احصائيات

الردود
11

المشاهدات
5599
 
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


حميد درويش عطية is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
29,962

+التقييم
5.69

تاريخ التسجيل
Dec 2009

الاقامة

رقم العضوية
8249
08-02-2011, 02:37 PM
المشاركة 1
08-02-2011, 02:37 PM
المشاركة 1
افتراضي القرآن ...... و علومه
هي نفحات نورانية روحانية لملمتها من هنا وهناك في الفترة الماضية
لتقديمها قي هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك
أملي أن تروق لكم و تعجبكم
فنستمتع جميعا
و من باستطاعته المساهمة لا يبخل علينا
بمثل هذه النفحات
و شكرا ً
*
*
حميد
2
8
2011
************************************************** ******
أسباب النزول
تنقسم الآيات القرآنية من حيث سبب النزول .. إلى قسمين
1 - ما نزل ابتداءً من غير سبق سبب نزول خاص، وهو كثير في القرآن وذلك مثل الأيات التي اشتملت على الأحكام والآداب التي قصد بها - ابتداءً - هداية الخلق وارشادهم إلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة .
2 - ما نزل مرتبطاً بسبب من الأسباب الخاصة التي نزلت الآية من أجله .

ما هو سبب النزول؟
سبب النزول: هو ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عنه أو مبيّنة لحكمه أيام وقوعه .
توضيح ذلك: أنه اذا وقعت حادثة ما أو وُجِّهَ سؤال الى النبي صلى الله عليه واله وسلم، فينزل الوحي بتبيان ما يتصل بهذه الحادثة أو بجواب هذا السؤال مثال ذلك :
حادثة (خولة بنت ثعلبة) التي ظاهر منها زوجها (أوس بن الصامت) فنزلت بسببها آيات الظهار في سورة (المجادلة/ 1 - 4).
وما حدث بين الأوس والخزرج من خصومة بسبب تأليب أحد اليهود العداوة بينهما، فقد نزل عقبها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكـُمْ بَعْـدَ إِيمَانِـكُمْ كَافِرِينَ ...} ( آل عمران/ 100 - 103).

طريق معرفة سبب النزول
لا طريق لمعرفة أسباب النزول إلاّ النقل الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الصحابة الذين شاهدوا قرائن الأصول وتتبعوا مسيرة الوحي من بدايته إلى نهايته ولا مجال للعقل فيه إلاّ بالتمحيص والترجيح، قال الواحدي في كتاب (أسباب النزول ) :
( لا يحل القول في أسباب نزول القرآن إلاّ بالرواية والسماع، ممن شاهدوا التنزيل، ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدّوا في الطلب) لذا ينبغي التثبت في سبب النزول وإلاّ دخل القائل تحت قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((واتقوا الحديث عَليَّ (عني) إلاّ ما علمتم فإن من كذب عَليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ومن كذب علىالقرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ))

فوائد معرفة سبب النزول
لمعرفة سبب النزول فوائد كثيرة، منها :

أولاً : الاستعانة على فهم الآية، وإزالة الاشكال عنها، قال الواحدي في (أسباب النزول ) :
(( لا يمكن معرفة الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها))، فمعرفة سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الآيات القرآنية لأن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب .
ثانياً : إنها تعين على فهم الحكمة التي يشتمل عليها التشريع، وفي ذلك فائدة للمؤمن وغير المؤمن :
أما المؤمن فيزداد إيماناً وبصيرة بحكمة الله في تشريعه فيدعوه ذلك إلى شدة التمسك بها، وأما غير المؤمن فيعلم ان الشرع قائم على رعاية المصلحة وجلب المنفعة ودفع المضرة فيدعوه ذلك - ان كان منصفاً - إلى الدخول في الاسلام .
ثالثاً : معرفة اسم من نزلت فيه الآية، وتعيين المبهم فيها، وفي ذلك اسناد الفضل لأهله ونفي التهمة عن البريء، ومعرفة المنافقين والكاذبين الذين آذوا رسول الله واتباعه .
رابعاً : تخصيص الحكم بالسبب عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، فعند هؤلاء ما لم يعرف السبب لا يمكن معرفة المقصود بالحكم فتبقى الآية معطلةخالية من الفائدة .
خامساً : تثبيت الوحي، وتيسير الحفظ والفهم، وتأكيد الحكم في ذهن من يسمع الآية إذا عرف سببها وذلك لأن ربط الأسباب بالمسببات والأحكام بالحوادث والحوادث بالأشخاص والأزمنة والأمكنة كل ذلك من دواعي تقرر الأشياء وتثبيتها في الذهن ليسهل استذكارها عند تذكّر ما يقارنها .
والله أعلم


معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 08-04-2011, 01:45 AM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
(( لا يمكن معرفة الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها))

نعم.. هذا صحيح
بارك الله فيك أخي حميد ..
نفحات هامة وذات فائدة كبيرة
أشكرك


تحية ... ناريمان

قديم 08-04-2011, 05:46 PM
المشاركة 3
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اصل الكون في القرآن الكريم
الكون كلمة تعبِّر عمّا هو موجود خارجاً عبر الظواهر الطبيعية بما في ذلك كافَّة الخلق والنجوم والكواكب وتوابعها وما إلى ذلك من ظواهر أُخرى. ويتألّف الكون، حسب ما هو مبيَّن في موسوعة ماكميلان ( Macmillan Encyclopedia )، من كل الأجسام التي يمكن التعرّف عليها كالأرض والشمس وأجسام المجموعة الشمسية والمجرّات وما بينها من أشياء.
كما يضم الكون الصخور والمعادن والغازات والتراب والحيوانات والكائنات الإنسانية وما إلى ذلك من أجسام ثابتة ومتحرّكة. ويلجأ الفلكيّون إلى استعمال كلمة « الكون » للإشارة إلى الفضاء وكل ما يحويه من أجرام سماوية. أمّا فيما يتعلّق باتّساع وفساحة الكون فإنّ الأرض والشمس والكواكب ما هي سوى نقاط بالغة الصغر، والشمس هي نجم منفرد ضمن مجرّات تضمّ ما يُقارب المائة ألف مليون نجم.
أمّا الأرض والكواكب الاُخرى التي تدور حول الشمس فتشكّل أبعاداً دنيويّةً منتظمة تبدو في منظارنا البشري ضخمة هائلة.
فالأرض تبعد عن الشمس بما يُقارب ثلاثة وتسعين مليون ميلا، وهذا الرقم في منظار البشر يشكّل مسافة هائلة; إلاّ أنّه صغير جدّاً إذا ما قورِنَ بالمسافة التي تفصل الشمس عن أبعد الكواكب ضمن المجموعة الشمسية. فعلى سبيل المثال تقدّر المسافة بين بلوتو والأرض بأربعة أمثال المسافة بين الأرض والشمس أي ما يَقارب 720ر36 مليون ميل. إنّ مسافة كهذه إذا ما ضوعفت فإنّها تمثّل الأبعاد الأكثر ضخامة لنظامنا الشمسي.
هناك نظريات عديدة معلنة حول أصل الكون غير أنّ أحدثها هي التي تُعرف بنظريّة بغ بانغ ( Big Bang- Theory )، التي تقدّم بها جورج لاميتر عام 1920 م والتي تنصّ على أنّ كل المادّة والإشعاعات في الكون جاءت نتيجة إنفجار هائل تشكّل الكون بعده بصورته الفسيحة وما زالت تلك العملية في حالة إستمرار. وحسب هذه النظرية فإنّ الإنفجار حدث قبل حوالي 10 ـ 20 ألف مليون سنة، ونظراً إلى أنّ درجة الحرارة الأوّلية العالية للهيدروجين والهيليوم كانت كافية لتشكيل الوفرة الكونية الملحوظة من الهيليوم، فإنّ ذلك يتوافق بشكل حسن مع القيمة التنبُّئيِّة. وفي نهاية الأمر حدث تفاعل لهذه المادّة ممّا أدّى إلى تشكّل المجّرات. وقد كانت تلك الكتلة الضخمة موجودة في الكون في الماضي السحيق، ثمّ لسبب ما انفجرت تلك المادّة، قاذفةً المواد المتفجرّة نحو الخارج كما يحدث عند انفجار القنبلة، وكان ذلك الإنفجار أصل الخلق بالنسبة للكون.
وهناك اكتشاف مدهش آخر لافت للنظر حول الكون يُدعى قانون هوبل حول توسيع الكون ( Hubble's- Law of Expanding Universe ). وحسب هذه النظرية فإنّ توسّع الكون عملية مستمرّة وأنّ هذا التوسّع موحّد الخواص أي أنّ خصائصه متساوية في كل الإتجاهات.
وتبيّن هذه النظرية أنّ الضوء القادم من المجرّات البعيدة خاضع لما يُعرف بالنقلة الحمراء ( Red Shift )، أي الإنزياح الشامل نحو أطوال موجات أكثر سعة لخطوط الطّيف المتعلّقة بالأجسام السماوية. وينجم ذلك عن ارتداد المجرّات عنّا.

وقد ظهر مؤخّراً أنّ العلماء كشفوا النِّقاب عن مجرّات عملاقة تبدو أكبر حجماً بكثير من المجرّة التي تُعرف باسم درب اللَّبَّانة (Milky Way).وتبعد تلك المجرّات عن أرضنا عشرة بلايين من السنين الضوئية. وقد تمّ التعرّف على هذه المجرّات للمرّة الاُولى، وربّما ساعدت العلماء على تحديد ما إذا كان الكون في حالة من التوسّع اللاّنهائي أو أنّه محتوم عليه أن يتداعى نحو الداخل.
أمّا القرآن الكريم ـ وهو خاتمة الرِّسالات من جانب الخالق ـ فإنّه يكشف بوضوح كامل عن حقائق أساسية حول خلق الكون، وهو يشرح أنّ كل ما في الكون ناجم عن عملية الخلق التي قام بها الخالق عز وجلّ. وقد خلق الله الشمس والقمر والسموات والأرض وما بين ذلك بتقدير وتناسب. وحول ذلك يبيّن القرآن الكريم بقوله:
( بَديعُ السَّمواتِ والأرْضِ وإذا قَضَى أمْرَاً فإنّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون ). (البقرة / 117).
وتشير هذه الآية الكريمة إلى أنّ الله هو خالق السموات والأرض.
وكلمة بديع تدلّ على وجود شيء من العدم. وفي كتابه «المفردات» يبيّن العلاّمة راغب بأنّ كلمة بدع تعني تكوين شيء ما دون الحاجة إلى مادّة أو نموذج. وعندما تستخدم كلمة بديع كصفة من صفات الله الحُسنى فإنّها تعني أنّ الله عزّ وجلّ هو الذي خلق الأشياء من العدم. والقرآن الكريم يقول في موضع آخر:
(وَهَُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمواتِ والأرْضَ بالحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُون). (الأنعام / 73).
ويقول العلاّمة راغب إنَّ كلمة الحق تستعمل للإشارة إلى شيء جديد لا مثال له. لكنّها عندما ترتبط بوصف الخالق فإنّها تعني خلق شيء جديد من العدم :
(هُوَ الَّذي خَلَقَ السَّمواتِ والأرْضَ)
كذلك يشير القرآن الكريم إلى خلق الظواهر الكونيَّة والفيزيائية بقوله :
(وَهُوَ الَّذي خَلَقَ اللَّيلَ والنَّهارَ والشَّمس والقَمَر)
وفي موضع آخر :
(هُوَ الَّذي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالقَمَرَ نُورَاً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَاب ما خَلَقَ ذلكَ إلاّ بَالحَقِّ يُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْم يَعْلَمُون) (يونس / 5).
كما يبيّن الله عظمة خلقه بقوله :
(أَوَلَم يَرَوا أنّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمواتِ والأرضَ ولَم يَعْيَ بخلقهنَّ بقادِر على أن يُحيي الموتَى) .
لأحقاف / 33)
إنّ الآيات الكريمة التي تمّ ذكرها توضّح أنّ الله عزّ وجلّ خلق هذا العالم المحسوس بتقدير وميزان وهو قادر على أن يعيد خلقه، وأنّ أمره هو الأصل في خلق المادّة والطّاقة وكل القوانين الفيزيائية والقوى التي تتحكّم بحركتها.

طريقة الخلق
شرح القرآن الكريم طريقة خلق الكون في مواضع مختلفة.
غير أنّ الآيات الآتية يمكن أن تقدّم تلخيصاً موجزاً للظواهر التي تشمل الطريقة الأساسية لخلق الكون.
(أَوَلَم يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمواتِ والارضَ كانَتا رتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيء حيّ) .
(الأنبياء / 30)
وتتحدّث الآية الثانية عن تشكّل السّموات بعد خلق الأرض وتعكس عملية التتالي في عملية الخلق:
(ثُمَّ استوى إلى السَّماءِ وهي دُخان فقالَ لَها وللأرضِ ائتيا طوعاً أو كرهاً قالَتا أتينا طائعين) .
(فصّلت / 11)
تكشف الآية الاُولى الحقائق التالية :
1 ـ أنّ المادّة التي دخلت في خلق الكون كانت ذات كينونة واحدة.
2 ـ أنّ الكون بأكمله كان مترابطاً كقطعة واحدة.
3 ـ أنّ الإنفصال حدث بشكل منتظم كي ينتج عنه القوانين الفيزيائية وترتي ب المادّة. وليس الأمر مرتبطاً بالنظام الذي
يميِّز مجموعتنا الشمسية والكواكب الداخلة في مجرّتنا فحسب، بل إنّ المجرّات هي جزء في نظام أعلى. وبدلا من تناثر المجرّات بصورة عشوائية في أرجاء الكون، فإنّها مرتّبة على شكل مجموعات، وضمن تلك المجموعات تدور المجرّات حول كتلها المركزية المشتركة.
وقد نقل ابن كثير بعض التفسيرات المبكِّرة للآية، حيث ورد أنّ السَّماء كانت قطعة واحدة متكاملة، وقام الله عزّ وجلّ بتقسيمها إلى سبع سموات، وأنّ الأرض كانت كذلك قطعة واحدة وأنّ الله عزّ وجلّ قسمها إلى سبعة أراض. بينما أوضح بعضهم أنّ الأرض والسَّماء كانتا كلاًّ واحداً وأنّهما انفصلا عن بعضهما بواسطة الغلاف الجوّي.
وقد تبنّى الدكتور موريس بوكيل في الآونة الأخيرة موقفاً قريباً جدّاً من موقف العلماء المسلمين حول تفسير تشكّل الكون على ضوء الآيات القرآنية الكريمة. فهو يشير إلى «فكرة تفكّك الكل إلى أجزاء عديدة بمعنى أنّ عملية الإنفصال من كتلة أحادية رئيسية التحمت عناصرها في بداية الأمر (كانتا رتقاً).وكلمة فتق تعني الإنفصال أو التفكّك والإنتشار، بينما تعني كلمة (رتق) الإرتباط والإلتحام من أجل تكوين كل متجانس».
وطبقاً للنظرية العلمية المعاصرة فإنّ ما يعرف بالإنفجار الكوني ( Big Bang ) كان قد وقع نتيجة حدث تحفيزي واحد في وقت واحد وفي درجة حرارة عالية بشكل استثنائي. ويفترض بأنّه في تلك الأثناء من الإنفجار كان الكون بأكمله عبارة عن جزء واحد في نقطة واحدة حدث فيها الإنقسام. غير أنّ القوانين الفيزيائية لم تحدث نتيجة ذلك الإنفجار. وهنا نجد أنّ هذه النظرية مشابهة من حيث معلوماتها للمعلومات الواردة في القرآن الكريم.
وممّا يدعو إلى الدهشة والغرابة أن نجد بأنّ القرآن الكريم كشف عن هذه الحقائق قبل 1400 سنة، في الوقت الذي لم يكن فيه أي أثر لأيّة بحوث علمية.
كما يكشف القرآن الكريم أيضاً عن الحقائق المذكورة في نظرية هوبل حول توسّع الكون، في الآية الكريمة التي تقول :
(والسَّماءَ بنيناها بأيد وإِنّا لَمُوسِعُون)
(الذاريات / 47).
وعندما نحاول فهم التوسّع الكوني على ضوء المعرفة الحديثة، نعرف أنّ الهيدروجين الموجود في الشَمس في حالة تحوّل مستمر إلى عنصر الهيليوم بفعل الإنصهار النّووي، وأنّ الغبار النجمي
( Stardust ) والذي هو عبارة عن كتل من النجوم تبدو بالغة الصِّغر وكأنّها ذرّات غبار، ما هو إلا وقودٌ نوويٌّ عالي الدرجة.
وهكذا فإنّ الكون بأكمله مؤلّف أو مبنيّ من قدرة أو طاقة محمّلة وهي في حالة توسّع مستمر. وترتكز هذه النتائج على الإفتراض الذي يقول بأنّ الإنتقال أو التحوّل الأحمر ( Red Shift ) ناتج عن تأثير دوبلر على الضوء من الأجسام المتراجعة مع إمكانية قياس سرعة التراجع.
وحول رحابة وتوسّع الكون نجد في القرآن الكريم كلمة على جانب كبير من الأهمية في هذا المجال وهي كلمة «العالمين» التي تظهر عشرات المرّات في القرآن الكريم كما في الآيات التالية :
(ولكنَّ اللهَ ذو فضل على العَالَمين) . (البقرة / 251)
(قُلْ إنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمين) (الأنعام / 163)
(أَلا لَهُ الخَلْقُ والأمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمين) (الأعراف / 54).
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين) (الأنبياء / 107)
(إِنِّي أنا اللهُ رَبُّ العَالَمين) (القصص / 28).
إنّ الآيات الآنفة الذكر تشير إلى أنّ الله هو السيِّد والخالق والحافظ والمنظِّم للعالم بمعناه الواسع. فكلمة العالمين تضيف مفهوم التعدّد للكون.
وهناك بلايين من المجموعات الكواكبيّة وأنّ كل مجموعة من تلك المجرّات تضّم بلايين النجوم والكواكب. ولو أنّ نجماً واحداً من بين 000ر100 من المائة ألف ميليون نجم الموجودة في ما يعرف بدرب اللَّبَّانة كان يضمّ كوكباً مثل كوكبنا الأرضي، فسيعني ذلك وجود مليون كوكب يمكنه الإتّصال مع الأرض. وعلى ضوء علم الكون الحديث يمكن التوقّع بحدوث اتّصالات ناشطة مع الكواكب الاُخر في المستقبل المنظور.
لقد قدّم الدكتور موريس بوكيل معلومات علمية تتعلّق بضخامة الكون وسعته. فعلى سبيل المثال تحتاج أشعة الشمس كي تصل إلى بلوتو ما يُقارب الست ساعات رغم أنّ السرعة في تلك الرحلة تزيد على 000ر186 ميل في الثانية. وبناءً على ذلك فإنّ الضوء القادم من النجوم التي تقع في نطاق عالمنا السماوي قد يستغرق بلايين السنين كي يصل إلينا.
إنّ هذا التحليل الموجز لعالم الطبيعة ربّما يساعدنا على فهم معنى الآية الكريمة : (والسَّماء بَنَيْناها بأيْد وإِنّا لَموسِعُون) (الذاريات / 47).
وفي الحديث عن الرَّماد والدُّخان في بداية تاريخ الكون، يكشف القرآن الكريم عن ذلك بقوله :
(ثُمَّ استوى إلى السّماء وهي دُخان).
إنّ وجود «الدُّخان» في بداية الكون يشير إلى الحالة الغازيّة للمادّة المكونّة له. وفي العلم الحديث يطرح الباحثون فكرة الغيمة السديميّة ( Nebula ) التي كان عليها الكون في مراحله الاُولى.
وعندما نقرأ الآيتين الكريمتين :
(وَجَعَلْنا في الأرضِ رَوَاسِيَ أن تَمِيدَ بِهِم وَجَعَلْنا فِيها فِجاجَاً سُبُلا لَعَلَّهُم يَهْتَدُون)
و
(ثُمَّ استوى إلى السَّماءِ وهِيَ دُخان)
ندرك بأنّ عملية تشكّل الكون جاءت نتيجة تكاثف الغيوم السديميّة الأوّلية ثمّ انفصالها. وهذا ما يكشف عنه القرآن بوضوح عندما يشير إلى العمليات التي أحدثت الإلتحام ثمّ الإنفصال الذي كان في الأساس «دُخاناً» سماويّاً. وهذا ما يحاول العلم الحديث شرحه حول أصل الكون .
*
*
حميد
4
8
2011

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 08-05-2011, 05:39 PM
المشاركة 4
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الكون والقران
{ والسماء بنيناها بأييد وانا لموسعون }
هل الكون محدود ؟ أم غير محدود ؟ وكم هو حجمه ؟ وكم هو عمره ؟
لم يكن الجواب سوى مجرد تخمينات غير مبتنية على واقع علمي ، لان علم الكونيات (كوزمولوجيا ( cosmology حتى نهاية القرن ال 19 لم يصنف كعلم ولكن بظهور النظرية النسبيه للعالم الكبير البرت انيشتاين (1905 _1915 ) كان له ابلغ الأثر في تطور علم الكونيات ثم نظرية نيوتن الميكانيكيه . حتى أصبح علماً بذاته الى جانب علم الفلك astromy وفي عام 1929 قادت عمليات الرصد التي قام بها العالم الفلكي ادوين هابل الى ظهور فكرة التوسع (تمدد)الكون .
وتشير عدة شواهد حالية الى ان معدل توسع الكون بمقدار عال ، أي ان الكون هو حديث نسيباً وربما يعمر 10 مليارات سنه ، وتشير هذه الشواهد بأن توسع الكون ربما يستمر لمدى غير محدود ، ولو ان علماء آخرين لا يتفقون مع هذه النتائج .لأن المشكلة تتعلق بعدم دقة الطرق المستعملة لقياس المسافات ، وعدم الاتفاق على قيمة هابل ( ثابت هابل ) . وادوين هابل هو اول عالم يقوم بتقدير توسع الكون .وفيما بعد اصبحت الالقيمة التي حددها لتوسع الكون هي المعيار في القياسات اللاحقة وسميت بثابت هابل .وثابت هابل = سرعة ابتعاد المجرات /مسافاتها = مقدار ثابت = 100 كم \ثانيه\مليون فرسخ نجمي ( الفرسخ النجمي =وحدة لقياس المسافات بين النجوم =26 \ 3 مليون سنه ضوئية فالنموذج الكوني القياسي يتكهن بأن الكون سوف يستمر بالتوسع إلى مالا نهاية . ويأمل العلماء بأن تساهم تطورات لا حقه جديدة في فهم أفضل للكون والرد على بعض التساؤلات الصعبة مثل . متى حصل هذا التوسع الهائل في الكون ؟ ما هو قدر هذا الكون ؟ وهل سيستمر هذا التوسع في الكون الى ما لا نهاية ؟ ام ان الجاذبية سوف توقف هذا التمدد وينهار الكون على نفسه ؟ هذه التساؤلات سوف تكون موضع بحث العلماء في هذا القرن ، وسيشهد هذا القرن تطورا ً ملحوظا ً بهذا المجال .
عزيزي القارئ بالرغم من ان القران كتاب هداية وليس كتاباً علمياً فقد أشار وقبل اكثر من 1400 عام الى ان الكون في تمدد وتوسع حيث قال عز من قائل : في سورة الذاريات اية47
( والسماء بنيناها باييد وانا لموسعون ) .
صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم ( صلى الله عليه و آله )
سبحان الله _ سبحان الله _ سبحان الله
_________________________________
*
*
حميد
5
8
2011

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 08-06-2011, 04:21 PM
المشاركة 5
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
معجزة القرآن العلمية
القسم الأول
القرآن الكريم ليس كتاباً مختصاً بعلم من العلوم فلا يتلخص هدفه لإثبات شيء علمي أو نفيه ككتب الهندسة والطب والأحياء لأن العلوم هي نتاج العقل البشري فمهما اجتهد العقلاء استطاعوا أن يذللوا صعوبات الطبيعة ويخترعوا وسائل وأجهزة تخدم البشرية جمعاء بينما القرآن كتاب الحياة هدفه تنظيم حياة الفرد والمجتمع من كل النواحي أي كل ما يتصور ضمن الحياة الدنيوية والأخروية من اجتماع وسياسة وثقافة واقتصاد وتربية نجده في القرآن المجيد قانوناً ودستوراً وطريقة لهذه الناحية وتلك الظاهرة... فالقرآن يبني العقيدة الصحيحة في النفس ويهدم التراكمات الفكرية السلبية في ذات الإنسان وهو يبني أسس الأخلاق في الإنسان والمجتمع ويحارب النفاق والالتواء السلوكي ويجاهد الأعداء والمنافقين.

مع كل ما تقدم نلاحظ أن القرآن العزيز ينفرد بالأعجاز العلمي حيث يشير في بعض آياته الكريمة إشارات علمية وهو مستطرد في الكلام أثناء التشبيهات أو لتقريب فكرة معينة هدفها البناء الإيماني ومع ذلك نلاحظ إن هذه الإشارات العلمية قد أثبتها العلم الحديث اليوم بعد جهد متواصل ولفترة طويلة وتبقى بعض الأسرار العلمية في القرآن عسيرة الانكشاف من قبل العلم والعلماء وحتى اليوم وبمعنى آخر لا زال التطور العلمي عاجزاً عن كشف أسرار هذه الإشارات العلمية وحتى الكلمة الواحدة في موقعها لها دلالة علمية معينة يكتشفها العلم هذا اليوم ويقف إجلالاً أمامها ويزداد إعجاباً بهذا الكتاب العظيم بل حتى الحرف الواحد في موقعه له دلالته العلمية الواضحة كالتاء مثلاً فإنها تاء التأنيث أحياناً، هذا الحرف البسيط له دلالته العلمية يقرها العلم هذا اليوم بعد أن كان يمر عليها مرور الكرام فنقرأ مثلا في قضية بيت العنكبوت التي سنتحدث عنها قريباً كيف أن تاء التأنيث لها دلالتها العلمية.

فمن هنا يجزم العقلاء بأن الرسول الأمي (صلى الله عليه وآله) في تلك البيئة المتخلفة عن أساليب التطور العلمي والتكنولوجي لا يمكنه أن يأتي من عنده بهذا الكتاب الذي يحوي أسراراً علمية يكتشفها العلم المتطور في القرن العشرين أو لا تزال غامضة عليه حتى الآن ولربما تبقى أسراراً خاصة لن يفهمها العلم مهما تطور وتقدم كما في معرفة الروح.

(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) .
[سورة الإسراء: الآية 85].

تبقى الروح لغزاً محيراً وان وسائلنا العلمية لا تنهض بمعرفتها لأنه :
(وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً. . ) .

فيكون إذن هذا الإعجاز العلمي من الدلائل الواضحة لمعجزة القرآن بأنه منزل من قبل القدير العليم بديع السموات والأرض.

(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) .
[سورة النساء: الآية 82 ].
يقول الدكتور (واجلري) من جامعة نابل:
القرآن :
(يضم آيات عديدة تبين القوانين الطبيعية والعلوم المختلفة وتناوله لهذه المواضيع العلمية دقيق وبعيد عن الأخطاء إلى الحد الذي تهبط أمامه منزلة رجال العلم والفلاسفة والسياسيين) .
مع العلم أن القرآن كتاب تربية وهداية وليس كتاباً علمياً وإنما يتناول العلم في بعض الآيات للتوضيح والتقريب ـ كما مر ـ.
ويمكن أن نستعرض بعض هذه الأمثلة لتوضيح المسألة :

(أ) تقول الآية الكريمة :
(يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب) .
[سورة الحج: الآية 73].

وهذا مثل مازال معجزاً للعلم والعلماء بعد ألف سنة من تطور العلم والتكنولوجيا فمن يستطيع أن يخلق ذبابة على هوانها وتفاهتها؟ وإذا سلبتك الذبابة حياتك بمرض تنقله إليك فمن يستطيع أن يرد لك تلك الحياة؟ بل إنها لو سلبتك ذرة من النشاء من طعامك فإن عباقرة الكيمياء لو اجتمعوا لا يستطيعون استرداد هذه الذرة من أمعائها لأنها تتحول فوراً إلى سكر بفعل الخمائر الهاضمة فما أضعف الطالب والمطلوب، ما أضعف عبقري الكيمياء وما أهون الذبابة وما أتفه ذرة النشاء في عالم هائل بلا حدود) .
(ب) في أكثر من آية حينما يذكر سبحانه حواس الإنسان يتقدم ذكر السمع على البصر هذا التقديم له دلالته العلمية يقول الدكتور مصطفى محمود: (وهي مسألة يعرف سرها الآن علماء الفسيولوجيا والتشريح فهم وحدهم يدركون أن جهاز السمع أرقى واعقد وأدق وأرهف من جهاز الأبصار ويمتاز عليه بإدراك المجردات كالموسيقى وإدراك التداخل مثل حلول عدة نغمات داخل بعضها البعض مع القدرة على تمييز كل نغمة على انفراد كما تميز الأم صوت بكاء ابنها من بين زحام هائل من آلاف الأصوات المتداخلة. . يتم هذا في لحظة. . أما العين فهي تتوه في زحام التفاصيل ولا تعثر على ضالتها يتوه الابن عن عين أمه في الزحام ولا يتوه عن سمعها والعلم يمدنا بألف دليل على تفوق معجزة السمع على معجزة البصر ولم يكن هذا العلم موجوداً أيام نزل القرآن) .
يقول تعالى :
(وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) . [سورة النحل: الآية 78].
وفي آية أخرى :
(إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) . [سورة الإسراء: الآية 36].
فمجرد تقديم السمع على البصر لفظاً له دلالته العلمية الدقيقة.
(ج) تقول الآية المباركة :
(مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون) . [سورة العنكبوت: الآية 41].
فهنا نرى القرآن يختار صفة التأنيث حينما يتحدث عن العنكبوت فيقول :
(كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً)
وقد كشف العلم مؤخراً أن أنثى العنكبوت هي التي تنسج البيت وليس الذكر وهي حقيقة بيولوجية لم تكن معلومة أيام نزول القرآن.
والحقيقة الثانية هي وصف بيت العنكبوت بأنه أوهن البيوت ولم يقل القرآن خيط العنكبوت أو نسيج العنكبوت وإنما قال بيت العنكبوت وهي مسألة لها دلالة ولها سبب. .
والعلم كشف الآن بالقياس :
إن خيط العنكبوت أقوى من مثيله من الصلب ثلاث مرات وأقوى من خيط الحرير وأكثر منه مرونة فيكون نسيج العنكبوت بالنسبة لاحتياجات العنكبوت وافياً بالغرض وزيادة ويكون بالنسبة له قلعة أمينة حصينة فلماذا يقول القرآن :
(وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت) ولماذا يختم الآية بكلمة (لو كانوا يعلمون) لا بد أن هنالك سراً.
والواقع أن هناك سراً بيولوجياً كشف العلم عنه فيما كشف لنا مؤخراً فالحقيقة أن بيت العنكبوت هو أبعد البيوت عن صفة البيت بما يلزم البيت من أمان وسكينة وطمأنينة فالعنكبوت الأنثى تقتل ذكرها بعد أن يلقحها وتأكله. . والأبناء يأكلون بعضهم بعضاً بعد الخروج من البيض ولهذا يعمد الذكر إلى الفرار بجلده بعد أن يلقح أنثاه ولا يحاول أن يضع قدمه في بيتها.
وتغزل أنثى العنكبوت بيتها ليكون فخاً وكميناً ومقتلاً لكل حشرة صغيرة تفكر أن تقترب منه وكل من يدخل البيت من زوار وضيوف يقتل ويلتهم. . إنه ليس بيتاً إذن بل مذبحة يخيم عليها الخوف والتربص وإنه لأوهن البيوت لمن يحاول أن يتخذ منه ملجأ والوهن هنا كلمة عربية تعبر عن غاية الجهد والمشقة والمعاناة وهذا شأن من يلجأ لغير الله ليتخذ منه معيناً ونصيراً. .
ذروة في دقة التعبير وخفاء المعاني ومحكم الكلمات وأسرار العلوم مما كان معروفاً أيام النبي ومما لم يعرف إلا بعد موته بألف عام. . إعجاز قطعي لا شك فيه يتحدى العقل أن يجد مصدراً لهذا العلم غير المصدر الإلهي .
و الله أعلم
له بقية
تأتيكم بإذن الله تعالى
______________________________
*
*
حميد
6
8
2011


معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 08-06-2011, 06:06 PM
المشاركة 6
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
متصفـّح ٌ زاخر ٌ بالعلم والمعرفة

شكرًا جزيلاً لك َ أخي ~ حميد

~ ويبقى الأمل ...
قديم 08-06-2011, 06:23 PM
المشاركة 7
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
متصفـّح ٌ زاخر ٌ بالعلم والمعرفة

شكرًا جزيلاً لك َ أخي ~ حميد
الشكر لله ِ تعالى
أولا ُ و أخيرا ً
فهو الذي هدانا
و وفقنا
لتقديم كل ما هو ممتع و مفيد
بوركت ِ أختي ..... أمل

______________________________

*
*
حميد
6
8
2011

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 08-08-2011, 11:12 PM
المشاركة 8
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اعجاز القرأن
ماهي المعجزة
النبي –أي نبي – صاحب رسالة يريد أن ينفذ بها الى قلوب الناس و عقولهم، ليصنع الانسان الافضل الذي يريده الله على وجه الارض ، ولا يمكنه أن يحقق هذا الهدف ما لم يكسبه ايمان الناس بنبوته ، واعتقادهم
بصدق دعواه في ارتباطه بالله والارض ، لكي يتاح له ان يستلم زمام قيادتهم ويغذيهم برسالته ومفاهيمها ومبادئها .
والناس لايؤمنون بدون دليل ، اذا كانت الدعوى التي يدعوهم اليها ذات حجم كبير وتقترن بالمشكلات والمصاعب وترتبط بعالم الغيب ، فلا يمكن للنبي ان يدعوهم الى الايمانبه وبرسالته ، ويكلفهم بذلك ما لم يقدم لهم الدليل الذي يبرهن على صدق دعواه ، وكونه رسولاً حقاً من قبل الله تعالى ، فكما لا نصدق في حياتنا الاعتيادية شخصاً يدعي تمثيل جهة رسمية ذات اهمية كبيرة مثلا ، ما لم يدعم دعواه بالدليل على صدقه، ونرفض مطالبته لنا بتصديق من دون برهان ، كذلك لا يمكن للانسان ان يؤمن برسالة النبي ونبوته الا على اساس الدليل .
والدليل الذي يبرهن على صدق النبي في دعواه هو المعجزة، وهي : ان يحدث تغييراً في الكون – صغيراً أو كبيراً – يتحدى به القوانين الطبيعية التي ثبتت عن طريق الحس والتجربة، فمن وضع الماء على النار ليكون حاراً فارتفعت درجة حرارته يطبق قانوناً طبيعياً عرفه الناس عن طريق الحس والتجربة، وهو انتقال الحرارة من الجسم الحار الى الجسم الذي يجاوره، وأما من ادعى أنه يجعل الماء حاراً بدون الاستعانة بأي طاقة حرارية، وحقق ذلك فعلاً فهو يتحدى قوانيين الطبيعة التي يكشف عنها الحس والتجربة، ومن ابرأ مريضاً باعطائه مادة مضادة للميكروب الذي أمرضه، يطبق قانوناً طبيعياً يعرفه بالتجربة، وهو ان هذه المادة بطبيعتها تقتل الميكروب الخاص ، واما من أبرأ المريض بدون اعطاء أي مادة مضادة فهو يتحدى قوانين الطبيعة التي يعرفها الناس بالتجربة، ويحقق المعجزة .
فاذا أتى النبي بمعجزة من هذا القبيل كانت برهاناً على اتباطه بالله تعالى،وصدقه في دعوى النبوة، لان الانسان بقدرته الاعتيادية لا يمنه ان يغير في الكون شيئاً ، الا بالاستفادة من القوانين الكونية التي يعرفها عن طريق الحس والتجربة، فاذا استطاع الفرد أن يحقق تغييراً يتحدى به هذه القوانيين، فهو انسان يستمد قدرة استثنائية من الله تعالى ، ويرتبط به ارتباطاً يميزه عن الآخرين، الامر الذي يفرض علينا تصديقه اذا ادعى النبوة .

الفرق بين المعجزة والابتكار العلمي وفي ضوء ما قلناه نعرف أن سبق النوابغ من العلماء في الحقوق العلمية، لا يعتبر معجزة ، فاذا افترضنا أن شخصاً من العلماء اليوم سبق انداده ، ونجح في اكتشاف الورم السلطاني مثلا ، والمادة التي تقضي عليه فهو يستطيع بحكم اكتشافه ان يبرئ مريضاً من السلطان، بينما يعجز عن ذلك جميع العلماء الاخرين، ولكن علمه هذا ليس معجزة لانه انما يتحدى جهل العلماء الاخرين بالسر والعلة والدواء، ولا يتحدى القوانين الكونية التي تثبت بالحسن والتجربة، بل هو انما استطاع ان يبرئ المريض من السلطان على اساس تجربة فذه قام بها في مختبره العلمي، فاكتشف قانوناً يعرفه غيره حتى الان ، ومن الواضح ان معرفته بالقانون الطبيعي عن طريق التجربة ، ليست تحدياً للقانون ، وانما هي تطبيق للقانون الطبيعي ، وقد تحدى بذلك زملاءه الذين عجزوا عن اكتشاف القانون قبله .

القرآن هو المعجزة الكبرى وما دمنا قد عرفنا أن المعجزة هي أن يحدث النبي تغييراً في الكون يتحدى به القوانين الطبيعية فمن الميسور أن نطبق فكرتنا هذه عن المعجزة على (القرآن الكريم) ، الذي احدث تغييراً كبيراً جداً، وثورة كبرى في حياة الإنسان لاتتفق مع المألوف والمجرب من القوانين الكونية والسنن التاريخية للمجتمع .
فنحن إذا درسنا الوضع العالمي ، والوضع العربي والحجازي بصورة خاصة ، وحياة النبي قبل البعثة ، ومختلف العوامل والمؤثرات التي كانت متوفرة في بيئته ومحيطه، ثم قارنا ذلك بما جاء به الكتاب الكريم ، من رسالة عظمى تتحدى كل تلك العوامل والمؤثرات ، وما احدثه هذا الكتاب من تغيير شامل كامل ، وبناء لامة تملك اعظم المقومات والمؤهلات ، اذا لاحظنا كل ذلك وجدنا ان القرآن معجزة كبرى، ليس لها نظير لانه لم يكن نتيجة طبيعية لتلك البيئة المختلفة بكل ما تضم من عوامل ومؤثرات ، فوجده إذن يتحدى القوانين الطبيعية ويعلو عليها، وهدايته وعمق تأثيره لا تفسيره تلك العوامل والمؤثرات .
ولكي يتجلى ذلك بوضوح يمكننا ان نستعرض البيئه التي ادى فيها القرآن رسالته الكبرى ونقارن بينها وبين البيئه التي صنعها ، والامة التي أوجدها .

بعض أدلة اعجاز القرآن وبهذا الصدد يجب ان ناخذ النقاط التالية بعين الاعتبار، والتي يمكن ان تكون كل واحدة منها دليلاً على اعجاز القرآن :
1- ان القرآن شع على العالم من جزيرة العرب ، ومن مكة بصورة خاصة ، وهي منطقة لم تمارس أي لون من ألوان الحضارة والمدنية، التي برهنت على أن الكتاب لم يجر وفق القوانين الطبيعية الاعتيادية، لان هذه القوانين التجريبية تحكم بأن الكتاب مرآة لثقافة عصره ومجتمعه ، الذي عاشه صاحب الكتاب ، وتثقف فيه ، فهو يعبر عن مستوى من مستويات الثقافة في ذلك المجتمع ، او يعبر على افضل تقدير عن خطوة الى الامام في تلك الثقافة ، واما ان يطفر الكتاب طفرة كبيرة جداً ، ويأتي بدون سابق مقدمات وبلا ارهاصات – بثقافة من نوع آخر لا تمت الى الافكار السائدة بصلة ولا تستلهمها ، وانما تقلبها رأساً على عقب ، فهذا مالا يتفق مع طبيعة الاشياء في حدود التجربة التي عاشها الناس في كل عصر .وهذا ما وقع للقرآن تماماً فأنه اختار اكثر المناطق والمجتمعات تأخراً وبدائية ، وضيق أفق ، وبعداً عن التيارات الفلسفية والعلمية ، ليفاجئ العالم بثقافة جديدة ، كان العالم كله بحاجة اليها ، وليثبت أنه ليس تعبيراً عن الفكر السائد في مجتمعه ، ولا خطوة محدودة الى الامام ، وانما هو شيً جديد بدو سابق مقدمات .
وهكذا نعرف ان اختيار البيئة والمجتمع ، كان هو التحدي الاول للقوانين الطبيعية التي تقتضي ان تولد الثقافة الجديدة في ارقى البيئات من الناحية الفكرية والاجتماعية .
2- إن القرآن بشر به النبي ، وأعلنه على العالم فرد من افراد المجتمع المكي ، ممن لم ينل ما يناله حتى المكيون من الوان التعلم والتثقيف ، فهو امي ، لا يقرأ ولا يكتب ، وقد عاش بين قومه اربعين سنة فلم تؤثر عنه طيلة هذه المده محاولة تعلم أو اثارة من علم او ادب ، كما اشار القرآن الى ذلك :
( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذاً لارتاب المبطلون )
( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا ادراكم به فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون )
وهذا يعتبر تحدياً آخر من القرآن للقوانين الطبيعية ، اذ لو كان القرآن جارياً وفق هذه القوانين، لما كان من الممكن ان يجيء به فرد امي ، لم يشارك حتى في ثقافة مجتمعه بالرغم من بسلطتها ، ولم يؤثر عنه أي بروز في عالم اللغة بمختلف مجالاتها ، فيبذ به الانتاج الادبي كله ويبهر بروعته وحكمته وبلاغته ، اعاظم البلغاء والعلماء .
فهل رأيت في مجرى القوانين الطبيعية شخصاً جاهلاً لم يدرس عنه شيئاً يتقدم بكتاب في الطب يبهر عقول الاطباء بما يضم من اسرار العلم وآياته ؟ وهل رأيت في مجراها شخصاً لا يحسن ان يكتب في لغة ما، ولا يجيد شيئاً من علومها يأتي بالرائعة التأريخية في حياة تلك اللغة ، ويكشف عن امكانيات ادبية كبيرة جداً في تلك اللغة لم تكن تخطر على بال حتى يتصور الناس انه ساحر؟
والواقع ان المشركين في عصر (البعثة النبوية) احسوا بهذا التحدي العظيم وكانوا حائرين في كيفية تفسيره، ولا يجدون تفسيراً معقولاً له وفق القوانين الطبيعية ، ولدينا عدة نصوص تأريخية تصور حيرتهم في تفسير القرآن وموقفهم ، القلق من تعده للقوانين والعادات الطبيعية .
فمن ذلك أن الوليد بن المغيرة استمع يوماً الى النبي في المسجد الحرام وهو يقرأ القرآن فانطلق الى مجلس قومه بني مخزوم فقال: (والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الانس ولا من كلام الجن وان له لحلاوة وان علية لطلاوة وان أعلاه لمثمر وان أسلفه لمعذق وانه ليعلو وما يعلى) ثم انصرف الى منزله فقالت قريش : صبا والله الوليد والله ليصبأن قريش كلهم ، فقال ابو جهل : انا اكفيكموه، فانطلق فقعد الى جانب الوليد حزيناً ، فقال له الوليد مالي اراك حزيناً يابن اخي ؟ فقال له : هذه قريش يصيبونك على كبر سنك ، ويزعمون انك زينت كلام محمد ، فقام الوليد مع ابي جهل حتى اتى مجلس قومه ، فقال لهم : تزعمون ان محمداً مجنون فهل رأيتموه يخنق قط ؟! فقالوا : اللهم لا ، فقال :تزعمون انه كاهن ، فهل رأيتم عليه شيئاً من ذلك ؟! قالوا : اللهم لا ، فقال : تزعمون انه شاعر فهل رأيتموه ينطق بشعر قط ؟! قالوا : اللهم لا ، قال : تزعمون انه كذاب فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب ؟!فقالوا : اللهم لا ، فما هو اذن ؟ فغرق الوليد في الفكر ثم قال : ما هو الا ساحر ! اما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه، فنزل قوله تعالى : ( انه فكر وقدر* فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر * ثم نظر * ثم عبس وبسر* ثم ادبر واستكبر * فقال ان هذا الا سحر يؤثر ) .
وقد افترض بعض العرب- لتعليل هذه الحيرة امام تحدي القرآن لهم بنزوله على شخص امي- ان يكون احد من البشر قد علم النبي القرآن ، ولم يجرؤا وهم الاميون على دعوى تعلمه من احد منهم ، فقد ادركوا بالفطرة ان الجاهل لا يعلم الناس شيئاً ، وانما زعموا ان غلاماً رومياً اعجمياً نصرانياً ، يشتغل في مكة قيناً (حداد) يصنع السيوف ، هو الذي علم النبي القرآن ، وكان ذلك الغلام على عاميته يعرف القراءه والكتابة ، وقد تحدث القرآن الكريم عن افتراض العرب هذا ، ورد عليه رداً بديهياً قال تعالى : (…لسان الذي يلحدون إليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين )
3- إن القرآن الكريم يمتد بنظره الى الغيب المجهول في الماضي البعيد وفي المستقبل على سواء ، فهو يقص احسن القصص عن امم خلت ، وما وقع في حياتها من عظات وعبر ، وما اكتفنها من مضاعفات ، يتحدث عن كلذلك حديث من شاهد الاحداث كلها ، وراقب جريانها، وعاش في عصرها بين اصحابها ، قال الله تعالى : ( تلك من انباء الغيب نوحيها اليك ما كنت تعلمها انت ولا قومك من قبل هذا فصبر ان العاقبة للمتقين ) وقال : ( وما كنت بجانب الغربي اذ قضينا الى موسى الامر وما كنت من الشاهدين * ولاكنا انشأنا قروناً فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في اهل المدين تتلو عليهم آياتنا ولاكنا كنا مرسلين ) وقال : ( ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك وما كبت لديهم اذ يلقون اقلامهم ايهم يكفل مريم وما كنت لديهم اذ يختصمون )
وكل هذه الايات الكريمة تأكد تحدي القرآن للقوانين الطبيعية في استيعابه لتلك الاحداث ، واحاطته بالماضي المجهول ، اذ كيف يمكن بحكم القوانين الطبيعية ان يتحدث شخص في كتاب عن احداث امم في الماضي السحيق لم يعشها ولم يعاصرها ؟
وقد احس المشركون بهذا التحدي ايضاً : ( وقالوا اساطير الاولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة ً واصيلاً ) . وكانت حياة محمد (ص) رداً مفحماً لهم ، فقد عاش في مكة ولم تتهيأ له أية دراسة لاساطير الاولين ، او كتب العهدين : التوراة والانجيل ، ولم يخرجمن المنطقة الا مرتين ، سافر فيهما الى الشام ، احداهما : في طفولته مع عمه لقي فيها بحيرا ، وهو ابن تسع سنين ، فقال هذا الراهب لعمه : ( سيكون لابن اخيك هذا شأن عظيم ) والاخرى : في تجارة خديجة وهو شاب وكان بصحبته ميسرة غلام خديجة ، ولم يتجاوز (ص) سوى مدينة بصرى، في كلتا الرحلتين القصيرتين ، فأين تأتى للنبي ان يدرس التوراة أو يكتب اساطير الاولين ؟ !
والحقيقة ان مقارنة القصص التي جاءت في القرآن الكريم بالعهد القديم تؤكد التحدي ، اذ تبرز اعجاز القرآن بصورة اوضح ، لأن التوراة التي شهد القرآن بتحريفها كانت قصصها واحاديثها –عن ماضي الامم واحداثها – مشحونة بالخرافات والاساطير وما يسيئ الى كرامة الانبياء ، ويبتعد بالقصة عن اهداف التبليغ والدعوة، بينما نجد قصص تلك الامم في القرآن، قد نقيت من تلك العناصر الغربية ، وابرزت فيها الجوانب التي تتصل باهداف التبليغ ، واستعرضت بوصفها عظة وعبرة لا مجرد تجميع اعمى للمعلومات .
وكما كان القرآن محيطاً بالماضي ، كذلك كان محيطاً بالمستقبل ، فكم من خبر مستقبل كشف القرآن حجابه فتحقق وفقاً لما اخبر به ، ورآه المشركون ، ومن هذا القبيل أخبار القرآن بانتصار الروم على الفرس في بعض سنين، اذ قال تعالى :(غلبت الروم* في ادنى الارض وهم منبعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين …)
وقد اخبر القرآن بذلك على اعقاب هزيمة فضيعة مني بها الروم ، وانتصار ساحق سجله الفرس عليهم، ففرح المشركون بذلك لانهم رأوا فيه انتصاراً للشرك والوثنية على رسالات السماء ، نظراً الى ان الفرس المنتصرين كانوا وثنيين والروم كانوا نصارى ، فنزل القرآن يؤكد انتصار الروم في المستقبل القريب ، فهل يمكن لكتاب غير نازل من الله تعالى ان يؤكد خبراً غيبياً في المستقبل القريب من هذا القبيل ، ويربط كرامته ومصيره بالغيب المجهول، وهو يهدد مستقبله بالفضيحة اذا ظهر كذبه في نبوءته ؟
وهكذا نجدان القرآن يتحدى الغيب في الماضي والمستقبل على السواء ، ويتحدث بلغة المطمئن الواثق ، الذي لا يخالجه شك فيما يقوله، وهذا ما لا يقدر عليه انسان ، أوكتاب انسان وفقاً للقوانين الطبيعية .
كما أننا يمكن ان نجد ادلة اخرى على اعجاز القرآن ، في مقدمتها ما اشرنا اليه في بحث الهدف من نزول القرآن ، من التغيير العظيم الذي احدثه في امة العرب وبمدة زمنية قياسية .
__________________________________________
*
*
حميد
8
8
2011

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 08-10-2011, 03:54 PM
المشاركة 9
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السبع المثاني
مصطلح قرآنيّ ورد في الآية 87 من سورة الحِجر، في قوله تعالى :
ولقد آتيناكَ سَبْعاً مِن المثاني والقرآنَ العظيم .
ورُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال :
« أُمُّ القرآن ( أي سورة الفاتحة ) السبعُ المثاني التي أُعطيتُها » .
كما روي عن الإمام عليّ عليه السّلام وعن عدد كبير من الصحابة والتابعين، منهم :

ابن عبّاس ، ابن مسعود ، أبيّ بن كعب ، أبو العالية ، يحيى بن يعمر ، سعيد بن جبير، مجاهد ، قتادة ، أبو فاختة .. وسواهم
أنّهم قالوا بأنّ السبع المثاني فاتحة الكتاب .
وفي حديث أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام :
« بسم الله الرحمن الرحيم » آيةٌ من فاتحة الكتاب ، وهي سبع آيات ، تمامُها
« بسم الله الرحمن الرحيم » .
أمّا السبب في التسمية ، فقد اختُلف فيه ، فقيل :

لأنّها تُثنّى في كلّ صلاة ،
وقيل :
لأنّ فيها الثناء مرّتين ، وهو « الرحمن الرحيم » ، أو لأنّها مقسومة بين الله وعبده قسمين اثنين ، وقيل إنّ المثاني جمع المَثنية ، من الثني بمعنى اللَّي والعطف والإعادة ، وسُمّيت الآيات القرآنية مثاني لأنّ بعضها يوضّح حال البعض ، ويلوي وينعطف عليه ، كما يُشعر به قوله تعالى
« كتاباً متشابِهاً مثاني » .
وقال النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم في صفة القرآن :
يُصدِّق بعضُه بعضاً .
وقال أمير المؤمنين عليه السّلام فيه :
ينطق بعضُه ببعض ، ويشهد بعضُه على بعض .
_________________________________________
*
*
حميد
10
8
2011

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 08-11-2011, 02:53 PM
المشاركة 10
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مِن بَديع القرآن
أريد بـ «بديع القرآن» ضرباً من الاستعمال يقوم على أن تؤدي الكلمة معناها كما تؤدي ضرباً من الحسن يتأتَّى من بنائها وهيأتها كما يتأتَّى من مجاورتها لغيرها من الكلم. ألا ترى أن نون التنوين تلحق طائفة كبيرة من الأسماء فتكسبها الحسن والجمال والقوة، وقد تعرى من هذه النون طائفة أخرى فتكون الكلمة متصفة بالحسن والطلاوة التي لا نحسها لو لحقت بها هذه النون؟! وقد يكون شيء آخر من أمر النون، فقد تلحق الكلمَ الذي يخلو منها وهو مفرد، ولكنه يجمل بها وهو يجاور كلماً آخر حُلِّيَ بهذه النون. ألا ترى أن من بديع كمال هذه اللغة القرآنية أن جمهرة من القراء قرأوا: «سلاسلاً وأغلالاً وسعيراً» ؟ !
كان حق «سلاسل» ألاّ تنوّن، وعدم تنوينها يوفر لها الحسن والجمال. ولم يشأ أهل العربية من النحاة واللغويين أن يبحثوا في علة عدم تنوين هذه الجموع التي أسموها بـ «منتهى الجموع» واكتفوا بقولهم : إن بناء منتهى الجموع علة بمنزلة علتين، والعلتان سبب يجب أن يتوفر في خلوِّ الاسم من التنوين .
أقول: من الخير أن نفارق هذا العلم النحوي لننظر في هذه المباني التي أسموها «منتهى الجموع» لنجد أنها مبانٍ اتصفت بالطول، وبكثرة الأصوات، فقد تكون خمسة أصوات أو ستة، وكثرة الأصوات مُؤذِنة بالكفاية، فليس من الحسن أن يزاد فيها نون أخرى. غير أن هذه الزيادة وجبت من أجل أن يتم الانسجام والتشابه الذي عُبِّر عنه بالتناسب أو المشاكلة .
وستأتي نماذج من هذه المواد التي قُصد فيها هذا الضرب من التناسب الذي استُحسن ولو تجاوز الحدود فخالف بناءً، أو جار على قاعدة نحوية، أو ابتعد عما ألف المعربون في نظام الجملة العربية . ألا ترى أنك تقرأ سورة الفاتحة فتجد فيها من حسن النظام وبديع التناسب ما لا تحصل عليه في كثير من النصوص ؟ !

بسم الله الرحمن الرحيم
االْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيِّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ *
ولعل العربية فريدة بين اللغات القديمة والحديثة التي أَحَسَّ بحسن أصواتها المعربون، فدَرَجوا على نمط من المشاكلة يوفّر الحسن والجمال. قد تدرك أن الميم والنون قد تَوَزَّعا هذه الآيات البيِّنات، فجعلا منها قطعة بالغة في الحسن، مستوفية في نظمها وبنائها ما لا يمكن أن تجده في المأنوس من فرائد الشعر .
قال جلَّ وعلا: «الحمدُ للهِ ربِّ العالمين* الرحمنِ الرحيم ...»
نلاحظ أنّ أسلوب هذه السورة يؤدي مادة الدعاء والتقرب إلى العليّ العظيم وإن جاء أول السورة جملةً خبرية. ومن المعلوم أن لغة الدعاء ينبغي لها أن تُشحَن بمادة عاطفية، فجاء قوله على لسان النبي وجمهرة المسلمين: «الحمد لله رب العالمين»، وانتهت الآية «بربّ العالمين». وكانت النون في هذا الجمع المذكَّر نهايةً جميلة بعد أن وصف هذا الموصوف العلي العظيم بقوله: «الرحمنِ الرحيم». فلو قُدِّرَ لك أن تفارق الحسن والذوق والبلاغة فقلت: «الرحيم الرحمن» ولم تُخِلَّ بالصفتين، ولكنك أخللت بالترتيب، لرأيت أن في قوله «الرحمن الرحيم» فائدة أية فائدة، في توفير التناسب في هذا التقسيم البديع. ثمّ إن هذا الحسن لم يتم بطريقة السجع، ولكنه إخاء بين صوتين التَأَما في العربية التئاماً عجيباً .
لم يفطن اللغويون لمادة الإبدال التي تقع في الميم والنون ويَقِفوا على السر في ذلك. لقد تم هذا التناسب في هاتين الآيتين بعيداً عن السجع، ولله في ذلك حكمة بالغة. ثمّ جاءت الآية الثالثة «مالك يوم الدين » فتم هذا التناسب من النون إلى الميم إلى النون ثانية .
إنا لَنجد في القراءات، ولا سيما غير المشهورة، أن أحداً من القراء قرأ: «مَلِكِ يوم الدين»، وهذه القراءة مخالفة للقراءات الكثيرة التي توفر لها ما يشبه الإجماع .
والتزام القراءات الكثيرة بلفظ «مالك» قد يكون دليلاً على أن الآية ـ وهي مشتملة على اسم الفاعل «مالك» ـ أوفر للحسن وإتمام الوزن منها لو أنها اشتملت على «مَلِك ».
ونأتي إلى الجملتين من الآية الشريفة الخامسة، وهما: «إياك نعبُدُ، وإيّاك نستعين »..
نجد أنهما بَدَأتا بلفظ «إيّاكَ» وهو المقصود بالعبادة والاستعانة، وهو الله جل شأنه . والتقديم يوفّر نظام الفواصل الذي انعقدت عليه السورة. وليس كما ذهب غير واحد من أن التقديم لغرض الحصر. وهذا يعني أن العناية بالشكل في نظام الفواصل هذا هي وحدها استدعت هذا التقديم وليس من أجل غرض آخر .
ثمّ ناتي إلى الآية السادسة فنجد أسلوب الدعاء المتوصَّل إليه بفعل الأمر «إهدِنا الصِراطَ المستقيم». ونعود إلى نظام الفواصل وليس السجع منتقلين من النون إلى الميم .
ثمّ إنك لو نظرت إلى هذه الفِقَرِ ـ أي الآيات ـ وجدتها موجزة مقدَّرة على طول معيّن، تفي عنه ما يخرم هذا القياس الذي يشبه الوزن. ألا ترى أن الفعل «إهدنا» وصل إلى مفعوله بغير «إلى» وقد وجدناه في آيات أخرى يلتزم بهذه الأداة، كما في قوله تعالى : وَاهْدِنَا إلى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ؟ !
إنه من غير شك قد وصل الفعل «إهدِنا» إلى مفعوله «الصراط» ليتم بناء حسن يكاد يكون موزوناً، ولو جيء بالأداة «إلى» فقلنا: «إهدنا إلى الصراط المستقيم» لعَرِيَ التركيب من هذا النظام المقدَّر الذي يُشعرك بالوزن حفاظاً على النمط البديع الذي يقوم على الشكل طولاً وقصراً .
وأنت تحسّ هذه العناية بشكل الآية وطولها في الآية السابعة في قوله تعالى: «صِرَاطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» وقد وُصفوا أخيراً بقوله: «غير المغضوب عليهم»، ثمّ لم يَقُل وغير الضالين بل تجاوزها إلى أداة النفي فقال: «ولا الضالين ».
إنّ جملة هذه العناية بطول الآية واستبدال بعض الكلم ببعض مقصود لِما يؤدي إليه من نظام حسن، هو أسلوب «بديع القرآن ».
و قد يقال أنّ «السجع» قد يكون ثقيلاً، مُخِلاًّ بالكلام؛ لأنه يجور على المعنى، فقد تُؤثَر السجعة وهي تنال من إصابة الغرض فلا يوصل إلى المراد إلا بعد لأي. غير أن هذا النظام من السجع الذي دُعي بـ «الفواصل»، قد نُفِيَ عنه ما يؤدي إلى شيء من هذا النقص، وتلك حكمة الله في كلامه المقدَّر الموزون على قدر المعاني .


ولْنأخذ سورة الاخلاص وهي كلّها فواصل مسجوعة، هي :

بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ* اللهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ *
ولْننظُر إلى هذا التقسيم البديع في هذه الآيات المقدَّرة المَقيسة بمقياس دقيق موزونٍ، فنجد هذا البناء المتين والفواصل البديعة التي رُوعيَتْ في الآيات الأربع بحيث قُدِّمَ الخبر في الآية الأخيرة ليسلم البناء على هذا النمط من الحُسن، مع إصابة للمعنى المراد. ولا يذهبنّ بك الظن أن الحسن قد توفر لسجع فيه، ولكنه هو التقسيم في هذه الآيات المقدّرة المَقيسة مع هذه الفواصل المسجوعة قد جاء بهذا الحسن البديع. ألا ترى أن قوله تعالى في سورة النصر :
بسم الله الرحمن الرحيم
إذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُون فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجَاً* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ، إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَاً *
قد خلا من الفواصل المسجوعة، وهو مع هذا مشتمل على الحسن لما وفّر له هذا التقسيم البديع في الآيات من الكمال والجمال ما لا تجده في كثير من فنون الإعراب .

وليست الفواصل ـ أو قُل السجع وحده ـ وفّر الحسن والجمال الفريد في كتاب الله، ذلك أن فيه من فنون العناية ما لا تَقفُ إلاّ على شيء منه في حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم .
ما زلت أذكر منذ أيّام الطلب أن ابن الأثير في «المَثَل السائر » أشار إلى شيء من هذا فتكلم على قول النبيّ صلوات الله عليه: «إرجِعْنَ مأزورات، غيرَ مأجورات»، والأصل: مَوزورات مِن الوِزْر وهو الذَّنْب، ولكنّ لغة الحديث الشريف آثرت هذا الضربَ من التناسب ـ أو قُل التشاكل ـ لِتَلْتئم الكلمة مع رَصيفتها «مأجورات». ألا ترى أن مراعاة النظير توخياً للحسن حمل على سلوك هذا السبيل ؟ !
ومن هذا نُوِّنَتْ «قواريراً » الثانية في قوله تعالى : قَوَارِيراً مِنْ فِضَّةٍ .
لتناسب «قواريراً» الأولى التي قبلها، كما نوّنوا «يغوثاً ويَعوقاً» في قوله تعالى : وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً < لِيُناسِبا «نَسْراً » .
ومن هذا ما جاء في سورة الرعد :
اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى ومَا تَغيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ، وَكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ* عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، الكبيرُ المُتَعُالِ* سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالِلّيلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ .
لقد جاء «المُتَعال» في الآية، وهو مَنقوص حُذفت ياؤه، لتُشاكِل سائرَ الفواصل في الآيات .
وقال العُكبري: حُذِفت للتشاكل، ولولا ذلك لكان الجيّد إثباتها .
ومثل هذا الضرب من المشاكلة والتناسب ما جاء في قوله تعالى : قَالَ فِرْعَونُ مَا أُرِيكُمْ إلاّ مَا أَرى، وَمَا أَهْدِيكُمْ إلاّ سَبِيلَ الرَّشَادِ* وَقَالَ الّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ* مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِم، وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ* وَيَا قَوْمِ إِنّي أخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ* يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ .
ألا ترى أنه لم يَجئ في الآية «التنادي»، وهو الصحيح المتطلَّب، وعُدِل عنه إلى «التناد» بحذف الياء؛ توخّياً للمشاكلة بين الفواصل ؟! فهي: الرشاد، والعباد، والتناد، وهاد .

وقد تُلجئ رعايةُ الفاصلة إلى حذف ما لا يُحذف إلاّ لأداء غرض فني، كالذي نلقاه في قوله تعالى : وَإنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى .
حُذِف معمول «أخفى»، والتقدير ـ والله أعلم بمرادِه ـ : وأخفى السِرَّ عن الخلق، على تقدير: أخفى «فعلاً»، وعلى تقديرهِ اسماً، فالمحذوف الجار والمجرور، أي: وأخفى منه .
ومن الحذف ممّا لا يجوز حذفه إلا في مقامٍ كهذا يستدعيه ضرب من المشاكلة أو التناسب.. قوله تعالى :وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ(11) ، فقد حذفت ياء الفعل «يسري» ـ وهو غير مجزوم بأداة جزم ـ وهذا يعني أن رعاية الفواصل القائمة على الراء المكسورة بكسرة طبيعية تأبى أن تطول الكسرة بعد الراء في الفعل فيكون منها المد الطويل بالياء. إن في ذلك مراعاةً لطول الفِقَر التي تضمَّنَتها الآيات، وحيث أن الياء تُخِلُّ بهذا الطويل المقدّر المَقيس حُذفت مُشاكلةً وتناسباً .
ومثل هذا الحذف.. حذف ياء الاضافة، في قوله تعالى : فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ؟ ! .
ومن الحذف الذي اقتضته مراعاة الفواصل وما تؤدي إليه من الحسن حذف المفعول به، كما في قوله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم
وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى *
والتقدير: وما قَلاكَ، ولكنّ المفعول به قد حُذف ليناسب «سجا». ومن هذا الحذف ما ورد في سورة طه، وهو في قوله تعالى :
إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى *

وإذا كان الحذف يوفّر التناسب أو المشاكلة فإن الزيادة أيضاً ترمي إلى هذا الغرض، ومن ذلك قوله تعالى :وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا.
ولولا رعاية الفواصل وما ترمي إليه من التناسب تَوَخّياً للحُسن لكان من الصواب والصحة أن تكون الآية : وتظنون بالله الظنون .
ومن هذه الزيادة المقصودة التي تؤدي إلى التناسب وإحسان البناء قوله تعالى :
إِنَّ الله لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً* خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدَاً لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ* وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ* رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنَاً كَبِيراً.
وقد زيدت الألف في «الرسولا» و «السبيلا» لتناسب الفواصل السابقة واللاحقة. وقد أشرنا إلى زيادة هاء السَّكْت في سورة الحاقَّة في قوله تعالى :مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ؛ وفاءً بالتناسب والحسن .
ولعل المشاكلة والتناسب هما السبب في كون «النخل» مرةً مذكّراً وأُخرى مؤنثاً، كما في قوله تعالى :أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ، وقوله :أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ.
وقد قال أهل العربية إنّ اسم الجنس واسم الجمع يندرجان في حكم التذكير كثيراً، وإن لم يكن هذا مما يؤيده الاستقراء تأييداً تاماً، فقد جاء في قوله تعالى :وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ
، فقد وصف النخل بـ «باسقات» صفة مؤنثة مجموعة ثمّ عاد الضمير عليها وهو مفرد مؤنث، وهذا شيء من خصائص لغة القرآن وما أفرغه الله فيها من الفوائد التاريخية الحسان .
وقد يكون للكلمة في العربية وجهان من حيث بناؤها، ولكنها تأتي على وجه من هذين الوجهين دون الآخر؛ مراعاة للفواصل، ومن هذا جاءت كلمة «رَشَد» بفتحتين ولم تأت بالوجه الآخر وهو الضم والسكون، وذلك في قوله تعالى : فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدَاً.
وفي قوله تعالى :وَهيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً.
وإنما التزم وجه التحريك بفتحتين لما جاء في السورة من الفواصل التي فتح منها الوسط. قرأ بذلك السبعة ولم يقرأ أحد من القراء بالوجه الآخر «رُشْداً» بضم الراء وإسكان الشين، مع أنه وجه جائز صحيح، وذلك رعاية للتناسب والمشاكلة .
وقد جاءت كلمة «الرُّشْد» معرّفة بالألف واللام فقرئت بضم الراء وسكون الشين، وذلك لأن الحاجة لا تدعو إلى مراعاة الفواصل، فلما انتفى هذا السبب قرئ بالوجه المشار إليه كما قرأ حمزة والكسائي بالتحريك بفتحتين على الوجه الآخر .
ومثل هذا الالتزام بوجه واحد مراعاةً للمشاكلة ما ورد في قوله تعالى :تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَاأَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَارَاً ذَاتَ لَهَبٍ.
إن «لَهَب» الأولى بفتح الهاء أو سكونها، ولكنها قرئت بالفتح، وقرئت «لَهَب» الثانية بالفتح ليس غير رعاية للأولى .
على أنه ورد في تفسير الآلوسي أنّ ابن مُحَيصن وابن كثير قرءا «أبي لَهْب» بسكون الهاء
وإذا كانت المناسبة ورعاية الفواصل قد استدعت أن يُنوَّن ما لا يقبل التنوين في العربية من الكلم، فقد نجد في كلام النحاة تعليقاً على قراءة بعض الآيات ما يُشعر بأن ترك التنوين قد يأتي لغرض التناسب
والمشاكلة .
قال ابن هشام :
وقُرئقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدُ* اللهُ الصَّمَدُ، كما قرئ : وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارَبترك التنوين في «أحَدَ وسابق» ونصب النهار .
ولم يشأ ابن هشام أن يفسِّر حذف التنوين بالتناسب كما بيَّنّا، بل ذهب إلى أن العلة التقاء الساكنين، وهو قليل، وقد قاسه على قول أبي الأسود الدؤلي :

ولا ذاكرِ اللهَ إِلاّ قَلِيلا فَأَلفيتُه غيرَ مُستعْتِبٍ قال ابن هشام: آثر ذلك على حذفه للاضافة؛ لارادة تماثل المتعاطفَين في التنكير .

وقلت في الكلام على سورة الفاتحة: إن لغة القرآن تشتمل على أسلوب من تقديم بعض المواد التي حقُّها التأخير، وذلك ليتم نمط من البناء والتركيب تُراعى فيه الفواصل، فيتوفر من الحسن ما لا يتوفر لو كان التركيب والبناء على طبيعته .
ومن هذا قوله تعالى :إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ* يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ. إنّ تقديم الجارّ والمجرور «على رجعه» مراعاة للفاصلة التي توفر الحسن .
ومثل هذا من أسلوب التقديم قوله تعالى :إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً.
فقد قُدّم الجارّ والمجرور «عنه» ليسلم البناء القائم على الفواصل المتماثلة .

وقد يتجاوز التزام الفواصل ـ أو قل السجع ـ حيّزَ الصوت الواحد إلى صوتين؛ توخّياً للمشاكلة المطلوبة التي يتم بها التناسب البديع، كقوله تعالى :فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ* وأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ.
ألا ترى أن المشاكلة تجاوزت الراء في الآيتين إلى الهاء السابقة للراء ؟! وفي هذا ما فيه من الذهاب إلى الحسن .
وقوله تعالى :أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ... فقد التزم الراء في الآيتين وما بعدهما قبل الكاف .
وقد يتوفر في الآيات أن يلتزم حرف زيادة على حرف الفاصلة، كما يلتزم البناء أو ما في وزنه أو ما هو قريب منه، كقوله تعالى :
فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوَارِ الكُنَّسِ *
ألا ترى أن السين فاصلة فالتزمت النون المشدّدة قبلها، ثمّ أن البناء من أبنية جموع التكسير ؟ !
ومن هذا قوله تعالى :وَالطُّورِ* وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. لقد التزمت الراء فاصلة، ثمّ التزمت الطاء وبينهما الواو يحفظ شيئاً من الوزن والتقدير توافق الأصوات .

إن الأصوات المتباعد مخارجها تؤلف الكلمة الفصيحة المقبولة، ولا يمكن أن تتألف من الأصوات المتقاربة في مخارجها، وإلى هذا أشار أهل البيان في فصاحة الكلمة الواحدة.
جاء في «اللسان » :
والحروف المتقاربة لا تأتلف في كلمة واحدة أصلية الحروف، فقبح على ألسنة العرب اجتماع الحاء والهاء، لأن الحاء في الحلق بلزق الهاء، ولكنهما يجتمعان في كلمتين لكل واحدة معنى على حدة، قال لبيد :

ولقد يسمع قولي :
حيَّ هَلْ يتمادى في الذي قلتُ له ولا تأتلف العين والحاء للسبب نفسه .
قال الخليل :
« العين والحاء لا يأتلفان في كلمة واحدة أصلية الحروف لقرب مخرجيهما، إلاّ أن يؤلف فعل من جمع بين كلمتين، مثل: حيَّ على، فيقال من «حيعل ».
وقالوا: لم تأتلف الصاد مع السين، ولا مع الزاي في شيء من كلام العرب .
وقالوا أيضاً: تأليف القاف والكاف معقوم في بناء العربية؛ لقرب مخرجيهما، إلاّ أن تجيء كملة من كلام العجم معربة .

ومن الترقيق والتفخيم بسببٍ من المشاكلة والتناسب ما حصل من ترقيق اللام وتغليظها .
إنّ اللام من اسم «الله» جل ذكره مفخمة أبداً؛ تقول :اللهُ رَبَّي وقوله تعالى :وَقَالَ اللهُ ، وقوله تعالى :وَلاَ إِلَهَ إِلاّ اللهُ. ولا تزال اللام مفخَّمة إلاّ أن يأتي قبلها كسرة، فإن زالت الكسرة، رجعت اللام إلى التفخيم، تقول: باسمِ اللهِ، باللهِ، للهِ، فترقق اللام للكسرة التي
قبلها
وقد تفرَّد ورْش عن نافع بتفخيم اللام لحرف الإطباق قبلها، وذلك إذا كان قبل اللام: طاء أو صاد أو ضاد، فالذي يفخَّم نحو :ظَلَمُوا ،وَمَنْ أَظْلَمُ ، والصلاة، ومُصَلَّى، والطلاق، وطلَّقتم، قرأه ورش بالتفخيم ليعمل اللسان عملاً واحداً .
وهذا كلّه من باب المشاكلة التي يستدعيها قرب الصوت من الصوت. ألا ترى أنهم قرأوا في سورة الفاتحة: «إهدنا الصراط المستقيم» بالصاد في «الصراط»، ولم يقرأوا بالسين وهو الأصل وذلك لمكان الطاء التي بعدها ؟ !
ولو استقرينا العربية لوجدنا شواهد كثيرة في هذا الباب من غير كلام الله جل شأنه، ثمّ إننا لو تعقّبنا هذا الباب وجدنا أن أبنية العربية جرت على نمط من التوافق والانسجام في الأصوات ما لا تجده في كثير من اللغات ولا سيما أخوات العربية المعروفة .

وسنأتي بشواهدَ من أبنية جموع التكسير، وأقف عليها لأشير إلى مكان المشاكلة في الأصوات .
إن بناء «فُعل» من أبنية هذا الجمع، فنحن نجمع «أحمر وحمراء» هذا الجمع فنقول «حُمْر»، ولكننا نصير إلى شيء آخر إن كان عينه ياءً أو واواً فنقول في أبيض وبيضاء «بِيض»، فنكسر الباء لمكان الياء في الكلمة وكأن الوزن هو «فِعْل». ومثل هذا نقول في «أسودَ وسوداء» «سُود» والأصل سُوْد، ولمكان الضم بعد السين نتحول من الواو التي تشبه الأصوات الساكنة إلى المد وهو صوت نأتي إليه من الضم بعد السين، وليس هذا إلاّ لتحقيق المشاكلة والتناسب .
ومن أبنية الجمع المكسَّر «فُعُول» مثل شهور جمع شهر، وشُهود جمع شاهد، وقُعود جمع قاعِد، وجِثِيّ جمع جاثٍ .
وهذا الجمع الأخير قد عرض له ما عرض بسبب مشاكلة الأصوات حتّى تحوَّل إلى الصيغة، والأصل «فُعُول» بضم الفاء والعين. لو اتبعنا طريقة الصرفيين وهم على حق في الوصول إلى الأمر، لقلنا أن الأصل «جُثوو» ثمّ كان إبدالٌ للواو الأخيرة فصارت ياءً، ثمّ إبدال واو المد ياءً ثانية فصار «جُثُى ي»، ثمّ أُبدلت ضمة الثاء كسرة للمناسبة ، ثمّ تبعتها ضمة الجيم فصارت كسرة للمناسبة أيضاً، فصارت «جِثِيّ » ، وبها قُرئ :وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً.
وليس هذا في لغة القرآن وحدها، ألا ترى أنهم جمعوا «قوس» على «قِسِيّ» فكان لها ما كان لـ «جِثِيّ ».
وقد يأخذك العجب حين تجد كلمة أخرى كان حقها أن يعرض لها ما عرض لـ «جِثّي»، ولكنها وردت على صورة أخرى هي «بُكِيّ» جمع باكٍ، كقوله تعالى :إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيَّاً.
قُرئت بضم الباء ولم تعمل فيها المشاكلة، فوَليت الكسرة الضمة على غير ما تقتضيه المشاكلة الصوتية .

وبعد، فهذه نماذج من فرائد اللغة كان فيها لمشاكلة الكلم وتناسب الأصوات مكان بارز دَلّ على مبلغ ما بلغته لغة التنزيل من الحسن الفائق الذي وفّرته أسرار هذه الصنعة العليّة .

( عن كتاب: من وحي القرآن، تأليف : الدكتور إبراهيم السامرائي، ص 129 ـ 147 )

_________________________________________________
حميد
11
8
2011


معكم ألتقي ............ بكم أرتقي

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: القرآن ...... و علومه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إعجاز القرآن .. القسم في القرآن الكريم - حسين نصار د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-23-2014 09:52 PM
مواقع القرآن الكريم و علومه! عبده فايز الزبيدي منبر الحوارات الثقافية العامة 3 07-29-2012 11:27 PM
أمّ القرآن محمد عبدالرازق عمران منبر الحوارات الثقافية العامة 2 09-15-2011 01:02 AM
فضل القرآن محمد عبدالرازق عمران منبر الحوارات الثقافية العامة 0 08-05-2011 08:06 PM

الساعة الآن 01:09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.