احصائيات

الردود
5

المشاهدات
1793
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
02-08-2021, 11:47 AM
المشاركة 1
02-08-2021, 11:47 AM
المشاركة 1
افتراضي على هامش " عندما يتحدث القلم...."
على هامش "عندما يتحدث القلم...."*


تملكني الفضول وتتبعت بعض كتابات الدكتورة ياسمين الحمود على صفحات المنابر فأثارني عنوان موضوعها: عندما * يتحدث القلم...

هذا العنوان المختار بعناية، فالكل يدرك أن القلم لا يتحدث بلسانه، بل بلساننا، فالكاتبة تريد أن تأخذ مسافة عن ذاتها محدثة القلم، الذي هو رمز للمعرفة، فالتقليم تشذيب للزوائد واستخراج لجوهر الوعي والتجربة الإنسانية، فالكاتبة، تروم بسط ما تعلمته واقتنعت به من خلال تجربتها مع الذات والمحيط.

اخترت مقطعين من هذا الموضوع الثري ومن خلالهما نستكشف ما سطره القلم من أسئلة ومن إجابات


المقطع الأول:


حينما أسمع كلمة أنا أود أن أبتسم
لأنها لا تمثلني لأنني أشعر
أنني لست أنا الذي كنت أعرف
فقط أعلم أنها قد مزقتها الحياة
أشلاء وما بقي إلا جزء
صغير عابر الهواء.


عند تأملنا لهذا المقطع، "حين أسمع كلمة أنا" لاحظ كيف ارتبط السمع مع الحديث، فهناك انسجام بين العنوان والمتن. فهناك حوار بين القلم الأنا العميقة الواعية والأنا الطافية المسايرة للظرف الأنا المرغمة على التصرف ليس وفق المعرفة بل الأنا المتقمصة للأدوار، الأنا المسايرة والتي تخترع الحلول الجزئية. "أود أن أبتسم." تعبير راق وعميق، بودي أن أبتسم إنه الجدل عند سقراط، لكنه جدل ناعم جدا، فسقراط عندما يولد المعرفة يستعمل التهكم، والتهكم فيه نوع من الاستصغار أحيانا، لكن الابتسامة هنا، فيها جدل هيكيلي، لأن الأنا مركبة ومتكاملة، يصنعها العمق والسطح. تسير بنا الكاتبة مناقشة إشكالية الهوية وهي من أعقد ما شغل الفكر البشري عبر التاريخ، وقد كانت حدسية ولا تزال، يحكمها الشعور كما عند بركسون، "لأنها لاتمثلني" هذه الأنا الظرفية لا تمثلني حقيقة، إنها ذروة العقدة والمفارقة. لو توقف النص هنا لقلنا أن الكاتبة مزقت الهوية بهذا التأكيد البين، وآمنت بالقطيعة الإبستيمولوجية المحضة، لكن سرعان ما استدركت واستثنت، فقط أعلم والعلم هنا غير المعرفة الشعورية، العلم قياسات وتجارب، فالكاتبة تعلم أن هذه الأنا الخفية تشوشها الأحداث الجزئية، فتبدو ممزقة ومشوهة، لكنها رغم ذلك باقية وحاضرة ورغم صغرها فهي شفافة عابرة للهواء، أكاد أستحضر فيزياء الكم في هذا المقطع الرائع فهذا الجزء الصغير كذلك الجسيم الذري الذي تجده دقيقا لكنه في لحظة ما يملأ الآفاق محتلا فضاء واسعا بصفته الموجية.

هكذا انتهى حديث القلم، مشكلا لنا هوية أصيلة، فالأصيل يبقى أصيلا رغم صعوبة التجارب أحيانا وقسوتها، لكنها تزيد من غنى الهوية ونضجها.*


المقطع الثاني:*


ماذا بعد؟
أحب الحياة وأفهمها بطريقة مختلفة عن باقي البشر
مشاعري تحرّكني نحو الغموض ونحو سير طريق غير معروف في الحياة
تارة أمضي فيه بدون تفكير، وتارة أخرى أمشي فيه بخطىً ثابتة
لا أعرف إن كنتُ محقّةً في محبتي، وفي لهفتي، وفي عواطفي،
ومشاعري، وتعاملي مع الناس
تتصارع عندي المشاعر في اللحظة نفسها،
ولا أعرف حركت فيها المشاعر كياني ووجداني
ربما أخفقت وأخطأت ومشيت في طرق شتى
تعاملت فيها مع أنواع البشر أسمعهم
وأناقشهم وأتحدث معهم بعفوية،
العفوية هي طريقٌ مرسومٌ في جوانحي
فلا وقت لديّ للتمثيل أو التّصنع
كلما حاولت أن أغيّر من تلك الطبيعة
أجدني أعود سريعاً إليها كطفل ضلّ طريقه ثم اهتدى
أحب تلك الشخصية وأحب الحياة معها
وقد تضعني في مشاكل لاحصر لها
العفوية هي رمز آسر أحبه في شخصيتي
أحبها بكل عيوبها وأتقبلها
أرفض أن أكون غير تلك الطفلة التي لاتعرف الحقد
ولا الغل ولا أقنعة الناس بفطرتها تتعامل
فتنعطف تارة عن مسارها ثم تعود
لاتحمل في جعبتها حقدا ولا غلاّ على أحد
هكذا أرى نفسي ، ولا أسألها ماذا بعد تلك العفوية؟
لأن جوابها: أنا العفوية والعفوية أنا.*


هذا المقطع معنون، وعنوانه سؤال، والسؤال هو ما يميز الوجود عن الموجود عند هايدكر، فالوجود البشري، ليس مجرد كينونة في ذاتها كبقية الأشياء، بل وعي وصياغة معنى فهو كينونة لذاتها، يساورك قلق وجودي كلما توغلت في التفاعلات فتستقطع وقتا لنفسك تسأل فيه، هل يليق بي هذا، لكن سرعان ما تنخرط من جديد، يستعمل هايدكر كلمة الدرب بدل الطريق، لأن الطريق يكون واضح المعالم وسطره الأولون، لكن الدرب تصنعه تجربتك. يضيف سارتر أن الإنسان تواق لأن يكون غير الذي كان، ومجبور على حرية الاختيار، وهو ما يسمى بتحسين الوضعية وفرض الوجود، يؤمن هسرل بالحدس والاستبصار، لكنه حدس يأتي بعديا، بعد البرهان، كتبت يوما مقالا عن التلقائية، والتصرف التلقائي، فوجدت أن التلقائة لا تأتي من فراغ، وليست عفوية بمعناها العامي الصرف، بل هي إيمان بصواب خيارات الذات الناجم عن سبق تجربة، هي ثقة بالنفس مكتسبة عبر مسار مليء بالتمارين، هي شهادة خبرة عميقة للذات، لن تكون هناك تلقائية في التصرف حين تحبطك التجارب السابقة، فمثلا، لاعب كرة السلة بتلقائية بسجل النقاط، اكتسب حدسا حركيا جبارا مع الممارسة، إنه حدس بعدي مكتسب بعد التجربة. بعد هذه التوطئة أعود إلى حديث القلم، وما بعد حديث القلم.*



ماذا بعد؟
أحب الحياة وأفهمها بطريقة مختلفة عن باقي البشر
مشاعري تحرّكني نحو الغموض ونحو سير طريق غير معروف في الحياة
تارة أمضي فيه بدون تفكير، وتارة أخرى أمشي فيه بخطىً ثابتة.


أحب الحياة، جملة حاسمة، تظهر الإيجابية، تنطلق انطلاقة الرصاصة، لا لبس فيها، رسالة للحفاظ على التوازن رغم ما قد يصاحب هذا المسير من عراقيل وصعود وهبوط للمعنويات، لماذا؟ لأن الحياة يجب أن تفهم بطريقة مختلفة، إنها الاستكشاف، الانفتاح على المجهول الغامض، حب الاستطلاع وحس المغامرة، تارة بدون تفكير أي بتلقائة وتارة بكثير من الواقعية والعقلانية.


*لا أعرف*إن كنتُ محقّةً في محبتي، وفي لهفتي، وفي عواطفي،
ومشاعري، وتعاملي مع الناس
تتصارع عندي المشاعر في اللحظة نفسها،
ولا أعرف حركت فيها المشاعر كياني ووجداني
ربما أخفقت وأخطأت ومشيت في طرق شتى
تعاملت فيها مع أنواع البشر أسمعهم
وأناقشهم وأتحدث معهم بعفوية.


"لا أعرف" شعور عميق بالأسف إن كان الآخر يفهم فعلا أسلوبي في الوجود، سؤال للذات عن مدى صدقية الخيارات، سؤال الأنا والآخر عند سارتر وسؤال القلق الوجودي عند هايدكر، وقت مستقطع، ترك الفرصة للأنا العميقة لاستيعاب الأمر، استعدادا للانطلاق من جديد.*


العفوية هي طريقٌ مرسومٌ في جوانحي
فلا وقت لديّ للتمثيل أو التّصنع
كلما حاولت أن أغيّر من تلك الطبيعة
أجدني أعود سريعاً إليها كطفل ضلّ طريقه ثم اهتدى
أحب تلك الشخصية وأحب الحياة معها
وقد تضعني في مشاكل لاحصر لها
العفوية هي رمز آسر أحبه في شخصيتي
أحبها بكل عيوبها وأتقبلها
أرفض أن أكون غير تلك الطفلة التي لاتعرف الحقد
ولا الغل ولا أقنعة الناس بفطرتها تتعامل
فتنعطف تارة عن مسارها ثم تعود
لاتحمل في جعبتها حقدا ولا غلاّ على أحد
هكذا أرى نفسي ، ولا أسألها ماذا بعد تلك العفوية؟
لأن جوابها: أنا العفوية والعفوية أنا.*


هنا يعود سؤال الهوية الذي بدأنا به، تلك الأنا التي تضحكنا أحيانا، تلك الأنا التي بدأت كالروح الهيجيلية نقية أصيلة منفتحة ودخلت التفاعل، لتخرج ناضجة مؤمنة بصواب خياراتها رغم ما عانته من خلال تجربتها. ومستعدة دائما للانخراط والتعاون غير منكسرة.

تلك الأنا الخلاقة والإيجابية المؤمنة بضرورة الفعل للارتقاء.


قديم 02-27-2021, 12:18 AM
المشاركة 2
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: على هامش " عندما يتحدث القلم...."
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً …أبدأ باعتذاري الشديد لعدم انتباهي
لهذا الموضوع إذ نشرته بتاريخ 8 فبراير
ولم أشاهده إلا الآن نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ثانيا… أشكرك جدا على هذه الإضاءة والقراءة
فالقراءة رحيل، والرحيل تجوال في مشهد
ومن نص إلى آخر يبحر القارئ بين المشاهد
فالراحل بين الأمكنة، شأنه في ذلك
شأن الراحل بين النصوص، لا يلتقي في نهاية المطاف إلا بنفسه
لماذا؟ وكيف يحدث ذلك؟
إنه يحدث حين تتحكم بنا الصور المسبقة التي تختزنها أذهاننا
نحن نواجه نصا أو مشهداً نتعامل معه وفق إطارات صور وأفكار مسبقة
وهكذا لا نلتقي بأنفسنا فقط، بل بأنفسنا كما كانت في الماضي
لا يضاف لنا شيء ولا نضيف إلى عالمنا شيئاً.
مفهوم الرحلة على الضد من ذلك تماماً ، إنه تحرر من الأمكنة
وليس التزاماً بها ، تعليق مؤقت لكل الصور والأفكار المسبقة وليس التصاقاً بها ،
وليس صحيحا أن ترددنا بين النصوص، وانتقالنا من نص لآخر، يعني أننا لا نتغير
وأن الأمكنة التي تجولنا فيها ليست سوى صور فيلم تمر مروراً عابراً ولا تترك على
السطح من أفكارنا أثراً.القراءة إذن، والرحلة بين الأمكنة،
تعني أننا نعلق مانعرف ونستقبل مالا نعرف،
أي أننا نكون في أصفى حالاتنا، متحررين من المسبق والثابت،
لسنا أسرى أي صورة سابقة، وفي مثل هذه الحالات النفسية
ندخل في عملية جدل وحوار بين مانعرف وما نجهل ،
بين ماضينا وحاضرنا هذه هي الحيوية التي ترافق أي رحلة أو قراءة
مثمرة وذات معنى، وهذا هو مغزى أننا في نهاية المطاف نلتقي بأنفس جديدة لنا،
ونشعر بالضجر من أنفس ماضية كانت لنا بالأمس.
إننا نتجدد بهذا المعنى، ونجدد عالمنا بالنتيجة سواء رحلنا بين النصوص أو بين الأمكنة

أكرر شكري لك أخ ياسر على الإضاءة والقراءةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 02-27-2021, 01:26 PM
المشاركة 3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: على هامش " عندما يتحدث القلم...."
استمتعت حقا وأنا أقرأ هذه السطور التي تقارب الترحال بشكل جميل وجعلت خيطا فاصلا وناظما في الوقت ذاته بين الرحيل والرحلة، ذاك الرحيل الذي يجعلنا نلتقي بأنفسنا أينما حطت بنا الرحال وأجد طه حسين يوافقك الرأي حيث يقول أن النقد ماهو إلا كتابة لأنفسنا أي نكتب ذاتنا من خلال قراءة نص معين وهو هنا ردة فعل أكثر مما هو فعل حقيقي، بينما في الرحلة انفتاح على الشيء قصد التفاعل معه وهو استعداد للتغيير واكتساب خبرات جديدة. وتلك المرونة هي أيقونة الرحلة.

سعيد حقا بهذه اللمسة الجميلة

تقديري

قديم 03-17-2021, 07:12 PM
المشاركة 4
ابتسام السيد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: على هامش " عندما يتحدث القلم...."
مقالة عميقة تفصيلية تشبه المبضع
طيب جداً ما قرأت
يسلم قلمك
تقديري

الحمد لله دائماً وأبداً


قديم 03-27-2021, 11:54 AM
المشاركة 5
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: على هامش " عندما يتحدث القلم...."
شكرا أستاذة ابتسام على كلماتك المشجعة

تقديري.

قديم 06-21-2021, 11:09 PM
المشاركة 6
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: على هامش " عندما يتحدث القلم...."
الأستاذ ياسر علي

أتمنى أن تكون بخير

منابر ثقافية تفتقدك وتفتقد إبداعاتك
لن يهدأ لنا بال إلا بعودتك سالمًا مُعافًىنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: على هامش " عندما يتحدث القلم...."
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
" عندما ابتسم الحظ لبائعة الأزهــــــــار " مُهاجر منبر الحوارات الثقافية العامة 1 09-22-2023 04:36 AM
قراءة في رواية "ريح الجنون أو عندما يتيه الوطن" للروائي الجزائري بختي ضيف الله بختي ضيف الله منبر القصص والروايات والمسرح . 2 04-17-2021 12:36 AM
قراءة في رواية "ريح الجنون أو عندما يتيه الوطن" للروائي الجزائري بختي ضيف الله بختي ضيف الله منبر القصص والروايات والمسرح . 0 04-09-2021 04:32 PM
عندما يلتقي الكاتب د.وليد سيف والمخرج حاتم علي ليعيدا " التغريبة الفلسطينية" بختي ضيف الله منبر القصص والروايات والمسرح . 0 01-05-2021 08:15 PM

الساعة الآن 10:47 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.