و دفنوه حيّاً .. !!
هناك رواية طريفة بعض الشيء وتحكي بإيجاز عن رسّام موهوب يفكّر في أن يصبح غنيّاً و لم يجد وسيلةً لذلك سوى في إعلان خبر وفاته بغرض بيع لوحاته بأسعار غالية و خيالية ، وكان له ما أراد حيث أصبح غنيّا في الخفاء و فقيراً في الفناء !!
كتب هذه الرواية الأديب الإنجليزي " فنسنيت " و اطلق عليها إسم : " دفنوه حيّاً " .
و لكن .. كم هم الذين دُفِنوا و هم أحياء ؟
هناك الكثير .. و من أشهر حوادث تاريخ دفن الأحياء ، حادثة الفيلسوف دونوس الذي ظل يصرخ في قبره إلى أن انتبه المارة لصراخه ، ففتحوا القبر ووجدوه مهشّم الرأس محطّم الأظافر و أصابعه مكسورة و لسانه قد تقطع .. و لا شك أنه سعى في الخروج و لكن دون جدوى ..
و في مجتمعاتنا نجد الكثير ممن يُجاز عليهم القول بأنهم دُفِنوا و هم أحياء ، فذوي المواهب ، و أصحاب الأفكار التي لو رأت النور لأصبحت عظيمة ، و المتفوقون علمياً ، يُدفنون في اليوم الواحد مئات المرات ، ولا تتعجب إذا رأيت نادل الطعام و الجرسون و عامل البناء و بائع الأحذية و " الزبّال " وغيرهم من ذوي الحرف المهنية البسيطة لا تتعجب إذا عرفت أنهم يحملون شهادات جامعية ومؤهلات علمية مؤثّرة ، فهؤلاء تفوّقوا و لكن صعوبة الحياة ولقمة العيش أجبرتهم على كسر شبح البطالة بمهنٍ أقل بكثير مما تختزنه مواهبهم..
_ لماذا تحمل مسدسّا في يديْك ؟
_ كي أقتلك ..
_ و لماذا تُريد قتلي طالما أنا مدفون !
- كيف ذلك ؟؟
_ أنظر بعقلك و ستدرك ذلك
_ فعلاً .. لقد ادركت ذلك
_ إسمع أيها السفاح ..
_ نعم أيها المدفون ؟
_ أرجوك .. أقتلني و أزحني من هذا الوجود الذي دُفنت به !!