احصائيات

الردود
3

المشاهدات
2771
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
03-09-2013, 01:12 PM
المشاركة 1
03-09-2013, 01:12 PM
المشاركة 1
افتراضي ليست سلفية .. وليسوا بسلفيين
ليست سلفية .. وليسوا بسلفيين
( دفاعا عن الإسلام فى مواجهة الإسلاميين )

واهمٌ من يظن أن مهمة الباحثين المسلمين هى مدافعة الشبهات التى يلقيها المستشرقون أو العلمانيون أو منكرى السنة النبوية أو غيرهم من أصحاب الفرق الضالة وحسب ..

بل المعركة الكبري فى هذا العصر هى الذب عن الدين فى مواجهة أولئك الذين حذر النبي عليه الصلاة والسلام من ظهورهم فى آخر الزمان , وأخبر أنهم سيكونون من جلدتنا ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم , ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ,

ثم والأهم ,

أننا سنُحــقـّر ــ أى سنهوّن ـــ عبادتنا إلى عبادتهم وصلاتنا إلى صلاتهم !

أى أن هؤلاء النفر المنفّرين عن دين الله سيكون لهم عبادة ظاهرة , وصلاة ملحوظة , وهو ما قد يسبب الفتنة للناس ..

ولا أرى أن هذه النبوءة النبوية قد تحققت فى عصر بقدر ما تحققت فى عصرنا الحالى الذى شهد انفلاتا فى تصدر الجهلاء للمشهد العلمى ــ على حد تعبير الشيخ الحوينى ــ وتسببوا ــ بقصد أو بدون قصد ــ فى تنفير الناس عن دين الإسلام والصد عن سبيل الله ,

ثم كانت الطامة الكبري التى سندفع ثمنها جميعا..

وهى أنهم مهدوا للإنفلات الدينى ورفض الدين فى مجمله بعد أن يئست التيارات الداعية لذلك من أن يكون لها موطئ قدم فى مصر بعد فشلها لأكثر من مائة عام فى أن تتسلل إلى الجموع أو الجماهير ! ,
بل مهدوا الطريق أكثر أمام حركات الإلحاد التى تهاوى فيها شباب كثير لم يتقبلوا التدين بهذه الصورة ولم يصدقوا أن الدين مرده إلى أمثال هؤلاء فـفـُـتنوا عن دينهم كله .. ومنهم ــــ للطامة الكبري ــــ مفكرين وصحفيين وكُــتّــاب تورطوا فى إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة تحت تأثير رفضهم لمنهج هؤلاء الدعاة فى التمسك بتلك الثوابت

وصدقت كلمة الإمام الغزالى رحمه الله عندما قال إن كل مبتعد عن المنهج الدينى الصحيح يقف وراءه فى الغالب نموذج نـفرّه من الدين والتدين ,

وبالقطع لم يكن المطلوب هو التخلى عن الثوابت لكن المطلوب كان حصر الثوابت على مفهومها الحصري ,وعدم التوسع فى إدخال أمور فقهية خلافية تحت بند ثوابت العقيدة , فهذا فوق أنه من الجهل المدقع , يُمثل مصيبة حقيقية فى منهج الدعوة , فالذى لم يتقبل الثوابت المبتدعة لهؤلاء الشيوخ قام برفض الثوابت فى المطلق تحت تأثير رفضه لهذه النماذج ,

وليس هذا الأسلوب من أساليب الدعوة إلى الإسلام بحال , فعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عندما نهض لإعادة الأمة إلى نهج السلف الصالح , حمل الناس شيئا فشيئا على ذلك ,ولم يبادرهم بتطبيق المنهج النبوى دفعة واحدة فى غير ملاحظة لتغير الزمن والأحوال , وعندما عوتب فى ذلك من ولده قال له :

( يا بنى إنى إن حملت الناس على الحق جملة , تركوه جملة .. )

وهذه كلمات تـُـكتب بماء الذهب لمن يعى ويدرك ..



لقد جاءت الثورة فى مصر فلم تكتف بكشف الحزب الوطنى البائد وأفعاله وسياساته , بل أصرت على كشف الجميع , وكان انهيار الرموز ــ ومن يتصور الناس أنهم رموزا ــ مروعا فى حدوثه, ولافتا فى تراكمه , وظهرت آيات من النفاق على من كان الشعب يظنهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا ,

فإذا بهم بعد طول سكوت فى عهد مبارك , بل وطول نفاق ومساندة , يتجاهلون سياستهم السابقة فى نبذ السياسة إلى درجة الإفتاء بأن الإلتحاق بمجلس الشعب هو شرك بالله , وتركوا كل هذه العهود لينزلوا إلى السباق الإنتخابي والسلطة بشهوة مدمرة ويتحالفوا مع أعدى أعدائهم فى العقيدة والمنهج طمعا فى اقتسام مكتسبات الثورة ,

وأصبحوا هم وارثي الثورة بعد أن كانوا بالأمس القريب , هم أصحاب الصوت الأعلى فى تكفير المشاركين فيها والداعين إليها والراضين بالخروج على حكم مبارك !!

وأعنى بهم سلفية القنوات الفضائية الذين افتضحوا سياسيا فضيحة يعجز عنها رتق الراتق , تتساوى مع فضائح الإخوان المسلمين ليثبت للعيان أن كلا التيارين الممثلين للإسلام السياسي ما هم إلا متاجرين بالدين والشعارات وعشاق للسلطة المطلقة , ولديهم دائما الحجج التى يغزون بها عقول أتباعهم لتبرير هذا الإنسياق المستبد

وليت أنهم اكتفوا بالتغرير الذى مارسوه طيلة عقود على جماهيرهم أصحاب العقليات المعلبة , بل استغلوا فضاء الإعلام لارتكاب أبشع الموبقات التى تعطى لغلاة العلمانية أفضل فرصة للطعن على الإسلام باعتبار أن سلفية الفضائيات هى من يعرفها الشعب , وشخوصها ونجومها هم جمهور علماء الأمة فى نظرهم ..

وهذه هى المعضلة الكبري ..

أن الناس لا تفرق , ولا يمكن أن تفرق بين الشهرة وبين القيمة العلمية , فالقيمة العلمية عندهم مرتبطة ارتباطا واحدا بالشهرة , والعكس غير صحيح

ولهذا ,

فإن العلماء الأكابر فى كافة تخصصات الشريعة داخل الأزهر وخارجه لا يعرفهم أحد ولا يهتم بقولهم أحد , رغم أنهم أهل الخبرة والعلم والدراية , بل إنه حتى فى مجال التيار السلفي فى مصر فإن النجومية من نصيب أصحاب الظهور الإعلامى وهم فى جملتهم الكاسحة لا يخرجون عن كونهم وعاظ وليس أكثر من ذلك بمقدار خردلة ,

بينما لا يتمتع أهل العلم الكبار فى التيار السلفي بذات السطوة والنفوذ المعنوى لهؤلاء الواعظين.. نظرا لقلة ظهورهم على الفضائيات أو لزهدهم فى الشهرة وألاعيب السياسة



وما ارتكبه هؤلاء من الإجرام بحق الدعوة , عجز عنه الإعلام السلطوى طيلة عصر مبارك كله ,وكانت الناس تستمع إلى التشويه المتعمد للدين والمتدينين , ثم تلقيه خلف ظهورها ,فلم يصدقوا أبدا أن بعض شيوخ السلفية يكفّرون مخالفيهم من عموم الأمة , ولم يصدقوا أن منهم من يتاجر بالدعوة كعملية بيزنس لا علاقة لها بالدين من الأساس , ولم يصدقوا أنهم مجرد فصيل مستأنس من نظام غاشم .. !

حتى جاءت الثورة وكشفت الجميع ..
ولا أعنى بالجميع هنا عموم الدعاة ولكنى أعنى فصيلا معينا أصبح ظاهرا للعيان الآن وهم أقرب لرجال الأعمال والسياسيين منهم إلى الدعوة والدعاة , وهم أولئك الذين تحالفوا مع الإخوان قلبا وقالبا رغم طول عهد الإختلاف العقائدى بينهم !

فالذى يجهله الكثيرون أن الخلاف فى المنهج بين الإخوان والدعوة السلفية خلاف متسع للغاية , وسبق للسلفيين أن اتهموا الإخوان بأقذع التهم فى عقيدتهم ومساندة التشيع والتصوف المغالى واشتغالهم بالسياسة , ولكن عندما لاحت الفرصة للسلفيين ولوح لهم الإخوان بالمكاسب رضي التيار السلفي السياسي بالمشاركة وضرب عرض الحائط بالخلافات القديمة..

وقد استغلهم الإخوان أسوأ استغلال , ومـثـّـل السلفيون بالنسبة للإخوان مخلب القط والجماهيرية فى مواجهة التيارات المناوئة , ثم افتضح ذلك كله عندما اختلفوا مؤخرا حول تقسيم الكعكة , ورغم بيانات التأييد اللاحصرية التى أصدرها السلفيون لتأييد الإخوان , إلا أنهم ظهروا فى الأيام الأخيرة فى ثوب المعارضين بعد رفض الإخوان إكمال الصفقة السياسية المبرمة بينهما ..

ولأن الغدر طبيعة إخوانية صرفة , فقد رفض السلفيون الإستماع لنداءات أطراف متعددة وتحذيرهم لهم من غدر الإخوان وأن جزاءهم من الإخوان سيكون كجزاء سنمار الشهير , وكانت النتيجة أن أفاق السلفيون من سكرة التحالف على اكتشاف طبع الإخوان السياسي وكيف أصبح السلفيون مجرد يد باطشة يستخدمها الإخوان لتلويث خصومهم دون أن تنالهم ضريبة هذا التلويث

فظهر السلفيون الآن بمعارضتهم الغريبة المستغربة لأخونة الدولة واستبداد الإخوان بالمناصب وكأنهم اكتشفوا هذا فجأة !

ولهذا انكشف للجميع أن معارضة السلفيين للإخوان فى الأيام الأخيرة ليست لوجه الله والوطن , بل هى نتاج الأطماع فى المكاسب السياسية وإلا كيف يمكن أن ننسي الدفاع المستميت لنجوم السلفيين على الفضائيين وإشادتهم بمحمد مرسي ووصفه بأوصاف لا تليق إلا بالخلفاء الراشدين وفتاويهم بجواز قتل المعارضين , واعتبار أن فجر الإسلام بدأت تباشيره بولاية محمد مرسي !!

هذا فضلا على أن السلفيين كانوا هم الجبهة الأمامية للهجوم على خصوم الإخوان والإنهيال عليهم بأقذع الشتائم والألفاظ بخلاف التكفير والإتهامات الأخلاقية !
يتبع


قديم 03-09-2013, 01:20 PM
المشاركة 2
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وما يستحق الرد عليه من أخطائهم كثير ,
لكن أخصص هذا المقال للرد على جريمة شنيعة ارتكبها بعض دعاتهم على القنوات الفضائية التى تزعم أنها تحمل منهاج القرآن والسنة , وصدّرت للناس من البذاءات ما يعف عنه لسان امرئ أخذ النصيب الأدنى من الأخلاق , وليت أنهم اكتفوا بهذا بل زادت الطامة بأن قام هؤلاء الدعاة بشرعنة وتقنين السباب البذئ والتكفير لعموم الناس بقال الله وقال الرسول ..
ولنا أن نتخيل أى زمن نعيش فيه عندما يخرج داعية يدافع عن تلك البذاءات التى يلقيها على خصومه فيقول أحدهم أنه منهج نبوى , ناسبا البذاءة والفحش فى القول واللعن والطعن فى الأعراض إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهو الذى امتدحه رب العالمين من فوق سبع سماوات بأنه على خلق عظيم !
ثم جاء آخر فنسب البذاءة والشتائم إلى رب العالمين ! ــ تعالى الله عن ذلك ــ وقال نصا أن الله يشتم ويسب !!
واختصارا لهذا الغثاء سأكتفي بالرد على مثالين فقط , لا تحتاج إلى رد كبير فى الواقع لأن ما تنفر منه الطبيعة البشرية الفطرية فلا شك أنه باطل , ولكن الرد سيكون على استدلالهم الفاسد بآيات القرآن والسنة النبوية لتجويز الفحش بهذه الصورة المرعبة التى جعلتنا نستمع منهم إلى ألفاظ لا نسمعها حتى فى الحوارى وبين سائقي الميكروباصات !
ونحن هنا لن نحاكمهم إلا إلى منهجهم الذى ارتضوه , وهو منهج السلف ــ لا السلفيين ــ وما اتفق عليه جمهور العلماء ومن قبلهم سيرة الصحابة رضوان الله عليهم لندرك أن سلفية الفضائيات ليست من السلف فى شيئ

المثال الأول :
داعية شهير قام بتكفير كل التيارات السياسية عدا الإخوان والسلفيين ووصمهم بالكفر الصريح فى أكثر من تسجيل ولم يقتصر بالتكفير على رموز التيارات المدنية أو العلمانية أو الليبرالية , بل امتد التكفير حتى للمنسوبين إلى هذه التيارات كأعضاء وهذا بالإجمال , فضلا على نعتهم ووصفهم بألفاظ سباب فاحشة لا نستطيع إيرادها , وإن كانت قد انتشرت عنه فى كثير من المواقع ..
وقد استدل على ذلك بقول الله تعالى :
[يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ] {التوبة:73}
وأيضا استدل من السنة النبوية بواقعة شهيرة فى غزوة أحد عندما اختال الصحابي الجليل أبو دجانة بين الصفوف وهو يهز سيف النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن أعطاه إياه , فمشي به مزهوا ..
فقال النبي عليه الصلاة والسلام : إنها مشية يكرهها الله ورسوله إلا فى هذا الموطن ..
كما استدل بحديث جبريل عليه السلام وهو يقول للنبي عليه الصلاة والسلام ( لو رأيتنى وأنا أحثو الطين فى فم فرعون مخافة أن ينطق بكلمة فتدركه بها الرحمة )
استدل هنا على جواز الدعاء على المخالفين من السياسيين والصحفيين والإعلاميين بألا يقبل الله توبتهم أو يجعل لهم نصيبا منها !!
المثال الثانى :
داعية تليفزيونى آخر قام بتوجيه اتهامات بالزنا والشذوذ ــ هكذا علنا ــ لسائر المعارضين لحكم الإخوان ومحمد مرسي , التى يري أنهم يمارسونها فى خيام الإعتصام !
واستدل فيما استدل عليه من فحش القول بمقولة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لرسول المشركين قبيل صلح الحديبية حين هدد رسول قريش النبي عليه الصلاة والسلام بألا تأخذه العزة بأصحابه الذين معه , فهم تاركوه إذا شب القتال
فغضب أبو بكر والصحابة غضبا شديدا وقال أبو بكر له : امصص بظر اللات ..
وبالتالى استدل الداعية المذكور من تلك الكلمة وهذا الموقف على جواز استخدام ألفاظ الفحش والبذاءة التى استخدموها فى الفضائيات ..

والرد على هذه الاستدلالات واجب وضرورة بعد أن وقف أمامها بعض الناس يتساءلون هل من الممكن أن يكون الإسلام ــ وهو دين السمو الأخلاقي ــ مبيحا لأمثال هذه الممارسات , وهل من الممكن أن تكون الدعوة للإسلام مقرونة بتلك الحرب اللفظية الشعواء و وهل تصح هذه الأدلة بالفعل فى تاريخنا وشريعتنا ؟!
وهذه الأسئلة والانطباعات التى ترسخت فى أذهان غير العاملين بمجال الكتاب والسنة هى جريمة يعود وزرها على أولئك الذين وظفوا الشريعة لاختياراتهم السياسية وخصوماتهم ,
وأول القول هنا للرد على هذا الكلام هو أن هذه البذاءات وإباحتها ليست من دين الله فى شيئ وحاشا أن يأمر بها الإسلام , أما ما استدل به القائلون فى تجويز ذلك فهو تعسف واختلال فى فهم النصوص وعدم دراية بفقه الأدلة الذى رسخه العلماء عبر العصور ..
ففي البداية ..
إن دين الإسلام قائم على حسن الخلق والدفع بالتى هى أحسن وهى أسمى وأوجب قاعدة أوجبها الله ورسوله على المسلمين بعامتهم فضلا على خاصتهم والأدلة من القرآن والسنة على ذلك هى من الكثرة بحيث لا تحصي ويكفينا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان فى أعتى مواقف العداء أشد ما يكون من الرحمة والدفع بالتى هى أحسن حتى مع أعتى الكفار والمشركين ..
فأساس هذا الدين العظيم هو مكارم الأخلاق ومحاسنها ،
وقد روى البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) , والبر الذي هو كلمة جامعة لمعاني الدين قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم فى حديث مسلم ( البر حسن الخلق )
وقد وصف الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه بحسن الخلق، فقال جل وعلا: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ {القلم:4}.
ومن الأحاديث الواردة في حسن الخلق ـ وهي كثيرة ـ ما وراه الإمام مالك في الموطأ بلاغا أن معاذ بن جبل قال: آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رجلي في الغرز أن قال: أحسن خلقك للناس يا معاذ.
وروى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم.
وقال صلى الله عليه وسلم : إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم : ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق. رواه أصحاب السنن ..
كما نهى النبي عليه الصلاة والسلام مشددا على نبذ الفحش فى القول والبذاءة ونفي الإيمان عن صاحب تلك الصفات ..
نخلص من هذا إلى أن القاعدة الرئيسية فى الإسلام ــ وفق ما دلت عليه الشواهد المستفيضة ــ هو الحض على حسن الخلق واعتباره من تمام الإيمان بل علامته التى لا يكون المرء مؤمنا بغيرها ..
ثانيا : ما ورد فى السنة واستدل به أولئك الممارسين للبذاءات إنما ورد على سبيل الإستثناء الذى يؤكد القاعدة , فلكل قاعدة عامة استثناء محدود بقدره , تماما كالضرورة بقدرها لا تتعداه إلى حد آخر , والعبرة والإعتبار إنما يكون بالقاعدة الرئيسية , ولهذا فإن الأمثلة التى استدلوا بها لا تتعدى مثالين أو ثلاثة لا تزيد , هى مواقف بالغة الندرة وكانت لها شروطها الحصرية التى لا ينبغي تعميمها على كل مواقف الخصومة لأن الأصل والقاعدة ( ادفع بالتى هى أحسن ) فى مواجهة الأعداء والخصوم حيث خصصها الله بذلك بقوله ( فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم )
ومن اختلال الفهم عند هؤلاء أنهم تركوا القاعدة الرئيسية الكلية , وذهبوا إلى الإستثناء فوضعوه كقاعدة عامة , فكان أن جعلوا البذاءة هى السبيل الوحيد لمواجهة خصومهم فى الدين والسياسة , وحتى فى مجال خصومة الدين البحتة مع الكفار والمشركين والمنافقين فإن قاعدة حسن الخلق لا تسقط بل تزيد ..
وذلك أن الدعوة إلى الله يجب ألا تكون بأسلوب الصد عن سبيل الله حتى لا يأخذ الكافر أو العاصي عزته بالإثم فيتشبث بالباطل كراهية فى أسلوب صاحب الحق الذى نفرّه من الدين وقواعده ..
وفى ذلك يقول العلامة المحدث الألبانى ــ وهو من أكبر شيوخ السلفية فى هذا العصر ـــ
( وأول من يستحق أن نستعمل معه هذه الحكمة هو من كان أشد خصومة لنا في مبدئنا و في عقيدتنا، حتى لا نجمع بين ثقل دعوة الحق التي امتن الله عز و جل بها علينا و بين ثقل أسلوب الدعوة إلى الله عز و جل )
فانظر عزيزى القارئ إلى حكمة العلماء ودرايتهم وقارن بينها وبين من يدعون الإنتساب لمنهج هؤلاء العلماء اليوم !

ثالثا : إن أول وأشرف وأجّل صفة تزكى بها النبي عليه الصلاة والسلام ومن بعده الصحابة وأولهم أبا بكر , كانت هى الرفق واللين وحسن الخلق الذى كان السبيل الأعظم لاجتلاب قلوب وأفئدة الناس لدعوة الإسلام ,
وإن مما يثير العجب والإستغراب أن هؤلاء الدعاة مُجوزى الفحش والبذاءة تركوا السيرة العطرة والتاريخ العريض المليئ بالمواقف الدالة على ذلك ليذهبوا إلى حوادث استثنائية كأنهم لم يجدوا فى سيرة أبي بكر الصديق كلها إلا كلمته ( امصص بظر اللات ) والتى قالها فى موقف استفزازى فى مواجهة قريش وهم على شفا مواجهة عاتية مع كفار قريش
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا ,
كيف تخيل هؤلاء الدعاة أن المجتمع المصري هو مجتمع كفر يماثل مجتمع قريش فى تلك الفترة , حتى يمكن أن يطبقوا عليه مثال هذا الموقف من أبي بكر رضي الله عنه ؟!
وهل يرون خصومهم السياسيين من غير التيار الإسلامى كفار بالفعل ؟!
الواقع أن الجواب نعم لأنهم صرحوا بذلك علنا فاعتبروا كل أعداء الإخوان والسلفيين كفارا أو منافقين وليت أنهم اقتصروا على هذا بل اعتبروهم كفارا محاربين أى جمعوا لهم بين الكفر وحرب الإسلام ؟!
فمن أين أتوا بهذا المنهج الذى ينسبونه للسلف زورا وبهتانا , ومتى كان تكفير المسلمين بعمومهم هكذا أمرا سهلا والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )
وهؤلاء الخصوم السياسيين لو افترضنا أن من بينهم من يكفر بالفعل بشريعة الإسلام ويحاربها , فكم تبلغ نسبة هؤلاء فى مجتمع مصر المسلم الموحد ؟!
ثم أين هى ضوابط التكفير التى اشترطها العلماء وأجمعوا عليها لمثل هذا الحكم الجلل ؟!
ثم كيف جاز لهؤلاء اعتبار أن خصوم الإخوان والسلفيين جميعا كفار مارقين فى مساواة منهم بين الإخوان والإسلام , !!
ثم تصل درجة الكراهية والمقت التى يبثها أولئك الدعاة إلى حد دفاعهم عمن يدعو على خصوم الإخوان والسلفيين بعدم نوال التوبة والرحمة !!
وقد رأينا استدلالهم السابق بحديث جبريل عن فرعون ,
ونسي هؤلاء المغيبون أن الفاعل هنا هو جبريل !! , وصاحب الموقف هو فرعون .. أكفر مخلوق ذمه القرآن بعد إبليس ..
فهل الإخوان فى طهر وعصمة جبريل علي السلام وخصومهم فى إجرام فرعون حتى يتمنون لهم البوء بالخسران وعدم نوال التوبة والرحمة ؟!
والنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا مرت به جنازة يهودى أو مشرك بكى وقال ( نفسٌ أفلتت منى إلى النار ) وذلك شوقا إلى هداية وتوبة الناس أجمعين ..
وخصوم السلفيين والإخوان لو كانوا حقا خصوما للإسلام على أفجر صورة , لما جاز لمسلم أن يدعو عليهم بعدم الهداية لأن عداوتهم للدين ــ لو صحت ــ لن تبلغ قط عداوة مشركى قريش الذين قاتلوا الصحابة وقتلوا منهم وآذوا نبي الله عليه الصلاة والسلام وقاتلوه وسبوه وصدوا عن سبيل الله صدودا ..
وليس أدل من ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام دعا لأبي جهل ــ وهو من هو فى الكفر والإيذاء ــ وهو قاتل سمية وياسر أبوى عمار بن ياسر رضي الله عنهم , وهو الرجل الذى تزعم كبر قريش كلها فى حرب الإسلام ونال النصيب الأعظم فى تعذيب المسلمين وهو الرجل الذى قيل فيه أنه فرعون هذه الأمة .. ورغم هذا دعا النبي عليه الصلاة أن يعز الله به الإسلام هو أو عمر بن الخطاب ..
فكيف يأتى اليوم من يريد يتمنى النار للمسلمين ــ مهما بلغت معاصيهم ــ بدلا من أن يدعو لهم ويستغفر ؟!
وهل هذا من السلفية أو فعل السلف الصالح ؟!
الواقع يقول بالعكس تماما , فابن تيمية رائد السلفية العظيم هو الذى قال كلمته الشهيرة محذرا من نفس فعل الإخوان والسلفيين اليوم ألا وهو اتخاذ الناس حجة على الدين من العلماء أو الدعاة , فقال لا ينبغي لمسلم أن يتخذ امرؤ يوالى ويعادى عليه , فالحجة للدين على الناس ولا يوجد حجة فى الإسلام إلا النبي عليه الصلاة والسلام وحده ..
والشيخ الجليل محمد إسماعيل المقدم الداعية السلفي الشهير قام بالرد على هذا الأسلوب المنفر ردودا حاسمة وأعلنها على جمهوره ( أنه ليس هناك أحد أولى بالله من أحد ) , ثم شدد الإنكار على من صد عن سبيل الله بتلك الأقوال والأفعال المشينة التى وصلت للتكفير فى العموم والإتهام بالزنا لكافة المعارضين دون استيفاء شرط واحد أو حتى قرينة موجبة لهذا الإتهام !

وأخيرا ..
إن الدور المنوط الآن بكل غيور على الإسلام أن يسارع ببيان الباطل الذى وقع فيه هؤلاء فى سبيل السلطة والتسلط , وذلك بعد أن انكشف موقفهم السياسي أيما انكشاف فإذا بهم صورة ونسخة مكررة من نظام مبارك سواء فى تعاملهم مع الغرب أو تعاملهم مع المعارضة أو مع الشعب , وظهر للعيان أن تجارتهم بالدين بلغت حدا من الصفاقة أن ألصقوا بالشريعة نقائصهم وعوراتهم السياسية ..
فالمواجهة الآن مع الإخوان وأتباعهم ليست مواجهة سياسية فحسب بل هى مواجهة دينية فى المقام الأول يحمل لواءها الأزهر الشريف مع الكـُـتّــاب والمفكرين القادرين على كشف زيف التدين الكاذب الذى صدره الإخوان وسلفيو الفضائيات عبر عقود طويلة ..

قديم 04-05-2013, 07:49 PM
المشاركة 3
أسامة المهدي
ابـن النيـل
  • غير موجود
افتراضي
بارك الله فيك استاذ محمد وزادك من علمه ، فنحن في أشد الحاجة لمثل تحليلاتك وردودك ، واتمنى أن تنتشر على نطاق أكير وأوسع ..



ولي بين الضلوع دم ولحم . . . هما الواهي الذي ثكل الشبابا


يشرفني زيارتكم مدونتي الموسيقية
www.sama3eyat.blogspot.com
قديم 04-06-2013, 12:57 AM
المشاركة 4
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وجزاك الله خيرا يا أسامة ,,
والله انه لشرف لى لو وضعت لبنة واحدة تفيد ولو مسلما واحدا فقط ..
بارك الله فيك


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ليست سلفية .. وليسوا بسلفيين
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
غيمة ليست للعبور.. ياسَمِين الْحُمود منبر البوح الهادئ 7 05-17-2022 08:12 AM
العدالة ليست مزحة! عبد الرزاق مربح منبر القصص والروايات والمسرح . 2 02-10-2021 09:28 PM
قيود ليست من حديد جمعان ال السهيمي منبر البوح الهادئ 2 10-28-2014 10:26 AM

الساعة الآن 02:03 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.