احصائيات

الردود
3

المشاهدات
2487
 
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة

روان عبد الكريم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
238

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة

رقم العضوية
7565
10-29-2014, 11:34 PM
المشاركة 1
10-29-2014, 11:34 PM
المشاركة 1
افتراضي عابر الصحراء ومهرة السحاب
عابر الصحراء ومهرة السحاب

بعد طول غياب ظهر على مهرته السحابيه ، وقد أشرق وجهه ، واكتسى بنفيس الثياب . تراقصت عيناه بفرح فازدادت حيرتي؛ فلم أعهد صديقي أبدا على هذه الحال، وقد اتكأ في اختيال على جدار بيتنا الفقير يحكى لي ما حدث له فى الفترة الأخيرة .. يحكى عن مدينة عجيبة فى قلب الصحراء التي يعشقها، ويجوب أرجائها، مدينة ترابها من ياقوت، صخرها من ذهب، ماؤها سحر، هوائها مسك، وأردف صديقي يصف تلك المدينة:
ظنت أنني وقعت على كنزي الأسطوري، الذي أمضيت حياتي أجوب الفضاء بحثا عنه ، فتركت مهرة السحاب؛ لأجوب شوارع المدينة المترفة، أفرك عيني غير مصدق، لكن دهشتي كانت عارمة، وفزعي كان شديدا لرقة حال أهلها وفقرهم المدفع تارة، ووجوههم المذعورة من مجرد الهمس تارة أخرى، حتى تحدث طفل صغير بصوت البراءة...عن حاكم يسكن قصر مخيف، وحديقة أشجار سوداء شوكية، تتوسطها بحيرة كبيرة، تسكنها تماسيح الوغى الشبحية... ثم همس فى أذني...
- هناك فى قلب القصر الأسود .. تقبع مفرمة البشر، صنعها رجال الحاكم، وقال أنها دارت على جسد أبيه، وأطعم الحاكم لحمه لكلاب السوء، التي تحرس القصر المرعب.

وقبل أن يكمل الصغير بجسده الضئيل المرتعش بقية الحكاية، لطمه أحدهم بقسوة، ثم احتواه بين ذراعيه. ونظر لي بحدة ...أخذه واختبأ في جحره الأثير، وتبعه الآخرون في جحورهم، ينظرون لي بعيون وجله، وقد صار الخوف جزءا من تراثهم...صرخت فيهم :
- جبناء..! .
لم يحرك هذا شيئا فيهم..بل أداروا ظهورهم، لتسد فتحات الجحور والقبور العارمة.. أغاظني هوانهم، ورفعت إصبعا فى الهواء، ورسمت علامة ( لا ).
ارتعشت المدينة في ذهول . طار الخبر إلى قصر الحاكم، عبر كلاب السوء الذين تنصتوا فى خبث. كنت أتوقع أن يكون مصيري المفرمة ولم أبال... لكن سأكنى الجحور والقبور وقد هزهم زلزال الـ لا قليلاً ، أخفوني من بيت لبيت، ومن زقاق لزقاق، ومن شارع لشارع، ومن زنقة لزنقة، ومن حارة لحارة.
دارت المفرمة على أجساد الكثير ، وهم يحافظون على كالكنز الثمين ، حتى تاقت نفسي للموت خجلا من هؤلاء الضعفاء الكرماء . ثم أردف هو يغمض عينيه في نشوة الأحداث:
- نسى الحاكم أمري، في غمرة انشغاله الجنوني بآلة أخرى، تمتص الدماء من البشر . ازداد طغيانه، وكدت أرسم ( لا ) مرة أخرى، لكنى جبنت وتذكرت المفرمة. وحينما يئست، قررت الرحيل، إلا أن السحاب اختفى، وهرب خوفا من الاختناق . قبعت في جحري الأثير ؛ أرقب جنون الحاكم وقد أعلن نفسه رباً للمدينة ، وروى أشجار حديقته السوداء بالدماء الفتية ، التي امتصتها آلته الجديدة .
فجأة وسط هذا الزخم الفاسد ، صرخت امرأة فانية عجوز ، ورسمت علامة، فاقتنصها الحاكم الماكر بنفسه، وفرم لحمها، وامتص دماءها؛ ليروى حديقته الشيطانية، التى التمعت أغصانها، وتقوست أشواكها كمخالب شرسة؛ استعدت لقنص كل عابر سبيل.

وفى نهار عادى من تلك النهاريات المملة ...لا صيفية ولا شتوية ...لا أشجار تتحرك ، ولا مياه تتماوج ، ولا صوت يهمس وكأن الزمن توقف هناك ؛ إذا بالسماء تربد وتظلم ، تغضب وتبرق ، تعصف، تتساقط سيول من الأمطار الحمراء القانية تارة، والحمراء الفاتحة تارة أخرى، يجمع بينها السخونة والحدة وشهقات الألم الأخير قبل المفرمة ، وقد لطمت الأمطار الغاضبة قصر الحاكم، ورسمت فوقه علامة ( لا ) حمراء نارية تتراقص في جنون العاصفة، وتساقط االمطر غزيرا عزيزا على وجوه الناس .

كان لقاء حميم بين الموتى والأحياء ، تعرف كل أب وأم وأخ على دماء حبيبه وفقيده ، وارتفعت أصابع اليد العشر للشعب كله صوب القصر الجهنمي ، بينما خفت صوت مفرمة البشر إلى الصفر، وتساقطت كلاب السوء والسم، يربد من بين أنيابها جراء لعق الدماء الثائرة ، وانسعرت الأشجار المفترسة، التهمت تماسيح الوغى الشبيحة، ثم رقبت فى سكون . حاكمها يلوذ بحديقته الشيطانية ...تكالبت عليه الأشجار الجامحة، وتقلصت حوله..تحورت لأبدان سوداء شائهة وأوراق حادة كالسيوف غرست فى جسد الظالم .. حتى إذا أبصرته، امتزج بها، ولم يبق من بين الفروع الشائكة السوداء الحالكة سوى عينين شلهم الفزع والذهول ، وتقلصت حديقته كلها حول جسده، فى مساحة ضئيلة، مكان قصره المندثر..أبقاها الأحرار ذكرى، وقد صنع أحدهم للسخرية على أحد جوانبها مبولة...وفى الجانب الآخر مبصقة . هتفت في ذهول...
- يا له من انتقام شعب من حاكمه !
لكن عابر الصحراء لكزني قبل أن يعاود الرحيل ، ويغوص فى أحضان السحاب الفضي، وصوته يدوى خلفه:
- إنهم يستحقون!!!!!!!!!!!
- إنهم يستحقون!!!!!!!!!!!


قديم 11-02-2014, 10:10 AM
المشاركة 2
مها مطر مطر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
موثره سلمت يداك

قديم 11-02-2014, 12:54 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
لديك قدرة هائلة على الوصف الجميل والسحري. ستكتبين يوما من الايام رواية رائعة من الخيال السحري يكتب لها الخلود.

قديم 11-07-2014, 01:09 PM
المشاركة 4
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
اشكرك استاذ ايوب واتمنى ان اكتب تلك القصة لكن احياناً يكون بينى وبين الكتابة باب موصد بطلاسم يملكها عفريت مشاكس حينما يحلو له ان يفتح الباب يفتحه وحين يحلو له الغلق يغلقه


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: عابر الصحراء ومهرة السحاب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سؤال عابر حنان عبد الله منبر القصص والروايات والمسرح . 4 04-06-2014 01:03 PM
عابر سبيلْ كريم عبدالله منبر شعر التفعيلة 0 07-20-2013 10:41 AM
لست سوى عابر.. عمرو صيام منبر قصيدة النثر 6 04-04-2011 08:06 PM
نور عابر سيد حماد منبر القصص والروايات والمسرح . 2 03-26-2011 08:17 PM

الساعة الآن 12:19 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.