احصائيات

الردود
0

المشاهدات
1858
 
الدكتور طاهر سماق
طبيب وشاعر سـوري

الدكتور طاهر سماق is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
110

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Jul 2009

الاقامة

رقم العضوية
7338
11-22-2013, 10:29 PM
المشاركة 1
11-22-2013, 10:29 PM
المشاركة 1
افتراضي الحريّةُ والحُكْمُ والعروبةُ في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم

جاء في المقال للجبهة الإسلامية السورية تحت عنوان الحرية في الإسلام:
لا بد للحرية من تكاليف.
إن للعبودية ضحاياها وهي عبودية، أفلا يكون للحرية ضحاياها وهي حرية؟

ثم بعد الحمدِ والثناء، بدأ الحديث عن ثورة أهل الشام أحفاد الصحابة، في عقر دار الإسلام موطنِ الخلافة، والتطرق للمشروع (الغربي القذر) لإنهاء الثورةِ، وخطف ثمار (الجهاد).

وفي هذا الكلام إشارات واضحة ومريحة لوعي كاتب هذا المقال لعداوة الغرب للثورة ومحاولته إجهاضها.

ثم يتحدث عن الحرب الوجودية ضد مشاريع الهيمنة الدولية والإقليمية والمحلّية التي أفرزت، على حد قول كاتب المقال، وعياً لضرورة توحيد الكلمة

وأرى أنا أنَّ في القاعدة الفقهية: " الأصل في الأمور الإباحة ما لم تُقيَّد بتشريع" أساسٌ فكري لمن يريد أن يبحث في الحرية.

فالإسلامُ لم يصادر حرياتِ الفكرِ إلا عندما تولى أمور المسلمين حكامٌ طغاة.
ففي صدر الإسلام، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يَعلَمُ المنافقين في أصحابِه، ولم يكن يأمر بقمعهم أو فضح أمرهم .. بل كان يدعو الله أن ينتزعَ من قلوبهم النفاق.

ثم إن الله تعالى قال: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
فمتى نقول أن من خرج عن الطاعة وخالف الجماعة فقد كفر؟
نعم .. يحق ذلك عندما يخرج أحد المسلمين عن متن العقيدة.
وإلا فإن في الاختلاف صحة، ولولا ذلك لما كانت مذاهب الدين المختلفة، ولما كان إعمالُ العقل واجب.

ليس عيباً أن يجهر المرء مقاطعاً الإمامَ في خطبة الجمعة عندما يذهب في كلامه إلى التشدد في الأحكام والمغالاة في تخطئة من يخالفه الرأي.
فتلك الحادثة المشهورة في اعتراض امرأةٍ عمرَ بن الخطاب وتخطئته عندما أراد أن يقيّد المهور، ثم رجوعه إثرَ ذلك عن خطئه، لأدلُّ ما يكون على رَحابة الإسلام ومرونة أحكامه.

إنني عندما أقول إن من ينادي بخلافة إسلامية فليرفع صوتَه بإسقاط أنظمة الحكم المختلفة من دكتاتوريات وطغاة من المشرق العربي حتى المغرب الأقصى، لا أقصد إلى اتخاذ موقف معادٍ للخلافة، ولكن مشروع الخلافة مشروعٌ شامل كامل يضم العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، وليس في بلدةٍ هنا وبلدةٍ هناك .. ودون الانتباه إلى ضرورة تأسيس أركان الدولة قبل أن نعلنها، وأهم تلك الأركان هي المشروعية المنبثقة من إرادة الشعب .. بلا ولاءات عمياء لملكٍ قزمٍ هنا ورئيس مسخ هناك، وكذلك عندما أشعر أنك أخي وأني أخوك .. لا أتهيب أن أناقشك أو أناقش سواك في أي موضوعٍ من ديننا ودنيانا.

"ولنا أن نتجنب اكتساب عداوة العالم ولنتذكر هدية هارون الرشيد لإمبراطور الروم البيزنطيين رغم أن قوة الدولة الإسلامية كانت حين ذلك في ذروتها ""فلنتذكر حينما اعتدي على حق الجزية فقال: يا كلب الروم الجواب ما تراه لا ما تسمعه ..

عندما تكون الدولة الإسلامية تملك زمام المبادرة وقويةٌ بحيث تكون مهيبة الجانب فإن في كلا الموقفين ما يظهر هيبة تلك الدولة وفيهما وجهي الثواب والعقاب .. ولكل موقف ظرفه الذي حكم به

وأي اعتداء على المسلمين اشد مما يحصل في سوريا والعراق وافغانستان والشيشان وباكستان وفلسطين الحزينة"
نعم .. نحن قمنا لنرد الظلم عن أنفسنا وعن شعبنا .. ولكن أن نتجنب عداوة العالم .. فأقصد به أن نولي الأولوية لرفع الظلم عن شعبنا .. لا أن نعلن انتماءنا لتنظيم هنا أو هناك .. وعلى الملأ، فنكسب بذلك وقوف الكثير من الدول ضدنا .. ولا يبقى لنا من يدعم ثورتنا ..

" وإن جنحوا للسلم فاجنح لها"
أليس في ذلك إضاعةٌ للجهود .. وتبديدٌ للقوة .. وإعماءٌ للحقيقة ومهادنةٌ لتلك الدولة المارقة العنصرية وإقرارٌ بالتسامح في استمرار وجودها، عندما تورد الشاهد القرآني: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها"؟؟

"ولنا أن نحذر من الخلط بين الخلافة والإمارة
فالخلافة بيعة عامة من المسلمين
"اطيعوني ما اطعت الله فيكم"
فان جاءنا خليفة عادل يخشى الله فليبق ما ابقاه الله"
ولكن .. من يضمن لنا حينئذٍ أنه لن يصبح طاغيةً وأن سيكون هناك من هو قادرٌ على لجمع جماحه في التجبر والطغيان؟
ثم ما هي المعايير التي تؤكد أنه عادلٌ وأنه يخشى الله فيما لو استأثر بالسلطان وورَّثه؟؟

وهذا، فيما لو حصل،سيكون، بحد ذاته، خروجاً عن العدل وعن الزهد في المُلك وتغليب خشية الله.

إن دستوراً يقيد سلطات الحاكم لا يناقض أسس الحكم في الإسلام .. وإن دولة المؤسسات لا تنافي إطلاقاً موازين الحكم في الإسلام .. حيث أن دولة المؤسسات لا يخشى فيها قاضٍ كَفَّ يدِه تعسفياً بقرار فردي من والٍ أو حاكم ما لم يكن بمقتضيات مخالفته لإحكام العدل والقسط بين الناس.
وكذلك أي موظفٍ في وظيفته ما دام يعمل فيما يقتضيه شرع الله فيما تولاه.

لن نعترض على من يدعو لقيام خلافة إسلامية طرحه إطلاقاً.
ولكن
فيما لو تجرأ على إعلان حدودِها من إندونيسيا حتى الأندلس ..
وليتجرأ الأردني على مليكه، و"السعودي" على طغيان آل سعود، والكويتي ليرفض آل الصباح .. آلهةً تتكرر في كل بقاع العالم الإسلامي ..
إن ما للناس للناس وما لله فهو لله لا سلطة لأحد أن يوكِّلَ نفسَهُ كي يكون وصياً على صلة العبادِ بربّهم ..
ألم يقل الله تعالى في كتابه الكريم: (لست عليهم بمسيطر، إلا من تولَّى وكفر، فيعذِبُه اللهُ العذابَ الأكبر)؟ .. ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)؟ (وما أرسلناك إلا بشيراً ونذيرا)؟ .. فحتى رسولَ الله لم يكلِّفه ربُّنا إلا بتبليغ الرسالة ثم.. .
إنَّ من نواقض تطبيق الحدود عدم حصولِ الولايةِ للمحكمة التي تفتي بحكمٍ ما، وما الولايةُ إلا من أمير، وما الأمير إلا من بعدِ إقامة الدولة .. وليس العكس ..
فالرسول بقي يدعو للإسلام في مكّة سراً وجهراً سنواتٍ طويلةٍ قبل الهجرة، لا يتحدث فيها عن الأحكام والحدود، لأن أركان الدولة غير موجودة ..
ثم هاجر إلى يثرب، ولم يطبِّق الحدود حتى أرسى أركان الدولة، وأتبعَ بالفروض ومنها الزَّكاة التي كان تُصرف في مسارِبها لتقضي على الفقر والعوز، ومن بعد ذلك أتى ليطبق حدَّ السرقة، الذي جاء يومٌ وعلَّقَ فيه عمر بن الخطاب تطبيق ذاك الحد عامَ المسبغة.

وللعلم فإن أول من أسس الإمارة لقريش هو أبو بكر الصديق وذلك أنه بعد وفاة النبي قالت الأنصار: "منا أمير ومنكم أمير"، [21] فقال لهم أبو بكر الصديق بعد أن ذكر فضائلهم ومناقبهم في الإسلام: "أما بعد يا معشر الأنصار فإن كل ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يُعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً. يا معشر الأنصار إنا والله ما ننكر فضلكم، ولا بلاءكم في الإسلام، ولا حقكم الواجب علينا، ولكنكم عرفتم أن هذا الحي من قريش بمنزلة من العرب ليس بها غيرهم، وأن العرب لن تجتمع إلا على رجل منهم، فمنا الأمراء ومنكم الوزراء، فاتقوا الله ولا تصدعوا الإسلام وإني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر أو أبا عبيدة" ثم اتفق الناس على أبي بكر وبايعوه.

ولنا أن نتجنب اكتساب عداوة العالم ولنتذكر هدية هارون الرشيد لإمبراطور الروم البيزنطيين رغم أن قوة الدولة الإسلامية كانت حين ذلك في ذروتها ..
ولنا كذلك أن نطمئن لضمان الحريات العامة وضمان أن لا يستمر أي خليفة إلا أربع سنوات قابلاتٍ للتجديد مرةً واحدة، يُسلِّمُ من بعدها السلطة لغيره من الثقات من غير ذويه، وبالتالي ضمان عدم التوريث وعدم تولي عائلة مالكة، .. كعهدنا تماماً بالخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين.
فلو أن التوريث سِنَّةٌ لكان أولى أن يخلُفَ الرسولَ الكريم بعد وفاته أقربُ الناسِ إليه بِصلةِ الرحِم ألا وهو الإمام عليّ كرَّمَ الله وجهه، لكنَّهُ صلى الله عليه وسلم سنَّ سُنَّةً لم يتَّبِعها من بعدهِ إلا الخلفاء الراشدين.
أما الاعتزاز بالعروبة من بعدِ الإسلام فسُنَّةٌ ثابتة عن الرسولِ صلى الله عليه وسلم عندما قال:

"ليت بيني وبين فارس جبل من نار ..

و"أحب العرب لثلاث

و"لا سيدَ إلا من قريش".

"إنَّا أنزلناهُ قرآناً عربيا .. " ونبي الإسلام عربي، ولا سيَّدَ إلا من قريش .. وأعتقد أن المعنى الأعم "من العرب" ولنا في إخوةٍ لنا في الدين من غير العرب فخرٌ واعتزاز .. ولكن أن نسلِّمَ مقاديرنا لسلطة الأعاجم من المسلمينَ .. فليس ذاك من الدين في شيء ..

فلو علِمنا أنه، لا في بداية تولي الأتراكِ للسلطة في بلاد المسلمين ولا إلى اليوم .. لم يُسمحْ لِلمواطنين التُرك أو حتى العربِ ممن يعيشون تحت سلطانهم، بتعلُّم العربية كلغة .. ولو ثانية إلى جانب التركية ..
وممنوعٌ في مساجدهم أن تكتملَ الخُطبة كلها بالعربية ..
وأعجب من إمام تركيِّ صادفته هناك .. لا يتقن العربية لا لشيء، إلا لتعصُّبه لتركيَّته .. رغم أن من واجبهِ تعلُّمُ العربيةِ لأنها لغة القرآن .. فلمَ ننكر على العربي تعصبه لعروبته؟ لماذا؟
قال النبي محمد: « قَدِّمُوا قريشا و لا تَقْدُمُوها ، و تعلَّموا من قريش و لا تُعَلِّموها ، و لولا أن تَبْطَرَ قريشٌ لأخبرتها ما لِخيارها عند الله تعالى».
• ودخل النبي محمد بيتا فقال: « هل في البيت إلا قرشي ؟» فقالوا : "لا ، إلا ابن أخت لنا" . فقال :« ابن أخت القوم منهم ، إن هذا الأمر في قريش ما إذا استُرْحِموا رَحَموا ، وإذا حَكموا عدلوا ، وإذا قسموا أقسطوا ، ومن لم يفعل ذلك منهم ؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
• وقال النبي محمد: « الناس تبع لقريش في هذا الشأن ، مسلمهم تبع لمسلمهم ، وكافرهم تبع لكافرهم».
• وقال النبي محمد: « إن الله اصطفى كنانة من ولدِ إسماعيل . واصطفى قريشًا من كنانة . واصطفَى من قريش بني هاشم . واصطفاني من بني هاشم».
وقال النبي محمد: « فضل الله قريشا بسبع خصال ، فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبد الله إلا قريش ، وفضلهم بأنهم نصرهم يوم الفيل وهم مشركون ، وفضَّلهم بأنهم نزلت فيهم سورة من القرآن لم يَدخُل فيها أحدٌ من العالمين وهي لإيلاف قريش ، وفضلهم بأن فيهم النبوة ، والخلافة ، والحجابة ، والسقاية»
فإنه بحقٍّ، بعد ذلك، أنْ لا سيِّدَ إلا من قريش والعربُ هم وحدُّهم من لهم حقُّ الخلافة، وليس أهلاً للخلافة وتولّي أمور المسلمين سواهم. أما فيما عدا ذلك فأخوةٌ لنا في الدينِ كلُّ الملل الأخرى ونحن سواسيةٌ أمام الله لا فضل لأحدٍ منا على الآخرين إلا بالتقوى ..

فكيف يغتصب سلاطين المماليك والسلاجقة والعثمانيين من أهل الخلافة خلافتهم؟ ويرضون؟

أما وقد غادر عبد الرحمن بن محمد ديار الشام وحيداً .. هرباً من بطش أبي جعفرٍ المنصور ليلوذَ ببلاد المغرب الأقصى ومن ثم الأندلس .. فقطع أصقاعاً وتجاوز أمماً ومرَّ بأقوامٍ مما اختلفت ألسنُهُم وعاداتُهم وبيئاتُهم .. ورغم ذلك سلَّموا له بالخلافة وبايعوه على أنه عربي من قريش ..

أ فبعد ذلك ننكر على العرب حقَّهم بخلافة رسولِ الله؟؟

لا والله .. حيث ذاك، لو أن مسلماً أو غير مسلم، أيَّاً كان دينه وهو في الدولة الإسلامية، اشتكى مظلمةً ولم يجد من يقسطه، فلهُ حينها أن يلتجئ إلى أهل السداد ممن هم قوامون وأوصياء على العدل وإحقاق الحق حتى ولو كان الظالمُ هو الخليفةُ ذاته ..
حينها ..
إن لم يعدِل يلقَ عقابَه الحقَّ دون إبطاء ..
أوليس العدلُ أساس المُلك؟

أما لمن يستشهد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم .. عندما قال: "اسمعوا وأطيعُوا ، وإن استُعمل عليكم عبدٌ حبشيٌّ ، كأنَّ رأسَه زبيبةٌ"
فلا أعتقد أنه رمى إلا إلى إمارة الجند أو القضاء أو سواها من دون الخلافة، ومن يستشهد بقول الله تعالى "و إن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم..." ويؤكد أن الإمارة غير محصورة بالعرب لا شرعا و لا عرفا .... ويطلب بعد ذلك الدليل .. فأقول له: إنما ذلك إصلاحٌ لحالِ المسلمين وتنبيهُ لهم كي لا يتولّوا عن إرساء العدالة وتوطيد أواصر الأخوةِ في المجتمع وفي الدولة الإسلامية .. وليس مِن الشرع أن تتوارث أسرةٌ بعينها الحكمَ، مؤهَّلٌ من وَرِثَه أم غيرُ مؤهل ..؟؟
ألمْ يتنحَ معاويةُ الثاني عن الحكم طوعاُ بعد أشهرٍ من توليه الخلافة من بعد أبيه يزيد، فقط لأنه استشعر عدم كفاءته في إدارة أمور الدولة .. وتلك مأثرةٌ كمأثرة خلافة عمر بن عبد العزيز وأوفى ..
ففي تاريخنا الطويل، وعلى مر أكثر من ثلاثمئة عام من حكم الأمويين والعباسيين .. لم تتكرر فرصةَ أن يصل خليفةٌ راشدٌ بالوراثة إلا مرة واحدة .. عندما تولى المسلمينَ عمرُ بن عبد العزيز رضي الله عنه ..ومن قبله مأثرة معاوية الثاني.

ترى هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوَّلى علي رضي الله عنه .. وهو من أهله وعشيرته وزوج ابنته .. من بعده؟

لم يرد في الأثر ما يشير إلى ذلك ، إلا فيما يختص باصطفاء قريش.

وليس فيما أطرح تناقض، فأن يتولى الخلافة رجلُ من قريش ليس كأن تنتقل الخلافة بالتوريث من الأب لابنه.
وللخليفة الحقُّ في أن يوصي بمن يعتقدٌ أنه أهلٌ لخلافته، لكنَّ وصيَّتَه غيرُ ملزمةٍ شرعاً.

وللمسلمين أن يختاروا من يرونه الأكفأ ليبايعوه، حتى لو جاء ذلك مخالفاً لوصيةِ من سبقوذلك يحصل بشكلٍ صحّي وبعافيةٍ فيما لو كنا أحراراً بالفعل (كما قد ولدتنا أمهاتنا).

إن الكثير من الفتاوى .. يفتى بها تحت جور السلاطين .. ترى لو اجتهد علماء المسلمين أما كانوا وجدوا ما يمنع شرعاً تولية الابن من بعد أبيه؟؟؟ أم أن ذلك ليس من الجاهلية؟؟؟ ..
منذ عام 1809 تقريباً على ما أعتقد .. تم تولية محمد علي باشا الألباني على مصر .. كوالٍ عثماني .. وهو من ألبانيا، وما ولُّوه أمر مصر إلا ليضمنوا ضعفه في الخروج عن طاعتهم وبالتالي ولاءه المطلق لهم .. ولم يكونوا يتوقعون أن يتمكن من بناء دولةٍ قوية قادرةٍ على التمرد وشق عصا الطاعة ..
ترى .. هل ننكر على محمد علي باشا الألباني ما قدَّمه لمصر من مآثر؟؟! وهل نكفّره لأنه شق عصا الطاعة على آل عثمان؟
ثم .. أ لم يوجد في مصر كلِّها في ذلك الحين من كان قادراً على تولّي أمر مصر من أهلها؟؟ هكذا حتى امتد حكم سلالة محمد علي الألباني إلى آخر يوليو عام 1952 ..

أم أن الشورى في الإسلام انقطعت بانقضاء عهد الخلفاء الراشدين؟؟!!

فما بالُنا يا قوم .. لا نجرؤ على تقويم منكرٍ في حضرة السلاطين؟؟!

فلنعتَزَّ أن رسولَنا عربي وأن القرآن عربي وأن لغة أهل الجنةِ العربية ..
ولو أن الله أعفى نفسه من تفضيل الناس بعضهم على بعض، لما خصَّ سلالة نبيِّنا إبراهيم بالنبوة دون سائر البشر، حتى كان منهم يعقوب وإسحاق وداود ويوسف، ومن بعدهم موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام.
ولكانَ أرسلَ من المجوسِ نبياً ومن التُّرك والأرمنِ والفرنجةِ والبربرِ والزنوجِ وأهل الصين والهند .. اصطفى من كلٍّ نبياً، أما كان أقربَ للعدل؟

وكيف، بعد ذلك، لا يقول رسول الله أنْ لا سيد إلا من قريش؟

أما ما جاء من حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، فذاك في شأن المعاملات في شأن المعاملات والحقوق والواجبات كمسلمين يعيشون في دولة الإسلام، بل وربما الذمِّيون أيضاً يشملهم مقصد الحديث إذا ما كانوا أتقياء في عبادتهم وتوحيدهم. وربما كان مقصد الحديث إلى العقاب والثواب في الدار الآخرة وليس في مسألة الولاية والحكم.

فالولاية والحكم شأنٌ آخرُ، لو تتبَّعنا أثرَه في التاريخ الإسلامي لوجدنا أن العرب هم أحق من غيرهم في تولي أمور المسلمين. وأخصُّ العربِ العدنانيون وأخصُّهُم قريش، وأخصُّ قريش بني عبدِ مناف.

والشورى أقوم سبيل لاختيار وُلاة الأمرِ من خلفاءَ وولاةٍ وقضاةٍ وحكام.
والبيعة إنما هي صورة من صور الانتخاب، وحادثةُ (حتى المرأة في خدرها ..)، يوم تولِّي أبي بكر لأدل على ضرورة مشاورة الرَّعية في أمر الولاية.

ولنا أن لا نُجيِّرَ الشعبَ السوري وثورته المباركة ضد عصابة الأسد لجهةٍ ما .. أيّاً كانت .. فكلُّنا سوريّون وسوريةَ للجميع.
قال تعالى: "وما لكمْ لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجالِ والنساء والولدان الذين يقولونَ ربَّنا أخرِجْنا من هذه القريةِ الظالمِ أهلُها واجعلْ لنا من لدُنك ولياً واجعل لنا من لدُنك نصيرا" النساء 75
نزلت الآية في مناسبةٍ خاصة (في أهلِ مكة ممن سُوِّموا العذابَ على أيدي سادتها من المشركين)، لكنَّ حُكمها يمكن تعميمه.
ويظهرُ لنا أن الله تعالى يُحرِّضُ المؤمنين، على نُصرة المستضعفين الذين كانوا يتوجهون بالدعاء إليه أن يُخرِجَهم منها، وأن يجعل لهم من لدُنهُ وليّاً، والولايةُ شيء، وأن يجعل لهم من لدُنه نصيراً، والنُّصرة شيءٌ أخر، وإلا، ما كان الله ليفصل بينهما في الدعاء.

ونُصرةُ المستضعفين خُلُقٌ رفيعٌ أحرى أن يتحلَّى به الناسُ أياً كانت مِلَلُهم أو عقائدهم فكيف بالمؤمنين؟!
والمستضعفون أولى أن يُنصروا ولو كانوا من غير المؤمنين. فلعلَّ نُصرتُهم على من ظلَمًهم تسعى في قلوبهم رحمةً وتجعلهم من المهتدين.
قال تعالى: "إنَّ الذين توفّاهُمُ الملائكة ظالمي أنفسِهِم قالوا فيمَ كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرضُ الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنَّمُ وساءت مصيرا * إلا المستضعفين من الرجال و النساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوَّاً غفورا" 97-99 النساء

إن في ذلك تبيانٌ أنَّ من لم تتهيأ له النُّصرة من المستضعفين ممن لم يملكوا حيلة وماتوا وهم ظالمي أنفُسِهم بأنهم غير مهتدين فإن الله قد يعفو عنهم لأنهم غُلِبوا على أمرهم ولم يجدوا سبيلاً للخروج.

"وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصلوة إن خفتم أن يفتِنَكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدواً مبينا" 101 النساء

لم أقع في القرآن الكريم على آية تشرِّعُ القتل إرغاماً على اعتناق الإسلام، إلا دفعاً لظلم أو ردَّاً على طغيان.
"قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتَّخِذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولَّوا فقولوا اشهدوا بأنَّا مسلمون" آل عمران 64
"ولو شاء ربُّك لآمنَ من في الأرضِ كلُّهم جميعاً أ فأنت تُكرِهُ الناس حتى يكونوا مؤمنين" يونس 99
" ومن يطعِ الرسولَ فقد أطاع اللهَ ومن تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظا" النساء 80

وما شرع الله لأحدٍ أن يحاسب الناس على كفرهم وإلحادِهم، ولا لأحدٍ أن يثيبَ من آمن، إنما اختص نفسه بالثواب والعقاب في أقلِّه في الدنيا وفي جُلِّه في الآخرة

"يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء * ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار * وجعلوا لله أنداداً ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار" إبراهيم 28-31

"أفمن حقَّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار" الزمر 19

"وكذلك حقّتْ كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار" غافر 6

ووجدتُ في كل الآيات التي تأتي على ذكر الجهاد ما يشير إلى الابتداء بالجهاد دعوةً إلى الإيمان دفعاً بالتي هي أحسن بالمعاملة وبالكلمة الطيبة .. فإذا انبرى إليك فريقٌ من المشركين أو الكفار أو المنافقين أو الفاسقين أو سواهم بالعداوة فحينها يُشرَّع القتال ..
فيما عدا ذلك لا يصح أن نرفع السيف في وجه أحدٍ على الإطلاق مهما كان معتقده أو دينه
" وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين * واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين * فإن انتهوا فإن الله غفورٌ رحيم * وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين" البقرة 190 - 193

فيما عدا موضوع الرِّدَّة أو الفتنة بين المؤمنين بعضهم ببعض.. فذلك شأنٌ بين المسلمين بعضهم، لا يمس جوهر الدعوة والتوسع فيها.
"وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين" الحجرات 9

"كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون * يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه قل قتالٌ فيه كبيرٌ وصدٌّ عن سبيل الله وكفرٌ به والمسجدِ الحرامِ وإخراجُ أهلهِ منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمتْ وهو كافرٌ فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" البقرة 217

"الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوتِ فقاتلوا أولياء َ الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً * ألم تر إلى الذين قيل لهم كفُّوا أيديَكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كُتِبَ عليهم القتال إذا فريقٌ منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشدَّ خشيةً وقالوا ربنا لِمَ كتبت علينا القتال لولا أخَّرتنا إلى أجلٍ قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خيرٌ لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا" النساء 77

نحن، في سورية لسنا طائفيين، ولن نكون أبداً طائفيين ..
فليس للإنسان إلا ما سعى
ولاتزر وازرة وزر أخرى
وكل نفس بما كسبت رهينة

ثم، إن كلَّ شاةٍ معلَّقةٌ من عرقوبِها كما يقال

وما حساب المنافقين والكفار إلا على الله يوم القيامة توعَّدَهُم بأشدِّ العذاب ..

فذكِّر إنما أنتَ مذَكِّر*لست عليهم بمصيطر * إلا من تولى وكفر* فيعذِبُهُ اللهُ العذابَ الأكبر* إن إلينا إيابَهم* ثم إن علينا حسابَهم الغاشية 21 - 26

إنا أرسلناك شاهداً ومبشرا ونذيرا* الفتح 8

واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلاً* وذرني والمُكذِّبين أولي النعمة ومهّلهم قليلا* إن لدينا أنكالاً وجحيما* المزمل 10-12

ولا تُطِعِ الكافرين والمنافقين ودَعْ أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا* الأحزاب 48

ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل* ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عَدْواً بغير علمٍ كذلك زيَّنّا لكلِ أمةٍ عملهم ثم إلى ربهم مرجعُهُم فينبئهُم بما كانوا يعملون* الأنعام 107 108

وكذَّبَ به قومُكَ وهو الحقُّ قلْ لست عليكم بوكيل* الأنعام 66

أرأيتَ من اتَّخذ إلهَهُ هواهُ أفأنت تكون عليه وكيلا* الفرقان 43

ربكم أعلمُ بكم إن يشأ يرحَمْكُم أو إن يشأ يعذِّبْكُم وما أرسلناك عليهم وكيلا* الإسراء 54

أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فبالكلمة الطيبة وبالسماحة والتراحم، وبالتي هي أحسن فكأن الذي بيني وبينه عداوةٌ كأنَّه وليٌّ حَميم



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الحريّةُ والحُكْمُ والعروبةُ في الإسلام
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نعمة الإسلام د محمد رأفت عثمان منبر الحوارات الثقافية العامة 3 04-16-2015 08:07 AM
الغدر فى الإسلام مراقى محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 2 11-18-2013 02:33 PM
شعر ما قبل الإسلام عبدالله باسودان منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 3 07-13-2011 06:52 PM
الإسلام عبدالسلام حمزة منبر الحوارات الثقافية العامة 4 09-19-2010 04:48 PM

الساعة الآن 08:34 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.