احصائيات

الردود
6

المشاهدات
4051
 
محمد محضار
من آل منابر ثقافية

محمد محضار is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
401

+التقييم
0.08

تاريخ التسجيل
Jan 2011

الاقامة
المغرب

رقم العضوية
9663
04-14-2011, 06:44 PM
المشاركة 1
04-14-2011, 06:44 PM
المشاركة 1
افتراضي ليل حزين
ليل مدلهم قاتل، وخطى شاردة على أرصفة الضياع.. وفراغ ..فراغ متناسل، وربما شعور بالعدمية، ليس هناك من قدرة على التفكير في شيء، بل بلبلة فكرية وتبدّد ذهنيٌّ مقيت، هكذا أحسَّ وهو سارح بين شوارع المدينة كالخفاش، يبحث عن أشياء يريدها أن تحدث، وأشياء حدثَت ولم يكتشفْها إلاّ بعد حدوثها..هذه المدينة العاهرة لم تمنحه قط ولو جزءً يسيراً من الفرحِ، فعلى أفاريزها تقام مشانقُ يومية لأَحلامه. ثم تدفن في عين المكان، " يا لطيف ألطفْ بعبدك من شر هذه المدينة اللئيمة... واحميه من ألسنة لهيبها، يا رحمة السماء ما هذا البؤس المتنامي الذي يتوالد كالفُطر حولي، فيشيع جوا من الكآبة واللاّمعنى".
ليس هناك ما يَشدّه إلى هذا الليل المتعب الطويل، فغربته مستمرة وهَا مِشيّته تكاد تُلغى كل إحساس لديه بالوجود، "ليس هناك ما يُذكر ، إلا ليالي الألم وأيام الوخز، كل مرة اَستقبلُ أشكالا جديدة من الحزن، وأغرق في أزمات لا حدود لها من الأسى، يا زمن الفظاعة ..ما أبشعك ، قَهرتَني حطّمتني، أتلفتَ أعصابي، فلم أعد أدري من أنا".
أخرج علبة سجائره، ووضع لفافة تبغ بين شفتيه ثم أشعلها ونفث دخانها بشراهة... وتابع سيره دون هدف أو غاية... أحس بالبرد يتسلل إلى جسده النحيف، رفع ياقة قميصه، فكر لحظة : قليلٌ من الجعة يمكن أن يمنحه بعض الدفء!!!، دخل أول حان صادفه، تسربت إلى خياشمه رائحة دخان السجائر، وصَمّتْ أذنيه أصواتْ السّكارى وقهقهاتهم المتداخلة مع أنغام اللحن الشعبي المجلجل في فضاء المكان، جلس بمواجهة الساقية السّمينة التي كانت تقف خلف الحاجز الخشبي، طلب ست جعات، فأسرعت تلبي طلبه، احتسى الأولى ثم الثانية، ومرت نشوة غريبة في أوصاله، وقال لنفسه "ليذهب المجتمع وقيوده إلى الجحيم" ثم واصل الاحتساء، حتى آتى على الزجاجات الست.. أشعل سيجارة نفت دخانها ببطء. وراح يمسح بعينيه المتعبتين فضاء القاعة.. كانت هناك وجوه مكدودة، فضل أصحابها ممارسة لعبة الهروب إلى الأمام، وكانت هناك ثرثرة وعربدة، ورؤوس تتمايل مع اللحن ،وجاءه صوت مبحوح من خلف ظهره:
- هل أنت وحيد؟؟
التفت نحو مصدر الصوت، فوجد أمامه مومسا ضامرة العود قد لطخت وجهها بالأصباع حتى صارت أشبه بمهرج سيرك وأجاب:
- نعم وحيد، وأفضل أن أبقى وحيدا.
- ابتعدت عنه، دون أن تعلق على كلامه.. طلب ست زجاجات أخرى، أقبل عليها بنهم مفرط، وأحس بعقدة لسانه تنفك، وانتابته رغبة قوية في الكلام، وقول أي شيء، وغابت كل المنغصات عن باله..
التفت نحو جاره وكان شابا أنيقا، وقال بصوت عال؟
جوع آخر
عميق جدا وكاسر
أكثر حمرة من الموت وأكثر صخب
الجوع لامرأة أستطيع أن أضع وجهي بين نهديها
وأعرف أنهما قد أُعطياني إلى الأبد
وأنني لن أجوع أبدا
ضحك الشاب وقال:
- أنت تقول شعرا.
رد عليه وهو يبتسم:
- إنها أبيات من قصيدة مانفيستو للأديب الإنجليزي "لورنس"... لابد أنك سمعت عنه.
إنه صاحب رواية "نساء في حب".
ورد الشاب:
- بكل صراحة أنا لا أعرف لورنس، لكن شعره جميل عرض عليه سيجارة... قبلها مبتسما، ثم مضى ينفث دخانها، وهو يضرب الأرض بكعب حذائه..
مر الوقت سريعا.. وعندما غادر الحانة كان الليل في منتصفه.. وازددت رطوبة الجو.. أحس بمغص شديد في بطنه.. توقف فجأة ثم اتكأ على أحد الجدران وقذف ما في جوفه، شعر باختناق رهيب، وانسابت الدموع من عينيه.. حاول التماسك ووقف على الرصيف محاولا البحث عن سيارة تاكسي تنقله.. وفجأة غمرته أضواء كاشفة قوية.. تبين له فيما بعد أنها لسيارة كبيرة.. وسرعان ما وجد نفسه في مواجهة شرطين.. قاداه إلى داخلها.. وسمع أحدهما يصرخ به.
- أنت في حالة سكر طافح
فرد بصوت خافت
- بل أنا مريض... أريد الذهاب إلى المستشفى..إنني أحتضر!!!






محمد محضار خريبكة1991


قديم 04-15-2011, 06:18 AM
المشاركة 2
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بارك المولى بقلمك ، وبصدقِ مشاعرك ، وبحلاوة وصفك لليل الحزين ..
حييت أستاذ محمد ، وبورك حرفك.

قديم 04-15-2011, 09:51 PM
المشاركة 3
أسامة نوفل
مصمم فني وكاتـب مصري
  • غير موجود
افتراضي
مشهدك مركز .. وتصويرك رائع ألم بكل التفاصيل
أحسنت وأحسن قلمك.

قديم 04-17-2011, 04:56 PM
المشاركة 4
محمد محضار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
بارك المولى بقلمك ، وبصدقِ مشاعرك ، وبحلاوة وصفك لليل الحزين ..
حييت أستاذ محمد ، وبورك حرفك.
شكرا لك أخي ماجد على تويهك وتشجيعك الراقي

قديم 04-17-2011, 04:56 PM
المشاركة 5
محمد محضار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
مشهدك مركز .. وتصويرك رائع ألم بكل التفاصيل
أحسنت وأحسن قلمك.
حفظك الله أخي أسامة دمت مبدعا وفنانا سامقا

قديم 04-27-2011, 10:19 AM
المشاركة 6
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
التصوير كان حرفيا و دقيقا لهذه الحالة من اللاجدوى التي يعيشها بطل القصة رغم تحفظي على العبارة التي اقتبسها الراوي من د. هـ. لورنس صاحب رواية " نساء عاشقات" ..
أ. محمد محضار
تحيتي لك

قديم 04-30-2011, 11:01 AM
المشاركة 7
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

الأديب الكريم محمد محضار المحترم

اللاجدوى من إنسان مريض نبذته المدينة وما فيها . .
وصف شامل لشخصية ضائعة في خضم الحياة . .
فقدت القيم وانتشر الفساد . .
وكل يقول : نفسي . . نفسي . .

كانت القصة مكثفة مركزة متجانسة . . ألقت الضوء على المشهد بشكل متكامل . .
ولكن النهاية لم تكن بقوة القصة . .
كان القارىء يريد في النهاية صدمة ما . . تتجاوب مع الأحداث وما أحدثته من ألم . .
أما تظن ذلك . .

عزيزي . .
تقبل تحيتي واحترامي . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ليل حزين
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
للفراق همس حزين !! حسام الدين بهي الدين ريشو منبر البوح الهادئ 20 05-12-2015 07:57 PM
قلب حزين راما فهد منبر البوح الهادئ 16 05-14-2013 04:33 PM
وترٌ حزين أميرة الشمري منبر البوح الهادئ 26 02-20-2013 08:01 PM
عزف حزين راما فهد منبر البوح الهادئ 14 12-16-2012 01:13 PM
حزين سالم بن زايد منبر الشعر العمودي 4 02-27-2012 09:53 PM

الساعة الآن 05:46 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.