنا من البداية.. رشفتْ من الشاي الجاثم أمامها, ثم رفعت حاجبيها وقالت كلامًا لم تتبيّنه.. ثم قالت كلامًا لم تكترث به.. ثم قالت كلامًا لم تفهم منه شيئًا..
جواز السفر له ملمس ثعبانٍ وضعتَه بكامل إرادتك داخل جيبك.. تُخرج يدك وتضغط على كفّها المدسوس في قفّازٍ جلدي متقشّر (مُقَشَّر), تبحث عن صورتك في مرآة عينيها اللتين هرب لونهما.. تقترب منها أكثر.. تسيران ملتصقين وكأنّكما على شفا التوحّد.. ترفع رأسك للسماء.. يجتاحك ما يشبه البكاء.. وما يشبه الخوف.. وما يشبه الحنين لذكرى ضالّة..
عبر النوافذ تموت أضواء وتنبعث أخرى.. بيضاء وصفراء.. شاحبة ومراوغة..
خيالٌ لرأسٍ نادمٍ يقبّل جبينًا مُطرقًا.. مشطٌ عاجي.. أدوات زينة.. زجاجات عطور.. صفحةٌ مصفرةٌ تُطوى برفقٍ وكتابٌ قديمٌ يُغلق.. جسدٌ أنثويٌ يرقص بهمّةٍ على إيقاعٍ مجهول.. أصابع تنحدر على الزجاج البارد باستغاثة صامتة.. ستائر سوداء تنسدل.. رنين هاتفٍ مفاجئ.. بقايا حلمٍ منفلت..
ترتجف وتشعر كأن جواز السفر يزحف داخل جيبك.. وكأن له صارت أنياب, (وكأنه قد صارت له أنياب) ويَهمُّ بلدغك..
من حولك تتأرجح أوراق شجرٍ سقطت للتو.. رنينٌ مكتومٌ لعملةٍ معدنيةٍ تسقط أخيرًا عبر ثقبٍ منسيٍّ في جيب بنطالك.. أشباحٌ بيضاء ترقص خلال الظلمة الكثيفة, تطاردها صفارة دوريّة شرطة بعيدة تأتي متقطّعة عبر الريح والأوحال..
قال صاحبك إن هناك فرصة في إحدى دول الخليج.. قال - وأشاح بيده في حماس - إن الراتب سيزيد مع مرور الوقت, وأنت وهمّتك.. قال – و(قد) قطّب جبينه - إنه سيتعيّن عليك دفع مبلغ وقدره لزوم مصاريف مكتب السفر ورسوم الفيزا وخلافه..
تجد نفسك أمام منزلها, تودّعها بابتسامةٍ لا تعرف كيف رَسَمَت نفسها على وجهك.. هي لم تفقد ابتسامتها بعد.. تعتذر لشرود ذهنك وتتعلّل بالريح والعتمةٍ /ةِ والضغوط المعتادة..
تعطيها ظهرك مغادرًا ويجتاحك سؤال؛ أي لونٍ كان لعينيها؟!..
بيتك ليس ببعيد.. والنوافذ عيونٌ مُتعبة تحدّق بك في إصرارٍ, وتبادلك التلصّص..
ثمّة من يسعل بإلحاح.. حبوب دواءٍ تنفرط على أرضية رخامية.. كوبٌ زجاجيٌ يتهشّم..
-"الولد ساخن, يلزم (لا بدّ من) طبيب"..
-"طبيب؟!... في هذا الوقت والطّقس؟!"..
رياحٌ باردةٌ مفاجئةٌ تضرب نافذةً منسيّة.. خفافيشٌ (خفافيشُ)تحلّق في سماء غرفةٍ مهجورة.. أنينٌ مكتومٌ له رائحة الفجيعة, ورائحة النبوءة, ورائحة النشوة..
نباح كلبٍ وحيد.. ودقّات حذائك على الأسفلت المبلّل بمزيج الماء والضوء.. وترانيم حشدٍ من فراشات الليل.. أصداءٌ بعيدةٌ لعدة طلقاتٍ نارية.. وهدير آلات المصنع مازال يعربد في أذنيك...
تصل وتدخل حجرتك.. تفتح مصباح السقف وتنسال (فتنسالُ) خيوط الضوء الكابي (الكئيب)؟ للمبة سقيمة, شاحبة ومراوغة.. تقبع خلف النافذة.. تستحيل إلى خيالٍ أسود يتحرّك داخل بقعة ضوئية باهتة؛ وعينين بلونٍ ضائع تحدّقان في ظلام الكون..
ممتن للمجهود والاهتمام.. أعترف أن لدي قصورًا ومشاكل إعرابية لا بأس بها.. واسمحي لي بالمناوشة والتعليق على بعض ما قمتِ بتصويبه, رغبة مني في الفهم والتعلم..

في الجمل التالية:
وهي كانت(أما هي فكانت)
و يلزم (لا بدّ من) طبيب
و تفتح مصباح السقف وتنسال (فتنسالُ)

هل هناك مشاكل أو أخطاء إعرابية في في تلك الجمل؟ أم هو رأي فني جمالي؟

في جملة:
خيوط الضوء الكابي (الكئيب)؟
كلمة الكابي هنا "من كبا" وأقصد بها الضوء الخامد , ولا أقصد الكئيب..

كل التقدير والاحترام..

قديم 06-05-2021, 06:42 PM
المشاركة 9
محمد أبو الفضل سحبان
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الثالثة الألفية الثانية وسام الإبداع الألفية الأولى المشرف المميز الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 7

  • غير موجود
افتراضي رد: تحديق
نص واقعي مترف باللغة ،والسرد رائع وبليغ من غير تطويل ممل وهو على درجة عالية من التوتر وهو أمر مطلوب في تصوير واقع مأزوم في كل شيء ...إلا أنه لا يخلو من شيء من التشويش الذي يؤثر سلبا على تركيز القارىء ويوحي ببعض التعقيد وبخلط الأوراق، ولكن ما أن تبدأ بالتفاعل
والتواصل مع النص حتى يتلاشى ذلك الإحساس وتجد نفسك حقا أمام بصمة خاصة في عالم القصة .
مرحبا بك أخي القاص المبدع عبد الباسط وبحرفك الجميل.
شكرا للأستاذة منى على قراءتها السديدة و تقييمها للنص وللأستاذة ثريا نبوي على تحليلها النافذ وعلى ملاحظاتها المعتبرة بخصوص الجانب اللغوي..
تحياتي وتقديري.

قديم 06-05-2021, 07:18 PM
المشاركة 10
حسام عبدالباسط
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: تحديق
وفيتُ بوعدي لأنني وجدتُ مُستوى الاهتمام بالنحوِ والتشكيلِ عاليًا
يستحقُّ استكمالَ الجمال
وهذا تنويهٌ إلى الأهم:
لا نحذِفُ ياء الاسم المنقوص مع النصب/ في الرفع والجرّ فقط (معانيَ)
"إنَّا أرسلناكَ شاهدًا ومُبشِّرًا ونذيرا و(داعيًا) إلى اللهِ بإذنِهِ وسِراجًا مُنيرا"
وقولِ المُتنبّي (هاجيًا) كافورَ الإخشيديّ:
كَفَى بِكَ داءً أنْ ترى الموتَ (شافيا) ** وحَسبُ المنايا أنْ يَكُنَّ (أمانيا)

جيبَيْ معطفك/ الشدة على ياء المثنى عند الإضافة، خطأٌ شائع أيضًا

الممنوع من الصرف على وزن مفاعل أو مفاعيل (خفافيش) لا يُنوّن

الترقيمُ المُستخدم أجنبي؛ نستعملُ العلامات العربية
تركته لك لِتُغيّرهُ مشكورًا
تحياتي وإعجابي
شكر ثالث على النصائح والتوجيهات..
الترقيم المستخدم والمقصود النقطتين بالطبع.. طيب.. لا بد أن أوضح وجهة نظري -التي ربما تكون خاطئة- هاهنا لأن الملاحظة تكررت وأنا بالفعل راغب في الفهم بعد المناقشة..
هناك شيء في النقطتين الأفقيتين لا تعطيني إياه الفاصلة الأثيرة.. الموضوع بالنسبة لي فني بحت.. هي لعبة توازنات فنية.. لا بد أن يكون هناك نوع من أنواع "الهارموني" في النص بين الجمل والتراكيب وعلامات الترقيم.. تبثه بالتزامن مع أجواء القصة -كما في الشعر- الفاصلة والنقطتين والنقطة والواحدة والنقاط المتعددة وطريقة كتابة الجمل نفسها.. من الممكن أن أكتب جملة بمفردها في سطر لغرض فني.. أو أضع الجمل في ذات الفقرة لغرض فني آخر.. كذلك النقاط.. الفاصلة تفيد وقفة قصيرة.. والنقطة تفيد نهاية الجملة.. طيب ماذا تفيد النقطتين الأفقيتين؟ لا أعرف طبعًا لأن النحويين وعلماء اللغة لا يعترفون بها.. الأمر منوط بإحساس ما.. وأنا بالفعل عاجز عن التعبير عنه.. لكن كما قلت في موضوع الجمل فالموضوع مشابه للغاية..

أعتذر عن الثرثرة وعقلي مفتوح لكل النصائح بالطبع..


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:59 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.