قديم 09-26-2010, 03:36 AM
المشاركة 11
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المائدة 12

{ وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ ٱلزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } * { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }




لما أمر تعالى عباده المؤمنين بالوفاء بعهده وميثاقه الذي أخذه عليهم على لسان عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأمرهم بالقيام بالحق، والشهادة بالعدل، وذكرهم نعمه عليهم الظاهرة والباطنة فيما هداهم له من الحق والهدى، شرع يبين لهم كيف أخذ العهود والمواثيق على من كان قبلهم من أهل الكتابين: اليهود والنصارى، فلما نقضوا عهوده ومواثيقه، أعقبهم ذلك لعناً منه لهم، وطرداً عن بابه وجنابه، وحجاباً لقلوبهم عن الوصول إلى الهدى ودين الحق، وهو العلم النافع، والعمل الصالح، فقال تعالى: { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ بَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً } يعني: عرفاء على قبائلهم بالمبايعة والسمع والطاعة لله ولرسوله ولكتابه، وقد ذكر ابن عباس ومحمد بن إسحاق وغير واحد أن هذا كان لما توجه موسى عليه السلام لقتال الجبابرة، فأمر بأن يقيم نقباء، من كل سبط نقيب، قال محمد ابن إسحاق: فكان من سبط روبيل شامون بن زكّور، ومن سبط شمعون شافاط بن حري، ومن سبط يهوذا كالب بن يوفنا، ومن سبط أبين ميخائيل بن يوسف، ومن سبط يوسف، وهو سبط إفرايم يوشع بن نون، ومن سبط بنيامين فلطمي بن رفون، ومن سبط زبولون جدي بن سودي، ومن سبط يوسف وهو منشا بن يوسف جدي بن سوسى، ومن سبط دان حملائيل بن جمل، ومن سبط أسير ساطور بن ملكيل، ومن سبط نفثالي نحي بن وفسي، ومن سبط جادجو لايل بن ميكي.

وقد رأيت في السفر الرابع من التوراة تعداد النقباء على أسباط بني إسرائيل، وأسماء مخالفة لما ذكره ابن إسحاق، والله أعلم، قال فيها: فعلى بني روبيل الصوني بن سادون، وعلى بني شمعون شموال بن صورشكي، وعلى بني يهوذا يحشون بن عمبيا ذاب، وعلى بني يساخر شال بن صاعون، وعلى بني زبولون الياب بن حالوب، وعلى بني إفرايم منشا بن عمنهود، وعلى بني منشا حمليائيل بن يرصون، وعلى بني بنيامين أبيدن بن جدعون، وعلى بني دان جعيذر بن عميشذي، وعلى بني أسير نحايل بن عجران، وعلى بني حاز السيف بن دعواييل، وعلى بني نفتالي أجزع بن عمينان.

وهكذا لما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار ليلة العقبة، كان فيهم اثنا عشر نقيباً: ثلاثة من الأوس: وهم أسيد بن الحضير، وسعد بن خيثمة، ورفاعة بن عبد المنذر، ويقال بدله: أبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنه، وتسعة من الخزرج وهم: أبو أمامة أسعد بن زراة، وسعد بن الربيع، وعبد الله بن رواحة، ورافع بن مالك بن العجلان، والبراء بن معرور، وعبادة بن الصامت، وسعد بن عبادة، وعبد الله بن عمرو بن حرام، والمنذر بن عمر بن خنيس، رضي الله عنهم، وقد ذكرهم كعب بن مالك في شعر له، كما أورده ابن إسحاق رحمه الله، والمقصود أن هؤلاء كانوا عرفاء على قومهم ليلتئذ عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك، وهم الذين ولوا المعاقدة والمبايعة عن قومهم للنبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة.



~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-26-2010, 03:37 AM
المشاركة 12
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي، عن مسروق قال: كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود، وهو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " اثنا عشر؛ كعدة نقباء بني إسرائيل " هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأصل هذا الحديث ثابت في الصحيحين من حديث جابر بن سمرة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً " ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي، فسألت، أي: ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: " كلهم من قريش " وهذا لفظ مسلم. ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحاً يقيم الحق ويعدل فيهم، ولا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم، بل وقد وجد منهم أربعة على نسق، وهم الخلفاء الأربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله عنهم، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة، وبعض بني العباس، ولا تقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لا محالة، والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره، فذكر أنه يواطىء اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه اسم أبيه، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، وليس هذا بالمنتظر الذي تتوهم الرافضة وجوده ثم ظهوره من سرداب سامرا، فإن ذلك ليس له حقيقة ولا وجود بالكلية، بل هو من هوس العقول السخيفة، وتوهم الخيالات الضعيفة، وليس المراد بهؤلاء الخلفاء الاثني عشر الأئمة الاثني عشر الذين يعتقد فيهم الاثنا عشرية من الروافض؛ لجهلهم وقلة عقلهم.

وفي التوراة البشارة بإسماعيل عليه السلام، وإن الله يقيم من صلبه اثني عشر عظيماً، وهم هؤلاء الخلفاء الاثنا عشر المذكورون في حديث ابن مسعود وجابر بن سمرة، وبعض الجهلة ممن أسلم من اليهود إذا اقترن بهم بعض الشيعة يوهمونهم أنهم الأئمة الاثنا عشر، فيتشيع كثير منهم جهلاً وسفهاً؛ لقلة علمهم وعلم من لقنهم ذلك بالسنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-26-2010, 03:38 AM
المشاركة 13
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وقوله تعالى: { وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّى مَعَكُمْ } أي: بحفظي وكلاءتي ونصري { لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلوٰةَ وَءَاتَيْتُمْ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُمْ بِرُسُلِى } أي: صدّقتموهم فيما يجيئونكم به من الوحي، { وَعَزَّرْتُمُوهُمْ } أي: نصرتموهم وآزرتموهم على الحق، { وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } وهو الإنفاق في سبيله وابتغاء مرضاته، { لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ } أي: ذنوبكم، أمحوها وأسترها، ولا أؤاخذكم بها، { وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } أي: أدفع عنكم المحذور، وأحصل لكم المقصود.

وقوله: { فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } أي فمن خالف هذا الميثاق بعد عقده وتوكيده وشده، وجحده، وعامله معاملة من لا يعرفه، فقد أخطأ الطريق الواضح، وعدل عن الهدى إلى الضلال. ثم أخبر تعالى عما حل بهم من العقوبة عند مخالفتهم ميثاقه ونقضهم عهده، فقال: { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَـٰقَهُمْ لَعنَّـٰهُمْ } أي: فبسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم لعناهم، أي: أبعدناهم عن الحق، وطردناهم عن الهدى، { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } أي: فلا يتعظون بموعظة؛ لغلظها وقساوتها، { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } أي: فسدت فهومهم، وساء تصرفهم في آيات الله، وتأولوا كتابه على غير ما أنزله، وحملوه على غير مراده، وقالوا عليه مالم يقل، عياذاً بالله من ذلك، { وَنَسُواْ حَظَّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } أي وتركوا العمل به رغبة عنه. وقال الحسن: تركوا عرا دينهم، ووظائف الله تعالى التي لا يقبل العمل إلا بها. وقال غيره: تركوا العمل، فصاروا إلى حالة رديئة، فلا قلوب سليمة، ولا فطر مستقيمة، ولا أعمال قويمة، { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ } يعني: مكرهم وغدرهم لك ولأصحابك. وقال مجاهد وغيره: يعني بذلك تمالؤهم على الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم { فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ } وهذا هو عين النصر والظفر؛ كما قال بعض السلف: ما عاملت من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه، وبهذا يحصل لهم تأليف وجمع على الحق، ولعل الله أن يهديهم، ولهذا قال تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني به: الصفح عمن أساء إليك. وقال قتادة: هذه الآية: { فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ } منسوخة بقوله:
{ قَـٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ }
[التوبة: 29] الآية.

وقوله تعالى: { وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَـٰرَىٰ أَخَذْنَا مِيثَـٰقَهُمْ } أي: ومن الذين ادعوا لأنفسهم أنهم نصارى متابعون المسيح بن مريم عليه السلام، وليسوا كذلك، أخذنا عليهم العهود والمواثيق على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومناصرته، ومؤازرته، واقتفاء آثاره، وعلى الإيمان بكل نبي يرسله الله إلى أهل الأرض، ففعلوا كما فعل اليهود، خالفوا المواثيق، ونقضوا العهود، ولهذا قال تعالى: { فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي: فألقينا بينهم العداوة والبغضاء لبعضهم بعضاً، ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة، وكذلك طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم، لا يزالون متباغضين متعادين يكفر بعضهم بعضاً، ويلعن بعضهم بعضاً، فكل فرقة تحرم الأخرى، ولا تدعها تلج معبدها، فالملكية تكفر اليعقوبية، وكذلك الآخرون، وكذلك النسطورية والآريوسية، كل طائفة تكفر الأخرى في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، ثم قال تعالى: { وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } وهذا تهديد ووعيد أكيد للنصارى على ما ارتكبوه من الكذب على الله وعلى رسوله، وما نسبوه إلى الرب عز وجل وتعالى وتقدس عن قولهم علواً كبيراً؛ من جعلهم له صاحبة وولداً، تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.

//

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-26-2010, 03:41 AM
المشاركة 14
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لقمان 28



-مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ


يقول تعالى مخبرا عن عظمته وكبريائه وجلاله وأسمائه الحسنى وصفاته العلا وكلماته التامة التي لا يحيط بها أحد ولا اطلاع لبشر على كنهها وإحصائها كما قال سيد البشر وخاتم الرسل لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فقال تعالى « ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله » أي ولو أن جميع أشجار الأرض جعلت أقلاما وجعل البحر مدادا وأمده سبعة أبحر معه فكتبت بها كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته وجلاله لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحر ولو جاء أمثالها مددا وإنما ذكرت السبعة على وجه المبالغة ولم يرد الحصر ولا أن ثم سبعة أبحر موجودة محيطة بالعلم كما يقوله من تلقاه من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب بل كما قال تعالى في الآية الأخرى « قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا » فليس المراد بقوله « بمثله » آخر فقط بل بمثله ثم بمثله ثم بمثله ثم هلم جرا لأنه لا حصر لآيات الله وكلماته قال الحسن البصري لو جعل شجر أقلاما وجعل البحر مدادا وقال الله أن من أمري كذا ومن أمري كذا لنفد ماء البحور وتكسرت الأقلام وقال قتادة قال المشركون إنما هذا كلام يوشك أن ينفد فقال الله تعالى « ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام » أي لو كان شجر الأرض أقلاما ومع البحر سبعة ابحر ما كان لينفد عجائب ربي وحكمته وخلقه وعلمه وقال الربيع بن أنس إن مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها وقد أنزل الله ذلك « ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام » الآية يقول لو كان البحر مدادا لكلمات الله والأشجار كلها أقلاما لانكسرت الأقلام وفني ماء البحر وبقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء لأن أحدا لا يستطيع أن يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي حتى يكون هو الذييثني على نفسه إن ربنا كما يقول وفوق ما نقول وقد روي أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود قال ابن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس أن أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يامحمد أرأيت قولك « وما أوتيتم من العلم إلا قليلا » إيانا تريد أم قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاكما قالوا ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان لكل شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها في علم الله قليل وعندكم من ذلك ما يكفيكم وأنزل الله فيما سألوه عنه من ذلك « ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام » الآية وهكذا روي عن عكرمة وعطاء بن يسار وهذا يقتضي أن هذه الآية مدينة لا مكية والمشهور أنها مكية والله أعلم وقوله « إن الله عزيز حكيم » أي عزيز قد عز كل شيء وقهره وغلبه فلا مانع لما أراد ولا مخالف ولا معقب لحكمه حكيم في خلقه وأمره واقواله وأفعاله وشرعه وجميع شئونه وقوله تعالى « ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة » أي ما خلق جميع الناس وبعثهم يوم المعاد بالنسبة إلىقدرته إلا كنسبة خلق نفس واحدةالجميع هين عليه « إنما أمره إذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون » « وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر » أي لا يأمر بالشيء إلا مرة واحدة فيكون ذلك الشيء لا يحتاج إلى تكرره وتوكيده « فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة » وقوله « إن الله سميع بصير » أي كما هو سميع لأقوالهم بصير بأفعالهم كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة ولهذا قال تعالى « ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة » الآية


تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-26-2010, 03:43 AM
المشاركة 15
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سبأ
13-يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ

لما ذكر تعالى ما أنعم به على داود عطف بذكر ما أعطى ابنه سليمان عليهما الصلاة والسلام من تسخير الريح لهتحمل بساطه غدوها شهر ورواحها شهر قال الحسن البصري كان يغدو على بساطه من دمشق فينزل باصطخر يتغدى بها ويذهب رائحا من اصطخر فيبيت بكابل وبين دمشق واصطخر شهر كامل للمسرع وبين اصطخر وكابل شهر كامل للمسرع وقوله تعالى « وأسلنا له عين القطر » قابل ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وعطاء الخراساني وقتادة والسدي ومالك عن زيد بن أسلم وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد القطر النحاس قال قتادة وكانت باليمن فكل ما يصنع الناس مما أخرج الله تعالى لسليمان عليه السلام قال السدي وإنما أسيلت له ثلاثة أيام وقوله تعالى « ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه » أي وسخرنا له الجن يعملون بين يديه بإذن ربه أي بقدره وتسخيره لهم بمشيئته ما يشاء من البنايات وغير ذلك « ومن يزغ منهم عن أمرنا » أي ومن يعدل ويخرج منهم عن الطاعة « نذقه من عذاب السعير » وهو الحريق وقد ذكر ابن أبي حاتم ههنا حديثا غريبا فقال حدثنا أبي حدثنا أبو صالح حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزهراء عن جبير بن نفير عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجن على ثلاثة أصناف صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون رفعه غريب جدا وقال أيضا حدثنا أبي حدثنا حرملة حدثنا ابن وهب أخبرني بكر بن مضر عن محمد بن بحير عن أبن أنعم أنه قال الجن ثلاثة أصناف صنف لهم الثواب وعليهم العقاب وصنف طيارون فيما بين السماء والأرض وصنف حيات وكلاب قال بكر بن مضر ولا أعلم إلا أنه قال حدثني أن الإنس ثلاثة أصناف صنف يظلهم الله بظل عرشه يوم القيامة وصنف كالأنعام بل هم أضل سبيلا وصنف في صور الناس على قلوب الشياطين وقال أيضا حدثنا أبي حدثنا علي بن هاشم بن مرزوق حدثنا سلمة يعني ابن الفضل عن إسماعيل عن الحسن قال الجن ولد إبليس والإنس ولد آدم ومن هؤلاء مؤمنون ومن هؤلاء مؤمنون وهم شركاؤهم في الثواب والعقاب ومن كان من هؤلاء وهؤلاء مؤمنا فهو ولي الله تعالى ومن كان من هؤلاء وهؤلاء كافرا فهو شيطان وقوله تعالى « يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل » أما المحاريب فهي البناء الحسن وهو أشرف شيء في المسكن وصدره وقال مجاهد المحاريب بنيان دون القصور وقال الضحاك هي المساجد وقال قتادة هي القصور والمساجد وقال ابن زيد هي المساكن وأما التماثيل فقال عطية العوفي والضحاك والسدي التماثيل الصور وقال مجاهد وكانت من نحاس وقال قتادة من طين وزجاج وقوله تعالى « وجفان كالجواب وقدور راسيات » الجواب جمع جابية وهي الحوض الذي يجبى فيه الماء كما قال الأعشى ميمون بن قيس-تروح على آل المحلق جفنة كجابية الشيخ العراقي تفهق-وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما « كالجواب » أي كالجوبة من الأرض وقال العوفي عنه كالحياض وكذا قال مجاهد والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم والقدور الراسيات أي الثابتات في أماكنها لا تتحرك ولاتتحول عن أماكنها لعظمها كذا قال مجاهد والضحاك وغيرهما وقال عكرمة أثافيها منها وقوله تعالى « اعملوا آل داود شكرا » أي وقلنا لهم اعملوا شكرا على ما أنعم به عليكم في الدين والدنيا وشكرا مصدر من غير الفعل أو أنه مفعول له وعلى التقديرين فيه دلالة على أن الشكر يكون بالفعل كما يكون بالقول والنية كما قال الشاعر-أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا-قال أبو عبد الرحمن الحبلي الصلاة شكر والصيام شكر وكل خير تعمله لله عز وجل شكر وأفضل الشكر الحمد رواه ابن جرير وروى هو وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال الشكر تقوى الله تعالى والعمل الصالح وهذا يقال لمن هو متلبس بالفعل وقد كان آل داود عليهم السلام كذلك قائمين بشكر الله تعالى قولا وعملا قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن أبي بكر حدثنا جعفر يعني ابن سليمان عن ثابت البناني قال كان داود عليه السلام قد جزأ على أهله وولده ونسائه الصلاة فكان لا تأتي عليهم ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي فغمرتهم هذه الآية « اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور » وفي الصحيحين « خ1131 م1159 » عن رسول الله صلى الله عليه وسلمأنه قال إن أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وأحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى وقد روى أبو عبد الله بن ماجة « 1332 » من حديث سعيد بن داود حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أم سليمان بن داود عليه السلام لسليمان يابني لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيرا يوم القيامة وروى ابن أبي حاتم عن داود عليه الصلاة والسلام ههنا أثرا غريبا مطولا جدا وقال أيضا حدثنا أبي حدثنا عمران بن موسى حدثنا أبو زيد قبيصة بن إسحاق الرقي قال قال فضيل في قوله تعالى « اعملوا آل داود شكرا » قال داود يا رب كيف أشكرك والشكر نعمة منك قال الآن شكرتني حين علمت أن النعمة مني وقوله تعالى « وقليل من عبادي الشكور » إخبار عن الواقع


تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-26-2010, 03:44 AM
المشاركة 16
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
النحل 53

{ وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } * { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ } * { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } * { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }

يخبر تعالى أنه لا إله إلا هو، وأنه لا ينبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، فإنه مالك كل شيء وخالقه وربه { وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًا } قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وميمون بن مهران والسدي وقتادة وغير واحد: أي: دائماً، وعن ابن عباس أيضا: أي: واجباً. وقال مجاهد: أي: خالصاً له، أي: له العبادة وحده ممن في السموات والأرض، كقوله:
{ أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاَْرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }
[آل عمران: 83] هذا على قول ابن عباس وعكرمة، فيكون من باب الخبر، وأما على قول مجاهد، فإنه يكون من باب الطلب، أي: ارهبوا أن تشركوا بي شيئاً، وأخلصوا لي الطاعة؛ كقوله تعالى:
{ أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ }
[الزمر: 3] ثم أخبر أنه مالك النفع والضر، وأن ما بالعباد من رزق ونعمة وعافية ونصر فمن فضله عليهم، وإحسانه إليهم { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـئَرُونَ } أي: لعلمكم أنه لا يقدر على إزالته إلا هو، فإنكم عند الضرورات تلجؤون إليه وتسألونه، وتلحون في الرغبة إليه مستغيثين به، كقوله تعالى:
{ وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَـٰنُ كَفُورًا }
[الإسراء: 67] وقال ههنا: { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَـٰهُمْ } قيل: اللام ههنا لام العاقبة. وقيل: لام التعليل، بمعنى: قيضنا لهم ذلك؛ ليكفروا، أي: يستروا ويجحدوا نعم الله عليهم، وأنه المسدي إليهم النعم، الكاشف عنهم النقم، ثم توعدهم قائلاً: { فَتَمَتَّعُواْ } أي: اعملوا ما شئتم، وتمتعوا بما أنتم فيه قليلاً، { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي: عاقبة ذلك.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-30-2010, 08:23 PM
المشاركة 17
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المائدة ( 4 )


{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

لما ذكر تعالى ما حرمه في الآية المتقدمة من الخبائث الضارة لمتناولها، إما في بدنه، أو في دينه، أو فيهما، واستثنى ما استثناه في حالة الضرورة؛ كما قال تعالى:
{ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ }
[الأنعام: 119] قال بعدها: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتُ } كما في سورة الأعراف في صفة محمد صلى الله عليه وسلم أنه يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي بكير، حدثني عبد الله بن لهيعة، حدثني عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين، سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله، قد حرم الله الميتة، فماذا يحل لنا منها؟ فنزلت: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتُ } قال سعيد: يعني الذبائح الحلال الطيبة لهم. وقال مقاتل: الطيبات: ما أحل لهم من كل شيء أن يصيبوه، وهو الحلال من الرزق. وقد سئل الزهري عن شرب البول للتداوي، فقال: ليس هو من الطيبات، رواه ابن أبي حاتم. وقال ابن وهب: سئل مالك عن بيع الطير الذي يأكله الناس، فقال: ليس هو من الطيبات.

وقوله تعالى: { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ } أي: أحل لكم الذبائح التي ذكر اسم الله عليها، والطيبات من الرزق، وأحل لكم ما اصطدتموه بالجوارح، وهي الكلاب والفهود والصقور وأشباهها؛ كما هو مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة، وممن قال ذلك علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ } وهن الكلاب المعلمة، والبازي، وكل طير يعلم للصيد. والجوارح، يعني: الكلاب الضواري والفهود والصقور وأشباهها. رواه ابن أبي حاتم، ثم قال: وروي عن خيثمة وطاوس ومجاهد ومكحول ويحيى بن أبي كثير نحو ذلك، وروي عن الحسن أنه قال: الباز والصقر من الجوارح، وروي عن علي بن الحسين مثله، ثم روي عن مجاهد أنه كره صيد الطير كله، وقرأ قوله: { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ } قال: وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك، ونقله ابن جرير عن الضحاك والسدي، ثم قال: حدثنا هناد، حدثنا ابن أبي زائدة، أخبرنا ابن جريج عن نافع، عن ابن عمر، قال: أما ما صاد من الطير؛ البازات وغيرها من الطير، فما أدركت، فهو لك، وإلا فلا تطعمه، قلت: والمحكي عن الجمهور أن الصيد بالطيور كالصيد بالكلاب؛ لأنها تكلب الصيد بمخالبها كما تكلبه الكلاب، فلا فرق، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، واختاره ابن جرير، واحتج في ذلك بما رواه عن هناد، حدثنا عيسى بن يونس عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي، فقال:
" ما أمسك عليك فكل " واستثنى الإمام أحمد صيد الكلب الأسود، لأنه عنده مما يجب قتله، ولا يحل اقتناؤه؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب الأسود " فقلت: ما بال الكلب الأسود من الأحمر؟ فقال: " الكلب الأسود شيطان " وفي الحديث الآخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، ثم قال: " ما بالهم وبال الكلاب؟ اقتلوا منها كل أسود بهيم " وسميت هذه الحيوانات التي يصطاد بهن جوارح، من الجرح، وهو الكسب، كما تقول العرب: فلان جرح أهله خيراً، أي: كسبهم خيراً، ويقولون: فلان لا جارح له، أي: لا كاسب له، وقال الله تعالى:
{ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ }
[الأنعام: 60] أي: ما كسبتم من خير وشر. وقد ذكر في سبب نزول هذه الآية الشريفة الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم: حدثنا حجاج بن حمزة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثني يونس بن عبيدة، حدثني أبان ابن صالح عن القعقاع بن حكيم عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر بقتل الكلاب، فقلت: فجاء الناس، فقالوا: يا رسول الله، ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فسكت، فأنزل الله: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ } الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أرسل الرجل كلبه، وسمى، فأمسك عليه، فليأكل ما لم يأكل " وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب، عن زيد بن الحباب بإسناده عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليستأذن عليه، فأذن له، فقال: قد أذنا لك يا رسول الله، قال: أجل " ولكنا لا ندخل بيتاً فيه كلب " قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها، فتركته رحمة لها، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأمرني، فرجعت إلى الكلب فقتلته، فجاؤوا فقالوا: يا رسول الله، ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأنزل الله عز وجل: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ }.

ورواه الحاكم في مستدركه من طريق محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح به، وقال: صحيح، ولم يخرجاه.



يتبع ..

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-30-2010, 08:24 PM
المشاركة 18
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا حجاج عن ابن جريج، عن عكرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع في قتل الكلاب، حتى بلغ العوالي، فجاء عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويم بن ساعدة، فقالوا: ماذا أحل لنا يا رسول الله؟ فنزلت الآية. ورواه الحاكم من طريق سماك عن عكرمة. وكذا قال محمد بن كعب القرظي في سبب نزول هذه الآية: إنه في قتل الكلاب.

وقوله تعالى: { مُكَلِّبِينَ } يحتمل أن يكون حالاً من الفاعل، ويحتمل أن يكون حالاً من المفعول، وهو الجوارح، أي: وما علمتم من الجوارح في حال كونهن مكلبات للصيد، وذلك أن تقتنصه بمخالبها أو أظفارها، فيستدل بذلك والحالة هذه على أن الجارح إذا قتل الصيد بصدمته لا بمخلابه وظفره، أنه لا يحل له، كما هو أحد قولي الشافعي وطائفة من العلماء، ولهذا قال: { تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ } وهو أنه إذا أرسله استرسل، وإذا أشلاه استشلى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه حتى يجيء إليه، ولا يمسكه لنفسه، ولهذا قال تعالى: { فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } فمتى كان الجارح معلماً، وأمسك على صاحبه، وكان قد ذكر اسم الله عليه وقت إرساله، حل الصيد وإن قتله بالإجماع. وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة، كما ثبت في الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة، وأذكر اسم الله، فقال: " إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك " قلت: وإن قتلن؟ قال: " وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس منها، فإنك إنما سميت على كلبك، ولم تسم على غيره " قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: " إذا رميت بالمعراض فخزق، فكله، وإن أصابه بعرض، فإنه وقيذ، فلا تأكله " وفي لفظ لهما: " وإذا أرسلت كلبك، فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك، فأدركته حياً، فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه، فكله، فإن أخذ الكلب ذكاته " وفي رواية لهما: " فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه " فهذا دليل للجمهور، وهو الصحيح من مذهب الشافعي، وهو أنه إذا أكل الكلب من الصيد يحرم مطلقاً، ولم يستفصلوا؛ كما ورد بذلك الحديث، وحكي عن طائفة من السلف أنهم قالوا: لا يحرم مطلقاً.





يتبع .

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-30-2010, 08:25 PM
المشاركة 19
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

ذكر عنوان الآثار بذلك

قال ابن جرير: حدثنا هناد، حدثنا وكيع عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: قال سلمان الفارسي: كل، وإن أكل ثلثيه، يعني: الصيد إذا أكل منه الكلب، وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة وعمر بن عامر عن قتادة.

وكذا رواه محمد بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان. ورواه ابن جرير أيضاً عن مجاهد بن موسى، عن يزيد، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني، والقاسم بن سلمان قال: إذا أكل الكلب، فكل، وإن أكل ثلثيه. وقال ابن جرير: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه، عن حميد بن مالك بن خثيم الدؤلي: أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الصيد يأكل منه الكلب، فقال: كل، وإن لم يبق منه إلا حذية، يعني: بضعة. ورواه شعبة عن عبد ربه بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، قال: كل وإن أكل ثلثيه.





يتبع ...

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-30-2010, 08:25 PM
المشاركة 20
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

وقال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا داود عن عامر، عن أبي هريرة، قال: إذا أرسلت كلبك، فأكل منه، فإن أكل ثلثيه، وبقي ثلثه، فكله. وقال ابن جرير: حدثنا محمد ابن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر قال: سمعت عبد الله، وحدثنا هناد، حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد الله بن عمر قال: إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك، أكل أو لم يأكل. وكذا رواه عبيد الله بن عمر وابن أبي ذئب وغير واحد عن نافع. فهذه الآثار ثابتة عن سلمان وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وابن عمر، وهو محكي عن علي وابن عباس، واختلف فيه عن عطاء والحسن البصري، وهو قول الزهري وربيعة ومالك، وإليه ذهب الشافعي في القديم، وأومأ إليه في الجديد.

وقد روي من طريق سلمان الفارسي مرفوعاً، فقال ابن جرير: حدثنا عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا عبد العزيز بن موسى اللاحوني، حدثنا محمد بن دينار، وهو الطاحي، عن أبي إياس معاوية بن قرة، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان الفارسي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أرسل الرجل كلبه على الصيد، فأدركه وقد أكل منه، فليأكل ما بقي " ثم قال ابن جرير: وفي إسناد هذا الحديث نظر، وسعيد غير معلوم له سماع من سلمان، والثقات يروونه من كلام سلمان غير مرفوع، وهذا الذي قاله ابن جرير صحيح، لكن قد روي هذا المعنى مرفوعاً من وجوه أخر، فقال أبو داود: حدثنا محمد بن منهال الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن أعرابياً يقال له أبو ثعلبة قال: يا رسول الله، إن لي كلاباً مكلبة، فأفتني في صيدها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن كان لك كلاب مكلبة، فكل مما أمسكن عليك "





يتبع ...

~ ويبقى الأمل ...

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: آية وتفسير ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ll~ آيــة وتفسير ~ أمل محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 3000 08-11-2016 12:36 AM
اية وتفسير - اعجبني - للمراغي يرحمه الله عبدالعزيز صلاح الظاهري منبر الحوارات الثقافية العامة 1 07-12-2016 03:24 PM
الأسماء الحسنى .......شرحُ معانٍ وتفسير حميد درويش عطية منبر الحوارات الثقافية العامة 116 03-19-2016 11:08 PM
الأسس الجمالية في النقد العربي عرض وتفسير ومقارنة - عز الدين إسْماعيل د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-23-2014 08:36 PM
آية وتفسير لجيــن خالد منبر الحوارات الثقافية العامة 4 11-23-2010 09:38 PM

الساعة الآن 10:41 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.