احصائيات

الردود
0

المشاهدات
274
 
أ محمد احمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


أ محمد احمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,312

+التقييم
0.69

تاريخ التسجيل
Feb 2015

الاقامة

رقم العضوية
13657
06-02-2023, 05:58 AM
المشاركة 1
06-02-2023, 05:58 AM
المشاركة 1
افتراضي حرب الثلاثين عاما





بسم الله الرحمن الرحيم









نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

خريطة حرب الثلاثين عام






حرب الثلاثين عاما (بالإنجليزية: Thirty Years' War)‏، هي سلسلة صراعات دامية مزقت أوروبا بين عامي 1618 و1648 م، وقعت معاركها بدايةً وبشكل عام في أراضي أوروبا الوسطى (خاصة أراضي ألمانيا الحالية) العائدة إلى الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ولكن اشتركت فيها تباعا معظم القوى الأوروبية الموجودة في ذاك العصر، فيما عدا إنكلترا وروسيا. في الجزء الثاني من فترة الحرب امتدت المعارك إلى فرنسا والأراضي المنخفضة وشمال إيطاليا وكتالونيا. خلال سنواتها الثلاثين تغيرت تدريجيا طبيعة ودوافع الحرب: فقد اندلعت الحرب في البداية صراعاً دينياً بين الكاثوليك والبروتستانت وآلت إلى صراع سياسي من أجل السيطرة على الدول الأخرى، بين فرنسا وهابسبورغ، بل ويرى بعض المؤرخين ذلك السبب الرئيسي، ففرنسا الكاثوليكية التي كانتتحت حكم الكردينال ريشيليو في ذلك الوقت ساندت الجانب البروتستانتي في الحرب لإضعاف منافسيهم آل هابسبورغ لتعزيز موقف فرنسا بصفتها قوة أوروبية بارزة، فزاد هذا من حدة التناحر بينهما، وأدى لاحقا إلى حرب مباشرة بين فرنسا وإسبانيا.

كان الأثر الرئيسي لحرب الثلاثين عاما والتي استخدمت فيها جيوش مرتزقة على نطاق واسع، تدمير مناطق بأكملها تُركت جرداء من نهب الجيوش وانتشرت خلالها المجاعات والأمراض، وهلاك االملايين من سكان الولايات الألمانية والأراضي المنخفضة وإيطاليا، بينما أُفقرت الكثير من القوى المتورطة في الصراع. استمرت الحرب ثلاثين عاما ولكن الصراعات التي فجرتها ظلت قائمة بدون حل لزمن أطول بكثير. وقد انتهت هذه الحرب بمعاهدة مونستر وهي جزء من صلح وستفاليا الأوسع عام 1648 م.

وخلال الحرب انخفض عدد سكان ألمانيا بمقدار 30 ٪ في المتوسط؛ وفي أراضي براندنبورغ بلغت الخسائر النصف، في حين أنه في بعض المناطق مات ما يُقدّر بثلثي السكان، وانخفض عدد سكان ألمانيا من الذكور بمقدار النصف تقريبا. كما انخفض عدد سكان الأراضي التشيكية بمقدار الثلث.

و قد دمَّر الجيش السويدي وحده 2000 قلعة و 18000 قرية و 1500 مدينة في ألمانيا، أي ثلث عدد جميع المدن الألمانية. وجاء في موسوعة «قصة الحضارة» تحت عنوان: «إعادة تنظيم ألمانيا (1648-1715)»:

«"هبطت حرب الثلاثين بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر ونصف مليونا، وبعد عام أفاقت التربة التي روتها دماء البشر، ولكنها ظلت تنتظر مجيء الرجال. وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في العهد القديم. ففي مؤتمر فرنكونيا المنعقد في فبراير 1650 بمدينة نورنبيرغ اتخذوا القرار الآتي:- "لا يقبل في الأديار الرجال دون الستين... وعلى القساوسة ومساعديهم (إذا لم يكونوا قد رسموا)، وكهنة المؤسسات الدينية، أن يتزوجوا... ويسمح لكل ذكر بأن يتزوج زوجتين، ويذكر كل رجل تذكيراً جدياً، وينبه مراراً من منبر الكنيسة، إلى التصرف على هذا النحو في هذه المسألة".»


الأحوال في أوروبا قبل الحرب


سلام أوگسبورگ الذي عقد عام 1555 قام بالتأكيد على نتيجة اجتماع شپير الأول وأنهى العنف القائم بين اللوثريين والكاثوليك في ألمانيا. نصت بعض بنود السلام على ما يلي:

يجوز للأمراء الألمان والذين يصل عددهم لـ225 أن يختاروا الديانة التي يريدون اتباعها (إما لوثرية أو كاثوليكية) في مملكاتهم أو إماراتهم كل حسب رغبته وضميره.
أي لوثري قاطن في منطقة تقع تحت تحكم أسقف له الحق في البقاء لوثريا.

يستطيع اللوثريون الاحتفاظ بالأراضي التي انتزعوها من الكنيسة الكاثوليكية منذ معاهدة سلام پاساو المنعقدة في 1552.

على كل أسقف كاثوليكي كان يحكم منطقة ما وتحول للوثرية أن يسلم أراضيه ويرجعها للكاثوليك.

في أوائل القرن السابع عشر كان الصراع والتوتر سائدا بين العديد من دول أوروبا القوية وخصوصا حول الأراضي الألمانية فمثلا:

إسبانيا كانت مهتمة بضم الولايات الألمانية إلى ملكها حيث أنها كانت تسيطر على ما كان يعرف باسم هولندا الإسبانية (هولندا الجنوبية) المجاورة لحدود ألمانيا.

فرنسا بدورها كانت تطمح لاحتلال الولايات الألمانية حيث كانت تلكم الولايات أضعف تكتل سياسي حول أراضيها.

السويد والدانمارك كانتا تريدان ضم الأجزاء الشمالية من ألمانيا إلى أملاكهما حتى تحصلان على سيطرة مطلقة على بحر البلطيق.

بالإضافة للأطماع السياسية كان التوتر الديني قد بلغ مبلغا كبيرا في أواخر القرن السادس عشر. كان سلام أبسبرج قد بدأ بالانحلال بعد قيام العديد من الأساقفة بعدم تسليم أراضيهم للكاثوليك كما نصت الاتفاقية، ومما فاقم الوضع أيضا قيام مذهب مسيحي جديد هو الكلفنية والذي انتشر في عدة ولايات ألمانية وكذلك قيام بعض وجهاء إسبانيا وأوروبا الشرقية بمحاولة استرجاع نفوذ الكاثوليك في مناطق التوتر الديني.

تخوف أباطرة آل هابسبرج الذين تلوا تشارلز الخامس (خاصة فرديناند الأول وماكسميليان الثاني بالإضافة لرودلف الثاني وخليفته ماتياس) من قوة نفوذ أبناء عمومتهم حكام إسبانيا بالإضافة إلى اطلاعهم على نتائج فترة السياسة غير المتسامحة دينيا في إنجلترا عام 1534 إبان عهد هنري الثامن والتي أدت إلى حروب أهلية واسعة، أجبر الهابسبرج على القيام بالسماح بتعدد الأديان في مناطق حكمهم مما أدى إلى رضا البعض عن هذا التصرف ولكن في نفس الوقت سخط دعاة التوحد الديني (الكاثوليك غالبا) على التعددية الدينية. في الوقت ذاته، كانت السويد والدنمارك اللوثريتان تحاولان دعم ومساعدة معتنقي البروتستانتية في الإمبراطورية الرومانية حتى تحصلان على مكاسب سياسية واقتصادية مرجوة من هذا الدعم.

قادت هذه التوترات أخيرا إلى اندلاع العنف في دوناوفورث إحدى مدن ألمانيا التابعة للإمبراطور الروماني مباشرة في عام 1606. كان سكان المدينة اللوثريين قد قاموا بمنع الأقلية الكاثوليكية من ممارسة بعض شعائرهم الدينية الأمر الذي أدى لاحتدام القتال بينهم. قام ماكسميليان البافاري بالتدخل بعدها لمصلحة الكاثوليك. بعد القضاء على الثورة وانتهاء أعمال العنف هذه، شعر الكلفنيون في ألمانيا -والذين كانوا أقلية وكان دينهم لا زال ناشئا- بالخطر والتهديد وقاموا بالانضمام إلى الرابطة الإيفانجليكية (الاتحاد البروتستانتي أو الاتحاد الإنجيلي). نشأ هذا الاتحاد البروتستانتي ضعيفا بسبب غياب قيادة مؤثرة تقوده، كما وأضعفه انضمام الكلفنيين واللوثريين إليه. في المقابل، قام الكاثوليك بإنشاء ما عرف باسم الرابطة الكاثوليكية (أو العصبة المقدسة) تحت قيادة الدوق ماكسميليان البافاري.

مات الإمبراطور الروماني وملك بوهيميا ماتياس عام 1619 دون أن يخلف ورائه من يتولى الحكم بعده فتولى الحكم أقرب أقربائه من الذكور إليه وهو ابن عمه فرديناند من ستيريا. كان فيرديناند كاثوليكيا مخلصا، تلقى تعليمه على يد رهبان يسوعيين ممن كانوا يريدون أن تستعيد الكاثوليكية سيطرتها على أوروبا. بالإضافة لما سبق فقد كان فيرديناند ذو شعبية منخفضة جدا في بوهيميا، وهذا بحد ذاته (أي شعبيته المنخفضة) كان سببا رئيسيا لاندلاع أحداث حرب الثلاثين عاما والتي يمكن تقسيم أحداثها إلى أربع فترات رئيسية وهي: الثورة البوهيمية والتدخل الدنماركي وتلاه التدخل السويدي ثم أخيرا التدخل السويدي الفرنسي.





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مآسي الحرب العظمى جاك كالوت، 1632




الثورة البوهيمية

من 1618 حتى 1625 م

لكونه دون ذرية سعى الإمبراطور ماتياس الثاني لضمان انتقال سلس للسلطة خلال حياته بتعيين ولي عهد من عائلته (الكاثوليكي المتعصب فرديناند من ستيريا، ولاحقا فرديناند الثاني الإمبراطور الروماني المقدس) وانتخاب لعرشي بوهيميا والمجر الملكيين المفصولين. فتخوَّف بعض زعماء البروتستانت البوهيميين من فقدان الحقوق الدينية التي منجهم إياها الإمبراطور رودولف الثاني بالوثيقة المسماة «رسالة الفخامة». كانوا يفضلون البروتستانتي فريدريك الخامس ناخب بالاتينات (خليفة فريدريك الرابع مؤسس رابطة الاتحاد الإنجيلي). ومع ذلك أيد بروتستانت أخرون موقف الكاثوليك فدعمت الدول البوهيمية تواجد القوات الكاثوليكية في أراضيها، وانتخبت فرديناند عام 1617 حسب الأصول ليصبح وليا للعهد وتلقائيا ملك بوهيميا القادم بعد وفاة ماتياس، بلغ الاحتقان حده بمنع ماتياس بناء بعض الكنائس البروتستانتية. ولمَّا أرسل الملك المنتخب اثنين من مستشاريه الكاثوليك (فيلهلم سلافاتا وياروسلاف بورزيتا) كممثلين له إلى قلعة هارادشاني في براغ مايو 1618، حيث أختارهم فرديناند لإدارة الحكومة في غيابه. فقبض البوهيميين الهوسيين عليهم وحاكموهم صورياً وألقوا بهم من نافذة القصر المرتفعة بأكثر من 20 مترا. بيد أنهم نجوا دون أن يلحق بهم أذى بالغ لسقوطهم على كومة من السماد العضوي.

أشعل هذا الحدث المعروف باسم الرمي الثاني من نافذة براغ الثورة البوهيمية. وسرعان ما انتشارت في كافة أنحاء بوهيميا الكبرى أي بوهيميا وسيليزيا ولاوزيتس ومورافيا. وكانت مورافيا متورطة أصلا في صراع بين الكاثوليك والبروتستانت.

كان الصراع ليبقى محليا وما كانت الحرب لتستمر. لولا أن وفاة الإمبراطور ماتياس شجعت زعماء التمرد البروتستانت وهم الذين كانوا على وشك التوصل إلى تسوية. أدى ضعف كل من فرديناند (الآن أصبح رسمياً الإمبراطور) والبوهيميين إلى اتساع رقعة الحرب إلى ألمانيا الغربية. واضطر فرديناند لطلب المساعدة من ابن أخيه الملك فيليب الرابع ملك إسبانيا.

تهور البوهيميين من أجل الحصول على حلفاء ضد الإمبراطور، فطلبوا الانضمام إلى الاتحاد الإنجيلي والذي يقوده مرشحهم الأول لعرش بوهيميا الكالفيني فريدريك الخامس ناخب بالاتينات وألمحوا له أنه سيكون كذلك لو سمح لهم بالانضمام للاتحاد وتحت حمايتها، وهي نفس الوعود التي قدمها أعضاء آخرون من الدول البوهيمية إلى كارلو إمانويلي الأول دوق سافويا ويوهان جورج ناخب سكسونيا، وغابرييل بتلن أمير ترانسيلفانيا. يكشف الدعم الكبير للبوهيميين خاصة في ساكسونيا انقسام النمساويين.

رجحت كفة البوهيميين عند بداية التمرد. فقد انضم لثورتهم الكثير من نبلاء النمسا العليا اللوثرييين والكلفنيين، وما لبثت النمسا السفلى أن انتفضت عام 1619، وحاصرالكونت تورن بجيشه فيينا نفسها، وفي الشرق قاد أمير ترانسيلفانيا البروتستانتي حملة قوية إلى المجر بدعم من السلطان العثماني. بادر الإمبراطور الذي كان مشغولا بحرب الأسكوك بإعداد جيش لوقف اجتياح البوهيميين وحلفائهم لكامل لبلاده. فهزم الكونت بوكوي قائد الجيش الإمبراطوري قوات من الاتحاد البروتستانتي بقيادة الكونت مانسفيلد في معركة سابلات في العاشر من يونيو 1619. مما أدى لقطع اتصالات الكونت تورن مع براغ فتخلى عن حصار فيينا، كما تكلفت هزيمة سابلات البروتستانت حليفهم الهام الآخر كارلو إمانويلي الذي لطالما عارض توسع آل هابسبورغ. كان كارلو إمانويلي قد أرسل فعلا أموالا ضخمة للبروتستانت وحتى جنودا إلى حامية القلاع في بلاد الراين، كشف أسر المستشار الميداني لمانسفيلد مشاركة دوق آل سافويا فأجبر على الخروج من الحرب.

رغم هزيمة سابلات، ما زال وجود جيش الكونت تورن يشكل قوة فعالة، وكذلك تمكن مانسفيلد من إعادة تنظيم جيشه في شمال بوهيميا. وقعت النمسا العليا والسفلى التي ما زالت تحت سيطرة الثوار تحالفا مع بوهيميين أوائل أغسطس. وفي 17 أغسطس 1619 عُزل فرديناند رسمياُ عن عرش بوهيميا واستبدل فريدريك الخامس ناخب بالاتينات. في المجر ورغم نكث البوهيميين لوعودهم فيما يتعلق بالتاج استمر الترانسلفانيون في إحراز تقدم مدهش، وقد نجحوا طرد جيوش الإمبراطور من البلد بحلول عام 1620.


أرسل الإسبان جيشا من بروكسل بقيادة أمبروسيو سبينولا لدعم الإمبراطور. إضافة إلى ذلك أقنع السفير الإسباني في فيينا الدون إنييغو فيليس دي أونياتي بروتستانت ساكسونيا بالتدخل ضد بوهيميا في مقابل الحصول على لاوزيتس، فغزا الساكسونيون البوهيميين ومنع الجيش الإسباني في الغرب قوات الاتحاد البروتستانتي من مساعدتهم. تآمر أونياتي لنقل اللقب الانتخابي من بالاتينات إلى دوق بافاريا مقابل دعمه والرابطة الكاثوليكية.

تحت قيادة الجنرال يوهان تسيركلايس كونت تيلي قامت قوات الرابطة الكاثوليكية (كان في صفوفها رينيه ديكارت) بتهدئة الأوضاع النمسا العليا، في حين أن قوات الإمبراطور فعلت ذات الأمر في النمسا السفلى. وتحرك الجيشان المتحدان نحو شمال بوهيميا. وحقق فرديناند الثاني انتصار حاسما على فريدريك الخامس في معركة الجبل الأبيض بالقرب من براغ في الثامن من نوفمبر سنة 1620. فضلا عن كثلكتها ستبقى بوهيميا في قبضت آل هابسبورغ لما يقارب الثلاثمائة سنة نتيجة لذلك.

أدت هذه الهزيمة إلى انحلال رابطة الاتحاد الإنجيلي وفقدان فريدريك الخامس لأملاكه. فقد جردته الإمبراطورية الرومانية المقدسة من حقوقه وأعطيت أراضيه في بالاتينات الراينية إلى نبلاء كاثوليك. وأعطي لقبه ناخب بالاتينات لابن عمه البعيد ماكسيمليان دوق بافاريا. الآن بات فريدريك لا يملك أرضا، وجعل نفسه منفيا معروفا في الخارج، يبحث عن دعم لقضيته في السويد وهولندا والدانمرك.

كانت هذه ضربة قاصمة للطموحات البروتستانتية في المنطقة. وأكد انهيار التمرد ومصادرة الممتلكات على نطاق واسع وقمع نبلاء البوهيميين أن البلد ستعود إلى الجانب الكاثوليكي بعد أكثر من قرنين من الهوسية والتناحرات الدينية. أخذ الإسبان الساعين لتطويق الهولنديين تحضيرا للتجدد حرب الثماني سنوات بالاتينات أرض فريدريك. أنتهت المرحلة الأولى من الحرب في شرق ألمانيا في الحادي والثلاثين من ديسمبر عام 1621 بتوقيع أمير ترانسيلفانيا والإمبراطور صلح نيكولسبورغ الذي أعطى ترانسيلفانيا عددا من أراضي المجر الملكية.

يعتبر بعض المؤرخين الفترة ما بين عامي 1621-1625 جزء متميز من حرب الثلاثين عاما تسمى ب«المرحلة بالاتينات». بعد الهزيمة الماحقة للجيش البروتستانتي في جبل الأبيض ورحيل أمير ترانسيلفانيا هدأت أوضاع بوهيميا الكبرى. ومع ذلك فان الحرب في بالاتينات تواصلت. تتكون هذه المرحلة من الكثير من المعارك الأصغر، ومعظمهم الحصارات قام بها الجيش الأسباني. سقطت مانهايم وهايدلبيرغ في عام 1622 ثم فرانكنتال تم بعد ذلك بعامين، مما جعل بالاتينات في قبضت الإسبان.

هربت بقايا الجيوش البروتستانتية بقيادة مانسفيلد وكرستيان من براونشفايغ إلى هولندا. ورغم أن وصولهم ساعد على فك حصار بيرغن أو زوم لم يكن بوسع الهولنديين توفير مأوى دائم لهم خوفا من ملاحقتهم فيها ومن ثم فقدانهم لأراضيهم. فدفعوا لهم مقابل ذلك وأرسلوهم لاحتلال شرق فريزلند المجاورة. بقي مانسفيلد في هولندا، ولكن كرستيان جاب الأرض من أجل «مساعدة» قريبه في دائرة ساكسونيا السفلى مثيرا حفيظة تيلي. مع أنباء عدم مساعدة مانسفيلد له تراجع جيش كرستيان مطردا نحو الأمن على الحدود الهولندية. في السادس من أغسطس عام 1623 لحق بهم جنود تيلي الأكثر انضباطا على بعد 10 أميال من الحدود الهولندية. فاندلعت معركة شتاتلون التي هَزم تيلى فيها كرستيان هزيمة ساحقة مبيدا أكثر من أربعة أخماس جيشه الذي ضم حوالي 15000 مقاتل. بعد هذه الكارثة أنهى فريدريك الخامس الموجود في المنفى في لاهاي تورطه في الحرب تحت ضغط متزايد من حماه جيمس الأول، متخلياً عن أي أمل في إطلاق المزيد من حملات. لقد سُحق التمرد البروتستانتي.





نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إلقاء ممثلي الامبراطور من النافذة في براغ كان شرارة إشعال الحرب ولكنه لم يكن السبب الحقيقي لها




التدخل الدنماركي (1625–1629)

لم يعمر السلم الذي أعقب الانتصار الامبراطوري في معركة شتاتلون طويلاً، فقد استئناف الصراع بمبادرة من الدنمارك. بدأت المشاركة الدنماركية عندما قام كرستيان الرابع ملك الدنمارك اللوثري ودوق هولشتاين الواقعة ضمن الإمبراطورية الرومانية المقدسة بمساعدة الحكام اللوثريين في ساكسونيا السفلى المجاورة بقيادته جيشاً ضد القوات الامبراطورية. كانت الدنمارك تخشى من تهديد نجاحات الكاثوليكية الأخيرة لسيادتها كدولة بروتستانتية. كما أن كرستيان الرابع استفاد كثيراً من سياساته في شمال ألمانيا. فمثلاً في سنة 1621، أجبر هامبورغ على القبول بالسيادة الدنماركية. وفر كرستيان الرابع لمملكته مستوى من الاستقرار والغنى لم يكن له مثيل لها تقريباً في أي مكان آخر في أوروبا. هذا الاستقرار والثروة أُنفقت عليه من خلال المكوس المفروضة على أوريسند وأيضا من خلال تعويضات الحرب الكبيرة من السويد. ساندت فرنسا القضية الدنماركية ووافقت إلى جانب إنجلترا على المساعدة في تمويل الحرب. كان كرستيان الرابع قد عين نفسه القائد الحربي لدائرة ساكسوني السفلى وكون جيشاً قوامه من 20.000 مرتزقاً وجيشاً وطنياً من 15.000 مقاتل.

للتصدي له استعان فرديناند الثاني بمساعدة عسكرية من ألبرشت فون فالنشتاين، النبيل البوهيمي الذي أثرى نفسه بمصادرة أملاك مواطنيه. عـَهـِـد فالنشتاين بجيشه البالغ عديده بين 30.000 و 100.000 جندي إلى فرديناند الثاني في مقابل الحق في نهب الأراضي المستولى عليها. اضطر كرستيان، الذي لم يكن يعلم شيئاً عن قوات فالنشتاين عندما قام بالغزو، إلى الانسحاب قبل قدوم قوات فالنشتاين وتيلي المشتركة. ظل الحظ العاثر مرافقاً لكرستيان، فقد اضطر كل الحلفاء الذين اعتقد بأنهم بجانبه للابتعاد: فإنجلترا كانت ضعيفة ومنقسمة داخلياً، وكانت فرنسا في خضم حرب أهلية، وكانت السويد في حالة حرب مع الكومنولث البولندي الليتواني، ولم ترغب لا براندنبورغ ولا ساكسونيا في إحداث تغييرات على السلام الهش في شرق ألمانيا. هزم فالنشتاين جيش مانسفلد في معركة جسر ديساو (1626) وهزم تيلي الدنماركيين في معركة لوتر(1626). وتوفي مانسفلد في دالماتيا بعد بضعة أشهر من مرض ألم به، يبدو بأنه السل.

سار جيش فالنشتاين شمالاً، محتلاً مكلنبورغ وبوميرانيا وشبه جزيرة يوتلند نفسها، إلا أنه لم يتمكن من الاستيلاء على العاصمة الدنماركية كوبنهاغن الواقعة على في جزيرة زيلند. كان فالنشتاين إلى يفتقر الأسطول، ولم تكن لا الموانئ الهانزية ولا البولنديون ليسمحوا بناء أسطول إمبراطوري على ساحل بحر البلطيق. فحاصر شترالزوند، الميناء الحربي الوحيد في البلطيق المزود بمرافق كافية لبناء أسطول كبير، ولكن سرعان ما تبين بأن تكلفة استمرار الحرب ستفوق بكثير أية مكاسب تـُـجنى من احتلال ما تبقى من الدنمارك. خشي فالنشتاين من فقدان مكاسبه في الشمال الألماني لصالح تحالف دنماركي سويدي، بينما تكبد كرستيان الرابع هزيمة أخرى في معركة فولغاست؛ فبات الجانبان مستعداً للتفاوض.

اختتمت المفاوضات بمعاهدة لوبيك عام 1629، ونصت على احتفاظ كرستيان الرابع بسيطرته على الدنمارك شريطة تخليه عن دعم الدول الألمانية البروتستانتية. بذلك تمكنت القوى الكاثوليكية في العامين التاليين من إخضاع المزيد من الأراضي. عند هذه النقطة، أقنعت الرابطة الكاثوليكية فرديناند الثاني باستعادة الحيازات اللوثرية التي كانت بموجب صلح أوغسبورغ من حق الكنيسة الكاثوليكية. ورد في مرسوم الاسترداد (1629)، شمول هذه الممتلكات على مطرانيتين اثنين، وستة عشر أسقفية، ومئات الأديرة. توفي في نفس العام غابرييل بتلن أمير ترانسيلفانيا الكالفيني. استمر وحده ميناء شترالزوند في الصمود في وجه فالنشتاين والإمبراطور .


التدخل السويدي (1630–1635)


من1630 إلى 1635. في عام 1630 قرر ملك السويد غوستافوس أدولفوس أن يتدخل في الحرب وقال لشعبه «كما تتبع الموجة موجة أخرى، كذلك سيأتي الطوفان البابوي إلى شطآننا» وأمر جنوده بالاستعداد للتحرك.

نزل على شاطئ ألمانيا الشمالي ووصل كبطل لينقذ البروتستانت وكان أكثر قوة من الملك كرستيان الدنماركي.

مرة أخرى تختلط المصالح الدينية بالدنيوية فقد كان ملك السويد ينوي السيطرة على الرابطة الهانسية وتحويل البلطيق لبحيرة سويدية واستطاع على الرغم من فقر بلده أن يزودها بجيش مجهز جيدا بالإضافة إلى الدعم من الكاردينال الفرنسي ريشيليو.

أصبحت في يد غوستاف أدولف القوة وكانت لديه المهارة التخطيطية ليغير مسار الحرب فشن حملة على مدينة ماغدبورغ عندما احتلت من قبل الإمبراطوريين فأحرقت ونهبت وقدر الجنرال بابنهايم الذي احتل المدينة أن 20000 شخص قتلوا، وكان هذا في مايو من العام 1631. انتصر غوستاف لاحقا في نصرين حاسمين هما معركة برايتنفلد في 17 سبتمبر 1631 ومعركة لوتزن في 16 نوفمبر 1632 ومات فيها برصاصة من الخلف إما بالخطأ أو من قبل خائن. لكن تدخله هذا كان قد قلب الطاولة على الجميع فها هو فالنشتاين يتراجع نحو مقره الشتوي ويقوم بمتفاوضات حيرت المؤرخين فقد حاول وضع نفسه كوسيط بين البروتستانت ومحكمة فيينا أكثر الإمبراطوريين تطرفا الذين دعوا الأسبان للانضمام، وربما كان هذا بدافع وطني لتوحيد ألمانيا لكن اغتياله عام 1634 ألغى كل خططه، ومع أن الإمبراطور لم يتورط بشكل مباشر في اغتياله إلا أنه كان قد كافأ قاتله.


التدخلات اللاحقة

من 1635 إلى 1645. ارتأت أسبانيا أن الأفضل لها أن تتحرك ضد هذه التهديدات المتواصلة فضربت البروتستانت عندما هزمتهم في معركة نوردلينغن في 5 سبتمبر 1634 وبعد موت فالنشتناين وغوستاف أدولف كانت السويد قد أصبحت قوة في ألمانيا على يد جنرالاتها بعد أن تولت كرستينا ابنة غوستاف أدولف الحكم بعد موته وهي طفلة في السادسة وفي عام 1642 انتصروا في معركة لايبزيغ الثانية وهددت بوهيميا والنمسا مركز أسرة هابسبورغ.

لكن الانتصارات أصبحت سويدية أكثر منها بروتستانتية مما أخاف كريستيان الرابع ملك الدنمرك من السويد القريبة أكثر من النمسا البعيدة فأعلن الحرب عليهم لكنه انهزم وتم غزو أراضيه مجددا وأخذت منها يامتلاند وهالاند وجزيرتي أوسل قرب إستونيا وغوتلاند مما أدى لترك الدنمرك الحرب.

قررت فرنسا التدخل طالما أنها لم تر أن الدعم كافي فعبرت قواتهم الراين لتشترك في النزاع وتلاحمت مع الجيوش الأسبانية في مَعْرَكة رَوكِرو في 19 مايو 1643 لتقوم بتحطيم قوة مشاتها التي لا تقهر، ثم وقع صدام بين الإمبراطوريين والبروتستانت في معركة يانكوف في بوهيميا يوم 5 مارس 1645 كان النصر فيها للبروتستانت.

كانت الدنمرك قد استسلمت وأعلنت اتفاقية سلام منفردة مع السويد في 1645 تدعى اتفاقية برومسبرو ومات كريستيان ملكها بعد ثلاث سنوات عام 1648 في حكم استمر على بلاده استمر 59 عاما. وفي نفس السنة أعلن صلح وستفاليا منهيا الحرب بهزيمة هابسبورغ وانتصار السويديين والفرنسيين.







منقول




مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: حرب الثلاثين عاما
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إحتفالية الثلاثين أحمد فضول منبر البوح الهادئ 5 02-20-2021 10:12 PM
علي بابا والأربعون عاما محمد حمدي غانم منبر شعر التفعيلة 0 05-23-2017 05:27 PM
شادي يغني لوالديه بعد أربعة وعشرين عاما أحمد عطيه منبر الشعر العمودي 11 01-22-2014 02:51 AM
وفاة امرأة بعد 80 عاما لم ترتد فيها العباءة! علي بن حسن الزهراني منبر مختارات من الشتات. 3 09-27-2013 10:51 PM
لقاء بعد عشرين عاما نبيل عودة منبر القصص والروايات والمسرح . 5 06-11-2013 10:15 PM

الساعة الآن 12:19 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.