احصائيات

الردود
10

المشاهدات
14685
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
10-11-2010, 04:53 PM
المشاركة 1
10-11-2010, 04:53 PM
المشاركة 1
افتراضي مختارات من شعر الراحلة نازك الملائكة

يبقى لنا البحــــــر



وقفنا على البحر تحت الظهيرة طفلين منفعلين

و روحى يسبح عبر مروجك

في نهر عينين مغدقتين

و قلبى يركض خلف سؤالِ

حملت براعمه عطر مرعىً على شفتيك

سؤالك فيه عذوبة ريح الشمالِ

و روعة أغنية سكبتها كمنجات شوق مخبأة في يديك

سؤالك لون سماء على برك و دوالي

سألتَ عن البحر هل تتغير ألوانهُ؟

و هل تتلون أمواجه؟ هل تُرى تتبدل شطآنهُ؟

سألت و عيناك واسعتان اتساع الرؤى

و وجهك نجم نأى

و سفن مضيعة لم تجد مرفأَ

سألتَ و هدبك دهشة طفلِ

و رعشة سنبلة, و تموُّج حقلِ

و كانت يداك شراعين منهمرين

على زورقين

وراء المدى و الرؤى شاردين

و قلتُ, نعم, يا حبيبي

يغيّر ألوانَه البحرُ

تعبر فيه سفائن خضرُ

و تطلع منه مدائن شقرُ

و يشرب حينا دماء الغروبِ

و يصبح حينا بلون الفضاء

يلملم زرقته يا حبيبي

و يحلم, يرنو بعينين شذْريَّتين

سماويّتين

إلى اللانهاية, يأخذ لون الضياء

صباحا و يطفىء كل ثريَّاته في المساء

سألتَ عن البحر, هل تتغير ألوانهُ؟

و هل تتلون أمواجه؟ هل تُرى تتبدل شطآنهُ؟

نعم يا حبيبي

و بحر يلاطم وديان نفسي

و يرحل عبر موانىء لون و شمسِ

و عبر حقول مغيبِ

و يغتسل الغسق القمرىّ بأمواجه و يبلل شَعره

و يلقي إليه سماء و فكرة

نعم يا حبيبي, نعم, و يلون خلجانهُ

نعم و يغير ألوانهُ

فيشرب صفرة شكى و ظنى

و يصبح أزرق في لون لحني

و تبحر في شذر أمواجه أغنياتي و سفني

و يصبح أبيض, تصبح لجته ياسمينة

و يصبح أخضر, مثل اخضرار العيون الحزينة

و مثل زبرجد نهر النهاوند في قعر حزني

سألت عن البحر, هل تتغير ألوانهُ؟

و عيناك بحر ترامى و ضاعت

حدود مداهُ و شطآنُهُ

نعم يا حبيبي, يغير ألوانهُ و يصير بلون الرماد

له كل طعم ليالي السهاد

رمادية كل أسماكه, و رماد

لآليه, إسفنجهُ, أخطبوتاتهُ, و رماد

مدائنه الغارقات القباب

و لون الرماد

جبين غريق طفا و توسّد أمواجهَ الملح, مغمىً عليه

و يبتلع الماء, و الملح عوسجة و رماد على شفتيه

و بحري و بحرك, بحر الرماد

حنون الفؤاد

له قسوة تلثم الجرح, تفرش لين وساد

و بحري و بحرك شاكس جسمَ الغريق الرمادى

أرسل موجته القاسية

لتلطمه, و عروس بحور لتحمله, للرمال النبيذية الناسية

و يرقد من دون وعى على الجرف, مغمىً عليه

و بحر الرماد

يرشرش إغماءه, و الشبابُ الغريق

تغازل خديه, موجة حب, و تغسل جبهته و تريق

عليه المحبة و الملح و الرغو, حينا يغطي الجسد

و حينا يعود, و يرتد عنه, و يتركه لذهول الأبد

و يا من تسائلنى

هل يُغير بحري و بحرك ألوانهُ؟

و مثل الغيوم يلون, يرسم, يالزيت و الفحم شطآنهُ؟

حبيبي لقد كان لي في الطفولة جدُّ

طويل كمثل جدائل شعر ربيع وريف

و كان لجدىَ عمقٌ

و ظلٌّ

و بُعدُ

له عنف عاصفة في خريف

و كان مدىً في بحار مطلسمة لا تُحدُّ

و جدىَ كان قويا كموجة بحر مخيف

و في ذات يوم سرَتْ ألسن النار في بيتنا

مضت تمضغ الباب, تشعل لين الستائر

يدور اللهيب دوائر

يزمجر في شرفات مُنانا

و يضحك من رعبنا

يهدد ان يتوسع, يركض في حينا

و ينذر أن يتغدى خدودا, شفاها, ظفائر

و يغتال حتى شباب البيادر

و أقبل جدىَ مندفعا مثل موجة بحرِ

و أرسل صيحة هول و ذعرِ

تحدّر في عنف إعصار نوء, يسب و يلعن

شتائمه مطر و حنان, شراسته بيت شِعر ملحن

و نجمة فجرِ

و زورق عطرِ

و مدُّ السباب على شفتيه غدير ملون

و أطفأ جدى الحريق, و أنقذ هدبي و شَعرى

حبيبي, و جدىَ قد كان بحرا

يُغيّر ألوانه و تصير محاجر عينيه سودا و خضرا

يبدّل أمواجه, يترامى, يصوغ لآلىء

يُسيل ينابيع, يرسي شواطىء

و يبدع مدّا, و يصنع جذرا

يبعثر عبر ازرقاق الخليج جزائر شقرا

و كانت جرادله و هْى تلعن, كانت قماقم بلسم

تكسّر أسورة النار, عن ساعد لين و ذراع و معصم

و قسوة أمواج بحرىَ صارت أكفا و صدرا

لتحمل جسم الغريق الرمادى تمطره قبلات و زهرا

و ترميه فوق ضفاف السلامة

رفيف جناح حمامة

و تعطيه عمرا جديدا

و تزرع إغماءه حلما و سنابل ذكرى

و برد غمامة

عن اللون و البحر تسألني يا حبيبي

و أنت شراعي

وألوان بحري

و غيبوبة الحلم في مقلتي

و أنت ضباب دروبي

و أنت قلوعي

و أنت ذرى موجتى

و وردة حزني, و عطر شحوبي

عن اللون و البحر تسألني يا حبيبي

و أنت بحاري

و مرجانتي و محاري

و وجهك داري

فخذ زورقي فوق موجة شوق مغلفة, خافية

إلى شاطىء مبهم مستحيل

فلا فيه سهل و لا رابية

إلى غسق قمرىّ المدار

عميق القرار

و ليس له في الظهيرة لونُ

و ليس له في الكثافة غصنُ

و لا فيه هولٌ, و لا فيه أمنُ

هنالك سوف نضيع

و نأكل دفء الشتاء, و نقطف ثلج الربيع

و نغزل صوف الصقيع

هناك لا طول للظل في حلمنا, لا قِصَر

و لا شىء يمكن أن يرتقيه النظر

سوى موجة أغنية تتحدّر عبر جبال القمر

و نضحك, نبكي, و عيناك تعكس لون البَحَر

و يبقى لنا اللون

و البحر

و الأبد المنتظَر
نـــازك الملائـــكة


قديم 10-11-2010, 04:55 PM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
غربـــــــــــــــــــــــــــــــاء



أطفئ الشمعةَ واتركنا غريبَيْنِ هنا

نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا

يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ

يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ

سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا

مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ

غُربَاءْ


اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيرِ

كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعوري

دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا

وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى

أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري

إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى

غرباءْ


مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ

كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ

مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ

خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي

خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ

أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ

غرباءْ


أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ

يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف

أو لا تُبْصرُ? عينانا ذبولٌ وبرودٌ

أوَلا تسمعُ? قلبانا انطفاءٌ وخمودُ

صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ

ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ

غرباءْ


نحن من جاء بنا اليومَ? ومن أين بدأنا

لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين.. فدَعنا

نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا

بعضُ حبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا

آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا

قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا

غُرباءْ
نـــازك الملائـــكة

قديم 10-11-2010, 04:56 PM
المشاركة 3
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أغنية لطفلي -نازك الملائكة




ماما ماما ماما ماما ماماما
براق الحلو اللثغة ينوي النوما
و النوم وراء الربوة هيا حلما
و الحلم له أجنحة ترقة النجما
و النجم له شفة و يحب اللثما
و اللثم سيوقظ طفلي
ماما ماما

بابا بابا بابا بابا بابابا
براق الغافي الساهي يسرق قلبا
و القلب سيمرع ينبت وردا رطبا
و الورد يرش المهد أريجا عذبا
و أريج الورد لعوب يهوى الوثبا
و الوثب سيوقظ طفلي
بابا بابا

دادا دادا دادا دادا دادادا
الحقل مشوق للخضرة لا يهدا
و الخضرة خاوية لا تملك وردا
و الورد إلى الحمرة مرتعش وجدا
والحمرة عند صغيري ثغرا ..خدا
و سيصحي الورد صغيري
دادا ادادا

قديم 10-11-2010, 04:58 PM
المشاركة 4
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مشغول في آذار/نازك الملائكة




مشغول في آذار


ينام الورد أو يصحو
و يبسم في المدى ليل ندٍ أو ينتشي صبح
سواء ذاك أو هذا ، حبيبي ، أنت مشغول
سدىً مني أوتاٌر تصلي و تراتيل
على مكتبك البارد تنكب بلا أحلام
و تسرق روحك الأرقام
و عند رتاجك المسدود ترتد المواويل
و قد أضحك، قد أبكي ، و اسهر في الدجى و أنام
سواءٌ ....أنت مشغول
بأوراقك ، و الحب على المكتب مقتول
ألا فلتسقط الأوراق و الأقلام
و آذار الندي و أنا .....وراء الباب
نرش جبينك الجدي بالاطياب
نرقرق من دواة الحبر بعض تحرق الموج
و ننجي خشب المكتب من بردٍ و من ثلج
و نهديك الندى و العطر كأس شراب
حبيبي فافتح الأبواب
أنا و القمر المشتاق ...جئنا نطرق الشباك
عبرنا الصخر و الأشواك
وودياناً من الآهات و الأوصاب
أتينا هاهنا لنراك
حبيبي فافتح الشباك
و يمضي الوقت و الأبواب ترفضنا
حبيبي المرهق المشغول افتحها فنحن هنا
أنا و الشمس نحمل سمرة النهر
و أكوابا من العطر
و حزمة أنجمٍ و سنا
حبييبي فافتح الأبواب نحن هنا
جميعاً
أنت ، آذار ، و فرحة حبنا و انا
نازك الملائكة 1963

قديم 10-11-2010, 05:00 PM
المشاركة 5
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شجرة القمر-نازك الملائكة




على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ

وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ

وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءْ

وعند ينابيعها تستحمّ نجومُ السَّمَاءْ

هنالكَ كان يعيشُ غلامٌ بعيدُ الخيالْ

إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجومِ ولونَ الجبالْ

ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسمين الخَضِلْ

ويملأ أفكارَهُ من شَذَى الزنبقِ المُنْفعلْ

وكان غلامًا غريبَ الرؤى غامض الذكرياتْ

وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَدَى الأغنياتْ

وكانت خلاصةُ أحلامِهِ أن يصيدَ القَمَرْ

ويودعَهُ قفصًا من ندًى وشذًى وزَهَرْ

وكان يقضِّي المساءَ يحوك الشباكَ ويَحْلُمْ

يوسّدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغِمْ

ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ

وقد عكستْهُ مياهُ غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ

وما كان يغفو إذا لم يَمُرّ الضياءُ اللذيذ

على شَفَتيهِ ويسقيهِ إغماءَ كأسِ نبيذْ

وما كان يشربُ من منبع الماء إلاّ إذا

أراق الهلالُ عليه غلائلَ سكرى الشَّذَى

2

وفي ذات صيفٍ تسلّل هذا الغلامُ مساءْ

خفيفَ الخُطَى, عاريَ القدمين, مَشُوقَ الدماءْ

وسار وئيدًا وئيدًا إلى قمَّةٍ شاهقهْ

وخبّأ هيكلَهُ في حِمَى دَوْحةٍ باسقهْ

وراح يعُدّ الثواني بقلبٍ يدُقّ يدُقّ

وينتظرُ القَمَرَ العذْبَ والليلُ نشوانُ طَلْقُ

وفي لحظةٍ رَفَعَ الشَّرْقُ أستارَهُ المُعْتمهْ

ولاحَ الجبينُ اللجينيّ والفتنةُ المُلْهِمهْ

وكان قريبًا ولم يَرَ صيّادَنا الباسما

على التلِّ فانسابَ يذرَعُ أفْقَ الدُّجَى حالما

... وطوّقَهُ العاشقُ الجبليّ ومسّ جبينَهْ

وقبّلَ أهْدابَهُ الذائباتِ شذًى وليونهْ

وعاد به: ببحارِ الضِّياءِ, بكأس النعومهْ

بتلك الشفاهِ التي شَغَلتْ كل رؤيا قديمهْ

وأخفاه في كُوخه لا يَمَلّ إليه النَّظَرْ

أذلكَ حُلْمٌ? وكيف وقد صاد.. صادَ القَمرْ?

وأرقَدَه في مهادٍ عبيريّةِ الرّوْنقِ

وكلّلَهُ بالأغاني, بعيْنيهِ, بالزّنْبقِ

3

وفي القريةِ الجبليّةِ, في حَلَقات السّمَرْ

وفي كلّ حقلٍ تَنَادَى المنادون: "أين القمر?!"

"وأين أشعّتُهُ المُخْمليّةُ في مَرْجنا?"

"وأين غلائلُهُ السُّحُبيّة في حقلنا?"

ونادت صبايا الجبالِ جميعًا "نُريدُ القَمَرْ!"

فردّدتِ القُنَنُ السامقاتُ: "نُريدُ القَمَرْ"

"مُسامِرُنا الذهبيّ وساقي صدى زَهْرنا"

"وساكبُ عطر السنابِل والورد في شَعْرنا"

"مُقَبّلُ كلّ الجِراح وساقي شفاه الورودْ"

"وناقلُ شوقِ الفَرَاشِ لينبوعِ ماءٍ بَرودْ"

"يضيءُ الطريقَ إلى كلّ حُلْمٍ بعيدِ القَرَارْ"

"ويُنْمي جدائلَنا ويُريقُ عليها النُّضَارْ"

"ومن أينَ تبرُدُ أهدابُنا إن فَقَدْنا القَمَر?"

"ومَنْ ذا يرقّقُ ألحاننا? مَن يغذّي السّمَرْ?"

ولحنُ الرعاةِ تردّدَ في وحشةٍ مضنيهْ

فضجّتْ برَجْعِ النشيدِ العرائشُ والأوديهْ

وثاروا وساروا إلى حيثُ يسكُنُ ذاكَ الغُلامْ

ودقّوا على البابِ في ثورةٍ ولَظًى واضطرامْ

وجُنّوا جُنُونًا ولم يَبْقَ فوق المَرَاقي حَجَرْ

ولا صخرةٌ لم يُعيدا الصُّرَاخَ: "نُريدُ القَمَرْ"

وطاف الصّدَى بجناحَيْهِ حول الجبالِ وطارْ

إلى عَرَباتِ النجومِ وحيثُ ينامُ النّهَارْ

وأشرَبَ من نارِهِ كلّ كأسٍ لزهرةِ فُلِّ

وأيقَظَ كلّ عبيرٍ غريبٍ وقَطْرةِ طلِّ

وجَمّعَ مِن سَكَراتِ الطبيعةِ صوتَ احتجاجْ

ترددَ عند عريش الغلامِ وراء السياجْ

وهزَّ السكونَ وصاحَ: "لماذا سَرَقْت القَمَرْ?"

فجُنّ المَسَاءُ ونادى: "وأينَ خَبَأْتَ القَمَرْ?"

4

وفي الكوخِ كان الغلامُ يضُمّ الأسيرَ الضحوكْ

ويُمْطرُهُ بالدموع ويَصْرُخُ: "لن يأخذوك?"

وكان هُتَافُ الرّعاةِ يشُقّ إليهِ السكونْ

فيسقُطُ من روحه في هُوًى من أسًى وجنونْ

وراح يغنّي لملهِمه في جَوًى وانْفعالْ

ويخلطُ بالدَّمْع والملح ترنيمَهُ للجمالْ

ولكنّ صوتَ الجماهيرِ زادَ جُنونًا وثورهْ

وعاد يقلِّبُ حُلْمَ الغلامِ على حدِّ شفرهْ

ويهبطُ في سَمْعه كالرّصاص ثقيلَ المرورْ

ويهدمُ ما شيّدتْهُ خيالاتُهُ من قصور

وأين سيهرُبُ? أين يخبّئ هذا الجبينْ?

ويحميهِ من سَوْرة الشَّوْقِ في أعين الصائدين?

وفي أيّ شيء يلفّ أشعَّتَهُ يا سَمَاءْ

وأضواؤه تتحدّى المخابئَ في كبرياءْ?

ومرّتْ دقائقُ منفعِلاتٌ وقلبُ الغُلامْ

تمزِّقُهُ مُدْيةُ الشكِّ في حَيْرةٍ وظلامْ

وجاء بفأسٍ وراح يشقّ الثَّرَى في ضَجَرْ

ليدفِنَ هذا الأسيرَ الجميلَ, وأينَ المفرْ?

وراحَ يودِّعُهُ في اختناقٍ ويغسِلُ لونهْ

بأدمعِه ويصُبّ على حظِّهِ ألفَ لعنَهْ

5

وحينَ استطاعَ الرّعاةُ المُلحّون هدْمَ الجدارْ

وتحطيمَ بوّابةِ الكوخ في تَعَبٍ وانبهارْ

تدفّقَ تيّارهم في هياجٍ عنيفٍ ونقمهْ

فماذا رأوا? أيّ يأسٍ عميق وأيّة صَدْمَهْ!

فلا شيءَ في الكوخ غيرَ السكون وغيرَ الظُّلَمْ

وأمّا الغُلامُ فقد نام مستَغْرَقًا في حُلُمْ

جدائلُهُ الشُّقْرُ مُنْسدلاتٌ على كَتِفَيهِ

وطيفُ ابتسامٍ تلكّأ يَحلُمُ في شفتيهِ

ووجهٌ كأنَّ أبولونَ شرّبَهُ بالوضاءهْ

وإغفاءةٌ هي سرّ الصَّفاءِ ومعنى البراءهْ

وحار الرُّعاةُ أيسرقُ هذا البريءُ القَمَرْ?

ألم يُخطِئوا الاتّهام ترى? ثمّ... أينَ القَمَرْ?

وعادوا حَيارى لأكواخهم يسألونَ الظلامْ

عن القَمَر العبقريّ أتاهَ وراءَ الغمامْ?

أم اختطفتْهُ السَّعالي وأخفتْهُ خلفَ الغيومْ

وراحتْ تكسّرُهُ لتغذّي ضياءَ النجومْ?

أمِ ابتلعَ البحرُ جبهتَهُ البضّةَ الزنبقيّهْ?

وأخفاهُ في قلعةٍ من لآلئ بيضٍ نقيّهْ?

أم الريحُ لم يُبْقِ طولُ التنقّلِ من خُفِّها

سوى مِزَقٍ خَلِقاتٍ فأخفتْهُ في كهفها

لتَصْنَعَ خُفّينِ من جِلْدِهِ اللّين اللَّبَنيّ

وأشرطةً من سَناهُ لهيكلها الزنبقي

6

وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَى قمريّ البرُودْ

يتوّجُ جَبْهَتَهُ الغَسَقيَّةَ عِقْدُ ورُودْ

يجوبُ الفضاءَ وفي كفّه دورقٌ من جَمالْ

يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فوق الجبالْ

ومرَّ على طَرَفَيْ قدمَيْه بكوخ الغُلامْ

ورشَّ عليه الضياءَ وقَطْرَ النَّدى والسَّلامْ

وراح يسيرُ لينجز أعمالَهُ في السُُّفُوحْ

يوزِّعُ ألوانَهُ ويُشِيعُ الرِّضا والوضوحْ

وهبَّ الغلامُ مِنَ النوم منتعشًا في انتشاءْ

فماذا رأى? يا نَدَى! يا شَذَى! يا رؤى! يا سماءْ!

هنالكَ في الساحةِ الطُّحْلُبيَّةِ, حيثُ الصباحْ

تعوَّدَ ألاَّ يَرَى غيرَ عُشْبٍ رَعَتْهُ الرياحْ

هنالكَ كانت تقومُ وتمتدّ في الجوِّ سِدْرَهْ

جدائلُها كُسِيَتْ خُضْرةً خِصْبةَ اللون ِثَرَّهْ

رعاها المساءُ وغذَّت شذاها شِفاه القَمَرْ

وأرضَعَها ضوءُه المختفي في الترابِ العَطِرْ

وأشربَ أغصانَها الناعماتِ رحيقَ شَذَاهُ

وصبَّ على لونها فضَّةً عُصِرَتْ من سَناهُ

وأثمارها? أيّ لونٍ غريبٍ وأيّ ابتكارْ

لقد حار فيها ضياءُ النجومِ وغارَ النّهارْ

وجُنّتْ بها الشَّجَراتُ المقلِّدَةُ الجامِدَهْ

فمنذ عصورٍ وأثمارُها لم تَزَلْ واحدهْ

فمن أيِّ أرضٍ خياليَّةٍ رَضَعَتْ? أيّ تُرْبهْ

سقتْها الجمالَ المفضَّضَ? أي ينابيعَ عذْبَهْ?

وأيةُ معجزةٍ لم يصِلْها خَيالُ الشَّجَرْ

جميعًا? فمن كلّ غُصْنٍ طريٍّ تَدَلَّى قَمَرْ

7

ومرَّتْ عصورٌ وما عاد أهلُ القُرى يذكرون

حياةَ الغُلامِ الغريبِ الرُّؤى العبقريِّ الجُنون

وحتى الجبالُ طوتْ سرّه وتناستْ خطاهُ

وأقمارَهُ وأناشيدَهُ واندفاعَ مُناهُ

وكيف أعادَ لأهلِ القُرى الوالهين القَمَرْ

وأطلَقَهُ في السَّماءِ كما كانَ دونَ مقرْ

يجوبُ الفضاءَ ويَنْثرُ فيه النَّدَى والبُرودهْ

وشِبْهَ ضَبابٍ تحدّر من أمسياتٍ بعيدهْ

وهَمْسًا كأصداء نبعٍ تحدّر في عمْق كهفِ

يؤكّدُ أنَّ الغلامَ وقصّتَهُ حُلْمُ صيفِ

قديم 10-13-2010, 05:30 PM
المشاركة 6
هالة نور الدين
شاعـرة مصـريـة
  • غير موجود
افتراضي


وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَى قمريّ البرُودْ
يتوّجُ جَبْهَتَهُ الغَسَقيَّةَ عِقْدُ ورُودْ

يجوبُ الفضاءَ وفي كفّه دورقٌ من جَمالْ
يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فوق الجبالْ


من أجمل قصائد نازك الملائكة

الأستاذة العطرة

ريم بدر الدين


جَزيلُ الامْتنان عَلى تلكَ الدَّوحةِ النَّدية
تتَماوجُ اخْضرَاراً عَلى أفقِ الحَرْف

دامَ بَديعُ الانْتقَاء


تقدِيري
،

قديم 10-15-2010, 10:25 AM
المشاركة 7
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
هنالك سوف نضيع

و نأكل دفء الشتاء, و نقطف ثلج الربيع

و نغزل صوف الصقيع

اختيارات مدهشة
ورائعة
أشكرك الغالية ريم

وإليك :


نغمات مرتعشة
( نازك الملائكة )


عد , لم يزل قلبي نشيدا حالما
يشدو بحّبك لحنه المفتون
عد فالكآبة أغرقت بظلامها
روحي , فليلي أدمع وشجون
عد , لا تدع نفسي يعذبها الألم
ويعض فيها خافق محزون
عد فالحياة – إذا رجعت – أشعّة
ومشاعر سحرّية وفتون
خطواتك اللاّتي تباعد رجعها
في مسمعي , تحت الظلام الشاحب
كلمتك اللاتي تلاشى وقعها
وخبت بعيدا , في السكون الراعب
بسماتك اللاتي خبت ومضاتها
في مقلتيّ , مع النهار الذاهب
ذابت جميعا , والستائر أسدلت
في مسرح الأمل الجميل الغارب
أرنو ولا شيء يروق لناظري
وأصيخ , أين ملاحني وملاحمي؟
عد , عد إلى روحي الغريب ,فادمعي
عصفت بأفراحي وقلبي الساهم
عد يا نشيدي الشاعريّ لمسمعي
ماذا يعوض عن صداك الحالم؟
حبي الإلهيّ النقيّ ظلمته
ووفاء روحي الشاعريّ العابد
قلبي الرقيق أسأت فهم حنينه
ونشيد أحلامي وروح قصائدي
لم أدر ماذا كان , إلا رعشة
في روحي الولهى وقلبي الشارد
وخلا المكان وعدت أسأل وحشتي
عن طيفك الناسي وحبّي الخالد
ما زلت منذ ذهبت حيرى في الدجى
شهد الأسى أّني لزمت مكانيا
وهمي يصوّر لي خطاك ووقعها
فإذا أصخت صحوت من أحلاميا
لا شيء غير الرّيح تعصف في الدجى
لا شيء غير تنّهدي وبكائيا

قديم 10-15-2010, 10:26 AM
المشاركة 8
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
نداء إلى السعادة
( نازك الملائكة )


يا ضبابا من الشذى الشفّاف
يا جمالا بلا حدود
يا رفيقا معطّرا في ضفاف
ليس يدري بها الوجود
أين تحيين في شغاف الغيوم
حيث لا يبلغ الخيال ؟
أم تجوبين في بحار النجوم
زورقا يعبد الجمال ؟
أسدلي شعرك الطويل الطريّا
وخصلات من الحرير
وأريقي اشقرارها الغيميّا
يفرش الكون بالعبير
وأزيحي أهدابك العبقات
عن أساطير مقلتين
ملء لونيهما اندفاع حياة
وائتلافات كوكبين
يا جبينا ملوّنا بالمعاني
حجبت سحره الغيوم
يا عبيرا نشوان بالألحان
يا خدودا من النجوم
من ضباب الرؤى إلينا إلينا
قبل أن نزمع الرحيل
وابسطي ظّلك الحنون علينا
ظّلك الدافىء الجميل
نحن في ميعة الصباح سنمضي
قبل أن تفرغ الكؤوس
وركاب الديدان في كلّ أرض
لم تزل تحفر الرموس
ووراء السياج ينعق بوم
ملء عينيه أحجيات
رنّ في صوته الصدى المشؤوم
دون أن تعلم الحياة
والسكون العميق ملء الوجود
جامد يرصد الحياة
يتغذى بكل لحن سعيد
لمست عطره الشفاه
وزهور الحقول تحمل سرّا
بذرة الموت والذبول
لحظة في الصباح تقطر عطرا
ثم يمضي بها الأفول
وكؤوس الهوى المعطر تسقي
عسل الحب لحظتين
يختفي بعدها الرحيق ويبقى
في فم الكأس غصّتين
وارتعاش الظلال فوق السواقي
سوف يمضي به الشفق
والجمال الذي يظلّ المآقي
ربما غاله الأرق
والأغاريد قد يرنّ صداها
لحظات مع الصباح
وزهور المروج عمر شذاها
ليس أبقى من الرياح
نحن نحيى في عالم من ظلال
عابر نسج عنكبوت
كالعصافير في ربيع الدوالي
نتغنّى لكي نموت
فامنحينا رؤياك قبل الرحيل
يا ابنة الحبّ والخيال
لحظة عند نبعك المعسولا
نغسل اليأس بالجمال
علّّّنا من رحيق عينيك نسقي
عطش الروح والشفاه
وعلى ملتقى سواقيك نلقي
عبء ما شّجت الحياه
علّّّنا بازرقاق عينيك نبني
من جديد لنا سماء
علّّّنا باشقرار شعرك نفني
سطوة الليل والفناء
آه مدّي يديك مدّي يديك
كل شيء هنا يضيع
وانبجاس النعيم من شفتيك
كيف نبقيه للربيع ؟
وهنا تغرب النجوم وتذوي
في الدجى رقصة القمر
وكؤوس الأزهار في الحقل تهوي
هكذا يحكم القدر
في شعاب الظلام نبقى نسير
أي أوّاه تهربين ؟
قصرك الزئبقيّ أين يغور ؟
كلمّا كاد أن يبين
فيم , كالماء في رمال الصحاري ,
لحظات وتنضبين ؟
كشروق الهلال , كالأزهار
كخيالات حالمين ؟
ولماذا , أن جئت بعد العذاب ,
يقتفي خطوك القلق ؟
فيحس الفؤاد ظلّ اكتآب
كغيوم على الأفق ؟
وذراعاك فيم بالسمّ تهمي
حينما تملأ الكؤوس ؟
كلّ كأس وفيه قطرة همّ
مازجت نشوة النفوس
كلّ لون تعيش خلف صفائه
ظلمة تأكل الجمال
كلّ حبّ يضمّ خلف انتشائه
بذرة الموت والزوال
اهبطي يا أنشودة الحالمينا
من فضاك المورّد
وامسحي مرّة صدى الظامئينا
في دجى ضائع الغد
وسنبني هنا معابد بيضا
فوق أرض من الرجاء
غسلت صدرها الفسيح العريضا
أدمع اليأس والشقاء
علّّّنا مرّة نذوق شذاك
بعد هذا الصدى الطويل
والشفاه الظمآى لشهد نداك
تلمس الكوثر الجميل
***
في غبار الحياة, في مزلق الأيّ
ام في كل معبر مسكون
رنّ هذا النشيد مختلج التر
ديد نشوان بالأسى والحنين
وشدته القرون منذ رأى الفج
ر بعيني حواء أول حزن
منذ رنّت فؤوس آدم في الصخ
ر ولم تبق فسحة للتمني
منذ مرّت قوافل البشر الأو
لى وعمر الوجود بضع سنين
عبروا يبحثون عنها عن الجنّ
ية الزئبقية التكوين
باسمها يحرثون من أجل عيني
ها أحبّوا حتى أكتآب الرحيل
ثم ماتوا وأورثوها هواها
وخفايا كيانها المستحيل
حدّثونا عنها فقالوا فتاة
غمست في الحرير شوق صباها
ليس تقوى على الحياة إذا جا
عت إلى رقّة القصور رؤاها
فهي للأغنياء تبسط من اه
دابها الناعمات ألف خميل
وعلى شعرها العبيري يقضو
ن لياليهمو كحلم جميل
ثم قالوا جنية تتبع الره
بان والزاهدين حيث أفاءوا
مثلهم تعشق السكون ويرضي
ها مكان النعيم خبز وماء
من تراتيلهم تشيّد مأوى
ظللته سكينة ديريه
من بخور الكهّان جدرانه البي
ض ومن خشعة الشموع النقيّة
وسواهم يظنّها ربّة الري
ف وبنت الذرى وأخت الوهاد
ليس يروي إحساسها غير جوّ
أثقلت عطره أغاني الحصاد
من كؤوس الأزهار حمرة خدّي
ها وتأوي إلى بيوت الفراش
وتغني لها النواعير والشم
س إذا قبّلت ذرى الأحراش
وسواهم يروي الحكايات عنها
كيف تحيى في عالم النغمات
من بكاء الأوتار تنسج أرجو
حتها الكوكبّية الرعشات
ويقولون إنّ مسكنها الأع
لى خيالات شاعر مسحور
ظلّلت روحه جدائلها الشق
ر واسرار طرفها البلوّري
وقلوب تظنّها ربّة الحب
تصب الرحيق للعشاق
ويقولون إنهّم شهدوها
تسكب الظلّ في هجير الفراق
ورأوها تهشّ في مقلتي (قي
س ) مع الدمع والضباب الثقيل
وأحسّوا كيانها المرح الرا
قص في حزن (توبة) و (جميل)
ومئات تحسّها في شفاه ال
كأس في غمرة من الهذيان
في ضباب الجنون , في دولة الأج
ساد في عالم من الأدران
ومئات ترجو العثور عليها
في زوايا النفوس خلف دجاها
في دروب دكناء يجهد ضوء ال
قمر الطفل أن يمسّ ثراها
في خفايا مغمورة عنكبوت ال
شر ألفى فيها سريرا مريحا
وركاب (السيرين) آوت إليها
والثعابين أثقلتها فحيحا

قديم 10-15-2010, 10:27 AM
المشاركة 9
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
مع الأشرار
( نازك الملائكة )


قد رقبت الأشرار حينا فلم أع
ثر لديهم على سناك الحبيب
فهم البائسون تطحنهم أي
دي الليالي بما جنوا من ذنوب
ورأيت الطغاة يحيون محزو
نين بين الأوهام والأشباح
ليس يشفيهم من الحزن واليأ
س دواء فالداء في الأرواح
فإذا أخمدوا هتافات مظلو
م فما يخمدون صوت الضمير
ذلك الراقب الإلهيّ في النف
س لسان الهدى وصوت الشعور
أبدا ساهر يراقب أقدا
ر الليالي وسطوة الأيّام
أبدا يرمق الحياة من الأع
ماق ,مستهزئا من الأعوام
فإذا حادت القلوب عن الخي
ر علا صوت ذلك الجبّار
فهو الناقم النبيل على الشرّ
وقاضي الطغاة والأشرار
كيف ينجو الأشرار من شقوة الرو
ح وصوت الضمير بالمرصاد
لا ملاذ من حاكمم يملك الرو
ح بما في كّفيه من أصفاد
عجبا أين تلتقيك حياتي؟
يا ضفاف السعادة المنشوده؟
جبت هذا الوجود أبحث لكن
لم تزالي الحقيقة المفقوده
جهلتك الدنيا فلا أحد يع
لم ما أنت واقع أم خيال؟
كّلهم يسألون عنك ولكن
لم تحدّث بسرّك الآزال
ها أنا ذي حملت قلبي على كفّ
ي وسرت الحياة أبحث عنك
أسأل العابرين هل فيهم من
قد روى قلبه المشوّق منك

قديم 10-15-2010, 10:27 AM
المشاركة 10
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
مرثية يوم تافه
( نازك الملائكة )


لاحتِ الظلمةُ في الأفْق السحيقِ
وانتهى اليومُ الغريبُ
ومضت أصداؤه نحو كهوفِ الذكرياتِ
وغدًا تمضي كما كانت حياتي
شفةٌ ظمأى وكوبُ
عكست أعماقُهُ لونَ الرحيقِ
وإِذا ما لمستْهُ شفتايا
لم تجدْ من لذّةِ الذكرى بقايا
لم تجد حتى بقايا
انتهى اليومُ الغريبُ
انتهى وانتحبتْ حتى الذنوبُ
وبكتْ حتى حماقاتي التي سمّيتُها
ذكرياتي
انتهى لم يبقَ في كفّيّ منه
غيرُ ذكرى نَغَم يصرُخُ في أعماق ذاتي
راثيًا كفّي التي أفرغتُها
من حياتي, وادّكاراتي, ويومٍ من شبابي
ضاعَ في وادي السرابِ
في الضباب
كان يومًا من حياتي
ضائعًا ألقيتُهُ دون اضطرابِ
فوق أشلاء شبابي
عند تلِّ الذكرياتِ
فوق آلافٍ من الساعاتِ تاهت في الضَّبابِ
في مَتاهاتِ الليالي الغابراتِ
كان يومًا تافهًا. كان غريبًا
أن تَدُقَّ الساعةُ الكَسْلى وتُحصي لَحظاتي
إنه لم يكُ يومًا من حياتي
إنه قد كان تحقيقًا رهيبا
لبقايا لعنةِ الذكرى التي مزقتُها
هي والكأسُ التي حطّمتها
عند قبرِ الأمل الميِّتِ, خلفَ السنواتِ,
خلف ذاتي
كان يومًا تافهًا.. حتى المساءِ
مرت الساعاتُ في شِبْهِ بكاءِ
كلُّها حتى المساءِ
عندما أيقظَ سمعي صوتُهُ
صوتُهُ الحُلْوُ الذي ضيّعتُه
عندما أحدقتِ الظلمةُ بالأفْقِ الرهيبِ
وامّحتْ حتى بقايا ألمي, حتى ذنوبي
وامّحى صوتُ حبيبي
حملت أصداءه كفُّ الغروبِ
لمكانٍ غابَ عن أعينِ قلبي
غابَ لم تبقَ سوى الذكرى وحبّي
وصدى يومٍ غريبِ
كشحوبي
عبثًا أضرَعُ أن يُرجِعَ لي صوتَ حبيبي


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: مختارات من شعر الراحلة نازك الملائكة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عن وسام إبنتي الراحلة أتحدث !! حسام الدين بهي الدين ريشو منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 22 02-28-2016 02:08 PM
نازك الملائكة .. حياة وشعر وأفكار د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-17-2014 03:18 PM
التجزيئية في المجتمع العربي - نازك الملائكة د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-04-2014 01:24 PM
سايكولوجية الشعر ومقالات أخرى - نازك الملائكة د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-04-2014 01:03 PM
بين نازك الملائكة و جراي ...مرثية ريفية ريم بدر الدين منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 08-11-2010 12:14 AM

الساعة الآن 01:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.